الذكاء الوجداني ”موعد مع القمة “ مع د . مصطفى أبوسعد دكتوراه في علم النفس التربوي – مدرب في التنمية البشرية والتربية اإليجابية [email protected] Fax:009654752570 مع تحيات : مفاجآت.
Download
Report
Transcript الذكاء الوجداني ”موعد مع القمة “ مع د . مصطفى أبوسعد دكتوراه في علم النفس التربوي – مدرب في التنمية البشرية والتربية اإليجابية [email protected] Fax:009654752570 مع تحيات : مفاجآت.
الذكاء الوجداني
”موعد مع القمة “
مع
د.مصطفى أبوسعد
دكتوراه في علم النفس التربوي– مدرب في التنمية البشرية والتربية اإليجابية
[email protected]
Fax:009654752570
مع تحيات :مفاجآت صيف دبي 2005
مركز النخبة
1
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
ما هو الذكاء الوجداني؟
أجريت أبحاث خالل 25سنة من قبل 1000مؤسسة على عشرات األلوف من األشخاص وكلها توصلت إلى
النتيجة نفسها :
”إن نجاح اإلنسان يتوقف على مهارات ال عالقة لها بشهاداته وتحصيله العلمي “.
الذكاء الوجداني هو عبارة عن مجموعة من الصفات الشخصية والمهارات االجتماعية
والوجدانية التى تمكن الشخص من تفهم مشاعر و انفعاالت اآلخرين ،ومن ثم يكون أكثر
قدرة علي ترشيد حياته النفسية واالجتماعية انطالقا من هذه المهارات .فالشخص الذي
يتسم بدرجة عالية من الذكاء الوجداني ،يتصف بقدرات ومهارات تمكنه من أن:
·
·
·
·
·
·
·
·
·
·
·
·
·
·
يتعاطف مع اآلخرين خاصة في أوقات ضيقهم.
يسهل عليه تكوين األصدقاء والمحافظة عليهم
يتحكم في االنفعاالت والتقلبات الوجدانية.
يعبر عن المشاعر واألحاسيس بسهولة.
يتفهم المشكالت بين األشخاص و يحل الخالفات بينهم بيسر.
يحترم اآلخرين ويقدرهم.
يظهر درجة عالية من الود والمودة في تعامالته مع الناس.
يحقق الحب والتقدير من الذين يعرفونه .
يتفهم مشاعر اآلخرين ودوافعهم ويستطيع أن ينظر لألمور من
وجهات نظرهم.
يميل لالستقالل في الرأي والحكم وفهم األمور.
يتكيف للمواقف االجتماعية الجديدة بسهولة.
يواجه المواقف الصعبة بثقة.
يشعر بالراحة في المواقف الحميمية التي تتطلب تبادل المشاعر
والمودة.
يستطيع أن يتصدى لألخطاء واالمتهان الخارجي.
هو قدرة اإلنسان على التعامل اإليجابي مع نفسه ومع اآلخرين بحيث
يحقق أكبر قدر من السعادة لنفسه ولمن حوله.
2
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
الذكاء الوجداني
مصطلحات
•
الذكاء هو مجموعة من القدرات العقلية التي تمكن من اكتساب المعرفة و التعلم و حل المشكالت .أما
االنفعال ،Emotionفيعرفها معجم السمات الوجدانية بأنه "حالة وجدانية حادة و فجائية ،مضطربة و غير
منظمة ،تختلف عن الحالة االعتيادية للفرد ،تتسم باالستثارة و التنبيه و التوتر و الرغبة في القيام بعمل ما،
و لالنفعال مكونات داخلية (فيزيولوجية و شعورية و معرفية) ،و خارجية (سلوكية مثل تعبيرات الوجه) ،و
تعتمد هذه الحالة على مواقف معينة ،و تستثير ردود أفعال الفرد المتطرفة و التي توجه عادة نحو مصدر
االنفعال ،و يشمل االنفعال بوجه عام مشاعر قوية أو حاالت وجدانية إيجابية أو سلبية" .و االنفعاالت تساعد
الفرد على التكيف أمام مواقف الحياة ذات الصلة بالبقاء.
أما الذكاء االنفعالي فهو يجمع بين الجانب العقلي و الجانب االنفعالي للفرد ،و يقدم "ماير و سالوفي "
ذكاء ،و فكرة التفكير بشكل
( )1997تعريفا ً للذكاء الوجداني ،يجمع بين فكرة أن االنفعال يجعل تفكيرنا أكثر
ً
ذكي نحو حاالتنا االنفعالية ،و يركز على القدرة على إدراك و تنظيم االنفعاالت ،و التفكير فيها ،و هو أن
"الذكاء الوجادني يشمل القدرة على إدراك االنفعاالت بدقة ،و تقييمها ،و التعبير عنها ،و القدرة على توليد
•
و التعريف المشار إليه يعرف الذكاء الوجداني من خالل مجموعة من القدرات المنفصلة ،و لكنها متجانسة
مع بعضها ،بمعنى أن الفرد قد يكون عالي القدرة في فهم انفعاالت اآلخرين من خالل حساسيته في قراءة
إشارات الوجه غير اللغوية ،و التمييز بين التعابير الصادقة و غير الصادقة مثالً ،و لكنه منخفض القدرة في
تنظيم انفعاالته و التعبير عنها .و مفهوم القدرة يشير إلى توقع انتشار األفراد إعتداليا ً على طرفي منحنى
القدرة.
لعله من المناسب هنا أن تقوم بتحديد ما نعنيه هنا بجملة من المصطلحات النفسية ذات الصلة بمفهوم
االنفعال الذي عرفناه سابقاً ،و تحديداً المزاج ،و المشاعر ،و العواطف ،و الوجدان ،و األحاسيس.
فالمزاج Moodأو الحالة المزاجية ،فهي حالة انفعالية أقل حدة نسبيا ً في شدتها من االنفعال ،تحدث لسبب
مجهول ،و غالبا ً ما يكون مصدرها هرمونات الجسم ،في حين أن االنفعال غالبا ً ما يكون معلوم المصدر ،و
يستمر المزاج مدة أطول نسبيا ً من اإلنفعال ،الذي يحدث و يختفي بصورة أسرع من المزاج .و من الممكن
أن ينشأ المزاج بعد االنفعال ،كما في تحول انفعال الحزن ،إذا استمر مدة طويلة و انخفضت حدته ،إلى أسى.
و يفضل عبدالخالق هنا استخدام مصطلح الحالة االنفعالية الممتدة بدالً من المزاج ،و يرى أن المزاج يقابله
مصطلح Temperamentباإلنجليزية ،و الذي هو قابلية أو تهيؤ أو ميل الفرد لالستجابة اإلنفعالية
بطريق معينة مع مواقف الحياة المختلفة ،كميل البعض للحساسية و التهيج ،أو للهدوء و السكينة ،و يبدو
أن الوراثة لها تأثيرها في مثل هذا االستعداد.
أما المشاعر ،Feelingsفتشير إلى الجانب الحسي من الخبرة اإلنفعالية ،كالشعور بالدفء أو الراحة ،و
بذلك يمكن إعتبارها المكون الحسي لإلنفعال .كما يمكن اعتبار المشاعر ،بهذا المعني ،كلمة مرادفة
لالحساس .العاطفة ،Sentimentمن جانب آخر ،تعني استعداداً كامنا ً نسبيا ً و مركبا ًمن عدة انفعاالت
حول موضوع معين.
و يمكن اعتبار الوجدان Affectمصطلح عام جامع يشمل على االنفعال ،و المشاعر ،و المزاج ،رغم أن
بعض الباحثين يرادف بينها .و يمكن القول بأن الوجدان أعم من اإلنفعال.
و لقد الحظ الباحث عدة ترجمات عربية إلصطالح ،Emotional Intelligenceفإلى جانب "الذكاء
االنفعالي" ،هناك "الذكاء الوجداني" ،و "الذكاء الوجداني " ،و "ذكاء المشاعر" .و رغم أن الترجمة
الحرفية للمفهوم هي الذكاء اإلنفعالي ،إال أن هذه الترجمة قد يساء فهمها لدى الذين يميلون إلى حصر
اصطالح "انفعال" في جوانبه غير السارة أو المرضية ،كالخوف و الحزن و الغضب ،و حصر اصطالح
"العواطف" في جوانب االنفعاالت السارة ،كالسرور و الحب .لذا قد يكون استخدام مصطلح "الذكاء
الوجداني" أكثر شمولية لجوانب المفهوم السارة و غير السارة و أكثر تقبالً لدى أوساط العامة.
•
االنفعاالت ،أو الوصول إليها عندما تيسر عملية التفكير ،و القدرة على فهم االنفعال و المعرفة الوجدانية ،و
القدرة على تنظيم االنفعاالت بما يعزز النمو الوجداني و العقلي".
•
•
•
•
•
3
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
نشأة الذكاء الوجداني
ولد مصطلح الذكاء الوجداني في الواليات المتحدة في التسعينيات إذ الحظ
الباحثون هناك من خالل أبحاث ودراسات شملت عشرات األلوف من
األشخاص أن نجاح اإلنسان وسعادته في الحياة ال يتوقفان فقط على
شهاداته وتحصيله العلمي والتي تعبر عن ذكائه العقلي IQوإنما
يحتاجان إلى نوع آخر من الذكاء سموه الذكاء الوجداني . EQ
الذكاء الوجداني يمكن تعلمه واكتسابه:
ولعل من أهم جوانب التطور إثارة في موضوع الذكاء الوجداني ،ما يتعلق بتدريبه وزيادته
في السلوك .فالذكاء الوجداني -بعكس الذكاء العقلي ونسبة الذكاء التقليدية -ال يخضع
للوراثة ويمكن اكتسابه وتعلمه .وقد كشفت بحوث العلماء في هذا الصدد أن الذكاء
الوجداني خاصية أو مجموعة من الخصائص يمكن تدريبها وتنميتها من خالل كثير من
األساليب التي تساعد علي تنميته وتقويته في الشخصية.
ومن النصائح التي ينصح بها العلماء في هذا الصدد لمساعدتنا فى الحصول على معدل عال
من الذكاء الوجداني ،أن نحافظ دائما على مشاعر طيبة عند التعامل مع اآلخرين ،وأن
ندرب أنفسنا جيدا على مواجهة األزمات بهدوء ،وأن نتصدى لحل الخالفات خاصة تلك التي
تثور عندما نواجه مختلف التأثيرات السلبية لبيئة اجتماعية تعوق قدراتنا علي النمو السليم
والصحة النفسية.
