التربية االسالمية التعريف لغة و التعريف إصطالحا مصادر التربية اإلسالمية خصائص التربية اإلسالمية تحديات التربية اإلسالميــة

Download Report

Transcript التربية االسالمية التعريف لغة و التعريف إصطالحا مصادر التربية اإلسالمية خصائص التربية اإلسالمية تحديات التربية اإلسالميــة

‫التربية االسالمية‬
‫التعريف لغة‬
‫و‬
‫التعريف إصطالحا‬
‫مصادر التربية اإلسالمية‬
‫خصائص التربية اإلسالمية‬
‫تحديات التربية اإلسالميــة‬
‫طرق تدريس العلوم الشرعية‬
‫طرق تدريس القران الكريم‬
‫طرق تدريس الحديث‬
‫طرق تدريس الفقه‬
‫طرق تدريس التوحيد‬
‫طرق تدريس التفسير‬
‫التربية‬
‫التربية‬
‫العلوم‬
‫اإلسالمية الشرعية‬
‫ثانيا ً ‪ :‬مصادر التربية اإلسالمية ‪.‬‬
‫للتربية اإلسالمية مصدران أساسيان هما‪:‬القران الكريم و‬
‫السنة النبوية‪.‬‬
‫(أ)عرف القران الكريم بأنة (كالم هللا تعالى المنزل عن طريق‬
‫الوحي باللفظ العربي المعجز بلفظه ومعناه على محمد‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ,‬المتحدى بأقصر سورة منه‪,‬المنقول‬
‫إلينا بالتواتر في الصدور والسطور‪,‬المتعبد بتالوته المبدوء‬
‫بسورة الفاتحة المختوم بسورة الناس)‪.‬‬
‫فهو كالم هللا عز وجل الذي نزل به أمين الوحي جبريل على‬
‫سيد المرسلين ‪,‬والذي تكفل هللا بحفظه في السطور و‬
‫الصدور ليتعبد به الموحدون ويتحدى به العالمين ‪.‬‬
‫والقران الكريم هو روح التربية اإلسالمية‪ ,‬وينبوعها‬
‫الصافي الذي ال تكدره األيام‪.‬فهو الذي يمد هذه التربية‪:‬‬
‫‪ _1‬بالعقائد اإلسالمية التي يجب أن يؤمن بها كل مسلم‪,‬من‬
‫أيمان باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم األخر‪.‬‬
‫قال تعالى‪( :‬آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل‬
‫آمن باهلل ومالئكته وكتبه ورسله ال نفر ق بين أحد من‬
‫رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)‪.‬‬
‫‪_2‬األخالق الفاضلة التي تهذب النفوس‪,‬وتصلح من شأن‬
‫الفرد و الجماعة وتحذر من األخالق السيئة التي تودي‬
‫بمعاني اإلنسانية الفاضلة‪.‬‬
‫‪_3‬قصص األولين أفرادا وأمما‪,‬وقد أورد القرآن من‬
‫ذلك الكثير مما يثير االعتبار واالتعاظ‪,‬ويرشد إلى‬
‫سنن هللا في معاملة خلقه الصالحين منهم والمفسدين‪.‬‬
‫‪_4‬األحكام العملية التي وضعها‪,‬أو وضع أصولها وكلفنا‬
‫أتباعها في تنظيم عالقتنا باهلل سبحانه وتعالى‬
‫‪,‬وعالقتنا ببعضنا البعض‪.‬‬
‫‪_5‬اإلرشاد إلى النظر والتدبر في ملكوت السموات‬
‫واألرض‪,‬وما خلق هللا من شىء لنعرف أسرار هللا في‬
‫كونه وإبداعه في خلقه فتمتلىء القلوب إيمانا‬
‫بعظمته‪.‬‬
‫‪_6‬االسترشاد بما جاء فيه أيضا من أساليب تربويه تساهم في‬
‫العملية التعليمية كإثارة أذهان وانفعاالت المتعلمين‪,‬ومراعاة‬
‫ما بينهم من فروق فرديه‪ ,‬والتعزيز والتدرج في التعليم‬
‫وربط التعليم بالمهنة‪,‬وربطه باألحداث الجارية‪ ,‬واستخدام‬
‫وسائل اتصال غير لفظيه ‪,‬والرفق مع المتعلمين والتقويم‬
‫المستمر‪.‬‬
‫‪_7‬االسترشاد بما جاء فيه أيضا من أساليب تعليمية كأسلوب‬
‫القصة‪,‬والقدوه وضرب المثل ‪,‬والترغيب والترهيب‪,‬والتجربة‬
‫العملية‪.‬‬
‫فالقرآن الكريم هو المصدر األول الذي يغذي التربية اإلسالمية‬
‫ويوجهها‪,‬ويعطيها القوة باستمرار‪,‬فال وجود لها بدونه ‪.‬‬
‫(ب)السنة النبوية‪:‬‬
‫وإذا كان القرآن الكريم هو المصدر األول‬
‫للتربية اإلسالمية‪ ,‬فإن السنة النبوية هي‬
‫المصدر الثاني المتمم لهذا المصدر ‪ ,‬فهي‬
‫تشكل مع القرآن الكريم المصدرين‬
‫األساسيين للتربية اإلسالمية‪.‬‬
‫والسنة النبوية بالنسبة للقرآن الكريم على‬
‫ثالثة أوجه ‪:‬‬
‫‪_1‬تبين مبهمة ‪ ,‬وتفصل مجملة‪ ,‬وتخصص‬
‫عمومه‪,‬كما أنها تبين الناسخ من المنسوخ عند‬
‫الجمهور الذين يرون جواز نسخ بعض أحكام‬
‫القرآن الكريم‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك بيان السنة للصالة والزكاة‪.‬‬
‫‪_2‬أنها تزيد على فرائض تثبت أصولها في القرآن‬
‫الكريم بأن تأتي بأحكام زائدة مكملة لهذه‬
‫األصول‪.‬مثال ذلك ‪:‬اللعان‪,‬فقد بينه القرآن بيانا‬
‫كامال والسنة قررت الفصل بين الزوجين ففرقت‬
‫بينهما ‪.‬‬
‫‪_3‬أنها تأتي بأحكام جديدة لم ينص عليها القرآن‬
‫‪,‬ومن أمثلة ذلك تحريم أكل الحمر األهلية‪,‬ولحم‬
‫سباع البهائم‪.‬‬
‫وهذا القسم األخير له أصل في القرآن الكريم من‬
‫قريب أو بعيد‪.‬‬
‫والسنة النبوية هي التطبيق لإلسالم‪ ,‬ومن ثم فهي‬
‫تحول المفاهيم المجردة إلى‬
‫واقع ملموس تدركه الحواس‪.‬‬
‫فالرسول صلى هللا عليه وسلم قد رسم بسنته السلوك‬
‫العملي الذي ينبغي أن يسير عليه المسلم في حياته‬
‫فقد كان صلى هللا عليه وسلم يلتزم التزاما كامال‬
‫بما يدعو إليه فال فرق بين الواقع الذي يحياه‬
‫والمثال الذي يدعوا إليه‪.‬‬
‫وقد استوعبت صفاته صلى هللا عليه وسلم كل‬
