103 سلم النظام الاقتصادي في الإسلام
Download
Report
Transcript 103 سلم النظام الاقتصادي في الإسلام
بسم هللا الرحمن الرحيم
تعريف النظام االقتصادي اإلسالمي
ا
أوالً :مفهوم االقتصاد في اللغة واالصطالح
الشرعي :
االقتصاد لغة هو :التوسط واالعتدال واستقامة الطريق وهذا المعنى "
أي التوسط في األشياء واالعتدال فيها " هو مضمون علم االقتصاد
وجوهره ،والهدف الذي يقصد إليه .
ثانيا ً :تعريف النظام االقتصادي اإلسالمي :
تطلق كلمة ( النظام ) ويُقصد بها :مجموعة القواعد واألحكام التي تنظم
جانبا ً معينا ً من جوانب الحياة اإلنسانية ويصطلح المجتمع على وجوب
احترامها وتنفيذها.
ويمكن تعريف النظام االقتصادي اإلسالمي بأنه :مجموعة األحكام
والسياسات الشرعية التي يقوم عليها المال وتصرف اإلنسان فيه.
مصادر النظام االقتصادي اإلسالمي
يستمد النظام االقتصادي اإلسالمي قواعده من
مصادر الدين اإلسالمي وهي القرآن الكريم والسنة
النبوية واإلجماع والقياس والمصلحة المرسلة
ونحوها من أدلة الشريعة .
المصدر األول :
القرآن الكريم :
نص هللا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على
الكثير من األحكام التي تتعلق بالمال سواء من
ناحية مكانته والنظرة إليه أو األمور المتعلقة بطرق
جمعه واكتسابه أو تداوله وإنفاقه.
المصدر الثاني :
السنة المطهرة :
النصوص التي وردت في القرآن الكريم تكون
في غالب حاالتها – مجملة – كاألمر بالزكاة مثالً
حيث لم تحدد أنصبتها وشروطها ومقاديرها وهنا
يأتي دور السنة لتوضيح المجمل وتفصيل العام وتقييد
المطلق ،فالسنة بالنسبة للقرآن الكريم إما أن تكون
مفصلة لما جاء فيه من أحكام عامة ،أو مؤكدة لتلك
األحكام ،أو تأتي بأحكام جديدة لم ترد في القرآن
الكريم .
المصدر الثالث :
اإلجماع وهو :
اتفاق المجتهدين من أمة محمد بعد عصر النبوة على حكم
شرعي
ومن األمثلة عليه في الجانب االقتصادي :
إجماع الصحابة على قتال مانعي الزكاة.
المصدر الرابع :
القياس وهو :
إلحاق فرع بأصل في الحكم لجامع بينهما ،وهو من األدلة التي
تبين األحكام بالنسبة للفروع فتلحقها بأحكام األصول التي تتفق
معها في العلة .
المصدر الخامس :
المصلحة المرسلة تنقسم المصالح إلى ثالثة
أقسام :
-1مصلحة معتبرة
-2مصلحة ملغاة
-3مصلحة مرسلة أي مطلقة
المصدر السادس :
سد الذرائع و يقصد بها :
منع الوسائل المباحة التي تؤدي إلى مفاسد
المصدر السابع :
العرف
العرف :هو كل ما تعارف عليه الناس وألفوه حتى أصبح
شائعا ً في مجرى حياتهم
ومن األمثلة على األخذ بالعرف في الجانب االقتصادي :
نفقة الزوج على زوجته وأبنائه حيث يرجع في تحديد مقدارها
إلى العرف
األُصول االعتقادية لالقتصاد اإلسالمي
لكل نظام اقتصادي أصوله وقواعده الفكرية التي
يؤمن بها وينطلق منها في رسم أنظمته وسياساته
االقتصادية.
األصل األول :
اإليمان باهلل :
أن أهم ما يقوم عليه االقتصاد اإلسالمي عقيدة
اإليمان باهلل ،والتي تتضمن التوحيد بأنواعه الثالثة (
توحيد الربوبية ،واأللوهية ،واألسماء الصفات )
وخاصة النوعيين األوليين .
أوالً :توحيد الربوبية :
يظهر ارتباط االقتصاد اإلسالمي بتوحيد الربوبية من خالل
اإليمان بأن هللا هو الخالق ،المالك ،الغني ،الرازق .
ويترتب على اإليمان بتوحيد الربوبية ما يلي :
)1المسلم يؤمن بأن المالك لألموال العامة والخاصة هو هللا سبحانه
وتعالى.
)2على المسلم أن يعمل بقدر طاقته ألجل أن يحصل على الرزق
الذي قسمه هللا له .
)3يجب على المسلم أن يستفيد مما سخر هللا في هذه األرض من
الطيبات والخيرات .
األصل الثاني :
اإليمان باليوم اآلخر :
يدرك المسلم أن الدنيا ما هي إال مزرعة لآلخرة وأن
الثواب والعقاب الحقيقي في تلك الدار
ويترتب على هذا اإليمان باليوم اآلخر ما يلي :
)1يجب أن تكون همة المسلم عالية ،وأن يريد ما عند هللا
والدار اآلخرة .
)2أن معيار الربح يختلف عند المسلم من غير المسلم
)3يجب على المسلم أن يراقب نفسه وتصرفاته فال يأخذ إال
حقه وال يعتدي على حق غيره .
األصل الثالث :
اإليمان بالقدر خيره وشره :
يؤمن المسلم بعقيدة القضاء والقدر وأن هللا سبحانه قد قدَّر
كل شيء
ويترتب على اإليمان بالقضاء والقدر ما يلي :
)1على المسلم أن يطلب الرزق من محله ويسعى في
تحصيله قدر استطاعته .
)2على المسلم أن يرضى بما قُ ِّدر عليه وال يضجر .
المبادئ المرتبطة بهذه األصول :
من المبادئ المرتبطة بهذه األصول الثالثة
والناتجة عن اإليمان بها مبدأ االستخالف ،
ومبدأ أن المال وسيلة لطاعة هللا،ومبدأ كفاية
الخيرات لحاجات البشر :
المبدأ األول :
االستخالف :
حق هذا االستخالف عدم صرف المال في المحرمات أو
اإلسراف في المباحات ،و إنفاق منه في وجوه الخير
واإلحسان .
المبدأ الثاني :
المال وسيلة لطاعة هللا :
يقف اإلسالم موقف الوسط ،فهو يعتد بالمال ،ويضع له
قيمته ويعتدُّ بمكانته في نفس اإلنسان المجبول على حبه
على أنه وسيلة ال غاية.
المبدأ الثالث :
كفاية الخيرات لحاجات البشر :
يقرر اإلسالم أن الخيرات التي أودعها هللا في األرض والتي سيودعها كافية لحاجات البشر من
الغذاء والكساء والسكن وسائر الضرورات والحاجات التي يحتاج إليها اإلنسان بل وكل دابة في
األرض
وهنا يثار سؤال عن أسباب المجاعات التي تعاني منها بعض الدول؟.
والجواب على ذلك :إن الفقر ليس في حقيقة األمر نتيجة لقلة الثروات الطبيعية في هذه األرض،
وإنما توجد أسباب أخرى كان لها األثر المباشر أو غير المباشر في ظهور هذه المجاعات ،ومن أهم
هذه األسباب ما يلي :
)1عدم استخدام اإلنسان لكامل جهوده الذهنية والبدنية .وقصوره في استغالل الموارد التي أنعم هللا
بها عليه ،ومن ذلك الفساد اإلداري وضعف التخطيط االقتصادي وسوء التوزيع للموارد.
)2مبالغة البشر في حاجاتهم المادية ،وعدم وجود الرشد االستهالكي.
)3اختالف توزيع الموارد الطبيعية والكثافة السكانية على مستوى الدول .
)4قد يكون هذا النقص الفردي أو الدولي ابتالء من هللا.
األنظمة االقتصادية الوضعية
النظام االقتصادي الرأسمالي
أ -تعريفه :ـ
يعرف النظام االقتصادي الرأسمالي بأنه" :النظام
االقتصادي الذي يمتلك فيه األفراد آحادا ً أو جماعات
الموارد اإلنتاجية ملكية خاصة ،كما أن لهم الحق في
استخدم مواردهم بأية طريقة يرونها مناسبة"
جـ -أسس وخصائص النظام االقتصادي الرأسمالي
تعتبر الحرية االقتصادية والملكية الفردية وحافز الربح من
أبرز أسس وخصائص النظام الرأسمالي:
-1الحرية االقتصادية :يكفل النظام الرأسمالي الحرية
االقتصادية للفرد ،فليس للدولة في المجتمع الذي يسوده
النظام الرأسمالي حق التدخل ووضع القيود أمام الفرد.
-2الملكية الخاصة :تعتبر الملكية الخاصة حجر الزاوية في
النظام الرأسمالي
-3حافز الربح :يعتبر البحث عن أكبر ربح ممكن غاية
النظام الرأسمالي
د -مساوئ النظام االقتصادي الرأسمالي
إهمال الجوانب األخالقية والدينية واإلنسانية في النظام
الرأسمالي
يؤدي إلى التفاوت الكبير في الدخل والثروة وتركزها في يد
فئة قليلة.
