عبد القادر شاشي
Download
Report
Transcript عبد القادر شاشي
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
Ministère de L'enseignement Supérieur et de la
recherche scientifique
جامعة فرحات عباس
Université Ferhat Abbas
مخبر الشراكة و االستثمار في
املؤسسات الصغيرة و املتوسطة
في الفضاء األورو مغاربي
كلية العلوم االقتصادية
والتجارية
وعلوم التسيير
مؤسسات التامين التكافلي والتأمين التقليدي بين األسس النظرية والتجربة التطبيقية
عنوان املداخلة :
مدخل إلى التأمين اإلسالمي
إعداد. :د عبد القادر شاش ي
باحث باملعهد اإلسالمي للتدريب والبحوث
البنك اإلسالمي للتنمية ،جدة ،اململكة العربية السعودية
خالل الفترة
1
25/26
افريل
2011
تعريف التأمين
لغويا :التأمين مشتق من كلمة أمن ،يأمن ،أمنا ،أي طمأنينة النفس وزوال
الخوف ،ومنه إعطاء األمان للمحارب.
اصطالحا :التأمين هو تكافل مجموعة من الناس يربطهم قاسم مشترك
كرابط عائلي ،أو ديني ،أو وظيفي ،أو تجاري ،في االشتراك في تحمل تكاليف
املخاطر التي يتعرض لها بعض أعضاء هذه املجموعة.
إذن فالتأمين هو وسيلة اقتصادية واجتماعية ،لتخفيض أو تعويض ما يترتب
من خسائر وأضرار على املخاطر التي يتعرض لها مجموعات من الناس
والشركات أثناء قيامهم بأعمالهم.
هناك أنواع كثيرة من التأمين مثل :التأمين العائلي ،والتأمين القبلي ،والتأمين
التبادلي أو التشاركي ،والتأمين التعاوني ،والتأمين الحكومي ،والتأمين التجاري
أو التقليدي كما يسمى أيضا.
2
تعريف التأمين
التعريف االقتصادي :يمكن تعريف التأمين من الناحية االقتصادية
بأنه :أداة لتقليل الخطر الذي يواجهه الفرد أو العون االقتصادي عن
طريق تجميع عدد كاف من الوحدات المتعرضة لنفس الخطر لجعل
الخسائر التي يتعرض لها كل فرد قابلة للتوقع بصفة جماعية ومن ثم
يمكن لكل صاحب وحدة االشتراك بنصيب منسوب إلى ذلك الخطر.
التعريف القانوني :عقد يتعهد بموجبه طرف مقابل أجر بتعويض
طرف آخر عن الخسارة إذا كان سببها وقوع حادث محدد في العقد.
أطراف العقد هما المستأمن (المؤمن له) الذي يدفع قسط التأمين أو
االشتراك ،والمؤمن الذي هو الجهة التي تقدم خدمات التأمين (الوعد
بالتعويض) وتحصل على األقساط من المستأمنين.
3
املخاطر التي يتعرض لها الناس والشركات
هناك أنواع كثيرة من املخاطر يتعرض لها الناس في كل وقت وكل حين في أنفسهم،
وأموالهم ،وممتلكاتهم ،وعالقاتهم مع غيرهم ،منها:
مخاطر طبيعية :الزالزل ،العواصف ،الجفاف ،األمطار الطوفانية ،البرق..،
مخاطر اجتماعية :املظاهرات ،االحتجاجات ،النهب ،الخطف...،
مخاطر سياسية :االنقالبات ،الحروب ،االختالسات من أمالك الدولة...
مخاطر تقنية :الخسارة التي يتكبدها املستثمرون مثل الحريق ،وتلف البضاعة،
الصعق الكهربائي الذي يتعرض له الكهربـائيون ،الخلل الدماغي الذي يتعرض له
املالكمون ،اإلصابات التي يتعرض لها الرياضيون... ،
تزداد هذه املخاطر بتطور املجتمعات ،وزيادة حجم املعامالت ،وتعقيد العالقات
االقتصادية واالجتماعية والسياسية ،بحيث أنه كلما كانت املجتمعات أكثر تعقيدا،
كلما زادت املخاطر التي تتعرض إليها.