‫جوانب الحياة‪ .‬فقد بلغ القمة في كل جانب من‬
‫جوانبها فهو األب الرحيم ‪,‬وهو القائد‬
‫الشجاع‪,‬وهو المربي الحكيم‪ ,‬وهو المبتلى‬
‫الصابر‪.‬‬
‫وتمدنا السنة أيضا _في مجال التربية اإلسالمية‬
‫_ينبع فياض من مبادئ التعليم وأساليبه‪ .‬فقد‬
‫راعى صلى هللا عليه وسلم مستويات‬
‫المتعلمين والفروق الفردية بينهم كما تدرج‬
‫في تعلميهم وتخليصهم من العادات الضارة‬
‫التي كانت منتشرة في المجتمع الجاهلي‪ ,‬كما‬
‫كان رفيقا معهم ‪.‬‬
‫(ولو كنت فظا غليظ القلب النفضوا من‬
‫حولك)‪..‬‬
‫كما حرص على تقويم ما يصدر عنهم بتعزيز‬
‫المواقف الطيبة ‪ ,‬وتعديل المواقف الخاطئة ‪.‬‬
‫كما أستخدم صلى هللا عليه وسلم وسائل تعليمية‬
‫كالخط على الرمال واإلشارة باألصابع‪.‬‬
‫كما ربط بين التعليم ا ألحداث الجارية ‪.‬‬
‫وقد استخدم صلى هللا عليه وسلم القصة وضرب‬
‫األمثال ‪ ,‬والممارسة العملية ‪,‬والمناقشة والحوار‬
‫في تعليمه ألصحابه ‪.‬‬
‫فالسنة النبوية ركن أساسي للتربية اإلسالمية‪ ,‬خاصة وأنها‬
‫تتعلق بالمسلمين في جميع أمور حياتهم‪,‬في عقائد هم ‪,‬‬
‫وعباداتهم ‪ ,‬وبيوعهم ومعامالتهم‪,‬وأحوالهم الشخصية‬
‫وأخالقهم وآدابهم‪.‬فهي تتصل اتصاال وثيقا ً بمختلف‬
‫مظاهر حياتهم اليومية في السلم و ا لحرب في اليسر‬
‫العسر ‪.‬‬
‫وهناك مصادر أخرى للتربية اإلسالمية كالفقه والتاريخ‬
‫اإلسالمي والفلسفة اإلسالمية‪ .‬بيد أن هذه المصادر نشأت‬
‫عن المصدرين السابقين‪ ,‬ومن ثم تعتبر مصادر ثانوية‬
‫بالنسبة إلى المصدرين األساسين ‪:‬القرآن الكريم والسنة‬
‫النبوية‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬خصائص التربية‬
‫االسالمية‬
‫للتربية اإلسالمية خصائص‬
‫ومميزات تميزها عن غيرها من‬
‫األنظمة التربوية الوضعية ‪.‬‬
‫ومن أبرز هذه المميزات ‪...‬‬
‫‪ -1‬تربية ربانية ‪:‬‬
‫فهي تربية وثيقة الصلة بالخالق‬
‫سبحانه وتعالى وذلك ألن مصدريها‬
‫القرآن الكريم والسنة النبوية وحي من‬
‫قبل هللا عز وجل ‪.‬‬
‫أ‪ -‬فمصدر هذه التربية رباني خالص منزل من‬
‫السماء وال توجد تربية على ظهر األرض‬
‫تشاركها هذا األمر‪:‬‬
‫(يأيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا‬
‫إليكم نوراً مبينا ً )‬
‫ب‪ -‬التربية اإلسالمية ربانية الغاية أيضا ً فغايتها‬
‫وهدفها تربية الفرد المسلم تربية شاملة ليقوم‬
‫بحق العبودية هلل رب العالمين‪.‬‬
‫(وما خلقت الجن واإلنس إال ليعبدون)‪.‬‬
‫‪ -2‬تربية إنسانية‪:‬‬
‫وتمتاز التربية اإلسالمية بأنها تربية‬
‫إنسانية فمضمونها وغايتها أن يحيا‬
‫اإلنسان سعيدا ويفوز بالنعيم المقيم‬
‫في جوار هللا رب العالمين‪.‬‬
‫والمصدر األول للتربية اإلسالمية وهو القرآن‬
‫الكريم كتاب لهداية اإلنسان‪.‬‬
‫وقد تكررت فيه كلمة ((اإلنسان)) ثالثا ً وستين‬
‫مرة‪ .‬فضالً عن ذكره بألفاظ أخرى مثل ((بني‬
‫آدم)) كما أن كلمة ((الناس)) تكررت فيه‬
‫مائتين وأربعين مره‪ .‬و أول ما نزل من القرآن‬
‫خمس آيات من سورة ((العلق)) ذكرت كلمة‬
‫اإلنسان في اثنتين منها‪.‬‬
‫فاإلنسان في التربية اإلسالمية مخلوق متميز‪ ,‬وميزه‬
‫هللا وكرمه وفضله على كثير من خلقه فهو خليفة هللا‬
‫في أرضه ‪.‬‬
‫(وإذ قال ربك للمالئكة إني جاعل في األرض خليفة ‪,‬‬
‫قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن‬
‫نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ماال تعلمون )‪.‬‬
‫وهو مكرم على سائر المخلوقات قال تعالى ‪:‬‬
‫(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر‬
‫ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا‬
‫تفضيال )‪.‬‬
‫ولقد اهتمت السنة النبوية اهتماما بالغا باإلنسان ‪.‬‬
‫فهناك بعض األعمال اإلنسانية التي تسمو على‬
‫القربات الدينية ‪.‬‬
‫ففي الحديث‪(:‬أال أد لكم على أفضل من درجة‬
‫الصالة والصيام والصدقة ؟ قالوا بلى يا رسول هللا‬
‫‪.‬قال ‪:‬إصالح ذات البين ‪,‬فإن فساد ذات البين هي‬
‫الحالقة )‬
‫يعني تحلق الدين‪.‬‬
‫وجل قضايا الفقه اإلسالمي تتعلق بأحوال اإلنسان‬
‫من أحوال شخصية ومعامالت وعقوبات وغيرها ‪.‬‬
‫والعبادات أيضا ال تخلو من الجوانب‬
‫اإلنسانية‪.‬‬
‫وفي اإلسالم كل عمل يؤديه المســلم‬
‫ويترتب عليه نفع إلنسان آخر يرتفع‬
‫إلى درجة العبادة ‪.‬‬
‫‪ _3‬تربيه شموليه‪ :‬والتربية اإلسالمية تربية شاملة‬
‫تشمل اإلنسان كله ‪:‬روحه وعقله وجسمه ووجدانه‬
‫كما أنها تشمله منذ ميالده ‪,‬بل وقبل هذا الميالد إلى أن‬
‫يستقر في الجنة أو النار ‪ ,‬فهي تتم باختيار الزوجه‬
‫الصالحة ‪ ,‬لتكوين الذرية الصالحة‪ ,‬وتهتم بالمولود‬
‫ساعة والدته من إماطة األذى عنه إلى التأذين في‬
‫أذنه واختيار اسم صالح له وذبح عقيقته ومدة‬
‫رضاعته ثم تصحبه بالتوجيهات واألحكام حتى موته‬
‫ودخوله في قبره ثم منشره يوم القيامة و وقوفه‬
