عرض البوربوينت لمساق المعاملات المالية في الإسلام

Download Report

Transcript عرض البوربوينت لمساق المعاملات المالية في الإسلام

Slide 1

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪1‬‬


Slide 2

‫الفصل‬
‫التمهيد‬
‫ي‬

‫حقوق‬
‫االبتك‬
‫ار‬

‫التأمي‬
‫ن‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫الخلوا‬
‫ت‬

‫املرابحة‬

‫اإلجارة‬
‫املنتهية‬
‫بالتمليك‬
‫‪2‬‬

‫املشاركة‬
‫املنتهية‬
‫بالتمليك‬

‫املضار‬
‫بة‬

‫عقد‬
‫االستص‬
‫ناع‬


Slide 3

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪3‬‬


Slide 4

‫يقصد بالمعامالت المالية‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪4‬‬

‫المعاصرة‪:‬‬

‫• القضايا المالية التي استحدثها الناس‬
‫في العصر الحديث‬
‫• القضايا التي تغير موجب الحكم فيها‬
‫نتيجة التطور وتغير الظروف‬
‫• القضايا التي تحمل اسماً جديداً‬
‫• القضايا التي تتكون من عدة صور قديمة‬


Slide 5

‫بيان أحكام المعامالت المالية المعاصرة‬
‫• إذا ظهرت مسألة جديدة في هذا العصر وتحتاج إلى حكم‬
‫شرعي فإن الذي يتصدى لبيان حكمها هم أهل التخصص‬
‫من الفقهاء الذين يشترط فيهم ما يلي‪:‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫• العلم بالقرآن الكريم‪ ،‬ومعرفة المكي والمدني‪ ،‬وآيات األحكام وأسباب‬
‫النزول والناسخ والمنسوخ والمطلق والمقيد والخاص والعام وغير ذلك‬
‫• العلم بالسنة النبوية‪ ،‬فيعرف أحاديث األحكام الصحيح منها والضعيف‬
‫والجرح والتعديل‪ ،‬وغير ذلك‬

‫‪5‬‬

‫• العلم بمواطن اإلجماع‪ ،‬ومواطن الخالف واالتفاق‪.‬‬
‫• العلم باللغة العربية وأساليبها ودالالتها‪..‬‬


Slide 6

‫تابع ‪ /‬بيان أحكام المعامالت المالية المعاصرة‬

‫• معرفة مقاصد الشريعة؛ لفهم الحكم من تشريع األحكام‪.‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫• أن يكون عارفاً بقواعد أصول الفقه ليستنبط األحكام من‬
‫أدلتها التفصيلية‪.‬‬
‫• أن يكون على معرفة بالواقع والظروف التي تحيط به؛ ألن‬
‫الحكم على شيء فرع عن تصوره‬
‫• أن يتصف بالعدالة بحيث يكون مأموناً وثقة في دينه‬

‫•‬
‫‪6‬‬

‫أن يكون عند العالم االستعداد الفطري لالجتهاد بأن يكون‬
‫حسن الفهم‪ ،‬حاد الذكاء‪ ،‬فإذا تعلم اإلنسان اللغة وعلومها‬
‫وأوزان الشعر ال تجعله شاعر إذا لم يكن عنده االستعداد‬
‫الفطري وكذلك الحال في االجتهاد‪.‬‬


Slide 7

‫خطوات بحث القضايا المعاصرة‬

‫‪ .1‬التوجه إلى اهلل بنية صادقة وبالدعاء والذكر بأن يفتح‬
‫اهلل عليه ويلهمه الصواب في هذه القضية المعاصرة‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪7‬‬

‫‪ .2‬فهم القضية المعاصرة فهماً دقيقاً يمكن من إصدار الحكم‬
‫بثقة كاملة؛ ألن الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪ ،‬فال‬
‫يجوز التسرع في إصدار الحكم على القضية المعاصرة قبل‬
‫استيعاب موضوعها؛ ولتحقيق ذلك البد من اآلتي‪:‬‬
‫أ‪ .‬جمع كل المعلومات المتعلقة بموضوع القضية المعاصرة؛‬
‫فيعرف حقيقتها وأقسامها ونشأتها والظروف التي أحاطت‬
‫بها وأسباب ظهورها‬

‫ب‪ .‬االتصال بأهل االختصاص في موضوع القضية المعاصرة‬


Slide 8

‫تابع‪ /‬خطوات بحث القضايا المعاصرة‬
‫ج‪ .‬تحليل القضية المركبة إلى عناصرها األساسية التي تتكون‬
‫منها‪ ،‬كما في بيع المرابحة لآلمر بالشراء فإنها تحلل إلى‬
‫بيع ووعد وبيع مرابحة‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪8‬‬

‫‪ .3‬عرض القضية المعاصرة على النصوص الشرعية من‬
‫الكتاب والسنة واإلجماع كما فعل الصحابة والتابعون رضي‬
‫اهلل عنهم أجمعين؛ عمالً بقوله تعالى‪” :‬يا أيها الذين آمنوا‬
‫أطيعوا اهلل وأطيعوا الرسول وأولي األمر منكم فإن تنازعتم‬
‫في شيء فردوه إلى اهلل والرسول إن كنتم تؤمنون باهلل‬
‫واليوم اآلخر“‪.‬‬


Slide 9

‫تابع‪ /‬خطوات بحث القضايا المعاصرة‬
‫‪ .4‬عرض القضية المعاصرة على أقوال الصحابة واجتهاداتهم‬
‫‪ .5‬عرض القضية المعاصرة على أقوال واجتهادات أئمة‬
‫المذاهب الفقهية‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪9‬‬

