شروط التعلم : أولا النضج

Download Report

Transcript شروط التعلم : أولا النضج

‫الفصل الثانى‬
‫شروو اوتووو‬
‫يمكننا أن نستدل على حدوث التعلم من سلوك الكائن الحى فى الموقف‬
‫التعليمى‪ ،‬وذلك بقياس الفرق بين أدائه كما يالحظ قبل وبعد وجوده فى ذلك‬
‫الموقف التعليمي‪ .‬ويعني ذلك ضرورة وجود تغير في األداء حتى يمكن الحكم‬
‫على حدوث التعلم‪.‬‬
‫التعلم عملية أساسية تحدث في حياة الكائن الحي باستمرار‪ ،‬نتيجة‬
‫احتكاكه بالبيئة الخارجية واكتسابه أساليب سلوكية جديدة تساعده على زيادة‬
‫التكيف مع البيئة التى يعيش فيها‪ ،‬وان هذه العملية تصحب الكائن الحى منذ‬
‫بدء حياته‪ ،‬فمنذ والدته وهو يكتسب كل يوم أساليب جديدة ويعدل من أساليب‬
‫سلوكه القديمة‪.‬‬
‫فالطفل الصغير حديث الوالدة يبكى عندما يجوع‪ ،‬فتسرع أمه‬
‫إليه لترضعه أو لتناوله وجبته الغذائية‪ ،‬ومن ثم يبدأ يتعلم البكاء‬
‫لكي تحضر أمه له‪ ،‬ثم يتعلم بعد ذلك كيف يمد يديه في اتجاه‬
‫الطعام‪ ،‬أو فى اتجاه األشياء التى يريد أن يحصل عليها‪ .‬ثم يحبو‬
‫للغرض نفسه‪ ،‬ثم يبدأ في تعلم المشى والكالم‪ ،‬ويكبر وتزداد‬
‫اتصاالته‪ ،‬فيبدأ في تعلم أساليب السلوك االجتماعي‪ ،‬كيف يقابل‬
‫الناس‪ ،‬وكيف يتصرف عند زيارتهم‪ ،‬وكيف يتعامل معهم‪ ،‬وغير‬
‫ذلك من نواحي النشاط اإلنسانى التى تزداد بمرور األيام وتتعقد‪.‬‬
‫ويدخل الطفل بعد ذلك المدرسة ويجد أمامه برامج معدة مسبقا وعليه أن‬
‫يدرسها وأن يتعلمها‪ ،‬ومناهج تتضمن العديد من المهارات والمعارف‬
‫والمعلومات التى يجب أن يمارسها وينجح في أدائها‪ .‬وحتى بعد دخوله‬
‫المدرسة‪ ،‬لن يقف تعلمه عند حدود ما يأخذه بداخله‪ ،‬بل سيظل الطفل ثم‬
‫الشاب بعد ذلك والراشد يتعلم داخل المدرسة وخارجها‪ ،‬وسيظل يتلقى كل يوم‬
‫جديدا يضاف إلى ذخيرة ما تعلمه‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فانه يتضح لنا أن التعلم عملية تمتد بامتداد الحياة‪ ،‬فهى‬
‫تبدأ معها وتستمر إلى آخر لحظة فيها‪ .‬ليس هذا فقط‪ ،‬بل وتضيف إلى حياة‬
‫الطفل كل يوم شيئا جديدا يساعده على تحسين ظروفه وعلى حسن التوافق‬
‫مع الظروف المادية واالجتماعية التي يعيش فيها‪.‬‬
‫شروط التعلم‬
‫النضج‬
‫الممارسة‬
‫الدافعية‬
‫أمثلة للتعرف على عملية التعلم والشروط الالزمة لها‬
‫ال يمكن التعرف على عملية التعلم من خالل النظرة الشاملة السابقة‪،‬‬
‫فمثال ‪:‬‬
‫الطفل فى تعلمه السباحة‪ ،‬لن يبدأ في تعلم هذه المهارة نتيجة خاطر‬
‫خطر له أو من تلقاء نفسه‪ ،‬وإنما البد من شىء يدفعه إلى تعلمها‪.‬‬
‫فيبدأ فى السؤال عن كيف يتعلم السباحة وحده ولكنه يجد األمر‬
‫صعبا‪ ،‬وأنه البد من شخص يوجهه نحو الحركات التي يجب أن يمارسها‪.‬‬
