المحاور مقدمة عناصر الشخصية اإلسالمية مزايا الشخصية اإلسالمية السلوك ودوره في تنمية الشخصية الخالصة ًّ إداريا الشخصية اإلسالمية ... الناجحة خيري الدنيا واآلخرة . تنطلق من العقيدة وتستهدف َ الطابع.
Download
Report
Transcript المحاور مقدمة عناصر الشخصية اإلسالمية مزايا الشخصية اإلسالمية السلوك ودوره في تنمية الشخصية الخالصة ًّ إداريا الشخصية اإلسالمية ... الناجحة خيري الدنيا واآلخرة . تنطلق من العقيدة وتستهدف َ الطابع.
المحاور
مقدمة
عناصر الشخصية اإلسالمية
مزايا الشخصية اإلسالمية
السلوك ودوره في تنمية الشخصية
الخالصة
ًّ
إداريا
الشخصية اإلسالمية ...الناجحة
خيري الدنيا واآلخرة.
تنطلق من العقيدة وتستهدف َ
الطابع اإليماني يصبغ كل نشاطاتها ،وهو العالمة المميزة
لها.
الشخصية) في جميع عناصرها وتنوع مقوماتها( :
َ
صيغة
هي اليد التي َترسم على لوحة الواقع
السلوك.
وهي الشخص الذي تظهر صور ُته سلو ًّكا على مرآة
الحياة.
ًّ
إداريا
الشخصية اإلسالمية ...الناجحة
وتتميز الشخصية اإلسالمية في هذا الصدد بسمات إنسانية
معينة ،تختلف كل االختالف عن سمات الشخصية غير اإلسالمية؛
ألنها تختلف عنها في الدوافع والمحفزات والتكوين الذاتي
ونوعية السلوك ومقياس العمل واالختيار...
فضالًّ عن تقرير المواقف والغايات واألهداف؛ وهو ما ينتج عنه
اختالف في طبيعة السلوك ،ونوعية المواقف والممارسات
الحياتية.
ًّ
إداريا
الشخصية اإلسالمية ...الناجحة
تنطلق الشخصية اإلدارية اإلسالمية الناجحة من العقيدة .
وتتقوم بمقومات:
الفكر اإليماني
والعاطفة اإلنسانية
واإلرادة الملتزمة
والمقياس اإليماني للسلوك.
كما تفرز -دو ًّما -وحدة سلوكية وفكرية وعاطفية متماسكة
متكاملة ،ضمن إطار التنظيم االجتماعي العام ،الذي
يستهدف تشييد الهيكل الحضاري وصوغ التاريخ وصنع
الحياة.
ًّ
إداريا
الشخصية اإلسالمية ...الناجحة
إذاًّ ،فما سمات الشخصية اإلسالمية
ًّ
إداريا؟ وكيف يمكن للمرء أن
الناجحة
يبني شخصيته اإلدارية طب ًّقا للرؤية
اإلسالمية؟
للشخصية عناصر أساسية ،ومقومات رئيسة تتقوم بها،
بحيث تقرر هذه العناصر والمقومات طبيعة الشخصية،
وتحدد هويتها وآثارها السلوكية والتعاملية في خارج الذات
اإلنسانية.
والذي يهمنا هنا دراسة الشخصية ،وتحديد معالمها الرئيسة،
وتبيان مقوماتها وعناصرها األساسية التي تصنعها ،وتحدد
ماهيتها وكيانها وتصبغ كل نشاطاتها ومواقفها ،وللشخصية
اإلسالمية أساس وقواعد ُيشاد عليها وجودها ،و ُتبتنى عليها كل
سدِها ،بحيث تتميز عن غيرها من الشخصيات
مظاهر َتح ُّققِها و َتج ُّ
بما يلي:
التكوين الذاتي.
بالدوافع والمحفزات.
باالختيار وتقرير المواقف.
بنوعية السلوك ومقياس العمل ،وصدق هللا القائل:
هللا صِ ْب َغ ًّة َو َن ْحنُ َل ُه َع ِاب ُدونَ }
سنُ مِنَ ِ
{صِ ْب َغ َة ِ
هللا َو َمنْ أَ ْح َ
فالشخصية اإلسالمية هي الشخصية المصبوغة بصبغة
خاصة ،والموسومة بميسم معين؛ هو ميسم اإليمان،
وصبغة اإلسالم ،وااللتزام بحدوده.
عناصر الشخصية اإلسالمية الملتزمة
.1الفكر اإليماني.
.2العاطفة اإلنسانية.
.3اإلرادة الملتزمة.
.4المقياس اإليماني للسلوك .
فتلك الركائز األساسية األربعة القائمة على أساس اإليمان
باهلل واالرتباط به ،هي العناصر التي تتكون بها الشخصية
اإلسالمية ،وتتميز بواسطتها عن الشخصيات األخرى.
وهي بدورتها تتفاعل بعضها مع بعض لتكون المخطط
الهادف ،والحارس اليقظ لتحديد الموقف السلوكي ،حينما
تتفاعل الدوافع والمحفزات والغرائز الواقفة خلف
الشخصية...
وعندها تحتك بمثيراتها ومواضع تؤججها في المحيط
والبيئة اإلنسانية التي تواجهها الشخصية في الخارج...
فيكون موقع الشخصية على هذا االعتبار موقع القائد،
والمسيطر الذي يوجه حركة الذات -بكل ما فيها من نوازع
واتجاهات وغرائز -الوجهة التي تختارها الشخصية،
وترغب في الظهور بها في العالم الخارجي حسب طبيعتها
وماهيتها.
وتتخذ األفكار مركز التوجيه وتحديد الهوية لبقية
العناصر :العاطفة ،واإلرادة ،والمقياس السلوكي،
فإن كانت طبيعة األفكار إيمانية ،تقوم على أساس
اإليمان باهلل ،فإنها ستنسحب بصبغتها اإليمانية
على عناصر الشخصية ،وتحدد كل مساراتها
واتجاهاتها لتنطبع هذه الصبغة الشخصية على
السلوك والمواقف.
أما إن كانت عناصر الشخصية غير إسالمية تقوم على
مفهوم الشرك واإللحاد ،أو العلمانية واالنفصالية التي
تباعد بين اإليمان والحياة ،فإن هذه الشخصية ستكون
شخصية جاهلية تصطبغ كل عناصرها -من عاطفة،
وإرادة ،ومقياس سلوكي -بهذه الصبغة الجاهلية التي
تميزها عن الشخصية اإلسالمية بدرجة تظهر فيها آثار
الشخصية واضحة ،متجسدة في السلوك والتعامل.
ًّ
متميزا بين الشخصية
واضحا
بحيث نشاهد الفرق
ًّ
اإلسالمية وتلك الشخصية الجاهلية؛ سوا ًّء في العناصر
األساسية (الفكر والعاطفة واإلرادة والمقياس العملي
للسلوك) ،أو في المظهر الخارجي للشخصية ،الذي
يرسمه ويعبر عنه السلوك والتعامل اإلنساني.
عناصر الشخصية اإلسالمية
.1الفكر:
.2العاطفة.