‫للحساب ثم استقراره في الجنة أو النار‪.‬‬
‫وهي تربيه أيضا شاملة للحياة كلها زمانا و‬
‫مكانا‪.‬‬
‫فهي صالحة لكل البشر صالح اإلسالم لكل‬
‫زمان ومكان‪.‬‬
‫قال تعالى ‪:‬‬
‫( وما أرسلناك إال رحمة للعالمين )‬
‫وقال ‪ (:‬تبارك الذي نزل الفرقان على عبده‬
‫ليكون للعالمين نذيرا )‪.‬‬
‫‪ _4‬تريبه علميه ‪ :‬والتربية اإلسالمية تربية‬
‫علمية أي تولي العلم والحث والتفكر اهتماما‬
‫كبيرا‬
‫وأول آيه نزلت من السماء في مصدرها‬
‫األول‪:‬‬
‫(اقرأ باسم ربك الذي خلق ) وهي تحض‬
‫على القراءة والتعلم ‪ .‬وقد أقسم هللا‬
‫سبحانه وتعالى بالقلم ‪.‬‬
‫(ن* والقلم وما يسطرون )‪.‬‬
‫وقرن سبحانه أهل العلم به وبمالئكة‪:‬‬
‫(شهد هللا أنه ال إله إال هو والمالئكة وأولوا‬
‫العلم قائما بالقسط ال إله إال هو العزيز الحكيم)‪.‬‬
‫فقد أستشهد سبحانه وتعالى بأولى العلم على‬
‫أجل مشهد عليه وهو توحيده ‪ ,‬وهذا يدل على‬
‫فضل العلم وأهله في اإلسالم ‪ ,‬ألن هللا ال‬
‫يستشهد من خلقه إال العدول ‪ ,‬ولذلك قال‬
‫سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫( قل هل يستوي الذين يعلمن والذين ال يعلمون‬
‫إنما يتذكر أولوا األلباب )‪.‬‬
‫وفي المصدر الثاني للتربية اإلسالمية‬
‫أحاديث كثيرة تحث على طلب العلم وترفع‬
‫من مكانة العلماء ‪,‬منها قوله صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪:‬‬
‫(العلماء ورثة األنبياء )‬
‫وقوله صلى هللا عليه وسلم ‪ (:‬من سلك‬
‫طريقا يلتمس به علما ً سهل هللا له طريقا ً‬
‫إلى الجنة)‪.‬‬
‫وتهتم التربية اإلسالمية بالعقل‬
‫ففي القران آيات كثيرة تحض العقل على التفكير واالعتبار‬
‫والتدبر‬
‫وقد وردت آيات صريحة في ذم أوالئك الذين ال يستعملون‬
‫عقولهم وال يفكرون‬
‫قال تعالى‪( :‬إن شر الدواب عند هللا الصم البكم الذين ال‬
‫يعقلون)‪.‬‬
‫فللعقل أهميه بارزه في التربية اإلسالمية‪ ,‬وفي العلوم الدينية‬
‫أقيسة وقواعد تستند إلي العقل والدراية أكثر من استنادها‬
‫إلى النقل والرواية ‪.‬‬
‫‪ -5‬تربية واقعية‬
‫التربية اإلسالمية تربية واقعية فتصورها للكون‬
‫والحياة واإلنسان تصور ينطلق من الواقع ‪ .‬فالكون‬
‫حقيقة واقعية ‪ ,‬ووجود مشاهد دليل على حقيقة اكبر‬
‫منه وهو وجود الحق سبحانه الذي خلق هذا الكون‬
‫والحياة حافلة بالخير والشر وهي مرحله تنتهي‬
‫بالموت وتمهد لحياة أخرى بعد الموت‬
‫واإلنسان مخلوق فيه العنصر السماوي والعنصر األرضي‬
‫فهو نفحه من روح هللا في غالف من الطين‬
‫والعقائد والعبادات واألخالق والتشريعات التي تقوم عليها هذه التربية‬
‫راعت الواقع العملي‪.‬‬
‫فالشريعة اإلسالمية مثال‬
‫لم تحرم شيئا يحتاج إليه االنسان في واقع حياته كما لم تبح له شيئا‬
‫يضره في الواقع‬
‫(ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث)‬
‫وقد أنكر اإلسالم تحريم الزينة والطيبات معلنا إباحتها لبني اإلنسان‬
‫شريطة القصد واالعتدال‬
‫(يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا وال تسرفوا‬
‫انه ال يحب المسرفين * قل من حرم زينة هللا التي اخرج لعباده‬
‫والطيبات من الرزق)‬
‫وقد رخص اإلسالم في أنواع اللهو شريطة أال‬
‫تقترن بحرام وتصد عن ذكر هللا وعن الصالة‬
‫خاصة في المناسبات كاألعراس واألعياد‪.‬‬
‫ومن أبرز دالئل الواقعية في الشريعة‬
‫اإلسالمية هذه المبادئ‬
‫التيسير ورفع الحرج وسنة التدرج‪,‬والنزول‬
‫عن المثل األعلى إلى الواقع األدنى للضرورة‬
‫‪.‬‬
‫‪-6‬تربية عملية‬
‫تهتم التربية اإلسالمية بالعمل والسلوك فالعمل له دور كبير‬
‫وأهميه بالغه ولذا جاء ذكره في المصدر األول لهذه التربية‬
‫مقترنا ً باإليمان‬
‫قال تعالى) إن الذين امنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات‬
‫الفردوس نزال )‬
‫(والعصر * إن اإلنسان لفي خسر * إال الذين امنوا وعملوا‬
‫الصالحات)‬
‫(وقل اعملوا فسيرى هللا عملكم ورسوله والمؤمنون)‬
‫وكان ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬أسوه حسنه في اإلهتمام بالعمل‬
‫فكان يتقدم أصحابه في بناء مسجد قباء ومسجد المدينة وكان‬
‫يحمل األحجار بنفسه إلى مكان البناء‪.‬‬
‫كما امر ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬بالعمل والجد في كسب العيش‬
‫فقال ‪:‬‬
‫(ألن ياخذ احدكم حبله ثم يأتي الجبل فيتأتي بحزمة من حطب‬
‫على ظهره فيبيعها فيكف هللا بها وجهه خير له من أن يسال‬
‫الناس اعطوه ام منعوه‬
‫بل امر بالعمل في أخر لحظات الحياة فقال ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪( -‬إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فاستطاع أال‬
‫تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها ‪ ,‬فله بذلك أجره)‬
‫ففي هذه اللحظات التي يودع فيها االنسان الحياة بل الدنيا‬
‫كلها يامرنا بالعمل مما يدل على اهمية العمل في التربية‬
