تنظيم الاتجار بقطع الآثار والتراث ورقة مقدمة من أ.د. سعد بن عبدالعزيز
Download
Report
Transcript تنظيم الاتجار بقطع الآثار والتراث ورقة مقدمة من أ.د. سعد بن عبدالعزيز
تنظيم اإلتجار بقطع اآلثار والتراث
ورقة مقدمة
إلى
الندوة العالمية الستعادة اآلثار
الرياض(1433هـ)(2012م)
أ.د سعد بن عبدا لعزيز الراشد
تنظيم اإلتجار بقطع اآلثار والتراث
مقدمة :
تعد اآلثار الثابتة والمنقولة من أهم المواضيع سخونة على مستوى العالم .ويعود السبب في ذلك ألهميتها المادية
والتاريخية ،وتداخل ملكيتها بين الدولة واألفراد،وما يتبع ذلك من تنافس شريف وغير شريف في نقل هذه اآلثار
من مواقعها األصلية ،وامتالكها بطرق متنوعة.
وقد بدأت أعمال السطو على اآلثار المعمارية والتحف والمصنوعات إلى عهود بعيدة ليس بهدف اقتنائها لقيمتها
التاريخية بل لقيمتها المادية بالدرجة األولى وذلك قبل ظهور علم اآلثار وما واكبه من تطور في الدراسات
والبحوث ،وإنشاء المتاحف الحكومية والخاصة في مختلف بالد العالم ،وتوظيف تلك المتاحف لتوفير مصدر
معلوماتي من جهة وتحريك االقتصاد المحلي من جهة أخرى.
ومع تنامي االهتمام باآلثار على المستوى الدولي بدأت التشريعات والقوانين لحماية الممتلكات الثقافية للدول على
المستوى الوطني بداية ،ثم على المستوى الدولي وخاصة بعد تأسيس عصبة األمم في أعقاب الحرب العالمية
األولى ومن ثم تأسيس األمم المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.
وقد كسبت الدول ال ْم ََ ََ َست ِعمرْ ة وعلى مدى ثالثة قرون وأكثر األسبقية في امتالك أكبر قدر ممكن من تراث
األمم والشعوب تحت مظلة البحث واالستكشاف تارة ،أو بالسطو واالستيالء تارة أخرى ،أو لكون التراث الثقافي
المنقول يندرج تحت بسط السيادة على الدول التي خرج منها ذلك التراث وفي أحيان كثيرة تتقاسم الدول المنتصرة
في الحروب غنائم الدول المهزومة.
وقد ارتبط نقل التراث وبيعه وتداوله بوجود عنصرين هما :سُرّ اق التحف الفنية ،واألسواق التي تستقبلها في ظل
غياب األنظمة والقوانين .وتذكر الدراسات أن أول تنظيم للملكيات الثقافية في أوربا يعود إلى سنة 1464م عندما
أصدر البابا بويس الثاني )Pope Pius II( :قراراً بتحريم تصدير األعمال الفنية في الواليات البابوية ،وصدر
بعده تشريعات بابوية لتقنين أعمال الحفريات األثرية.
وقدًأصبحتًالكنوزًوالتحفًالفنيةًعرضةًللسلبًوالتدميرًفيًأوقاتًالحروبًوالتيًبدأتًمعًأوائلًالحمالتً
العسكريةًعلىًالدولًالتيًتمتلكًمخزوناًثقافياًنادراًفيًمصرًوالشامًوبقيةًبالدًالشرقًاألدنىًالقديمًبماًفيًذلكً
اليونانًوبالدًالبلقانًوفارسًوالهندًوغيرهاًفيًآسياًواألمريكيتين.