4
مختلف الطرق للتعامل مع املخاطر
هناك طرق مختلفة للتعامل مع املخاطر التي يتعرض لها الناس ،أهمها:
تجنب املخاطر :بعدم الدخول أصال في معامالت فيها مخاطرة.
تحمل املخاطر :بالدخول في معامالت فيها مخاطرة وتحمل األضرار التي قد تنتج
عنها شخصيا دون اللجوء إلى التأمين أو االستعانة بأي جهة.
تخفيض املخاطر :بتحديد وتقليص املعامالت التي قد تنتج عنها مخاطر
مشاركة املخاطر :بمشاركة أشخاص آخرين يتفقون على املشاركة في تحمل
الضرر الذي قد يصيب أي منهم.
تحويل املخاطر :بتحويلها إلى جهة حكومية أو خيرية أو إلى شركة تأمين تتكفل
بدفع تعويضات للمتضررين مقابل دفع أقساط لها من طرف املستأمنين ،وهذه
هي أفضل وسيلة للتخفيف من مضار املخاطر.
5
أهمية التأمين
يعتبر التأمين من أهم الوسائل االقتصادية واالجتماعية لتخفيض املضار الناتجة
عن املخاطر التي يتعرض لها األشخاص والشركات.
ومع تعقد املجتمع وزيادة حجم األعمال التجارية ،والصناعية ،والزراعية ،وغيرها،
تزداد املخاطر والحوادث التي ال يمكن االستمرار معها دون من يتكفل بالتعويض
عنها.
ومع تعقد املجتمعات ،وزيادة املخاطر ،فإن التأمين أصبح ضرورة ال غنى عنها
ملساعدة مختلف قطاعات االقتصاد الزراعية والصناعية والتجارية
وباإلضافة إلى هذه األهمية ،فإن التأمين مهم أيضا في جمع األقساط التي يقدمها
املشتركون واستثمارها أو توظيفها ،مما يعود على املجتمع بالنفع في إيجاد مناصب
عمل جديدة ،وتوزيع الدخل ،وبالتالي املساهمة في التنمية االقتصادية.
6
تاريخ التأمين القديم
7
التأمين أو التكافل االجتماعي قديم قدم اإلنسانية ،كون اإلنسان مدني
بالطبع ،ال يمكنه أن يعيش عيشة هنيئة دون التعاون مع اآلخرين.
أول مظاهر التأمين في العالم هي تكافل أفراد األسرة الواحدة في
مواجهة المخاطر والمصاعب التي يتعرض إليها أفرادها.
أما التأمين المنظم فال أحد يعرف متى أنشئ أول مرة ،ولكن هناك
أدلة تاريخية تبين أن ما يسمى بالتأمين البحري كان معروفا لتجار
بابليون منذ أكثر من 34قرنا ،بحيث كان المشتركون فيه يدفعون
أمواال لحماية بواخر تجارية ويأخذون عليها أرباحا كبيرة إذا رجعت
بأمان ،أما إذا غرقت أو خسرت تجارتها فهم مشتركون في الخسارة.
ُعرف هذا النوع من التأمين عند اإلغريق في اليونان والرومان
أيضا ،وتطور مع مرور الزمن.
تاريخ التأمين عند العرب قبل اإلسالم
عرف العرب قبل مجيء اإلسالم حروبا طـاحنة فيما بينهم ،وخالفات
جاهلية كثيرة ،تنتهي أحيانا بأسر أفراد من القبائل المتحاربة ،يطلق
سراحهم بدفع فدية عنهم تجمع من جميع أفراد القبيلة التي منها
األسرى.
عرف العرب قبل مجيء اإلسالم أيضا ما يسمى بالد َّية ،وهي تعويض
ُيدفع ألهل المقتول خطأ ،ويجمع من جميع أفراد القبيلة التي منها القاتل.
الهدف األساسي من دفع الدية هو حماية ألفراد القبيلة من األخذ بالثأر
الذي يمكن أن يقع على أي من أفرادها في حالة عدم دفعها.