‫االسالمية وأن له منزلة خاصة‬
‫وقد بلغ المعلم والمربي االول في االسالم الذروة‬
‫في االخالق الفاضله حتى اثنى عليه ربه فقال‬
‫تعالى‪( :‬وانك لعلى خلق عظيم)‬
‫وهناك أحاديث كثيرة أثرت عنه ‪-‬صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬تحض على معالي األخالق‪.‬‬
‫فعندما سئل ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬عن أي‬
‫المؤمنين أكمل إيمانا‬
‫قال‪( :‬أحسنكم خلقا)‬
‫وقال ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪( : -‬ما من شيء أثقل‬
‫في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن)‬
‫إن هللا يكره الفاحش البذيء‪ .‬وان صاحب حسن‬
‫الخلق يبلغ درجة صاحب الصوم والصالة ‪.‬‬
‫فالتربية اإلسالمية في هذا الجانب تنقل البشرية‬
‫خطوات فسيحات الى حياة مشرقه بالفضائل‬
‫واآلداب‬
‫فاألخالق الفاضلة أصل من اصول هذه التربية‪.‬‬
‫‪ -8‬تربية تجمع بين الثبات والمرونة‬
‫من اجل ما تتميز به التربية اإلسالمية جمعها بين‬
‫الثبات والمرونة ‪ ,‬ففيها الثبات فيما يخلد ويبقى‬
‫والمرونة فيما يخلد ويتطور‪.‬‬
‫وهي بهذا تتميز عن األنظمة التربوية الجامدة و‬
‫االنظمة التربوية التي تتطور وتتغير باستمرار‬
‫وال يوجد فيها شئ ثابت ‪.‬‬
‫وأحكام اإلسالم الذي تسير هذه التربية في ضوئها‬
‫تنقسم إلى قسمين بارزين ‪:‬‬
‫األول يمثل الثبات والخلود‬
‫كالعقائد وأركان اإلسالم األساسية والمحرمات‬
‫اليقينية كالسحر والربا والزنا ‪...‬‬
‫وأمهات الفضائل كالصدق‬
‫واالمانه والعفة ‪...‬‬
‫وغيرها من مكارم األخالق ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬تتمثل فيها المرونة‬
‫وهو ما يتعلق بالجزئيات واإلحكام وفروعها‬
‫العملية ‪..‬‬
‫وخصوصا ً في مجال السياسة الشرعية ‪.‬‬
‫وهذا القسم يتغير بحسب اقتضاء المصلحة‬
‫له زمانا ً ومكانا ً وحاالً‪.‬‬
‫ونتيجة لما في هذه التربية من ثبات‬
‫فهي تحتفظ بإصولها ثابتة ال تتغير‪,‬‬
‫ونتيجة لما فيها من مرونة فهي‬
‫تتفاعل مع غيرها من األنظمة‬
‫التربوية فتأخذ منها ما يالئمها‬
‫ويتكيف معها ‪.‬‬
‫رابعا ‪:‬تحديات التربية اإلسالمية‬
‫تواجه التربية اإلسالمية تحديين خطيرين‬
‫يقفان أمامها ويعرقالن مسيرتها‬
‫ويحاوالن طمس معالمها والقضاء على‬
‫هويتها ‪ .‬ويتمثل هذان التحديان فيما يلي ‪:‬‬
‫• ‪ _1‬الغزو الفكري المسموم ‪.‬‬
‫• ‪ _2‬ضعف المسلمين ‪.‬‬
‫‪ _1‬الغزو الفكري المسموم ‪.‬‬
‫شن أعداء اإلسالم حروبا و غارات كثيرة على بالد المسلمين ‪,‬وقد‬
‫استمرت هذه الحروب سنين عديدة‪,‬بيد أنها إندحرت أمام إصرار‬
‫المسلمين على الجهاد والمقاومة ‪ .‬وفشل هؤالء األعداء في كل‬
‫مره حاولوا فيها أن يقضوا على اإلسالم عسكريا‬
‫ومن ثم ابتكروا أسلوبا جيدا للقضاء على اإلسالم وزحزحة التربية‬
‫اإلسالميه وهذا األسلوب يقوم على الفصل بين المسلمين وإسالمهم‬
‫أي توهين اإلسالم في نفوس أبنائه ‪ .‬ويعرف هذا األسلوب باسم‪:‬‬
‫الغزو الثقافي أو اإلستعمار الفكري ‪.‬‬
‫وهذا الغزو أشد خطورة‪ ,‬ألنه يتسلل إلى العقول والقلوب دون أن‬
‫نستعد لمواجهته ‪ ,‬كما أن له وسائل خداعة براقة محفوفة‬
‫بالشهوات مما يجعل المعرضين له يفقدون روح المقاومة ‪.‬‬
‫‪ (1‬وقد لجأ هذا الغزو ألى تجنيد كثير من أبناء المسلمين ليكونوا عونا‬
‫للغزاة ‪.‬ويهدف هذا الغزو إلى ضرب اإلسالم من الداخل عن‬
‫طريق إضعاف فاعليته وعزله عن التأثير في حياة المسلمين ثم‬
‫تحويله إلى دين كهنوتي ال يهتم بالحياة اإلجتماعية للناس من قريب‬
‫أو بعيد ‪,‬كما يهدف إ لى منع انتشار اإلسالم خارج أرضه وفرض‬
‫اإلقامة الجبرية عليه ‪.‬‬
‫‪ (2‬وقد استخدم هذا الغزو عدة معاول لتحقيق أهدافه ‪,‬من أهمها ‪:‬‬
‫(ب)االستشراق‪.‬‬
‫(أ) التنصير ‪.‬‬
‫(ج) التغريب ‪.‬‬
‫(د) الدعوات الهدامة مثل (القومية‪ ,‬و العلمانيه ‪,‬والشيوعية ‪,‬‬
‫والماسونية ‪ ,‬والبهائية ‪ ,‬و القاديانية ‪ ,‬وتبرج المرأة ‪ ,‬ومهاجمة‬
‫اللغة العربية )‪.‬‬
‫(أ) التنصير ‪:‬‬
‫وهو ما يطلق عليه خطأ اسم (التبشير) ‪ ,‬وقد بدأ التنصير‬
‫منذ عدة قرون ‪ ,‬وكان في البداية يسير هادئا خبيثا ‪ .‬ثم‬
‫زاد زيادة واضحة مع بداية االستعمار األوروبي ‪.‬‬
‫وقد استخدم التنصر المدرسة والمستشفى معا ‪ ,‬وتوسع عن‬
‫طريق أعمال البر واإلحسان ‪ .‬وتغلغل في محيط الطبقات‬
‫الفقيرة و المريضة ‪ .‬في المستشفيات كأن تقام الصلوات‬
‫المسيحية في كافة عنابر المرضى صباحا و مساء ‪.‬‬
‫وتلقى المحضرات بالفانوس السحري ‪ .‬كما يقوم‬
‫أخصائيو التنصير بزيارة كل مريض في مكانه ‪ .‬ثم‬
‫تتوالى الزيارات بعد الشفاء في المنازل ‪.‬‬
‫أما في المدارس فكان التنصير يتم عن‬
‫طريق ‪:‬‬
‫‪(1‬‬
‫‪(2‬‬
‫_ التأثير في برامج المدارس الحكومية ‪,‬‬
‫وتوجيهها ‪.‬‬
‫_ برامج المدارس و المعاهد و الجامعات‬
