الشيخوخة كيف نجعلها ناجحة؟
Download
Report
Transcript الشيخوخة كيف نجعلها ناجحة؟
1
تشير اإلحصاءات في غالبية البالد الغربية
أن حوالي خمس السكان تقريبا ً هم من
الذين تجاوزوا سن الخامسة والستين،
وأن الناس يعيشون ثلث حياتهم بعد سن
التقاعد.
2
وأمام هذه الحقائق فإن الجهود المنظمة لم
توجه إلى فتح اآلفاق أمام كبار السن لتكون
لهم أدوار فاعلة في مجتمعاتهم ،رغم
الكفاءات والخبرات التي يتميزون بها،
والتي لم تحسن المجتمعات استثمارها.
3
وقد توجهت غالبية الجهود نحو االحتياجات
المتعددة لكبار السن.
4
وقد وصف بعض الباحثين والعاملين في
مجال الشيخوخة هذا الوضع بتعبير ذي
داللة كبيرة،
وهو أن كبار السن هم الثروة الطبيعية
الوحيدة التي تتزايد باستمرار ولكنها ثروة
غير مستثمرة!
5
وفي غالبية بلدان العالم يعتبر سن الخامسة
والستين هو سن التقاعد،
وهو رقم جرى اعتماده اعتباطيا ً دون سند
علمي مقبول.
6
فأكثر من نصف المتقاعدين بعد هذه السن
يتمتعون بصحة جيدة خالية من األمراض
واإلعاقات،
7
كما أن حوالي %80منهم لديهم مرض
مزمن أو أكثر من األنماط التي يمكن التعامل
معها والسيطرة عليها ،بما يمكن الناس من
المضي في حياتهم اليومية،
8
في حين أن غالبيتهم مهمشون عن األنشطة
المفيدة والمنتجة.
9
الشيخوخة :ماذا تعني؟
من المعلوم أن العمر المحسوب بعدد
السنوات يعجز عن التعريف
(بالعمر الحيوي)
الذي يعبر عن حقيقة القدرات العملية
والفسيولوجية لألشخاص.
10
والهرم والشيخوخة عملية مركبة ومتعددة
الجوانب ،تمضي في طريقها باضطراد
ودون تراجع ،وتتبدى بأنماط ودرجات
متفاوتة بين الناس،
11
وهي عملية ذات جذور جينية موروثة ،غير
أنها تتأثر كثيراً بالبيئة وأنماط الحياة.
12
وتعتبر المهنة الطبية (العمر الحيوي)
مرادفا ً ومؤشراً حقيقيا ً للوضع الصحي
لألشخاص وللحيوية واإلنتاجية وطول
العمر أو قصره.
13
كما أن للعمر الحيوي دالالت في تحديد
احتماالت التعرض لألمراض واالختالالت
المرتبطة بالسن ،وعن اللياقة الجسمية
والعقلية ،بغض النظر عن العمر المقدر
بالسنوات.
14
وكبار السن الذين تتجلى لديهم الصحة
واإلنتاجية ينطبق عليهم وصف الشيخوخة
األكثر حيوية وصحة عما يقاس بسنوات
العمر
15
وفي المقابل فإن كبار السن الذين يعانون
من االختالالت وأنماط الضعف والمرض
ينطبق عليهم وصف الشيخوخة الحيوية
التي تتجاوز عدد سنوات عمرهم.
16
التحليل البيولوجي للتقدم في السن:
يتزايد انكماش المخزون الحيوي االحتياطي
ألنسجة الجسم وأعضائه مع تقدم السن.
17
وتشير الدراسات أن التغيرات الفسيولوجية
تبدأ في أواخر العشرينات أو أوائل
الثالثينات من العمر ،وتزداد تواتراً
بالتدريج.
18
وهناك تمايز في وتيرة وشدة االنحدار بين
أنسجة الجسم وأعضائه المختلفة ،وهي
تتأثر بأنماط الحياة وبالبيئة والغذاء
والعادات الشخصية ،باإلضافة إلى الموروث
الجيني.
