للحـفظ

Download Report

Transcript للحـفظ

‫فضيلة الشيخ‬
‫محمد فتحي عبدالعزيز‬
‫محمد فتحي عبدالعزيز‬
‫الدرس الثالث‬
‫من قول المصنف ‪:‬‬
‫ق عِ عِ ْل عِ عه‪.‬‬
‫ق ا ْل َخ ْل َ‬
‫َخلَ َ‬
‫إلى قوله‪َ :‬وقَد َر‬
‫لَ ُه ْم أ َ ْقدَارا‪.‬‬
‫ْ ْ ْ‬
‫قول المصنف ‪َ :‬خ َل َق ال َخل َق ِب ِعل ِِ ِِ‬
‫قْ‬
‫أَيْ‪َ :‬خلَقَ ُهمْعَا ِل ًماْ ِب ِهم‪ْ،‬قَا َلْْت َعَالَى‪{ :‬أ َ ََلْيَعلَ ُمْ َمنْ َخلَ َ‬
‫ير}‪.‬‬
‫يفْال َخ ِب ُْ‬
‫َو ُه َوْاللَّ ِط ُ‬
‫والطحاوي رحمهْهللاْيردْبهذاْعلىْالقدريةْالغالةْالذينْ‬
‫أنكرواْعلمْهللاْ‪ْ،‬وقالوا‪ :‬إنْاألمرْأُنُفْأيْمستأنف‪.‬‬
‫وأماْمتأخروا القدريةْفإنهمْيثبتونْالعلم‪ْ،‬ولكنهمْ‬
‫ينازعونْفيْعمومْالمشيئةْوالخلقْ‪ْ،‬وسيأتيْأنهم‬
‫يقولون‪ :‬إنْالعبدْيخلقْفعلْنفسه‪ْ،‬وإنْهللاْشاء‬
‫اإليمان‪ْ،‬وشاءْالعبدْالكفرْفغلبتْمشيئةْالعبد‪.‬‬
‫وقدْقالْاإلمامْالشافعيْرحمهْهللاْ‪ :‬ناظرواْالقدريةْ‬
‫بالعلمْفإنْأقرواْبهْ ُخصموا‪ْ،‬وإنْأنكرواْكفروا‪.‬‬
‫َ َ َّ َ َ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫ا‬
‫قول المصنف ‪ :‬وقدر لهم اقدارا‪. .‬‬
‫قْ‬
‫قَا َلْتَعَالَى‪ِ {:‬إنَّاْ ُك َّلْشَي ٍءْ َخلَقنَاهُْْ ِبقَد ٍَْر}‪َ .‬وقَا َلْتَعَالَى‪{ :‬اْلَّذِيْ َخلَ َ‬
‫س َّوىْ‪َ -‬والَّذِيْقَد ََّرْفَ َهدَى}‪.‬‬
‫فَ َ‬
‫َِّْللاْبْ ِنْعَم ٍروْ ع َِنْالنَّ ِبيِْ أَنَّهُْقَا َْل‪:‬‬
‫ص ِحيحِْ ُمس ِل ٍمْعَنْعَبد َّ ِ‬
‫َوفِيْ َ‬
‫ضْ‬
‫قْقَب َل ْْأَنْيَخلُ َ‬
‫ِْواألَرْ َ‬
‫قْال َّ‬
‫اوات َ‬
‫س َم َ‬
‫«قَد ََّر َّ‬
‫َّْللاُْ َمقَاد َ‬
‫ِيرْال َخل ِ‬
‫س َ‬
‫سنَ ٍْة‪. »...‬‬
‫ِب َخم ِ‬
‫فْ َ‬
‫ينْأَل َ‬
‫فاإليمانْبالقدرْمنْأصولْاإليمانْالتيَْلْيتمْإيمانْالعبدْإَلْبها‪ْ،‬‬
‫ففيْصحيحْمسلمْمنْحديثْعمرْبنْالخطابْفيْسؤالْجبريلْ‬
‫عليهْالسالمْللرسولْ عنْاإليمانْقال‪" :‬أنْتؤمنْباهللْ‬
‫ومالئكتهْوكتبهْورسله‪ْ،‬وتؤمنْبالقدرْخيرهْوشره‪."..‬‬
‫وصحْأنْالرسولْ سمىْالقدريةْمجوسْهذهْاألمةْوالسببْ‬
‫فيْهذهْالتسميةْمضاهاةْمذهبهمْللمجوسْفيْقولهمْْ‬
‫باألصلين‪ :‬النورْوالظلمة‪ْ،‬يزعمونْأنْالخيرْمنْفعلْالنور‪،‬‬
‫والشرْمنْفعلْالظلمة‪ْ،‬فصارواْثَنَ ِويَّة‪ْ،‬وكذلكْالقدريةْيضيفونْ‬
‫الخيرْإلىْهللاْتعالى‪ْ،‬والشرْإلىْغيره‪ْ،‬وهللاْ‪ -‬سبحانهْوتعالىْ‪-‬‬
‫خالقْالخيرْوالشرْجميعاً‪َْ،‬لْيكونْشيءْمنهماْإَلْبمشيئته‪ْ،‬‬
‫اقسام الناس في القدر‪:‬‬
‫الفريق الول ‪ :‬خاصموا هللا في القدر‪ :‬وهم غالة القدرية الذين نفوا القضاء والقدر وعطلوه‪ ،‬وقالوا‪ :‬ان هللا‬