يؤدي إلى فرض السيطرة االحتكارية في السوق
د .أنه دائم التعرض للتقلبات االقتصادية الحادة وظهور
مشكالت البطالة والتضخم والمديونية،
النظام االقتصادي االشتراكي
أ -تعريفه:ـ
يعرف بأنه :النظام الذي يتميز بتملك الدولة لعوامل اإلنتاج (أي الملكية
الجماعية)
جـ -أسس وخصائص النظام االقتصادي االشتراكي
-1الملكية العامة لوسائل اإلنتاج :تعتبر الملكية العامة لوسائل اإلنتاج
األساس
-2إشباع الحاجات الجماعية :يقوم النظام االشتراكي بوضع أولوليات
-3التخطيط المركزي :ويعني تنظيم النشاط المتعلق بعملية اإلنتاج
والتبادل والتوزيع واالستهالك
د -مساوئ النظام االقتصادي االشتراكي :
( )1تقييد حريات األفراد االقتصادية ،وقتل الحافز
الفردي
( )2إلغاء الملكية الفردية لوسائل اإلنتاج ،األمر الذي
جعله يصطدم مع الفطرة البشرية
( )3محاربته لألديان السماوية.
( )4فتور بواعث العمل فيه عند معتنقيه لسد باب
الطموحات أمامهم
النظام االقتصادي المختلط
الواقع أن النظام االقتصادي المختلط ليس له هوية ذاتية
قائمة بذاتها عن هوية النظم الوضعية األخرى التي تولد
عنها ،بل هو نظام يجمع بين بعض سمات النظام
الرأسمالي وبعض سمات النظام االشتراكي ،مع
احتفاظه بالخصائص األساسية المميزة للنظام
االقتصادي الذي انتقل منه أو تحول عنه.
خصائص النظام االقتصادي اإلسالمي
الخاصية األولى :النظام االقتصادي اإلسالمي جزء من نظام
اإلسالم:
أ -للنشاط االقتصادي في اإلسالم طابع تعبدي وهدف سام
ب :ذاتية الرقابة على ممارسة النشاط االقتصادي في اإلسالم:
الخاصية الثانية :التوازن في رعاية المصلحة االقتصادية للفرد
والجماعة
الخاصية الثالثة :التوازن بين الجانبيْن المادي و الروحي
الخاصية الرابعة :االقتصاد اإلسالمي أخالقي
أهداف النظام االقتصادي اإلسالمي
أوالً :تحقيق حد الكفاية المعيشية :
يهدف اإلسالم في نظامه االقتصادي إلى توفير مستوى مالئم من المعيشة لكل
إنسان
ثانيا ً :االستثمار "التوظيف" األمثل لكل الموارد االقتصادية من خالل عدة طرق
أهمها ما يلي :
-1توظيف الموارد االقتصادية في إنتاج الطيبات
-2التركيز على إنتاج الضروريات والحاجيات التي تسهم في حماية
مقاصد الشريعة
-3البعد عن إنتاج السلع والخدمات التي تتطلب إنفاقا ً ذا طبيعة إسرافية
ثالثا ً :تخفيف التفاوت الكبير في توزيع الثروة والدخل
رابعا ً :تحقيق القوة المادية والدفاعية لألمة اإلسالمية
أسس النظام االقتصادي اإلسالمي
الملكية في االقتصاد اإلسالمي
إن التملك واالستئثار بالشيء والرغبة في االستحواذ عليه أمر فطري
جبل هللا النفس اإلنسانية على حبه والسعي إلى تحقيقه ،ومما يـدل على
ذلك الكتاب والسنة
أ -أنواع الملكية :
تنقسم الملكية إلى ثالثة أقسام هي :الملكية العامة ،ملكية الدولة ،الملكية
الخاصة
الملكية العامة :ما وجد بإيجاد هللا تعالى مما يملكة عموم ألمة دون
اختصاص أحد بعينه به .كاألنهار والبراري واآلبار.
إقرار الملكية العامة:
قال " :المسلمون شركاء في ثالث -1عن ابن عباس رضي هللا عن أن النبي
مبدأ الملكية العامة ،حيث في الماء ،والكأل ،والنار" ففي هذا الحديث يقرر النبي
الحق لعموم الناس في االنتفاع بالماء والكأل والنار .جعل
قال" الحمى إال هلل ورسوله -2عن الصعب بن جثامة رضي هللا عنه أن النبي
"
خصائص الملكية العامة :
-1الملكية العامة عالقتها مع مصالح عموم المسلمين وحاجاتهم كعالقة العلة
بالحكم
ال يملك أحد التصرف فيها -2الملكية العامة مقررة بحكم هللا تعالى ورسوله
-3الملكية العامة ملكية دائمة ومستقرة بدوام واستقرار مصلحة عموم المسلمين
-4الحق في الملكية العامة حق مستقر للجماعة باعتبارها مؤلفة من أفراد.
ملكية الدولة :هي الملكية التي تكون للدولة ،ومواردها لبيت مال المسلمين يتصرف فيها
ولي أمر المسلمين بموجب ما تقتضيه المصلحة العامة.
وبيت المال هو الجهة التي تختص بكل ما ال يعرف مالكه أو لم يتعين له مالك
موارد ملكية الدولة ( بيت المال )
-1المعادن :سواء كانت جارية كالبترول أو كانت جامدة كالذهب والفضة
-2الزكاة .:و ذلك بقبضها من أصحابها وتوزيعها على مستحقيها
-3الخراج :وهو مقدار معين من المال يوضع على األرض الزارعية ،
وأول من فرض الخراج عمر بن الخطاب رضي هللا بعد مشاورة كبار المهاجرين
واألنصار.
-4الفيء :وهو كل مال وصل إلى المسلمين من الكفار بغير قتال وال إيجاف
خيل وال ركاب
-5خمس الغنائم :خمس الغنائم يؤخذ لبيت مال المسلمين فعن عبادة بن
أخذ وبرة من جنب بعير فقال" أيها الناس إنه ال الصامت رضي هللا عنه أن النبي
يحل لي مما أفاء هللا عليكم قدر هذه إال الخمس والخمس مردود عليكم"
الملكية الخاصة :وهي ما كانت لفرد أو
لمجموعة من األفراد على سبيل االشتراك،
وتخول صاحبها االستئثار بمنافعها والتصرف
في محلها ،كتملك اإلنسان للمسكن والمركب ..
إقرار الملكية الخاصة :
القران الكريم -السنة النبوية :
-1عن أبي بكرة رضي هللا عنه أن النبي قال
في حجة الواداع ..." :فإن دماءكم ،وأموالكم ،
وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ،في
بلدكم هذا ،في شهركم هذا "
خصائص الملكية الخاصة
-1ال حد لما يتملكه اإلنسان ،مادام تملكه من خالل الوسائل المشروعة
-2الملكية الخاصة حق كامل يشتمل على جميع األعيان والحقوق والمنافع
والمزايا
،تمكن صاحبها من التصرف فيها بما يشاء ،مالم يكن تصرفه
-3الملكية الخاصة
ِّ
ممنوعا شرعا
-4الملكية الخاصة تعتبر حقا دائما لصاحبها ،ال تزول عنه إال برضاه مالم يكن
هناك مصالح معتبرة شرعا ً
-5الملكية تخول صاحبها التبرع مما يملك دون تحديد أو تقييد ،مادام أنه في قواه
المعتبرة شرعا ً
-6من خصائص الملكية أيضا ً أنها تؤدي إلى النمو االقتصادي حيث تدفع صاحبها
إلى تنمية ملكه
أهمية إقــــــــرار الملكيــــــــة الخــــاصة
أوالً -:تحقيق حاجة اإلنسان ،وما تتطلبه الحياة الكريمة .
ثانيا ً -:عمارة األرض واستغالل مواردها.
ثالثا ً -:إعداد القوة .
رابعا ً -:اإلنفاق في أوجه البر .
األسباب المشروعة للملكية :
األصل في المعامالت الحل واإلباحة ،وال يحرم منها إال ما
قام الدليل على تحريمه.
وبالنظر في األسباب المشروعة نجد أنها في الجملة ال تكاد
تخرج عن األقسام اآلتية :
القسم األول :التملك مقابل عوض ،فيدخل فيه المعاوضات
بأنواعها ،كالبيع ،واإلجارة ، ،ونحو ذلك.
القسم الثاني :التملك بغير عوض ،فيدخل فيه عقود
التبرعات كالوصية ،والهبة ،والميراث.
القسم الثالث :التملك باالستيالء ،فيدخل فيه إحراز المباح ،
وإحياء الموات ،والصيد ،واالحتطاب .
وفيما يلي نبذة موجزة ألهم أسباب الملكية :
أوال :البيع وهو لغة :مقابلة الشيء بالشيء ،و شرعا :مبادلة المال بالمال
تمليكا وتملكا .
