أضغط هنا - المنظمة العربية لحقوق الإنسان
Download
Report
Transcript أضغط هنا - المنظمة العربية لحقوق الإنسان
التقاضي والتقاضي االستراتيجي
باالستناد على الحقوق االقتصادية واالجتماعية
إعداد األستاذ عالء شلبي
األمين العام للمنظمة العربية لحقوق اإلنسان
عرض مقدم إلى ورشة العمل اإلقليمية حول
حقوق العمال في االقتصاد غير الرسمي
بالشراكة بين برنامج األمم المتحدة اإلنمائي
ومنظمة العمل الدولية
عمان/األردن 18-16 ،أبريل/نيسان 2013
• أغلب معايير العمل الدولية في واقع األمر معنية بالعاملين غير المحميين واألقل
حماية ،وهي بالتالي معنية بشكل رئيسي بالعمال في قطاع االقتصاد غير الرسمي؛
• من أهم المحطات :التوصيات التي تبناها مؤتمر العمل الدولي عام 2002بخصوص
العمل الالئق واالقتصاد غير الرسمي تعكس التزام منظمة العمل الدولية بجعل العمل
الالئق حقيقة واقعة بالنسبة لجميع العمال وأرباب العمل.
• وتنص التوصيات على أن تعزيز العمل الالئق لجميع العمال من الرجال والنساء -
بغض النظر عن الجهة التي يعملون بها -يتطلب استراتيجية واسعة النطاق ،تعمل
على تحقيق فهم شامل لمبادئ العمل األساسية وحقوقه ،وخلق فرص عمل أكبر
وأفضل ،وتوسيع نظم الحماية االجتماعية ،وتعزيز الحوار المجتمعي.
• وتعزز األبعاد السابقة للعمل الالئق بعضها البعض ،وتضم استراتيجية متكاملة للحد
من الفقر ،ويسود حاليًا توافق واسع على أن الحقوق المنصوص عليها في االتفاقيات
الثمانية األساسية للعمل تمثل أرضية الحد األدنى االجتماعي الذي يجب أن ينطبق
على جميع العمال ،بغض النظر عن عملهم في قطاع االقتصاد الرسمي أو غير
الرسمي ،كما تنطبق على الجميع المعايير ذات الصلة األخرى ،مثل سياسات
التوظيف ،وحماية الضمان االجتماعي ،والسالمة المهنية ،والصحة ،وحماية األجور،
والتوجيه المهني والتدريب ،وغيرها.
المعايير الرئيسية التي ينبني عليها التحرك القانوني والقضائي
* العهد الدولي
• المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء – م 3
• الحق في العمل – م 6
• الحق في تكوين النقابات وحرية االنضمام – م 8
• األمان والتأمينات االجتماعية – م 9
• حماية ومساعدة األسر
• العيش الكريم – م 11
• أعلى سمتويات الصحة الجسدية والنفسية – ك 12
• التعليم – م ، 13م 14
* العمل الدولية
• المفاوضة الجماعية
• الحريات النقابية
• المساواة في األجر
• منع التمييز
• عمالة األطفال
• السخرة والعمل اإلجباري
الحق في التقاضي
مفهوم الحق في التقاضي• يقوم مفهوم الحق في التقاضي على محاور ثالثة
• أولها :تمكين كل متقاض من الوصول إلى العدالة :عبر إتاحة الطعن لجميع الناس على جميع
األعمال والقرارات ،وعدم تحصين أي عمل أو قرار من رقابة القضاء أمام أية محكمة يرغبون
في قيد الدعوى أمامها ،دون أن يُحمَّل المتقاضي أعبا ًء مالية تعطل الحق في التقاضي ذاته.
مفهوم الحق في التقاضيوح ْيدَ ته :حيث يطبق القاضي القواعد الموضوعية المجردة على
• وثانيها :استقالل القضاء َ
الخصوم ،دون تدخل من السلطة التنفيذية أو التشريعية.