هناك ميزتان تميزان الذكاء الوجداني عن الذكاء العقلي :
.1هامش التطوير في الذكاء الوجداني
أوسع بكثير من هامش التطوير في
الذكاء العقلي
. 2تأثير الذكاء الوجداني على نجاح اإلنسان أكبر
4بكثير من تأثير الذكاء العقلي
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
”الذكاء الوجداني في العمل “
اليوم أصبح الذكاء الوجداني جزء مهم من فلسفة أي مؤسسة في اختيار
وتدريب أفرادها ألن الذكاء الوجداني يعلم الناس كيف يعملون معا ً
للوصول إلى هدف مشترك .
”الذكاء الوجداني في األسرة “
في دراسة قام بها عالم النفس األمريكي غوتمان على تأثير الذكاء
الوجداني في نجاح العالقة الزوجية استطاع من خالل مراقبة الطريقة
التي يتحدث بها الزوجان أثناء الخالف أن يتنبأ باحتمال الطالق بينهما
خالل ثالث سنوات بنسبة من الدقة وصلت إلى . %97
إن استخدام مبادئ الذكاء
الوجداني يساعد الوالدين على
إنشاء عالقات قوية مع أبنائهما
كما يساهم في تنمية الذكاء
الوجداني عند األبناء .
5
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
النضج الوجداني :دكتور محمد المهدي
أهمية الذكاء الوجداني :
-1يلعب الذكاء الوجداني دور ًا هاماً في توافق الطفل مع والديه
وإخوته وأقرانه وبيئته بحيث ينمو سوياً ومنسجماً مع الحياة،
كما أنه يؤدي إلى تحسين ورفع كفاءة التحصيل الدراسي.
-2يساعد الذكاء الوجداني على تجاوز أزمة المراهقة وسائر
األزمات بعد ذلك مثل أزمة منتصف العمر بسالم.
-3يعتبر الذكاء الوجداني عام ًال مهماً في استقرار الحياة
الزوجية فالتعبير الجيد عن المشاعر وتفهم مشاعر الطرف
اآلخر ورعايتها بشكل ناضج ،كل ذلك يضمن توافقاً زواجياً
رائعاً .
-4والذكاء الوجداني وراء النجاح في العمل والحياة ،فاألكثر
ذكاء ًا وجدانياً محبوبون ومثابرون وتوكيديون ،ومتألقون
وقادرون على التواصل والقيادة ومصرون على النجاح.
ونظر ًا لتلك األهمية البالغة للذكاء الوجداني ،فقد أوصى علماء
النفس بتنميته من خالل دروس تعليمية ودورات تدريبية
وورش عمل بهدف الوصول إلى درجات عالية من الذكاء
الوجداني ،وهو ما نطلق عليه النضج الوجداني ،وسوف
نتحدث عنه اآلن بشيء من التفصيل نظر ًا ألهميته.
6
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
المقاييس المختلفة للعمر :
حين نسأل شخصاً ما :ما عمرك ؟ يجيبنا على الفور :خمسون سنة (مث ًال) .هذه اإلجابة
قاصرة جد ًا ألنه هنا ذكر عمره الزمني فقط ،وهذا العمر الزمني ال يفيدنا كثير ًا في
معرفة أبعاد شخصية من سألناه ألن هناك مقاييس وأبعاد أخرى للعمر (أحياناً تكون
منسجمة مع العمر الزمني وأحياناً أخرى ال تنسجم) ،نذكرها فيما يلي:
-1العمر الزمني ( Choronological age ) :
هو عدد السنوات التي عاشها اإلنسان في الحياة .
-2العمر العق لي( Intellectual age ) :
وهو يشير إلى ما إذا كان ذكاء هذا الشخص أقل أو أكثر أو مساوي لعمره الزمني (أي
الذكاء بالنسبة للعمر الزمني).
-3العمر االجتماعي ( Social age ) :
وهو يقارن النمو االجتماعي للشخص بعمره الزمني ،بمعنى" :هل هذا الشخص يتعامل
مع الناس اجتماعياً كما يتوقع لمن هم في مثل عمره الزمني؟"
-4العمر الوجداني ( Emotional age ) :
وهو يقارن النضج الوجداني للشخص بعمره العقلي ،بمعنى" :هل هذا الشخص يتعامل
مع مشاعره كما يفعل من هم في مثل عمره الزمني؟"
وهذه األنواع المختلفة من األعمار ال تسير متوازية ومتساوية في أغلب األحوال ،فنجد
بعضها يسبق اآلخر ،وكلما كانت المسافة كبيرة بينها كلما أدى ذلك إلى اضطراب
التوافق فنجد مث ًال رج ًال قد بلغ الستين من العمر ولكن عالقاته االجتماعية تشبه إلى حد
كبير عالقات المراهقين ،كما أن نضجه الوجداني ال يتعدى نضج األطفال.
ونحن ليست لنا سيطرة أو تحكم في عمرنا الزمني ،وبالكاد لنا سيطرة ضعيفة على
عمرنا العقلي ،أما عمرنا االجتماعي وعمرنا الوجداني فيمكننا تنميتهما وتحسينهما
بدرجة كبيرة وصو ًال إلى النضج االجتماعي والنضج الوجداني.
ولكي نفهم أنفسنا أكثر ونعرف أين نحن من مراحل النضج الوجداني فسوف نستعرض
خصائص تأخر النضج ثم خصائص النضج
- Jerome Murray (2004) . Are you growing up or just getting older?. An internet article
under the title" Emotional Maturity" with modifications .
7
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
كيف نحسن نضجنا الوجداني؟
هي رحلة طويلة تبدأ من الطفولة المبكرة وتستمر حتى آخر لحظة في الحياة إذ ليس هناك سقف للنضج
الوجداني .وإليك عزيزي القارئ بعض التوصيات:
-1الوعي بالذات:
حاول أن ترى نفسك كما هي ال كما يجب أن تراها ،ستواجهك بعض المصاعب حيث أن الدفاعات النفسية
(مثل الكبت Repressionواإلسقاط Projectionواإلنكار Denialوالتبرير
)Rationalizationستحول بينك وبين هذه الرؤية الموضوعية ،لذلك اسأل الناس المخلصين
الصادقين من حولك أن يحدثوك عن نفسك بصراحة ،وتقبل رؤيتهم حتى ولو لم تعجبك .تدرب جيداً
وطويالً على قراءة ما يدور بداخلك من أفكار وما يعتمل في نفسك من مشاعر.
-2تقبل الذات:
وتقبل الذات ال يعني موافقتها على ما هي عليه دائما ً وإنما هي مرحلة مهمة يبدأ منها التغيير لألفضل.
-3ال تحاول السيطرة على اآلخرين:
فبدالً من السيطرة والتحكم في اآلخرين حاول أن تتعاون معهم ،وعندما يكون هناك صراع أو خالف مع
طرف آخر فحاول أن تصل إلى حل يكون الطرفان فيه رابحين ،وال تحرص على أن تكون أنت
الرابح الوحيد دائما ً.
-4كن مستعداً لتغيير صالتك االجتماعية:
تجنب الناس والمواقف التي تخرج أسوأ ما فيك ،واحرص على أن تعرض نفسك للناس وللمواقف التي
تخرج أحسن ما فيك.
-5ابحث عن معنى للحياة يتجاوز حدود ذاتك:
ذلك المعنى الذي يعطيك منظوراً تلسكوبيا ً واسعا ً للحياة ،وليس ذلك المعنى المحدود الضيق الذي ال يتجاوز
حدود اهتمامك الذاتي .وإذا كان لديك هذا المعنى الكبير الممتد للحياة فإنك ستعمل للخلود وبالتالي
ستكون أهدافك عظيمة ومحفزة لقدراتك لكي تنمو بشكل مضطرد .وعالمة نجاحك في الوصول إلى
هذا المعنى هي شعور ثري وممتلئ بالحياة ،ليس حياتك فقط بل أيضا ً حياة اآلخرين ،وعمارة الكون،
ذلك الشعور الجميل ال يحس به إال من وصلوا إلى النضج الوجداني سعيا ً لوجه هللا الذي امتدح صفات
النضج الوجداني في رسوله صلى هللا عليه وسلم قائالً:
ت َف ّظا ً َغل َ
ت لَ ُه ْم َولَ ْو ُك ْن َ
َّللا لِ ْن َ
ِيظ ا ْل َق ْل ِ
اس َت ْغف ِْر لَ ُه ْم
( َفبِ َما َر ْح َم ٍة مِنَ ه ِ
ف َع ْن ُه ْم َو ْ
اع ُ
ضوا مِنْ َح ْولِ َك َف ْ
ب َال ْن َف ُّ
ه
ه
َ
َ
َ
َ
ْ
َ
ْ
َو َ
او ْر ُه ْم فِي األ ْم ِر فإِذا َع َز ْم َ
ِب ال ُم َت َو ِّكلِينَ ) صدق َّللا العظيم(آل
ت ف َت َو هكلْ َعلى ِ
َّللا ُيح ُّ
َّللا إِنه َ
ش ِ
عمران.)159:
- Jerome Murray (2004) . Are you growing up or just getting older?. An internet article
under the title" Emotional Maturity" with modifications .
8
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
الذكاء الوجداني في المدرسة
في تجربة استمرت لمدة عامين أُدخلت مادة الذكاء الوجداني ضمن
البرنامج الدراسي لمجموعة من الطالب ثم تمت متابعة هؤالء الطالب
لمدة ست سنوات بعد انتهاء التجربة فكانت النتيجة كما يلي :
ازدياد قدرة الطالب على التأقلم مع الشدة النفسية .
-1
انخفاض نسبة اإلدمان والعادات الغذائية السلبية.
-2
انخفاض نسبة التصرفات العدوانية .
-3
انخفاض نسبة التدخين .
-4
كما ثبت أيضا ً أن تنمية مهارات الذكاء الوجداني عند المدرسين يساعدهم
على التواصل مع الطالب بشكل أفضل .
الفهم الجيد للذكاء العاطفى للطفل مفيد لألباء الذين يحاولوا المحافظة
النظرية على ما هو مهم في تنشأة أطفالهم وبذلك فان الجينات الوراثية
لنا تمدنا بنظم ونزعة اتجاة الصفات الشخصية و تجاربنا من خالل
الحياة فى السنوات المبكرة للطفولة .األطفال يطوروا جوهر شخصيتهم
وحسهم بانفسهم و هم يطوروا المنظور االجتماعي والطبيعي للعالم
ومهارتهم فى قيادة السائدة والضحلة التى تتدعمهم على طول و الحافز
للنجاح ينبع من الداخل و األطفال يظهرعاطفته لألخرين و القدرة
لألستجابة الوجداني ة طلوعاً ونزو ًال عن األخرين.