مشروعيته :البيع مشروع بالكتاب والسنة واإلجماع :
شروط البيع :
الشرط األول :الرضا من المتعاقدين :
عن أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه أن النبي قال " :إنما البيع عن
تراض" والرضا يعلم بالقول الصريح ،أو مايدل عليه من األفعال الجارية
مجرى األقوال ،وأما اإلكراه فال يصح معه البيع مالم يكن بحق
الشـرط الثاني :أن يكون العاقدان جائزي التصرف بأن يكون كل منهما مكلفا ً
رشيدا ً .قال " :رفع القلم عن ثالثة :عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير
حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل"
الشرط الثالـث :أن يكون المعقود عليه ماالً مباح المنفعة من غير
ضرورة.
قال " :إن هللا ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنـزير واألصنام ،
فقيل :يارسول هللا أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى بها السفن ،ويدهن بها
الجلود ،ويستصبح بها الناس ؟فقال :ال ،هو حرام ،ثم قال عند ذلك
:قاتل هللا اليهود ،إن هللا لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا
ثمنه "
وبذلك تخرج األعيان النجسة والمحرمة ،فال يصح أن يكون المبيع خمرا
أو ميتة أو دما ً ونحو ذلك .
الشرط الرابع :أن يكون العاقد مالكا ً للمعقود عليه ،أو مأذونا ً له في ذلك
.
لقول النبي " :ال تبع ماليس عندك "
الشرط الخامس :أن يكون المعقود عليه مقدورا ً على تسليمه.
حتى يتمكن المشتري من االنتفاع بها ،وهذا هو مقصود البيع ،وعلى هذا
ال يجوز بيع غير المقدور على تسليمه ،كالجمل الشارد ،والسيارة
الضائعة .
الشرط السادس :أن يكون المعقود عليه معلوما ً لدى المتعاقدين .
وذلك ألن النبي نهى عن بيع الغرر ،وبيع المجهول فيه غرر ؛
لعدم معرفته وال معرفة أوصافه .
الشرط السابع :أن يكون الثمن معلوما للمتعاقدين.
ثالثا ً :اإلجارة :وهي عقد على منفعة مباحة معلومة ،بشروط
معينة .
مشروعيتها :اإلجارة مشروعة في الكتاب والسنة واإلجماع
شروط عقد اإلجارة :
( )1أن تكون من جائز التصرف وهو الحر البالغ الرشيد .
( )2معرفة المنفعة واألجرة .
( )3أن تكون العين المؤجرة مما يمكن االنتفاع بها مع بقاء أصلها.
( )4أن تكون المنفعة مباحة .
األسباب المحرمة في كسب الملكية :
أوال :
الربا :وهو لغـة :النماء والزيادة
اصطالحا ً :هو زيادة في أشياء ونسأ في أشياء مختص بأشياء جاء
الشرع بتحريمها.
أنواع الربا:ينقسم الربا إلى نوعين :
النوع األول :ربا الدَيْن وله صور :
أ -الزيادة في الدين مقابل الزيادة في األجل .
ومثال ذلك أن يطلب المدين من الدائن – صاحب الدين -تمديد أجل
الدين بعد حلوله فيقبل الدائن ذلك بشرط الزيادة في مقدار الدين ،
وهذا هو ربا الجاهلية
ب -الزيادة المشروطة :
وذلك بأن يحدد الدائن للمدين موعدا معينا لسداد الدين ويشترط عليه
في العقد زيادة معينة إذا لم يسدد في الموعد المحدد .
النوع الثاني :ربـا البيع :وهو بي ُع ربوي بمثله متفاضال
حاالَّ أو مؤجالً.
ويقع في األعيان الربوية التي نص عليها النبي فعن
عبادة بن الصامت رضي هللا عنه أن النبي قال (:الذهب
بالذهب ،والفضة بالفضة ،والبُر بالبُر ،والشعير بالشعير،
والتمر بالتمر ،والملح بالملح مثْال بمثْل سواء بسواء يدا بيد
فمن زاد أو استزاد فقد أربى فإن اختلفت هذه األشياء فبيعوا
كيف شئتم إذا كان يدا بيد ) ،ويقاس على هذه األشياء
المذكورة ما يشترك معها في علة الربا.ومثال ذلك :بيع
خمسين جراما ً ذهبا ً بسبعين جراما ً ذهبا ً في الحال ،أو بيع
خمسين رياال بسبعين لاير حاال.
علة الربا :نص النبي على األصناف الستة المذكورة في
حديث عبادة المتقدم ويقاس عليها ما شاركها في العلة ،
والعلة فيها كما يلي :
الذهب والفضة :
العلة فيهما الثمنية فهما أثمان لألشياء فيقاس عليهما ما كان
ثمنا كاألوراق النقدية المعروفة ،حيث يجري فيها الربا
لكونها أثمانا قياسا على الذهب والفضة .
األصناف األربعة األخرى :
العلة فيها على الصحيح الطعم مع الكيل أو الوزن ،
فاألطعمة التي تكال أو توزن يجري فيها الربا قياسا على
األصناف األربعة الواردة في حديث عبادة بن الصامت
رضي هللا عنه (البر ،الشعير ،التمر ،الملح)
ضوابط التعامل باألجناس الربوية:
التعامل باألجناس الربوية ال يخلو من حالتين :
الحالة األولى :بيع جنس ربوي بمثله كبيع ذهب بذهب مثال
فيشترط لجواز التعامل في هذه الحالة شرطين :
التماثل في القدر بين الجنسين .
التقابض في مجلس العقد .
ودليل ذلك ما جاء في حديث عبادة بن الصامت رضي هللا عنه
السابق أن النبي قال .. ( :مثال بمثل سواء بسواء يدا بيد )..
الحالة الثانية :بيع جنس ربوي بجنس ربوي آخر كبيع بر بتمر
مثال ،فيشترط لجواز التعامل في هذه الحالة التقابض في مجلس
العقد وتجوز الزيادة بينهما .ودليل ذلك ما جاء في حديث عبادة
بن الصامت رضي هللا عنه أن النبي قال..(:فإذا اختلفت –
أي األجناس -فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد )
أدلة تحريم الربــا :الربا محرم وكبيرة من كبائر
الذنوب دل على ذلك الكتاب والسنة واإلجماع
السنــة :عن جابر رضي هللا عنه قال :لعن رسول
هللا آكل الربا ،وموكله ،وكاتبه ،وشاهديه ،وقال هم
سواء
وعن أبي هريرة رضي هللا عنه قال سمعت أبا القاسم
يقول " :اجتنبوا السبع الموبقات ،قالوا :يارسول
هللا وماهن ؟قال :الشرك باهلل ،والسحر ،وقتل النفس
التي حرم هللا إال بالحق ،وأكل الربا ،وأكل مال
اليتيم ،والتولي يوم الزحف ،وقذف المحصنات
المؤمنات الغافالت "
الحكمة في تحريم الربا:
( )1االبتعاد عن الظلم وأكل أموال الناس
بالباطل .
( )2الربا طريق للكسل والبطالة .
( )3الربا يربي اإلنسان على الجشع والطمع ،
ويهدم األخالق الفاضلة.
( )4الربا طريق إلى الجريمة وتوجيه األموال
نحو االستثمار الضار .
ثانيا :
الميسر :
وهو أن يؤخذ مال اإلنسان وهو على مخاطرة ال يدري هل
يحصل له عوضه أوال يحصل ،وهو يتناول بيوع الغرر التي نهي
عنها ،ويتناول أيضا ً المغالبات والمسابقات التي يكون فيها عوض
من الطرفين ،وأما مسابقة الخيل ،واإلبل ،والسهام فإنها مباحة.
إن لم يكن فيها رهان من طرفين معا ً
ثالثا :
االتجار في المحرمــــــات
كالخمور والمخدرات ،والتماثيل ،والصور المحرمة .
رابعا :
الغرر :
وهو ما كان مجهول العاقبة ،بحيث ال يُعلم :هل يحصل أو ال ،
وهل يُقدر على تسليمه أم ال ؟.
أدلة تحريمه :
حرم اإلسالم الغرر وجعله من أكل أموال الناس بالباطل ،يدل على ذلك الكتاب والسنة
واإلجماع
السنة :
"عن بيع الحصاة وعن بيع
-1عن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :نهى رسول هللا
الغرر"
-2عن عبد هللا بن عمر رضي هللا عنهما أن رسول هللا نهى عن بيع َحبَل ال َحبَلة،
وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل يبتاع ال َجزَ ور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي
في بطنها"
ضابط الغرر المؤثر :
يشترط في الغرر ليكون مؤثرا ً في العقد عدة شروط هي :
-)1أن يكون الغرر كثيرا ً :
-)2أن يكون الغرر في المعقود عليه أصالة .
-)3أال تدعو الحاجة للعقد .
اإلنفاق المشروع وضوابطه
اإلنفاق :بذل المال فيما يرضي هللا على سبيل
اإللزام أو التطوع .
أنواع اإلنفاق :يمكن تقسيم اإلنفاق إلى قسمين :
أوال :اإلنفاق الواجب :ويراد به إنفاق اإلنسان فيما افترض هللا عليه وألزمه
بأدائه .