كما عرف العرب التأمين القبلي ،حيث أن شيخ القبيلة كان ينظم مساعدة
من يصاب من أعضاء القبيلة بأي مصيبة أو كارثة بجمع مساعدات له
من بقية أفراد القبيلة.
8
تاريخ التأمين في اإلسالم
عندما جاء اإلسالم آخى بين األوس والخزرج الذين كانوا متحاربين ألكثر من
مائة سنة ،وآخى بين المهاجرين واألنصار ،وآخى بين المسلمين جميعا بقوله
(صلى هللا عليه وسلم)“ :المسلم أخو المسلم ،ال يحقره وال يظلمه وال يخذله”
وقوله“ :كل المسلم على المسلم حرام ،دمه وماله ،وعرضه ،وقوله“ :مثل
المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو،
تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
أبقى اإلسالم على نظامي الفدية والدية اللتين كانتا معروفتين للعرب قبل
اإلسالم وسمح بهما لما فيهما من تعاون وترابط وحفظ للدماء.
شجع اإلسالم على التكافل بين أفراد األسرة واألقارب والجيران والمجتمع،
فجعل للجار ما بين حق وثالثة حقوق بحسب حالته ،فإن كان جارا مسلما وذو
رحم فله حق الجار وحق اإلسالم وحق الرحم ،أما إذا كان جارا مسلما ليس
ذو رحم ،فله حق الجار وحق اإلسالم ،وحتى في حالة ما لم يكن الجار مسلما
9وال ذو رحم فله على األقل حق الجار.
تاريخ التأمين في اإلسالم
شجع اإلسالم المسلمين على التعاون والمشاركة في كل األحوال ،قال
رسول هللا صلى هللا عليه وسلم” :إن األشعريين إذا أرملوا في الغزو ،أو
قل طعام عيالهم بالمدينة ،جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ،ثم اقتسموه
بينهم بالسوية ،فهم مني وأنا منهم“ (البخاري).
شجع اإلسالم على استخدام العقود التجارية العادلة مثل المشاركة،
والمضاربة ،والمزارعة ،التي فيها تكافل وتقاسم لألرباح والخسائر بدل
عقود الربا الظالمة التي تزيد األغنياء غنى وتزيد الفقراء فقرا.
وباإلضافة إلى هذا كله ،ال يمانع اإلسالم من أن يتجمع أفراد أو مجموعات
في المشاركة في ما يتعرضون له من أرباح أو خسائر ،من خالل المشاركة
في ما يسمى بشركات الصنائع أو شركات األبدان التي هي عقود مقبولة
شرعا ،والتي بموجبها يمكن للمشتركين فيها أن يؤدوا أعماال صناعية أو
تجارية ويتقاسموا األرباح والخسائر حسب ما يتفقون عليه.
ثم إن اإلسالم ال يمانع أيضا من إنشاء شركات تأمين تبادلية أو تعاونية،
10تعوض المتضررين من الشركاء من التبرعات التي يقدمونها.
تاريخ التأمين في اإلسالم
تكفل بيت مال المسلمين بالمساهمة من الزكاة والموارد األخرى في
إطالق سراح األسرى ،وتحرير العبيد ،ومساعدة الغارمين الذين
يعجزون على دفع ديونهم ،ومساعدة الفقراء والمساكين ،ومساعدة
ابن السبيل.
قال هللا تعالى” :إنما الصدقات للفقراء ،والمساكين ،والعاملين عليها،
والمؤلفة قلوبهم ،وفي الرقاب ،والغارمين ،وفي سبيل هللا ،وابن
السبيل ،فريضة من هللا ،وهللا عليم حكيم“ (التوبة.)60:
تكفل بيت المال أيضا بصرف عطايا لألطفال الصغار ،وللشيوخ الكبار،
ولغير القادرين أو العاطلين عن العمل ،مئات السنين قبل أن يطبقها
الغربيـون ألول مرة في القرن التاسع عشر الميالدي في ألمانيا في
عهد حاكمها بسمارك.