.3اإلرادة الملتزمة.
.4المقياس اإليماني للسلوك
طريقة التفكير (منهج التفكير) ،العقيدة ،الثقافة.
.1الفكر
يحتل الفكر موقع القاعدة والمصدر الذي تتفرع عنه
وتنمو عليه كل عناصر الشخصية األخرى؛ لذلك فإن
األفكار تشكل الهيكل الرئيس في بناء الشخصية ،والمحور
األساس الذي تدور عليه وتتجه معه كل المقومات
األخرى.
ويتميز الفكر الذي تتكون به الشخصية اإلسالمية عن
غيره من األفكار المقومة للشخصيات المتعددة األخرى
بعناصره األساسية الثالثة:
أ -طريقة التفكير (منهج التفكير).
ب -العقيدة.
ت -الثقافة.
أ .طريقة التفكير
إن طريقة التفكير هي:
المنهج واألسلوب الذي يمارس الفكر نشاطاته وجهوده وفق
خطته ،فإن كان المنهج أو طريقة التفكير مادية -تقوم على
ماديا تج ًّ
ًّ
ريبيا ،ال
أساس الحس والتجربة فقط -كان التفكير
يوصل إلى اكتشاف اإليمان ،واستنتاج فلسفة
يستطيع أن
ِّ
للقيم الخلقية والروحية في الحياة؛ ألن تلك الحقائق ليست
من األمور التي تستطيع التجارب والمختبرات أن تكشفها أو
تتوصل إليها.
أ .طريقة التفكير
صر نفسه بحدود التجارب المادية-
لذلك فإن المنهج الذي يح ُ
في الفهم وتحصيل المعارف واعتناق العقائد -يتناقض
بصورة أساسية مع المنهج اإلسالمي الذي يقوم على
أساس اإليمان بالتفكير العقلي المجرد ،كأسلوب علمي
للبحث عن اإليمان ،وكمنهج رائد في طريقة المعرفة
اإللهية.
أ .طريقة التفكير
إال أن التفكير اإلسالمي -مع إيمانه بهذا المنهج
واعتماده عليه -ال يغفل أهمية استخدام التجربة،
ويهمل الطريقة التجريبية في تحصيل المعارف
وانتزاع المفاهيم التي ُتغني الفكر بالمعلومات
والمقدمات الموصلة إلى اإليمان والتصديق برسالة
األنبياء.
أ .طريقة التفكير
فالطريقة العقلية في التفكير -وحدها -تستطيع أن
تدرك وجود القيم الروحية واألخالقية؛ وهي وحدها
تستطيع أن توصل الفكر إلى اإليمان باهلل ،وتعمل
على تحرير اإلنسان من سيطرة الحياة المادية،
بحيث تصبح المكاسب المادية -من مال وثروة وجاه
و ُم َتع َّ
ولذات -أشياء ثانوية في الحياة ،ال ترتبط بها
الشخصية اإلسالمية إال بقدر ما تحتاج إليه في تدبير
شئون الحياةِ ،وفق طريقة شريفة نظيفة موصلة إلى
الغايات الروحية السامية.
أ .طريقة التفكير
ويسهم منهج التفكير في بناء الشخصية وإقامة
أهم دعائمها ،وبدون هذا المنهج ُيصاب الفكر
اإليماني ومكتسباته الفكرية بفوضى وضياع يؤديان
إلى ذوبان الشخصية وازدواجها .
ب .العقيدة
تسهم إسها ًّما فاعالًّ في بناء الشخصية؛ ألنها تشكل
النظرة التفسيرية للحياة والوجود وللعالم الخارجي،
ف ُتس َلك كأساس لتصور اإلنسان للمواقف والسلوك
والعالقات ،وكمنطق للتقويم وإصدار األحكام على
األشياء وفهمها.
ب .العقيدة
وليس في عالم المعتقدات عقيدة كعقيدة التوحيد-
اإليمان باهلل وإفراده بالعبادة وحده -من حيث سعتها
وشمولها ،وانطباقها على كل موقف وسلوك إنساني؛
حتى ل ُتس َلك هذه العقيدة (اإليمان باهلل وما يتفرع عنه)
السير ،وقائد يتقدم
كرائد يخطط لإلنسان طريق
َّ
المسيرة ،ومحور تدور عليه كل نشاطات اإلنسان..
ب .العقيدة
قوم كل أعماله وتصرفاته ومواقفه
فاإلنسان المسلم ُي ِّ
وعالقاته على أساس:
اإليمان باهلل ،واالستجابة ألمره ،وحب التقرب منه والتعبد
له..
وعلى أساس أن عالم الدنيا هو عالم التراب الفاني ،وأن
ال ُخلد وال َّنعيم والسعادة األبدية متح ِّققة في عالم اآلخرة..
وبهذا الطابع اإليماني تنطبع كل نشاطات اإلنسان المسلم،
فيكون هذا الطابع هو المميز لشخصيته ،والعالمة البارزة
لمجتمعه وحياته.
ب .العقيدة
وتمثل العقيدة أساس تصور الفرد للموقف والعالقة
والسلوك والتقويم لآلخرين في كل مناحي الحياة،
ًّ
وخاصة الفرد اإلداري في المؤسسة.
جـ .الثقافة
تشكل الركن الثالث في بناء الجانب الفكري في
الشخصية ،والثقافة ليست مجموعة المعارف التي
يكتسبها اإلنسان ويحتفظ بها بطريقة معزولة عن
الحياة ،بعيد ًّة عن الممارسة؛ وإنما الثقافة هي المعرفة
وتوجه حياة اإلنسان.
التي تؤثر في اتجاه السلوك
ُّ
واإلنسان المث َّقف هو اإلنسان المهذب؛ أي اإلنسان
َّ
شذبت وه َّذبت المعارف -التي اكتسبها -كل
الذي
سلوكه ،وخلصته من الشوائب واالنحرافات.
جـ .الثقافة
لذلك ُيس َّمى اإلنسان الذي يحمل األفكار
والمعلومات -وهو شاذ منحرف في أفكاره
وسلوكه" -إنسا ًّنا متعل ًّما" ،وليس مثق ًّفا...
فالمثقف هو:
اإلنسان الذي يحمل الفكر السليم ،ويسلك على
أساسه السلوك السوي.
جـ .الثقافة
وعلى هذا االعتبار يكون اإلنسان المثقف هو..
اإلنسان السوي السلوك..
والمستقيم االتجاه..
ًّ
مجموعة من المعارف دون
وليس هو اإلنسان الذي يكتنز
أن تغير سلوكه أو تؤثر في حياته؛
وبذا يكون للثقافة أثر بالغ األهمية على الشخصية ،وعلى
اتجاهها في الحياة.
جـ .الثقافة
ًّ
ارتباطا وثي ًّقا بالعقيدة ومنهج
وترتبط الثقافة اإلسالمية
التفكير ،فالثقافة وليدة العقيدة والمنهج ،ونتاج التحصيل
المحو َرين؛ لذلك نقول هذه ثقافة
العلمي الملتزم بهذين
َ
إسالمية ،وتلك ثقافة مادية غربية ،أو مادية شيوعية ،أو
ثقافة يونانية ...إلخ ،ويأتي هذا االختالف في نوع الثقافة
من اختالف العقيدة والمنهج َ
اللذ ْين يحددان طبيعة الثقافة
وقيمتها العلمية في الحياة.
