السادسة والعشرون 6-7 - An

Download Report

Transcript السادسة والعشرون 6-7 - An

‫السالح النووي اإلسرائيلي…‬
‫خيار شمشون‬
‫ليس صدفة أن الخطة التي تضعها‬
‫إسرائيل‪ ،‬وفقا لمصادر أجنبية‪ ،‬الستخدام السالح‬
‫النووي تسمى «خيار شمشون الجبار»‪،‬‬
‫وشمشون هو ذلك البطل اليهودي الذي تذكره‬
‫التوراة على أنه قتل الكثير من الفلسطينيين‪.‬‬
‫وعندما اعتقلوه بالخداع‪ ،‬بمساعدة عشيقته‬
‫قصت شعره وهو نائم‪ ،‬علما‬
‫الفلسطينية دليلة ( ّ‬
‫قوته (شعره‬
‫قوته)‪ ،‬استعاد ّ‬
‫بأن شعره كان مصدر ّ‬
‫الذي نما وهو معتقل)‪ ،‬وصاح‪« :‬علي وعلى‬
‫أعدائي يا رب»‪ ،‬وهو يحطم أعمدة القصر الذي‬
‫ربطوا يديه بها‪ ،‬فانهار فوق رأسه ورؤوس آالف‬
‫الفلسطينيين‪.‬‬
‫هنالك وعي إذن أن استخدام السالح النووي سيكون شهادة انتحار‬
‫إلسرائيل وليس فقط دمار أعدائها‪ .‬وحسب منشورات متعددة‪ ،‬فإن‬
‫السالح النووي اإلسرائيلي‪ ،‬إن وجد بالكميات التي يحكى عنها‪،‬‬
‫يستطيع تدمير العالم العربي كله وروسيا وآسيا وأوروبا وأفريقيا‪،‬‬
‫وقسما من أميركا الشمالية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه ‪ -‬حسب مصادر أجنبية‬
‫ موجود في إسرائيل ويقدرونه بنحو ‪ 400‬قنبلة (هارولد هاو‪ ،‬في‬‫مقال عن القدرات النووية اإلسرائيلية في مجلة «جينز»)‪.‬‬
‫فما قصة التسلح النووي اإلسرائيلي؟ ولماذا طفا هذا الموضوع‬
‫على السطح في الشهر الماضي‪ ،‬حيث صدرت ق اررات المؤتمر‬
‫العالمي للدول الموقعة على معاهدة منع انتشار التسلح النووي‬
‫(‪ )NPT‬في نيويورك‪ ،‬مطالبة بتطهير الشرق األوسط من السالح‬
‫النووي‪ ،‬وخصت إسرائيل باالسم دون سواها من الدول النووية؟ وما‬
‫سياسة إسرائيل النووية؟ ولماذا تعتمد الضبابية‪ ،‬فال تعترف بوجوده‬
‫وال تنفي وجوده؟‬
‫قصة هذا التسلح‪ :‬أبو الذرة في إسرائيل هو رئيس الدولة‬
‫شيمعون بيريس‪ .‬فهذا الرجل‪ ،‬الذي يحمل جائزة نوبل‬
‫للسالم‪ ،‬كان أحد أبرز المبادرين إلقامة المفاعل النووي في‬
‫ديمونة‪.‬‬
‫كان ذلك في أواسط الخمسينات‪ ،‬عندما كانت إسرائيل‬
‫مرتبطة بتحالف قوي مع بريطانيا وعالقاتها باردة مع‬
‫الواليات المتحدة‪ .‬فرنسا كانت تنافس بريطانيا في كل شيء‪.‬‬
‫فاستغل شيمعون بيريس هذا الصراع وعرض على فرنسا‬
‫التقرب منها مقابل مساعدة إسرائيل على إقامة مفاعل نووي‬
‫سري‪ .‬ويقول الباحث ايلي ايشد‪ ،‬الذي يجزم بأن إس ارئيل‬
‫هي «واحدة من الدول النووية النادرة في العالم»‪ ،‬إن‬
‫النقاش حول النووي بدأ في إسرائيل في مطلع الخمسينات‪،‬‬
‫بين ثالثة من القادة اإلسرائيليين‪ ،‬هم‪ :‬ديفيد بن غوريون‪،‬‬
‫رئيس الوزراء األول في إسرائيل‪ ،‬ونائبه في رئاسة‬
‫الحكومة‪ ،‬يغئال ألون‪ ،‬ونائبه في وزارة الدفاع‪ ،‬شيمعون‬