11
بعض الوسائل التكافلية في الجزائر
ذكر لي األستاذ عبد القادر فضيلي من مدينة آفلو بالجزائر أن في الجزائر كانت هناك
عدة وسائل تكافلية بين أفراد القبيلة أو ألزمالء او األصدقاء منها ما يسمى:
مطمورة العرش التي تجمع فيها زكاة القمح والشعير التي اليوجد أحد يأخذها في وقتها
كما توضع فيها الهدايا والصدقات التي يقدمها أصحابها وتفتح وقت الربيع عندما تنتهي
المؤنة عند الناس فيوزع منها على المحتاجين ويستلف منها األغنياء حتى وقت
الحصاد ،ثم تتجدد وقت الحصاد.
المنيحة وهي مساعدة الفقير الذي ال أغنام له بإهدائه شاة يستخدم حليبها وصوفها
ويردها بعد الفترة المتفق عليها إال إذا تبرع بها صاحبها
الصيفية وهي وعود ياخذها الفقير من الفالحين بعد أن يدعوهم لمأدبة غداء أو عشاء
المناقلة وهي تعاون بين الفالحين على الحصاد بحيث يجتمعون مع بعض في إتمام
حصاد غلة أحدهم ،ثم اآلخر ،ثم اآلخر حتى ينهوا عملية الحصاد بالتعاون ويوفر لهم
الفالح صاحب الغلة األكل والشرب من طلوع الشمس إلى غروبها
التويزة وهي دعوة األصدقاء على إتمام عملية حصاد أو بناء أو إنجاز عمل يتطلب
عددا من الناس في وقت وقت ،ويوفر صاحب الشأن الغداء لهم
12
تاريخ التأمين في أوروبا
مثل بقية مناطق العالم ،عرفت أوروبا األنواع البدائية للتأمين
مثل التأمين العائلي والتأمين القبلي.
ثم عرف األوروبيون التأمين البحري نتيجة الحتكاكهم
باليونانيين (اإلغريق) والرومانيين.
وعرفوا التكافل االجتماعي والتأمين الحكومي نتيجة احتكاكهم
بالمسلمين في األندلس وفي صقلية ،ونتيجة أيضا الحتكاكهم
بالمسلمين في الحروب الصليبية.
تطور التأمين عند األوروبيين بعد ظهور الرأسمالية ،والثورة
الصناعية ،وزيادة الرحالت البحرية ،وزيادة حجم المبادالت
التجارية ،وظهور مخاطر جديدة لم تكن معروفة من قبل.
13
تاريخ التأمين في أوروبا
أول تأمين ضد الحريق ظهر في بريطانيا بعد الحريق الذي تعرضت
له مدينة لندن في 02سبتمبر 1666م وأتى على أكثر المباني.
ولم تظهر شركة التأمين على الحياة في انجلترا إال في سنة 1699م
أي بعد االنتهاء من إعداد قوائم الوفيات في بريطانيا سنة 1693م
الذي مكن من إجراء الحسابات االكتوارية التي تمكن من إعمال
قانون األعداد الكبيرة.
وكان النتشار التأمين البحري أثر كبير في دعم النشاط التجاري
لألوروبيين عبر البحار ،والذي نتج عنه استعمار أكثر بقاع األرض
لقرون عديدة.
14
التأمين التقليدي
التأمين التقليدي أو التجاري هو ما تم تطويره في أوروبا بعد القرن
السابع عشر ،حين ظهرت مخاطر جديدة نتيجة لزيادة حجم المعامالت
التجارية ،ونتيجة لتعقد الحياة االقتصادية واالجتماعية وللثورة
الصناعية.
والسؤال المطروح هو كيف يمكن تحديد المخاطر ،وكيف يمكن تقويمها
لمعرفة األقساط المناسبة لتغطيتها.
والجواب يكمن في إحصاء الحاالت السابقة للخطر المراد تغطيته،
لمعرفة احتمال تكراره مع مر الزمن ،ومقابلة ذلك بأكبر عدد ممكن من
المشتركين ،بحيث أنه كلما كان عدد المشتركين كبيرا كلما كان احتمال
وقوع الخطر على أحدهم أقل ،وبالتالي يحتاج إلى قسط أقل من كل
منهم.