19
وأبرز التغيرات الفسيولوجية هي التي تطال
البروتينات وجدران الخاليا ومستقبالتها
ومحتوياتها ،وكذلك اإلنزيمات والعوامل
الحيوية األخرى ،هي األكسدة واالندماج مع
مكونات طبيعية في الجسم مثل السكر
والدهون وغيرها .وتمضي هذه التغيرات
في األنسجة دون رجعة.
20
وكلما ازدادت وطأة هذه التغيرات على خاليا
الجسم المتمايزة كلما انحدرت أنشطة
الجسم الحيوية ،وكلما تأثرت الخاليا
األساسية (الجذعية) فإن القدرة تعجز عن
إصالح وتعويض الخاليا التالفة بأخرى
جديدة وسليمة.
21
وبمرور السنين ينتقل الجسم من قلة
الكفاءة وانحسار القدرات المخزونة أمام
عوامل الضغوطات والشدائد الحياتية إلى
العجز عن عمليات اإلصالح والتعويض
حتى في حاالت الراحة.
22
وقد تمكن الباحثون من إيضاح تفاصيل هذه
التغيرات الفسيولوجية الحيوية ،غير أنهم
لم يستطيعوا تقديم اإليضاحات العلمية
المقنعة لآلليات األساسية المؤدية إلى هرم
الجسم وخالياه وأنسجته
23
وقد لجأوا إلى جملة من النظريات
والفرضيات التي قد يناقض بعضها بعضا ً!
24
ويرى بعض الباحثين أن الجسم يتعرض
تدريجيا ً إلى تفاعالت التهابية مزمنة وغير
ظاهرة طبيا ً.
وأن لهذه التفاعالت تأثير سلبي على
الصحة وعلى طول سنوات العمر.
25
غير أن باحثين آخرين يرون أن اختالالت تصيب
البروتينات في جدران الخاليا ومستقبالتها
ومحتوياتها الداخلية بواسطة عمليات األكسدة
واالتحاد مع السكر واختالالت الدهون وغيرها،
مما يؤدي إلى تأثيرات مضطردة ومتفاوتة
وعميقة األثر على أنسجة الجسم وأنظمة
المقاومة والمناعة الطبيعية.
26
وال بد أن هناك تفاعل وتكامل بين التغيرات
االلتهابية وبين عمليات األكسدة وغيرها
بتقدم السن.
كما أظهرت بعض الدراسات أن تجمع
الدهون داخل األنسجة العضلية تحدث آثاراً
شبيهة بتجمع الدهون في البطن.
27
ويرى بعض الباحثين أن الهرم يمثل فشالً
نهائيا ً للنموذج الطبي الهادف إلى الشفاء
من األمراض
28
غير أن آخرين يرون أن الهرم ليس مرضا ً
في ذاته ،وأنه جزء من دورة الحياة
اإلنسانية يمكن أن يكون صحيا ً أو سقيما ً
حسب عوامل حياتية وبيئية وجينية.
29
وهناك جدل من نوع آخر بين الباحثين حول
ما إذا كانت حياة اإلنسان مبرمجة لتنتهي
بالموت!
30
ويرى بعضهم أننا عندما نتقدم في السن
تتجمع لدينا جملة من االختالالت في عمل
الخاليا ،وتنكمش قوى البناء واإلصالح
ومعها قدرات الدفاع والمناعة مما يجعل
أجسامنا معرضة لألمراض المتعلقة
بالشيخوخة مثل اعتالالت القلب وجهاز
الدوران والسكري وتآكل األنسجة
31
كما تتزايد لدينا تغيرات النظم الجينية التي
قد تؤدي إلى األمراض السرطانية،
وأن الموت يأتي في النهاية بسبب من هذه
اإلختالالت واألمراض ،وليس بسبب الهرم.
32
ويرى هؤالء الباحثون أن التركيب الجيني
له إسهام محدود ال يتجاوز الربع من بين
العوامل المؤثرة األخرى مثل البيئة وأنماط
الحياة والتغذية.
33
وإذا قبلنا وجهة النظر هذه فإننا قد نجد
تفسيراً للمعمرين الذين يعيشون فوق المائة
من العمر ،ولبعض األمثلة الواردة في
التراث الديني مثل النبي نوح عليه السالم.
34
وفي هذا السياق التراثي الديني فال بد أن
نشير إلى االتجاه الفكري الذي يؤكد أن
الموت مقدر ومحتم علينا جميعا ً.