9
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
معدل الذكاء الوجداني لطفلك
ممكن ان نكون األفضل بكوننا أباء (ولسنا معلمين ! ) لتحسين
معدل الذكاء الوجداني بتشكيل الذكاء العاطفى فى سلوكنا
بطريقة أخرى .األباء الذين فى مقدرتهم مساعدة األطفال ذو
الذكاء العاطفى العالى هم :
منتبهين جيداً لمشاعر ابنائهم ومساعدتهم فى فهم
.1
مشاعرهم
مساعدة اطفالهم فى فهم ومعرفة مشاعر األخريين
· .2
تحديد االهداف الطفالهم·
· .3
مساعدة اطفالهم في تطوير نظرتهم التفاؤلية للحياة·
.4
اإلمداد بالروابط والحدود واالتجاهات حتى يصبح أطفالنا
.5
أعضاء مسئولة في المجتمع·
مساندة عملية تطوير الكفاءة و الثقة بالنفس و المثابرة
ضرورى للنجاح فى المهمات مع التدريب اللطيف والتدقيق.
في العادة هذه اكثر الطرق فعالية لمساعدة األطفال .تجاهل
العواطف يكون عادة للتغلب علي المخاوف التي تتقبل جميع
االنفعاالت،او االنفعال السلبي لردود أفعال األطفال لن تفيد
األطفال الذين يطوروا إحساسهم بأنفسهم ومهارات هم
محتاجين لها للنجاح.يوجد كثير من الكتابات الرائجة المتاحة
عن مبادئ معدل الذكاء العاطفى .الوالدين البد ان يختاروا وان
يبحثوا عن كتب التي تكون مبينة على أبحاث حقيقية ،الطريقة
الهندسية لتنمية معدل الذكاء الوجداني للطفل تكون على
األرجح إيجابية .أحسن نصيحة للوالدين يمكن ان تكون هي
قضاء وقت أقل فى التركيز على ما يجب أن يكون عليه أطفالنا
ووقت اكبر في إمتاع ومساعدة أطفالنا بصورة متفائلة ،و
التوقعات الكبيرة ( الواقعية) ،والتوجيه اللطيف للنجاح.
10
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
أبعاد الذكاء الوجداني
الذكاء الوجداني يبنى على األتى:
معرفة العواطف الفرد
.1
المعرفة الشخصية أو القدرة على معرفة المشاعر كما تحدث هى حجر
الزاوية للذكاء العاطفى
أن نكون علي عالم بأمزجتنا ،أفكارنا ،و مشاعرنا عن أمزجتنا هذا
ضرورى ألدارة العواطف.
.2
إدارة العواطف
إدارة المشاعر هكذا تؤدى إلى سلوك مالئم َيكون مهارة طبيعية التى تبنى
الوعى الشخصى
.3
التحفيز النفسى
المواجهه واألصرار لمواجهة القلق والخوف و العقبات يترتكز علي اإلنجاز
المنفرد.
صدق انك تمتلك الرغبة الدارة األحداث الرئيسية والتنبؤات الحاسمة
للنجاح فى الحياة والمدرسة.
مالحظة عواطف األخرين
.4
بالتأكيد بناء على المعرفة الشخصية للعواطف و تطبيقها عمليا ً على
األخريين هى المهارة الوجداني ة األساسية للنجاح فى التفاعل الداخلى.
.5
التعامل في العالقات الشخصية
فن العالقات هو على نطاق موسع يقاس بواسطة كيفية التأثير على
األخريين وكيفية قدرتنا على التعرف و األستجابة لهذا األحساس بسلوك مالئم.
11
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
ما هي االنفعاالت الوجدانية؟
االنفعاالت الوجدانية هي التعبير الذي ال يزال علماء النفس والفلسفة ينتقدونه منذ قرابة
القرن ،وفي أدق معناه الحرفي يعرف قاموس أوكسفورد اصطالح emotionبأنه حاالت
اضطراب في الدفاع والمشاعر والعواطف وأي حالة ذهنية عميقة أو انفعالية ،ويأخذ المؤلف
هذه الكلمة على انها اشارة الى المشاعر واالفكار الخاصة بها والحالتين النفسية والبيولوجية
وحاالت من النزوع الطبيعي للتحرك أو العمل .وهناك المئات من االنفعاالت العاطفة مع مزيج
خاص بها وتنوعات والطفرات والمضايقات .وهناك الكثير من العناوين الفرعية لالنفعاالت
اكثر ما لدى الباحثين والعلماء من كلمات مرادفة لها أو تشرحها.
ويواصل الباحثون جدلهم حول اي بالضبط االنفعاالت التي يمكن اعتبارها أولية أو يجادلون
ما اذا كانت هناك انفعاالت عاطفية أولية .ويفترض بعض المنظرين عائالت أساسية على
الرغم من ان الجميع ال يشاطرون الرأى .وفيما يلي التعريفات المرشحة الرئيسية وبعض
اعضاء عائالتها :الغضب :االثارة والحنق واليأس والنبض والضيق والحيرة والعداء ويجوز
ان تكون حاالت مرضية مثل الكراهية والعنف.
الحزن :األسي ،والحزن الشديد وعدم البهجة والكآبة واالنقباض والرعب والذعر.
االنبساط :السعادة ،المتعة ،الخالص الفرحة والمتعة والتسلية.
الحب :القبول ،الصداقة والثقة ،واللطف العشق واالفتتان.
المفاجأة :الصدمة ،المفاجأة والدهشة والتعجب.
االشمئزاز :االزدراء ،الغثيان ،االحتقار ،التجنب ،الخجل :الذنب ،االرباك واألسى ،الندم،
االذالل ،إماثة الجسد .للتأكد من ذلك فإن هذه القائمة ال تحل كل قضية ازاء كيفية فرز
العواطف واالنفعاالت ،وعلى سبيل المثال ما هي قضية الخليط مثل الحسد الذي يحتوي على
مزيج من الغضب والحزن والخوف ،والواقع فإنه ال وجود الجابات شافية ،وال يزال النقاش
العلمي حول كيفية تصنيف العواطف االنفعالية قائما ً .ولكن لم يظهر نموذج علمي للعقلية
االنفعالية التي توضح ان ما نقوم به يمكن ان يدفعنا بصورة انفصالية اال في السنوات
االخيرة ،وهي كيف يمكن ان نكون عقالنيين في لحظة وغير عقالنيين أو منطقيين في
لحظات اخرى .والشعور الذي تكون لالنفعاالت حاالتها المنطقية المتعلقة بها وكيف يكون لها
منطقها.
ويقدم عدد من العلماء قائمة من االدلة العلمية المختلفة ويوفرون قائمة من السمات التي
تميز االنفعاالت الوجداني ة عن بقية الحياة الذهنية
12
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
مكونات الذكاء الوجداني
فهم اآلخرين
فهم الذات
-1إدراك املبادئ والقيم واألهداف
-12إدراك مشاعر اآلخرين
-2إدراك مشاعر الذات
التعامل اإليجابي مع
اآلخرين
-3استخدام الحدس بشكل صحيح
-13التعاطف
التعامل اإليجابي مع الذات
-14التعبير عن املشاعر
-4التفاؤل
-15التواصل مع اآلخرين
-5املرونة
-16الخالف البناء
-6املبادرة وتحمل املسؤولية
-17الثقة باآلخرين
-7التحكم باملشاعر
-8الثقة بالنفس
-9التصميم
-10اإلبداع
-11االنسجام الداخلي
13
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
من مكونات الذكاء الوجداني 1
إدراك مشاعر اآلخرين :
• هي قدرتك على اإلحساس بما يشعر به اآلخرون من خالل كلماتهم ولغة أجسادهم .
التعاطف :
•هي قدرتك على تفهم مشاعر اآلخرين وإشعارهم بذلك
التعبير عن المشاعر :
•هي قدرتك على إظهار مشاعرك لآلخرين وأن تجعل ذلك جزءاً أساسيا ً من تفاعالتك اليومية مع الناس .
التواصل مع اآلخرين :
•هي قدرتك على إنشاء شبكة من العالقات مع اآلخرين بحيث تجد في هذه العالقات نفسك بشكل
حقيقي وكامل وتستطيع أن تعبر عن اهتمامك باآلخرين وتقديرك لهم وأن تشاركهم آالمك وآمالك .
في العالقات االجتماعية
التعاطف مع اآلخرين يعتمد على تفهم اإلنسان لمشاعره الخاصة .•عدم تفهم اإلنسان لمشاعر اآلخرين يؤدي إلى المفاجآت في التعامل معهم .
– يجب عدم الحكم على مشاعر اآلخرين وإبداء الرأي فيها وإنما تفهمها واحترامها كما هي .
– عندما نطلب من اآلخرين أن يشعروا مثلنا ونربط تقبلنا لهم بذلك فنحن نمحو هويتهم ونعتدي على حقهم في
الوجود كأشخاص مستقلين عنا .
* قانون الصدى :
14
مفاجآت صيف دبي 2005
–إن تفهم اآلخرين واحترام مشاعرهم سيدفعهم إلى مبادلتنا هذا التفهم
واالحترام
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
من مكونات الذكاء الوجداني 2
•الخروج من الصندوق
رجل يجلس في مقعده في الطائرة و إلى جانبه مقعد فارغ .هو ال يريد ألحد أن يجلس في
المقعد المجاور له و يزعجه ,يضع حقيبته في المقعد المجاور و يمسك بجريدة و يبدأ
بقراءتها .تزدحم الطائرة بالركاب و هم يبحثون عن مقعد يجلسون فيه ,يسترق النظر إلى
الناس من خلف الجريدة و يفردها اكثر ليجعل الناس ال يرغبون في الجلوس في المقعد
المجاور له .
الموقف:
إنه يهتم بحاجته فقط و يعتبر حاجات اآلخرين أقل أهمية ,إنه ينظر إلى اآلخرين كمشكلة أو
تهديد له .
المشاعر:
هو يشعر بالقلق و الضيق و التوتر و الغضب من اآلخرين الذين يمكن أن يجلسوا بجواره .
يحدث خطأ غي حجز المقاعد لزوجين في طائرة ,فال يجلسان بجانب
بعضهما و فيما المضيف يبحث عن حل لهذه المشكلة تتقدم امرأة
و تعرض على أحد الزوجين و تبادله المكان
بجانبها مقعد فارغ
ليجلس الزوجان بجانب بعضهما .
الموقف:
.....................................................................................