‫وسيجد من الضروري أن يمارس هذه الحركات بنفسه عددا كبيرا من‬
‫المرات‪.‬‬
‫وسيكون تعلمه في أول األمر متعثرا‪.‬‬
‫ثم بزيادة التدريب تزداد سيطرته وتمكنه من هذه المهارة‪ ،‬وفي النهاية‬
‫سيتعلم السباحة‪.‬‬
‫أمثلة للتعرف على عملية التعلم والشروط الالزمة لها‬
‫مثال آخر للتعلم ‪:‬‬
‫لنفرض أن المعلم قام بكتابة موضوع معين على الكمبيوتر أمام‬
‫مجموعة من التالميذ‪ ،‬فقد يثير هذا الموضوع عند احدهم الرغبة في تعلم‬
‫الكتابة على الكمبيوتر‪ ،‬فيبدأ في تتبع ما يفعله المعلم‪ ،‬ثم يأخذ في سؤاله‬
‫عن كيفية الكتابة على الكمبيوتر وقد يقوم بكتابة بعض الحروف‪ ،‬ولكنه من‬
‫الواضح أن هذا التلميذ لن يتعلم الكتابة على الكمبيوتر من أول مرة بمجرد‬
‫السؤال والحصول على اإلجابة أو بمجرد كتابة بعض الحروف‪ ،‬بل أن األمر‬
‫سيتطلب منه أكثر من ذلك‪ ،‬قد يتطلب منه مثال أن يذهب إلى المعلم أكثر من‬
‫مرة ويقوم بتدريبه على كيفية الكتابة على الكمبيوتر وتوجيهه وإرشاده أو‬
‫قد يحتاج األمر منه أن يقوم بقراءة بعض الكتب عن كيفية تعلم الكتابة على‬
‫الكمبيوتر أو غير ذلك من أوجه النشاط التي تساعده على تعلم الكتابة على‬
‫الكمبيوتر‪ ،‬وفي النهاية يتعلم هذا التلميذ الكتابة على الكمبيوتر‪.‬‬
‫أمثلة للتعرف على عملية التعلم والشروط الالزمة لها‬
‫مثال ثالث للتعلم‪:‬‬
‫هب أن تلميذا يريد أن يتعلم حل نوع جديد من التمارين الرياضية‪.‬‬
‫ــ فالمعلم سيقدم إليه األفكار األساسية حول هذا الموضوع‪.‬‬
‫ــ ثم يعطي هذا التلميذ مع بقية تالميذ الفصل بعض التمارين ليفكروا فيها‪.‬‬
‫ــ وطبعا سيكون األمر صعبا وتتحدى هذه التمارين قدرته فيحاول أن يستفيد‬
‫مما قاله المعلم في حلها ولكنه سيجد نفسه باإلضافة إلى ما قاله المعلم انه‬
‫في حاجة الن يبذل جهدا خاصا‪ ،‬فيحاول مرة ومرات‪ ،‬وفي النهاية يصل إلى‬
‫حل بعض التمارين أو إلى حلها كلها‪.‬‬
‫وسيكون فى هذه الحالة قد تعلم هذا النوع الجديد من التمارين الرياضية‪.‬‬
‫من خالل األمثلة الثالثة السابقة نالحظ أن المتعلم ال يمكنه أن يقوم‬
‫بالنوع المعين من النشاط الذي يؤدى إلى الهدف النهائى ويحقق التعلم‬
‫المطلوب‪ ،‬إال إذا كان قد وصل إلى مستوى النمو أو مرحلة النضج الالزمة‬
‫التي تمكنه من القيام بهذا النشاط‪ ،‬سواء أكان هذا النضج عضل ًيا أو‬
‫نضجا عقل ًيا أو اجتماع ًيا‪ .....‬الخ حسب نوع النشاط‬
‫فسيولوج ًيا‪ ،‬أو كان‬
‫ً‬
‫الذي يتطلبه الموقف المعين‪ .‬وإال أدى هذا الموقف إلى إحباط المتعلم‪.‬‬
‫فمثال الطفل في المثال األول لن يستطيع تعلم السباحة إال إذا‬
‫كانت عضالته قد وصلت إلى مستوى معين من النضج يسمح‬
‫لها بأداء الحركات المناسبة لتعلم هذه المهارة‪ ،‬فمهما كان‬
