أولاً: تعريف الأمن القومي الإسرائيلي.
Download
Report
Transcript أولاً: تعريف الأمن القومي الإسرائيلي.
األمن القومي اإلسرائيلي
إعداد/
د .إبراهيم محمود حبيب
المبحث األول
اإلطار السياسي
والعسكري لألمن
القومي اإلسرائيلي
تستلزم الطبيعة الدينية والوظيفية للدولة العبرية :أن
يكون اإلطار العام لألمن القومي إطاراً أمنيا ً عسكريا ً
بالدرجة األولى ,أما اإلطار السياسي؛ فهو عملية
تكميلية لسد الثغرات المفتوحة في اإلطار العسكري،
لذلك سنحاول من خالل هذا المبحث التعرف على
مفهوم األمن اإلسرائيلي ,وما هي مرجعياته ومحدداته
ونظريته وأهدافه اإلستراتيجية وطرق تحقيقها.
أولا :تعريف األمن القومي اإلسرائيلي.
• يعرف األمن القومي ألي دولة في العالم" :بأنه قدرة الدولة على
الحفاظ على مصالحها ,والدفاع عنها؛ ولكن تعريف األمن القومي
اإلسرائيلي يكاد يكون شاذاً عن كل تلك المفاهيم ,حيث يعرف ديفيد بن
جوريون األمن القومي اإلسرائيلي بقوله هو" :الدفاع عن الوجود"
• لذلك فإن مفهوم األمن القومي اإلسرائيلي يمتد ليشمل محاولة التأثير
على خط التفاعالت اإلقليمية ,التي تضمن منع أي تحديد لقدرات
إسرائيل السياسية والجيوبوليتيكية؛ مما سيجبر األطراف العربية على
القبول بها والتعامل معها على أساس واقعي ال يمكن تغييره.
• كما يرى العسكريون اإلسرائيليون أن مفهوم األمن القومي يمتد ليشمل
قضية النقاء اليهودي وضمان تدفق المهاجرين اليهود إلسرائيل
واالرتباط بقوة عظمى.
ثانيا ا :نظرية األمن اإلسرائيلي.
•
•
•
•
أراد بن جوريون مؤسس النظرية األمنية اإلسرائيلية عام 1949م؛
اإلجابة على سؤال مصيري يواجه تلك الدولة الناشئة يقول :كيف
يمكن تحقيق األمن لشعب قليل العدد يعيش في دولة صغيرة
المساحة ,محدودة الموارد ,محاطة بكثرة عددية معادية؟
أدركت القيادة اإلسرائيلية أن :اإلجابة على هذا السؤال ليست سهلة,
وأنه يجب التغلب على محوري السؤال الرئيسيين المتمثلين في صغر
حجم الدولة ,والكثرة المعادية ,فتم االتفاق إلى تحديد ركيزتين
أساسيتين لنظرية األمن اإلسرائيلي ,اللتين تمثلتا باألتي:
تجيش الشعب بكامله (كل الشعب هو جيش)
نقل الحرب إلى أرض العدو
ولتثبيت تلك الركائز وضمان فاعليتها ,أكد بن جوريون ومردخاي مالكيف (أول
رئيس لهيئة األركان اإلسرائيلية) على ضرورة امتالك المقومات التالية:
• بناء جيش قوي يكون بمثابة العمود الفقري للمؤسسة األمنية.
• الحرب القصيرة.
• تبني أسلوب الهجوم في القتال.
• ضرورة امتالك قوة ردع والعمل على تطويرها.
• توفير المرونة الميدانية وسرعة الحركة في أرض المعركة.
المرجعية الفكرية لنظرية األمن اإلسرائيلي:
أولا :المرجعية الدينية.