والثقافة -من وجهة النظر اإلسالمية -هي المعرفة التي
تساعد اإلنسان على فهم الحياة وكيفية العيش فيها ،وبذا
تكون الثقافة جوهر الشخصية اإلدارية ومادة بنائها.
.2العاطفة
العاطفة :هي الرابطة ،أو العالقة النفسية بين اإلنسان من
جهة ،وبين هللا ثم الناس واألشياء التي تحيط باإلنسان من
جهة أخرى ،فهذا االتجاه النفسي -اتجاه الحب والكراهية-
هو الذي يحدد الموقف النفسي لإلنسان نحو نفسه وغيره،
يكون نوع الرابطة أو (العاطفة).
وهو الذي ِّ
وتتميز :العواطف اإلسالمية بأنها عواطف إنسانية نبيلة،
ت َّتسم بال َّنقاء والسالمة من االنحراف وال َم ْيل العدواني،
وتنبثق عن فكرة اإليمان باهلل وتوحيده ،فالمسلم يرتبط
بعاطفة الحب مع هللا والناس والعا َلم من حوله ،على أساس
واضح ،وحسب مقياس ثابت.
.2العاطفة
فهو يحب هللا ،ويبني على أساس هذا الحب كل عواطفه وميوله
النفسية من الحب والكراهية؛ فيحب الخير والجمال ،ويحب الناس
واألشياء التي يرتبط بها وتتفاعل أحاسيسه ومشاعره معها؛ ويكره
الظلم ،ويعطف على المظلوم ،ويشارك بإحساسه الوجداني اإلنسانَ
الفرح والسرور..
المتعرض لأللم؛ ويشاطر اآلخرين
َ
ألحت
ضا
فيتأ َّلم إذا رأى
يتضور أل ًّما ،أو إنسا ًّنا َّ
َّ
فقيرا جائ ًّعا ،أو مري ًّ
ًّ
س ُّر إذا السرور يمأل
عليه المحنة ،أو متسافالًّ يمارس رذيلة؛ و ُي َ
قلوب اآلخرين ،ويفرح إذا رأى غيره يعمل الخير ،ويتمتع بال ِّنعم،
سرورا إذا شاهد شي ًّئا جميالًّ ،ويعطف على الحيوان،
ويمتلئ قلبه
ًّ
ويشمله برعايته إذا تعامل معه؛ ألن في كل هذه المواقف ما يحبه
هللا ،أوما يكرهه.
.2العاطفة
فالمسلم الملتزم يتعامل مع كل شيء يشاهده
أو يحسه بعاطفة إسالمية تقوم على أساس
العالقة باهلل؛ فهو يحب ويكره هلل ،ويقترب
من اآلخرين أو يبتعد عنهم على أساس
عالقتهم باهلل.
.2العاطفة
ضا بأنها عاطفة إنسانية
وتتميز العاطفة اإلسالمية أي ًّ
نبيلة ،تقوم على أساس من رشد العقل واتجاه المعتقد
واستقامة الخط واتزان االنفعال..
فالمسلم يحب في هللا ،ويبغض في هللا؛ وهو خصب
العاطفة ،يقِظ الوجدان ،سليم االتجاه ،م َّتزن االنفعال؛
وهذا هو المطلوب في الشخصية اإلدارية.
.2العاطفة
َ
طريق العاطفة ،ورسم لها مسار
قد أوضح القرآن الكريم
اس
التعبير عن شحناتها النفسية ،فقال تعالىَ { :و ِمنَ ال َّن ِ
ُ
د
ِن
م
ذ
َمن َي َّت ِخ
هللا َوا َّل ِذينَ
هللا أَ ْندَادًّا ُي ِح ُّبو َن ُه ْم َك ُح ِّب ِ
ُون ِ
ِ
آ َم ُنوا أَ َ
اب
ش ُّد ُح ًّبا ِ
هلل َو َل ْو َي َرى ا َّل ِذينَ َظ َل ُموا إِ ْذ َي َر ْونَ ا ْل َع َذ َ
َ
َ
ُ
َ
ْ
هللا َ
شدِي ُد ا ْل َع َذا ِ
ب} كما قال تعالى:
أ
و
ا
ِيع
م
ج
هلل
ة
و
ق
ل
ا
أ
نَّ
نَّ
ِ
َ
ًّ
َ
َّ
َ
هللا َل ْو ُيطِ ي ُع ُك ْم فِي َكثِير ِّمنَ
سول َ ِ
اع َل ُموا أَنَّ فِي ُك ْم َر ُ
{ َو ْ
وب ُك ْم
ْ
األم ِر َل َع ِن ُّت ْم َو َل ِكنَّ َ
هللا َح َّب َب إِ َل ْي ُك ُم اإليمانَ َو َز َّي َن ُه فِي قُلُ ِ
س َ
ِص َيانَ أُو َل ِئ َك ُه ُم
وق َوا ْلع ْ
َو َك َّر َه إِ َل ْي ُك ُم ا ْل ُك ْف َر َوا ْلفُ ُ
الراشِ دُونَ }
َّ
.2العاطفة
فهاتان اآليتان الكريمتان رسمتا طريق العاطفة اإلسالمية،
وأكدتا للمسلم أن حبه حب هلل؛ وهو حب صادق شديد
اإلخالص ،يدله على حب الخير واستحسانه ،وكراهية الشر
والفساد وأهله ،كما أن هذا الحب والكره ال يقوم على أساس
ميل انفعالي تافه ،وال يصد عن شطط نفسي عائم ،بل يتحدد
وفق خط واضح ،ويلتزم بمقياس دقيق.
.2العاطفة
المسلم يحب كل ما أحبه هللا ،ويبغض كل ما أبغضه هللا،
من غير أن يخضع هذا الحب والكره النفعاالته النفسية ،أو
الندفاعاته التي ال تستطيع التمييز بين الخير والشر في
حاالت طغيان األنانية ،أو سيطرة الرضا والغضب ،أو
رجحان الربح والخسارة الذاتية الضيقة ،أو الحسابات
اآلنية العاجلة.
لذا فإن القرآن ربط عواطف اإلنسان المسلم بمسار
ليسير بعواطفه على ِّ
خط
عقائدي وبقيادة عقلية واعية؛
َ
ًّ
وحبا
العقيدة الواضح ،ويسقيها وين ِّميها بحرارة اإليمان
ًّ
هلل ،فتغدو ًّ
واعية متدفقة.
حية
.3اإلرادة الملتزمة
ويقصد بها:
اإلرادة القوية القادرة على االختيار..
والمتمكنة من القبول والرفض..
ِو ْفق مقاييس وأحكام واضحة نيرة.
.3اإلرادة الملتزمة
وباإلرادة:
يسيطر المسلم اإلداري الملتزم على كل أطراف
شخصيته.