‫‪ .6‬عرض القضية المعاصرة على كتب الفتاوى الفقهية‬
‫القديمة والمعاصرة؛ الحتمال وجود نوازل شبيهة بها أفتى‬
‫العلماء في حكمها كفتاوى ابن رشد والفتاوى الهندية‬
‫‪ .7‬عرض القضية المعاصرة على ق اررات المجامع الفقهية‬
‫والمؤتمرات والندوات واأليام الدراسية الفقهية المتخصصة‬


Slide 10

‫تابع‪ /‬خطوات بحث القضايا المعاصرة‬
‫‪ .8‬البحث في الرسائل العلمية كرسائل الماجستير والدكتوراه‬
‫وأبحاث الترقيات‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪10‬‬

‫‪ .9‬إن لم يجد الفقيه حكم القضية المعاصرة فيما سبق من‬
‫خطوات أعاد النظر فيها من حيث موضوعها وما يترتب‬
‫عليها من مصالح ومفاسد مستخدماً في ذلك قواعد‬
‫الترجيح األصولية والفقهية ومقاصد الشريعة‬


Slide 11

‫حكم االجتهاد في المسائل االفتراضية المعاصرة‬
‫االجتهاد المحرم وصوره‪:‬‬
‫‪ .1‬االجتهاد في مقابل النص القاطع‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪11‬‬

‫‪ .2‬االجتهاد في مقابل اإلجماع الثابت بالتواتر‬
‫‪ .3‬االجتهاد من غير أهله سواء من المقلدين أو من لم يبلغوا‬
‫درجة االجتهاد‬
‫‪ .4‬االجتهاد الذي هو نتيجة التشهي وطلب الشهرة والتعالي‬


Slide 12

‫تابع‪ /‬حكم االجتهاد في المسائل االفتراضية المعاصرة‬
‫ما ينبغي مراعاته عند إصدار الحكم في المسائل االجتهادية‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪ .1‬عدم مصادمة النصوص الشرعية‬
‫‪ .2‬اعتبار مقاصد الشريعة اإلسالمية‬
‫‪ .3‬اعتبار أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح عند التعارض‬

‫‪ .4‬اعتبار موافقة القواعد الشرعية الكبرى‬
‫‪12‬‬


Slide 13

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪13‬‬


Slide 14

‫املطلب األول‬
‫مكانة حقوق االبتكار من نظرية الحق‬
‫‪ .1‬تعريف الحق لغة ‪:‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪14‬‬

‫الحق لغة ضد الباطل‪ ،‬وهو مصدر حقَّ الشيء يحق إذا وجب وثبت‪،‬‬
‫ون {‪،‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪} :‬لَقَدَّ َحقَّ القَولَّ َعلَى أَكَّثَ ِر ِهمَّ فَهمَّ ال يؤ ِمن ََّ‬
‫والحق من أسماء هللا تعالى أو من صفاته‪ ،‬ويطلق الحق على العدل‬
‫واإلسالم والمال والملك واألمر الموجود الثابت‪ ،‬والحزم‪ ،‬والنصيب‬
‫الواجب للفرد أو الجماعة‪.‬‬
‫يتضح من خالل التعريفات اللغوية لكلمة الحق أنها تدور حول معنى‬
‫الوجوب والثبوت‪.‬‬


Slide 15

‫‪ .2‬تعريف الحق عند الفقهاء‪:‬‬
‫إن المتتبع لكلمة الحق عند الفقهاء ال يكاد يقف على تعريف جامع مانع بمعناه العام‬
‫في الشرع‪ ،‬اعتماداَّ منهم على المعنى اللغوي لكلمة الحق‪ ،‬غير أن ابن نجيم ذكر‬
‫تعريفاَّ يكتنفه الغموض فقال‪" :‬الحق ما يستحقه الرجل "‪.‬‬
‫فلفظ (ما) عام‪ ،‬يشمل األعيان والمنافع والحقوق‪ ،‬كما أن االستحقاق متوقف في‬
‫معرفته على معرفة الحق‪ ،‬وهذا يتوقف على معرفة االستحقاق‪ ،‬فيلزم الدور‪ ،‬وهو‬
‫عيب في التعريف‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪15‬‬

‫* وفي المنار‪" :‬الحق هـو الشيء الموجود مـن كل وجـه‪ ،‬وال ريـب في وجوده“‬
‫وهذا التعريف للحق بالمعنى اللغوي كما سبق‪.‬‬
‫* ونقل الدريني عن شرح الكرماني للنجاري بأن "الحق حقيقة هو هللا تعالى بجميع‬
‫صفاته‪ ،‬ألنه الموجود حقيقة‪ ،‬بمعنى لم يسبق بعدم‪ ،‬ولم يلحقه عدم‪ ،‬وإطالق الحق‬
‫على غيره مجاز‪.‬‬
‫* ونقل ابن نجيم تعريفاَّ للحاوي المقدسي للحق بأنه"اختصاص حاجز" واالختصاص‬
‫جوهر كل حق‪ ،‬وهو عبارة عن رابطة بين شخص وشيء‪ ،‬أو بين شخص وشخص‬
‫تمنح صاحبها استئثاراَّ على موضوعها ‪.‬‬