المشاعر:
لقد شعرت بالغبطة و االرتياح بسبب تلبيتها لحاجات اآلخرين.
15
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
التعاطف :فن اإلحساس باآلخر
متى نستطيع أن نقول بالفعل لشخص آخر "أنا أفهمك" أو "أشعر بما تحس به" أو "أفهم ما
يدور بداخلك" ...عندما نكون حساسين .التعاطف Empathyهو أكثر من مجرد المشاركة
الوجدانية - Sympathyإنه القدرة على اإلصغاء و التبصر بهدف التعرف على أفكار و مشاعر
اآلخر .و تعد هذه القدرة مولودة و ليست مكتسبة و مع ذلك فإننا قليال ما نستخدمها.
"أشعر بخوفكم ،" I can feel your painقالها بل كيلنتون بعيون مغرورقة بالدمع في حديث
مع أسرة إحدى ضحايا انفجار .و في هذه الجملة ،الني كان ينطق بها بصور مختلفة في مناسبات
مشابهة ،يعتقد المراقبون و المحللون أنهم اكتشفوا سر الرئيس السابق للواليات المتحدة األمريكية،
و الذي يتمثل في الموهبة الخاصة بمنح الناس الشعور بأنه يفهمهم .حتى أن معارضوه السياسيون
وصفوه بالجذاب المتعاطف ، empathically Charmerو بأنه منفتح على اآلخر (و ليس
على النساء فحسب) ،و يبحث عن التقارب الجسدي و ينظر بعمق في عينيه ،و يشد على يديه
بحرارة و يبث له :أنا مصغ لك بالفعل ،أنا مهتم بمشكلتك و يبدو أن كلينتون كان يستخدم هذه
القدرة أو المهارة حسب الحاجة في مقابالته الشخصية.
و لكن هل هذا الشعور هو التعاطف Empathyأم مشاركة وجدانية Sympathyالذي يتم
الخلط بينه و بين المفهوم األشمل و األوسع التعاطف (التماهي الوجداني ) في كثير من األحيان؟
التعاطف أكثر من مجرد اإلحساس العفوي باآلخر ،الذي يغمرنا أو يستحوذ علينا استنادا لمشاعر
اآلخر ،و قد يدفع أعيننا لذرف الدموع .فالمشاركة الوجدانية هي مجرد مرحلة سابقة للتعاطف.
فعندما نشارك اآلخر وجدانيا نتذكر كيف "يكون" الحزن أو السعادة أو الحنق إننا نتقاسم هذه
الخبرات و يمكننا لهذا أن نعزي أنفسنا ،أن نفرح أو نتوتر .و هكذا ينشأ بين الناس تشارك مصبوغ
باالنفعال أو المشاعر ،إال أنه من حيث المبدأ تشارك سطحي.
إال أن التعاطف أكثر من مجرد التشارك الوجداني .إنه يصف القدرة على فهم خبرات اآلخر و
االستجابة بناء على هذا الفهم بالشكل المناسب.
التعاطف ليس مجرد المشاركة في المشاعر فحسب إنه يحاول فهم ما هو كامن خلف هذه
المشاعر .لهذا يشترط التعاطف اإلصغاء الدقيق و المالحظة الدقيقة .فإذا أردنا أن نكون متعاطفين
فإننا نريد أن تفهم بدقة ما الذي يجري في اآلخر .لهذا نحاول أن نرى العالم بعيون "أن نرتدي
حذائه" .و هذا التبديل للمنظور (و التخلي العابر عن منظورنا) يفتح لنا تفهما يتجاوز المشاركة
الوجدانية آلخر .و بمجرد نستطيع "قراءة" ما الذي يفكر فيه اآلخر و يحسه و ما ينويه و ما هي
الدوافع و العقد التي دفعه وهو موقفه نحونا ،عندئذ يمكننا أن نتعاطف معه .و هذا يعني :ما
نستطيع عندئذ مساعدته – أو حتى حماية أنفسنا من نواياه و مخططاته .إذ أنه يمكن استخدام
التعاطف لصالح اآلخر أو إللحاق الضرر به .فمن يعرف بشكل جيد ما "يدور" في رأس المحيطين
به فإنه ال يستطيع نصحه أو حمايته فحسب و إنما توجيهه و استغالله.
و يعرف باحث التعاطف وليم إكس William Ickesالقدرة التعاطفية على النحو التالي :
االحتضان التعاطفي (من الذات نحو اآلخرين) ليس أكثر من شكل من قراءة األفكار الذي نمارسه في
حياتنا اليومية ...إنه على ما يبدو ثاني أكبر اإلنجازات القادر عليها دماغنا ،حيث أن الوعي نفسه
هو اإلنجاز األكبر" ...
16
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
هل العاطفة ذكاء؟
منذ مائة عام تم الكشف عن طرق لتحديد الذكاء عند الناس وأصبحت طرقا يعتد بها وتقرر بواسطتها
مصائر الناس وأنا شخصيا ً أتذكر أنني أردت التقدم إلى وظيفة في أوروبا فخضعت لهذا االمتحان
ولفت نظري دقته في اكتشاف مواهب اإلنسان إلى درجة أن عقلي بدأ يشتغل على ثالثة محاور فمن
جهة كان البد من التركيز على اللغة التي هي ليست اللغة األم بالنسبة لي فكان الحديث باللغة
األلمانية .وثانيا ً حصر الذهن لإلجابة على األسئلة التي تعتمد الذاكرة والنباهة والبديهة .وثالثا ً أمتعني
الفحص فبدأت أسخر ذاكرتي لحفظ طرائقه .ولكن المفاجأة أن علم النفس بدأ يكتشف بحراً غنيا ً لم يتم
كشفه عند اإلنسان .فقد عمد (هوارد جاردنر )Haward Gardnerالعالم السيكولوجي بكلية
التربية بجامعة هارفارد إلى بلورة مفهوم جديد للذكاء صدر ذلك في كتاب بعنوان (أطر العقل
)Frames of Mindحيث رأى أن المدرسة السابقة التي أسسها (ستافورد ـ بينيه Staford-
)Binetال تتناول إال حيزاً من اكتشاف شخصية اإلنسان ومهاراته .وظهر واضحا ً ومن خالل
إحصائيات مدروسة أنه ليس كل من نال فوق 120من فحص الذكاء المرموز له ( )IQسيكون ناجحا ً
في الحياة .والجانب الجديد الذي كشف النقاب عنه جاردنر هو أن ذكاء اإلنسان ليس ثالث زوايا من
المنطق والعمليات الحسابية أو البراعة اللفظية بل هناك حسب ما كشف عنه جاردنر ما ال يقل عن
سبعة جداول معرفية تكشف ذكاء اإلنسان وأهمها الجدول االجتماعي أي النجاح في بناء العالقات
اإلنسانية وكما جاء في كتابه( :إن الذكاء في العالقات المتبادلة بين الناس هو القدرة على فهم
اآلخرين وما الذي يحركهم وكيف يمارسون عملهم وكيف يتعاون معهم) وفيما يتعلق بذكاء الشخصية
االجتماعية وتميزها حدد أربع مواصفات( :القيادة والمقدرة على تنمية العالقات .والمحافظة على
األصدقاء .والقدرة على حل الصراعات .والمهارة في التحليل االجتماعي) ويقول جاردنر إن الفروع
السبعة من الذكاء ليست إال حقوالً بدائية الكتشاف مواهب اإلنسان وهناك في الواقع أكثر من عشرين
بوابة الكتشاف الذكاء اإلنساني .والذكاء األكاديمي ال يعد المرء لتقلبات الحياة المخيفة والذكاء الفعلي
كما يقول صاحب كتاب الذكاء الوجداني (دانيل جولمان) هو أن( :تكون قادرا على حث نفسك
باستمرار في مواجهة اإلحباطات والتحكم في النزوات وتأجيل إحساسك بإشباع النفس وإرضائها
والقدرة على تنظيم حالتك النفسية ومنع األسى أو األلم من شل قدرتك على التفكير وأن تكون قادرا
على التعاطف والشعور باألمل) .ومن األمور التي أظهرت صحة هذه النظرة أن خمسة أطفال من
المتفوقين في فحص الذكاء ونالوا فيه 125ـ 133لم يحظ إال واحد منهم بتفوقه في ثالثة مجاالت.
وتفوق واحد منهم فقط في التفاهم االجتماعي .ولكن مشكلة هذا الكشف الجديد أنه غامض بعض
الشيء وليس له اختبارات واضحة كما أنه لم يفرز هذا الذكاء عن (المعرفة واللغة) فلم يصل إلى لب
المشكلة كما يقول جولمان .ولقد حاول تلميذ جاردنر وهو (بيتر سالوفي) أن يعين خمسة أشكال من
هذا الذكاء هي الوعي بالنفس وإدارة العواطف ومنها القدرة على تهدئة النفس وتحفيز النفس أي
توجيه العواطف في خدمة هدف ما والتحكم في االنفعاالت والتقمص الوجداني أي التعرف على
عواطف اآلخرين .وأخيرا توجيه العالقات اإلنسانية وتطويع عواطف اآلخرين ،ومن يؤت الحكمة فقد
أوتي خيرا كثيرا.
17
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
كيف تكون سيد نفسك
إن القدرة على التحكم بالنفس تؤدي إلى السعادة والنجاح في الحياة
مبادئ عامة حول العواطف
•
•
•
•
•
وظيفة العواطف حماية اإلنسان من األخطار والحفاظ على وجوده .
تلعب العواطف دورها اإليجابي حينما تأتي في الوقت المناسب وبالشدة
المناسبة ولفترة مناسبة .
نحن ال نستطيع أن نقرر عواطفنا لكننا نستطيع أن نقرر ماذا نفعل حيالها.
التركيبة الوجداني ة لإلنسان وراثية ولكن كيفية التعامل معها مكتسبة .
إن التحكم في العواطف ال يعني تجاهلها أو كبتها .
التحكم بالعواطف يعني :
.1قراءتها .
.2معرفة تأثيرها على أفكارك وأقوالك وتصرفاتك .
.3تحييد تأثيرها السلبي عليك وذلك إما :
• بتغيير العاطفة نفسها عن طريق تغيير طريقة النظر إلى الموضوع
• بالقيام بسلوك ما لتحييد األثر السلبي لهذه العاطفة .
18
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
قراءة العواطف
الخطوة األولى نحو التحكم بالعواطف هي قراءتها فالذين
يجهلون قراءة عواطفهم يعيشون تحت رحمتها.