ويقودها وفق منهج حياتي ملتزم.
يستطيع أن يمتنع عن فعل الحرام.
يستطيع أن يصبر على المحن ويتحمل الشدائد
وعظائم األمور.
يستطيع أن يتح َّمل مسئوليته في الحياة.
ويؤدي واجبه مهما يكن ًّ
شاقا وثقيالًّ.
.3اإلرادة الملتزمة
أما الشخصية الفاقدة لإلرادة...
فشخصية هُالمية...
مائعة...
قلقة...
متأرجحة؛
ألنها ال تمتلك قوة اإلرادة ،و ال وحدة الهدف.
.4المقياس اإليماني للسلوك
سا واض ًّحا
فالشخصية اإلسالمية تمتلك مقيا ًّ
للسلوك هو مرضاة هللا سبحانه ،وفي ذلك ُروي أن
رسول هللا -صلى هللا عليه وسلم -قال" :إذا هممت
بأمر فتدبر عاقب َته ،فإن َي ُك راشدًّا فامضه ،وإن َي ُك
ًّ
غيا فا ْن َت ِه".
.4المقياس اإليماني للسلوك
ًّ
عشوائيا غير
فالمسلم الملتزم ال يسلك سلو ًّكا
موزون ،بل يضع كل فعل وموقف في ميزان
األعمال قبل أن ُيقدم عليه ،فإن وجد عمالًّ متطاب ًّقا
مع مرضاة هللا ،م َّتس ًّقا مع منهج الحق والخير...
أجاز لنفسه اإلقدام عليه ،والشروع في تنفيذه..
.4المقياس اإليماني للسلوك
ًّ
ضا مع هذه المقاييس،
أ َّما إن وجده شاذا متعار ًّ
بعيدًّا عن رضا هللا ،غير متطابق مع مبادئ الخير،
فإنه يعمد إلى إلغائه ،ويعلن رفضه واالنسحاب منه.
وهذا المقياس اإليماني الدقيق هو مقياس يستهدف
حب الخير من أجل أنه خير ،وصنع المعروف ًّ
حبا
في المعروف؛ تقر ًّبا من هللا ،وبح ًّثا عن رضاه بعي ًّدا
عن األنانية والنفعية والمادية.
ًّ
إداريا
مزايا الشخصية اإلسالمية الناجحة
.1االتجاه العقلي.
.2اإليجابية.
.3االلتزام.
.4التوجه المستمر نحو الكمال.
.5االتزان.
.6اإلحساس اإلنساني (يقظة الضمير والحس الوجداني).
.7النزعة القيادية.
.1االتجاه العقلي
تتميز الشخصية اإلسالمية اإلدارية بأنها شخصية
عقلية؛ أي يسيطر العقل فيها على كل تصرفات الفرد
وبواعثه ودوافعه وعواطفه وغرائزه وطريقة
تفكيره ...فللعقل مقام القيادة والتوجيه في الشخصية
واضحا في مجال السلوك
اإلسالمية؛ إذ يظهر أثره
ًّ
والعلوم والمعارف ...إلخ.
.1االتجاه العقلي
فسلوك المسلم ال يخضع لالندفاع الغريزي التائه ،وال
للميل األناني والهوى الشخصي الذي تضيع فيه قيم
الحق والعدل ،وتتالشى أمامه قواعد األخالق ...بل
يدور السلوك عنده -في امتداد أبعاده ،واختالف
مظاهره -حول مركز العقل ،ويتحرك على ضوء
إشارته وهدي صوته.
.1االتجاه العقلي
وقد ورد في الحديث":لما خلق هللا العقل استنطقه ،ثم قال له:
أقبل ،فأقبل ،ثم قال له :أدبر ،فأدبر ،ثم قال :وعزتي وجاللي ،ما
إلي منك ،وال أكملته إال فيمن أحب ،أما إني
خلقت خل ًّقا هو أحب َّ
إياك آمر ،وإياك أنهى وإياك أعاقب ،وإياك أثيب".
واضحا :في مجال السلوك والمواقف
وكما يظهر دور العقل
ًّ
واضحا في مجال العلوم والمعارف،
اإلنسانية ،يتجلى دوره كذلك
ًّ
ومناهج البحث والتحصيل العلمي في حياة المسلمين؛ فنظرة
المسلم إلى األشياء ،وفهمه وتفسيره لها ،ليس فه ًّما ًّ
ماديا صر ًّفا،
ًّ
متحجرا ،بل يجري هذا الفكر والتفسير بطريقة
حسيا
تفسيرا
وال
ًّ
ًّ
واعية ،تتجاوز حدود الحس والتجربة ،وتوسع آفاق المعرفة
والثقافة.
.2اإليجابية
المسلم اإلداري الملتزم إنسان إيجابي يعيش:
في حركة فكرية ونفسية وجسدية ب َّناءة
بعيدًّا عن السلوك التخريبي الهدام
ضا التحجر والجمود
راف ًّ
وال يرضى بالسلوك االنهزامي الذي يتهرب
من نشاطات الحياة أو يبتعد عن مواجهة
الصعاب.
.2اإليجابية
ألن اإلسالم يبني في المسلم الروح اإليجابية التي تؤهله
للعطاء ,وتنمي فيه القدرة على اإلنتاج واإلبداع :
بما يفتح له من آفاق التفكير والممارسة ،وبما يزوده به
ًّ
إنسانيا ناض ًّجا
من بناء ذاتي ،ودافع حركي ،ليعده إعدادًّا
لممارسة الحياة بالطريقة التي يرسمها ،ويخطط أبعادها
اإلسالم؛ ألن الحياة في نظر اإلسالم عمل وبناء وعطاء
وتنافس في الخيرات.
اس َت ِبقُوا ا ْل َخ ْي َرا ِ
ت}
قال تعالىَ { :ولِ ُكل ِو ْج َهة ه َُو ُم َو ِّلي َها َف ْ
.2اإليجابية
فقد دأب اإلسالم على جعل الحياة كلها مجاالًّ
مباحا
ًّ
لإلنسان يمارس فيها نشاطه ،ويستثمر فيها طاقته
وجهوده ،عدا ما حرم عليه من أشياء ضارة ،أو
ممارسات هدامة.
فالمسلم أينما توجه يجد المجال الرحب ،والمتسع الذي
يستوعب كل جهوده وطاقاته ونشاطه ،دون أن يجد
الزواجر السلبية ،أو يواجه النواهي التي تقتل قابليته
وطاقاته ،أو تشل وعيه وإرادته ،وبذا يبقى طاقة حية،
وقوة بناءة ،تسهم في تجسيد مضامين الخير ،وتشارك
في العطاء والعمل.