استطاعت الصهيونية أن تسخر الدين لخدمة أغراضها السياسية,
وتمثل ذلك بربط اليهودي وجدانيا ً بفلسطين ,وتكريس مبدأ سيادته
على األمم ,على اعتبار أن ذلك وعد إلهي ال بد من تحقيقه ،وقد
حاولت أن تجعل من حروب إسرائيل ,حروب مقدسة؛ ألن الرب
هو الذي يقودها ,وفي ذلك يقول موشيه جورين حاخام الجيش
اإلسرائيلي أثناء حرب 1967م" :إن حروب إسرائيل الثالث مع
العرب في سنوات 1967 ،1956 ،1948م ،إنما هي حروب
مقدسة إذ دارت أوالها لتحرير إسرائيل ,وقامت الثانية لتثبيت
أركان الدولة ،أما الحرب الثالثة فكانت لتحقيق كلمات أنبياء
إسرائيل ،ومن أجل تحرير وتثبيت وتحقيق أمن إسرائيل نؤمر
بالقتال
تابع ...المرجعية الفكرية لنظرية األمن اإلسرائيلي.
تستند المرجعية الدينية من خمسة مصادر أساسية هي:
– العهد القديم "التوراة" :هناك العديد من النصوص التي يستند عليها من
التوراة لربط اليهود باألرض وحثهم على القتال :مثل "كل موضع تدوسه
بطون أقدامكم لكم أعطيته كما كلمت موسى“ أي أن هذا النص يبيح إلسرائيل
الحق بأن تتوسع دون قيد أو شرط ,ألي أرض تطؤها أقدام جنودها.
– التلمود :من النصوص التي وردت في التلمود وترغب وتشجع اليهود للسكن
في فلسطين" :األرض المقدسة هي أعلى من كل األراضي“ "هواء فلسطين
هو األفضل في الكون ،وهو يكفي لجعل اإلنسان حكيما“
– فكرة الخالص والعودة إلى أرض الميعاد :تتلخص هذه الفكرة بإعادة بعث
الشعب اليهودي وعودته إلى األرض التي وعدهم بها الرب مثل ما ورد في
التوراة "وقال الرب :لنسلك أُعطي هذه األرض من نهر مصر إلى النهر
الكبير نهر الفرات”
تابع ...المرجعية الفكرية لنظرية األمن اإلسرائيلي.
– فكرة السيادة العالمية لليهود :تنبع هذه الفكرة من عقيدة التفوق
والتمييز ,حيث يعتقد اليهود أنهم شعب هللا المختار وأن عليهم قيادة
العالم الذي يجب أن يتحول إلى مجموعة من الخدم والعبيد (جويم)
ولن يتحقق ذلك؛ إال بعد العودة إلى أرض الميعاد.
– استغالل الالسامية :استطاعت الحركة الصهيونية أن تستغل
موضوع الالسامية لفرض هيمنتها على العالم ,حيث تعتبر
العنصر اليهودي هو العنصر السامي فقط ,وأن معاداة الغرب
لليهود؛ هي معاداة للسامية ,وهو ما تحاول إسقاطه على العرب,
مع أن العرب ساميون أيضا ًً.
تابع ...المرجعية الفكرية لنظرية األمن اإلسرائيلي.
ثانيا ا :المرجعية التاريخية.
ال يوجد في تاريخ المنطقة العربية ما يعرف باسم التاريخ اليهودي؛ صحيح أن اليهود
•
استوطنوا بعض أجزاء من فلسطين أثناء حكم مملكة داوود وسليمان عليهما السالم ,إال أنهم لم
يتركوا تاريخا ً أو أثراً حضاريا ً :ألنهم كانوا عبارة عن قبائل بدوية متحركة لم تعرف المدنية
والحضارة.
لذلك كلف بن جوريون مجموعة من المؤرخين اليهود لصياغة ما عرف باسم التاريخ
•
العسكري اليهودي ,وقد بذل هؤالء المؤرخون جهداً كبيراً في ذلك ,حيث ربطوا بين معارك
العبرانيين في التاريخ القديم وحروب دولة إسرائيل في التاريخ الحديث ليقنعوا أنفسهم قبل
غيرهم :أنهم أصحاب مهمة إلهية تخصهم بشرف إتمام رسالة اآلباء واألجداد
وفي ذلك يقول بن جوريون "إن كل تاريخ إسرائيل القديم الذي يرويه لنا الكتاب المقدس هو
•
بالدرجة األولى تاريخ إسرائيل العسكري ،لقد حارب اليهود األوائل األشوريين والبابليين
والمصرين والعمونيين والفرس واإلغريق والرومان؛ وحين هزموا على يد فيالق تيتطس بعد
معركة يائسة ،آثروا أن يقتلوا أنفسهم في ماسادة على أن يستسلموا"
ثالثا ا :محددات األمن القومي اإلسرائيلي.