وقد اكتشفت شركات التأمين ما يسمى باألرقام االكتوارية وهي معدل
األعداد الكبيرة أو قانون المتوسطات والذي بمقتضاه يمكن معرفة
احتمال وقوع الخطر وما يناسبه من أقساط.
15
التأمين التقليدي
التأمين التقليدي أو التجاري هو عقد تجاري بين شركة التأمين التي تتكفل
بدفع تعويضات لمن يصيبه ضرر مؤمن عنه ،وبين المشتركين الذين يدفعون
لها أقساط التأمين المطلوبة.
الهدف األساسي من التأمين التجاري هو تحقيق أكبر ربح ممكن ألصحاب
شركة التأمين على حساب المستأمنين من األشخاص والشركات الذين يجدون
أنفسهم مضطرين لدفع أقساط مستمرة حتى يظلوا تحت غطاء التأمين.
ليس كل ما يتعرض له اإلنسان من مخاطر قابل للتأمين إذ يشترط أن يكون:
الضرر مغطى من طرف شركة التأمين مثل حوادث السيارات والحريق
القسط المطلوب مدفوع من طرف المستأمن أي أن يكون التامين ساري
المفعول
أن ال يكون حدوث الضرر نتيجة لعمل متعمد.
أن يكون الضرر يمس مصلحة المستأمن نفسه.
16
اإلسالم والتأمين
17
اإلسالم هو نظام حياة شامل ،هدفه تحقيق مقاصد الشريعة المتمثلة
في رفاهية الناس بحفظ دينهم وأنفسهم ،وعقولهم ،ونسلهم ،وأموالهم
اإلسالم يحرم كل ما هو ضار وغير عادل ،ويشجع كل ما هو مفيد
وفيه مصلحة ما لم ينتج عن ذلك مخالفة لنصوص الشريعة
اإلسالمية.
كان الفرد (المسلم أو غير المسلم من أهل الذمة) مؤمنا على نفسه
وعرضه وماله في الدولة اإلسالمية ،من خالل بيت المال ومن خالل
التكافل االجتماعي الذي دعا إليه اإلسالم.
بالرغم من هذا ،فإن الفرد قد يحتاج إلى مزيد من التأمين على نفسه
وماله ،واإلسالم ال يمنع ذلك بل يشجعه.
والسؤال المطروح هل التأمين المعروف بالتجاري أو التقليدي جائز
شرعا بحيث يستطيع من أراد المزيد من التأمين أن يستخدمه؟
مواقف العلماء المسلمين تجاه التأمين التقليدي
اختلف العلماء المسلمون بشأن شرعية التأمين التقليدي بين
محرم ومحلل.
بالنسبة للذين يحرمونه يرون أن التأمين التقليدي هو:
عقد من عقود المعـاوضات المالية االحتمالية المشتملة على
الغرر الفاحش ألن المستأمن اليعـرف وقت العقد مقدار ما يعطي
وما يأخذ.
وهو ضرب من ضروب المقامرة المحرمة
ويشتمـل على الربا
وفيه أخذ مال الغير دون مقابل
وبالتالي يحرمونه وال يقبلون إال ببديله المعروف بالتأمين
التعاوني
18
مواقف العلماء المسلمين تجاه التأمين التقليدي
وأما بالنسبة للذين يبيحونه فهم يرون أن التأمين التقليدي مثله مثل الصرافة
يمكن تحويره بما يتالءم والشريعة اإلسالمية ،وهم يرون أن:
التأمين نوع من التكافل االجتماعي الذي يدعو إليه اإلسالم وهو مفيد للفرد
وللمجتمع.
اإلسالم ال يمنع أخذ أموال تعويضية من المجتمع الذي هو منه ،وهذا ال
يعتبر أكل أموال الناس بالباطل والدليل على ذلك قبول اإلسالم نظامي الفدية
والدية المعروفتين عند العرب قبل مجيء اإلسالم.