‫الطفل مدفوعا نحو تعلم السباحة‪ ،‬ومهما بذل من محاوالت‬
‫لتعلمها‪ ،‬فانه سيفشل طالما انه لم يكن قد وصل إلى مستوى‬
‫النضج المطلوب‪.‬‬
‫ومن الواضح أيضا في المثال الثاني أن طفل الخامسة أو‬
‫السادسة لن يتمكن من الكتابة على الكمبيوتر وذلك ألن عضالته‬
‫وخاصة عضالت اليدين واألصابع ال تكون قد نمت بالشكل المطلوب‪،‬‬
‫وال يكون نموه العقلى بالمثل قد وصل إلى الدرجة التي يفهم فيها‬
‫عالقة الضغط على حرف معين أو غير ذلك من العالقات التى تتطلبها‬
‫طبيعة هذا الموقف‪.‬‬
‫وكذلك فى المثال الثالث‪ ،‬يعتمد حل التمرينات الرياضية على‬
‫مستويات مختلفة من النضج العقلى‪ ،‬فبعضها يعتمد على التفكير‬
‫الحسي وعلى إدراك العالقات الواضحة البسيطة‪ ،‬وهذه يستطيعها‬
‫طفل المدرسة االبتدائية وبعضها ال يستطيع الطفل حلها إال في‬
‫أواخر مرحلة الطفولة وبداية المراهقة‪ ،‬وهو النوع من التمرينات‬
‫التي تعتمد على التجريد وإدراك العالقات الرمزية‪.‬‬
‫وتتضمن مواقف التعلم بصفة عامة عددا من العقبات البد من أن يتغلب عليها‬
‫المتعلم‪ ،‬أو يتصرف بالنسبة لها تصرفا معينا يحقق تعلمه‪.‬‬
‫ويظهر ذلك واضحا في األمثلة التي ذكرناها فالسباحة بالنسبة للشخص الذي‬
‫لم يتعلمه شيء صعب‪ ،‬وتبدو له فى أول األمر شيئا بعيد المنال‪.‬‬
‫وكذلك الكتابة على اآللة الكاتبة أو حل التمرينات الرياضية الجديدة‪ ،‬أو‬
‫غيرها فكل هذه المواقف تتضمن عددا من الصعوبات‪.‬‬
‫ولن يتمكن الفرد من التخلص من هذه العقبات والوصول إلى غرضه إال إذا‬
‫بذل مجهودا حقيقيا وقام بنشاط خاص يحقق الغرض المطلوب‪ ،‬وتخلص أثناءه‬
‫من العقبات والصعوبات التي تحول بينه وبين الوصول إلى هذا الغرض‪.‬‬
‫فالتعلم بهذا الشكل عملية تقوم على الممارسة‪ ،‬وذلك ألن الفرد ال‬
‫يتعلم إال ما يمارسه بنفسه‪ ،‬والخبرة التي يقوم بها المتعلم نفسه هي التي‬
‫تؤدى إلى نتائج تصبح جز ًءا من ذاته وتعدل من سلوكه‪.‬‬
‫في المثال األول ال يمكن أن يتعلم الطفل السباحة نتيجة أن يصف له‬
‫فرد أخر الحركات المطلوب تعلمها‪ ،‬أو نتيجة أن يقرأ هذا الوصف في كتاب ‪،‬‬
‫وإنما البد من أن يبذل نشاطا حقيقيا في تعلمه لكل الحركات المطلوبة‪ ،‬وأن‬
‫وأخيرا‬
‫يمارس هذه الحركات مرة ومرات كثيرة يتحسن سلوكه أثناءه‪،‬‬
‫ً‬
‫يسيطر عليها ويسبح بنفسه وحينئذ فقط نقول أنه تعلم السباحة‪.‬‬
‫ضا تعلم الكتابة على الكمبيوتر ال يتم مرة واحدة‪ ،‬وال يتم نتيجة‬
‫وأي ً‬
‫مجرد سماع الشرح وحده من المعلم‪ ،‬وإنما البد من أن ينشط المتعلم في‬
‫سبيل تعلمه نشاطا حقيقيا وأن يقوم بكل األعمال المطلوبة منه‪ ،‬فيقوم بنفسه‬
‫ويمارس الكتابة على الكمبيوتر تحت إشراف المعلم ويمارس ذلك عدة‬
‫مرات‪ ،‬وبطبيعة الحال سيكون متعثرا في أول األمر ولكن البد من أن يستمر‬