املشاعر السلبية
املشاعر اإليجابية
اإلحباط
التشجيع
التشاؤم
التفاؤل
عدم االحترام
االحترام
الخوف
األمان
التوتر
االسترخاء
الملل
االندفاع
االعتماد على اآلخرين
االستقاللية
الظلم
اإلنصاف
الشعور بالذنب
الفخر
االكتئاب
اإلثارة
الوحدة
التواصل
التجاهل
االهتمام
سوء الفهم
التفهم
19
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
األسئلة الذكية
األشخاص األذكياء عاطفيا ً يعرفون كيف يطرحون األسئلة الذكية عاطفيا ً التي تحرك
مشاعرهم اإليجابية وتوجههم في االتجاه الصحيح .
•
إن وضع المشكلة ضمن أسئلة اإلطار السلبي يؤدي إلى الشعور بالعجز
وإلقاء اللوم على اآلخرين وإضاعة الفرص .
أسئلة اإلطار السلبي :
–
–
–
–
–
–
–
•
ما هي المشكلة ؟
لماذا لدي هذه المشكلة ؟
منذ متى لدي هذه المشكلة ؟
كيف تحد هذه المشكلة من إمكانياتي ؟
من السبب في وجود هذه المشكلة ؟
كيف تحول هذه المشكلة بيني وبين تحقيق ما أرغب فيه ؟
ما أسوأ وقت عشت خالله هذه المشكلة ؟
* إن وضع المشكلة ضمن أسئلة اإلطار اإليجابي يدفع اإلنسان إلى السير في
االتجاه الذي يريده ويحمله المسئولية ويعطيه الكثير من الخيارات :
أسئلة اإلطار اإليجابي
• ماذا أريد ؟نحن نصنع عاداتنا
• ثم تقوم عاداتنا بصنعنا
• متى أريد تحقيق ذلك ؟
• بعد الحصول على ما أريده ما الذي سيتحسن في حياتي ؟
• ما هي المصادر المتاحة لمساعدتي على الوصول إلى ما أريد ؟
• كيف أستخدم اإلمكانات التي لدي أحسن استخدام؟
• ما هي التحديات التي يمكن أن تواجهني ؟
• ما هي أفضل طريقة لمواجهة هذه التحديات ؟
• ما الذي يجب القيام به اآلن للحصول على ما أريد ؟
20
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
مركز المشاعر القوية
•
•
•
•
اللوزة في اجسام البشر هي مجموعة من الهياكل المتداخلة تقع فوق جذع الدماغ قرب قاع الحلقة
الحوفية ..وهناك لوزتان .واحدة على كل جانب من الدماغ تقع باتجاه جانب الرأس .وتعد اللوزة
متخصصة في المسائل االنفصالية الوجداني ة ،فإذا بترت اللوزة عن باقي الدماغ ،تكون النتيجة عدم
القدرة على االحساس باالحداث المهمة الوجداني ة وتسمى هذه الحالة احيانا بـ «العمى المؤثر».
ويؤدي فقد اللوزة الى االفتقار ألي تفاعل عاطفي .فعلى سبيل المثال خضع شاب لعملية استؤصلت
خاللها اللوزة من دماغه ،فأصبح ال يبدي اي رغبة في االختالط بالناس ،وفضل الجلوس في عزلة
بدون اي اتصال مع البشر .وبينما كان قادرا بصورة مثالية على التخاطب والتحادث مع اآلخرين ،إال
انه لم يعد قادرا على التمييز بين اصدقائه وأقاربه ،ولم يعد يتعرف حتى على والدته ،وبقي غير مبال
بضيق اآلخرين .وتعمل اللوزة لمخزن الذكريات االنفعالية ،ولذلك فهي ذات اهمية بوظيفتها .فالحياة
بدون لوزة الدماغ مجردة من المعاني الشخصية.
ودعنا نتذكر ذلك الوضع عندما يتحول الذكي الى مغفل ،لقد حدث بدقة عندما طعن الطالب النجيب
جاسون استاذ الفيزياء في المرحلة الثانوية باستخدام ساطور المطبخ ،ولكن الحقائق ذكرت في
التقرير الذي افاد ان جاسون الطالب الحاصل على ترتيب مستوى رفيع في مدرسة بكلورال سبرنيغ
بوالية فلوريدا كان همه وأمله الوحيد هو دخول كلية الطب ،اي ان حلمه كان الدخول الى كلية الطب
بجامعة هارفرد ،لكن استاذ مادة الفيزياء ديفيد بولوجروتو منحه 80درجة في االختبار .وعندما
اعتقد جاسون ان الدرجة مجرد « »Bاحس ان امله قد خاب فحمل ساطورا الى المدرسة وفي
مواجهة مع بولوجروتو في مختبر الفيزياء طعن الطالب استاذه في عظمة الترقوة قبل ان يتمكن
اخرون من السيطرة على الموقف .وحكم قاض على الطالب جاسون بالبراءة ،وقال ان الطالب اصيب
بالجنون خالل الحادث وأقسم 4أطباء نفسانيون وعلماء نفس على انه اصيب باضطراب نفسي خالل
الشجار ،وزعم جاسون انه كان يخطط لالنتحار بسبب نتيجة االختبار .وذهب الى استاذه البالغه بأنه
سيقتل نفسه بسبب هذه الدرجة السيئة .ولكن االستاذ بولوجروتو روى قصة مختلفة« :اعتقد انه
كان يحاول االجهاز علي بالكامل النه اصيب بغضب شديد نتيجة للدرجة السيئة.
بعد نقله الى مدرسة خاصة ،تخرج جاسون بعد عامين وكان االول في فصله .وبعد ان حصل على
درجات عالية تخرج بمرتبة الشرف وكان استاذه ديفيد بولوجروتو ال يزال يشتكي بأن طالبه السابق
لم يعتذر قط عما فعله او حتى يتحمل المسئولية عن الحادث.
والقضية اآلن كيف لطالب شديد الذكاء ومتميز ان يقوم بعمل اخرق مثل ذلك ،عمل ال يقوم به سوى
مجنون؟ االجابة هي ان الذكاء االكاديمي ليس له عالقة بالحياة الوجداني ة .فاالشخاص من ذوي
الذكاء المتوقد يمكن ان يكونوا ضعفاء بصورة مذهلة في توجيه حياتهم الخاصة .والحقيقة ان هناك
استثناءات واسعة النطاق من القاعدة القائلة ان اصحاب الذكاء الرفيع يتوقعون النجاح ،بل ان هناك
الكثير من االستثناءات اكثر من الحاالت التي تنسجم مع القاعدة .وفي احسن الحاالت فإن الذكاء
يسهم بنسبة %20بالعوامل التي تحدد النجاح في الحياة .ويترك %80لعوامل اخرى ،وكما الحظ
احد الباحثين فإن الغالبية العظمى من العناصر التي تكمن وراء ارتفاع المكانة في المجتمع تحددها
عوامل ليس لها صلة بالذكاء وتتراوح ما بين الطبقة االجتماعية الى الحظ.
وحتى كبار المفكرين ،امثال ريتشارد هيرنشتين وتشارلز موريه ،ال يعلقون الكثير من
االهمية على الذكاء واالخيران يعترفان بأنه يجوز ان طالبا بدرجات مقبول في
الرياضيات ،بدال من التوجه كي يصبح عالما ً رياضيا ً فإنه يدير مشروعه الخاص به
فيصبح سيناتورا او يجمع الماليين من الدوالرات ،ولذلك ال ينبغي ان يفقد احالمه ،ان
الصلة بين درجات االختبار وتلك االنجازات تتضاءل في ضوء شمولية السمات االخرى
التي يبعث فيها الحياة.
21
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
الذكاء الوجداني :
دانييل جولمان
عن سلسلة عالم المعرفة صدر كتاب (الذكاء الوجداني ) ،محتوياً على ثالثة أقسام مع مقدمة يقدم
المؤلف في هذا الكتاب طريقاً جديد ًا للنظر في جذور أسباب أمراض األسر والمجتمعات ،ويدعو
فيه إلى ثقافة العقل والقلب معاً.
قام المؤلف في هذا الكتاب برحلة تأمل علمي ثاقب في عواطف اإلنسان ،نفهم منها معنى الذكاء،
وكيفية ارتباطه بالعاطفة ،ونطلع عبر صفحاته على مملكة المشاعر وتأثيرها في مسار حياتنا.
اعتمد المؤلف على األبحاث الطبية والدراسات التي أجريت على الدماغ البشري خالل العقدين
الماضيين ،ليخرج بآخر اكتشافات تركيبة المخ الوجداني ة التي تفسر كيف تهيمن قبضة
العاطفة القوية على العقل المفكر ،وكيف تكشف تراكيب المخ المتداخلة المتحكمة في لحظات
الغضب والخوف أو الحب عن كثير من الحقائق ،وأن النقص في الذكاء الوجداني أساس الكثير
من مشاكل كل فرد منا ،ألنه يدمر الذهن ويهدد الصحة الجسمانية بأخطار جسيمة.
ويجيب المؤلف عن السؤال المهم :ما هذه المشاعر اإلنسانية؟ وما مكانها في المخ؟ وهل ما ورثناه
من طباع قدر محتوم ،أم أن دوائر المخ العصبية دوائر مرنة يمكن أن تتعلم وتتغذى ،وتقوى
وفقاً للبنية التي يتأسس عليها ذكاؤنا الوجداني منذ الطفولة؟.
أما أكثر الحقائق إثارة للقلق في هذا الكتاب فهي ذلك المسح البحثي الشامل الذي يكشف كيف بات
جيل األطفال الحالي في العالم كله أكثر غضباً وجنوحاً وقلقاً واندفاعاً وعنفاً ..فهل الذكاء
الوجداني يقدم عالجاً؟ .
الجواب في صفحات هذا الكتاب الشيق.
في المقدمة يستشهد المؤلف بقول ألرسطو في كتابه (األخالق إلى نيقو ماخوس)( :أن يغضب أي
إنسان ،فهذا أمر سهل ..لكن أن تغضب من الشخص المناسب ،وفي الوقت المناسب،
وباألسلوب المناسب ..فليس هذا باألمر السهل).
ثم يذكر المؤلف حادثة كان شاهد ًا عليها قبل عشرين عاماً والتي انحفرت في ذهنه ودعته إلى تأليف
هذا الكتاب..
تتلخص تلك الحادثة بصعود المؤلف إلى إحدى الحافالت حيث شد انتباهه سائقها وهو يرحب به
وترتسم على وجهه ابتسامة دافئة حيث ح ّياه بود ،وقد انتبه المؤلف إلى أن السائق كان يرحب
بكل راكب حين صعوده ..بينما ارتسم على وجوه الركاب المزاج الكئيب فلم تكن تلقى تحيته وداً
إال من قليل منهم.