وبناء عليه فإن اإلنفاق يشمل ما يلي :
-1إنفاق اإلنسان على نفسه و على من تلزمه نفقتهم كالزوجة ،واألوالد ،
والوالدين ،واألقارب
وعن أبي هريرة رضي هللا عنه قال :قال رسول هللا " :دينار أنفقته في سبيل
هللا ودينار أنفقته في رقبة ،ودينار تصدقت به على مسكين ،ودينار أنفقته على
أهلك ،أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك"
-2الزكاة التي فرضها هللا تعالى على عباده ممن توافرت فيهم شروط وجوبها
-3الكفارات :وهي ما يجب على المسلم بسبب الحنث في اليمين ،والظهار والقتل
الخطأ
-4النذر :وهو ما أوجبه المكلف على نفسه من الطاعات ،وقد امتدح هللا الموفون
بالنذر
-5زكاة الفطر :لحديث أبي سعيد الخدري رضي هللا عنه قال " :كنا نخرج زكاة الفطر
صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط أو صاعا من
زبيب " .
ثانيا :اإلنفاق التطوعي:
وهو نفقات يؤديها المرء تبرعا من تلقاء نفسه لم يوجبها عليه الشرع
وهي متنوعة منها الصدقات العامة ،والهبات ،والهدايا ،واإلنفاق على األقارب
الذين ال تلزمه نفقتهم ،والقاعدة في اإلنفاق التطوعي أن ينفق اإلنسان مما فضل
عن كفايته وكفاية أهله .
ضوابطاإلنفاق:
( )1اإلنفاق في الحالل والبعد عن اإلنفاق في الحرام .
( )2البعد عن التبذير واإلسراف المنهي عنه .
( )3الموازنة في اإلنفاق .
ويمكن ترتيب األوليات على النحو اآلتي :
الضروريات :المراد بها األشياء التي ال تستقيم الحياة بدونها كاألكل والشرب.
الحاجيات :المراد بها األشياء التي تبعد الحرج والمشقة عن اإلنسان ،أو
تخفف منها.
التحسينات :المراد بها األشياء الكمالية التي توفر الرفاهية في الحياة الدنيوية .
الحرية االقتصادية المقيدة في النظام االقتصادي اإلسالمي :
توسط النظام االقتصادي اإلسالمي في منهجه من مسألة الحرية االقتصادية ،
حيث أقرها بضوابط شرعية
الضوابط الشرعية الواردة على النشاط االقتصادي -:
(أ) تطبيق أحكام اإلسالم في الحالل والحرام ،ولذلك صور كثيرة ،منها :
تحريم إنتاج واستهالك السلع والخدمات الخبيثة المضرة باإلنسان
وتطبيق هذا القيد (الحالل و الحرام )
تحريم طرق الكسب غير المشروع كالربا ،و الغرر ،و الغش
بأشكاله المختلفة كالرشوة ،و التزوير
(ب) االلتزام بعدد من الواجبات الشرعية االقتصادية :
ومن هذه األوجه أداء الزكاة ،و نفقة األقارب ،و نفقة الزوجة و
األوالد وغيرها.
(ج) الحجر على السفهاء و الصبيان و المجانين -:
يقصد بالحجر في اللغة المنع و التضييق ،وفي الشرع يقصد به ( منع
اإلنسان من التصرف في ماله ).
والحجر قسمان :
القسم األول :حجر لمصلحة الغير،كالحجر على المفلس لمصلحة
الغرماء
القسم الثاني :فهو حجر على إنسان لمصلحة نفسه ،وهو الحجر
على السفيه ،والصبي ،والمجنون .
(د) إذا تعارضت المصلحة الخاصة مع المصلحة العامة تقدم
المصلحة العامة
إذا تعارضت مصلحة الفرد مع مصلحة المجتمع فتقدم مصلحة
المجتمع .ومن أمثلة ذلك منع االحتكار بمعناه الشرعي ،الذي يقصد
به االمتناع عن بيع سلعة أو خدمة مما يؤدي منعه إلى األضرار
بالناس
تدخل الدولة في النشاط االقتصادي:
أوالً :تدخل الدولة في النظام الرأسمالي -:
طبقت مباديء النظام الرأسمالي الحر بصورتها
المثالية حوالي نصف قرن .وفي تلك الفترة التي
بدأت منذ منتصف القرن الثامن عشر الميالدي ،لم
تكن الدولة تتدخل في النشاط االقتصادي .وبعد
ظهور بعض سلبيات الحرية المطلقة أُعيد تدخل
الدولة .أما اآلن فكل الدول في العالم تتدخل في
النشاط االقتصادي "
ثانيا ً :تدخل الدولة في النظام االقتصادي اإلسالمي :
(أ) تدخل الدولة لتطبيق األحكام الشرعية االقتصادية المنصوص عليها -:
من الوظائف االقتصادية للدولة في النظام االقتصادي اإلسالمي أنها مسئولة عن
تطبيق الضوابط الشرعية المتعلقة بالنشاط االقتصادي ،كمنع المحرمات مثل
الربا ،و الغرر ،وبعض السلع كالخمر .
(ب) تدخل الدولة فيما يعد من السياسة الشرعية -:
تعرف السياسة الشرعية بأنها "تصرف الحاكم بالمصلحة وفق ضوابطها
الشرعية "
حدود تدخل الدولة:
( )1أن تكون المصلحة المقصودة من التدخل الحكومي مندرجة تحت مقاصد
التشريع وهي :
( )2أن تكون المصلحة المقصودة من التدخل غير متعارضة مع حكم ثابت
بدليل شرعي
( )3أالَّ تؤدي المصلحة المقصودة من تدخل الدولة إلى تفويت مصلحة أخرى
أهم منها أو مساوية لها .
• أمثلة للوظائف االقتصادية للدولة المبنية على
السياسة الشرعية -:
تقوم الدولة في النظام االقتصادي اإلسالمي بأداء عدد من الوظائف
االقتصادية ،وهذه الوظائف تستند إلى السياسة الشرعية المبنية على
المصالح المرسلة،ومنها -:
-1إدارة الموارد الطبيعية مثل اتخاذ اإلجراءات التي تؤدي إلى االنتفاع
بالموارد الطبيعية المتوفرة كاألراضي الزراعية ،والمعادن ،ومياه األنهار.
-2إدارة ميزانية الدولة :تعرف ميزانية الدولة بأنها (تقدير مفصل ،ومعتمد لنفقات
الدولة ،وإيراداتها لفترة زمنية مقبلة ،عادة ما تكون سنة ).
-3تنظيم النشاط االقتصادي :ومن أمثلة هذا التنظيم :األنظمة المتعلقة بإنشاء
المصارف ،واألنظمة المتعلقة بإنشاء الشركات ،والمصانع ،وأنظمة مؤسسات التعليم
الخاص إلى غير ذلك من صور التنظيم .
-4التدخل لمعالجة بعض الظواهر االقتصادية مثل البطالة ،أو االنكماش أو هجرة
األموال إلى الخارج ،أو الفقر ،أو سوء توزيع الدخل ،و الثروة داخل المجتمع .
وسائل التكافل االجتماعي االقتصادي
أوالً :زكاة األموال :ومن تعريفاتها أنها " :نصيب مقدر شرعا ً في
مال معين ،يُصرف لطائفة مخصوصة" .
أهم اآلثار االقتصادية للزكاة :
-1أنها وسيلة من وسائل إعادة توزيع الدخل ،والثروة في المجتمع :
-2أنها أحد الدوافع نحو االستثمار :
-3أنها وسيلة من وسائل األمن المشجع على توفير البيئة المناسبة
لالنتعاش االقتصادي .
-4أنها وسيلة من وسائل تحسين أوضاع الفئات الفقيرة في المجتمع :
تمول التكافل في المجتمع ،فتخفف
-5أنها تساهم في توفير موارد ِّ
العبء عن ميزانية الدولة .
األموال التي تجب فيها الزكاة :
تجب الزكاة في أربعة أصناف من المال ،هي :
-1األثمان :وتشمل الذهب ،والفضة ،وما يلحق بهما من العمالت
المعاصرة المصنوعة من الورق أو غيره .
-2السائمة من بهيمة األنعام .وهي البقر ،واإلبل ،والغنم ،التي
ترعى في البراري معظم السنة .
-3الخارج من األرض من الحبوب كالقمح ،والثمار كالتمر ،
والمعدن كالحديد.
-4عروض التجارة :وهي كل ما أُعد للبيع والشراء بهدف الربح .
شروط وجوب الزكاة :
تجب الزكاة في األموال بشروط خمسة ،هي :
الحرية -اإلسالم -ملك النصاب -تمام الملك ،واستقراره -تمام
الحول .
مسائل متفرقة في فقه الزكاة -:
المسألة األولى :
تجب الزكاة في مال الصبي و المجنون في أصح أقوال
العلماء ألنها حق واجب في المال وليس متعلقا ً بالجسم
كالصالة التي ال تجب عليها .
المسألة الثانية :
ال زكاة في أموال الدولة ،وأموال الجمعيات الخيرية ،
واألوقاف الموقوفة على جهات خيرية كالمدارس ،
والمستشفيات ،ألنها مرصدة للخير وليست ملكا ً للفرد
المكلف .