‫التابعة للمنصرين أنفسهم ‪.‬‬
‫ومن أشهر المؤسسات التعليمية التي تقوم‬
‫بالتنصير في الشرق‪:‬‬
‫‪(1‬‬
‫‪(2‬‬
‫‪(3‬‬
‫‪(4‬‬
‫‪(5‬‬
‫جامعة القديس يوسف في لبنان ‪ .‬وتعرف اآلن بالجامعة‬
‫اليسوعية‪.‬‬
‫الجامعة األمريكية ببيروت‪.‬‬
‫الجامعة األمريكية بالقاهرة‪ .‬وكانت تعرف بالكلية األمريكية‬
‫وكان القصد من ورائها أن تكون قريبه من المركز اإلسالمي‬
‫الكبير وهو الجامع األزهر ‪.‬‬
‫الجامعة األمريكية باسطنبول ‪.‬‬
‫الكلية الفرنسيه في الهور‪ ,‬قد أسست في الهور باعتبار أن‬
‫هذا البلد يكاد يكون مثاال للبلد اإلسالمي في تكوينه في شبه‬
‫الجزيرة الهندية‪.‬‬
‫وللمنصرين سياسة جغرافية في اختيار هذه‬
‫المؤسسات من أجل تحقيق أهدافهم فالمؤسسة‬
‫البد أن تكون في دائرة شعبية ‪ .‬وكل الطرق‬
‫تؤدي إليها دون عناء ‪.‬وعلى سبيل المثال ‪:‬‬
‫الجامعة األمريكية بالقاهرة فهي في منطقة‬
‫عمرانية في ميدان التحرير (قلب القاهره)‬
‫وكل الطرق تؤدي إليها وهي سياسة ثابتة ال‬
‫تتغير بتغير األشخاص ‪,‬وإنما يضعها أعضاء‬
‫المحفل العام أثناء إنعقاده ‪.‬‬
‫وتتلخص أهداف التنصير فيما يلي ‪:‬‬
‫‪_1‬توهين قيم الفكر العربي اإلسالمي ‪ ,‬والحد من إنتشار اللغة‬
‫العربية الفصحى ‪.‬‬
‫‪_2‬أضعاف التماسك الداخلي بخلق تخاذل روحي و معنوي ‪,‬‬
‫وإيجاد شعور بالنقص في نفوس المسلمين ‪ ,‬مما يؤدي إلى‬
‫تقطيع أواصر الوحدة واإلخاء والترابط ‪.‬‬
‫يقول القس ((سيمون) ‪) :‬إن الوحدة اإلسالمية تجمع آمال‬
‫المسلمين و تساعد على التخلص من السيطرة األوروبية ‪,‬‬
‫والتبشير عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة ‪ .‬ومن أجل‬
‫ذلك ينبغي أن نحول بالتبشير اتجاه المسلمين عن الوحدة‬
‫أإلسالميه ) ‪.‬‬
‫‪ _3‬إضعاف العقيدة في نفوس المسلمين ‪ ,‬والسخرية و‬
‫التشكيك في مختلف المظاهر التي يعتز بها المسلمون من‬
‫تاريخ وبطوالت و أمجاد ‪.‬‬
‫‪ _4‬تأجيج الخالفات بين الطوائف ‪ ,‬و إ ثارة الفتنة و القالقل ‪.‬‬
‫ويستعين المنصرون في تحقيق أهدافهم بكثير من تالميذهم‬
‫الذين درسوا في جامعاتهم و تشربوا مبادئهم ثم عادوا إلينا‬
‫لينفذوا سياسة المنصرين بقصد أو بدون قصد ‪.‬‬
‫كما يستعينون أيضا بما يكتبه المستشرقون المتعصبون ضد‬
‫اإلسالم وخاصة الكتابات التي تتناول الخالفات المذهبية ‪,‬‬
‫وتؤكد على الفجوات و النعرات الطائفية بين المسلمين ‪.‬‬
‫(ب)_ االستشراق ‪:‬‬
‫(ب)_ االستشراق ‪:‬‬
‫‪ ‬تطلق كلمة (مستشرق) بمعناها العام على كل عالم غربي‬
‫يشتغل بدراسة الشرق ‪,‬كلة ‪,‬أقصاه‪ ,‬ووسطه‪,‬وأدناه في‬
‫لغاته وآدابه وحضاراته‪,‬و أديانه ‪...‬فاالستشراق يشمل كل‬
‫الدراسات الغربية عن الشرق ‪ ,‬و خاصة الشرق اإلسالمي ‪.‬‬
‫‪ ‬ومن الصعب تحديد تاريخ لبداية االستشراق ‪ .‬وإن كان‬
‫البعض يجعله يمتد بجذوره الف عام إلى الوراء ابتداء من‬
‫القرن العاشر الميالدي عندما قصد الراهب الفرنسي جريدي‬
‫أوارالياك (‪1003_940‬م) األندلس وتتلمذ على أساتذتها‬
‫في أشبيليه و قرطبة حتى أصبح أوسع علماء عصرة في‬
‫أوروبا ثقافة بالعربية ‪.‬‬
‫‪ ‬بيد أن مفهوم الشرق لم يظهر في أوروبا إال في‬
‫نهاية القرن الثامن عشر في أنجلترا و فرنسا ‪,‬‬
‫فبذلك فالقرن التاسع عشر و القرن العشرون هما‬
‫عصر االزدهار الحقيقي لالستشراق ‪.‬ففيها تم‬
‫أنشاء جمعيات لمتابعة الدراسات اإلستشراقية في‬
‫فرنسا و بريطانيا وايرلندا و أمريكا و ألمانيا ‪.‬‬
‫‪ ‬وتم عقد أول مؤتمر للمستشرقين في باريس عام‬
‫‪1873‬م ‪,‬ومازالت تعقد هذه المؤتمرات بصفة‬
‫منتظمة حتى األن ‪ ,‬وقد بلغت أكثر من ثالثين‬
‫مؤتمرا‪.‬‬
‫ويعتبر اإلستشراق المنجم أو المصنع‬
‫الفكري الذي يمد المنصرين و المستعمرين‬
‫بالمواد المسمومة التي يسوقونها في العالم‬
‫اإلسالمي لتحطيم عقيدته و هدم أفكاره ‪.‬‬
‫ومن أهم أهداف اإلستشراق‬
‫‪:‬‬
‫ومن أهم أهداف اإلستشراق ‪:‬‬
‫‪ _1‬الحيلولة بين الشعوب وبين اإلسالم ‪ ,‬و‬
‫ذلك بحجب محاسن اإلسالم ‪ ,‬و تشويه‬
‫صورته ‪,‬إلقناع الناس بعدم صالحيته ‪.‬‬
‫‪_2‬تأييد الغزو لبالد المسلمين ‪ ,‬و العمل على‬
‫تحطيم المقاومة اإلسالمية بتأويل الجهاد ‪ ,‬و‬
‫صرف أنظار المسلمين إلى الدعة و القعود‬
‫عن الجهاد في سبيل هللا ‪.‬‬
‫‪ _3‬العمل على بث الفرقة بين المسلمين ‪ ,‬و تمزيق‬
‫الدول اإلسالمية ‪ ,‬وعزل الشريعة اإلسالمية عن‬
‫التطبيق في المجتمعات اإلسالمية ‪ ,‬وإحالل‬
‫األنظمة الوضعية مكانها ‪.‬‬
‫‪ _4‬فصل المسلمين عن جذورهم الثابتة األصلية‬
‫بتشويه تلك األصول ‪ ,‬و عزلها عن مصادرها ‪,‬‬
‫والعمل على هدم الكيان الفردي ‪ ’,‬واالجتماعي ‪,‬‬
‫و النفسي و العقلي للمسلمين ‪ ,‬وذلك لالستسالم‬
‫أمام المستعمر و ثقافته و فكرة ‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أن هناك تحالفا مقدسا بين‬
