الأسس المعرفية لبرنامج بادوفان

Download Report

Transcript الأسس المعرفية لبرنامج بادوفان

‫تبريرات نظرية‬
‫ عرف علم النفس تحوال جدريا في موضوعه‪ ،‬منهجه‪ ،‬براديغمه‪.‬‬‫ تأثر علم النفس بعلوم مجاورة له ( علوم االعصاب‪ ،‬المعلوميات‪ ،‬اللسانيات‪.)...،‬‬‫ أصبح ينظر للذات اإلنسانية كنظام لمعالجة المعلومات‪ ،‬حيث أصبحت األنشطة الذهنية من‬‫إدراك ولغة وانتباه وتعلم قابلة للنمذجة‪.‬‬
‫ كل األنشطة الذهنية من اإلحساس البسيط إلى التفكير المجرد مرورا باإلدراك‪ ،‬اللغة‪ ،‬التذكر‪،‬‬‫االنتباه‪ ،‬التعلم هي أنشطة ذات طبيعة معرفية‪ ،‬أي نتمثل بها ومن خاللها ذاتنا والعالم ونؤسس‬
‫عليها أفعالنا (اكتساب المعرفة واستعمالها)‪.‬‬
‫ هذه المقاربة لم تشمل الميدان المرضي إال مؤخرا‪.‬‬‫ إن تطبيق نظريات االشتغال المعرفي السوي في الحاالت المرضية يشكل في حد ذاته اختبار‬‫لصحة ومصداقية هذه النظريات وبالخصوص في عالقتها بالوعي ومراقبة السلوك‪.‬‬
‫‪ -‬أصبح التوحد في المقاربة اإلكلينيكية المعرفية يصنف ضمن اضطرابات الوظائف المعرفية‪)1(.‬‬
‫علم النفس المرضي المعرفي‬
‫•‬
‫البد من اإلشارة إلى أن العلوم المعرفية تضم مجموعة من التخصصات‪ :‬الفلسفة‪ ،‬اللسانيات‪ ،‬علم‬
‫النفس المعرفي‪ ،‬علوم األعصاب‪ ،‬الذكاء االصطناعي‪...‬‬
‫•‬
‫هدف العلوم المعرفية فهم كيفية معالجة المعلومة من طرف الدماغ‪ :‬اإلدراك‪ ،‬التخزين‪ ،‬االشتغال‬
‫عليها‪ ،‬تحويلها‪ ،‬استرجاعها‪.‬‬
‫•‬
‫في السنوات األخيرة بدأت العلوم المعرفية تهتم باألمراض النفسية في مختلف تمظهراتها المعرفية‬
‫أو االنفعالية أو السلوكية‪ ،‬وبالتالي االقتراب أكثر من الوظائف المعقدة للدماغ والعالقات المتبادلة‬
‫بين العقل واالنفعال‪.‬‬
‫•‬
‫دراسة العلوم المعرفية لالضطرابات النفسية يتم على مستويين‪:‬‬
‫‪-‬‬
‫وصف مختلف االضطرابات المعرفية المصاحبة لالضطراب النفسي‪.‬‬
‫‪-‬‬
‫تفسير االضطرابات النفسية انطالقا من أرضية اشتغال الذهن‪.‬‬
‫هذا االنتقال من الوصف البسيط إلى المعقد‪ ،‬أي االنتقال من كون االضطراب المعرفي كان‬
‫نتيجة ليصبح سببا‪ ،‬مكن من اقتراح نماذج تفسيرية قاربت االشتغال السوي والمرضي‪.‬‬
‫أهدافه – مميزاته ‪ -‬مجاالته‬
‫• هدفه‪:‬‬
‫ تشخيص وفهم اإلختالالت المعرفية الوظيفية بربطها باألعراض اإلكلينيكية وبالتكيف مع‬‫الحياة اليومية وبخصوصيات اشتغال الذهن‪.‬‬
‫ تطوير استراتيجيات للتدخل من أجل عالج فعال يعتمد على إعادة التأهيل‪.‬‬‫• ميزاته‪:‬‬
‫ يقود إلى فرضيات قابلة للتحقق حول السيرورات الذهنية الغير السوية ( القابلية للتجريب)‪.‬‬‫ يثبت وجود عالقات بين السوي والمرضي‪.‬‬‫ يجعل السلوك المرضي قابال للفهم‪.‬‬‫• مجاالته‪:‬‬