‫ذلك الفرد في ممارسته وفي تدريباته وفي السعي وراء كل ما يفيد تعلمه‪،‬‬
‫وكلما زادت مرات التدريب‪ ،‬وزاد نشاطه الهادف للتمكن من كل النواحي‬
‫المتصلة بموضوع تعلمه‪ ،‬وزاد هذا التعلم‪ ،‬وعند الوصول إلى كتابة عدد‬
‫معين من الكلمات في الدقيقة مثال نقول أنه قد تعلم الكتابة على الكمبيوتر‪.‬‬
‫وبالمثل نجد أن تعلم حل التمارين الرياضية لن يتحقق إذا أملى‬
‫المعلم على التالميذ الخطوات التي يتبعونها في الحل‪ ،‬إذ سيقتصر التعلم‬
‫الحادث في هذه الحالة على حفظ التالميذ للخطوات التي شرحها المعلم‬
‫وذلك إذا تيسر لهم حفظها‪ ،‬أما التعلم الحقيقي فيأتي نتيجة تفكير التالميذ‬
‫بأنفسهم في كيفية حل المسائل الرياضية‪ ،‬ونتيجة المحاوالت التي يبذلها كل‬
‫منهم في سبيل الوصول إلى حلها أي أن يمارسوا الموقف التعليمي‬
‫بأنفسهم وهكذا يتضح لنا أن الممارسة تمثل شرطا ثانيا أساسيا ً من شروط‬
‫التعلم‪.‬‬
‫وهناك شرط ثالث هام يجب أن يتوافر حتى تتحقق عملية التعلم‬
‫بنجاح‪ ،‬فالفرد ال يبدأ من نفسه تعلم الموقف التعليمي المعين‪ ،‬وإنما البد‬
‫من وجود دافع يدفعه للقيام باإلعمال وأوجه النشاط التي يتطلبها تعلمه‬
‫وحتى يحقق الغرض الذي يبغي الوصول إليه من هذا التعلم‪.‬‬
‫ويأخذ الدافع أشكاال متعددة يتضح بعضها من األمثلة التي ذكرناها‪،‬‬
‫ففي المثال األول كان الدافع هو أن يمتع الطفل نفسه بالسباحة في الماء‬
‫وأن يسبح كما يسبح اآلخرون‪ ،‬وهذا ما دفعه لتعلم هذه المهارة‪ ،‬وفي‬
‫المثال الثاني نجد أن رؤية التلميذ للمعلم وهو يكتب على الكمبيوتر‬
‫ورغبته في أن يجرب الكتابة مثله هي التي دفعته إلى القيام بأوجه النشاط‬
‫المختلفة التي أدت به في النهاية إلى الكتابة على الكمبيوتر‪ .‬أو قد يكون‬
‫الدافع هو وجود مشكلة تتحدى قدرات الفرد ويسعى للتغلب عليها كما في‬
‫المثال الثالث‪.‬‬
‫ومن ثم فان الموقف التعليمي بما فيه المتعلم والمعلم يخضع لعديد‬
‫من الشروط والعوامل التي تؤثر على عملية التعلم حيث أن عملية التعلم‬
‫نفسها تخضع لمجموعة من الشروط والعوامل‪ ،‬بعضها يتعلق بالنواحي‬
‫الداخلية للمتعلم‪ ،‬وبعضها اآلخر يرتبط بالعوامل الخارجية التي تؤثر على‬
‫المتعلم في الموقف التعلمي‪.‬‬
‫وفي مستوى التعلم اإلنسانى تخضع عملية التعلم لعديد من الشروط‬
‫التي تؤثر بشكل فعال على سلوك الفرد فى الموقف التعلمي‪ ،‬و أهم هذه‬
‫الشروط التي تؤثر فى التعلم اإلنسانى وغير اإلنسانى أيضا ومن خالل‬
‫األمثلة الثالثة السابقة والتى ال يمكن أن تتم عملية التعلم بدونها هى ‪:‬‬
‫النضــــج ‪ :‬فالبد أن يصل المتعلم إلى مرحلة النضج الالزمة للقيام بأوجه‬
‫النشاط التى يتطلبها تعلم الموضوع المعين ‪.‬‬