.2اإليجابية
وصدق أمير المؤمنين "علي بن أبي طالب" -كرم هللا وجهه-
وهو يصف هذه الشخصية بقوله" :فمن عالمة أحدهم :أنك
صا
ترى له قوة في دين ،وحز ًّما في لين ،وإيما ًّنا في يقين ،وحر ًّ
في علم ،وعل ًّما في حلم ،وقصدًّا في غنى ،وخشو ًّعا في عبادة،
وصبرا في شدة ،وطل ًّبا في حالل ،ونشا ًّطا في
وتجمالًّ في فاقة،
ًّ
وتحرجا عن طمع ،يعمل األعمال الصالحة وهو على
هدى،
ًّ
حذرا
وجل ،يمسي وهمه الشكر ،ويصبح وهمه الذكر ،يبيت
ًّ
فرحا بما أصاب من
حذرا لما حذر من الغفلة،
فرحا؛
ويصبح
ًّ
ًّ
ًّ
الفضل والرحمة ،إن استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها
سؤلها فيما تحب ،قرة عينه فيما ال يزول ،وزهادته فيما ال
يبقى ،يمزج الحلم بالعلم ،والقول بالعمل ،تراه قري ًّبا أمله ،قليالًّ
منزورا أكله ،سهالًّ أمره،
زللـه ،خاش ًّعا قلبه ،قانعة نفسه،
ًّ
ًّ
حريزا دينه ،ميتة شهوته ،مكظو ًّما غيظه،
.2اإليجابية
الخير منه مأمول ،والشر منه مأمون ،إن كان في الغافلين،
كتب في الذاكرين ،وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين،
يعفو عمن ظلمه ،ويعطي من حرمه ،ويصل من قطعه ،بعي ًّدا
حاضرا معروفه ،مقبالًّ خيره،
فحشه ،لي ًّنا قوله ،غائ ًّبا منكره،
ًّ
مدبرا شره ،في الزالزل وقور ،وفي المكاره صبور ،وفي
ًّ
الرخاء شكور ،ال يحيف على من يبغض ،وال يأثم فيمن يحب
حب األلقاب ،وال يضار بالجار ،وال يشمت بالمصائب وال يدخل
في الباطل ،وال يخرج من الحق ،إن صمت لم يغمه صمته،
وإن ضحك لم يعل صوته ،وإن ُبغي عليه صبر ،حتى يكون هللا
هو الذي ينتقم له ،نفسه منه في عناء ،والناس منه في راحة،
أتعب نفسه آلخرته ،وأراح الناس من نفسهُ ،ب ْعده عمن تباعد
عنه زهد ونزاهة ،ودونه ممن دنا منه لين ورحمة ،ليس
تباعد بكبر وعظمة ،وال دنوه بمكر وخديعة" (نهج البالغة)
.3االلتزام
يبني اإلسالم شخصية المسلم على أساس وحدة فكرية
وسلوكية وعاطفية متماسكة ،بحيث تقوم هذه الشخصية على
أساس من التنسيق والتوافق الفكري والعاطفي والسلوكي
الملتزم ،الذي ال يعرف التناقض وال الشذوذ؛ لينسحب هذا
االلتزام على كل مواقف اإلنسان وأنماط سلوكه ونشاطه،
الفردي واالجتماعي ،فاألديب المسلم والمفكر والفنان
والمثقف والعالم ...إلخ
كل واحد منهم يخضع ممارسته ونشاطاته لقواعد اإلسالم
وقِ َيمِه ،ويسهم في بناء الحضارة اإلسالمية بتوافق وانسجام
تام مع الخط الحضاري اإليماني العام ،تما ًّما كما يفعل رجل
المال واالقتصاد ،والعامل المنتج ،والسياسي القائد ...إلخ.
.3االلتزام
فكل واحد من هؤالء يخضع سلوكه لمقاييس وقيم
وموازين ثابتة لديه ،بحيث تأتي كلها وفق الخط
اإلسالمي الواضح ،تما ًّما كما ينسحب هذا االلتزام على
الممارسة اليومية في العبادات واألخالق والعالقات
الفردية المتعددة ...إلخ.
.3االلتزام
وهكذا ،فإن الشخصية اإلسالمية اإلدارية الملتزمة تفرز
دو ًّما وحدة سلوكية وفكرية وعاطفية متماسكة متكاملة،
دونما ثغرة أو تناقض أو انحراف ،بحيث تنكشف هذه
الجهود الفردية ضمن إطار التنظيم االجتماعي العام
لتشييد الهيكل الحضاري وصنع صيغة التاريخ وصور
الحياة ،فالكل يعمل ويؤدي دوره ضمن خارطة بناء
اجتماعي وعقائدي متكاملة متناسقة ،كما تنسق عامالت
النحل جهودها لبناء خليتها وفق شكل هندسي متكامل.
.4التوجه المستمر نحو الكمال
للشخصية اإلسالمية مثل أعلى ،وقيم عليا رائدة في
الحياة ،تتمثل في تصور اإلنسان المسلم لقيم الخير
والكمال البشري الذي تحقق مجسدًّا في القوة الفذة
الرسول -صلى هللا عليه وسلم -وصحابته الكرام.
س َنة ِّل َمنْ
ول ِ
هللا أ ُ ْس َوة َح َ
قال تعالىَ { :ل َقدْ َكانَ َل ُك ْم فِي َر ُ
س ِ
َ
َ
َ
ِيرا }
ر
ك
ذ
و
ِر
خ
هللا َوا ْل َي ْو َم اآل
هللا َكث ًّ
َ
َ
َ
َ
َكانَ َي ْر ُجو َ
.4التوجه المستمر نحو الكمال
فالشخصية اإلسالمية:
* تنزع دو ًّما إلى الوصول إلى هذا المثل اإلنساني
األعلى.
* وتبرمج مسيرتها ،وتصحح مواقفها على ضوء هذا
المقياس.
* وهي تجد قبل هذا المثل اإلنساني الحي ،فكرة الكمال
اإللهي المتسامي.
* وتعرف صفات الخالق العظيم ،المتصف بالخير
والكمال المطلق ،من العدل والرحمة والصدق والكرم
والحلم والعلم والشفقة والسالم.
.4التوجه المستمر نحو الكمال
فتكون تلك الصفات محبوبة لدى المسلم؛ ألنها صفات
معبوده ،فهو دو ًّما يتجه نحوها ،وينزع إلى االتصاف بما
يالئم إنسانيته من معانيها؛ أمالًّ في تحقيق مرضاة هللا،
وسع ًّيا وراء الكمال الذي يوصله إلى النعيم والفردوس.
.5االتزان
من مميزات الشخصية اإلسالمية أنها شخصية متزنة
ال يطغى عليها التفكير المادي ،وال االنحراف الفكري
المتأتي من سيولة العقل ،وامتداده الالمعقول ،كما ال
يطغى جانب من الميول والنوازع على بقية قوى
اإلنسان ودوافعه.
فالمسلم يطلب الدنيا ويسعى لآلخرة ،ويستمتع بلذات
الحياة ويستعد لعالم الجزاء ،ويعمل ويفكر وينتج،
بحيث يمأل كل جوانب الحياة عطا ًّء ونشا ًّطا.
