عجيب لأربعة كيف يغفلون عن أربع

Download Report

Transcript عجيب لأربعة كيف يغفلون عن أربع

‫أيام مصرف الزيتونة للمالية اإلسالمية ‪2013‬‬
‫تونس‪ :‬من ‪ 11‬إلى ‪ 15‬يونيو‪/‬جوان ‪2013‬‬
‫رقابة البنوك المركزية على البنوك اإلسالمية‬
‫الواقع واإلشكاالت‬
‫د‪ .‬سليمان ناصر‬
‫باحث في المصرفية اإلسالمية‬
‫جامعة قاصدي مرباح – ورقلة ‪ -‬الجزائر‬
‫‪www.drnacer.net‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫تعتبر إشكالية رقابة البنوك المركزية على البنوك اإلسالمية قديمة‬
‫ظهرت مع نشأة هذه األخيرة‪ ،‬وذلك لالختالف في طبيعة العمل بين‬
‫هذه البنوك والبنوك التقليدية‪ ،‬مما يتطلب آليات وأدوات خاصة للرقابة‬
‫واإلشراف على البنوك اإلسالمية‪ ،‬قد تكون نفس اآلليات التقليدية بعد‬
‫تعديلها لتتالءم مع هذه البنوك‪ ،‬وقد تكون مستحدثة خاصة بها‪.‬‬
‫ومما يزيد المشكل تعقيداً‪ ،‬أن البنوك اإلسالمية في العالم حاليا ً تعمل‬
‫في بيئات قانونية وتنظيمية مختلفة‪ ،‬إما في بلدان قامت بأسلمة كامل‬
‫نظامها المصرفي وهنا ال تبرز إشكاالت في هذه الرقابة‪ ،‬وإما في‬
‫بلدان سنت قوانين خاصة بالبنوك التقليدية وأخرى خاصة بالبنوك‬
‫اإلسالمية وهنا تبرز إشكاالت الرقابة بشكل أقل حدة‪ ،‬وإما في بلدان‬
‫تخضع فيه البنوك اإلسالمية لنفس القانون المنظم لعمل البنوك‬
‫التقليدية وهنا تبرز إشكاالت ومعوقات كثيرة‪.‬‬
‫أوالً‪ -‬واقع العالقة‪:‬‬
‫من خالل البيئات القانونية المختلفة لعالقة البنوك اإلسالمية مع‬
‫البنوك المركزية‪:‬‬
‫‪ -1‬نموذج نظام مصرفي إسالمي كامل‪:‬‬
‫أ‪ -‬باكستان‪ :‬كانت البداية مع قرار الرئيس ”محمد ضياء الحق“‬
‫أسلمة النظام المالي والمصرفي للبلد سنة ‪1977‬م‪ ،‬وقد استخدمت‬
‫باكستان المنهج المتدرج في األسلمة‪.‬‬
‫ب‪ -‬إيران‪ :‬جاءت أسلمة النظام المصرفي مع الثورة اإلسالمية‬
‫اإليرانية ثم بقانون شامل سنة ‪1983‬م والذي بدأ تطبيقه سنة‬
‫‪1984‬م‪ ،‬وقد استخدمت إيران المنهج الشامل في التغيير عكس‬
‫باكستان‪.‬‬
‫ج‪ -‬السودان‪ :‬بدأ التحول نحو األسلمة سنة ‪1981‬م‪ ،‬وفي سنة‬
‫‪1983‬م فُرضت األسلمة بقانون إلغاء الفوائد‪ ،‬ولم تكن األسلمة‬
‫وفق مسار مرن ومتدرج‪.‬‬
‫ما ُيؤخذ على التجارب السابقة‪:‬‬
‫ إيران‪ :‬إستمر إقراض البنك المركزي للبنوك على أساس العائد‬‫الثابت‪.‬‬
‫ باكستان‪ :‬بقيت جميع المعامالت الحكومية بعد األسلمة قائمة‬‫على الفائدة تقريبا ً‪.‬‬