•
•
•
•
•
ضيق رقعة األرض وصغر حجم الدولة:
قلة عدد السكان ووجود أقليات معادية:
بعد إسرائيل عن أصدقائها:
إحاطتها بدول معادية وغير قابلة لوجودها:
هشاشة القتصاد القومي والعتماد على المساعدات
الخارجية:
رابعا ا :إستراتيجية األمن القومي اإلسرائيلي:
الهداف الستراتيجية.
•
•
•
•
•
•
تجزئة الدول العربية وبلقنة الوطن العربي
تمكين الدولة اليهودية النقية من التكامل
تحويل إسرائيل إلى قلعة صناعية ودولة خدمات سياحية.
ربط االقتصاد العربي باالقتصاد اإلسرائيلي من منطلق
السيطرة ومبدأ التبعية
تجزئة دول المنطقة غير العربية
تحويل القدس إلى عاصمة عالمية مصرفية وصناعية.
ومن أجل تحقيق األهداف القومية المشار إليها أنفاً؛ كان البد
لمخططي السياسة اإلسرائيلية من رسم اإلستراتيجية التي
تحققها ,وهو ما تم بالفعل ,فقد وضعت تلك الخطة على
مستويين :المستوى األعلى أطلق عليه اسم (الخطة
اإلستراتيجية الكبرى) ,أما المستوى الثاني فأطلق عليه اسم
(الخطة اإلستراتيجية لمعالجة مشاكل األمن الجاري) وهي
التي تطبق حاليا ً على الساحة الفلسطينية .وللعلم فإن المدة
الزمنية لهذه الخطط تمتد من خمس إلى عشر سنوات تجدد
بعد تقييمها.
الخطة اإلستراتيجية الكبرى:
•
•
•
•
مخطط بلقنة المنطقة:
يهدف هذا المخطط إلى تقسيم المقسم وتجزئ المجزأ إلى دويالت قزميه صغيرة مبنية على أسس دينية مذهبية وعرقية؛ وذلك من خالل
استغالل المشاكل الداخلية التي تعاني منها بعض الدول العربية التي تعيش فيها أقليات عرقية أو دينية أو قومية وتعزيز النزعة االنفصالية
لدى هذه األقليات ,حيث أدت هذه السياسية في كثير من األحيان إلى اندالع حروب أهلية ,وهو ما حث في أكثر من مكان.
تسعى إسرائيل من خالل هذا المخطط تحقيق هدفين أساسيين:
األول :يتمثل في أضعاف المحيط العربي وتفتيت قواه وتشتيتها حتى تستمر السيطرة اإلقليمية والتفوق النوعي واالستراتيجي لها.
الثاني :يتمثل في ضرورة إطفاء الشرعية الدولية على الدولة العبرية بحيث ال تبقى وحدها دولة دينية يشار إليها كعنصر شاذ في المنطقة؛
بل ستصبح دوالً كثيرة في المنطقة على هذا األساس وهو ما سيساعد وبشكل كبير على تحقيق أحد أهم األهداف القومية العليا المتمثل في
تمكين الدولة اليهودية النقية من التكامل.
مخطط شد األطراف:
يهدف هذا المخطط إلى شد انتباه القلب العربي عن صراعه الحقيقي معها إلى مناطق األطراف العربية ويتمثل ذلك في إدخال دول األطراف
العربية في صراعات إقليمية مع دول الجوار اإلقليمي غير العربية ،وقد طبق هذا المخطط عمليا ً ً,واتضحت مالمحه في الحرب العراقية
اإليرانية ,والتحالف مع تركيا في الشمال ,ومع ارتريا وإثيوبيا ودول حوض النيل في الجنوب األفريقي.
مخطط تكثيف الستيطان:
يستهدف هذا المخطط تكريس الواقع االستيطاني في األراضي الفلسطينية المتمثل في إيجاد تركيز للعنصر اليهودي لمنع إقامة دولة فلسطينية
قابلة للحياة ,واستخدام هؤالء المستوطنين في عملية تبادل سكاني قد يتم االتفاق عليها مع الفلسطينيين ,إلنهاء حق العودة ,وترحيل مليون
ونصف المليون فلسطيني الباقون على أرضهم منذ عام 1948م إلى الدولة الفلسطينية العتيدة ,ولتحقيق يهودية الدولة كما تطالب حاليا ً.