والتأمين ليس ضربا من ضروب المقامرة ،ألن المقامرة تتم في مخاطر
ألعاب حظوظ مقصودة تختلف اختالفا جوهريا عن المخاطر التي هي قابلة
للتأمين
ويمكن تنقيته من الربا بحيث تستثمر األقساط عن طريق صيغ االستثمار
اإلسالمية.
وبالتالي فهم ال يرون بأسا بتكوين شركات تأمينية إسالمية على نفس
المنوال ،بشرط أن تستثمر األقساط في معامالت إسالمية خالية من الربا ،وإن
19كانوا يفضلون عليه البديل اإلسالمي المعروف بالتأمين التعاوني.
التأمين التعاوني
20
التأمين التعاوني اإلسالمي هو عقد تبرع يقصد منه التعاون على تفتيت
األخطار ،واالشتراك في تحمل المسؤولية عند نزول الكوارث عن
طريق إسهام المشاركين بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه
الضرر.
وبالتالي التأمين التعاوني هو تأمين تبادلي ،الهدف منه ليس الربح
ولكن توزيع األخطار والتعاون على تحمل األضرار.
تقوم شركة التأمين التعاوني باستثمار المبالغ المجمعة من المشتركين
على أساس المضاربة وليس على أساس الفائدة (الربا المحرم).
األرباح التي تحققها شركة التأمين التعاوني تقسم بينها وبين
المشتركين ،بمعنى آخر ،ما فاض بعد تعويض المتضررين يرجع إلى
المشتركين في شكل أرباح توزع عليهم أو في شكل تخفيض لألقساط
في الفترة التالية.
الفروق بين التأمين التعاوني والتأمين التقليدي
يقوم التأمين التعاوني اإلسالمي على فكرة التعاون على البر والتقوى،
بعكس التأمين التجاري (التقليدي) الذي يقوم على تحقيق أكبر ربح ممكن
لشركة التأمين.
يشتمـل عقد التأمين التقليدي على غرر وجهالة وهو من عقود المعاوضات
كثرة الجهالة تفسد عقود المعاوضات ولذا وجب التفكير في صيغة تعاقدية
ال يفسدها الغرر أو الجهالة.
يرى الفقهاء المعاصرون ومنهم العالمة صديق الضرير أن التأمين
التقليدي أو التجاري أو االسترباحي من العقود المستحدثة ولذا وجب
إخضاعه لميزان الشرع الحكيم.
كون الجهالة مالزمة للنشاط التأميني وحيث أنها مفسدة لعقود المعاوضات،
اقترح العالمة صديق الضرير صيغة عقد التأمين التعاوني الذي يقوم على
التبرع والتعاون وحيث أن عقد التبرع ال يفسده كثرة الجهالة.
21
الفروق بين التأمين التعاوني والتأمين التقليدي
تحكم أحكام الشريعة اإلسالمية عقد التأمين التعاوني اإلسالمي ،بينما
يخضع عقد التأمين التجاري (التقليدي) للقانون التجاري الوضعي.
تخضع عقود إعادة التأمين في النظام اإلسالمي إلى نفس القواعد
والمبادئ التي تحكم عقود التأمين التعاوني المشار إليها سلفا.
تستثمر شركات التأمين التعاوني األموال المجمعة وفقا لصيغ التمويل
اإلسالمي ،بينما تستثمر شركات التأمين التقليدي األموال بالربا المحرم
إذا تحقق فائض في التأمين التعاوني فإنه يوزع على المشتركين بنسبة
اشتراكاتهم التي دفعوها ،بينما تأخذ شركة التأمين التقليدي كل الفوائض.
تتحمل شركات التأمين التجاري الخسائر لوحدها ولكنها سرعان ما تزيد
من أقساط التأمين للفترة المقبلة بحيث يتم تحميل المستأمنين العبء
مستقبال.
22
التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمية
(شركات التأمين التكافلي)
لقد جاءت تجربة شركات التأمين اإلسالمية متأخرة بعض الشيء
عن نشأة المصارف اإلسالمية.
بنك فيصل اإلسالمي السوداني هو أول من أنشأ شركة تأمين
إسالمية سنة 1978بغرض تأمين البضائع التي تشحن إليه عبر
البحر.