‫المستشرقين و المنصرين فالمستشرقون‬
‫يمهدون الطريق للمنصرين ‪ ,‬والمنصرون‬
‫يباركون جهود المستشرقين ومن وراء‬
‫ذلك كله االستعمار الذي يجند االثنين معا‬
‫لخدمة أهدافه ‪ ,‬وتحقيق أغراضه ‪ ,‬وتمكين‬
‫سلطانه بعد ضرب اإلسالم و عزل التربية‬
‫اإلسالمية عن الحياة لتحل محلها األنظمة‬
‫التربوية الوضعية ‪.‬‬
‫بيد أنه إحقاقا للحق نقول إن هناك طائفة من‬
‫المستشرقين أخلصت في البحث فجاءت دراساتهم‬
‫منصفة مثمرة ‪ ,‬متسمة باالعتدال على تفاوت فيما‬
‫بينهم ‪.‬وهؤالء لم ينساقوا وراء زمالئهم‬
‫المتعصبين ‪ ,‬ومن ثم اتهموا بالزندقة‬
‫• ومن هؤالء ‪:‬‬
‫يوهانج ‪.‬رابسكه‪ ,‬عالم اإلستشراق األلماني‬
‫(‪ , )1774_1716‬وكارل البل ‪,‬وتولستوي ‪ ,‬واللورد‬
‫هيدلي‪,‬وايتين دينيه _ و االشاعر االلماني الكبير (جوتيه) و‬
‫الدكتور جرينييه عضو مجلس النواب الفرنسي ‪.‬‬
‫(ج) التغريــب ‪:‬‬
‫(ج) التغريب ‪:‬‬
‫يقصد بالتغريب حمل المسلمين على تمثل ثقافة‬
‫الغرب ‪ ,‬وأفكاره ‪ ,‬وغرسها في نفوسهم‪ ,‬ليسلكوا‬
‫طريق الغرب في جميع جوانب حياتهم حتى‬
‫تصبح حياتهم صورة من حياة الغرب ‪.‬‬
‫وفي سبيل تحقيق هذا الهدف سلك اإلستعمار طريقا‬
‫يمكنه من ذلك ‪ ,‬وهو إبعاد المجتمع اإلسالمي عن‬
‫ماضيه ‪ ,‬وتراثه العقلي والروحي والتوجيهي‬
‫والسلوكي ‪ ,‬فإذا تم عزله أصبحت قيادته ميسرة‬
‫طائعة ‪ ,‬و باألخص األجيال التي تنشأ في ظل‬
‫هذه العزلة ‪.‬‬
‫وكان الطريق إلى ذلك مزدوجا ‪ :‬مرة بتمجيد‬
‫التقدم العلمي األوروبي وإبراز خصائص‬
‫الحضارة الغربية المادية ممثلة في الصناعات‬
‫والرخاء اإلقتصادي ‪ ,‬وتوفر الخدمات‬
‫والتوسع فيها ‪ ,‬ومرة أخرى بالتزهيد التنفير‬
‫من تراث األمة اإلسالمية بالتقليل من شأنه ‪,‬‬
‫والحط من قيمته ‪,‬وإبراز عدم صالحيته لحياة‬
‫اإلنسان وحياة المجتمع اإلنساني في الوقت‬
‫الحاضر ‪.‬‬
‫وقد أعان على هذا الطريق ‪:‬‬
‫‪_1‬المستشرقون و كتاباتهم التي تثير الشبهات‬
‫‪,‬وتضخم األخطاء وتشيع األباطيل حول اإلسالم ‪.‬‬
‫‪ _2‬المنصرون كجند من جنود هذه الدعوة ‪ ,‬وكأداة‬
‫لتنفيذها ‪.‬‬
‫‪ _3‬كتاب و أدباء من الدول اإلسالمية تربوا على موائد الفكر األجنبي‬
‫‪,‬ومن ثم فقد عملوا على مؤازرة كل دعوة تدعو إلى التغريب ‪.‬‬
‫ومن هؤالء من دعا إلى أن( تتصل مصر بأوروبا اتصاال يزداد قوة‬
‫من يوم إلى يوم حتى تصبح جزاء منها لفظا ومعنى وحقيقة وشكال‬
‫)‪.‬‬
‫وقد نجح أعداء اإلسالم في تحقيق الكثير من أهداف التغريب وخاصة‬
‫عن طريق التعليم‪ .‬وفي هذا يقول أحد رؤساء الجامعة األمريكية في‬
‫بيروت ‪( :‬لقد برهن التعليم على أنه أثمن الوسائل التي استطاع‬
‫المبشرون أن يلجئوا إليها في سعيهم لتنصير سوريا ولبنان ‪.‬أن‬
‫الكتب المدرسية الغربية تجعل االعتقاد بكتاب شرقي مقدس أمرا‬
‫صعبا )‬
‫فالترغيب من أخط التحديات التي تواجه التربية اإلسالمية خاصة حينما‬
‫يستعين بالتعليم واإلعالم ‪ ,‬ألنه بهذين المعولين يستطيع تنفيذ أهدافه‬
‫بسهولة ويسر ‪.‬‬
‫(د) إحياء الدعوات الهدامة ‪:‬‬
‫هناك دعوات هدامة كثيرة نبتت في بالد المسلمين ‪,‬‬
‫وقد بذر بذورها وتعهدها بالرعاية والعناية ومكر‬
‫األعداء و جهل األبناء على السواء ‪,‬وإزاحة‬
‫اإلسالم عن الحياة ‪.‬‬
‫وهذه الدعوات تمثل تحديا ً خطيراً للتربية اإلسالمية‬
‫ومن أبرز هذه الدعوات ‪ :‬القومية و العلمانية‬
‫والشيوعية و الماسونية والبهائية والقاديانيه‬
‫والدعوة إلى تبرج المرأة ومهاجمة اللغة العربية ‪.‬‬
‫وفيما يلي عرض مختصر لهذه الدعوات‬
‫‪ _1‬النزعة القومية ‪:‬‬
‫القومية تعني االنتماء إلى عنصر أو جنس معين ‪ ,‬والتعصب له‬
‫‪.‬‬
‫وقد برزت النزعة القومية في العالم اإلسالمي بعد أن رفض‬
‫السلطان عبدالحميد إعطاء اليهود موضع قدم لهم في فلسطين‬
‫فعملت األصابع اليهودية على تدبير المؤامرات لهذا السلطان‬
‫فأنشأت جمعية اإلتحاد و الترقي التي ثارت على السلطان‬
‫عبد الحميد و أزاحته عن الحكم ‪ .‬واستطاعت بذلك أن تقضي‬
‫على الخالفة اإلسالمية بعد رفع سالح القومية التركية ‪.‬‬
‫وتفجرت منذ ذلك الحين النزعة القومية في البالد اإلسالمية ‪,‬‬
‫فظهرت الفرعونية في مصر والفارسية في إيران والرومانية‬
‫والفينيقية في بالد الشام والطورانية في تركيا والبربرية في‬
‫شمال أفريقيا واألشورية والكلدانية في العراق ‪.‬‬
‫وقد استطاع أعداء اإلسالم أن يسخروا دعاة القومية‬
‫تسخيرا بارعا محكما لتحقيق أهدافهم والتي تمثل‬
‫في‪( :‬أ) إضعاف رابطة العقيدة اإلسالمية في نفوس‬
‫المسلمين ‪ ,‬وبالتالي تفريق وحدتهم ‪ ,‬وتقسيمهم إلى‬
‫دويالت متناحرة‪.‬‬
‫(ب)تحقيق سياسة النفوذ األجنبي القائمة على اساس‬
‫(فرق تسد) تمهيدا للسيطرة على بالد المسلمين من‬
‫جديد ‪.‬‬
‫(ج)جعل والء المسلم لوطنة أوال قبل عقيدته ‪ .‬وجعل‬
‫العقيدة أمرا هامشيا تمهيدا لزحزحتها عن القلوب‬