ويبقى أن الموازنة بينما هو (مقدر) و
(مبرمج) هو موضوع فلسفي ال يغير من
الحقيقة.
35
الشيخوخة والصحة العقلية:
تشير دالئل العلم والتجربة أن سالمة العقل
وصحة التفكير تستمر امتداداً خالل غالبية
العمر البشري ،وتتجاوز ما قد يعتري
الصحة الجسدية من ضعف وانحدار.
36
ولهذا االعتبار الهام دالالت بعيدة المدى في
األدوار التي يمكن لكبار السن أن يقوموا
بها في مختلف المجاالت التي تتطلب القدرة
على التفكير والتحليل والتخطيط.
37
وهذا مما يظهر مدى قصور النظرة
التقليدية والنمطية لسن التقاعد عند
الخامس والستين وما بعدها.
38
وبتقدم سنوات عمر اإلنسان إلى مراحل
الضمور والعجز فإن الكثيرين سيعانون من
هرم العقل وانحدار قوى الذاكرة ،واالنتباه
وسرعة معالجة المعلومات المختلفة،
والقدرات اإلدارية.
39
ولعل أكثرها شدة وأولها في الظهور هو
مشاكل الذاكرة،
كما أن أوسعها انتشاراً هي مشاكل االكتئاب
وتغيرات الشخصية،
وفي النهاية الخرف والهذيان.
40
وصف األدوية في مرحلة الشيخوخة
يرافق التقدم في السن تغيرات في تأثيرات
األدوية وحراكها في الجسم ،مما يفرض
على األطباء المعالجين حرصا ً ومهنية تجاه
التعامل األمثل مع وصف األدوية للمرضى
المتقدمين في السن.
41
وال بد للطبيب المعالج أن يضع في اعتباره
دائما ً أن المرضى المتقدمين في السن
س ّمية العقاقير أكثر
معرضون للمضاعفات ول ُ
من غيرهم
42
وأنه يجب االنتباه أن أية أعراض جديدة
يشكو منها المريض يجب أن تثير لدى
الطبيب المعالج احتمالية التأثيرات السلبية
لألدوية الموصوفة.
43
والقاعدة المعتمدة في هذا المجال هي أن
أي عرض جديد يجب اعتباره متعلقا ً
باألدوية الموصوفة حتى إثبات عكس ذلك.
44
خطورة مضاعفات األدوية وتكرار
اإلدخاالت إلى المستشفيات وزيادة الوفيات
هي – حسب
في مرحلة الشيخوخة
اإلحصائيات – من أبرز نتائج عدم الحرص
على التعامل السليم مع األدوية.
45
تشهد مرحلة الشيخوخة زيادة مطردة لنسبة
الدهون في الجسم مما يؤدي إلى زيادة في
حجم توزيع العقاقير التي تذوب في الدهون،
مثل بعض األدوية المهدئة لألعصاب.
46
كما أن األنسجة العضلية والبروتينية
تضمحل تدريجيا ً مع تقدم السن ،وينتج عن
ذلك نقصان حوالي ( )%15-10من الماء
في الجسم
47
كما أن الشيخوخة يرافقها انخفاض في حجم
الكبد والدورة الدموية فيه ،وبذلك تنخفص
اإلنزيمات الكبدية المسؤولة عن استقالب
األدوية والتخلص منها
48
ويتجلى ذلك أيضا ً لدى المدخنين من كبار
السن إذ تعجز إنزيمات الكبد لديهم عن
استقالب والتخلص من مكونات التدخين مما
يزيد مضاعفات التدخين ويزيد من الوفيات
الناتجة عنه.
49
ويرافق التقدم في السن تغيرات مطردة في
عمل الكلى ،بانخفاض حجمها وكفاءتها،
التي قد تصل إلى %30-25خالل حياة
اإلنسان السليم.
50
وتنخفض التروية الدموية للكلى بمعدل
%1كل عام بعد سن الخمسين .كما أن
نسبة فلترة الكبيبات الكلوية ) (GFRفي
األشخاص األصحاء تنخفض بمقدار %35
بين سن العشرين والتسعين.