‫بيريس‪.‬‬
‫وقد توصلوا إلى قناعة بأنه «يجب التزود بالسالح‬
‫النووي كخطوة رادعة للدول العربية حتى تكف عن التفكير‬
‫في إبادة إسرائيل»‪.‬‬
‫ويضيف ايشد أن بن غوريون كان أشدهم تحمسا‪ ،‬وقد‬
‫طرح رأيه بشكل صريح على النحو التالي‪« :‬التسلح النووي‬
‫يفيدنا لمرحلة قصيرة‪ ،‬تمنع فيها الحرب‪ .... .‬ويجب أن‬
‫تسبقهم إسرائيل في هذا بأي ثمن‪ ،‬ألنهم إذا سبقوها‬
‫وامتلكوا السالح النووي فإنهم سيبيدونها‪ .‬واذا أروا أنها‬
‫نووية فسيمتنعون عن محاربتها»‪.‬‬
‫لكن نائبه يغئال ألون عارضه في هذه النظرية وقال إن‬
‫العرب لن يبادروا إلى امتالك السالح النووي‪ .‬لكن إذا‬
‫امتلكته إسرائيل فإن االتحاد السوفيتي سيمنحهم إياه‪ .‬وقد‬
‫حسم شيمعون بيريس النقاش عندما وقف إلى جانب بن‬
‫غوريون في رأيه‪.‬‬
‫وقد أرسل بيريس إلى فرنسا ليبدأ العمل في الموضوع‪.‬‬
‫وقدمت إسرائيل لفرنسا برهانا على التحالف بينهما‪ ،‬عندما‬
‫شاركتها وبريطانيا العدوان الثالثي على مصر (‪،)1956‬‬
‫وخالل سنتين من تلك الحرب أقيم المفاعل النووي في النقب‬
‫(ديمونة)‪ .‬وكلف البروفسور في الفيزياء‪ ،‬أرنست ديفيد‬
‫بيرغمان‪ ،‬بتشكيل اللجنة الوطنية للبحوث النووية‪ .‬وفي سنة‬
‫‪ 1960‬أعلن بن غوريون عن إقامة المفاعل‪ ،‬مدعيا أنه‬
‫لألغراض السلمية‪ .‬وفي السنة نفسها أقيم مفاعل نووي‬
‫آخر علني في منطقة شوريك جنوب غربي القدس (وجنوب‬
‫شرقي تل أبيب)‪ ،‬وهو مفاعل للبحوث فعال وتم إخضاعه‬
‫لرقابة الوكالة الدولية للطاقة النووية وال يزال كذلك حتى‬
‫اليوم‪.‬‬
‫ومن اللحظة األولى إلقامة مفاعل ديمونة ارتفعت أصوات‬
‫معارضة داخل المؤسسة اإلسرائيلية‪ ،‬لكن اعتراضاتها بقيت‬
‫سرية‪.‬‬
‫وقد قاد هذه المعارضة في البداية البروفسور يشعياهو‬
‫اليبوبتش‪ ،‬وهو فيلسوف إسرائيلي معروف‪ ،‬وقد اشتهر بشكل‬
‫خاص عندما دعا إلى إعادة المناطق التي احتلتها إسرائيل في‬
‫سنة ‪ ،1967‬قائال إن االحتالل سيدمر األخالق والقيم للمجتمع‬
‫اإلسرائيلي‪ .‬وكان معه اليعيزر لفني‪ ،‬وهو رجل سياسي انتخب‬
‫للكنيست مرتين ويعتبر النقيض عن اليبوبتش‪ ،‬حيث إنه أيد‬
‫االحتالل واالستيطان وجعل إسرائيل دولة على كل أرجاء‬
‫فلسطين‪ ،‬ولكنه كان معاديا لفكرة التسلح النووي‪ .‬وقال إن أمن‬
‫إسرائيل ال يتحقق بالتسلح النووي‪ ،‬بل بضمان منع انتشار‬
‫التسلح النووي في الشرق األوسط‪.‬‬
‫الملفت للنظر أن قادة سياسيين كثيرين أيدوا اليبوبتش‬
‫ولفني في مكافحتهما التسلح النووي‪ ،‬بينهم ليفي اشكول‪ ،‬ثالث‬
‫رؤساء حكومات إسرائيل‪ ،‬ويسرائيل غليلي الذي يعتبر شخصية‬
‫تاريخية في نهجه الحربي وقادة حزب المفدال (ديني صهيوني)‬
‫والحزب الليبرالي اليميني بقيادة بنحاس روزين‪ ،‬ومبام اليساري‬