الخطة اإلستراتيجية لمعالجة مشكالت األمن الجاري
• تسير إسرائيل وفق هذه الخطة علي محوريين أساسيين:
• المحور األول :يتمثل في الدخول في عملية مفاوضات
مستمرة في إطار ما يعرف بعملية السالم دون تحقيق نتائج
فعلية على األرض يمكن أن تفضي إلي أقامة سالم مع
العرب والفلسطينيين ,وتحاول إطالة أمد المفاوضات من
خالل الدخول في التفاصيل واالبتعاد عن القضايا الجوهرية,
وربط أي اتفاق باختبار نوايا الطرف العربي ,والتركيز
األساسي في عملية المفاوضات على الحلول المرحلية فقط.
الخطة اإلستراتيجية لمعالجة مشكالت األمن الجاري
• المحور الثاني :يتمثل في فرض الوقائع على األرض من
خالل تكريس االستيطان كما ورد سابقاً ،وتهويد القدس
وترحيل الفلسطينيين منها ،وحصر سكان الضفة الغربية في
معازل ،واالستيالء على الثروات الطبيعية واالستمرار في
العمل الدءوب لبناء الهيكل مكان المسجد األقصى ,وبالتالي
يشكل المحوريين المذكورين إستراتيجية السياسة الخارجية
والدفاعية إلسرائيل
وفي منهجية تعاملها مع العرب في إطار عملية السالم,
والتي تحددت ثوابتها بالالءات العشر التالية:
•
•
•
•
•
•
•
•
•
•
ال لالنسحاب الكامل إلى حدود 1967م.
ال لتقسيم القدس.
ال لسيادة عربية كاملة على جبل الهيكل (المسجد األقصى)
ال لدولة فلسطينية ذات استقالل كامل.
ال إليقاف عمليات االستيطان أو تفكيك المستوطنات األمنية الرئيسية.
ال لعودة الالجئين الفلسطينيين.
ال لتحالف استراتيجي عربي يضم بعض أو كل دول المواجهة والعمق العربي.
ال المتالك أي دولة عربية برنامج نووي.
ال ألي خلل في الميزان العسكري القائم حاليا ً بين العرب وإسرائيل.
ال لحرمان إسرائيل من مطالبها المائية في األنهار العربية
المبحث الثاني
إسرائيل والمنظومة اإلقليمية
• يقول أرئيل شارون إن األمن القومي اإلسرائيلي يمتد من جاكرتا إلى
المحيط األطلسي أي أن كل العالم اإلسالمي أينما تواجد فإنه يشكل
تحديا ً لألمن القومي اإلسرائيلي.
• لذلك تتعامل إسرائيل مع المنظومة اإلقليمية من خالل نظريتها األمنية
كمحيط معادي ،ال يمكن أن تأمنه؛ وهو ما يؤكده هنري كسينجر
بقوله :إن السياسة اإلسرائيلية ال تمتلك سياسة خارجية.
• وبناءاً على ذلك قامت برسم خريطة إستراتيجية لسياستها الخارجية
لمواجهة هذه المنظومة الستيعابها مع فرض حالة من التخلف والفقر
عليها لضمان استمرار التفوق اإلسرائيلي النوعي في كل المجاالت،
مما يحقق األمن واالستقرار لها ,وقد شملت هذه المنظومة كل الدول
العربية واإلسالمية ,ومناطق نفوذها على اعتبار أنها مصدر للتهديد.
تقوم اإلستراتيجية اإلسرائيلية على تقسيم
المنظومة اإلقليمية إلى ست دوائر رئيسية:
أولا :دائرة وادي النيل
• تضم هذه الدائرة كالً من مصر والسودان ودول منابع نهر النيل ،وتتصدر هذه
الدائرة مصر.