ولكن مع تقدم الحافلة ببطء في مسيرها واستمرار السائق بتحية الركاب والتعليق على ما تمر عليه
الحافلة من أسواق ،ودور سينما ..حدث تحول بطيء وسحري داخل الحافلة ،ومع الوقت انتقلت
عدوى ابتهاجه بما يتمتع به من إمكانات ثرية إلى الركاب ..ونزل كل فرد في محطته وقد خلع
عن وجهه ذلك القناع المتجهم الذي صعد به .وعندما كان السائق يودع ك ًال منهم بقوله :إلى
اللقاء ..يوماً سعيد ًا ..كان الرد يأتيه بابتسامة جميلة على الوجوه..
22
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
ويعلق المؤلف على هذه الحادثة بقوله:
لقد انطبع هذا الموقف في ذاكرتي قرابة عشرين عاماً ،وكنت وقتها قد انتهيت رأساً من إعداد
رسالتين لنيل الدكتوراه في علم النفس ..لكن الدراسات السيكولوجية في تلك األيام لم تكن تبدي
اهتماماً يذكر بالكيفية التي يمكن أن يحدث بها مثل هذا التحول..
إذ لم يكن العلم السيكولوجي يعرف سوى القليل ،وربما لم يكن يعرف شيئاً أص ًال ،عن آليات
العاطفة ..ومع ذلك فكلما تخيلت انتشار (فيروس) المشاعر الطيبة بين ركاب الحافلة الذي البد
أنه سرى عبر المدينة ،بدء ًا من ركاب تلك الحافلة ،اعتبرت ذلك السائق مصلحاً يجوب المدينة
(أو باعث السالم في مجموعة من البشر) بمقدرته السحرية على التخفيف من حالة التجهم
الشديد البادي على وجوه الركاب ،فإذا بقلوبهم تتفتح قلي ًال ،ويتحول التجهم المرسوم على
الوجوه إلى ابتسامة ،وفي تناقض صارخ مع هذه الحادثة تنبئنا بعض فقرات الصحف بما يلي:
أحد المراهقين يطلق النار على جمهور أحد النوادي في مدينة مانهاتن ويصيب ثمانية من الصبيةألن كرامته أهينت كما تصور..
جاء في تقرير حول ضحايا جرائم ما قبل سن الثانية عشرة ،أن % 75من صبية هذه المرحلةالسنية هم ضحايا آبائهم أو أزواج أمهاتهم ..وفي %50من الحاالت الواردة في التقرير يقول
اآلباء أنهم لم يفعلوا شيئاً سوى محاولة أداء واجبهم في تربية أوالدهم ،بمعاقبتهم بالضرب
حين يخالفون أوامرهم..
وشاب ألماني يقتل خمس نساء تركيات ،من خالل إشعال النار فيهن وهن نائمات ..وقد اعترفالشاب أثناء محاكمته ،وهو عضو في مجموعة نازية جديدة ،بأنه فشل في الحصول على عمل،
وأنه يتعاطى الخمور ،وأنه يح ّمل األجانب مسؤولية حظه السيء.
لقد أصبحت أخبار الصحف تحمل لنا كل يوم مثل هذه التقارير حول انهيار الحس الحضاري وفقدان
اإلحساس باألمان ،بما يشبه موجة من الدوافع النفسية المتدنية اآلخذة في االستفحال ..غير أن
هذه األخبار تعكس في النهاية إحساسنا المتزايد بانتشار هذه االنفعاالت غير المحكومة على
صعيد حياتنا الخاصة ،وحياة اآلخرين المحيطين بنا ..وليس هناك أحد بيننا بمنأى عن ذلك المد
المتفلت من االنفجار االنفعالي ،إذ هو يصيب مختلف مناحي حياتنا بشكل أو بآخر..
في المقدمة يستشهد المؤلف بقول ألرسطو في كتابه (األخالق إلى نيقو ماخوس)( :أن يغضب أي
إنسان ،فهذا أمر سهل ..لكن أن تغضب من الشخص المناسب ،وفي الوقت المناسب،
وباألسلوب المناسب ..فليس هذا باألمر السهل).
ثم يذكر المؤلف حادثة كان شاهد ًا عليها قبل عشرين عاماً والتي انحفرت في ذهنه ودعته إلى تأليف
هذا الكتاب..
تتلخص تلك الحادثة بصعود المؤلف إلى إحدى الحافالت حيث شد انتباهه سائقها وهو يرحب به
وترتسم على وجهه ابتسامة دافئة حيث ح ّياه بود ،وقد انتبه المؤلف إلى أن السائق كان يرحب
بكل راكب حين صعوده ..بينما ارتسم على وجوه الركاب المزاج الكئيب فلم تكن تلقى تحيته ود ًا
إال من قليل منهم.
ولكن مع تقدم الحافلة ببطء في مسيرها واستمرار السائق بتحية الركاب والتعليق على ما تمر عليه
الحافلة من أسواق ،ودور سينما ..حدث تحول بطيء وسحري داخل الحافلة ،ومع الوقت انتقلت
عدوى ابتهاجه بما يتمتع به من إمكانات ثرية إلى الركاب ..ونزل كل فرد في محطته وقد خلع
عن وجهه ذلك القناع المتجهم الذي صعد به .وعندما كان السائق يودع ك ًال منهم بقوله :إلى
اللقاء ..يوماً سعيد ًا ..كان الرد يأتيه بابتسامة جميلة على الوجوه..
23
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
ويعلق المؤلف على هذه الحادثة بقوله:
لقد انطبع هذا الموقف في ذاكرتي قرابة عشرين عاماً ،وكنت وقتها قد انتهيت رأساً من إعداد
رسالتين لنيل الدكتوراه في علم النفس ..لكن الدراسات السيكولوجية في تلك األيام لم تكن تبدي
اهتماماً يذكر بالكيفية التي يمكن أن يحدث بها مثل هذا التحول..
إذ لم يكن العلم السيكولوجي يعرف سوى القليل ،وربما لم يكن يعرف شيئاً أص ًال ،عن آليات
العاطفة ..ومع ذلك فكلما تخيلت انتشار (فيروس) المشاعر الطيبة بين ركاب الحافلة الذي البد
أنه سرى عبر المدينة ،بدء ًا من ركاب تلك الحافلة ،اعتبرت ذلك السائق مصلحاً يجوب المدينة
(أو باعث السالم في مجموعة من البشر) بمقدرته السحرية على التخفيف من حالة التجهم
الشديد البادي على وجوه الركاب ،فإذا بقلوبهم تتفتح قلي ًال ،ويتحول التجهم المرسوم على
الوجوه إلى ابتسامة ،وفي تناقض صارخ مع هذه الحادثة تنبئنا بعض فقرات الصحف بما يلي:
بواعث الفعل:
إن كل االنفعاالت في جوهرها هي دوافع ألفعالنا ..هي الخطط الفورية للتعامل مع الحياة التي غرسها
التطور في كياننا اإلنساني..
ويلعب كل انفعال في سجلنا الوجداني دوراً فريداً ،كما توضحه البصمات البيولوجية المتميزة..
وقد تمكن الباحثون اليوم بالوسائل العلمية الجديدة البالغة التقدم التي استطاعت أن ترى الجسم
والمخ من الداخل بدقة من اكتشاف مزيد من تفاصيل الكيفية الفسيولوجية التي تجهز بها العاطفة
الجسم بمختلف أنواع االستجابات ،وعلى سبيل المثال:
في حالة الغضب يتدفق الدم إلى اليدين ليجعلهما قادرتين بصورة أسهل على القبض على سالح أو
ضرب عدو ..وتتسارع ضربات القلب ،وتندفع دفقة من الهرمونات مثل هرمون (األدرينالين) فيتولد
كم من الطاقة القوية تكفي القيام بعمل عنيف.
وفي حالة الخوف :يندفع الدم إلى أكبر العضالت حجماً ،مثل عضالت الساقين ،فيسهل الهرب،
ويصبح الوجه أبيض اللون شاحبا ً ألن الدم يهرب منه..
وفي حالة الدهشة؛ ترفع الحواجب لتسمح بنظرة شاملة أوسع ،وتسمح بدخول مزيد من الضوء إلى
الشبكية ،وهذا يوفر مزيداً من المعلومات حول ما حدث دون توقع وأثار الدهشة ،ويكشف حقيقة ما
يجري بالضبط ،بما يساعد على اختيار أفضل فعل مناسب للموقف.
في هذا القسم األول من الكتاب؛ كانت رحلة المؤلف مع آخر اكتشافات لتركيبة المخ الوجداني ة،
والتي تقدم تفسيراً لتلك اللحظات األكثر تحييراً في حياتنا والتي تهيمن فيها ،مشاعرنا على عقولنا..
إن فهم التفاعل بين تراكيب المخ يكشف عن الكثير فيما يتعلق بكيفية تعلمنا للعادات الوجداني ة التي
يمكن أن تقوض أفضل أهدافنا ،وكذلك ما الذي بوسعنا أن نفعله للسيطرة على انفعاالتنا الوجداني ة
الهدامة والمسببة لإلحباط؟.
في القسم الثاني من الكتاب يرينا المؤلف كيف تدخل معطياتنا العصبية في تشكيل المهارة األساسية
لممارسة الحياة والتي نسميها (الذكاء الوجداني ) أي أن نكون قادرين مثالً على التحكم في نزعاتنا
ونزواتنا ،وأن نقرأ مشاعر اآلخرين اليومية ونتعامل بمرونة في عالقاتنا مع اآلخرون.
هذا النموذج المسهب لمعنى أن يكون المرء (ذكيا ً) يضع العواطف في بؤرة القدرات الشخصية في
التعامل مع الحياة..
24
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
انفالت األعصاب:
الشك في أن ما يثير الفضول لفهم قوة العواطف وتأثيرها في حياتنا العقلية،
تلك اللحظات المثيرة للمشاعر ،والتي نندم عليها بعد أن ينقشع عنها غبار
االنفعال ،ونتذكرها فيما بعد..
اعرف نفسك:
الشك في أن وصية سقراط التي تقول (اعرف نفسك) تتحدث عن حجر الزاوية في الذكاء
الوجداني ،الذي هو وعي اإلنسان بمشاعره وقت حدوثها..
وقد يبدو للوهلة األولى أن مشاعرنا واضحة ..ولكن قدراً أكبر من التفكير والتأمل يذكرنا بأننا
جميعا ً غافلون عما شعرنا به تجاه شيء ما في الحقيقة ،أو يوقظ فينا هذه المشاعر فيما بعد..