.5االتزان
هو حينما يمارس ذلك ضمن مفهوم روحي ،وتفكير إيجابي،
ال يفصل بين الدنيا واآلخرة ،بل يوحد بينهما ،ويربط بين
أبعادهما ،كما يربط بين السبب ونتيجته ,مستله ًّما تلك
الروح من وحي القرآن وتوجيههَ { :وا ْب َت ِغ فِي َما آ َتا َك هللاُ
سنَ
نس َنصِ ي َب َك ِمنَ ال ُّد ْن َيا َوأَ ْحسِ نْ َك َما أَ ْح َ
الدَّار اآلَخ َِر َة َوالَ َت َ
َ
َ
ِب
إ
ض
ر
سادَ فِي األ
نَّ
ِ
هللا الَ ُيح ُّ
ْ
هللاُ إِ َل ْي َك َوالَ َت ْب ِغ ا ْل َف َ
َ
ِ
ا ْل ُم ْفسِ ِدينَ }
فهو دو ًّما شخصية متزنة ،يشبع كل جانب ،ويعطي كل
شيء حقه ،ال يفرط في شيء وال يتعدى الحد المعقول في
استعمال أي شيء.
.5االتزان
إذا أحب أحد كان معتدالًّ ،وإذا أبغض أو غضب أو عاقب
كان معتدالًّ ،وإذا أكل أو شرب أو أنفق كان معتدالًّ .قال
تعالىَ { :وإِنْ َعا َق ْب ُت ْم َف َعاقِ ُبوا ِب ِم ْث ِل َما ُعوقِ ْب ُت ْم ِب ِه َو َل ِئنْ
ابرينَ } وقال سبحانهَ { :وا َّل ِذينَ إِ َذا
ص َب ْر ُت ْم َل ُه َو َخ ْير ِّلل َّ
َ
ص ِ
أَ ْن َفقُوا َل ْم ُي ْس ِرفُوا َو َل ْم َي ْق ُت ُروا َو َكانَ َب ْينَ َذلِ َك َق َوا ًّما} وقال
تعالىَ { :يا َبنِي آدَ َم ُخ ُذوا ِزي َن َت ُك ْم ِع ْن َد ُكل ِّ َم ْس ِجد و ُكلُوا
َوا ْ
ِب ا ْل ُم ْس ِرفِينَ } .
ش َر ُبوا َوالَ ُت ْس ِرفُوا إِ َّن ُه الَ ُيح ُّ
.5االتزان
فالمسلم اإلداري حينما يأكل ويشرب ويتزوج ،ويحب
ويكره ،ويغضب ويعاقب ،ويتكلم ويتعب وينام ،وينفق
ويتعبد ويزهد ،ويستمتع بالملذات ،ويتعامل مع اآلخرين...
جميعا وفق منطق االعتدال
إلخ؛ إنما يمارس هذه األفعال
ًّ
واالتزان الذي يسيطر على نظام الحياة ،ويتحكم في مسيرة
الوجود من غير إسراف وال إفراط أو تفريط..
انطال ًّقا من اإليمان بأن االعتدال هو منطق الوجود؛ وهو
قانون الحياة التي انتظمت أبعادها ومسيرتها على أساسه،
وأن الخروج على هذا القانون الكوني العام يعرض
الشخصية لالهتزاز واالضطراب ،ويقود وجود اإلنسان
بكامل أبعاده الجسمية والروحية والنفسية إلى االنهيار
والشذوذ.
.6اإلحساس الذاتي :يقظة الضمير والحس الوجداني
تمتاز الشخصية اإلسالمية بأنها شخصية تتمتع
بحس إنساني يقظ ،وضمير متفتح ،يميل دو ًّما
إلى التعاطف والرحمة ،وينفر من القسوة
والشدة.
.6اإلحساس الذاتي :يقظة الضمير والحس الوجداني
فالمسلم الملتزم شديد اإلحساس والمشاركة الوجدانية ،رقيق
القلب ،متفتح العاطفة؛ لذلك فهو سريع التفاعل والتعاون في
مجاالت البر واإلحسان إلى اآلخرين ...يخف إلى إنقاذهم في
شدائدهم ،ويهب إلى مواساتهم في محنهم ،ويشاطرهم في
أفراحهم ،ال يقسوا وال يجفوا ،مستوح ًّيا هذه الروح من مواقف
ضا أن يكون من أولئك القساة الجفاة الذين ال
القرآن الكريم ،راف ًّ
ُيؤلفون ،وال يألفون أحدًّا ،وال ترق قلوبهم ،وال يحسون بإحساس
اآلخرين ،وال يشاركونهم في أفراحهم ،وال يشاطرونهم
أحزانهم ...أولئك الذين ماتت العواطف اإلنسانية النبيلة في
س ْت
نفوسهم ،وأجدبت من معاني الخير حياتهم.قال تعالىُ { :ث َّم َق َ
ار ِة أَ ْو أَ َ
ش ُّد َق ْس َو ًّة }
قُلُو ُب ُكم ِّمن َب ْع ِد َذلِ َك َف ِه َي َكا ْلح َِج َ
.6اإلحساس الذاتي :يقظة الضمير والحس الوجداني
ويأتي اهتمام اإلسالم بتربية الضمير ،وتنمية الحس الوجداني
نتيجة إليمانه بأن الضمير الحي والحس الوجداني المرهف هو
الطريق إلى التفاعل والترابط البشري السليم ،وهو القاعدة
النفسية التي تشاد عليها أسس العالقات والروابط اإلنسانية.
وقد حثت األحاديث والروايات المتعددة على ذلك ،وحببته
وزينته بقدر ما كرهت القسوة ،ولعل من أبرز مظاهر يقظة
الضمير ،مظهر اإلحساس بالذنب والشعور بالخطيئة ،ومحاسبة
النفس عليها؛ تمهيدًّا لرفضها واإلنابة منها ،والتوبة من العودة
إليها.
كما تتجلى هذه الظاهرة بأسمى صورها في شخصية المسلم،
عندما تعيش بوعيه وإحساسه كأرقى ما تكون صور الحس
واليقظة الوجدانية.
.7النزعة القيادية
يشعر المسلم صاحب الشخصية دو ًّما بأن على عاتقه
مسئولية رسالة كبرى ،ودرور تاريخي مهم يجب عليه أن
ينهض به ويؤديه.
وهذا الدور هو :إصالح البشرية وهدايتها وقيادتها نحو
شاطئ العدل والسالم.
فهو يؤمن دو ًّما :بأنه داعية خير ،ورائد إصالح ،ومتمم
لمسيرة األنبياء في تبليغ رسالة اإليمان وإنقاذ البشرية.
.7النزعة القيادية
لذا فهو:
ال يقنع من نفسه بإصالح نفسه فقط..
وال يقر اللجوء إلى االنكماش والعزلة واالبتعاد
عن أوضاع مجتمعه وعالمه..
وال يرضى بأن يكون مقودًّا بغير قيادة اإليمان..
وال يعترف بتسليم قيادة البشرية أليد ال تعرف
معنى اإلصالح ،وال تفكير الخير ،وال يعنيها في أي
هاوية سقطت البشرية.