• تنظر إسرائيل إلى مصر باعتبارها القوة األكبر بين الدول العربية القادرة على
مواجهتها؛ بسبب ما تمتلكه من مصادر القوة الذاتية من ثقل سكاني ,وعلمي,
وتاريخي ,وجيوبوليتكي؛ فعلى مر العصور ,لم تستطع أي قوة احتالل غازية
للشرق األدنى السيطرة عليه إال من خالل السيطرة على مصر أوالً ,ومن هذا
المنطلق بنيت إستراتيجية المواجهة مع مصر ,لتحافظ على التفوق النوعي
اإلسرائيلي ,وإشغال مصر في مشاكل داخلية وأمنية واقتصادية الخ ,ولن يتم ذلك
إال من خالل إضعاف الدولة المصرية وإرباكها وخلق مؤثرات ضاغطة عليها
من الداخل ,وفي مناطق النفوذ والمصالح ،لصرف توجهاتها القومية بعيداً عن
خط حدودها.
ثانيا ا :دائرة الشام
تضم هذه الدائرة كالً من سوريا ولبنان واألردن إضافة إلى العراق,
وترى اإلستراتيجية اإلسرائيلية أن سوريا هي من يتصدر هذه الدائرة،
بعد أن كان العراق ينافسها قبل غزوه عام 2003م ،فسبق إلسرائيل
أن اعتبرت العراق مصدر الخطر األكبر إلى أن تم تدمير قوته
واحتالله على يد الواليات المتحدة ,وقد اعترف الرئيس األمريكي
السابق جورج دبليو بوش في مقابلة إذاعية له مع إحدى القنوات
األمريكية :أن غزوه للعراق كان لتحقيق هدفين هما :حماية إسرائيل،
واالستيالء على النفط .تنظر إسرائيل لدول هذه الدائرة بكثير من
األهمية كونها تشكل خط التماس المباشر معها حيث يبلغ طول خط
الحدود مع دولها أكثر من خمسمائة كيلو متر .مما يعرض عمقها
اإلستراتيجي الهش للتهديد المباشر.
ثالثا ا :دائرة الخليج.
• تضم تلك الدائرة دول الخليج الست إضافة إلى اليمن ،تتصدر
السعودية هذه الدائرة بال منازع ,وذلك لقوتها العسكرية
واالقتصادية والسكانية واإلستراتيجية ،وهذا ال يعني أن ال
أهمية لباقي الدول بل على العكس ،فإسرائيل لم تستطع أن
تحدث اختراقه في عالقاتها مع السعودية ،ولكنها استطاعت
أن تفعل ذلك مع كل من قطر ،وعمان ،حيث أنشأت مكاتب
لرعاية المصالح المشتركة.
رابعا ا :الدائرة المغربية
• تضم هذه الدائرة كالً من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا
وتنظر إسرائيل إلى المغرب والجزائر بصفتهما الدولتين اللتين
تتنافسان على زعامة هذه الدائرة.
بشكل عام ال ترى إسرائيل في دول هذه الدائرة خطراً إستراتيجيا ً
•
ٍ
عليها كون تلك الدول تبتعد عنها باآللف الكيلو مترات ،إضافة إلى
تخلفها التكنولوجي والعلمي ،وضعفها السياسي واالقتصادي ،إضافة
إلى االهتمام األوروبي الواضح بهذه المنطقة كونها تشكل الحديقة
الخلفية ومناطق نفوذه ,وهذا ال يعني أن إسرائيل ال تتحرك في تلك
الدول بل على العكس فإن بصمتها واضحة وفي أكثر من موضع،
وخصوصا ً في األحداث الدامية في الجزائر ,ومحاولتها إذكاء النعرات
الطائفية بين العرب والبربر في أكثر من مرة.
خامسا ا :الدائرة اإلفريقية
• على الرغم من أن أفريقيا كانت قارة مجهولة بالنسبة للعاملين في الخارجية
اإلسرائيلية في خمسينيات القرن الماضي ,إال أن التفكير االستراتيجي تجاه هذه
القارة كان موجوداً وأخذ يتعزز بقوة خصوصا ً بعد نيل العديد من دول هذه القارة
االستقالل ,مما أعطاها أهمية كبيرة في األمم المتحدة نتيجة لكثرتها العددية.
• لقد كان اإلدراك اإلسرائيلي ألهمية القارة السمراء محدداً بطبيعة الصراع العربي
اإلسرائيلي ,والتطلع لالستفادة من الدور اإلفريقي في هذا المجال الذي كانت
تسيطر عليه مصر بامتياز حتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل عام
1979م.