وقد استخدم علماء النفس مصطلحا ً ثقيالً اسمه (ما بعد المعرفة) إشارة إلى الوعي بعملية
التفكير واستخدموا مصطلح (ما بعد االنفعال) ليشير إلى تأمل اإلنسان النفعاالته..
لكن المؤلف يفضل مصطلح (الوعي بالذات) بمعنى االنتباه إلى الحاالت الداخلية التي يعيشها
اإلنسان وبهذا الوعي التأملي للنفس ،يقوم العقل بمالحظة ودراسة الخبرة نفسها بما فيها من
انفعاالت.
والواقع أن مراقبة الذات -على أحسن الفروض -تحقق إدراكا ً رصينا ً للمشاعر المضطربة
والمتقدمة ،إنها في أقل تقدير تقدم نفسها في صورة ظاهرية وبسيطة ،وكأنها عائدة لتوها
من خبرة ما ..هي مجرى يوازي الوعي ،أي ما بعد توزع االنتباه في مجرى الوعي الرئيسي،
أو بجانبه ،مدركة الحدث الجاري أكثر من انضمامها إلى هذه المشاعر ،وضياعها فيها..
وهذا هو الفرق -مثالً -بين أن تكون غاضبا ً غضبا ً شديداً من شخص ما ،وأن تدرك بفكرك
الذاتي التأملي قائالً( :أنا أشعر بالغضب) حتى وأنت في حالة هذا الغضب..
25
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
اعرف نفسك:
وعلى الرغم من التمييز المنطقي بين أن نكون مدركين لمشاعرنا ،وأن نعمل على
تغييرها ،نجد أن جون ماير العالم السيكولوجي بجامعة هامبشير ،الذي وضع نظرية
الذكاء الوجداني ،قد اكتشف أن الوعي بالمشاعر والقيام باألفعال من أجل األهداف
العملية كلها عادة جنبا ً إلى جنب ويداً بيد ..ذلك ألن مجرد إدراكنا أن المزاج سيء،
فهذا معناه الرغبة في التخلص منه والتعرف على الحالة النفسية شيء متميز عما
نبذله من جهود حتى ال نقوم بفعل ما بدافع انفعالي.
واكتشف ماير أن الناس يميلون إلى اتباع أساليب متميزة للعناية بعواطفهم والتعامل
معها:
الوعي بالنفس:
إن أولئك البشر الذين يدركون حالتهم النفسية في أثناء معايشتها ،عندهم بصورة
متفهمة بعض الحنكة فيما يخص حياتهم االنفعالية ..ويمثل إدراكهم الواضح النفعاالتهم
أساسا ً لسماتهم الشخصية ..هم شخصيات استقاللية واثقة من إمكاناتها ،ويتمتعون
بصحة نفسية جيدة ،ويميلون أيضا ً إلى النظر للحياة نظرة إيجابية .وعندما يتكدر
مزاجهم ال يجترونها وال تستبد بأفكارهم ،هم أيضا ً قادرون على الخروج من مزاجهم
السيء في أسرع وقت ممكن ..باختصار تساعدهم عقالنيتهم على إدارة عواطفهم
وانفعاالتهم..
الغارقون بانفعاالتهم:
هؤالء األشخاص هم من يشعرون غالبا ً بأنهم غارقون في انفعاالتهم ،عاجزون عن
الخروج منها ،وكأن حالتهم النفسية قد تملكتهم تماما ً .هم أيضا ً متقلبو المزاج ،غير
مدركين تماما ً لمشاعرهم إلى الدرجة التي يضيعون فيها ويتيهون عن أهدافهم إلى حد
ما ،ومن ثم فهم قليالً ما يحاولون الهرب من حالتهم النفسية السيئة ،كما يشعرون
بعجزهم عن التحكم في حياتهم الوجداني ة ..إنهم أناس مغلوبون على أمرهم ،فاقدو
السيطرة على عواطفهم..
المتقبلون لمشاعرهم:
هؤالء على الرغم من وضوح رؤيتهم بالنسبة لمشاعرهم ،فإنهم يميلون لتقبل حالتهم
النفسية ،دون محاولة تغييرها ،ويبدو أن هناك مجموعتين من المتقبلين لمشاعرهم:
المجموعة األولى :تشمل من هم عادة في حالة مزاجية جيدة ،ومن ثم ليس لديهم دافع
لتغييرها ..والمجموعة الثانية تشمل من لهم رؤية واضحة لحالتهم النفسية ومع ذلك
حين يتعرضون لحالة نفسية سيئة ،يتقبلونها كأمر واقع ،وال يفعلون أي شيء لتغييرها
على الرغم من اكتئابهم .وهذا النموذج من المتقبلين يدخل في إطار المكتئبين الذين
استكانوا لليأس..
26
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
عبيد العاطفة:
منذ عصر أفالطون ،ظل اإلحساس بتفوق النفس وقدرتها على مواجهة العواصف الوجداني ة الناتجة عن
ضربات القدر بدالً من االستسالم لها لكي نصبح عبيداً للعاطفة ،ظل هذا اإلحساس فضيلة تستحق اإلشادة
بها دائما ً..كانت الكلمة اليونانية لهذه الفضيلة هي (سوفروزايم ) sophrozymeأي االنتباه والذكاء في
إدارة حياتنا :بمعنى اإلتزان والحكمة ..أما الرومان والكنيسة المسيحية القديمة فقد أطلقوا عليها اسم
( ) temprrantiaأي ضبط النفس ،أو كبح جماح اإلفراط في االنفعال ،والهدف من ذلك تحقيق التوازن
الوجداني وليس قمع العاطفة ،ألن لكل شعور قيمته وداللته ..فالحياة من دون عاطفة تصبح أرضا ً حيادية
قاحلة ومملّة ،منقطعة ومنعزلة عن ثراء الحياة نفسها..والمطلوب ،كما الحظ (أرسطو) انفعال يناسب
الظرف ذاته ،فعندما يكبت االنفعال تماما ً فإن ذلك يؤدي إلى الفتور والعزلة ،وعندما يخرج عن إطار
االنضباط والسيطرة ويصبح بالغ التطرف ،واإللحاح ،فإنه يتحول إلى حالة مرضية ،تحتاج إلى العالج مثل
االكتئاب المؤدي إلى الشلل ،والقلق الساحق ،والغضب الكاسح ،والتهيج المجنون..
وال شك في أن مفتاح سعادتنا الوجداني ة يكمن في ضبط انفعاالتنا المزعجة بصورة دائمة ،هذا؛ ألن
التطرف المتزايد والمكثف في العواطف لفترة طويلة يؤدي إلى تقويض استقرارنا.ومن الطبيعي أال نشعر
طوال الوقت بنوع واحد من االنفعال ..والواقع أن هناك الكثير مما يقال عما تسهم به المعاناة البناءة في
الحياة اإلبداعية والروحانية ،ألن المعاناة تهذب الروح..وال شك في أن تقلبات الدهر بما فيها من سعادة
وتعاسة تعطي الحياة نكهة خاصة ،وإن كانت تحتاج إلى التوازن..وما يحدد اإلحساس بالسعادة -بحساب
القلب -هو معدل العواطف اإليجابية والسلبية .وهذه -على األقل -هي الحكمة التي خرجت بها دراسات
عن طبائع مئات الرجال والنساء ،وحاالتهم النفسية التي مرت عليهم ،وسجلوا انفعاالتهم في تلك األوقات..
مثل هؤالء ال يحتاجون إلى تجنب المشاعر غير السارة لإلحساس بالرضا عن حياتهم ،لكنهم ال يتركون
أنفسهم تحت رحمة مشاعرهم العاصفة دون كبح جماحها حتى ال تحل محل حالتهم النفسية المبتهجة ،وثمة
أناس يتعرضون لنوبات عارمة من الغضب واالكتئاب ،ويمكن ألولئك الناس أن يشعروا بالرضا نحو حياتهم
إذا ما تناوبتهم بقدر متساو فترات من الفرح واالبتهاج..
تحليل ثورة الغضب:
27
يبدو أن الغضب هو أكثر الحاالت تصلبا ً وعناداً من بين كل الحاالت التي يرغب الناس في الهروب منها ،فقد
انتهت (تايس) من دراستها إلى أن الغضب هو أسوأ الحاالت النفسية التي يصعب السيطرة عليها .والغضب
هو أكثر هذه الحاالت غواية وخطأ على العواطف السلبية ،ذلك ألن المونولوج الداخلي الذي يحث على
الغضب والمبرر أخالقياً ،يمأل عقل الغاضب بالذرائع المقنعة ليصب جام غضبه ..والغضب ليس مثل الحزن،
ألنه انفعال يولد الطاقة والتنبه ..فالغضب لديه قدرة على اإلغواء والحفز ،وربما كان هذا هو السبب في
األفكار الشائعة عنه بأنه يصعب التحكم فيه أو أنه ال ينبغي كظمه ..بل أكثر من ذلك ،أن التنفيس بالغضب
يطهر النفس وهو في مصلحة الغاضب ،أما الرأي اآلخر المضاد للرأي السالف والذي قد يكون رد فعل على
الصورة الكئيبة التي يرسمها الرأيان اآلخران ،فيتمثل في القول إن الغضب يمكن الحيلولة دون حدوثه
تماما ً.
والواقع أن تسلسل األفكار الغاضبة الذي يؤجج الغضب ،من الممكن أن يكون هو نفسه مفتاح أقوى
الوسائل للتخفيف من شدة الغضب ،وذلك بوضع حد لألفكار التي توقد نار الغضب في مهدها ..وكلما طال
الوقت الذي نجتر فيه األسباب التي أثارت غضبنا ،وجدنا (أسبابا ً طيبة) نلفقها ونخترعها لنبرر بها ألنفسنا
أسباب غضبنا ،لكن إذا نظرنا لألمور بشكل مختلف فسوف تهدأ هذه النيران المشتعلة .وهذا ما انتهت إليه
(تايس) في بحثها فقد وجدت أن إعادة وضع موقف ما إيجابيا ً في إطاره ،كان أكثر السبل الفعالة لوقف
الغضب..
في القسم الثالث من الكتاب يبحث المؤلف في بعض االختالفات األساسية المترتبة على هذه القدرات مثل:
كيف يمكن بهذه القدرات أن نصون عالقتنا األكثر أهمية أو كيف يفسد االفتقار إلى هذه القدرات تلك
العالقات ..وكيف تسبغ قوى السوق التي تعيد تشكيل حياتنا العملية أهمية غير مسبوقة على الذكاء
الوجداني من أجل تحقيق النجاح في العمل .وكيف تتسبب العواطف المسمومة في تهديد صحتنا الجسدية
وإصابتها بالمخاطر ،تماما ً كما يفعل اإلفراط في التدخين ،في الوقت الذي يمكن للتوازن الوجداني أن يحمي
صحتنا وسعادتنا على حد سواء..