• وثالثها :الوصول إلى الترضية القضائية النهائية :بمعنى أن توفر الدولة للخصومة القضائية في
نهاية مطافها ًّ
حال منص ًفا يمثل التسوية التي يعمد من يطلبها إلى الحصول عليها ،بوصفها الترضية
القضائية التي يسعى إليها لمواجهة اإلخالل بالحقوق التي يدعيها ،وهذه الترضية -على افتراض
مشروعيتها واتساقها مع أحكام الدستور -تندمج في الحق في التقاضي؛ باعتبارها الحلقة األخيرة
فيه.
الحق في التقاضي
قواعد مباشرة النشاط القضائي• تنظم قوانين المرافعات العربية -مجموعة القواعد واإلجراءات المدنية للتداعي أمام المحاكم-
قواعد مباشرة النشاط القضائي أمام المحاكم ،وتتلخص هذه القواعد في مجموعة اإلجراءات
القضائية المتتابعة التي يقوم بها الخصوم أو ممثلوهم والقاضي وأعوانه؛ حيث تبدأ بالمطالبة
القضائية ،وتسير ب ُْغ َية الحصول على حكم في الموضوع.
فالخصومة القضائية مجموعة من اإلجراءات واألعمال القضائية المتتابعة منذ بداية
المطالبة وحتى صدور حكم فيها.
الحق في التقاضي
المبادئ العامة التي تحكم الخصومة القضائية• الخصومة القضائية تخضع للنظام القانوني الذي ينظم إجراءات التداعي أمام المحاكم تبعًا لكل
بلد
• مبدأ اشتراك الخصوم والقاضي في توجيه الخصومة.
• مبدأ المرافعة الشفوية.
• مبدأ حرية الدفاع.
• مبدأ المواجهة بين الخصوم.
• مبادئ أخرى :اشتراك أعوان القضاء؛ ومبدأ العلنية؛ ومبدأ تركيز الخصومة.
التقاضي االستراتيجي
مفهوم• هو اختيار موضوع قضية وإقامة دعوى قضائية بها أمام المحاكم لصالح شخص -أو
مجموعة أشخاص -بغرض الحصول على حكم تستفيد منه شرائح ومجموعات واسعة النطاق
من المجتمع تتجاوز شخص رافع الدعوى ،أو بغرض إحداث أثر دائم في المجتمع يتجاوز
أطراف الخصومة القضائية ،ولذلك يسمى التقاضي االستراتيجي ( strategic
)litigationوأحيا ًنا تقاضي األثر ( ،)impact litigationومن أبرز األمثلة الشائعة
للقضايا ذات األثر الدائم والممتد الدعاوى بعدم دستورية القوانين.
التقاضي االستراتيجي
الفرق بين التقاضي االستراتيجي والخصومة القضائية• يختلف التقاضي االستراتيجي عن غيره من الدعاوى القضائية المقامة أمام المحاكم بأنه
تخطيط عملية التقاضي وإدارتها بشكل يتجاوز حدود الخصومة القضائية في الدعوى
القضائية ،ليخاطب جمهورً ا كبيرً ا من المستفيدين وذوي المصلحة ،ويجذب اهتمام المجتمع،
ويؤثر على صانع القرار.
التقاضي االستراتيجي
الفروق بين التقاضي االستراتيجي وخدمات المساعدة القانونية• تقدم العديد من المنظمات خدمات قانونية للمستفيدين من خدماتها ،ومنها تمثيلهم في المحاكم،
والدفاع عنهم في القضايا المرفوعة ضدهم ،أو القضايا التي يرفعونها ،ومن تلك الخدمات
المساعدات والدعم القانوني اللذان تقدمهما بعض المنظمات للنساء في قضايا األحوال
الشخصية أو للنساء المعنفات ،أو الخدمات القانونية التي تقدم للعمال المهاجرين واألشخاص
الالجئين ولألطفال الجانحين ،بينما يركز التقاضي االستراتيجي على تغيير السياسات على
المستوى الكلي وعلى أوسع نطاق ،وليس تقديم الخدمات والمساعدة القانونية ألكبر عدد من
المستفيدين.