Slide 16

‫‪ .3‬استعماالت الفقهاء للحق‪:‬‬
‫استعمل الفقهاء كلمة الحق في معان عديدة ومواضع مختلفة‪ ،‬وكلها مأخوذ من املعنى‬
‫اللغوي لكلمة الحق‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫أ‪ .‬أطلق الفقهاء كلمة الحق بالمعنى العام الذي يشمل كل ما يثبت للشخص من‬
‫ميزات‪ ،‬سواء أكان الثابت شيئاَّ مالياَّ أو غير مالي‪ ،‬فيقولون‪ :‬حق هللا وحق العبد‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫ب‪ .‬كما استعملوه في مقابل األعيان والمنافع المملوكة‪ ،‬بمعنى المصالح االعتبارية‬
‫الشرعية التي ال وجود لها إال باعتبار الشرع‪ ،‬كحق الشفعة وحق الطالق‪ ،‬وحق‬
‫الحضانة والوالية ‪.‬‬
‫ج‪ .‬وأحياناَّ يستعملون المعنى اللغوي فقط‪ ،‬كما في قولهم‪ :‬حقوق الدار أي‪ :‬مرافقها‬
‫الشرب‪ ،‬وحق المسيل ونحو ذلك‪ ،‬ألن هذه األشياء ثابتة للدار‬
‫كحق التعلي وحق ِ‬
‫والزمة لها‪.‬‬
‫وكل ما ورد من استعماالت الفقهاء لكلمة الحق يتبين منه أنها تدور حول‬
‫المعنى اللغوي من الوجود والثبوت‪.‬‬

‫‪16‬‬


Slide 17

‫‪ .4‬تعريف الحق عند فقهاء املسلمين املعاصرين‪:‬‬
‫ذكر بعض فقهاء املسلمين املعاصرين تعريفات للحق منها‪:‬‬

‫أوالَّ‪ :‬الحق ‪" :‬مصلحـة ثابتة للفرد أو للمجتمع أو لهما معا‪ ،‬يقررها‬
‫الشارع الحكيم"‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪17‬‬

‫أول ما يؤخذ على هذا التعريف أنه عرف الحق بغايته‪ ،‬فالحق بذاته ليس‬
‫مصلحة‪ ،‬بل هو وسيلة إلى مصلحة‪ ،‬وتعريف الحق بالمصلحة خطأ شائع لدى‬
‫كثير من العلماء‪ ،‬وكأنهم نظروا إلى ما يبتغى بالحق من مصلحة‪ ،‬فعرفوه بها‪.‬‬

‫ثانياَّ ‪ :‬وعرف بعضهم الحق بأنه" اختصاص يقرر به الشرع‬
‫سلطة أو تكليفاَّ "‪.‬‬
‫وهذا التعريف يشمل أنواع الحقوق الدينية‪ ،‬كحق هللا تعالى على عباده من صالة‬
‫وصيام ونحوهما‪ ،‬والحقوق المدنية كحق التملك‪ ،‬والحقوق األدبية كحق الطاعة‬
‫للوالد على ولده‪ ،‬وللزوج على زوجته‪ ،‬والحقوق العامة‪ ،‬كحق الدولة في والء‬
‫الرعية لها‪ ،‬والحقوق المالية كحق النفقة‪ ،‬وغير المالية كحق الوالية على‬
‫النفس‪.‬‬


Slide 18

‫ثالثاَّ ‪ :‬وعرف بعضهم بأنه " اختصاص يقر به الشرع سلطة‬
‫على شيء‪ ،‬أو اقتضاء أداء من آخر تحقيقاَّ لمصلحة معينة‬
‫"‪.‬‬
‫• شرح التعريف‪:‬‬
‫• قوله (اختصاصَّيقرَّبهَّالشرعَّسلطة)‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪18‬‬

‫• (اختصاص)‪ :‬االنفراد واالستئثار وهو جنس في التعريف يشمل‬
‫جميع الحقوق؛ سواء كان لشخص حقيقي كاإلنسان‪ ،‬أو معنوي‬
‫كالدولة والوقف وغيرها من شخصيات اعتبارية‪ ،‬ويختص مستحِقه‬
‫باالنتفاع به وال يملك أحد مزاحمته‪ ،‬وهو قيـد تخـرج اإلبـاحات‬
‫والحقـوق العامـة إذ ال اختصاص فيها‪.‬‬
‫• (يقررَّبهَّالشرع)‪ :‬قيد يخرج االختصاص الواقعي دون الشرعي‬
‫كالغاصب والسـارق؛ فـهنا ال شرعية في اختصاصه‪.‬‬


Slide 19

‫• (سلطة)‪ :‬والسلطة قرين ال ينفك عن االختصاص إذ ال معنـى يتـحقق‬
‫لالختصـاص إال بتلك السلطة على ما اختص به‪ ،‬وتشمل سلطة شخص‬
‫على شخص كحق الوالية على النفس‪ ،‬وسلطته على شيء معين كحق‬
‫الملكية وغير ذلك‪.‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫• (أوَّاقتضاءَّأداء)‪ :‬يقصد به ما يلزم فعله على جهة اإليجاب كقيام‬
‫األجير بعمله‪ ،‬أو ما يلزم فعله على جهة السلب كاالمتناع عن االنتفاع‬
‫بالمرهون‪.‬‬
‫• (تحقيقاَّلمصلحةَّمعينة)‪ :‬قيد؛ إذ غاية الشرع هي تحقيق المصلحة‪،‬‬
‫ومتى كان الحق وسيلة تتنافى مع غاية الحق كاإلضرار باآلخرين‬
‫بتحليل الربا‪ ،‬وإسقاط الزكاة‪ ،‬واالحتكار وغير ذلك انتزعت المشروعية‬
‫عن هذا االختصاص إذ فيه إضرار بالغير‪.‬‬