‫‪ -‬االنهيار العصبي – السكيزوفرينيا – الفوبيا – االوتيزم – الدسليكسيا‪)2(...‬‬
‫القصورات المعرفية عند التوحدي‬
‫• نظرية الذهن‬
‫• الذاكرة ‪:‬القريبة ‪ /‬البعيدة المدى‬
‫• االنتباه‬
‫• نظرية الفعل‪ :‬التوقع‪ /‬التنفيذ‬
‫نظرية الذهن‬
‫تم إدخال مفهوم نظرية الذهن من طرف كل من ‪ Woodruf et Premark‬سنة ‪،1978‬‬
‫تقوم هذه النظرية على منح واستخالص حاالت ذهنية ( رغبات‪ ،‬أفكار‪ ،‬معتقدات)‪،‬‬
‫للذات وللغير‪ ،‬لفهم وتوقع السلوك‪ ،‬أي ما فكر فيه ورغب فيه واعتقد فيه‪ ،‬شخص ما‬
‫قبل أن يقوم بفعل ما‪ ،‬هذا المفهوم( نظرية الذهن) سرعان ما تم تبنيه من طرف‬
‫الباحثين في مجال سيكولوجيا الطفل عموما‪ ،‬حيث ان الطفل اليبلور هذا المفهوم إال‬
‫بعد تجاوزه السنة الرابعة ( اختبار ماكس والشكوالتة)= اإلعتقاد الخاطئ‪.‬‬
‫•‬
‫أتبث التصوير الدماغي ارتباط نظرية الذهن بالمناطق التالية‪:‬‬
‫‪ ‬الفص الجبهي‬
‫‪ ‬لميكدال ‪l’amygdale‬‬
‫مما أكد على أن تطبيق تلك االختبارات يبين نشاط هذه الباحات عندما يقوم المفحوص‬
‫بمنح رغبات أفكار للغير‪)3(.‬‬
‫نظرية الذهن والتوحد‬
‫في سنة ‪ 1985‬قام كل من ‪Baron-cohen / Lislie/ Frith‬‬
‫باقتراح اختبار االعتقاد الخاطئ لألطفال التوحديين‪ ،‬فجاءت‬
‫النتائج كالتالي ‪ 85‬في المائة من األطفال األسوياء توفقوا في‬
‫هذا االختبار (بمعنى أنهم أعطوا االعتقاد الخاطئ لألخر)‪ 86 ،‬في‬
‫المائة من األطفال دوي تأخر ذهني نجحوا بدورهم‪ ،‬مقابل ‪20‬‬
‫في المائة فقط من االطفال التوحديين الذين وفقوا في تبني‬
‫اإلعتقاد الخاطئ‪ ،‬مع الغشارة إلى أن هذه النسبة األخيرة تتراجع‬
‫اكثر عندما يتم تعريضهم إلختبارات من هذا القبيل من تعقيدات‪.‬‬
‫انطالقا من هذه المعطيات خلصت الدراسة السابقة إلى فرضية ربط عالقة‬
‫وطيدة بين التوحد ونظرية الذهن (اإلعتقاد الخاطئ)‪ ،‬واعتبارها عجز‬
‫خاص وأولي لديهم‪ ،‬وهذا ما يفسر الثالتي االوتيزمي (اللغة‪ ،‬التفاعل‬
‫اإلجتماعي‪ ،‬السلوك)‪.‬‬
‫‪ ‬السلوك‪ :‬تنعكس نظرية الذهن على السلوك في كون الطفل التوحدي ال‬
‫يمنح معنى لنتائج سلوكه على الغير ‪ ،‬واليعي نتائجه على اآلخر‪.‬‬
‫‪ ‬اللغة‪ :‬ال يفهم الطفل التوحدي معنى رسالته أو رسالة الغير والخلفية‬
‫الفكرية وراء الرسالة(الغاية)‪.‬‬
‫كل ذلك سيؤثر مباشرة على التفاعل االجتماعي‪)4(.‬‬
‫الذاكرة‬
‫• التوحدي لديه ذاكرة جيدة‪ ،‬فهو يخزن ويتذكر المعلومات بدقة كبيرة‪،‬‬
‫لكن الخلل يتجلى في تصنيف وترميز المعلومة‪.‬‬
‫‪ ‬التصنيف يتم بطريقتين‪:‬‬
‫‪ .1‬انطالقا من المعيار اإلدراكي‪ :‬الفص األيمن للدماغ هو المتحكم في‬