‫جل وعال لم يقدر ا‬
‫شيئ‪.‬‬
‫الفريق الثاني‪ :‬هم الذين عارضوا الشرع بالقدر‪ ،‬فعطلوا المر والنهي‪ ،‬وهم الجبرية الذين قالوا‪ :‬انه ما من‬
‫شيء ال بقضاء هللا وقدره‪ ،‬وعلى هذا ل يالم العاصي على معصيته‪ ،‬ول يشكر المحسن على احسانه؛ لن‬
‫احسان المحسن بقدر هللا‪ ،‬ومعصية العاصي بقدر هللا‪ ،‬فعلى هذا جعلوا القدر حجة على تعطيل الشرع‪،‬‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫وهذا قد ذكره هللا جل وعال عن الك فار في مواضع من ك تابه‪ ،‬ك قول هللا جل وعال‪َ { :‬س َي ُق ُول ال ِذ َين َا ْش َر ُكوا ل ْو‬
‫َش َاء َّ ُ‬
‫اَّلل َما َا ْش َر ْك َنا} ‪ ،‬فاحتجوا على تعطيل الطاعة والتوحيد بالقدر‪.‬‬
‫ِداية ظهور القدرية‬
‫وانتشارهم‪:‬‬
‫نشأ في آخر عهد ِني أِية أقوام يزعِون أن الِِد ِجِور على‬
‫فِله‪ ،‬ليس له خيار فيِا يأخذ أو يدع‪ ،‬وأول ِن ظهر عنه هذا‬
‫القول هو الجهم ِن صفوان‪ ،‬وإذا كان الفريق األول أشِه‬
‫الِجوس فإن هذا الفريق أشِه الِشركين الذين قالوا‪( :‬لو شاء‬
‫هللا ِا أشركنا وال ءاِآؤنا وال حرِنا ِن شيء) ‪.‬‬
‫وقيل إن أول ِن تكلم ِالقدر رجل ِن أهل الِصرة كان يِِل‬
‫سويه‪ ،‬قال األوزاعي‪ " :‬أول ِن نطق في القدر‬
‫س ْن َ‬
‫ِقاال يقال له َ‬
‫رجل ِن الِراق يقال له سوسن‪ ،‬كان نصرانيا فأسلم‪ ،‬ثم‬
‫تنصر‪ ،‬فأخذ عنه ِِِد الجهني‪ ،‬وأخذ غيالن عن ِِِد "‪ ،‬ثم‬
‫أخذ هذا الِذهب عن ِِِد رؤوس االعتزال وأئِته كواصل ِن‬
‫عطاء‪ ،‬وعِرو ِن عِيد‪ ،‬وغيالن الدِشقي‪.‬‬
‫التعريف بالقدر‪:‬‬
‫في اللغة ‪ " :‬القضاء والحكم ومبلغ الشيء" ‪.‬‬
‫في الصطالح ‪ " :‬ما سبق به العلم‪ ،‬وجرى به القلم مما هو كائن الى البد" ‪.‬‬
‫القدر يطلق ويراد به التقدير السابق لما في علم هللا‪ ،‬ويطلق ويراد به‪ :‬ما خلقه واوجده على النحو‬
‫الذي علمه‪.‬‬
‫للعلماء في التفرقة بين القضاء والقدر قولن‪:‬‬
‫الول‪ :‬القضاء هو العلم السابق الذي حكم هللا به في الزل‪ ،‬والقدر وقوع الخلق على وزن المر‬
‫المقضي السابق‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬عكس القول الول‪ ،‬فالقدر هو الحكم السابق‪ ،‬والقضاء هو الخلق‪.‬‬
‫آ‬
‫آ‬
‫فالقضاء والقدر امران متالزمان‪ ،‬ل ينفك احدهما عن الخر‪ ،‬لن احدهما بمنزلة الساس ‪ ،‬والخر‬
‫بمنزلة البناء‪.‬‬
‫فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه " ‪.‬‬
‫أركان اإليِان ِالقدر‪:‬‬
‫اربعة هي‪:‬‬