عقد الثمانينات هي الفترة التي تم فيها تعميم التجربة في مناطق
عديدة من العالم اإلسالمي.
بلغ حجم صناعة التأمينات اإلسالمية 7.5مليار دوالر وهي تنمو
بنسبة 30بالمائة سنويا.
األستاذ محمد بوجالل ،التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمي
التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمية
تتشكل صناعة التأمين اإلسالمية من مجموعتين أساسيتين هما:
.1التأمينات العامة أو التأمين على األضرار وتأخذ شكل التأمين
التعاوني حيث تنتفي فكرة االسترباح بين المستأمنين
.2تأمينات التكافل وهي البديل المباح للتأمين على الحياة
في كلتا الحالتين فإن العالقة التي تربط جمهور المستأمنين
بشركة التأمين هي عالقة مضاربة شرعية ،حيث أن المؤمن لهم
هم أصحاب المال بينما تلعب الشركة دور المضارب .كما يمكن
أن تأخذ هذه العالقة شكل الوكالة بأجر.
24
األستاذ محمد بوجالل ،التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمي
التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمية
تقوم شركات التأمين اإلسالمية بتوظيف واستثمار األموال المجمعة باستعمال
صيغ التمويل المباحة شرعا بعيدا عن الربا المحرم.
على المستوى المحاسبي يتم فصل حسابات النشاط التأميني (االقساط في مقابل
التعويضات) عن حسابات االستثمار حيث يشترك الطرفان في األرباح أو الخسائر
المحققة.
في كل الحاالت فإن النشاط التأميني وفقا للمنظور االسالمي يجب أن يسعى
لتحقيق هدفين هما:
.1 التضامن في مواجهة الخسائر التي يتعرض لها الفرد أو المؤسسة المكتتب (ة)
لعقد التأمين.
.2 توزيع األرباح المحققة وتجنب كل نشاط مخالف ألحكام الشريعة السمحاء.
25
األستاذ محمد بوجالل ،التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمي
التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمية
:1983تم إنشاء الشركة اإلسالمية العربية للتأمين برأسمال قدره مليون
دوالر ومقرها البحرين.
الشركة القومية للتأمين التعاوني وهي شركة سعودية ذات أسهم برأسمال
قدره 134مليون دوالر.
:1985شركة التكافل الماليزية أسسها بنك ماليزيا اإلسالمي ومقرها
العاصمة كواال المبور .ونظرا للنجاح الذي تحقق ،تم إدراج هذه الشركة
في سوق األوراق المالية منذ سنة .1995
:1993تم تأسيس شركة تكافل ( )MNI Takafulبماليزيا من أجل
تعزيز صناعة التأمين اإلسالمية والترويج لها في أوساط السكان المسلمين
وغير المسلمين.
26
األستاذ محمد بوجالل ،التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمي
التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمية
:1992 تأسست الشركة االسمية للتكافل بسلطنة بروناي
برأسمال قدره 8مليون دوالر.
الشركة االسالمية للتأمين وإعادة التأمين ومقرها البحرين
أسستها مجموعة دله البركة السعودية .وفي سنة 1997تم
دمجها مع الشركة السعودية التونسية للتأمين وإعادة التأمين من
أجل تشكيل شركة قابضة برأسمال قدره 30مليون دوالر.
شركة البركة واألمان بالجزائر التي أخذت فيما بعد تسمية
السالمة للتأمينات.
27
األستاذ محمد بوجالل ،التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمي
التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمية
:1994 الشركة اإلسالمية لتأمين االستثمارات وقروض
التصدير التابعة للبنك اإلسالمي للتنمية بجدة برأسمال
قدره 100 :مليون دينار إسالمي ( 127مليون دوالر)
موزع بالسوية بين البنك و 30دولة عضو بمنظمة
المؤتمر االسالمي.
تتواجد على مستوى العالم أكثر من 80شركة تأمين
إسالمية.
28
األستاذ محمد بوجالل ،التجارب الحديثة لصناعة التأمين اإلسالمي