ولعلًالمثالًاألبرزًفيًتاريخًاالستيالءًوالسطوًعلىًالتراثًالثقافيًعلىًمستوىًالعالمًهوًماًتمًخاللًالحمالتً
واالنتصاراتًالعسكريةًالتيًحققهاًنابليونًفيًأورباًوفيًمصر .فعلىًسبيلًالمثالًفرضًنابليونًفيًاتفاقياتً
ميالنًوكامبوًفورميوًعامً1797مًشروطاًتضمنتًعدداًمنًالتحفًالفنيةًمنًفينسياًوفيًمقدمتهاًتماثيلًالخيولً
البرونزيةًاألربعةًالتيًكانتًأمامًالبازليكاًوالمعروفةًبخيولًالقديسًماركوً،والتيًتمًاستعراضهاًفيًموكبًبهيجً
فيًباريسً،وتلكًالخيولًسبقًأنًاستولتًعليهاًالبندقيةًمنًالقسطنطينيةًوالتيًكانتًفيًاألساسًتملكهاًجمهوريةً
روماًالقديمةًأوًاليونان .كماًتمكنًنابليونًمنًامتالكًكميةًكبيرةًمنًالتحفًالفنيةًوالتراثيةًمنًمختلفًأرجاءً
أورباًوعلىًوجهًالخصوصًمنًإيطالياًوألمانيا .وبعدًمعركةًووترًلو(عامً1815م) فرضًاإلنجليزًشروطاً
الستعادةًالتحفًالفنيةًالمسلوبةً،األمرًالذيًعارضهًالفرنسيونًوخاصةًمنًقبلًالبارونًدومينيكًقيفانً
( )Baron Dominique Qivanمديرًمتحفًاللوفرًً،خبيرًالمصرياتًومستشارًنابليونًخاللًحملتهً
العسكريةًعلىًمصرًوالمسئولًعنًتنظيمًجمعًالتحفًالمصرية.
وقدًنظرًالفرنسيونًإلىًالتنظيماتًالتيًأصدرهاًاإلنجليزًعلىًأنهاًبدايةًلذروةًالتنافسًالفرنسيًاإلنجليزيًعلىً
ملكيةًالتراثًالثقافيًالعالمي .ونتيجةًللعمليةًالتيًفرضهاًاإلنجليزيةًفقدًتمًعلىًضوئهاًإعادةًعددًكبيرًمنً
التحفًالفنيةًوالثقافيةًإلىًمواقعهاًومنهاًالخيولًالبرونزيةًاألربعةًالتيًأعيدتًإلىًكنيسةًسانتًماركوًفيًعامً
1815مً،ومنحوتاتًهيلينستيةًفريدةًمنًمجموعةًالوكون( )Laocoon Groupالتيًسبقًأنًأ ُخذتًمنًروماًثمً
أعيدتًإلىًحظيرةًالفاتيكان .ومعًذلكًفهناكًكمياتًكثيرةًمنًالكنوزًالمسروقةًوالتيًتمًأخذهاًعنوة ،تفرقتًأوً
تمًبيعهاًولمًتعرفًالوجهةًالتيًنقلتًإليهاًوبالتاليًُ ِف َق ْ
دتًلألبدًعنًموطنهاًاألصلي .وهناكًقطعًفنيةًلمًيكنً
بالمستطاعًإعادتهاًألنهاًأضيفتًإلىًمبانيًمعماريةًوأصبحتًجزءاًمنًمكوناتهاً،ومنهاًعلىًسبيلًالمثالً
األعمدةًالرخاميةًمنًكاتدرائيةًآخنًوالتيًدخلتًفيًالكتلةًالمعماريةًلمبنىًاللوفرً،وبهذاًبقيتًالكثيرًمنًالتحفً
الفنيةًخارجًموطنهاًاألصليًوأصبحًمنًالصعوبةًإعادتها.