‫التصنيف‪ ،‬إنه نقطة قوة التوحد‪.‬‬
‫‪ .2‬انطالقا من المعيار التفيئي‪ :‬على المستوى األيسر وهو مصدر‬
‫الخلل‪ ،‬ألن هذا التصنيف األخير يتأسس على التجريد والمفهمة‪.‬‬
‫فالطفل التوحدي ال يخزن الشئ في حد ذاته (المفهوم)‪ ،‬ولكن يخزن‬
‫اإلنطباعات اإلنفعالية المصاحبة للشئ‪.‬‬
‫أثبتت الدراسات أن‪:‬‬
‫ الذاكرة القريبة األمد غير مصابة عند التوحدي‪ ،‬بإستتناء في حاالت المهام‬‫المعقدة‪.‬‬
‫ على مستوى الذاكرة بعيدة األمد‪:‬‬‫‪ .1‬تذكر المعلومات المرتبطة بالذاكرة المشهدية كما هو الشأن بالنسبة لألسوياء‪،‬‬
‫لكن الخلل يظهر عندما يتعلق األمر باستدعاء المثيرات المعقدة ( اللغوية‪،‬‬
‫المجالية)‪.‬‬
‫‪.2‬‬
‫تخزين المعلومات ضمن السياق يشوبه عجز كبير ( اإلنفعاالت‪ ،‬حركات‬
‫الوجه‪.)...،‬‬
‫‪ .3‬إعادة تثبيت األحداث بشكل واع منعدمة‪(.‬الميطامعرفية)‪)5(.‬‬
‫االنتباه‬
‫تشتت انتباه التوحدي راجع إلى عدم تعلمه من اآلخر‪ ،‬أي‬
‫غياب تفاعله االجتماعي‪ ،‬وهنا نستحضر نظرية الذهن‪.‬‬
‫نظرية الفعل‬
‫تشتغل المعرفية ضمن إطار فرضية مفادها أن هناك خلال عاما في بناء تمثالت‬
‫الفعل عند التوحدي‪ ،‬مما قاد إلى مجموعة من النتائج تهدف إلى دراسة نمو‬
‫وظيفة التوقع عند الطفل‪ ،‬هذه الوظيفة بالضبط هي التي تسمح للطفل بان يجعل‬
‫العالم مستوعبا ومتناسقا‪.‬‬
‫ عملية التوقع يقوم بها الدماغ باالرتكاز على التمثالت (صورة الجسد‪/‬صورة العالم‬‫الخارجي‪ /‬التفاعالت بين الجسد والعالم)‪ ،‬هذه التمثالت ليست فطرية ولكنها‬
‫تحتاج إلى وقت حتى تصل إلى مرحلة النضج خالل مرحلة الطفولة‬
‫ تتأسس هذه الفرضية على اضطراب في بناء التمثالت‪،‬‬‫يؤدي إلى اضطراب في المزاوجة بين العالم والجسد‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى كف النمو الحسي الحركي والمعرفي عند الطفل‬
‫التوحدي‪)6(.‬‬
‫• الوظائف التنفيذية هي وظائف مرتبطة بالفعل الجسدي أو‬
‫الذهني‪ ،‬كالكف والتخطيط أو القدرة على بدء مهمة جديدة‬
‫أو إستراتيجية‪.‬معينة‪.‬‬
‫• التوحدي يعرف اضطرابات على الوظائف التنفيذية‪.‬‬
‫األسس المعرفية لبرنامج بادوفان‬
‫ يمكن إجمال البرنامج في سيكولوجيا التعلم‪ ،‬وقد بينت السيكولوجيا‬‫المعرفية العلمية من خالل النتائج والتراكم المعرفي الهام في مجال‬
‫التربية أن مصدر التعلم هو الذهن‪.‬‬
‫ في حالة التوحد نحاول اعتمادا على تمارين برنامج بادوفان إعادة‬‫تنشيط وتفعيل اآلليات المعرفية التي يعرف فيها التوحدي قصورا‪.‬‬
‫ سيركز البرنامج على المرونة المعرفية‪ ،‬وذلك بتنشيط المشابك‬‫العصبية من اجل تدعيم أخطوطات معرفية ما أو تعديلها أو بنائها‬
‫من جديد‪.‬‬
‫• برنامج بادوفان يركز من خالل التمارين على تنشيط آليات‬