‫الول‪ :‬اليمان بعلم هللا الشامل المحيط‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬اليمان بك تابة هللا في اللوح المحفوظ لكل ما هو كائن الى يوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬اليمان بمشيئة هللا النافذة وقدرته التامة‪ ،‬فما شاء كان وما لم‬
‫يشا لم يكن‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬خلقه تبارك وتعالى لكل موجود‪ ،‬ل شريك هلل في خلقه‪.‬‬
‫مناظرة في القدر‪:‬‬
‫دخل عبد الجبار الهمداني احد شيوخ المعتزلة ‪ -‬على الصاحب ابن عباد‪ ،‬وعنده ابو‬
‫اسحاق السفراييني احد ائمة الشافعية‪ ،‬فلما راى الستاذ قال‪:‬‬
‫سبحان من تنزه عن الفحشاء‪.‬‬
‫فقال الستاذ فو ارا‪ :‬سبحان من ل يقع في ملكه ال ما يشاء‪.‬‬
‫فقال القاضي‪ :‬ايشاء ربنا ان ُي ْع َصى؟‬
‫فقال الستاذ‪ :‬ا ُي ْع َصى ربنا قه ارا؟‬
‫فقال القاضي‪ :‬ارايت ان منعني الهدى‪ ،‬وقضى َع َّلي بالردى‪ ،‬احسن الي ام اساء؟‬
‫فقال الستاذ‪ :‬ان منعك ما هو لك فقد اساء‪ ،‬وان منعك ما هو له فيختص برحمته من‬
‫يشاء‪ .‬فبهت القاضي‪.‬‬
‫مسائل مهمة‪:‬‬
‫•المؤلف رحمه هللا وغفر له فرق ما يتعلق بمبح ث الق در‪ ،‬ول م يجمع ه ف ي موض وع واح د‪ ،‬ب ل اع اد واب دع ورد وك رر‬
‫في هذه المسالة؛ ولعل ذلك لهميتها وشدة الحاجة اليها في وقته رحمه هللا‪.‬‬
‫•اليمان بالقضاء والقدر احد اركان اليمان ومبانيه العظام‪.‬‬
‫•التكذيب بالقضاء والقدر ناقض من نواقض السالم‪ .‬وتك فير القدرية مشهور عن السلف من الصحابة والتابعين‪.‬‬
‫•تعلم وتعليم مسائل القدر مطلوب وبيان احكامه مرغوب ‪.‬‬
‫•‪ .‬وجوب المساك عن الخوض في مسائل القدر ؛ ل َّن النبي صلى هللا عليه وسلم صح عنه انه قال ‪( :‬اذا ُذكر الق در‬
‫فامسكوا)‪.‬‬
‫•ل حرج لمن حصلت عنده شبهه ان يسال من غير تنطع‪.‬‬
‫•طالب الحق تك فيه الكلمات اليسيرة التي تزيل عنه الشكوك والوهام وتوضح له المعنى‪.‬‬
‫•عقيدة اليمان بالقدر سهلة ل لبس فيها ول غموض لكنها سهلة ويسيرة على من يسرها هللا عليه‪.‬‬
‫تابع المسائل المهمة‪:‬‬
‫•تتفاوت الفهام وطلب ما يعسر فهمه جنون‪.‬‬
‫• هللا تعالى هو العدل ول يظلم الناس ا‬
‫شيئ فلو عذب اهل السماء واهل الرض لما كان ا‬
‫ظالما لهم‪.‬‬
‫•القدر سر هللا في خلقه لم يطلع عليه احد من خلقه ل ملك مقرب ‪ ،‬ول نبي مرسل والتعمق في‬
‫ذلك ذريعة الخذلن وسلم الحرمان ودرجة الطغيان‪.‬‬
‫•طوى هللا علم القدر عن انامه ونهاهم عن مرامه قال تعالى‪" :‬ل يسال عما يفعل وهم يسالون"‬
‫فمن سال عما فعل لما فعل فقد رد حكم الك تاب‪ .‬ومن رد حكم الك تاب كان من الكافرين‪.‬‬