المسألة الثالثة :
زكاة الدين :
إذا كان لإلنسان دين عند اآلخرين فهل تجب فيه زكاة أم ال ؟ هذه من
مسائل الخالف ،وخالصتها أن للدَّين حالتين -:
الحالة األولى :إذا كان الدين على مليء أي إذا كان المدين غنيا ً وفيا ً
غير مماطل ،بحيث أن صاحب الدين يستطيع الحصول عليه متى
أراد ،فهذا الدين تجب فيه الزكاة كل عام ،وله أن يخرج زكاته كل
سنة ،وهو األفضل ،وله أن ينتظر حتى يقبضه ثم يزكي عن كل
السنوات الماضية .
الحالة الثانية :أن يكون المدين معسرا ً أو مماطال غير وفي ،فال
زكاة فيه ولو تغيرت أحوال المدين فسدد هذا الدين الحقا ً فهو أيضا ً ال
زكاة فيه ،فيُعامل على أنه دخل ،ينتظر حتى يحول عليه الحول من
قبضه إذا كان قد بلغ النصاب .وقيل يزكي عن سنة واحدة من باب
االستحباب.
المسألة الرابعة :
حكم الزكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب :فلو أن
شخصا ً عنده مئة ألف لاير ،وعليه دين يزيد عن هذا المبلغ
أو يساويه ،أي أنه لو سدد الدين لم يبق عنده ما يساوي
النصاب ،فهل يزكي المبلغ الذي عنده وهو مئة ألف لاير
في هذا المثال ؟
هذه من مسائل الخالف القوي ،وفيها أقوال :
األول :أنه ال زكاة عليه ،فهو فقير يستحق المواساة ،وهذا هو المشهور
في المذهب الحنبلي ،و ال فرق بين الدين الحال والمؤجل .
الثاني :أنه تجب عليه الزكاة فيما عنده من المال ،وال أثر للدين في منع
الزكاة ،ومما يُستدل به لهذا القول عمومات األدلة اآلمرة بالزكاة في كل
مال بلغ النصاب و أن الزكاة تجب في المال ،وهو موجود ،إذا ً تجب فيه
الزكاة ،أما الدين فهو في الذمة .
الثالث :التفصيل :فأصحاب هذا القول قسموا األموال الزكوية إلى قسمين
.فاألموال الظاهرة وهي الحبوب ،والثمار ،وبهيمة األنعام تجب فيها
الزكاة ،إذا كان ما لكها عليه دين ينقص النصاب ،أما األموال الباطنة
وهي األثمان وعروض التجارة فال تجب فيها الزكاة إذا كان مالكها عليه
دين ينقص النصاب
القسم األول :زكاة الذهب والفضة والعمالت الورقية :
نصاب الذهب والفضة :أُختلف في ذلك ،وما قيل فيه :أن
نصاب الفضة ( )595جراما ً ،ونصاب الذهب ( )85جراما ً
نصاب العمالت الورقية :العمالت المعاصرة المصنوعة من
الورق ،أو غيره حلت محل الذهب ،والفضة ،وأصبحت هي
األثمان المتداولة ،فتقاس على الذهب ،والفضة ،فتجب فيها
الزكاة .
طريقة حساب نصاب العملة الورقية -:
نصاب العملة الورقية = مقدار نصاب الفضة بالجرام × سعر
الجرام باللاير .
مقدار ما يخرج من األثمان :يخرج منها ()٪2.5
زكاة عروض التجارة :
تعتبر عروض التجارة أوسع األموال الزكوية ،فيدخل فيها كل
السلع التي يتخذها الناس لطلب الربح بالبيع .كالعقارات ،و المواد
الغذائية ،واألثاث ،و اآلالت ،و المالبس
شروط وجوب الزكاة في عروض التجارة:
-1أن يملك هذه العروض باختياره ،كالشراء ،وقبول الهبة ،أ َّما
ما دخل في ملكه بغير إرادته كاإلرث فال زكاة فيه .
-2أن ينوي بها التجارة عند تملكها
-3أن تبلغ قيمتها نصاب الذهب ،أو الفضة أيهما أقل
تقويم عروض التجارة :
سعر التقويم :
اختلف العلماء في السعر الذي يتم به تقويم البضاعة ألجل
إخراج زكاتها .ومن أبرز األقوال :
أن التقويم يتم بسعر الجملة .وممن أفتى بذلك اللجنة الدائمة
للبحوث العلمية ،واإلفتاء ،في المملكة العربية السعودية
وكذلك الشيخ عبد هللا بن جبرين .
-2إن كان يبيع بالجملة فباعتبار سعر الجملة ،وإن كان
يبيع بالتجزئة يقوم بسعر التجزئة .وممن قال بهذا الشيخ
محمد بن عثيمين .
مصارف الزكاة :
-2 ، 1الفقراء ،والمساكين :درجتان من المحتاجين ،والفقراء
أشد حاجة من المساكين ،و كال الصنفين ال يستطيع الحصول على
كفايته بقدراته الذاتية ،فيستحق الزكاة .
-3العاملون عليها :وهم المكلفون بجمع الزكاة وتوزيعها ،وحفظها
،ويُعطون أجرتهم من الزكاة .
-4المؤلفة قلوبهم :وهم إما أنهم غير مسلمين يُرجى إسالمهم ،أو
كف شرهم ،أو االستعانة بهم ضد غيرهم .و إما أنهم مسلمون
يراد تقوية إيمانهم أو إغراء غيرهم بالدخول في اإلسالم .
-5الرقاب :ويشمل في هذه األزمنة كل األسرى أما تحرير العبيد
فقد انحسر أو انعدم وجوده اآلن .
-6الغارمون :وهم :المدينون ،ويقسمون إلى قسمين :
األول :غارم لنفسه وهو شخص تحمل ديونا ً لمصلحته ،وعجز عن الوفاء بها
،فهو فقير فيُعطى ما يسدد ديونه .ولكن يالحظ أن من تحمل الديون في
المعاصي كالقمار ،أو الذي ال يصلي فهؤالء ال نصيب لهم في الزكاة إالَّ بعد
التوبة .
الثاني :غارم إلصالح ذات البين :وهو من تحمل في ذمته ماالً من أجل إخماد
فتنة ،فيعُطى بقدر ما التزم به ولم يسدده ،أما إذا دفع ذلك من ماله فال يُعطى ،
ألنه لم يعد مدينا ً .
-7سبيل هللا :وهو الجهاد ،فيعطي المجاهدون المتطوعون بدون مرتبات من
الدولة ،أو أنهم لهم رواتب ال تكفيهم ،فيعطون على قدر ما تحتاجه مهمتهم في
الجهاد وقد قرر المجمع الفقهي برابطة العالم اإلسالمي أن الدعوة إلى هللا داخلة
ضمن " في سبيل هللا " وعلى هذا يجوز صرف الزكاة لإلنفاق على الدعوة إلى
هللا ،وقال الشيخ محمد بن إبراهيم :إنه يلحق بذلك أيضا ً اإلنفاق على كشف
الشبه عن الدين فهو من الجهاد
-8ابن السبيل وهو :المسافر المنقطع فيعطى ما يوصله إلى بلده .
ويجوز دفع الزكاة لصنف واحد من هذه األصناف .
ثانيا ً :صدقة التطوع وهي مستحبة ،في أي صورة :نقدية أو عينية .
ثالثا ً :الـوقـــف وهو " تحبيس األصل وتسبيل المنفعة "
حكمه :وحكمه مستحب " ،إذا مات اإلنسان انقطع عمله إالَّ من ثالثة :
إالَّ من صدقة جارية ،أو علم يُنتفع به ،أو ولد صالح يدعو له "
لزومه :وهو عقد الزم ،ال يجوز فسخه بعد انعقاده ،عند جمهور
العلماء
رابعا ً :الـقرض الحـسـن وهو " :دفع مال لمن ينتفع به ويردُّ بدله "
حكم القرض :القرض جائز الطلب من المقترض .ومستحب للمقرض،
ففيه إعانة للمحتاجين ،ويدخل تحت عموم " من نفَّس عن مؤمن كربة
من ُك َرب الدنيا نفَّس هللا عنه ُك ْربة من ُك َرب يوم القيامة "
المعامالت المصرفية
البنوك تقوم على عملين إجماالً،
أحدهما :االقتراض ،إذ يقترض البنك من الجمهور من خالل ما يسمى
بقبول الودائع
وثانيهما :اإلقراض بفائدة ،حيث إن البنك يقرض هذه األموال المجتمعة
لديه من الجمهور ،مقابل فائدة ،وذلك ما يسمى بـ"االئتمان" أو
"التمويل" ،وهو أساس عمل البنوك التجارية
والبنوك اإلسالمية أساس عملها التمويل أيضا ً الذي يقوم على ودائع
الجمهور ،لكن التمويل لدى البنوك اإلسالمية ،ال يكون بالقرض بفائدة،
بل بالبيع ،أو المشاركة ،ونحو ذلك.
ومن نظر آخر تنقسم أعمال البنوك إلى قسمين" :تمويل" ،و"خدمات".
أما أعمال االئتمان "التمويل" ،فهي ما يكون فيها البنك مموالً "مقرضا ً".