التقاضي االستراتيجي
العالقة بين التقاضي االستراتيجي والدعوة (المناصرة)• ثمة عالقة بين التقاضي االستراتيجي وأنشطة الدعوة (المناصرة)؛ فالتقاضي االستراتيجي
يوفر للمنظمات العاملة في الدعوة الفرصة الستخدام القضاء كوسيلة فعالة إلحداث تغيير
اجتماعي وقانوني ،والتأثير في السياسات أيضًا؛ عبر إطالق الحمالت الداعية لمناصرة
شاملة لقضية معينة ،أو تعزيز الوعي بحقوق فئة من الفئات المحرومة ،وكذلك جذب اهتمام
المستفيدين المحتملين من نتائج الحكم في الدعوى ومشاركتهم وحثهم على االنضمام إلى
القضية ،أو المشاركة في الضغط على الحكومة أو البرلمان لتغيير القوانين أو تفعليها أو
تطبيق الحكم الصادر في الدعوى.
التقاضي االستراتيجي
تحضير عملية التقاضي االستراتيجي وإدارتهاً
عمال فرد ًّيا؛ فهو يتعلق بمصالح طائفة واسعة من األشخاص،
• التقاضي االستراتيجي ليس
وهو سالح ذو حدين؛ ففشل عملية التقاضي يؤدي إلى نتائج يصعب تداركها ،أقلها تحصين
قوانين وقرارات جائرة ومجحفة ،ويحتاج التقاضي االستراتيجي إلى فهم طبيعة المشكلة
المراد حلها ،والبعد القانوني لها ،وفهم النظام القانوني والسياق السياسي واالجتماعي
للمجتمع ،وتقدير درجة استقالل القضاء ومهنيته ،باإلضافة إلى تضافر جهود عدة أطراف
تتكامل مسئولياتها وجهودها المشتركة.
التقاضي االستراتيجي
تحضير دعوى التقاضي االستراتيجي• يتطلب التقاضي االستراتيجي بذل الكثير من الجهد والتنظيم والصبر ،وهو عملية مكلفة
تستلزم الكثير من الوقت ،ولذلك يجب التفكير جي ًدا في الخيارات األخرى المتاحة لتحقيق
األهداف أو التأثير في السياسات ،وهناك خمسة أسئلة جوهرية([ )]1ينبغي أن نطرحها على
أنفسنا وتكون إجاباتنا عليها (نعم) حتى يمكننا أن نتخذ قرارً ا برفع دعوى قضائية أو صرف
النظر عنها ،وهي:
• هل توجد مسألة قانونية ترتبط بمشكلة اجتماعية أو مجتمعية واسعة النطاق؟
• هل يسهم حكم المحكمة في حل تلك المشكلة؟ وهل سيكون له أثر واسع النطاق؟
• هل القضية -بنقاطها األساسية -سهلة ومفهومة لإلعالم؟ هل يمكن جذب تغطية إعالمية؟
التقاضي االستراتيجي
تحضير دعوى التقاضي االستراتيجي• هل هناك طرق أخرى ممكنة لتحقيق نفس األهداف؟ وما مدى فاعليتها مقارنة بالتقاضي
االستراتيجي؟
• هل يتوافر في المحاكم ذات االختصاص القضائي التي س ُت ْن َظر أمامها الدعوى االستقالل –
ولو بدرجة مقبولة -عن الجهات الحكومية والنزاهة الكافية والفهم والقبول لموضوع
الدعوى؟
• إذا كانت اإلجابة على األسئلة السابقة هي (نعم) فيمكننا الشروع في بناء ملف القضية.