‫والعقول ‪.‬‬
‫وقد استطاعت هذه الدعوة الخبيثة أن تخدع كثيرا من الكتاب في العالم‬
‫اإلسالمي فانساقوا وراءها ‪ .‬فنجد كاتبا مثل (زكي نجيب محمود) يكتب‬
‫في (األهرام) ‪(85_12_17‬أسبقية الوالء الوطني على الشعور الديني‬
‫أمر ال جديد فيه‪ ,‬فوقائع التاريخ تقدم لنا ما شئنا من أمثلة ‪ ,‬ويضرب‬
‫على ذلك مثلين بحركة الشعوبية في القرن الثاني الهجري ‪ ,‬والخالف‬
‫اللغوي بين مدرستي الكوفة و البصرة ‪ ...‬ثم يلفتنا إلى الحرب القائمة‬
‫بين دول العالم اإلسالمي ‪ ,‬وكيف أنها دليل على أن الوطن أهم من‬
‫الدين )‬
‫فهو بهذا يقيس على واقع مفكك شاحب للعالم اإلسالمي ‪ ,‬ويقيس على‬
‫مسلمين مفككين ابتعدوا عن دينهم ‪ ,‬فتأججت بينهم النعرات الطائفية‬
‫التي ما جاء اإلسالم إال ليقضي عليها ‪.‬‬
‫وهذه النعرات والصراعات بين المسلمين ال يرضى عنها إسالمهم وال‬
‫المخلصون المؤمنون من أبنائه الذين تجمعهم حرارة اإليمان في‬
‫مشارق األرض و مغاربها ‪.‬‬
‫وهذه الدعوة الماكرة هي التي جعلت‬
‫(محمد أحمد خلف هللا) يكتب في (األهرام)‬
‫بتاريخ ‪_1987-9-16‬قائال‪(( :‬إن اإلسالم هو النظام‬
‫الديني لألمة العربية دون عموم الناس ‪...‬والذين يذهبون‬
‫إلى غير ذلك واهمون ))‬
‫وهذه الدعوة الخبيثة تهدف إلى حصر اإلسالم في العرب‬
‫‪ ,‬فهي ال تدعو إلى قومية الشعوب فقط بل تدعو إلى‬
‫قومية الدين أيضا ‪.‬‬
‫فالدعوة إلى القومية هدفها ضرب اإلسالم ‪ ,‬وتمزيق‬
‫األمة اإلسالمية ‪ ,‬وتقطيع أوصلها فهي دعوة مسمومة‪.‬‬
‫يقول الدكتور (فروخ) (إن كثيرا مما نسميه‬
‫قوميات كان من غايته تقسيم البالد العثمانية بين‬
‫الدول الغربية ‪ ,‬وإذا كانت الدعوة إلى قومية‬
‫عربية دعوة صحيحة ‪ ,‬غايتها ‪ -‬كما قيل‪ -‬توحيد‬
‫البالد العربية اليوم نحو عشرين دولة ‪ ,‬قل أن تجد‬
‫دولتين منها على وفاق‬
‫وقد أدرك أعداء اإلسالم خرافة هذه الدعوة ‪ ,‬يقول‬
‫(وايز من) ساخرا من الوحدة العربية ‪ ,‬ومستهزئا‬
‫من العرب ‪( :‬أعطونا نصف فرصة لنثبت لكم‬
‫خرافة الوحدة العربية )‪.‬‬
‫فهذه الدعوة ال تخدم إال أعداء اإلسالم ‪.‬‬
‫ودعاتها يضعون أنفسهم في مصاف‬
‫المناوئين إلخوانهم المسلمين من غير‬
‫العرب ألنهم بهذه الدعوة يؤثرون أبا جهل‬
‫وعتبة وشيبة ابني ربيعة ألنهم عرب‪,‬‬
‫ويتبرؤون من بالل الحبشي ‪ ,‬وصهيب‬
‫الرومي ‪ ,‬وسلمان الفارسي ألنهم ليسوا‬
‫بعــرب ‪.‬‬
‫‪ -2‬العلمانية ‪:‬‬
‫‪ -2‬العلمانية ‪:‬‬
‫العلمانية حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن االهتمام‬
‫باآلخرة إلى االهتمام بالدنيا وحدها ‪.‬‬
‫يعرفها قاموس العالم الجديد ‪ (,‬بأنها الروح الدنيوية ‪,‬‬
‫أواالتجاهات الدنيوية وعلى الخصوص نظام من المبادئ ‪,‬‬
‫والتطبيقات يرفض أي شكل من أشكال اإليمان والعبادة ‪.‬‬
‫ويشرح معجم أكسفورد معناها بقوله‪ :‬العلمانية معناها دنيوي أو‬
‫مادي ليس دينيا وال روحيا ) ‪.‬‬
‫فالعلمانية تعني اإللحاد ‪ ,‬وهي ال تكتفي بفصل الدين عن الحياة‬
‫كما يروج البعض عندنا ‪ ,‬وإنما هي حركة تقوم على إنكار‬
‫الدين ‪ ,‬وجعله ضربا من ضروب الخرافة والهذيان ‪.‬‬
‫وقد ظهرت العلمانية في الغرب نتيجة تسلط‬
‫الكنيسة وتحالفها مع الظالمين ضد الشعوب ‪,‬‬
‫ووقفها ضد كل تفتح فكري أو كشف علمي ‪.‬‬
‫ففكرة العلمانية منقولة عن الكنيسة وصراعها‬
‫في الغرب ‪ ,‬وناقلوها يجهلون تماما اإلسالم‬
‫الذي قام على حرية الفكر والعقيدة ‪.‬‬
‫والحضارة اإلسالمية ازدهرت عندما تمسك‬
‫المسلمون بدينهم ‪.‬‬
‫‪ -3‬الماسونية ‪:‬‬
‫‪ -3‬الماسونية ‪:‬‬
‫الماسونية‪ :‬من المنظمات اليهودية‬
‫السرية وقد بثها اليهود لتكون‬
‫مثوى اجتماعاتهم التي يتناقشون‬
‫فيها ويتبادلون الرأي‬
‫والمشورة‪.‬‬
‫‪ ‬إن الماسونية واألندية التابعة لها من أخطر المنظمات‬
‫الهدامة التي يسيطر عليها اليهود والصهيونية العالمية ‪.‬‬
‫وأنهم يبغون من وراء ذلك السيطرة على العالم عن طريق‬
‫القضاء على األديان وإشاعة الفوضى األخالقية وتسخير‬
‫أبناء البالد للتجسس على أوطانهم باسم اإلنسانية ‪.‬‬
‫‪ ‬ضعف المسلمين ‪:‬‬
‫جاء الغزو الفكري إلى المجتمع اإلسالمي في وقت كان فيه هذا‬
‫المجتمع يعاني من حالة فقدان التوازن‪ ,‬وضعف المناعة‬
‫بسبب بعده عن اإلسالم ‪.‬‬
‫فكان اإلسالم في نفوس أبنائه باهتا أو شكليا ً ‪,‬ولو لم يكن كذلك‬
‫ما استسلم أبناء اإلسالم للغازي وقبلوا سمومه دون مقاومة‬
‫تذكر ‪.‬‬
‫وقد استطاع هذا الغزو أن يحقق أهدافه‬
‫بعد اإلجهاز على البقية الباقية من‬
‫الحماس اإليماني ‪ ,‬واالنتماء اإلسالمي عند‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫فوقعت األمة اإلسالمية فريسة للعلل‬
‫الفاتكة ‪ ,‬فانفرط عقدها ‪,‬وتفرق أبناؤها ‪,‬‬
‫وخيم على العالم اإلسالمي تخلف فكري‬
‫وتخلف مادي وكالهما وثيق الصلة‬
‫باآلخر‪.‬‬