وأما أعمال الخدمات فغايتها التسويق للعمل األساسي للبنوك "التمويل"،
فتكون تلك الخدمات التي يقدمها البنك لألفراد والمؤسسات طريقا ً ،ومدخالً
إلى تمويلها ،ومن تلك الخدمات" :بطاقة االئتمان"" ،االعتماد المستندي"،
وغيرها ،وفيما يلي بيان ألهم المعامالت المصرفية:
أوالً :الوديعة المصرفية:
(أ) تعريفها( :النقود التي يعهد بها األفراد ،أو الهيئات إلى البنك ،على أن
ص آخر
يتعهد األخير بردها ،أو برد
مبلغ مسا ٍو لها إلى المو ِّدع ،أو إلى شخ ٍ
ٍ
معين ،لدى الطلب ،أو بالشروط المتفق عليها)
(ب) أقسامها :وتنقسم الوديعة المصرفية إلى قسمين:
األول :وديعة جارية "تحت الطلب" ،وفيها يمتلك البنك المبالغ المودعة،
ويكون للمودع أن يطلب استردادها في أي وقت ،وال يأخذ صاحبها عوضا ً
"فائدة" من البنك مقابلها
ٌ
اتفاق بين البنك ،وصاحبها بأن ال
الثاني :وديعة ألجل ،وهذه يجرى
يستردها ،أو شيئا ً منها إال بعد أج ٍل معين ،ومقابل ذلك يعطي البنك صاحبها
عوضا ً "فائدة" يناسب أجلها
ج -تخريجها "تكييفها" :الوديعة المصرفية بنوعيها تتميز
باآلتي:
( )1أن المصرف يمتلكها.
( )2ثم إنه تبعا ً لذلك يتصرف فيها.
( )3ثم إنه تبعا ً لذلك يضمن رد مثلها لصاحبها بكل حال.
وهذه الخصائص ال تكون للوديعة ،لكنها من خصائص
قرض في حقيقتها،
القرض ،وعليه :فإن الوديعة المصرفية
ٌ
وإن سميت وديعة.
د -حكمها :وإ ْذ كانت الوديعة المصرفية قرضا ً في حقيقتها ،فإنها
تكون ربا ً عند أخذ فائدة
ثانيا ً :القرض بفائدة :والقرض بفائدة مشروطة في أصل العقد
من أعمال البنوك التجارية،
ب -أقسامه :ينقسم القرض باعتبار الفائدة إلى قسمين ،هما
قسما الفائدة ،وهما:
-1الفائدة المشروطة في أصل عقد القرض لقاء األجل المحدد
-2الفائدة التي تستحق الحقا ً لقاء تأخير الوفاء عن أجله
المحدد.
وباعتبار طرقه ينقسم القرض إلى قسمين :
القرض المباشر والقرض غير المباشر
جـ -تخريجه :والقرض بفائدة ليس قرضا ً في حقيقته،
لكنه ربا
ثالثا ً :االعتماد البسيط :وهو( :عقد يلتزم البنك بمقتضاه أن يضع تحت
تصرف عميله مبلغا ً معينا ً من النقود ،أو أي أداة من أدوات االئتمان،
ويكون للعميل حق االستفادة من ذلك دفعة واحدة ،أو على دفعات معينة)
وال يكون العميل مدينا ً للبنك بمجرد هذا العقد ،لكن بعد حصوله على
القرض.
رابعا ً :االعتماد المستندي وهو( :تعهد صادر من البنك بالدفع عن العميل
لصالح طرف ثالث ،بشروط معينة ،مبينة في التعهد).
وهذه المعاملة يحتاج إليها في التجارة الدولية ،إذ يكون البنك وسيطا ً بين
المصدِّر في بلد أجنبي ،والمستورد في بلد البنك ،ويكون دفع البنك
للمصدِّر مشروطا ً بتسليم مستندات البضاعة إلى البنك .وال يكون البنك
مقرضا ً للعميل بمجرد هذا التعهد ،لكن بدفعه المبلغ للمصدر .
والبنك اإلسالمي ال يمول العميل من خالل االعتماد المستندي على وجه
القرض بفائدة ،بل على وجه المشاركة ،أو نحوها من العقود المشروعة.
خامسا ً:
بطاقة االئتمان :أ -تعريفها :وهي( :مستند يعطيه مصدره لشخص طبيعي ،أو
اعتباري ،بناء على عقد بينهما ،يمكنه من سحب النقود ،وشراء السلع،
والخدمات ،ممن يعتمد المستند ،دون دفع الثمن حاالً ،لتضمنه التزام المصدر
بالدفع)
ب -فائدتها لحاملها "العميل":
-1أنه يستحق بموجبها قرضا ً من البنك إما على هيئة الوفاء بما عليه من
حقوق "ديون" ناتجة عن تعاملة بهذه البطاقة ،أو على هيئة نقد يحصل عليه
العميل في حال سحبه على المكشوف بواسطتها.
-2وهناك فوائد أخرى لبطاقة االئتمان تشترك معها فيها في بطاقة الصرف
اآللي ،ومنها:
-1سهولة التعامل بها ،واالستغناء بها عن حمل النقود.
-2إمكان السحب النقدي بها ،وهذه الخدمة تكلف عن طريق بطاقة االئتمان أضعاف ما
تكلفه عن طريق بطاقة الصرف اآللي.
-3إمكان تسديد الفواتير بها.
جـ -فائدتها للمصرف "البنك":
توظيف المصرف أمواله من خاللها باالئتمان.
كسب عدد كبير من العمالء حاملي بطاقته الصادرة عنه.
فتح المتعاملين بها حسابا ً جاريا ً لدى المصرف "مصدرها" لتسوية ما يتم بواسطتها من
معاملة.
ما يحصله البنك "مصدرها" من عوائد من خاللها على هيئة رسوم ،وعمولة ،وفوائد
دـ -الفرق بينها وبين بطاقة الصرف اآللي :هناك بطاقة أخرى تصرفها البنوك
ألصحاب الحساب الجاري لديها تمنكهم من الصرف من حسابهم ،تسديد الفواتير منها،
واالستعالم عن أرصدتهم ،وكل ذلك يتم عن طريق مكائن الصرف ،دون حاجة إلى
مراجعة البنك ،وتختلف هذه البطاقة عن بطاقة االئتمان من جهة أن هذه البطاقة ال
يقرض البنك العميل من خاللها ،بل استخدامها مرتبط بوجود رصيد في الحساب
الجاري ،أما بطاقة االئتمان فإن البنك يقرض العميل في حال استخدامها ،وقد انكشف
حسابه.
و -حكمها :ما كان منها يتضمن عقده بين البنك والعميل شرط الفائدة "الزيادة" عند
تأخير الوفاء على األجل المحدد ،فإنه يمنع التعامل بها ،الشتمالها على شرط الربا
سادسا ً :حسم األوراق التجارية :وهو من أعمال البنوك التجارية التي
تمارس من خالله االئتمان،
أ -المقصود بالورقة التجارية :واألوراق التجارية هي :الشيك ،الكمبيالة،
السند اإلذني "ألمر”
ب -المقصود بالتظهير :والمقصود بالتظهير هو :أن يكتب المستفيد من
الورقة التجارية على ظهرها ما يفيد نقل حقه فيها إلى طرف آخر.
جـ -تعريف الحسم "الخصم" :وهو( :تظهير الورقة التجارية التي لم يحل
أجلها بعد إلى المصرف ،تظهيرا ً ناقالً للملكية ،في مقابل أن يعجل المصرف
ظهر ،بعد أن يخصم منها مبلغا ً يتناسب مع األجل الذي يحل عنده
قيمتها لل ُم ِّ
موعد استحقاقها)
ظهر" هي :أنه يمنحه
د -فائدة الحسم :وفائدة الحسم بالنسبة إلى العميل "ال ُم ِّ
قرضا ً من خالل تعجيل البنك قيمة الورقة التجارية له ،في حين أنها في
األصل ال تستحق إال بعد أجل.
يخرج على أنه قرض ،فإن المصرف
هـ -تخريج الحسم "الخصم" :والحسم َّ
يعجل لحامل الكمبيالة نقداً ،ويأخذ عوضا ً عنه نقدا ً مؤجالً أكثر منه ،هو مبلغ
الكمبيالة المستحق عند حلول أجلها.
سابعا ً :تداول األسهم:
أ -تعريف السهم :وهو( :صك يمثل حصة في رأس مال الشركة
المساهمة)
ب -تخريج السهم :السهم يمثل جزءا ً شائعا ً في الشركة المساهمة ،فمن
امتلكه فقد امتلك جزءا ً منها،
جـ -حكم تداول األسهم :وحكم تداول أسهم الشركات المساهمة مبني على
ما تقوم به الشركة من عمل ،وهي بهذا االعتبار تنقسم إلى ثالثة أقسام:
األول :شركات عملها مباح ،فيجوز تداول أسهمها.
الثاني :شركات عملها حرام ،كالتي تتاجر بالربا ،وكالتي تتجار بالخمر
مثالً ،فهذه ال يجوز تداول أسهمها.
الثالث :شركات أصل عملها مباح ،كالتي تمارس التجارة ،أو الزراعة،
أو الصناعة المشروعة ،لكنها بجانب ذلك تمارس الربا ،فهي تودع ما
يفيض عندها من سيولة لدى البنوك بفائدة ،وتقترض من البنوك بفائدة.