‫•العلم علمان‪ :‬علم في الخلق موجود‪ ،‬وعلم في الخلق مفقود‪ ،‬فانكار العلم الموجود ك فر‪ ،‬وادعاء‬
‫العلم المفقود ك فر‪ ،‬ول يثبت اليمان ال بقبول العلم الموجود‪ ،‬وترك العلم المفقود‪.‬‬
‫•المخاصم في القدر انما يخاصم رب العالمين‪.‬‬
‫تابع المسائل المهمة‪:‬‬
‫َ َْ ْ‬
‫ْ َ َ ُ ْ َ ُّ ْ َ ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫• القدر يحتج ِب ِه ِعند المصا ِئ ِب‪ ،‬ل ِعند المعا ِئ ِب‪.‬‬
‫َََ ْ‬
‫آ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫يث احتجاج موسى وادم ‪.‬‬
‫وهذا المعنى احسن ما ِقيل ِفي ح ِد ِ‬
‫َف َما ُقد َر م َن ْال َم َص ا ِئب َيج ُب ِال ْس ِت ْس َال ُم َل ُه‪َ ،‬فا َّن ُه م ْن َت َم ام الر َض ى ب َِّ‬
‫اَّلل َرًّب ا‪َ ،‬و َا َّم ا ال ُّذ ُنوبُ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ََ ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ َ َ َْ َ َ َ َْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ََُ َ ََُ َ َ ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫فل يس ِللعب ِد ان ي ذ ِنب‪ ،‬و ِاذا اذن ب فعلي ِه ان يس تغ ِفر ويت وب‪ .‬فيت وب ِم ن المعا ِئ ِب‪،‬‬
‫اصب ْر ا َّن َو ْع َد َِّ‬
‫اَّلل َح ٌّق َو ْاس َت ْغ ِف ْر ِل َذ ْنب َ‬
‫َو َي ْصب َر َع َلى ْال َم َصا ِئب‪َ .‬ق َال َت َع َالى‪َ { :‬ف ْ‬
‫ك }‪.‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬
‫تح ذير‪:‬‬
‫فوي للم لِ للف للدر ف ل ال ل ر ه‬
‫أ‬
‫خص لل‪ِ،‬د ضالل للف لل للف ف‪ ،‬للِ‬
‫أ‬
‫أ‬
‫قلبد س ‪ِ،‬د ل التِس بوهِلِ‬
‫ف ل ف للغ الس‪ ،‬ل س ل أفا لت‪ِ،‬للدأ‬
‫ضعدد بِد قدل ف‪ ِ،‬افد أد اث‪ِ،‬دأ‬
‫السب ف ضالل م مف ال رية ال فدة ضال رية الِجبفة ف هذا البدب ان م ضال مف الففي ‪،‬ف راى‬
‫أ‬
‫جزءا مف ال ‪ ،‬ة ضعِ عف جزء م هد فكدن مثلِ مثم العور الذي يفى ال جدنب الش ء ضل يفى‬
‫آ‬
‫الجدن الخف فدل رية ال فدة الذيف نفوا ال ر قدلوا‪ :‬إن هللا ل يفي الكلفف ضالذنوب ضالِعد ضل ي بهد‬
‫ضل يفضدهد فك‪،‬ف ن ول إنِ خلق افعدل العبدد ضف‪،‬هد الكلفف ضالذنوب ضالِعد ‪.‬‬
‫آ‬
‫ضال رية الِجبفة ام وا بدن هللا خدلق م ش ء ضزعِوا ان م ش ء خل ِ ضاضج ه ف البِ ضرض‪.ِ،‬‬
‫آ‬
‫ضاهم الس ة ضالجِدعة ابصفضا ال ‪ ،‬ة لهد فدم وا بدل ق الذي ع م ضال مف الففق‪،‬ف ضنفوا البدطم‬
‫الذي تلبس م ضال م هد‪.‬‬
‫فهم ي ولون‪ " :‬إن هللا ضإن دن يفي الِعد ق أرا فهو ل ي بهد ضل يفضدهد ضل يدمف بهد بم يبسلهد‬
‫ضي هى ع هد "‪.‬‬
‫ضهذا قول السلف قدطبة‪.‬‬