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
األعداء الحميمون:
إذا نظرنا اليوم إلى معدالت الطالق ،فسنجد أنها أصبحت معدالت سنوية ثابتة بدرجة أو بأخرى..
لكن هناك طريقة أخرى لحساب معدالت الطالق تشير إلى قفزة خطيرة في هذه المعدالت ،إذا نظرنا
إلى الخالفات الخطيرة التي تنشأ بين المتزوجين حديثا ً وتنتهي أخيراً بالطالق ..وعلى الرغم من
ثبات معدالت الطالق اإلجمالية ،فإن خطر الطالق قد انتقل إلى الزيجات الحديثة.
وإذا ناقشنا هذا التصاعد في حاالت الطالق ،فسنجد أنه يرجع بدرجة كبيرة إلى انخفاض في مستوى
الذكاء الوجداني ،وتراجع الضغوط االجتماعية ،المتمثلة في وصمة العار التي تلحق بالمطلق أو
المطلقة ،أو في اعتماد الزوجات االقتصادي على أزواجهن ،الذي ظل سببا ً في بقائهن معهم حتى لو
كانوا أسوأ األزواج .أما بعد أن أصبحت الضغوط االجتماعية ال تمثل العامل الذي يبقي على العالقة
الزوجية ،فقد باتت العالقة الوجداني ة بين الزوج والزوجة أهم وأخطر العوامل التي تبقي على
الزواج ،إذا أراد كل من الزوجين الرتباطهما أن يدوم..
الــــنقد البــــــارع :
يقدم هاري لفنسون المحلل السيكولوجي ،النصيحة التالية حول (فن النقد) الذي يتضافر مع فن اإلطراء!.
كن محدداً :التقط حدثا ً له داللة ،هدفا ً يوضح مشكلة رئيسية تحتاج إلى التغيير ،أو نموذجا ً يمثل عدم الكفاءة ،مثل
عدم القدرة على أداء أجزاء معينة من العمل بصورة جيدة ..هذا ألن ما يثبط معنويات اإلنسان هو أن يسمع أنه
أخطأ في عمل شيء ما دون أن يعرف على وجه التحديد ما هذا الخطأ لكي يعمل على تصحيحه ..فالبد من التركيز
على التحديد..
تذكر الشيء الجيد الذي فعله اإلنسان ،وما فعله بالتحديد بصورة ضعيفة ،وكيف يمكن تغييره؟!..
قدم حالً :فالنقد مثل كل تغذية مركزة مفيدة ،يجب أن يشير إلى طريقة تحدد المشكلة تماماً ،وإال فسوف تترك
المتلقي في حالة إحباط ومعنويات منخفضة ودون دافع للقيام بعمل ،ألن النقد قد يفتح الباب إلى إمكانات وبدائل لم
يتبين الشخص نفسه وجودها ،أو يثير -ببساطة -الحساسية بأوجه النقص التي تستلزم االنتباه ،وما يجب أن
يصاحبه من اقتراحات حول أسلوب االهتمام بهذه المشاكل.
كن حاضراً :ألن النقد مثل المديح ،أكثر فعالية حين يقال وحينما يوجه للشخص نفسه على انفراد ..ونحن نالحظ أن
أولئك الناقدين غير المريحين يوجهون دائما ً نقدهم سلبا ً أو إيجابا ً من على بعد ،كما لو أنهم يزيحون عبئا ً عن
أنفسهم.
كن حساسا ً :هذه دعوة للتعاطف مع اآلخر ،ليكون متناغما ً مع ما تقوله ،وكيف يكون وقعه على الشخص المتلقي..
يقدم ليفنسون أيضا ً بعض النصائح الوجداني ة في آخر األمر لمن يتلقون النقد قائالً :يجب أن ينظر اإلنسان إلى النقد
كمعلومة لها قيمتها حول كيفية تحسين العمل وليس بوصفه هجوما ً شخصياً ،واألمر اآلخر أن تراقب حافزك إلى
اتخاذ موقف دفاعي بدالً من تحمل المسؤولية..
وأخيراً ينصح ليفنسون الجميع أن ينظروا إلى النقد بوصفه فرصة للناقد والمنتقد للعمل معا ً بهدف حل المشكلة،
وليس بوصفه حالة خصومة بينهما..
28
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
جـــذور التعصب :
تعتبر حاالت التعصب نوعا ً من التعلم الوجداني الذي يجري في تيار الحياة منذ وقت مبكر ،مكونا ً
ردود أفعال يصعب استئصالها كلية ..يحدث هذا أيضا حتى مع من يشعرون وهم شباب بخطأ االقتناع
بهذه األفكار المتعصبة..
ويفسر هذه الحقيقة توماس بيتجرو المتخصص في السيكولوجيا االجتماعية ،بجامعة كاليفورنيا،
والذي درس مشكلة التعصب على مدى عقود قائالً :قد يحدث في وقت متأخر من حياتك أن تغير
تعصبك هذا ،لكنك ستكتشف أنه من السهل عليك كثيراً أن تغير من معتقداتك الفكرية عن تغيير
مشاعرك العميقة..
وتأتي جزئيا ً األفكار النمطية الشائعة التي تكرس التعصب من آليات أكثر حيادية في العقل الذي يجعل
كل أنواع األفكار النمطية مؤكدة بذاتها .هذا ألن الناس عموما ً على استعداد سريع لتذكر اللحظات
التي تؤيد األفكار من هذا النوع ،بينما ينزعون إلى إسقاط اللحظات التي تتحدى هذه األفكار..
التوتر :قلق أكثر من الالزم و في غير محله :
موسع نشره عام 1993م حول العالقة
الحظ السيكولوجي (بروس ماكوين) بجامعة بيل في بحث
ّ
بين التوتر والمرض ،الحظ مجموعة كبيرة من التأثيرات ..وجد أن وظيفة المناعة قد تغيرت إلى
درجة يتسارع فيها العامل المسبب للسرطان ،وزادت سرعة التأثر بالعدوى الفيروسية كما تفاقم
تكون الصفائح المسببة لتصلب الشرايين وتجلط الدم المؤدي إلى الذبحة الصدرية .كما عجل القلق
أيضا ً ببداية مرض السكر وأثر في نتيجة عالجه ،وزاد من نوبات الربو ..وقد يؤدي التوتر أيضا إلى
حدوث قرحة في المعدة ،ويفاقم أعراض التهاب غشاء القولون المخاطي ،والتهاب األمعاء..
ويتعرض المخ ذاته نتيجة لتأثير التوتر المستمر ،لإلجهاد الشديد الذي يضر (قرن آمون) وبالتالي
يضر الذاكرة نفسها..
في الكلمة األخيرة التي جاءت ختاما لهذا الكتاب الرائع يقول المؤلف:
بينما كنت على وشك االنتهاء من هذا الكتاب ،لفت انتباهي بعض األخبار الصحافية المثيرة للقلق،
تعلن أن األسلحة أصبحت أول أسباب الموت في أمريكا.
أما الخبر الثاني فقد جاء فيه أن معدل الجريمة في العام الماضي ارتفع إلى %3أما مصدر االنزعاج
األكبر فقد أورده الخبر الذي تنبأ على لسان أحد علماء الجريمة ،بأننا نعيش اآلن فترة هجوع تسبق
عاصفة إجرامية ستهب علينا في العقد القادم ..والسبب في رأيه أن الجرائم التي يرتكبها المراهقون
في سن الرابعة عشرة والخامسة عشرة في تصاعد مستمر ..هذه المجموعة السنية ستبلغ من العمر
في العقد القادم الثامنة عشرة إلى الرابعة والعشرين ،أي العمر الذي تصل فيه جرائم العنف إلى
الذروة لدى المنخرط في العمل اإلجرامي..
29
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد
التوتر ,قلق أكثر من الالزم و في غير محله :
وتبدو نذر الشر في مقال ثالث ،وفقا ً ألرقام وزارة العدل األمريكية التي تبين نسبة األحداث المتهمين
بارتكاب جرائم القتل ،والهجوم الخطر والسطو ،واالغتصاب ،حيث أوضحت أن هذه النسبة قفزت في
الفترة من العام 1988م إلى العام 1992م من %68إلى .%80
هؤالء المراهقون هم أول جيل ال يملك فقط المسدسات ،بل من السهل عليه الحصول على األسلحة
األوتوماتيكية ،تماما ً كما كان من السهل على جيل آبائهم الحصول على المخدرات ..هذا الكم من
األسلحة التي في حوزة المراهقين ،يعني أن الخالفات التي كانت في الماضي تؤدي إلى القتال
باأليدي ،يمكن اليوم أن تؤدي بالفعل إلى استخدام الرصاص .وكما أشار خبير آخر إلى أن هؤالء
المراهقين ليسوا باألخالق التي تدفعهم إلى تجنب المشاجرات..
ومن األسباب التي تجعل هؤالء المراهقين يفتقرون إلى المهارات األساسية في الحياة ،أننا مجتمع لم
يعبأ بالتأكد من أن كل طفل أمريكي قد تعلم األساسيات في التعامل مع الغضب ،أو حل الصراعات حالً
إيجابياً ،كما أننا لم نعبأ بتعليمهم التعاطف الوجداني مع اآلخرين ،والسيطرة على االندفاع ،أو أية
كفاءة عاطفية من الكفاءات الجوهرية ..ومع إهمالنا تعليم أطفالنا الدروس الوجداني ة وتركها
للمصادفات ،فقد خاطرنا بفقدنا الفرص المتاحة التي تقدمها عملية نضج المخ المادي البطيء،
لمساعدة األطفال على تنمية مخزون عاطفي سليم وصحي..
و بعـــــد :
الكتاب بأقسامه الخمسة تلك قدم رحلة رائعة وشيقة داخل النفس اإلنسانية مستفيداً من
أحدث الدراسات والنتائج العلمية..
وهو كتاب جدير بالقراءة ،ومحاولة اإلستفادة مما ورد فيه على مدار 365صفحة من
القطع الوسط..
واآلن أشكر
هللا سبحانه
وتعالى
مع تحيات
د.مصطفى
أبوسعد
30
مفاجآت صيف دبي 2005
الذكاء الوجداني ” :موعد مع القمة “ د.مصطفى أبوسعد