‫الصهيوني بقيادة يعقوب حزان‪.‬‬
‫وعندما تولى اشكول رئاسة الحكومة سنة‬
‫‪ 1963‬فرض إبطاء وتيرة التسلح النووي‬
‫تمهيدا للتخلص منه‪ .‬ولكن في سنة ‪،1967‬‬
‫عندما أدخل إلى الحكومة كل من موشيه ديان‪،‬‬
‫القائد العسكري األسطوري بالنسبة لإلسرائيليين‪،‬‬
‫ومناحم بيغن‪ ،‬زعيم تكتل اليمين‪ ،‬ضعف موقف‬
‫اشكول ورضخ إلرادة المتطرفين والعسكريين‪،‬‬
‫خصوصا بعد االنتصار الكبير في الحرب‬
‫واحتالل الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء‬
‫المصرية والجوالن السوري‪ .‬وأعيد للمفاعل‬
‫النووي نشاطه المتسارع‪ .‬وهكذا أصبحت‬
‫إسرائيل دولة نووية منذ سنة ‪ ،1967‬كما يؤكد‬
‫المؤرخ والباحث د‪ .‬أفنير كوهن‪.‬‬
‫• القدرات النووية اإلسرائيلية‬
‫كما أشرنا‪ ،‬فإن إسرائيل أبقت على موضوع التسلح النووي‬
‫طي الكتمان‪ .‬ولكن مصادر كثيرة في الخارج كشفت قدراتها‬
‫النووية شيئا فشيئا‪ .‬فالعامل الفني في ديمونة‪ ،‬مردخاي فعنونو‪،‬‬
‫كشف هذه األسرار لصحيفة «ساندي تايمز» البريطانية في‬
‫نهاية الثمانينات‪ ،‬فاختطفه عمالء الموساد (المخابرات‬
‫اإلسرائيلية الخارجية) من إيطاليا وجلبوه إلى إسرائيل وحاكموه‬
‫وأبقوه في السجن ‪ 18‬عاما‪ ،‬ويعيش حاليا في القدس الشرقية‬
‫وسط شروط قاسية‪ ،‬ال يستطيع مغادرة البالد‪ ،‬ويحظر عليه‬
‫الحديث إلى الصحافة‪ .‬وعندما خرق الشروط أعيد اعتقاله مرة‬
‫أخرى‪ .‬وقد كشف في حينه أن إسرائيل كانت تمتلك ‪ 200‬سالح‬
‫نووي مختلف في سنوات السبعين‪.‬‬
‫لكن الباحث هارولد هاو‪ ،‬المذكور أعاله‪ ،‬يقدر عددها بـ‪ 400‬في‬
‫التسعينات من القرن الماضي‪ ،‬ويقول إن معظمها قنابل‬
‫هيدروجينية‪ .‬ويضيف فعنونو أن كل قنبلة نووية إسرائيلية‬
‫تحتوي على ‪ 4‬كيلوغرامات من البلوتونيوم‪ ،‬وقدرتها التدميرية‬
‫تقدر بـ‪ 260 - 130‬كيليتون‪ ،‬أي نحو ‪ 20‬مرة أضخم من قوة‬
‫القنبلة التي ألقيت على هيروشيما بعد الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫وأنها طورت صاروخا خاصا («يريحو»‪ ،‬أي أريحا بالعبرية)‬
‫بمقدوره أن يحمل رؤوسا نووية ويصل مداه حتى ‪7800‬‬
‫كيلومتر‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن ثالث غواصات ألمانية من طراز «دولفين»‬
‫اقتنتها إسرائيل‪ ،‬تحمل رؤوسا نووية وتستطيع إطالق صواريخ‬
‫مداها ‪ 1500‬كيلومتر‪ .‬وقد تم شراؤها بهدف االستمرار في‬
‫تدمير «العدو» من عرض البحر‪ ،‬في حالة إلقاء أسلحة دمار‬
‫شامل على إسرائيل تؤخذ فيه أسوأ التقديرات‪ .‬فإذا دمرت إسرائيل‬
‫ستواصل هذه الغواصات المهمة من خارج حدودها اإلقليمية‪.‬‬
‫وتقول منظمة «غرين بيس» (السالم األخضر)‪ ،‬وهي‬
‫منظمة كندية أصبحت عالمية تعمل في شؤون البيئة‪ ،‬إن في‬