وفيًمرحلةًأحدثًأقدمًجيشًهتلرًعلىًنقلًكمياتًكبيرةًمنًالكنوزًالفنيةًوالثقافيةًمنًالبلدانًالتيًسيطرًعليهاً
الرايخًالثالثً،والتيًتمتًتحتًشروطًفرضهاًهتلرً،فقدًكانً َق ْدًشرعًفيًإنشاءًقاعةًعروضًضخمةًو َم ْت َحفًٍ
فيًلنزً( )Linzكمدينةًنموذجيةًوتصبحًعاصمةًإقليميةًفيًشمالًالنمسا.وتضاهيًمجموعةًالكنوزًاألثريةًالتيً
فًعنهاًالحلفاءًفيًأعقابًالحربًالعالميةًمجاميعًالمتاحفًالكبرىًفيًالعالم .وتتكونًتلك المجموعاتًمنً
َك َش َ
آالفًالتحفًالفنيةًمنًبينهاًأعمال رامبرانت( )Rembrandtوًتينتوريتو( )Tintorettoوفيال كيز()Velazquez
وليوناردوًدافنشي( )Leonardo da Vinciوًروبنز( )Rubensباإلضافةًإلىًمنحوتاتًفنيةً،ومعدنيةً،وقطعً
أثريةً،ومطرزاتًفنيةً،وأثاثًوسجادًشرقيً،ونوادرًالكتبً،وأوانيًالبورسالنً،وأدواتًالفضةًوالذهب،
والزجاجًالمعشقًللنوافذ .وكانتًمعظمًهذهًالتحفًمحفوظةًفيًنزلًيسمىًكارينًهول( )Karinhallإلىًالشمالً
الشرقيًمنًبرلينً،وحفظًبعضهاًفيًمستودعًبإحدىًقالعًبافارياًبمقاطعةًنشفانتزاينً()Neuschwanstein
والتيًعثرًفيهًعلىًأكثرًمنًستةًآالفًقطعة.
ومنًغرائبًإخفاءًالكنوزًاألثريةًالمسروقةًوالمسلوبةًخاللًتلكًالحربًالمدمرةًً،العثورًعلىًآالفًالقطعً
المنقولةًإلىًمعدنًللملحًفيًموقعًآلتًأوسي( )Alt Ausseeوهيًمنطقةًفيًأعاليًالنمسا .كماًتوزعتًآالفً
القطعًالمسلوبةًمنًالنازيينًاأللمانًفيًأرجاءًالعالمً،وتبينًبشكلًجليًعدمًإمكانيةًاستعادتهاًعلى عكسًاآلثارً
التيًسلبهاًنابليون .وكانًاألمرًيحتاجًإلىًجهودًمضنيةًفيًالتحريًاألمنيًعنًالقطعًاألثريةًوالتحفًالفنيةً
المسروقة .ونتيجةًلهذاًالهيجانًواإلرباكًالذيًواكبًًأعمالًالسّرْ قًوالنهبًهذهً،إلىًأنًيتصرفًجامعواًالتحفً
بطرقًعديده غيرًأخالقية .ومثاالًعلىًذلكًفقدًانتهتًحياةًأحدًتجارًالعادياتًإلىًالقتلًبعدًثالثينًعاماًمنً
الحربًالعالميةًالثانيةًوتحديداًفيًعامً1976مً،وبالرغمًمنًاألحكامًالجزائيةًالتيًأصدرتهاًمحكمةًالعدلًفيً
الهايًالستردادًأعدادًٍمنًاللوحاتًالفنيةًالمسروقةًفإنًهناكًسرقاتًمتعددةًلمًيتمًالتمكنًمنًتعقبهاًالبتةً،بينماً
نجحتًالعديدًمنًالمحاكمًفيًأورباًوأمريكاًمنًإصدارًأحكامًباستعادةًمجاميعًمنًالتحفًالفنيةًالمسروقةًمنًقبلً
النازيينًكماًحدثًفيًمحكمةًنيويوركًعامً1966مً،كماًأنًبعضًالقطعًالفنيةًبقيتًفيًملكيةًمنًاشتراهاًألنً
االقتناءًتمًعنًحسنًنية.