‫ السودان‪ :‬عدم التحضير الجيد للتحول والذي لم يصاحبه بناء‬‫للقدرات‪.‬‬
‫إضافة إلى عدم مراعاة غير المسلمين في فرض قوانين األسلمة‬
‫والذين يشكلون حوالي ‪ % 25‬أي ربع السكان‪ ،‬وقد يكون ذلك‬
‫أحد أسباب الثورات المستمرة في الجنوب والتي انتهت بعد ذلك‬
‫إلى انفصاله‪.‬‬
‫‪ -2‬نموذج نظام مصرفي مزدوج القوانين‪:‬‬
‫ويتجسد في الدول اآلتية حسب التسلسل التاريخي‪:‬‬
‫أ‪ -‬ماليزيا‪ :‬سنت قانون البنوك اإلسالمية أواخر سنة ‪1982‬م‪.‬‬
‫ب‪ -‬تركيا‪ :‬سنت قانونا ً ينظم عمل البنوك اإلسالمية (سمتها بيوت‬
‫التمويل الخاصة) سنة ‪1983‬م‪.‬‬
‫ج‪ -‬اإلمارات‪ :‬سنت القانون اإلتحادي رقم ‪ 6‬لسنة ‪1985‬م‬
‫والخاص بالبنوك والمؤسسات المالية والشركات االسثمارية‬
‫اإلسالمية‪.‬‬
‫د‪ -‬اليمن‪ :‬سنت قانونا ً خاصا ً بالبنوك اإلسالمية سنة ‪1996‬م‪.‬‬
‫هـ الكويت‪ :‬سنة ‪2003‬م‪.‬‬
‫و‪ -‬لبنان‪ :‬سنة ‪2004‬م‪.‬‬
‫ز‪ -‬سوريا‪ :‬سنة ‪2005‬م‪.‬‬
‫ح‪ -‬ليبيا‪ :‬سنة ‪2013‬م وذلك بموجب القانون رقم ‪ 2013-1‬الذي‬
‫يلغي الفوائد الربوية في جميع المعامالت المصرفية والمالية‪.‬‬
‫وهناك دول قد يصدر فيها قريبا ً قانون خاص بالبنوك اإلسالمية‬
‫مثل تونس‪ ،‬أو تعدل قانونها المصرفي بحيث ُتدرج فيه مواد تنظم‬
‫عمل البنوك اإلسالمية مثل المغرب‪.‬‬
‫‪ -3‬نموذج نظام مصرفي تخضع فيه البنوك اإلسالمية‬
‫للقوانين المنظمة لعمل البنوك التقليدية (نموذج النظام‬
‫القانوني الموحد)‪:‬‬
‫ويضم هذا النموذج بقية دول العالم عدا الدول التي تتبع‬
‫النموذجين السابقين‪.‬‬
‫لكن هناك دول ضمن هذا النموذج تتمتع فيها البنوك اإلسالمية‬
‫باستثناءات تضيق وتتسع‪ ،‬أي تختلف من دولة ألخرى‪ ،‬ومن دول‬
‫االستثناءات (على سبيل المثال)‪:‬‬
‫ البحرين‪ :‬تعتبر واحة أمان بالنسبة للبنوك اإلسالمية‪ ،‬فيها عدد‬‫كبير من هذه البنوك مقارنة بصغر حجم الدولة‪ ،‬هناك تفهم كامل‬
‫من البنك المركزي لطبيعة عمل البنوك اإلسالمية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫إعفائها من كثير من الضرائب المفروضة على الشركات‪.‬‬
‫ األردن‪ :‬وجود مواد خاصة بتنظيم عمل البنوك اإلسالمية‬‫ولعالقتها مع البنك المركزي بخصوص الرقابة واإلشراف عليها‪،‬‬
‫مع وضع استثناءات خاصة بها في كيفية حساب نسب السيولة‬
‫والعناصر المكونة لها خاصة في بسط النسبة‪.‬‬