‫‪19‬‬


Slide 20

‫•‬
‫•‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫•‬
‫•‬

‫مما سبق نالحظ أن العلماء القدامى اعتمدوا في تعريفاتهم للحق‬
‫على المعنى اللغوي للحق من حيث الوجوب واإلثبات والمطابقة‬
‫للواقع‪.‬‬
‫وأما العلماء المعاصرون تنوعت تعريفاتهم بين تعريف الحق بالغاية‬
‫أو الحقيقة‪.‬‬
‫التعريف المختار‪:‬‬
‫إنني أميل إلى اختيار تعريف الدريني وهو " اختصاص يقر به‬
‫الشرع سلطة على شيء‪ ،‬أو اقتضاء أداء من آخر تحقيقا ً لمصلحة‬
‫معينة"‬

‫• وذلك لألسباب التالية‪:‬‬
‫‪20‬‬


Slide 21

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪21‬‬

‫أوالَّ‪ :‬ألن هذا التعريف ميز فيه بين الحق وغايته‪ ،‬فالحق ليس هو‬
‫المصلحة‪ ،‬بل هو وسيلة إليها‪ ،‬وهذا التعريف جامع يشمل حقوق‬
‫هللا‪ ،‬وحقوق األشخاص الطبيعية واالعتبارية‪ ،‬بنوعيها‪ :‬العينية‬
‫والشخصية وشمل التعريف حقوق األسرة‪ ،‬وحقوق المجتمع‪،‬‬
‫وغيرها من الحقوق ‪.‬‬
‫ثانياَّ‪ :‬ألنه تعريف للحق في مفهومه الشرعي‪ ،‬وهو في أصله مقيد‬
‫بغايته المحددة له شرعا‪ ،‬ضمن اإلطار التشريعي العام‪ ،‬كما أنه‬
‫استبعد المصلحة من تعريف الحق‪ ،‬كما استبعد اإلرادة‪ ،‬وبيَّن جوهر‬
‫الحق‪ ،‬وأنه عالقة شرعية اختصاصية‪.‬‬
‫ثالثاَّ‪ :‬أنه لم يجعل الحماية الشرعية للحق عنصراَّ فيه‪ ،‬بل الحماية من‬
‫مستلزمات وجود الحق‪.‬‬
‫ولهذا يكون تعريف الزرقاء والدريني من أفضل التعريفات للحق‬
‫بالمعنى العام ‪.‬‬


Slide 22

‫‪ .5‬أقسام الحقوق في القانون‪:‬‬
‫تنقسم الحقوق الوضعية بالنظر إلى موضوعها‬

‫حقوق دولية‬

‫حقوق داخلية‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫عامة(حقوق اإلنسان‬

‫سياسية‬

‫مدنية(خاصة)‬

‫مالية‬

‫‪22‬‬

‫شخصية‬

‫عائلية‬

‫عينية‬

‫معنوية‬


Slide 23

‫‪ .5‬أقسام الحقوق في القانون‪:‬‬
‫تنقسم الحقوق في القوانين الوضعية بالنظر إلى موضوعها إلى ‪:‬‬
‫حقوق دولية وإلى حقوق غير دولية – داخلية – وهذه األخيرة تنقسم بدورها‬
‫تقسيماَّ رئيساَّ إلى حقوق سياسية‪ ،‬وإلى حقوق عامة‪ ،‬وإلى حقوق مدنية‪:‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫أوالَّ ‪ :‬الحقوق الدولية‪ :‬وهي السلطات التي يقررها القانون الدولي العام ألشخاصه‬
‫لتمكينهم من نشاطهم في المجتمع الدولي‪ ،‬كحق السيادة اإلقليمية المقرر للدولة‬
‫على إقليمها أو حق السيادة الشخصية المقرر للدولة على رعاياها المقيمين فيها أو‬
‫في الخارج‪ ،‬أو حق الحرب أو حق االلتجاء إلى الهيئات الدولية كمجلس األمن أو‬
‫محكمة العدل‪.‬‬
‫ثانياَّ ‪ :‬الحقوق السياسية أو الدستورية‪ :‬وهي السلطات المقررة لألشخاص باعتبارهم‬
‫أعضاء في هيئة سياسية والتي تمكنهم من االشتراك في نظام الحكم‪ ،‬كحق‬
‫االنتخاب‪ ،‬وحق الترشيح‪ ،‬وحق تولي الوظائف العامة‪.‬‬

‫‪23‬‬


Slide 24

‫تابع‪ /‬أقسام الحقوق في القانون‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪24‬‬

‫ثالثاَّ ‪ :‬الحقوق العامة‪ :‬وهي السلطات المقررة لألشخاص للمحافظة على الذات‬
‫اآلدمية‪ ،‬كحق الشخص في سالمة جسده وفي استقالل تفكيره‪ ،‬وفي حرية انتقاله‪ ،‬وفي‬
‫حرمة مسكنه‪.‬‬
‫وقد سميت هذه الحقوق في القرن الثامن عشر بالحقوق الطبيعية أو بحقوق اإلنسان‪.‬‬
‫رابعاَّ ‪ :‬الحقوق المدنية أو الخاصة‪ :‬وهي السلطات المقررة في القانون الخاص‬
‫لألشخاص والتي تمكنهم من إبداء نشاطهم في المحيط العائلي‪.‬‬


Slide 25

‫والحقوق الخاصة ليست حقوقاً مقررة للمواطنين األصليين فحسب‪،‬‬
‫وإنما لجميع المواطنين الخاضعين للسيادة الشخصية للدولة‪ ،‬وهي‬
‫تنقسم إلى حقوق عائلية و حقوق مالية ‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪25‬‬