ومثلما تعرضت اآلثار والتحف الفنية والوثائق النادرة في أوربا للسطو والنهب ،فقد شهدت دول عديدة من العالم
حوادث تماثلها شناعة ومن ذلك ما حدث في روسيا القيصرية (االتحاد السوفيتي الحقا) والهند والصين وأمريكا
الالتينية وغيرها من األقطار .ومع ظهور التنظيمات والتشريعات الدولية تحت مظلة منظمة اليونسكو بإصدار
وحذِرًْ نقله من موطنه األصلي فقد صدرت كذلك التشريعات
قوانين تحفظ تراث األمم في حاالت النزاع المسلح َ
الخاصة بالمتاحف الحكومية والخاصة بعد قرون وسنوات من التنافس على اقتناء روائع من تراث األمم بأساليب
شتى ،منها الشرعي ومنها غير الشرعي.
وكان يقف خلف ذلك مافيا اآلثار والفنون ،ومنظمات خفية تعمل على تهريب اآلثار واإلتجار بها .وإزاء الزخم
الهائل من التراث العالمي المسلوب ظهرت وكاالت ودور خاصة للمزادات ( )Auction housesفي عدد من
عواصم العالم تقوم بدور الوسيط لعرض القطع األثرية والتحف الفنية عن طريق المزايدة للقطع المعروضة،
وبأسعار تتصاعد حسب العرض والطلب ،وحسب ندرة التحف من عدمها .ومن أشهر دور المزادات في العالم :
(دار سووثبي ) (Sothebyنسبة لمؤسسها جون سووثبي ( (John Sothebyوالتي يعود تأسيسها لعام
1744م،ويأتي بعدها (دار كريستي ( )Christie’sنسبة إلى مؤسسها جيمس كريستي )James Christieفي
عام 1766م،وهناك (دار فيليب )Phillips. Son and Nealeوالتي يعود تأسيسها لعام 1796م .وإذا كانت
دور المزادات المشهورة تحكمها أنظمة مشروعة وتخضع للرقابة والمحاسبة المالية والضرائب وأتعاب المحاماة
وغير ذلك من االلتزامات ،فإن هناك قصصاً وأعاجيب تكشفت في كثير من األحيان إلى عدم شرعية البيع ،إما
ألن وثائق الملكية مزورة ،أو يعتريها الشك ،أو أن القطع المباعة منقولة إما من متاحف أو من أحراز ،ووضع
بدالً منها قطع مزيفة وهكذا .وإزاء المتاجرة باآلثار بالطرق المشروعة وغير المشروعة ،أقدمت الدول
المُسْ َتعْ مِرة والدول التي نالت استقاللها على إصدار نظم وقوانين تحافظ على اآلثار الوطنية لتبقي في مواطنها
األصلية ،وتعمل على الحد من تهريب اآلثار خارج حدودها .وفي الوقت نفسه اشتملت قوانينها علي تشريعات
لتنظم بيع اآلثار والتراث المنقول وتداوله داخل حدود تلك الدول.
تنظيم تداول وبيع اآلثار:
بدأ عدد من دول أوربا منذ عصر النهضة والثورة الصناعية في وضع تشريعات للمحافظة على تراثها الثقافي ،
وتـنامي تحديث التشريعات في أعقاب الحرب العالمية األولى والثانية بعد أن شعرت بحجم التخريب والتدمير
والسطو والنهب ،فحرصت تلك الدول على إشراك المواطن في المحافظة على تراثه واالهتمام به واالتجار به
وفق التشريعات التي أقرتها تلك الدول.