‫ مصر‪ :‬تتميز حاليا ً بمنح استثناءات ضيقة جداً للبنوك‬‫اإلسالمية‪ ،‬وذلك ألسباب تاريخية‪ ،‬حيث اس ُتثني بنك ناصر‬
‫االجتماعي (في بداية عمله) من رقابة البنك المركزي نظراً‬
‫لطبيعته االجتماعية‪ ،‬كما ُمنحت استثناءات للبنوك اإلسالمية‬
‫األخرى مثل بنك فيصل اإلسالمي المصري والمصرف اإلسالمي‬
‫الدولي لالستثمار والتنمية فيما يخص حساب نسب‪ :‬السيولة‪،‬‬
‫االحتياطي القانوني‪ ،‬احتياطي العمالت األجنبية‪ ،‬إال أن ذلك كثيراً‬
‫ما كان يثير حفيظة البنوك التقليدية األخرى‪ ،‬مما يجعل البنك‬
‫المركزي في النهاية يتراجع عن بعض هذه االستثناءات تحت تلك‬
‫الضغوط‪.‬‬
‫ثانياًًً ‪ -‬أهم اإلشكاالت العالقة في العالقة‪:‬‬
‫هناك إشكاالت كثيرة في رقابة البنوك المركزية على البنوك‬
‫اإلسالمية‪ ،‬يمكن تلخيص أهمها فيما يلي‪:‬‬
‫ العناصر المحتسبة في نسبة السيولة المفروضة من البنك‬‫المركزي‪ :‬على أساس أن البنوك اإلسالمية ال تتوفر لديها بعض‬
‫العناصر المتوفرة للبنوك التقليدية (السندات الحكومية‪ ،‬أذونات‬
‫الخزانة‪ ،‬السندات التقليدية بشكل عام)‪ ،‬إضافة إلى عدم اعتراف‬
‫بعض البنوك المركزية بالصكوك اإلسالمية (على قلتها) كبديل‬
‫للسندات التقليدية إلدراجها في حساب نسبة السيولة لالعتقاد بأن‬
‫ليس لديها نفس القابلية للتسييل عند الحاجة إلى السيولة‪.‬‬
‫ حساب نسبة االحتياطي القانوني‪( :‬وهو مشكل قديم منذ نشأة‬‫البنوك اإلسالمية) ألن البنك اإلسالمي يتلقى الحجم األكبر من‬
‫الودائع وهي ودائع االستثمار ال على سبيل ضمانها (مثل الودائع‬
‫الجارية وهي قليلة الحجم عادة لدى البنوك اإلسالمية) وإنما على‬
‫سبيل المضاربة أي المشاركة في الربح والخسارة‪.‬‬
‫غياب ملجأ أخير لإلقراض بالنسبة للبنوك اإلسالمية‪( :‬عند‬‫حاجتها إلى سيولة) لتعامل البنك المركزي بالفائدة معها مثل‬
‫البنوك التقليدية‪ ،‬وإن كانت البنوك اإلسالمية في معظمها تعاني‬
‫فائضا ً وليس نقصا ً في السيولة‪.‬‬
‫ كيفية حساب نسبة كفاية رأس المال‪ :‬أي نسبة المالءة أو نسبة‬‫بازل‪( ،‬خاصة إذا لم يتبن البنك المركزي للدولة معيار مجلس‬
‫الخدمات المالية اإلسالمية ‪ IFSB‬بماليزيا)‪ ،‬ألن الخالف يكمن‬
‫عادة في تحديد مكونات النسبة خاصة في المقام نظراً الختالف‬
‫طبيعة العمل بين البنوك اإلسالمية والتقليدية‪ ،‬وبالتالي اختالف في‬
‫طبيعة األصول‪ ،‬وبالنتيجة في درجة مخاطرتها‪ ،‬ونفس الشيء‬
‫بالنسبة للعناصر المكونة لرأس المال في البسط‪ ،‬إذ أن ودائع‬