ثامنا ً :المرابحة لآلمر بالشراء:
تعريفها :وهي( :أن يتقدم العميل إلى البنك طالبا ً منه شراء
أ-
سلعة معينة ،بالمواصفات التي يحددها ،على أساس الوعد منه
بشراء تلك السلعة مرابحة ،بالنسبة التي يتفق عليها ،ويدفع الثمن
مقسطا ً)
ب -غرضها :وغرض هذه المعاملة –في الغالب -تحصيل
السيولة ،من جهة أن كثيرين ممن يشترون سلعا ً بهذه الطريقة،
هدفهم بيعها للحصول على السيولة.
جـ -حكمها :وهذه المعاملة أصلها جائز ،لكنها في التطبيق قد
تنطوي على مخالفات تنقلها إلى المنع –وذلك مختلف باختالف
البنوك -ومن هذه المخالفات:
-1عدم امتالك البنك للسلعة ،حيث إنه يقع في التطبيق أن بعض البنوك ال
تشتري السلعة من مالكها ،وال تمتلكها ،وكل ما تفعله هو :أنها تدفع ثمن السلعة
لبائعها ،ثم تطالب العميل بهذا الثمن ،مضافا ً إليه زيادة.
ص ْرف ،فإن البنك قد دفع الثمن عن العميل،
وهي بهذه الصورة تمويل ربوي ِّ
فصار بهذا مقرضا ً له ،ثم استرد منه القرض ،مضافا ً إليه زيادة عليه هي الربا.
-2إلزام العميل بشراء السلعة من البنك ،وهذا اإللزام ثابت باتفاق سابق على
امتالك البنك للسلعة ،حيث إنه قبل أن يمتلك البنك السلعة المطلوبة منه ،يتفق مع
العميل على الثمن الذي سيبيع بهالسلعة عليه ،وعلى عدد األقساط ،وقدر القسط،
وفي هذا االتفاق يشترط البنك على العميل أن يلتزم بشراء السلعة بعدما يمتلكها
البنك ،وهذا اإللزام يتضمن أمرين:
أحدهما :التأثر بالفلسفة الربوية ،فال تكون التجارة مقصودة ،لكن المقصود هو
التمويل ،وتبعا ً لهذا تحاذر البنوك اقناء السلع ،والبضائع ،وذلك مخالف لهدي
الكسب في اإلسالم الذي تكون التجارة مقصوده ،فتُشترى السلع ،وت ُحاز ،قبل
تحديد مشتريها.
وثانيهما :أن إلزام العميل بشراء السلعة بعد أن يمتلكها البنك ال يخلو من أحد
حالين:
األولى :أن يُرغم العمي ُل على عقد البيع ،وهذا مناف للتراضي المشروط في
التجارة
الثانية :أن يُحكم بتملك العميل للسلعة ،استنادا ً إلى االتفاق األول ،السابق
على امتالك البنك لها ،فهذا يؤول إلى بيع ماال يملك ،وهو ممنوع لقوله
(ال تبع ما ليس عندك)
-3أن البنك قد يشتري السلعة من التاجر ،ويبقيها لديه ،ليستلمها العميل
"المشتري" منه ،ثم إن العميل يقوم ببيعها ثانية على بائعها األول ،الذي
اشتراها البنك منه ،وأبقاها عنده ،فالبائع األول عادت إليه عين سلعته ،وهذا
من قبيل العينة عند بعض الفقهاء وهي ممنوعة.
-4التساهل في القبض ،فال يقبض البنك السلعة التي اشتراها ،ال قبضا ً
حقيقياً ،كأن يخرجها من محل البائع ،وينقلها إلى ملكه ،وال قبضا ً حكمياً،
كاستالم وثيقتها الرسمية ،وتحويلها باسمه ،وقد جاء النهي عن بيع المبيع
قبل قبضه في الحديث([:من ابتاع طعام فال يبعه حتى يستوفيه) قال ابن
عباس" :وأحسب كل شيء مثله"]
التورق المصرفي المنظم :وهو معاملة حديثة –نسبيا ً -فقد كان ظهورها في
حدود عام 2000م ،وتمارسها بعض البنوك اإلسالمية ،كما تمارسها الفروع،
والنوافذ اإلسالمية للبنوك التجارية ،ولها أسماء تختلف من بنك آلخر ،فبعض
البنوك تسميها "تيسير" ،وبعضها تسميها "تورق الخير" ،وبعضها تسميها
"التورق المبارك" ،وبعضها تسميها "دينار" ،وبعضها تسميها "مال" ،وهكذا،
وسنتكلم عليها من خالل العناصر اآلتية:
أ -الغاية منها :والغاية منها تحصيل السيولة النقدية لألفراد والمؤسسات.
ب -تعريفها ،وهي( :تحصيل النقد بشراء سلعة من البنك ،وتوكيله في بيعها،
وقيد ثمنها في حساب المشتري).
جـ -الفرق بينها وبين المرابحة لآلمر بالشراء :وتختلف عن المرابحة لآلمر
بالشراء من جهة أن قصد العميل في التورق الحصول على النقد ،أما المرابحة
فقد يكون قصده النقد ،وقد يكون قصده شراء السلعة بالتقسيط.
ومن جهة أن التورق –كما عليه واقع المعاملة -يتضمن توكيل العميل للبنك في
بيع السلعة نيابة عنه ،أما المرابحة ،فال تتضمن التوكيل غالبا ً.
ومن جهة أن التورق يقوم على بيع معادن في السوق الدولية مثل:
المغنيسيوم ،والبالديوم ،والبالتين ،واأللمونيوم ،ونحوها على العميل ،أما
المرابحة فتقوم على بيع بضائع محلية ،كالسيارات ،واألثاث ،ونحوها.
ومن جهة أن التورق تكون فيه السلعة موجودة لدى البنك ،قبل أن يطلبها
العميل –كما تقول البنوك ،-أما المرابحة فال يشتري البنك السلعة إال بعد أن
يطلبها منه العميل غالبا ً.
تخريجها :التورق المنظم يتم في السوق الدولية ،ويكتنفه الكثير من
د-
الغموض في التطبيق ،فقد توجد السلعة "المعدن" ،وقد ال توجد ،وقد تباع
على من اشتريت منه ،وقد تباع على طرف آخر ،لهذا ال يمكن الخلوص إلى
تخريج محدد لها ،لكنها تحتمل أن تكون تورقاً ،وتحتمل أن تكون عينة.
حكمها :ونظرا ً لما في هذه المعاملة من غموض ،حيث تتم في
هـ -
السوق الدولية ،بعيدا ً عن الرقابة ،ولما فيها من االحتيال ،ومن مظاهره:
-1اإلخالل في القبض الشرعي من جهة البنك ،البائع ،فإنه ال يستلم
اإليصال األصلي للسلعة ،الذي يعد قبضا ً حكمياً ،وإنما يستلم ورقة من
الشركة البائعة التي يشتري منها ،والمتعارف عليه عند ذوي الشأن من
البنوك ،والشركات العالمية أن عدم الحصول على
اإليصال األصلي يعني عدم وجود السلعة.
-2واإلخالل بالقبض من جهة العميل حيث إنه يشتري وحدة من المعدن
صغيرة ،غير معينة ،وغير محددة ،إذ إنها جزء من كمية كبيرة من
المعدن غير مجزأة ،فكيف يشتري شيئا ً غير معين ،إال إذا لم يكن قصده
منه إال االحتيال به على تحصيل نقد بنقد ،كما هو الشأن في العينة.
بل ولو كان ما اشتراه العميل معيناً ،فإنه ال يمكنه قبضه ،ال حقيقة ،وال
حكماً ،فإنه ال يتم استالم السلعة إال باإليصال األصلي ،وكل إيصال يمثل
خمسة وعشرين طناً ،وال يمكن تجزئته( ،)2وال يستطيع أحد أن يستلم
السلع بموجب إيصالها األصلي إال إذا كان من المسموح لهم بالتعامل مع
البورصة
التأمين:
أقسام التأمين :وينقسم التأمين أقساما ً عدة ،العتبارات عدة:
فباعتبار المكان الذي يقع فيه الحدث ينقسم التأمين إلى:
التأمين البري
التأمين البحري
التأمين الجوي
وباعتبار محله ينقسم التأمين إلى:
التأمين على األشخاص :ومحله شخص اإلنسان ،وينقسم إلى أقسام منها:
أ -التأمين على الحياةب -التأمين على الصحةجـ -التأمين على الذمة "المسؤولية" :وهو التأمين لذمة المؤمن له ،فيتحملالمؤمن ما يجب على المؤمن له تجاه الغير من مسؤولية
ِّ
التأمين على األشياء "الممتلكات
-2
وباعتبار غرضه ،ينقسم إلى:
-1التأمين التجاري :وهو ما يكون مقصوده الربح
-2التأمين غير التجاري :وهو ما ال يقصد به الربح ،وإنما التعاون في تحقيق
المصلحة ،ودفع المفسدة
التأمين التجاري:
المؤمن ،بالتحمل المالي
واصطالحا ً( :عقد يلتزم بمقتضاه طرف يسمى
ِّ
عن طرف آخر ،يسمى المؤ َّمن له ،أو األداء له عند وقوع حادث معين،
مقابل أقساط مالية ،يدفعها المؤ َّمن له سلفا ً).