ونظراً لما تعرض له التراث الثقافي خالل الحروب وخاصة الحرب الكونية الثانية التي أشرنا إليها ،فإن تداعيات
تلك الحروب ما زال في الذاكرة ،وحتى اليوم تخرج نفائس من اآلثار والتحف الفنية من مخابئها.وتتكرر مآسي
الحروب ومخاطرها على اآلثار في عصرنا هذا دون وازع من ضمير أو احترام للمواثيق والتشريعات الدولية،
مثل ما حدث في الكويت والعراق وغيرهما .وإذا كانت أوربا -خاصة -نجحت في التشريعات والقوانين التي
َتضْ َمنًْ المحافظة على الموروث الثقافي واستدامته للعلم والمعرفة من جهة ،وكمنتج اقتصادي من جهة أخرى ،فقد
كفلت تشريعاتها أن يحتفظ الناس بما بين أيديهم من تراث مادي منقول ،والتعامل معه بما يحفظ سيادة تلك الدول
على تراثها.
آليات اإلتجار باآلثار في الدول األوربية:
ننظر للوضع في أوربا على النحو اآلتي:
•تطورت في أوربا – خاصة -مفاهيم للمحافظة على التراث التاريخي والمعماري لكونه يخضع لقوانين وأنظمة
مرت بمراحل عديدة من التطوير وبمشاركة قطاعات عديدة منها المجالس البلدية وأمانات المدن والمتاحف ،وكان
من نتائجها تصنيف وحصر التراث المعماري حسب قيمة المباني التاريخية ،ولهذا لم تتعرض لإلزالة أو العبث
بعناصرها المعمارية أو َن ْزعها بغرض االتجار،إال في ظروف الحروب .وبالنسبة للمواقع األثرية فقد عملت الدول
منفردة ومجتمعة وفقا ألنظمتها المحلية واإلقليمية والقارية والدولية على بث التوعية بالتراث بين المواطنين ،والرفع
من قيمته للتربية والتعليم ،وغرس التربية الوطنية تجاه التراث بمفهومه الشامل والذي أصبح جزءا ال يتج أز من تاريخ
وثقافة األمة.
•أصبح للمتاحف الرسمية والخاصة أنظمتها التشريعية في التعامل مع اآلثار المنقولة ،واللوحات الفنية
والمخطوطات وغيرها ،وبما ينسجم مع االتفاقيات المقرة من اليونسكو وما تبعها من اتفاقيات بين مجموعات الدول.
•تخضع دور ومكاتب المزادات التي تقوم ببيع نفائس المواد األثرية واللوحات الفنية ،للتشريعات الدولية والقوانين
المحلية وتحت رقابة مالية وقواعد تنظيمية محلية ،ويتم توثيق القطع في كتالوجات وشهادات االقتناء.
• تأصل لدى عامة الناس وخاصتهم ،فهم وفكر عام ،لخاصية التحف الُمصنع ِ
َّة واألثاث واألنتيكات ،لتقادم عمرها
َ
الزمني ،فقامت عليها تجارة رابحة ،وتتم عملية التداول وفقاً ألحكام البيع والشراء حتى وان انتقلت خارج حدودها
لكونها ملكاً خاصاً تحكمه األنظمة المرعية بين الدول.
• تكثر في أوربا ،والعديد من بالد العالم األسواق الشعبية الدائمة والبا ازرات واألسواق األسبوعية وتباع فيها أنواعاً
عديدة من التحف الفنية والمصنوعات التراثية القديمة وبعضها معروف تاريخه أو يصنف لحقب تاريخية صحيحة
ويحتفظ بها مالكها ،ويكفل النظام حمايتها في حالة سرقتها أو بيعها بطريقة غير مشروعة.