‫أ‪ .‬الحقوق العائلية أو حقوق األسرة‪ :‬وهي سلطات مقررة لشخص على‬
‫آخر‪ ،‬يرتبط به برابطة الزواج أو القرابة أو المصاهرة وغير ذلك‪.‬‬
‫ب‪ .‬الحقوق المالية‪ :‬وهي التي يمكن تقويمها بالمال‪ ،‬وتنقسم إلى‬
‫الحقوق الشخصية والعينية والمعنوية‪.‬‬


Slide 26

‫‪ .1‬الحقوق الشخصية‪ :‬وهي سلطة مقررة لشخص على آخر‪ ،‬كدائن ومدين‪،‬‬
‫وبمقتضاها يكون لألول أن يطالب الثاني بالقيام بعمل له قيمة مالية‪ ،‬كأن‬
‫يقوم المدين بسداد الدين للدائن‪ ،‬أو أن يقوم المشتري بتسليم الثمن للبائع‬

‫أو أن يقوم البائع بتسليم المبيع للمشتري‪ ،‬ويطلق على هذه الحقوق‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫مصطلح االلتزامات‪.‬‬
‫‪ .2‬الحقوق العينية‪ :‬هي السلطة المباشرة المقررة لشخص على شيء معين‬
‫بالذات‪ ،‬وهي تعطي صاحبها حق االنتفاع بالشيء واستغالله دون وساطة‬
‫أحد‪ ،‬كحق الملكية‪ ،‬أو حق االنتفاع‪ ،‬أو حق الرهن الرسمي‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪ .3‬الحقوق المعنوية‪ :‬وهي محل بحثنا‪ ،‬وسنفصل فيها إن شاء هللا تعالى‪.‬‬


Slide 27

‫املطلب الثاني‬
‫حقيقة الحقوق املعنوية (حقوق االبتكار)‬
‫‪ .1‬معنى الحقوق املعنوية " حقوق االبتكار " ‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪27‬‬

‫الحقوق املعنوية عند القانونيين‪( :‬هي سلطة لشخص على شيء غير مادي‬
‫هو ثمرة فكره أو خياله أو نشاطه) كحق المؤلف في المصنفات العلمية‬
‫واألدبية‪ ،‬وحق الفنان في المبتكرات الفنية‪ ،‬وحق المخترع في المخترعات‬
‫الصناعية‪ ،‬وحق التاجر في االسم التجاري والعالمة التجارية وثقة الزبائن‪.‬‬
‫ومعلوم أن أكثر هذه الحقوق حقوق ذهنية‪ ،‬والحقوق الذهنية هي حق المؤلف‪:‬‬
‫(وهو ما اصطلح على تسميته بالملكية األدبية والفنية) ‪ ،‬والحقوق المتعلقة‬
‫بالرسالة العلمية‪( ،‬وهي ما اصطلح على تسميتها بملكية الرسائل) وحق‬
‫المخترع‪( ،‬وهو ما اصطلح على تسميته بالملكية الصناعية) ‪ ،‬ويجمع ما بين‬
‫هذه الحقوق جميعاَّ أنها حقوق ذهنية‪ ،‬فهي من نتاج الذهن وابتكاره‪.‬‬


Slide 28

‫يقول علي محيي الدين القـره داغي‪ :‬حق امللكيـة الذهنيـة‪ ،‬واألدبيـة‪ ،‬والفنيـة يشمل‪:‬‬
‫‪ 1‬المؤلفات المكتوبة في أي علم من العلوم كالمصنفات األدبية والتاريخية‪ ،‬والجغرافية‪،‬‬
‫والفلسفية والفقهية ‪ ….‬الخ‪.‬‬
‫‪ 2‬المؤلفات التي ُتلقى شفويا ً كالمحاضرات والخطب والمواعظ ونحوها‪.‬‬
‫‪ 3‬المؤلفات المسرحية ونحوها‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪ 4‬المؤلفات السينمائية بكل أجزائها من حوار وسيناريو وتصوير‪.‬‬

‫‪ 5‬االختراعات واالبتكارات‪.‬‬
‫‪ 6‬الرسوم والفنون الخاصة بها‪.‬‬
‫‪ 7‬االبتكارات فـي عالـم الكمبيوتـر واالتصاالت‪ ،‬ومختلـف العلوم والفنـون‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫هذا ولم تكن القوانين القديمة تحمي هذا النوع من الحقوق‪ ،‬ولم تكن بحاجة ماسة إلى هذه‬
‫الحماية إال بعد اختراع المطبعة‪.‬‬


Slide 29

‫‪ .2‬األلفاظ التي تطلق على الحقوق املعنوية ‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪29‬‬

‫أ‪ .‬الملكية األدبية والفنية والصناعية باعتبار أن الحق المعنوي الشخصي حق‬
‫ملكية أو نوع خاص من الملكية على إنتاجه الذهني‪.‬‬
‫ب‪ .‬الحقوق الذهنية‪ ،‬باعتبار أن جميع صور الحقوق المعنوية من النتاج الذهني‪.‬‬
‫ج‪ .‬الحقوق التي ترد على أموال غير مادية‪ ،‬باعتبارها أنها تعنى ببيان‬
‫الخصائص األساسية لهذه الحقوق في المجال المالي إلظهار الفارق بينها وبين‬
‫الحقوق العينية والحقوق الشخصية‪.‬‬
‫د‪ .‬الحقوق المتعلقة بالعمالء‪ ،‬وذلك نظراَّ إلى موضوع هذه الحقوق‪ ،‬وهي األشياء‬
‫التي تكون من إبداع الذهن أو القيمة التجارية‪ ،‬وأن هذين األمرين تتجدد قيمتهما‬
‫جميعاَّ بحسب ما يجتذب إليها من العمالء‪.‬‬
‫هـ‪ .‬حقوق االبتكار‪ ،‬وهذا االسم يشمل الحقوق األدبية‪ ،‬كحق المؤلف والصحفي‪،‬‬
‫والفنان‪ ،‬كما يشمل الحقوق الصناعية والتجارية (الملكية الصناعية) ومبتدع‬
‫العالمة المميزة‪ ،‬ومبتكر العنوان التجاري‪.‬‬