ب -أركانه:
المؤمن"" ،والمستأمن -المؤ َّمن له."-
العاقدان :وهما" :
ِّ
العوضان :وهما" :القسط المدفوع من قبل المستأمن" ،و"مبلغ التأمين -
المؤمن".
التعويض -الذي يدفعه
ِّ
المؤ َّمن منه "الخطر
المؤمن"،
الصيغة :وهي اإليجاب ،والقبول من طرفي العقد" :
ِّ
و"المستأمن -المؤ َّمن له
جـ -خصائص التأمين التجاري :
أنه عقد معاوضة،
أنه من عقود الغرر
أنه من عقود اإلذعان
د -حكم التأمين التجاري:
ع ِّرض التأمين التجاري للنظر في
القول األول :القول بمنع التأمين التجاري ،حيث ُ
حكمه على مؤتمرات ،وهيئات علمية ،ومجامع فقهية كلها قالت بمنعه ،وهي:
المؤتمر العالمي األول لالقتصاد اإلسالمي ،في مكة المكرمة ،سنة 1396هـ.
مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ،في دورته العاشرة،
بالرياض ،بتاريخ 4/4/1397هـ.
مجلس مجمع الفقه اإلسالمي ،لرابطة العالم اإلسالمي ،لدورته األولى ،في مكة
المكرمة ،بتاريخ 1/8/1398هـ.
مجلس مجمع الفقه اإلسالمي ،لمنظمة المؤتمر اإلسالمي ،في جدة ،بتاريخ -10
16/4/1406هـ.
أدلة المنع :وقد اعتمد المانعون أدلة للمنع ،من أظهرها
-1اشتمال التأمين التجاري على الغرر الفاحش
-2اشتمال التأمين التجاري على الربا بنوعيه" :الفضل ،والنسيئة"
-3اشتمال التأمين التجاري على أكل المال بالباطل
-4اشتمال التأمين التجاري على اإللزام بما ال يلزم شرعا ً
القول بجواز التأمين التجاري ،ويكاد يكون فضيلة الشيخ
القول الثاني:
مصطفى الزرقا -رحمه هللا -عمدة القائلين بجوازه
أدلة الجواز:
-1االستدالل باإلباحة األصلية على جواز التأمين
-2ويجاب عنه :بأن االعتبار باإلباحة األصلية مشروط بانتفاء الموانع
الشرعية
-3االستدالل باالستصالح على جواز التأمين ،فإن التأمين فيه مصلحة ،إذ به يطمئن
الناس على أموالهم ،وتجارتهم ،وصناعتهم.
ويجاب :بأن المصلحة في التأمين ملغاة الشتماله على ما جاءت الشريعة
بإلغائه ومنعه ،كالربا والغرر ،وأكل المال بالباطل.
-4االستدالل بالتعاون على جواز التأمين ،بالنظر إلى مجموع المستأمنين ،إذ يتعاونون
فيما بينهم على تحمل ما يصيبهم من ضرر
يقال:أن االستدالل مبني على تصوير التأمين على خالف حقيقته
-5االستدالل بقياسه على اإلجارة في عمل الحراسة ،من جهة أن الحارس يجوز
استئجاره للقيام بعمل الحراسة ،وهو بعمله يحقق األمان ،واالطمئنان لمن استأجره ،وكذا
الشأن في التأمين فإنه يحقق األمان واالطمئنان للمستأمن.
ويجاب :بأن القياس مع الفارق فإن األجرة في عقد الحراسة إنما هي على العمل ،ليس
األمان ،ولهذا فإن الحارس عند قيامه بعمل الحراسة يستحق األجرة ،سواء أتحققت الغاية
من العقد وهي األمان ،أم لم تتحقق.
أما األقساط في عقد التأمين فإنها مقابل مبلغ التعويض ،فافترقا ،وفي كال العقدين لم يكن
األمان محالً للعقد.
-6االستدالل بقياسه على ضمان المجهول ،وضمان مالم يجب ،من جهة أنه يجوز -على
خالف بين الفقهاء -ضمان ما يكون مجهوالً ،ومالم يكن واجبا ً من الحقوق ،فإذا كان
جائزا ً مع اشتماله على الجهالة ،فليجز التأمين على ما فيه من جهالة ،وغرر.
ويجاب :بأنه قياس مع الفارق ،فإن الضمان تبرع ،وإحسان فتغتفر فيه الجهالة ،بخالف
التأمين ،فهو عقد معاوضة تفسده الجهالة ،واالحتمال.
-7االستدالل بقياسه على ضمان خطر الطريق ،فإن من قال آلخر :اسلك هذا الطريق،
فإنه آمن ،فإن كان مخوفاً ،وأ ُ ِّخذَ مالك فإنا ضامن ،فإنه يضمن ،ووجه الشبه بين هذا
والتأمين :أن في كل منهما ضمانا ً للخطر إذا وقع ،فإذا جاز ضمان خطر الطريق ،فليجز
التأمين.
التأمين التعاوني:
أ .خصائصه :ويتميز التأمين التعاوني عن التأمين التجاري
بخصائص منها:
أن مقصوده التناصر ،والتعاون ،بخالف التجاري فإن
مقصوده المعاوضة،
المؤمن هو المستأمن ،ومجموعهم يمثل أعضاء جمعية
أن
ِّ
المؤمن طرف مستقل تمثله
التأمين ،بخالف التجاري فإن
ِّ
المؤمن،
شركة التأمين ،والمستأمن طرف آخر مستقل عن
ِّ
وعن باقي المستأمنين.
ب .أقسامه ،والتعريف بكل قسم :وينقسم إلى ثالثة أقسام:
صص صندوق لدعم
-1منها ما يكون تبرعا ً محضا ً لمساعدة المنكوبين ،كأن يُخ َّ
المنكوبين ،تدعمه الدولة ،أو المحسنون -من غير المستفيدين منه ،-أو هما معا ً .
تعريفه( :تبرع لمن يصيبه ضرر من غير المتبرعين)
-2ومنها ما يكون مقصوده التناصر ،والتعاون ،إذ التبرع فيه ليس محضا ً من جهة أن
المستفيدين منه هم المسهمون فيه ،كأن يجتمع أفراد تربطهم رابطة القرابة ،أو
الصداقة ،أو العمل في إنشاء صندوق لدعم من يتعرض منهم لنائبة ،إن كان ذلك
مطلقاً ،أو مقيدا ً بنوع من الحوادث.
وهذا القسم يسمى بـ "التأمين التعاوني البسيط -المباشر ،"-ويتميز بمحدودية أعضائه،
وأنهم القائمون بإدارته.
تعريفه :ويعرف بـ(أن يشترك جماعة بمبالغ تخصص لتعويض من يصيبه الضرر
منهم)
-3وقد تتوسع دائرة القسم الثاني ،فتجاوز حدود القرابة ،أو الصداقة ،فتضم جمعا ً
كبيرا ً من المسهمين فيه ،بحيث يعجز أعضاؤه عن إدارته ،فيُع َهد بإدارته إلى شركة
أجنبية عن المسهمين فيه ،وهذا أظهر ما يفرقه عن القسم الذي قبله ،ويسمى بـ "التأمين
التعاوني المركب -غير المباشر."-
تعريفه :ويعرف بأنه(:عقد تأمين جماعي يلتزم بموجبه كل مشترك
فيه بدفع مبلغ معين من المال على سبيل التبرع ،لتعويض
المتضررين منهم ،على أساس التكافل ،والتضامن عند تحقق
الخطر المؤمن منه ،تدار فيه العمليات التأمينية من قبل شركة
متخصصة ،على أساس الوكالة بأجر معلوم)
جـ -في بيان حكمه:
أما القسم األول :فال إشكال في جوازه ،فإنه تبرع محض ،وهو من اإلحسان
والمعروف ،والتعاون ،على البر والتقوى ،وهو مأمور به.
وأما القسم الثاني :فالراجح جوازه ،لما فيه من التعاون ،والتناصر ،واإلحسان،
وقد أفتت بجوازه هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في قرراها رقم
51في 4/4/1397هـ ،كما أفتى بجوازه مجلس مجمع الفقه اإلسالمي ،لرابطة
العالم اإلسالمي ،في دورته األولى ،بمكة المكرمة ،في 1/8/1398هـ.
وأما القسم الثالث" :التأمين التعاوني المركب" فاألصل جوازه ،ألن ما يفترق
فيه عن التأمين التعاوني البسيط غير مؤثر ،إال إن ترتب على هذه الفروق
الشكلية فروق مؤثرة ،كأن يترتب على كثرة األعضاء وعدم تعارفهم ،وإدارته
من قبل شركة أجنبية عن الشركاء خروج به عن هدفه ،فتحيد به الشركة القائمة
على إدارته عن غايته التعاونية وتستأثر بأمواله المجتمعة ،وتوظفها في
اإلقراض بفائدة ،وتخطو فيه خطا شركات التأمين التجاري ،فذلك أمر محظور.
الحمدهللا رب العالمين