‫الذاكرة كالتنبيه والتكرار الذهني‪ ،‬يترجم ذلك التنشيط على‬
‫المستوى الحسي الحركي‪.‬‬
‫• يتوخى برنامج بادوفان تنظيم االشتغال الذهني عند الطفل‬
‫التوحدي باالعتماد على الحركات التي يكون لها تأثير مباشر‬
‫على الدماغ‪.‬‬
‫• سيركز بادوفان على اإليقاع بغية تنمية كفاءات لدى الطفل‬
‫التوحدي‪.‬‬
‫ سيركز برنامج بادوفان على ‪ 3‬وظائف‪:‬‬‫‪ ‬المشي ‪la Marche‬‬
‫‪ ‬الكالم ‪la Parole‬‬
‫‪ ‬التفكير ‪la Pensée‬‬
‫ستقوم جمعية الطب األنتربوفلسفية بفرنسا ‪Association‬‬
‫‪ Médicale Anthroposophique en France‬بتقديم‬
‫مقارنة بين هذه السيرورات الثالث عند ‪Rudolf Steiner‬‬
‫وتصور ‪)7(J.Piaget‬‬
Rudolf Steiner
J . Piaget
1. La Marche
1. L’intelligence sensorimotrice
2. La Parole
2. Le Langage
3. La Pensée
3. La Pensée réfléchie
‫• سيتم تصنيف المشي بكونه سيرورة معقدة هدفها األساسي‬
‫موضعة الجسد في الفضاء‪ ،‬اعتمادا على الذهن الذي يتكلف‬
‫بتنسيق الحركات ‪ :‬صورة الجسد‬
‫• ماذا نعني بالتفكير؟ نعني به تدعيم األفكار وتنشيط قدرات‬
‫الفهم بغاية التكيف مع المحيط‪.‬‬
‫• ماذا نعني بالكالم؟ ترميز العالم اعتمادا على بناء تمثل في‬
‫الذهن‪ ،‬وتخص هذه الملكة أساسا المعجم الذهني‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫• ال نريد أن نرمي بهذا الموضوع في أحضان العقالنية‬
‫المعاصرة والتي تؤكد على أن التوحد هو التوجه الجديد للعالم‪.‬‬
‫• نسجل بكل جرأة في هذا المجال إشكالية صراع الحديث‬
‫والقديم‪ ،‬فالحديث يؤمن بمبدأ التراكم المعرفي‪ ،‬بينما القديم‬
‫يبقى حبيس نسقه فيرفض كل جديد‪ ،‬وهذا نالحظه عند‬
‫الممارسين الذين يتشبعون بالقديم ويرفضون الحديث‪.‬‬
‫المراجع‬
،2008 ،‫ مجلة علوم التربية‬،‫ المقاربة المعرفية لالضطرابات الذهنية‬،‫أحمد الزاهر‬.‫ ذ‬-1
46/47 ‫ص‬
2. Chrystel Besche-richard, la Psychopathologie Cognitive, Puf,
2000, PP 15/16/21.
3. Nelly Labruyere, Approche Neuropsychologique de l’autisme:
Entre Théorie de l’action et Théorie de l’esprit, 2006, PP
11/12/22/26.
4. Ibid
5. Autisme et autres troubles envahissants du dévloppment-Etat
des connaissances, Service des bonnes Pratique
Professionnellles, janvier 2010, P62.
6. Revue Enfance, Janvier/Mars 2009, le Diagnostic d’Autisme quoi
de neuf? P 111
7. ‘’Reorganisation neurofonctionnelle(Methode Padovan), les
Cahiers de Medcine Anthroposophique, Association Médical
Anthroposophique en France N° 68, 1995,PP 51/52/53/54.
‫شكرا على استماعكم والسالم‬