51
وال بد من التأكيد أن هذه التغيرات ،التي
ترافق التقدم في السن ،غير حتمية ،إذ أن
بعض األشخاص األصحاء ال يصابون بها،
أو أنها تحدث بوتيرة أقل،
غير أن ذلك هو االستثناء وليس القاعدة.
52
ويؤدي انخفاض نسبة فلترة الكبيبات
الكلوية ) (GFRإلى االنحدار التدريجي في
التخلص من األدوية عن طريق الكلى،
وبذلك قد تزداد نسبها في الدم مما يؤدي
س ّمية إذا لم يأخذ الطبيب
إلى مضاعفات و ُ
المعالج ذلك في إعادة حسابه للجرعات.
53
ونظراً لتعدد استعمال األدوية ،ونظراً
للتغيرات الجسمية التي أشرنا إليها ،فإن
المرضى كبار السن معرضون أكثر من
غيرهم للتعرض إلى مخاطر التفاعالت
والتداخالت الدوائية ،ويشمل ذلك زيادة
س ّمية ومضاعفات األدوية ،والسقوط أثناء
ال ُ
الوقوف والمشي مع احتمال النزف
والكسور.
54
والقاعدة الناجحة هي (التدرج في وصف
األدوية) على الوجه التالي:
55
(1االطالع على جميع األدوية المستعملة في
زيارة المريض األولى.
(2إيقاف األدوية غير الضرورية أو التي
يشك في تسببها ألعراض مرضية.
(3االنتباه إلى أن األعراض الجديدة قد ترجع
إلى األدوية المستعملة وأنها ليست
أمراضا َ جديدة.
56
)4على الطبيب المعالج أن يضع في االعتبار
استعمال نصائح ووسائل غير دوائية
للتعامل مع بعض أعراض المريض.
)5استبدال بعض األدوية بأخرى أكثر سالمة.
)6الحرص على تعديل جرعات بعض
األدوية.
57
مرحلة العجز:
وهي المرحلة المتقدمة من مراحل
الشيخوخة ،تبدأ بالتدريج ودون أعراض
محددة في بدايتها.
58
وتعود هذه المرحلة إلى التعرض ألنواع
الضغط وأنواع الشدة على أجهزة الجسم،
ويتضح فيها انحسار القدرة على استعادة
الحيوية والعافية لدى التعرض ألحداث
صحية كان اإلنسان يتغلب على عقابيلها في
السابق.
59
ويتجلى العجز بضعف العضالت وهشاشة
العظام وانخفاض شديد في كتلة الجسم،
والتعرض للسقوط والكسور ،وأنواع
االلتهاب
60
كما تتزايد احتماالت التعرض لألمراض
واالكتئاب والخرف والهذيان.
61
ويمكن لهذه االختالالت المختلفة أن تصيب
األفراد منفردة أو مجتمعة وبوتائر متباينة.
62
وتتطلب مرحلة العجز في الحياة اإلنسانية
أنواعا ً من التعامل والعناية تختلف عنها في
مراحل الشيخوخة التي سبقتها .وتقع
مسؤولية ذلك على المهنة الطبية والعائلة
والمجتمع.
63
وهنا تتجلى األهمية الكبيرة لبذل الجهود
المطلوبة لتأخير مرحلة العجز هذه إلى
أقصى ما يمكن ،وذلك بزيادة سنوات
الصحة واإلنتاجية للمتقدمين في السن إلى
أقصى حد ممكن.
64
وفي نهاية المطاف ،وعندما تحط مرحلة
العجز رحالها ،فإن المسؤولية الحقيقية،
حياتيا ً وأخالقيا ً ودينياً ،تأخذ منحى جديداً.
65
مفهوم الشيخوخة الناجحة!
قد ال يتمكن غالبية المتقدمين في السن ،قبل
مرحلة العجز ،من أن توفر لنفسها فرصا ُ
حقيقية لالستثمار الناجح والفاعل لسنوات
العمر بعد سن التقاعد،
وال بد من قيام العائلة والمجتمع بفتح
الطرق وتبني الوسائل المدروسة لتحقيق
ذلك.