‫وافتقد كثيرا من المسلمين –إال من رحم هللا – الرؤية‬
‫اإلسالمية الشاملة وأصبحوا ال يرون من إسالمهم إال‬
‫أبعاضا التسمن وال تغني من جوع ‪.‬‬
‫وتداعت عليها األمم من كل مكان تصديقا لحديث رسولنا‬
‫صلى هللا عليه وسلم فيما رواه أبو داود حين قال‪:‬‬
‫( يوشك أن تداعى عليكم األمم ‪ ,‬كما تداعى األكلة إلى‬
‫قصعتها ) فقال قائل ‪ ,‬ومن قلة نحن يومئذ ؟ فقال صلى‬
‫هللا عليه وسلم ( بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء‬
‫السيل وسينزعن هللا من صدور عدوكم المهابة منكم ‪,‬‬
‫وليقذفن في قلوبكم الوهن )‪ .‬قال قائل يا رسول هللا وما‬
‫الوهن ؟ قال (حب الدنيا وكراهية الموت ) ‪.‬‬
‫فالمسلمون لم يصلوا في يوم من األيام‬
‫إلى مثل عددهم في هذه األيام‪ ,‬فتعدادهم‬
‫اليوم يصل إلى مليار وربع المليار نسمة‬
‫‪ ,‬ثلثهم يعيشون كأقليات تحت سلطان‬
‫حكومات غير إسالمية ‪ ,‬والثلثان‬
‫موزعون في نحو أربعين دولة كل دولة‬
‫تكاد أن تمثل جزيرة منعزلة منفصلة ‪.‬‬
‫يتضح مما سبق أن الغزو الفكري‬
‫المسموم وضعف المسلمين هما‬
‫التحديان الخطيران اللذان‬
‫يواجهان التربية اإلسالمية في‬
‫المجتمعات اإلسالمية ‪ .‬وقد أسفر‬
‫عن هذين التحديين ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن التربية اإلسالمية انحصرت وانكمشت حتى صارت مادة‬
‫دراسية تدرس كسائر المواد الدراسية ‪ ,‬كالتربية الفنية و‬
‫التربية الرياضية‪.‬‬
‫وكان من المفروض أن تكون هذه القناة والبوتقة التي تنصهر‬
‫فيها كافة المواد الدراسية ‪ ,‬وأن تكون هي الموجهة و‬
‫الهادية لكافة العلوم التي تدرس ألبناء المسلمين‪.‬‬
‫‪ -2‬أن درجة هذه المادة ال تضاف إلى المجموع الكلي لدرجات‬
‫الطالب في بعض بلدان العالم اإلسالمي ‪ ,‬مما يجعل األبناء‬
‫ينظرون إليها نظرة متدينة ‪ ,‬في الوقت الذي تضاف فيه درجة‬
‫التربية الفنية مثال !!‬
‫‪ -3‬أن هناك إهماال ملحوظا للتربية اإلسالمية‬
‫في كافة المؤسسات التربوية ‪ ,‬بل إن هذا‬
‫اإلهمال يصل إلى حد نقض وهدم القيم‬
‫الدينية التي تبثها التربية اإلسالمية مع أن‬
‫التربية اإلسالمية مسئولية كل المؤسسات‬
‫التربوية في المجتمع من مدرسة و إعالم و‬
‫مسجد وناد‪...‬‬
‫‪ -4‬أن هناك اهتماما ملحوظا بكافة المناهج الدراسية ‪,‬‬
‫فالمؤسسات التربوية تلقف كل جديد جاد به التطور العلمي‬
‫في طرائق التدريس والتقنية التربوية وتنظيم المناهج‬
‫وتدريب المعلمين والموجهين التربويين ‪ ,‬وهذا االهتمام يقل‬
‫أو ينعدم في ميدان مناهج التربية اإلسالمية مما جعل كثيرا‬
‫من مناهجها بمعزل عن الحياة ‪.‬‬
‫وقنع مؤلفو مناهجها بذلك ظنا منهم أن أي تطوير في المناهج‬
‫سيمس مبادئ اإلسالم ‪ .‬وهذا وهم ألن التطوير ال يمس إال‬
‫أساليب األداء وحسن اإلعداد وعلمية االستعداد ‪ ,‬وإيجاد‬
‫الوسيلة التي تجعل المتعلم يقبل بشوق على دروس التربية‬
‫اإلسالمية ‪.‬‬
‫لقد لعب التطور التقني المعاصر دورا كبيرا‬
‫في تيسير المواد الدراسية عن طريق الوسائط‬
‫التربوية المختلفة مما جعل المتعلمين يقبلون‬
‫بشغف وشوق على التعلم فلماذا نضن على‬
‫التربية اإلسالمية – وهي األم – بهذه‬
‫الوسائط والوسائل النافعة ؟!‬
‫‪ -5‬أن معلمي التربية اإلسالمية لم يعدوا إعدادا مناسبا‬
‫لتدريس التربية اإلسالمية ‪ ,‬بل إن كثيرا منهم ليس‬
‫متخصص في هذا الميدان فهو ليس مؤهال علميا وال‬
‫ثقافيا وال خلقيا ليكون معلما للتربية اإلسالمية ‪.‬‬
‫فهناك من معلمي التربية اإلسالمية من ال يحسن قراءة‬
‫بضع آيات من القرآن الكريم ‪ ,‬فكيف يعلم تالميذه شيئا‬
‫ال يحسنه ؟!‬
‫( وفاقد الشيء ال يعطيــه) ‪.‬‬
‫فكثير من معلمي التربية اإلسالمية ال يعرفون شيئا عن‬
‫طرائق التدريس الحديثة وال يعرفون القليل وال الكثير من‬
‫الدراسات التربوية والنفسية واالجتماعية التي تتصل‬
‫بالعملية التعليمية ‪.‬‬
‫وكثيرا منهم يعيش بمعزل عن التطورات العلمية المعاصرة‬
‫وما تفرزه من قيم تحتاج إلى توضيح دقيق لموقف اإلسالم‬
‫منها ‪ ,‬ومن ثم فهم ال يستطيعون اإلجابة عن التساؤالت التي‬
‫يثيرها بعض تالميذهم من آن آلخر مما يتعلق بموقف‬
‫اإلسالم من معالم الحياة المعاصرة العلمية و االجتماعية‬
‫والسياسية واالقتصادية ‪ .‬االمر الذي يشكك المتعلم في قدرة‬
‫اإلسالم على حل مشكالت الحياة ‪.‬‬
‫‪ -6‬أن التقويم في التربية اإلسالمية يركز على الجانب‬
‫المعرفي فقط ‪ .‬وعلى جانب واحد من الجانب المعرفي‬
‫وهو حفظ المعلومات والنصوص الدينية ‪ .‬مع أن‬
‫التربية اإلسالمية أشمل من ذلك بكثير ‪ ,‬فهي تهدف‬
‫ كما أسلفنا ‪ -‬إلى بناء شخصية الفرد من جميع‬‫نواحيها‪ ,‬ومن ثم كان ينبغي أن يكون التقويم شامال‬
‫وأن يكون سلوك المتعلم وممارساته وتفاعالته في‬
‫المحيط المدرسي وغيره هي التي يركز عليها التقويم‬
‫‪.‬‬
‫يتبع …‬
‫د‪ .‬عبد المحســن بن سيــف السيــف‬