‫الممارسة ‪ :‬البد أن يمارس المتعلم نشاطا خاصا حتى يحقق هذا الغرض ‪.‬‬
‫الدافعيــة ‪ :‬البد من وجود دافع عند المتعلم يدفعه نحو موضوع التعلم‬
‫ويهدف إلى التمكن من هذا الموضوع أو الوصول إلى حل بالنسبة له‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬النضج ‪Maturation‬‬
‫التعلم ليس هو العملية الوحيدة التى يتغير السلوك بواسطتها ‪ ،‬إذ أن‬
‫هناك عملية أخرى هامة تحدث تغيرات فى السلوك وهى النضج ‪ ،‬وهى‬
‫عملية نمائية تحدث تغيرات فى السلوك نتيجة للنمو الجسمى‪.‬‬
‫النضج شرط ضروري لعملية التعلم‪ ،‬ويقصد بالنضج ‪ :‬التغيرات الداخلية‬
‫في الكائن الحى التى ترجع إلى تكوينه الفسيولوجى والعضوى‪ ،‬وبخاصة‬
‫الجهاز العصبى‪.‬‬
‫فالتغيرات التى ترجع إلى النضج هي تغيرات سابقة على الخبرة والتعلم‪،‬‬
‫هى نتيجة التكوين الداخلى فى الفرد‪ ،‬وال تلعب العوامل البيئية‪ ،‬أى الخارجية‪،‬‬
‫دور العوامل البيئية على تدعيمها وتوجيهها‪.‬‬
‫فالنضج عملية نمو متتابع يتناول جميع نواحى الكائن الحى‪ ،‬وتبدو‬
‫مظاهره فى جميع الكائنات الحية‪ ،‬فمثال نالحظ ذلك فى نمو الطفل فى‬
‫الوزن وفى الطول حتى يصل تكوينه الجسمانى إلى مستوى معين يمكنه‬
‫من القيام بوظائف جسمية معينة‪.‬‬
‫والواقع أن المسئول األول عن النضج هو الجهاز العصبى للكائن‬
‫الحى‪ ،‬الذي يبدو أثره في سلوك الفرد وقدرته على تمييز األشياء‬
‫وإدراكها والتصرف بالنسبة لها خالل مراحل نموه المتتالية ‪ ،‬وهناك‬
‫مستويات معينة من النمو إذا وصلها الكائن الحى اعتبر ناضجا‪.‬‬
‫الطفل الذى ال يستطيع المشى بعد سنتين يعتبر غير ناضج من هذه الناحية‬
‫الجسمية‪ ،‬وكذلك طفل العاشرة الذى يرفض الجلوس مع الزائرين ويخشاهم يعتبر‬
‫تصرفه سلوكا اجتماعيا غير ناضج‪ ،‬والمراهق الذى يرفض صحبة الشباب من مثل‬
‫سنه ويفضل االلتصاق باألهل واالعتماد عليهم فى تصريف شؤون حياته يعتبر أيضا‬
‫غير ناضج من هذه الناحية‪.‬‬
‫يقصد بالنضج ‪ :‬درجة نموو معينوة فوى بعوض األجهوزة الداخليوة‬
‫فى الكائن الحى ‪ ،‬هذه األجهزة تعتبر مسئولة عن نمط اسوتجابى‬
‫معووين ‪ ،‬يحقووق وظيفووة معينووة لوودى الكووائن الحووى ال يسووتطيع أداء‬
‫هذه الوظيفة إال إذا وصول الجهواز الخواص بهوا إلوى مسوتوى مون‬
‫النمو ‪ ...‬هذا المستوى هو الذى يطلق عليه النضج‪.‬‬
‫النضج‬
‫البيولوجى‬
‫النضج‬
‫العقلى‬
‫النضج‬
‫االنفعاىل‬
‫النضج‬
‫االجتماعى‬
‫النضج البيولوجى‬
‫يقصد بالنضج البيولوجى ‪ :‬أن يصل عضو ما أو نسيج ما أو غدة ما إلى‬
‫درجة من النمو تؤهلها ألداء الوظيفة المطلوبة‬
‫منها أو المهمة المراد أن تؤدى‪.‬‬
‫فمثال ال يستطيع الطفل المشى إال بعد أن تنمو عضالته وتقوى رجاله على‬