‫االستثمار لدى البنك اإلسالمي تشترك مع حقوق الملكية في تحمل‬
‫الربح والخسارة‪.‬‬
‫ثالثاًًً ‪ -‬بعض الحلول المقترحة لإلشكاالت العالقة‪:‬‬
‫يمكن إيجاز بعض الحلول المقترحة لإلشكاالت العالقة فيما يلي‪:‬‬
‫ السعي إلى سن قانون خاص بالبنوك اإلسالمية في الدول ذات‬‫القانون الموحد‪ ،‬خاصة منها العربية واإلسالمية‪ ،‬ألن ذلك من‬
‫شأنه أن يسهل كثيراً من عمل البنك المركزي في الرقابة‬
‫واإلشراف على تلك البنوك‪ ،‬ويعطيه ذلك القانون الغطاء ليشتق‬
‫منه التنظيمات والتعليمات المنظمة لعملها‪.‬‬
‫ القانون الخاص بالبنوك اإلسالمية سند مهم للبنك المركزي ولكنه‬‫وحده ال يكفي‪ ،‬وإنما األهم من ذلك وجود تفهم لعمل تلك البنوك‬
‫من طرف مسؤولي البنك المركزي ومراعاة لخصوصية عملها‪،‬‬
‫وقد رأينا أن البحرين لم تسن قانونا ً خاصا ً بالبنوك اإلسالمية‪،‬‬
‫ولكن هذه األخيرة تعمل فيها بأريحية كبيرة لوجود ذلك التفهم‪.‬‬
‫ الحوار الدائم بين مسؤولي البنك المركزي ومسؤولي البنوك‬‫اإلسالمية لطرح جميع االنشغاالت والخصوصيات المتعلقة بالبنوك‬
‫اإلسالمية‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بمكونات نسب السيولة واالحتياطي‬
‫القانوني‪ ،‬إذ يمكن إيجاد حلول لتلك االنشغاالت مع وجود تفهم من‬
‫مسؤولي البنك المركزي ومرونة منهم‪.‬‬
‫ ضرورة تبني البنوك المركزية خاصة في بلدان العالم اإلسالمي‬‫لمعيار مجلس الخدمات المالية اإلسالمية ‪ IFSB‬وإجبار البنوك‬
‫اإلسالمية العاملة تحت رقابتها على تبني هذا المعيار لحل مشكلة‬
‫حساب كفاية رأس المال‪ ،‬على غرار ما قامت به بعض الدول مثل‬
‫السودان‪ ،‬وأيضا ً لحل مشكلة االختالف بين البنوك اإلسالمية‬
‫والتقليدية في هذا الشأن‪ ،‬إضافة إلى االستفادة من معايير ‪IFSB‬‬
‫التي ُينفق في إعدادها الكثير من الجهد والوقت والمال‪ ،‬وتحظى‬
‫باعتراف المؤسسات المالية الدولية‪ ،‬ولكنها تبقى غير ملزمة‬
‫التطبيق في كثير من الدول األعضاء في المجلس‪.‬‬
‫تجدر اإلشارة إلى أن مجلس الخدمات المالية اإلسالمية ‪IFSB‬‬
‫بماليزيا أصدر معياراً خاصا ً بحساب كفاية رأس المال للبنوك‬
‫اإلسالمية سنة ‪2005‬م مسايراً لبازل ‪ ،2‬ثم أصدر مسودة معيار‬
‫لنفس الغرض في نوفمبر ‪2012‬م مسايراً لبازل ‪ 3‬وعرضها‬
‫للنقاش وتلقي االقتراحات والتعديالت قبل إصدار المعيار في شكله‬
‫النهائي‪.‬‬
‫شكراً على حسن إصغائكم‬