وبعدًاتفاقيةًاليونسكوًالصادرةًعامً1970مً،بشأنًاإلتجارًغيرًالمشروعًبالممتلكاتًالثقافيةً،وإرساءًقواعدً
للسلوكًفيًالقطاعًالخاصً،فقدًاعتمدتًاليونسكوًفيًيونيوًعامً1995مًاتفاقيةًإلحاقية ) (28 C/35 Add.وهي
"اتفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص(يونيدروا (UNIDROIT -بشأن الممتلكات الثقافية المسروقة أو
المصدرة بطرق غير مشروعة .وتتكون هذه االتفاقية اإللحاقية من خمسة فصول و( )21مادة ،وفي ضوء أحكام
ّ
هذه االتفاقية أصبحت الدول الموقعة عليها تتعامل مع الممتلكات الثقافية التي تدخل في حوزة مؤسساتها المتحفية
الرسمية أو الخاصة أو التي تقع في ملكية األفراد ،وما عدا ذلك يعتبر مخالفاً لإلتفاقية ،وبمعنى ذلك أن اإلتجار
باآلثار والممتلكات الثقافية في تلك الدول يعتبر أم اًر مشروعاً تلتزم به المتاحف الرسمية أو الخاصة ،طالما أنه ال
يتعارض مع مواد هذه اإلتفاقية وغيرها من اإلتفاقيات الخاصة بالممتلكات الثقافية للدول ،وهذا يعني أن تداول
اإلتجار بالتراث الثقافي يعد أم اًر مشروعاً.
وقد حددت إتفاقية النظام الموحد المشار إليها أنواع التراث الثقافي المشمول في هذه اإلتفاقية
وهو:
•المجموعات والنماذج النوعية النادرة من النباتات والحيوانات ،والمعادن،والهياكل العظمية ،والقطع التي تنطوي
على أهمية من وجهة نظر علم اإلحاثة (أي علم المتحجرات أو علم األحياء القديمة.(Paleontology -
•الممتلكات المتعلقة بالتاريخ ،بما في ذلك تاريخ العلم والتكنولوجيا والتاريخ العسكري واإلجتماعي ،وبحياة الزعماء
والمفكرين والعلماء والفنانين الوطنيين وباألحداث ذات األهمية الوطنية.
•مستكشفات التنقيبات األثرية (النظامية والسرية) أو نتائج االكتشافات من اآلثار.
•عناصر اآلثار ،فنية أو تاريخية أو مواقع تاريخية تعرضت للتفكيك.
•التحف األثرية التي يعود عهدها إلى أكثر من مائة عام مثل التحف الخطية واأليقونات واألختام المنقوشة.
•القطع ذات األهمية اإلثنولوجية.
•الممتلكات ذات األهمية الفنية مثل.
•الصور واللوحات والرسوم المصنوعة يدوياً بأكملها مهما كانت مادة دعامتها(باستثناء التصميمات الصناعية
والمواد المصنوعة المزينة يدوياً).
•األعمال األصلية من فن صنع التماثيل وأشغال النحت مهما كانت مادتها.
•النقوش والبصمات ونتاج الطباعة الحجرية األصلية.
•التركيبات والتوليفات الفنية األصلية مهما كانت موادها.
•المخطوطات والكتب البالغة القدم والكتب والوثائق والمطبوعات القديمة ذات األهمية الخاصة(من الناحية التاريخية
أو الفنية أو العلمية أو األدبية أو غير ذلك) سواء كانت منفردة أو في شكل مجموعات.
•الطوابع البريدية والمالية وما شابهها سواء كانت منفردة أو في شكل مجموعات.
•المحفوظات ،بما فيها محفوظات التسجيالت الصوتية والصور الفوتوغرافية والمحفوظات السينمائية.
• قطع األثاث القديمة التي يعود تاريخها إلى قبل مائة عام واألدوات الموسيقية القديمة.
الوضع في العالم العربي:
ال توجد في قوانين وأنظمة اآلثار في العالم العربي تراخيص لبيع اآلثار إال ما يختص بالملكية وانتقال الملكيات
ضمن إطار محدد تحكمه األنظمة ،وللدولة حق الشفعة في اقتناء األثر .ففي مصر تنص أحد مواد القانون على
اآلتي:
" حظر االتجار في اآلثار ،مع جواز التصرف في األثر في حالة الملكية الخاصة بشرط إخطار المجلس األعلى
لآلثار قبل التصرف بإخراج األثر من البالد ،وعلى أن يكون للمجلس أولوية الحصول على األثر وبتعويض عادل،
والزام من يملك قطعاً أثرية أن يخطر بها المجلس األعلى خالل عامين".