( )1باتريك جيري" ،حقوق الطفل :دليل التقاضي االستراتيجي" ،شبكة معلومات حقوق الطفل ،طبعة ،2008لندن
التقاضي االستراتيجي
بناء ملف القضيةً
بداية تحديد الجهة القضائية
• ينبغي على المشتغلين بإدارة عملية التقاضي االستراتيجي
المختصة بنظر الدعوى؛ ففي البلدان العربية كثير من األنظمة القضائية ،أكثرها شيوعًا
التنظيم القضائي الموحد الذي يجمع الجهات القضائية في جهة قضائية واحدة ،والتنظيم
القضائي الثنائي الذي يقسم القضاء بين والي َتي القضاء المدني والقضاء اإلداري (في مصر
وسوريا).
التقاضي االستراتيجي
بناء ملف القضية• طبيعة الدعوى والمسائل القانونية هي التي تحدد أ ًّيا من الجهات القضائية –المحاكم
الدستورية ،اإلدارية ،المدنية -ستختص بالنظر في القضية ،وهو ما يطلق عليه "الوالية" أو
"االختصاص القضائي".
• ثم يتم فحص القواعد القانونية التي ستطبق على الدعوى ،وما يرتبط بها من قوانين إجرائية
وموضوعية ،والسوابق القضائية ذات الصلة ،ومكانة القانون الدولي لحقوق اإلنسان
واالتفاقيات من التشريع الوطني ،وتفسيرات المحاكم العليا والمحاكم الدستورية للموضوعات
ذات الصلة ،وإجراء بحوث حول النظريات القانونية واألوراق الخلفية في الدفاع والدفوع
التي ستقدم للمحاكمة ،ووجود دراسات وأبحاث أجريت في موضوع الدعوى من عدمه.
التقاضي االستراتيجي
بناء ملف القضية• من المفيد أن يتم عمل حلقة دراسية عن الموضوع ي ُْد َعا إليها المتخصصون والخبراء
والمهنيون؛ إلثراء المناقشات ،وتبادل الخبرات والمعارف ،وأن تعكف مجموعة عمل
مصغرة على فحص توصيات الحلقة الدراسية للمساهمة في كتابة عريضة الدعوى أو
المذكرات ،ومن المفيد أيضًا االنشغال بقواعد االختصاص القضائي والوالية القضائية وتوافر
الصفة في المدعي والمصلحة في رفع الدعوى ،وكذلك اختيار األشخاص والهيئات الذين
سترفع ضدهم الدعوى.
التقاضي االستراتيجي
استنفاذ وسائل التظلم والشكوى:• ال ُت ْق َبل الدعاوى القضائية -سيما لو كانت مقامة ضد جهة حكومية -في عديد من الدول
العربية إال بعد تقديم طلب أو تظلم وتجاهل اإلدارة الرد عليه أو رفضه ،أو بعد اللجوء للجان
شبه قضائية لفض المنازعات وعدم قبول توصياتها ،أو يتطلب القانون فوات مواعيد محددة
لرفع الدعوى.
التقاضي االستراتيجي
إدارة التقاضي االستراتيجي واألنشطة المصاحبة للتقاضي االستراتيجي:• فضالً عن اإلدارة الفنية للدعوى التي يتوالها المحامون ،فإن الهيئات أو الشبكة التي تتبنى
القضية يقع عليها عبء تنظيم حملة للمناصرة ،تشمل أنشطة تتفق وطبيعة الدعوى ،منها
حشد المناصرين والمستفيدين من أهداف التقاضي أثناء المراحل والجلسات التي تمر بها
الدعوى في قاعات المحكمة وخارجها بشكل ال يزعج القضاة.
• وتشمل أنشطة المناصرة إجراء الندوات والمؤتمرات وإصدار البيانات والرسائل اإلعالمية،
على أن يكون هناك بيان عقب كل مرحلة من مراحل التقاضي ،والتفكير في حفز النقاش
العام وجذب اهتمام الجمهور لموضوع القضية ،ومقابلة قادة الرأي العام ومعدي البرامج
التليفزيونية ،وإثارة وعي رجال القانون بأهمية القضية وعدالتها ،وإعادة نشر المقاالت
واألبحاث القانونية ذات الصلة التي نشرت في الدوريات العلمية ،واستطالع رأي فقهاء
القانون والقضاة السابقين.