.7النزعة القيادية
وهذا النزوع القيادي يربيه القرآن الكريم في نفس المسلم،
ويحثه عليه ،كما في قوله تعالىَ { :و َك َذلِ َك َج َع ْل َنا ُك ْم أ ُ َّم ًّة
ًّ
َ
ِّ
َّ
ُ
ُ
ُ
َ
سول ُ َع َل ْي ُك ْم
ا
ن
ال
ى
ل
ع
ء
َا
د
ه
ش
وا
ن
و
ك
ت
ل
ا
ط
س
الر ُ
س َو َي ُكونَ َّ
َ
َ
َ
َو َ
ِ
َ
َب َل َنا ِمنْ
ش ِهيدًّا} ،وقال تعالىَ { :وا َّلذِينَ َيقُولُونَ َر َّب َنا ه ْ
اج َع ْل َنا لِ ْل ُم َّتقِينَ إِ َما ًّما} .
أَ ْز َوا ِج َنا َو ُذ ِّر َّيا ِت َنا قُ َّر َة أَ ْع ُين َو ْ
فالقرآن هنا ،وفي اآلية األولى ،خاطب المسلمين ونبيهم
بأنهم الشهداء على الناس يوم القيامة؛ ألنهم هم الدعاة،
وهم المبلغون لرسالة اإليمان ،وهم القادة إلى الخير.
وفي اآلية الثانية ،يسوق أهداف اإلنسان المؤمن القيادية
اج َع ْل َنا لِ ْل ُم َّتقِينَ إِ َما ًّما}؛ أي اجعلنا
لصيغة الدعاء فيقولَ { :و ْ
قادة لإليمان والتقوى والخير والصالح.
السلوك ودوره في تنمية الشخصية
يعتبر السلوك المظهر المجسد لمحتوى
الشخصية ،واللسان المعبر عن هويتها
عنصرا من عناصر
وحقيقتها ،والسلوك ليس
ًّ
الشخصية ،بل هو الوجه الخارجي
للشخصية واالنعكاس الطبيعي والظل
العملي لها.
السلوك ودوره في تنمية الشخصية
وتتميز الشخصية اإلسالمية بسمات سلوكية
إنسانية معينة تختلف كل االختالف عن سلوكية
الشخصية غير اإلسالمية؛ ألنها تختلف عنها في
الدوافع والمحفزات والغايات واألهداف..
فينتج عن هذا االختالف ،اختالف في طبيعة
السلوك ،ونوعية المواقف والممارسات؛ لذا فإننا
واضحا بين سلوك المسلم الملتزم،
نشاهد التباين
ًّ
وغيره من الشخصيات األخرى في موقفه من
قضية معينة أو تقويمه لها.
السلوك ودوره في تنمية الشخصية
فالعامل المسلم ،أو رجل األعمال المسلم الملتزم ،أو اإلداري
المسلم مثالًّ ،حينما ُيمارس عمله فإنه يخلص فيه ،وينميه على
أكمل وجه ،من حيث الدقة واالتقان ،وهو يفعل ذلك؛ ألنه يؤمن
بأن اإلخالص في العمل واجب مقدس ،ووجوبه متأت من كونه
خيرا ُيحبه هللا سبحانه فهو يحققه ح ًّبا بالخير ،وبح ًّثا عن رضا هللا
ًّ
سبحانه وتعالى ،وأدا ًّء لواجبه أمام خالقه.
بعكس الشخصية غير اإلسالمية ،فإن صاحبها ال يهمه اإلخالص
في العمل كقضية أخالقية واجبة بذاتها ،بل هو ُيحافظ عليها إذا
التفوق والمنافسة وج ْلب العمالء ،أو
دعت الضرورة؛ من أجل
ُّ
تحقيق ربح مادِّ ي أكبر ،ولوال الخطر على بضاعته وإنتاجه لما
ألزم نفسه باإلتقان واإلخالص.
السلوك ودوره في تنمية الشخصية
ِف أمام قضية سياسية ويجد نفسه
والسياسي المسلم حينما يق ُ
قادرا على كسب الموقف فيها عن طريق الغدر أو الخديعة،
ًّ
وتوريط اآلخرين فإنه ال يقدم على ذلك برغم هذه القدرة وبرغم
قدرته على تحقيق ما كان يصبو إليه ،بل يتر َّفع ويتو َّرع ،بعكس
ًّ
ًّ
وعبقرية
حنكة ،ودها ًّء،
السياسي اآلخر ،فإ َّنه يعتبر هذا األسلوب
ًّ
ًّ
ًّ
سانحة لتحقيق أهدافه.
وفرصة
سياسية،
والواقع أن الشخصية في جميع عناصرها ،وتعدد مقوماتها
هي :
* اليد التي ترسم على لوحة الواقع صيغة السلوك.
* وهي الشخص الذي تظهر صورته سلو ًّكا على مرآة الحياة.
السلوك ودوره في تنمية الشخصية
وهكذا نفهم أن السلوك هو:
صياغة التشكيل الخارجي لمحتوى الشخصية
ومضمونها الباطن ...قال تعالى{ :إِنَّ فِي
َ
َ
َ
ْ
الس ْم َع
ى
ق
ل
أ
و
َّ
َذلِ َك َلذ ِْك َرى لِ َمنْ َكانَ َل ُه َق ْلب أ ْ
َوه َُو َ
ش ِهيد} .
إن بنا ُء الشخصية -طب ًّقا للشخصية اإلسالمية -يتطلب منك
أن تكون صاحب فكر ،أي:
صاحب فكر مستنير وقوي.
تمتلك عقيدة قوية.
فكرا سلي ًّما ،وتسلك على أساسه سلو ًّكا سو ًّيا.
تحمل ًّ
صاحب عاطفة إنسانية نبيلة نق َّية من أي انحراف
ومتزنة.
مالِ ًّكا إلرادة قوية تسير ِو ْف ًّقا لمنهج ملتزم؛ حيث الصبر
وتحمل الشدائد.
لدي َك مقياس (ترمومتر) تقيس به درجة سلوكياتك.
وعندها ستكون صاحب شخصية :ذات عقلية واضحة..
إيجابية ..ملتزمة ..سائرة باستمرار نحو األفضل..
م َّتزنة ..قيادية.
وإن لم تفعل ذلك وجدت نفسك صاحب شخصية :ضعيفة..
شاعرة بالنقص باستمرار ..خائفة ..فاقدة لالتزان ..ال
تنسجم مع البيئة المحيطة ..ومزدوجة الشخصية؛ نتيجة
الجهل وعدم وضوح األفكار لديها.
أخيرا
ًّ
لماذا عليك أن تبدأ في االهتمام
بشخصيتك لتنميها؟!!!
ألسباب كثيرة :منها الواقع العالمي المعاصر؛
حيث تجد الفرد الخالي من الشخصية القوية
األصيلة غري ًّبا معزوالًّ عن نفسه وعن اآلخرين.
ويفقد بسبب ذلك الكثير ،بد ًّءا من نفسه وحتى
المحيطين به من مرؤسيه وزمالئه ومديريه.
أخيرا
ًّ
لماذا عليك أن تبدأ في االهتمام
بشخصيتك لتنميها؟!!!
والواقع أن خالص أي إنسان مما هو فيه من
مشكالت ،وأزمات ال يكون إال:
* بالنمو الروحي والعقلي.