Slide 30

‫لذا رجح الزرقاء تسمية هذا النوع بـ "حقوق االبتكار"‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫ولعل هذا المصطلح فيه من االتساع ما يشمل سائر الصور والجزئيات‬
‫المطروحة في هذا البحث من حيث حق التأليف‪ ،‬وإبداع الصنعة ومدلول‬
‫الماركة‪ ،‬وعموم ما يسمى باالسم التجاري‪ ،‬وذلك ألن مصدر الحق في هذه‬
‫الصور الجزئية وأمثالها‪ ،‬هو الجهد اإلبداعي الذي استقل به شخص دون‬
‫غيره‪ ،‬سواءَّ تعلق هذا الحق بمعانَّ ومدركات ذهنية مجردة‪ ،‬أو تعلق بمصنوع‬
‫مادي أورث اهتماماَّ وفائدة لآلخرين‪.‬‬
‫وقد أطلق الدريني أيضاَّ على الحقوق المعنوية " حق االبتكار " وعرفه بأنه‪:‬‬

‫" الصور الفكرية التي تفتقت عنها امللكة الراسخة في نفس العالم أو األديب ونحوه‪ ،‬مما‬
‫يكون قد أبدعه هو‪ ،‬ولم يسبق إليه أحد "‪.‬‬
‫‪30‬‬


Slide 31

‫‪ .3‬تحليل التعريف واستخالص عناصره‪:‬‬
‫أ‪ .‬الصور الفكرية‪ :‬هي اإلنتاج المبتكر وليس العين التي استقر فيها من كتاب‬
‫ونحوه‪ ،‬ألن هذه العين مجلِّي لتلك األفكار‪ ،‬ووسيلة الستيفاء منفعة هذا اإلنتاج‪،‬‬
‫وتقديره من حيث النوعية واألثر‪ ،‬فالصور الذهنية ال تدرك بإحدى الحواس؛ بل‬
‫بالعقل‪ ،‬ألنها صور معنوية مجردة‪ ،‬ومنافع عرضية‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪31‬‬

‫ب‪ .‬اإلبداع‪ :‬ويتسم بأال يكون تكراراَّ وال محاكاة وال انتحاالَّ لصور أخرى سابقة‪.‬‬
‫وينبغي أن يالحظ هنا أن اإلنتاج المبتكر ال يشترط فيه أن يكون متسماَّ كله‬
‫باالبتكار واإلبداع إذ ال بد في كل مبتكر ذهني من أن يكون مؤصالَّ على ثقافة‬
‫ساهـم في تكوينها ابتكارات سابقة‪ ،‬وتراث علمي‪ ،‬فيختلف االبتكار إذن نوعية‬
‫وأثراَّ بمدى القدر المحدث فيه‪ ،‬وجودته‪ ،‬ومبلغ الجهد المبذول ومستواه‪،‬‬
‫فاالبتكار نسبي ال مطلق‪.‬‬


Slide 32

‫تابع‪ /‬تحليل التعريف واستخالص عناصره‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪32‬‬

‫هذا‪ ،‬والترجمة فيها جهد مبذول‪ ،‬لكن ال في أصل الصور الفكرية‪ ،‬ألنها للمؤلف‬
‫في اللغة المنقول عنها‪ ،‬بل يتبدى االبتكار النسبي فيها‪ ،‬في دقة الفهم للمعاني‬
‫المترجمة‪ ،‬وفي األسلوب‪ ،‬والصنعة التي أبدعها المترجم في اللغة المنقولة‬
‫إليها‪ ،‬وأفرغ فيها تلك المعاني‪ ،‬بحيث تكون انعكاساَّ وأثراَّ لملكته الذهنية التي‬
‫قوامها قدرة بارعة على تفهم خصائص اللغة األجنبية وأساليبها وفنونها في‬
‫البيان واللغة المنقول إليها كذلك‪.‬‬
‫ج‪ .‬الصور الفكرية الذهنية المبتكرة أثر للملكة الراسخة – والتي كانت نتاجاَّ‬
‫للعالم في الميدان التجريبي‪ ،‬أو النظري أو األدبي – وليست عينها‪ ،‬بل فرع‬
‫عنها‪ ،‬وناتجة منها‪.‬‬
‫د‪ .‬العالم واألديب ونحوه‪ :‬تعميم يشمل سائر العلوم بأنواعها المختلفة‪ ،‬واآلداب‬
‫والعلوم اإلنسانية‪.‬‬
‫وبعد كل هذا سنقتصر في الحديث عن " حقوق االبتكار" على حق التأليف‬
‫وحق براءة االختراع‪ ،‬وحق االسم التجاري ‪.‬‬


Slide 33

‫املطلب الثالث‬
‫أنواع حقوق االبتكاروحكمها في الفقه اإلسالمي‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪33‬‬

‫ا‬
‫أوال‪ :‬حق التأليف‬
‫ا‬
‫ثانيا‪ :‬حق براءة االختراع‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ :‬حق االسم التجاري‬