التقاضي االستراتيجي
إدارة التقاضي االستراتيجي واألنشطة المصاحبة للتقاضي االستراتيجي:• وينبغي استمرار المناصرة حتى بعد الحكم في الدعوى؛ فبعض األحكام التي صدرت لصالح
المستفيدين قد ال تنفذ بالضرورة؛ ألن الجمهور نسيها ،وألن الحكومات والخاسرين
سيحاولون تجاهل تنفيذ الحكم ،ووضع العقبات أمام تنفيذه.
ً
ويقظا للضغط من أجل
• فحمالت المناصرة تستهدف حشد الظهير االجتماعي وجعله حاضرً ا
تنفيذ قرارات المحكمة.
إعمال الحقوق االقتصادية واالجتماعية من خالل التقاضي في السياق العربي
• يعد تعزيز إعمال حقوق اإلنسان التي تكفلها االتفاقيات الدولية من خالل التقاضي أحد
االنشغاالت الرئيسة في تعزيز حماية حقوق اإلنسان؛ إذ تتصل بإشكاليات غير محسومة أو
تحتمل التأويل ،أبرزها مكانة االتفاقيات الدولية في النظام القانوني الوطني ،ونمط القوانين
النافذة ،ومدى وعي الجمهور باستخدام هذه اآللية في تعزيز حقوقه ،ومدى وعي القضاة
والمحامين في تفعيلها وخبرتهم في ذلك.
• لكن هذه اإلشكاليات لم َت ُح ْل دون إنجاز خطوات مهمة في تعزيز حقوق اإلنسان المدنية
والسياسية في بعض البلدان العربية باستخدام اآللية القضائية ،وأصدرت المحاكم الدستورية
العليا والمحاكم اإلدارية ومحاكم النقض –التمييز -أحكامًا عديدة استنا ًدا إلى أحكام العهد
الدولي للحقوق المدنية والسياسية ،تحفل بها أدبيات حقوق اإلنسان في المنطقة.
إعمال الحقوق االقتصادية واالجتماعية من خالل التقاضي في السياق العربي
• بيد أن األمر يختلف كثيرً ا إذا انتقلنا إلى حقل الحقوق االقتصادية واالجتماعية على وجه
الخصوص؛ إذ يعاني استخدام هذه اآللية من ندرة شديدة كانت موضع انتقاد متكرر من جانب
اللجنة الدولية للحقوق االقتصادية واالجتماعية في مناقشاتها مع كل البلدان العربية ،وحتى
المثال الوحيد الذي أوردته عن قضية إضراب عمال السكك الحديدية في مصر عام 1987
يعود إلى أكثر من عقدين.
إعمال الحقوق االقتصادية واالجتماعية من خالل التقاضي في السياق العربي
• ويرجع ذلك إلى أسباب موضوعية؛ فالعهد الدولي للحقوق االقتصادية واالجتماعية ذاته يتبنى
مبدأي القدرة والتدرج في إعمال أحكامه ،انطال ًقا من أن الحقوق االقتصادية واالجتماعية
تتطلب في معظم الحاالت تخصيص موارد مالية ،وأن إعمالها يتطلب فترات زمنية إلنجازه،
بخالف الحقوق المدنية والسياسية التي يغلب عليها طابع "االمتناع" عن أفعال معينة ،وتحتاج
إلى إرادة سياسية في تفعيلها أكثر من الموارد ،ورغم أن المبدأين صحيحان ،إال أنهما
يستخدمان في كثير من األحيان كذريعة للتهرب من االلتزامات القانونية والدولية ،في سياق
ال تزال فيه بعض الدول ُتنازع في أن الحقوق االقتصادية واالجتماعية تعبر عن مطالب
واحتياجات ،وال تمثل حقو ًقا.