• تتصدر جنوب أفريقيا هذه الدائرة ,على اعتبار أن عدداً كبيراً من اليهود يعيش
فيها ,إضافة إلى العالقة الوثيقة التي كانت تربطها بنظام التميز العنصري.
سادسا ا :الدائرة اإلسالمية
• تضم هذه الدائرة مجموعة الدول اإلسالمية المؤثرة وتحدد إسرائيل
خطورة دول هذه الدائرة بحسب قوتها العسكرية النووية ,حيث
تصدرت باكستان هذه الدائرة بعد امتالكها القنبلة النووية ,وهو ما
اعتبرته إسرائيل تهديداً ألمنها القومي؛ على اعتبار أن القنبلة النووية
الباكستانية هي قنبلة إسالمية.
• تحاول إسرائيل إقامة عالقات دبلوماسية مع كل الدول اإلسالمية؛
لتالفي خطرها ,ومثال ذلك توغلها في دول أسيا الوسطى
(كازاخستان ,أوزباكستان) عقب انهيار االتحاد السوفيتي السابق ,كما
أنها تسعى لتحقيق ذلك مع اندونيسيا وماليزيا أيضا ً.
المـبحــث الـثالــث
تحديات األمن اإلسرائيلي
كثيرة هي التحديات التي تواجهه إسرائيل
بسبب نشأتها غير الطبيعية ,ودورها كدولة
وظيفية للمشروع الغربي في المنطقة
العربية ,لذلك سنحاول تسليط الضوء على
أهم ثالث أخطار رئيسية ,ومثلها ثانوية على
المستويين الخارجي والداخلي.
التحديات الخارجية
أولا :التحديات الرئيسية:
يحدد جهاز الستخبارات العسكرية ”أمان“ التحديات الرئيسية
الخارجية التي تواجه األمن القومي اإلسرائيلي في ثالث
مصادر رئيسية:
.1المشروع النووي اإليراني.
.2حكم حماس في غزة.
.3النسحاب األمريكي من العراق.
التحديات الخارجية
ثانيا ا :التحديات الثانوية.
.1تأثر العالقة اإلستراتيجية مع الوليات المتحدة األمريكية.
.2خطورة تغير بعض األنظمة الحاكمة في الدول العربية
المؤثرة.
.3تزايد نسبة العداء األوروبي لليهود
التحديات الداخلية
أولا :التحديات الرئيسية
يرى اإلسرائيليين أن أهم ثالث تحديات رئيسية تواجه األمن
القومي اإلسرائيلي على المستوى الداخلي:
.1الخطر الديمغرافي الفلسطيني.
.2تفكك المجتمع اإلسرائيلي (التفرقة العنصرية وازدياد
التميز الطبقي والثني)
.3التركز السكاني في منطقة تل أبيب.
التحديات الداخلية
ثانيا ا :التحديات الثانوية.
كثيرة هي التحديات الثانوية التي تواجهه األمن القومي اإلسرائيلي ,والتي يمكن
استعراض أهم ثالثة منها بما يلي:
.1ازدياد ظاهرة التطرف الديني.
–
–
–
–
عسكرة التعليم :تغلغل المفاهيم العسكرية في التعليم المدني اإلسرائيلي ,لدرجة وصلت إلى
رياض األطفال ,ويحاول القائمين على التعليم في إسرائيل الذين ينتمي أغلبهم إلى اليمين
الصهيوني المتطرف إلى تعميق االنتماء الديني لدى أبناء الشبيبة اإلسرائيلية بشتى الوسائل.
انهيار اليسار اإلسرائيلي ,وجنوحه نحو اليمين في أفكاره ومبادئه بحيث لم يصبح بينه وبين
اليمين فروق تذكر ,وهذا ما أكدته نتائج االنتخابات األخيرة.
انتشار المدارس الدينية للتيار الصهيوني المتطرف في الجيش والتحاق خريجيها في الوحدات
القتالية الخاصة التي تسهل الوصول إلى قيادة الجيش وتبوء المناصب الرفيعة فيه.
التحريض المستمر ضد العرب والفلسطينيين والحث على قتلهم من خالل فتاوى دينية لكبار
الحاخامات في إسرائيل.