Slide 34

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪34‬‬

‫ا‬
‫أوال‪ :‬حـق التألـيـف‬


Slide 35

‫‪ .1‬معنى حق التأليف‪:‬‬
‫ف ويدل على انضمام الشيء إلى الشيء‪ ،‬وهو ضمَّ األشياء‬
‫التأليف لغة‪ :‬من أل ََّ‬
‫الكثيرة بحيث يطلق عليها اسم الواحد‪.‬‬
‫التأليف اصطالحاَّ‪ :‬فالتأليف ‪( :‬هو الكالم المدون الذي ينطوي على عمل إبداعي‬
‫أياَّ كانت درجته من حيث األهمية)‪.‬‬
‫أما التأليف الذي يطلق في بعض األحيان على النقل والتجميع المجرد ليس إبداعاَّ‬
‫وال يعد ابتكاراَّ‪.‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪ .2‬حق التأليف في نظر الشريعة اإلسالمية‪:‬‬

‫اختلف العلماء المعاصرون في مسألة حق التأليف في اعتباره حقاَّ يتطلب حماية‪،‬‬
‫وبالتالي حل المقابل المالي لهذا الحق على قولين‪:‬‬

‫القول األول‪ :‬ذهب جمهور العلماء المعاصرين ومنهم مصطفى الزرقاء‪،‬‬
‫وفتحي الدريني‪ ،‬ووهبة الزحيلي‪ ،‬ومحمد سعيد البوطي وغيرهم إلى‬
‫اعتباره حقاً يحل المقابل المالي له‪.‬‬
‫‪35‬‬


Slide 36

‫واستدلوا بعدة أدلة ‪:‬‬
‫‪ .1‬إن اإلسالم حرم انتحال الرجل قوالَّ لغيره‪ ،‬أو إسناده إلى غير من‬
‫صدر عنه‪ ،‬بل كان اإلسالم قاضياَّ وال يزال بنسبة الكلمة والفكرة إلى‬
‫صاحبها‪ ...‬لينال هو دون غيره أجر ما قد تنطوي عليه من خير‪ ،‬أو‬
‫يتحمل وزر ما قد تجره من شر‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪36‬‬

‫فالمؤلف مسؤول عما يكتبه ويتلفظ به بدليل قوله تعالى‪َ (:‬ما يَل َّفِظَّ ِمنَّ قَولَّ إِال لَ َديَّ ِهَّ‬
‫َرقِيبَّ َعتِيدَّ) فيكون للمؤلف الحق فيمـا أبدعـه مـن خير عمالَّ بقاعدة " الغرم‬
‫بالغنم " بل ذهب اإلمام أحمد في تحديد هذا االختصاص وتفسيره مذهباَّ جعله‬
‫يمنع اإلقدام على االستفادة بالنقل أو الكتابة عن مقال أو مؤلف عرف صاحبه‪ ،‬إال‬
‫بعد االستئذان منه ‪ .‬فقد روى الغزالي أن اإلمام أحمد بن حنبل سئل عمن سقطت منه ورقة‬

‫كتب فيها أحاديث أو نحوها‪ ،‬أيجوز لمن وجدها أن يكتب منها ثم يردها؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬بل يستأذن‪ ،‬ثم‬
‫يكتب‪ .‬والنقل دون استئذان إما أن يكون أخالقياَّ أو اقتصادياَّ ‪.‬‬
‫يقول البوطي ‪ ":‬وسواءَّ أكان مصدر هذا الحكم أخالقياَّ مجرداَّ يتعلق بآداب التعامل والسلوك‪ ،‬أو‬
‫اقتصادياَّ يتمثل في منفعة مالية متقومة‪ ،‬فإنه في كل األحوال ينطوي على اختصاص ما‪ ،‬يعطي‬
‫صاحبه حق التسلط على ما اختص به‪ ،‬وذلك هو معنى الحق‪ .‬إذن‪ ،‬فالتأليف يورث صاحبه‬

‫حقاَّ يتعلق بمحله الذي هو ثمرة جهده الفكري أو العلمي"‪.‬‬


Slide 37

‫‪ .2‬إن المنافع تعد من األموال المتقومة في رأي جمهور الفقهاء غير الحنفية‪ ،‬ألن‬

‫األشياء أو األعيان تقصد لمنافعها ال لذواتها‪ ،‬والغرض األظهر من جميع األموال‬
‫هو منفعتها‪ ،‬بل إن متأخري الحنفية يعترفون بمالية المنافع في ثالثة أشياء‪ :‬المال‬
‫الموقوف‪ ،‬ومال اليتيم‪ ،‬والمال الم َعدَّ لالستغالل والمؤلف حينما يكتب كتابه‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫ويطبعه يقصد به أمرين‪ :‬نشر العلم‪ ،‬واستثمار مؤلفه‪ ،‬ويكون لكل طبعة من‬
‫طبعات الكتاب حق خاص للمؤلف وورثته‪.‬‬
‫وال شك أن اإلنتاج الذهني أثر لمجهود عقلي شاق ومضن‪ ،‬يبذله اإلنسان الحي‬
‫العاقل المفكر العالم‪ ،‬لتدبير الحياة اإلنسانية الفاضلة وتقويمها‪ ،‬باعتباره مستخلفاَّ‬
‫عن هللا في األرض‪ ،‬وهذا اإلنتاج الذهني يمثل منفعة‪ ،‬فيعد ماالَّ تجوز المعاوضة‬