‫حمل جسمه‪ ،‬ومن ثم فان النضج العضوى الجسمى شرط أساسى لعملية‬
‫التعلم‪.‬‬
‫القشرة المخية هى الجزء المحيط بالمخ ويوجد تحتها ما يسمى باألنوية‬
‫تحت القشرية وهذه القشرة المخية مسئولة عن جميع العمليات اإلرادية فى‬
‫جسم اإلنسان وعند ميالد الطفل ال تكون هذه القشرة جاهزة التكوين وتبدأ‬
‫فى التكوين وأداء وظيفتها تدريجيا مع النمو حيث يختص كل جزء منها‬
‫بمهمة محددة‪.‬‬
‫حيث يوجد بالقشرة المخية أماكن محددة مسئولة عن التحكم فى السلوكيات‬
‫المختلفة للفرد حيث توجد منطقة مسئولة عن سلوك المشى ‪ ،‬ومنطقة‬
‫أخرى مسئولة عن التحكم فى سلوك الكالم ‪ .....‬إلخ‬
‫وعلميا ‪ :‬معروف أماكن هذه المناطق والسن المناسب لنمو كل جزء فيها‬
‫حتى يؤدى المهام الموكلة إليه‪.‬‬
‫وبالتالى ‪ :‬فإن محاولة تعلم مهمة ما قبل نضج الجزء المسئول عنها يعتبر‬
‫إضاعة للوقت ويسبب للمتعلم الكثير من المعاناة والفشل‬
‫كذلك فإن تأخير مهمة ما بعد نضج الجزء المسئول عنها يعتبر إهدارا‬
‫وتعطيال فى اكتساب مهام ومهارات تالية فى سلم التعلم‪.‬‬
‫النضج العقلى‬
‫هو أن يصل عقل الفرد إلى المستوى الذى يمكنه من أداء المهام‬
‫المطلوبة ‪.‬‬
‫ويقصد بالنضج العقلى ‪ :‬درجة النمو العامة فى الوظائف العقلية‬
‫المختلفة المتعلقة بما يتعلمه الطفل‪.‬‬
‫حيث إن هناك عالقة قوية بين العمر الزمنى والقدرة على التعلم إذا‬
‫كان النمو العقلى سائرا فى طريقه الطبيعى‪.‬‬
‫أى أن عملية التعلم مرتبطة بنمو الطفل العقلى‪.‬‬
‫ال يستطيع الطفل كتابة مقال أو حل مسألة حسابية إال بعد مرحلة من‬
‫النمو العقلى تؤهله إلى الوصول إلى مثل تلك العمليات العقلية‪.‬‬
‫النضج االنفعاىل‬
‫يقصد بالنضج االنفعالى ‪ :‬أن تصل انفعاالت الفرد‬
‫(كالخوف والغضب والمحبة والكراهية والغيرة ‪ ....‬إلخ) إلى‬
‫المستوى المناسب لعمر الفرد وتعليمه وثقافته فى بيئة معينة‬
‫وثقافة خاصة‬
‫فالطفل فى عمر الثانية عندما يغضب ويصرخ إذا ما سحب‬
‫أخاه لعبته منه ال يعتبر غير ناضج انفعاليا فى حين أن طالب‬
‫الثانوى إذا سحب منه زميله كراسته أو كتابه فقام بالصراخ أو‬
‫البكاء يعتبر غير ناضج‪.‬‬
‫النضج االجتماعى‬
‫يقصد بالنضج االجتماعى‪ :‬أن تصل ممارسات الفرد االجتماعية إلى المستوى‬
‫المناسب لعمره وتعليمه وثقافته في بيئة معينة وفى ظل ثقافة مجتمعه‪.‬‬
‫أى تتوافق هذه الممارسات مع المعايير االجتماعية بالنسبة للفرد ودوره‬
‫االجتماعى والتوقعات المنتظرة منه فى ضوء مركزه االجتماعى‪.‬‬
‫إن التعلم والنضج عمليتان مسئوليتان عن نمو السلوك وترقيته‪،‬‬
‫ولذلك فمن الصعب على المعلم أن يفرق تفريقا ً دقيقا ً بين ما يعزى من سلوك‬
‫الفرد نتيجة التعلم وما يعزى إلى النضج‪ ،‬فنجد بعض أنماط من السلوك‬