التحديات الداخلية
.2النهيار األخالقي للدولة.
يرصد كبار المفكرين ورجال الدولة أهم ظواهر انهيار المنظومة في النقاط التالية:
–
–
–
–
–
قرار الوكالة اليهودية بالتوقف عن محاولة إقناع اليهود في أرجاء العالم بالهجرة إلى إسرائيل ،ألن مخاطر
العيش في إسرائيل أكبر من مخاطر القوى الالسامية في الشتات.
تزايد مظاهر انفضاض اليهود عن إسرائيل ،حيث تشير نتائج دراسة أجريت في أوساط اليهود األمريكيين أن
%70منهم لم يزوروا إسرائيل وال يعتزمون زيارتها؛ بينما عبر %50منهم عن عدم اهتمامه لزوال إسرائيل.
انهيار التماسك األسري اليهودي وازدياد ظاهرة الزواج المختلط .فقد أظهر تقرير خاص جنوح اليهود في العالم
إلى الزواج المختلط؛ إذ بين التقرير أن أعلي نسبة للزواج المختلط موجودة في روسيا وأكرانيا حيث بلغت
,%80وفي ألمانيا وهنجاريا ,%60وفي الواليات المتحدة ,%54بينما في إسرائيل لم تتجاوز النسبة .%5
تزايد نسبة الهجرة العكسية من إسرائيل إلى الخارج ,حيث وصل عدد اإلسرائيليين الذين يعيشون في الخارج
إلى 750ألف شخص .يقول روفي ريفلين رئيس الكنيست السابق :لقد تغلغل اليأس في نفوس اإلسرائيليين من
مستقبل كيانهم ،والذي يعبر عنه سعي أعداد متزايدة من اإلسرائيليين للحصول على جوازات سفر أوروبية
الستخدامها في الفرار من الدولة عند الحاجة .معتبراً أن هذا السلوك لم يكن يصدر عن هؤالء اإلسرائيليين لوال
الشعور المتأصل في نفوسهم بأن الدولة في طريقها للتفكك والزوال.
يقول إيرز ايشل مدير مدرسة " إعداد القادة " في تل أبيب :إن أحد مصادر هدم منظومة القيم يتمثل في حقيقة
أن قادة الدولة لم يعودوا مثاالً يقتدى به للشباب اإلسرائيلي .ويؤكد أنه في الوقت الذي يصرح قادة الدولة مهددين
بشن مزيد من الحروب ،إال أنهم يستثون أبنائهم من تحمل عبء هذه الحروب.
التحديات الداخلية
.3الفساد السياسي.
تعاني إسرائيل من سلسلة فضائح تحيط بزعمائها في قضايا فساد وسلوكيات غير أخالقية,
وتتمثل هذه القضايا في الختالس ,والتالعب بالمال العام ,والواسطة والمحسوبية ,والفضائح
الجنسية .ولقد طالت هذه القضايا أعلى هرم السلطة بدءاا من رئيس الدولة ورئيس
والوزراء ,مروراا بأعضاء كنيست ,وقضاة خانوا األمانة ,حاخامات قاموا بأعمال مشينة,
ورئيس هيئة األركان وقائد عام الشرطة المتهمين بالتقصير ,وإنتهاءاا بسلطات الضريبة
والموظفين الصغار في كل المجالت .أما الخطورة الحقيقية لفساد النظام السياسي فتكمن في
الحالة الناتجة عن تشظي هذا النظام إلى أحزاب اثنيه صغيرة تعمل وفق مصالحها الخاصة,
بعيداا عن المصلحة اإلسرائيلية العليا .وقد أدت هذه الظاهرة إلى زعزعة الثقة الشعبية بهذا
النظام المتآكل ،الغير قادر على تجسيد السياسة التي يقرها ,وعجزه عن محاربة الفقر
والبطالة .ويعتقد علماء الجتماع والسياسة واإلستراتيجية في إسرائيل :أن مشكلة الفساد
السياسي نابعة من أزمة القيادة التي تعيشها إسرائيل أصالا ,ووجود أشخاص غير مؤهلين
في أعلى هرم السلطة يفتقدون إلى الرؤية اإلستراتيجية ,والتمسك بالروح التوراتية التي
أقيمت عليها الدولة العبرية.
تمت بحمد هللا