إعمال الحقوق االقتصادية واالجتماعية من خالل التقاضي في السياق العربي
• ويزداد األمر صعوبة عندما يتعلق بالتمكين القانوني للفقراء وغيرهم من الفئات الهشة الذين
يُضعف الفقر قدراتهم ،وتعوزهم األوراق الثبوتية والمساندة اإلعالمية ،وتخذلهم نظم الضمان
االجتماعي والخيارات االجتماعية للحكومات ،وأنماط الفلسفة االقتصادية السائدة ،وتأثيرات
العولمة المنفلتة.
إعمال الحقوق االقتصادية واالجتماعية من خالل التقاضي في السياق العربي
• لكن مع تعمق الحرمان تحت وطأة اآلثار السلبية المعروفة للعولمة ،وانزالقها بالمجتمعات
العربية في دوامة األزمات المالية واالقتصادية الطاحنة ،وزيادة التفاوت الطبقي ،وانسحاب
الدولة من كثير من وظائفها االجتماعية ،بدأت تتشكل حركة اجتماعية مطلبية واسعة النطاق،
عززتها زيادة الوعي بحقوق اإلنسان ،وزيادة دور مؤسسات المجتمع المدني ،وانعكست في
نقل الجدل القانوني حول الحقوق االقتصادية واالجتماعية إلى ساحات القضاء ،كما نجحت
في فرض أبعاد جديدة للنضال االجتماعي من أجل تعزيز إعمال هذه الحقوق ،وشكلت
بجدلياتها القانونية واالجتماعية منبرً ا للحوار االجتماعي على الساحة العربية.
إعمال الحقوق االقتصادية واالجتماعية من خالل التقاضي في السياق العربي
• وقد أخذت تجارب التقاضي في مجال إعمال الحقوق االقتصادية واالجتماعية في مصر قوة
دفع كبيرة ،السيما مع اجتهاد فقهي كبير لقضاء مجلس الدولة المصري منذ عام ،2003
وهو االجتهاد الذي وسع من مفهوم الصفة والمصلحة في مناهضة القرارات والتدابير
اإلدارية التي تمس حقوق فئات من المواطنين ،كما تميزت مصر بتدافع من جانب العديد من
ناشطي حقوق اإلنسان إلى ساحات القضاء لمناهضة إجراءات أو تدابير سياسية أو تشريعية
تنال من حقوق اإلنسان ،وخاصة الحقوق االقتصادية
واالجتماعية ،في ظل تأثر شرائح مجتمعية واسعة بإجراءات ما سمي باإلصالح االقتصادي،
الذي شهد تراجعًا كبيرً ا لدور الدولة ووظائفها االجتماعية.
إعمال الحقوق االقتصادية واالجتماعية من خالل التقاضي في السياق العربي
• بينما أتاح قيام السلطات في األردن بنشر االتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان مجتمعة في عدد
خاص من الجريدة الرسمية التي تختص بنشر التشريعات للمواطنين والمتقاضين االستناد إلى
المعايير الدولية لحقوق اإلنسان ،كجزء من القانون الوطني المعمول به أمام المحاكم ،إال أن
األردن لم يشهد تجارب ذات أثر في هذا المجال.
إعمال الحقوق االقتصادية واالجتماعية من خالل التقاضي في السياق العربي
• فيما سمحت االجتهادات القضائية في لبنان ببعض النجاحات في قضايا حقوق اإلنسان
وحقوق الفئات المهمشة واألكثر فقرً ا ،وإن كان ذلك لم يستند بشكل أساسي إلى المعايير
الدولية لحقوق اإلنسان.
إعمال الحقوق االقتصادية واالجتماعية من خالل التقاضي في السياق العربي
• وفي المغرب يمكن اللجوء للقضاء للدفاع عن حقوق العمال ،بينما ال يجتهد القضاء ويلتزم
بتطبيق التشريعات الوطنية ذات الصلة بالحقوق االقتصادية واالجتماعية ،وهي تشريعات ال
تتناسب والتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق اإلنسان ،وهو ما يماثل أغلب الدول
العربية.
الدليل