* وتحسين ذاته وإدارتها على نحو أفضل.
وأفضل شيء يتم من خالله ما سبق هو تربية
وتنمية الشخصية طب ًّقا للشخصية اإلسالمية.
أخيرا
ًّ
لماذا عليك أن تبدأ في االهتمام
بشخصيتك لتنميها؟!!!
إن تنمية الشخصية ال تحتاج إلى مال وال إمكانات وال
فكر معقد ،وإنما تكمن الحاجة في اإلرادة الصلبة
والعزيمة القوية.
ولقد تعلمنا من تجارب السابقين -أم ًّما وشعو ًّبا
وأفرادًّا -أن أفضل وسيلة لمواجهة الخارج
وضغوطه الصعبة هي تدعيم الداخل وإصالح الذات
واكتساب عادات جديدة ثم يأتي بعد ذلك النصر
والتمكين.
ال تنس
هدفك األسمى :أي الهدف األعلى الذي يسمو فوق
المصالح المادية والغايات الدنيوية ،فال تغرق في
التفاصيل وتعقيداتها فيجعل هذا إحساسنا وشعورنا للهدف
ضعي ًّفا ،فال تصل إلى المستوى المطلوب لتنمية الذات.
االقتناع بضرورة التغيير :الوضع الحالي حتى وهو جيد
أو مقبول البد فيه من التفوق على الذات والتغلب على
الصعاب وتحسين الجيد إلى ممتاز ،وسوف تجد التحسين
أمامك فتمسك به مهما كانت ظروفك.
ال تنس
الشعور بالمسئولية :إذا ما استشعرت حجم المسئولية
الملقاة على عاتقك واألمانة التي في جيدك ،فسوف تبادر
ألدائها؛ ألن هللا عز وجل سيسألك عنها ،فإذا ما كنت
(قز ًّما) في مواجهة المسئولية فسوف يتبلد إحساسك،
وتكون مثل كل الباقين ،فإذا كنت تريد ذلك فأنت وشأنك!..
وإن كنت تريد الشخصية اإلدارية الحقيقية فانهض
وانفض عنك غبار الكسل.
ال تنس
أن تكن صاحب إرادة صلبة وعزيمة قوية :هذا شرط أساسي
لتنمية الشخصية اإلدارية الصلبة والعزيمة القوية ..ألم تر
مسابقات المعاقين؟ وكيف ينجحون بإصرار في تحقيق ذاتهم؟ ألم
تشاهد البطل المصري المعاق ،وهو يعبر (المانش) من إنجلترا
إلى فرنسا في ظروف صعبة؟ أال ترى الرياضي وهو يواصل
التدريب باستمرار للوصول إلى المستوى الذي يأمله؟ بماذا
يحققون رؤياهم وأحالمهم؟ باإلرادة الصلبة والعزيمة القوية...
فاالختيار عندك:
(1إما الخنوع والسلبية واالتباع للغير
(2وإما القوة اإليجابية وقيادة الغير.
واآلن
تمحور حول مبدأ ...فالمبادئ هي فقط الباقية ،والذي
يخسر مبادئه يخسر ذاته ،ومن يخسر ذاته ال يصح أن
ُيقال إنه كسب بعد ذلك شي ًّئا.
حافظ على الشمول والتكامل في بناء شخصيتك ،فال تأخذ
شي ًّئا وتترك آخر ،وال تنجذب نحو محور من المحاور
وتترك الباقي.
التزم في بداية تنمية شخصيتك بالخصال الطيبة،
وروض نفسك على االلتزام بها خطو ًّة خطو ًّة.
ِّ
إذا ما كانت طبيعة عملك تستلزم تعامالًّ مع الناس فاصبر
عليهم ،وتح َّمل األذى حتى تعتاد الصبر وتتح َّلى به.
واآلن
انتهز الفرصة واستثمرها طالما أنها هي األحسن ،فأنت
ال تدري ما الذي سوف يحدث غدًّا ،وباشر ما هو ممكن
اآلن ،وال تنشغل باألبواب التي أُغلقت.
ابدأ مع اآلخرين من عندك ،فالكل يطلب من اآلخرين أن
يقدروا ظروفه وأوضاعه ،وأن يشعروا بشعوره ،وقليل
من الناس َمن يطلب هذا الطلب من نفسه -أي يقدر
ظروف اآلخرين ويشعر بشعورهم -فكن أنت من القلة
التي تسعى نحو الناس ،وليكن شعارك:
"البداية عندي"
واآلن
انت ِهز الفُ َرص إلبداء التقدير والمجامالت لمن
حولك ،والعون في وقت األزمات ،واصفح عن
زالت من أخطأ منهم تجاهك ،فهذا له تأثير عميق
في النفس البشرية سينعكس عليك منهم...
وسيفيدك
كثيرا.
ًّ
واآلن
اختر زميالًّ لك لتستند إليه في المل َّمات ،وليعينك
وقت الشدة ولت ُب ْح له بما في نفسك ،فاإلنسان
يحتاج في حياته دائ ًّما إلى صديق يكون له ز ًّ
ينة في
ًّ
وعصمة له من البالء ،فلقاء هذا الزميل
الرخاء،
ُيزيل عنك األحزان ،وتذكر دائ ًّما...
أن المرء قليل بنفسه كثير بمن حوله،
والغريب هو الذي ليس له حبيب.
واآلن
سك ألن تعمل ضمن فريق ،فنحن نعيش في
أهِّل نف َ
عالم المجموعات إلنجاز األعمال ،فالعمل أصبح
معقدًّا ،والبد من ارتفاع مستوى األداء واإلنتاج في
العمل ،ولن يتم هذا العمل إال...
بالعمل الجماعي .
وحتى إن كنت تجيد فن العمل الفردي فالبد من
حسن االستماع واإلصغاء لوجهة نظر اآلخرين.
فهم طبيعة العمل ودورك فيه.
فهم الخلفية النفسية والثقافية ألفراد المجموعة التي
تتعاون معها.
احرص على استشارة أفراد المجموعة في كل جزئية
في العمل المشترك التي تحتاج إلى قرار.
االعتراف بالخطأ ومحاولة التعلم منه.
وحتى إن كنت تجيد فن العمل الفردي فالبد من
عدم اإلقدام على أي تصرف يجعل زمال َءك ُيسيئون فهمه.
عدم إفشاء أسرار العمل أو التحدث عن أشياء ليست من
اختصاصك.
المبادرة لتصحيح أي خطأ يصدر من أي فرد من أفراد
المجموعة ِو ْفق آداب النصيحة.
تح َّمل ما يحدث من تجاوزات وإساءات من األفراد.
وفي النهاية
اسع لمرضاة هللا عز وجل دائ ًّما.
استحضر النية الصالحة في عملك.
النجاح البد أن يكون داخل نفسك أوالًّ.
ليكن لك دائ ًّما أهداف مرحلية قصيرة.
أخضِ ع دوافعك لمبادئك.
دافع عن الغائبين.
طور مهار ًّة لك كل َّ عام.
ِّ