66
واللياقة الجسمية لها مركز الصدارة .وقد
بينت الدراسات أن الرياضة البدنية،
بالمقدار والنوعية التي تناسب األوضاع
الصحية لكبار السن ،لها أهمية حيوية في
الوقاية أو التقليل من أمراض جهاز القلب
والدوران والسكري وغيرها من األمراض
67
كما أن لها دور بارز في االحتفاظ بالوزن
المناسب والقوة العضلية والعظمية
والتوازن،
عالوة على جدواها الكبيرة في النواحي
النفسية والمعنوية،
وبذلك تزيد سنوات العمر الصحية إلى
أقصى حد ممكن.
68
وال تغيب عنا أهمية خفض األعباء المالية
على العائلة والمجتمع.
69
وقد أكدت الدراسات أن األشخاص الذين
يعيشون حياة مديدة محتفظين بالحيوية
والقدرة على العطاء واإلنجاز حتى قرب
نهاية العمر ،هم الذين يمثلون أصدق
وأوضح األمثلة على مفهوم
(الشيخوخة الناجحة)
70
ولعل من أبرز أمثلة العطاء واإلنجاز ،هو
تجارب إشراك المتقاعدين في األنشطة
الثقافية والتعليمية لألجيال الجديدة،
وخصوصا ً األطفال والشباب
71
ففي غالبية المجتمعات هناك قصور
مزدوج ،وجهه األول يتمثل في قلة أوقات
اآلباء للعناية بتثقيف أبنائهم
72
والوجه الثاني يتمثل في قلة كفاية النظم
المدرسية في تقديم العناية المطلوبة
لألطفال في مجاالت هامة مثل الثقافة العامة
والتراث ،وكذلك العناية بالكثير من حاالت
الضعف والقصور التي تتطلب العناية
الفردية بالطفل.
73
والمتقاعدون ،بثروة المعلومات والخبرات
التي منحتهم إياها السنين ،يمكنهم أن
يسدوا هذه الثغرات دون أن يحلوا محل
المدرسين النظاميين.
74
كما يمكنهم أن يثروا أداء المدرسين
والموجهين الجدد بالنصائح والمشورة
والخبرة.
75
ولعل صورة الجد أو الجدة التي توجه
الرعاية الثقافية الحانية إلى الحفيد أو
الحفيدة تمثل صورة محببة بالغة التعبير
والنفع.
76
ومثل هذه اإلسهامات يمكن أن تمتد إلى
مجاالت حياتية أخرى كاألنشطة االجتماعية
والثقافية والتراثية والبيئية والخيرية
وإصالح ذات البين
77
وهي أنشطة ال تشمل ثمراتها األسرة
والمجتمع فقط وإنما تمتد لتطال نفسية
المتقاعد وسعادته في تقديم العطاء ،وتشكل
له وألسرته قصة إنجاز وتميز في حياته
وبعد مماته.
78
الشيخوخة وتراثنا:
يتميز تراثنا الديني واالجتماعي بثروة
فريدة في التعامل مع قضايا التقدم في
السن.
79
وسوا ًء كانت الشيخوخة مترافقة مع الهرم
والعجز أم ال ،فإن هذا التراث يحفل بالعناية
والمحبة واالحترام والكرامة لكبار السن في
األسرة والمجتمع.
80
والتراث اإلسالمي يحث الناس جميعاً،
ومنهم كبار السن ،على توخي الحفاظ على
الصحة الموجودة واستعادتها إن كانت
مفقودة
81
كما أنه يحدو بكبار السن على االستمرار
في العطاء واإلنجاز واإلحسان في شتى
مناحي الحياة،
وعلى استثمار ما حباهم خالقهم من سنوات
العمل في الكبر ،ولما اكتسبوا من خبرة
وحكمة للمزيد من العمل المثمر في المفهوم
الدنيوي والديني.
82
وال بد أن نشير في هذا السياق إلى ثروة في
التراث اإلسالمي تؤكد أن كبير السن الذي
يواصل العطاء العقلي والفكري ،وبالذات
الذي يتلو القرآن الكريم ويحفظه ،فإنه
يتمتع بقواه العقلية وذخيرته في القدرة على
التفكير والتحليل ،ويتجنب المعاناة من
الخرف والهذيان إلى أطول مدة ممكنة.
83
هللا نسأل أن يعلمنا ما ينفعنا
وأن ينفعنا بما علمنا ويزيدنا
علما...
84