‫المعقد تكونت نتيجة لسنوات طويلة من النضج والخبرة مثل المشى والكتابة‬
‫والقراءة‪.‬‬
‫عموما فإن النضج فى صوره المختلفة يعد شرطا أساسيا‬
‫لعملية التعلم حتى تتم فى صورتها المنشودة حيث أن‬
‫هناك عالقة قوية بين النضج والتعلم فكالهما عبارة عن‬
‫نمو وهما مظهران مختلفان للنمو فهما العمليتان‬
‫المتكاملتان المسئولتان عن نمو السلوك وترقيته‬
‫التفرقة بني النضج والتعلم نظريا‬
‫النضج هو عملية طبيعية متتابعة‪ ،‬تقدمية‪ ،‬تحدث حتى فى‬
‫الحاالت التي تكون فيها أعضاء الجسم فى حالة خمول تام‪ ،‬كالنوم‬
‫مثال‪.‬‬
‫أما التعلم فهو عبارة عن تغير في األداء (نسبيا) يحدث‬
‫نتيجة لنشاط يقوم به الكائن الحى‪.‬‬
‫أي أن النضج هو عملية نمو داخلى متتابع يتناول جميع‬
‫نواحي الكائن الحى ويحدث بطريقة ال شعورية‪ ،‬بينما التعلم هو‬
‫عملية إرادية فى الغالب وهو يعتمد أكثر من النضج على ظروف‬
‫البيئة التي تؤثر فى الكائن الحى‪.‬‬
‫يوجد النضج بمظاهره المختلفة عند جميع أفراد الجنس‬
‫البشرى‪ ،‬كما أنه يظهر في نفس العمر وعلى نحو مماثل‬
‫في األطفال العاديين بالرغم من اختالفهم في الظروف التى‬
‫ينشأون فيها ويتأثرون بها‪ ،‬بينما التعلم يؤدى إلى ظهور‬
‫استجابات معينة من السلوك المكتسب لدى الفرد تميزه‬
‫عن غيره أى تميز المتعلم من غير المتعلم والمجرب من‬
‫عديم الخبرة‪.‬‬
‫يعزى (يرجع) النضج إلى عوامل الوراثة‪ ،‬بينما يعزى‬
‫التعلم إلى البيئة التى يعيش فيها الكائن الحى‪.‬‬
‫وبالرغم من أن هناك فروقا بين النضج والتعلم‪ ،‬إال أن العالقة‬
‫كثيرا على النضج العضوى الجسمى‬
‫بينهما قوية‪ .‬فالتعلم يعتمد‬
‫ً‬
‫العضلى والعقلى‪.‬‬
‫وهذا يفسر لنا أسباب الفشل الذى يتعرض له الكثير من صغار‬
‫األطفال الذين يجبرهم والداهم على تعلم أمر من األمور‪ ،‬يحول‬
‫بينهم وبين تعلمه نقص فى القدرة العقلية أو الحركية وغيرها ‪.‬‬
‫ولذلك فان التعلم يعتمد اعتمادا كليا على النمو‪ ،‬بمعنى أن‬
‫التعلم ال يتم دون أن يقابل ذلك تقدم فى عملية النمو‪ ،‬وهذا ما‬
‫يدعونا إلى القول بأن ‪:‬‬
‫التعلم والنمو عامالن متداخالن يؤثر كل منهما في اآلخر‪.‬‬
‫ذلك الن النمو وما يصحبه من نضج شرط أساسى من شروط‬
‫التعلم‪.‬‬
‫النضج في كافة نواحيه العضوية والعقلية واالنفعالية واالجتماعية من‬
‫أسس وشروط التعلم الهامة ألنه ‪:‬‬
‫يحدد إمكانيات سلوك الكائن الحى‪ ،‬ويحدد مدى ما يستطيع أن يقوم به من‬
‫نشاط تعلمى وما يكتسبه من مهارة وخبرة فى مختلف المجاالت المتعددة‬
‫والتي تساعده على حسن التوافق معها‪.‬‬
‫مع حتياتى‬
‫دكتور‬
‫نصر حممود صربى‬
‫مدرس علم النفس التربوى بكلية التربية جامعة الزقازيق‬
‫‪[email protected]‬‬
‫‪[email protected]‬‬
‫‪Home page: www.nasr.name.eg‬‬