وال يشتمل قانون اآلثار األردني أي إشارة إلى تنظيم لتداول وبيع القطع األثرية بل يمنع االتجار باآلثار جملة
وتفصيالً.
تداول اآلثار في المملكة العربية السعودية:
يختلف الحال في المملكة عن غيرها من الدول التي لها السبق في المحافظة على اآلثار والتراث المعماري
وصون ممتلكاتها الثقافية وذلك من عدة نواحي:
•أن التعامل مع اآلثار والمواقع التاريخية والتراث العمراني لم يبدأ إال من عهد قريب مقارنة بالدول األخرى.
• لم تحتفظ معظم المدن التاريخية بنسيجها العمراني ،فتغيرت معالمها ،وتخلى السكان عن المباني القديمة وما
فيها من أثاث ومقتنيات ،وانتقلوا إلى ٍ
مبان حديثة بعيدة عن مساكنهم األولى.
•هجر الناس القرى التراثية والبلدات القديمة والمباني التراثية بشكل شبه نهائي ولم يفكروا في العودة إليها ألسباب
عدة ،فتهدمت المباني وطمست معالمها وبقي بعضها آيل للسقوط.
• امتدت أيدي الناس -طمعاً في التملك -إلى تجريد تلك المباني من عناصرها المعمارية والتراثية ومواد البناء
واالستيالء على األدوات التي تركها أصحابها من أوان وأثاث وغيره ،وتداولها في البيع والشراء بطريق عشوائية
غير منظمة.
• تسبب َه ْج ُر الناس لقراهم وبلداتهم إلى توقف الحرف الصناعية التي كان يمارسها الحرفيين في البناء وصناعة
األواني واألثاث وغيره تدريجياً وأصبحت مواد التراث الشعبي القديمة مادة ذات قيمة عالية مادياً وتاريخياً.
• يختلط مع مواد التراث الشعبي(المنقول) وهو امتداد للتراث القديم -مواد أثرية جلبها الناس من الواقع األثرية أو
من كتل معمارية في المباني والقصور والحصون واألسوار وغيرها.
• ومع تأسيس اإلدارة العامة لآلثار والمتاحف عام (1383هـ1964/م) وصدور نظام اآلثار عام
( 1392هـ1972/م) ،وبداية ممارسة نشاطها الميداني،إال أن هذه اإلدارة الناشئة لم يكن بمقدورها منع التعدي
على المواقع األثرية أو اإلبقاء على العناصر المعمارية البارزة في المواقع األثرية على حالها في مختلف مناطق
المملكة.
• وتزامن مع نشأة إدارة اآلثار ولع العديد من أفراد المجتمع بجمع التراث الشعبي وما اختلط معه من قطع أثرية
ذات قيمة تاريخية عالية واالحتفاظ به بطريقة عشوائية في أجزاء من منازلهم تحت مسمي متحف خاص أو متحف
للتراث وحصل البعض منهم على ترخيص لمتحفه دون تحديد آلية للتنظيم والمحافظة على القطع األثرية والتراثية
فيه.
الحلول والمرئيات:
يتميز نظام اآلثار المعمول به حتى اآلن وكذلك مشروع النظام الجديد على فصل خاص بالتراث الشعبي بمعنى
أن هذا التراث جزء وامتداد آلثار المملكة .فالنظام الجاري دراسته اآلن يشتمل على عدد من المواد يمكن أن
تكون أساساً للخروج بآلية لتنظيم بيع وتداول اآلثار وهذه المواد:
المادة ( " :)15ال يجوز تنظيم مزادات بيع اآلثار المنقولة وقطع التراث الشعبي إالّ بترخيص من الهيئة ".
المادة ( " :)32للهيئة ترك األثر المنقول المكتشف عن طريق الصدفة في حيازة مكتشفه بعد تسجيله ،وال يجوز
لمكتشفه التصرف فيه دون موافقة الهيئة".
المادة( " :)36ال يجوز اقتناء أي أثر منقول بأي شكل من أشكال االقتناء دون حمل ما يثبت شرعية ملكيته".
المادة ( " :)38يجوز اإلتجار باآلثار المنقولة التي يثبت حائزها شرعية ملكيتها وقطع التراث الشعبي وذلك بعد
الحصول على ترخيص من الهيئة وفقاً للشروط واألحكام التي يبينها النظام".
المادة ( " :)39يجوز بترخيص من الهيئة تداول اآلثار المنقولة وقطع التراث الشعبي المملوكة لألشخاص
لخاصة والمسجلة في سجل اآلثار بوصفها تراثاً وطنياً داخل حدود المملكة فقط".
ونجد في ضوء هذه المواد إطا اًر يمكن تفعيله باللوائح التي يجب أن يكون فيها المرونة لتفعيل تداول وبيع اآلثار
وقطع التراث الشعبي على الصعيد المحلي ،سواء من قبل األفراد وأصحاب المجموعات الخاصة ،والقطاع الخاص
على وجه العموم.
ويمكن تحديد مجاالت البيع والتداول وفق اآلتي:
• حصر كافة أصحاب المتاحف الخاصة والمجموعات األثرية والشعبية والتحف الفنية.
• تحديد حد أدني للمقتنيات التي يمتلكها أصحاب المتاحف الخاصة أولمن يرغب فتح متحف خاص.
• تشجيع األفراد على توثيق ما يحتفظون به من قطع أثرية ونفائس دون طلب إثبات ملكية من منطلق حسن النية
من منطلق عد المعرفة بالنظام ،ويكون ذلك خالل فترة زمنية محددة( ،على سبيل المثال خالل عام واحد) من
صدور نظام اآلثار الجديد.
• ال ينطبق االقتناء على القطع التي يحتمل أنها دخلت حوزة مالكيها بطرق تتعارض مع األنظمة والتشريعات
الدولية ،كأن تكون دخلت إلى المملكة بصفة غير نظامية.
ف به في نظام اآلثار) وما هو تراث شعبي أصيل ،والصناعات
• أهمية التفريق بين ما هو أثر(كما هو ُم َع ّر ٌ
الحرفية الحديثة.
• أهمية بث الوعي لدي المواطنين بأن ترقى نظرتهم لمواد التراث الشعبي بأنه مرتبط بالتاريخ االجتماعي
واالقتصادي للوطن وأن المحافظة عليه يضمن ديمومته في الذاكر ويرفع من قيمته المادية.
•تشجيع إنشاء دور للمزادات داخل المملكة بإشراف مباشر من هيئة السياحة واآلثار وبالتنسيق مع الدوائر
الحكومية ذات العالقة وذلك دعماً للقطاع الخاص ،وتضييق دائرة التعامل غير النظامي مع المواد األثرية والتحف
الفنية.
•أهمية تشجيع ودعم األسواق الشعبية األسبوعية والموسمية والمتنقلة والتي يتم فيها تداول قطع من المواد التراثية.
•تقديم المشورة لمن تقع في ملكيته بطريقة نظامية مواد أثرية وتراثية ونفائس مخطوطة وتحف فنية بخصوص
أهميتها التاريخية وقيمتها المادية.
- 10بث الوعي بمخاطر ترويج القطع المزيفة لما في ذلك من إساءة لتاريخ األمة وتراثها الحضاري.
•التنسيق المستمر مع البلديات وو ازرة التجارة والمديرية العامة للجمارك لمراقبة حركة اإلستيراد للتحف واللوحات
الفنية واألعمال الحرفية.
• التوعية بمضامين نظام اآلثار ولوائحه.