‫‪37‬‬

‫عنه شرعاَّ ‪.‬‬


Slide 38

‫‪ .3‬فيَّالشريعةَّاإلسالميةَّمتسعَّلهذاَّالتدبيرَّتخريجاَّعلى قاعدةَّ‬
‫المصالحَّالمرسلةَّوذلكَّمنَّناحيتينَّ‪:‬‬
‫أ‪ .‬من ناحية كونه ملكاَّ منصباَّ على مال‪ ،‬إذ المصلحة فيه خاصة عائدة‬
‫إلى المؤلف أوالَّ وعلى غيره ثانيا‪ ،‬وهذا ظاهر في كونه حقاَّ مالياَّ‪ .‬هذا‬
‫فضالَّ عما للمؤلف من مصلحة أدبية تتصل بشخصيته العلمية‪ .‬ويظل‬
‫هذا الحق خالصاَّ دائماَّ له ثم لورثته لقول النبي صلى هللا عليه وسلم "‪ ...‬ومن‬
‫ترك ماالَّ فلورثته "‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪38‬‬

‫ب‪ .‬وأن فيه مصلحة عامة مؤكدة راجعة إلى المجتمع اإلنساني كله‪،‬‬
‫وهو االنتفاع بما فيه من قيم فكرية ذات أثر بالغ في شتى شؤون‬
‫الحياة‪ ،‬وهو بهذه المثابة حق من حقوق هللا لشمول نفعه وعظيم خطره‪.‬‬
‫وعلى هذا فالمصلحة المرسلة بنوعيها‪ ،‬مرعية في الدين‪ ،‬تبنى عليها‬
‫األحكام‪ ،‬ألنها من مباني العدل والحق‪ .‬فكل عمل فيه مصلحة غالبة أو‬
‫دفع ضرر أو مفسدة يكون مطلوباَّ شرعاَّ‪.‬‬


Slide 39

‫‪ .4‬العرف هو منشأ هذا الحق أيضا‪ ،‬ألن إقرار الشارع للحق‪ ،‬إنما يكون بحكم‪،‬‬
‫والحكم مستمد من مصادر الشريعة اإلسالمية التي منها العرف‪ .‬وهو ما ي ََّرى من‬

‫جريان التعامل فيه على الصعيد العالمي‪ ،‬فضالَّ عن العرف اإلسالمي‪ ،‬والعرف‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫هو أساس مالية األشياء‪ ،‬بحيث أضحى محالَّ للمعاوضة‪ ،‬كما قال السيوطي‪:‬‬
‫" ال يقع اسم المال إال على ما له قيمة‪ ،‬يباع بها وتلزم متلفه‪ ،‬وإن‬
‫قلت‪ ،‬وما ال يطرحه الناس"‪.‬‬
‫إذن فالعرف أقر التعويض عن حق التأليف؛ والثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي‪.‬‬

‫‪39‬‬


Slide 40

‫‪ .5‬من سبق غيره في تصنيف أو تأليف كتاب فله الحق في طباعته ونشره‬
‫وإخراجه إلى السوق من أجل اكتساب األرباح‪ ،‬ألنه أحق من غيره بإنتاجه‬
‫النتفاعه بنفسه‪ ،‬ودليل ذلك ما أخرج أبو داود عن أسمر بن مضرس رضي هللا‬

‫عنه قال‪ " :‬أتيت النبي صلى هللا عليه وسلم فبايعته فقال‪ :‬من سبق إلى ما لم‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫يسبقه إليه مسلم فهو له " وإن كان العالمة المناوي رجح أن هذا الحديث‬
‫وارد في سياق إحياء الموات‪ ،‬ولكنه نقل عن بعض العلماء أنه يشمل كل عين‬

‫وبئر ومعدن‪ ،‬ومن سبق لشيء منها فهي له‪.‬‬
‫وال شك أن العبرة لعموم اللفظ ال لخصوص السبب‪ ،‬لما ثبت أن حق التأليف‬
‫تقره الشريعة اإلسالمية بفضل أسبقية تأليف هذا الشيء‪ ،‬فينطبق عليه ما ذكرنا‬

‫‪40‬‬

‫في حق األسبقية من أحكام‪.‬‬


Slide 41

‫القولَّالثاني‪ :‬ذهبَّبعضَّالعلماءَّالمعاصرينَّوَّمنهمَّأحمدَّالحجيَّالكردي إلىَّ‬
‫عدمَّحلَّأخذَّالمقابلَّالماليَّلحقَّالتأليف‪َّ،‬وَّاستدلواَّبعدةَّأدلة‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪41‬‬

‫‪ .1‬إن االعتراف بحق الطباعة لفرد واحد يسبب كتماناَّ للعلم‪،‬‬
‫وحبساَّ للمصنف العلمي عن التداول واالستفادة بما ألفه قراءةَّ‬
‫وتبليغا‪ ،‬وأيضاَّ يؤدي إلى تضييق دائرة انتشار الكتاب‪ ،‬ولو‬
‫كان لكل أحد حق في طبع الكتاب ونشره‪ ،‬لكان انتشاره أوسع‪،‬‬
‫وإفادته أعم وأشمل‪.‬‬
‫واإلسالم يدعو إلى كل ما فيه نفع لألمة‪ ،‬بل إن ما ال تستغني‬
‫عنه األمة يعتبر من فروض الكفاية التي تأثم األمة جميعها‬
‫بتركها‪ ،‬كما أن العلم‪ ،‬وخاصة العلم الشرعي‪ ،‬ال يحل كتمه‬
‫ت ََّواله َدى‬
‫ون َما أَن ََّزلنَا ِمنَّ البَيِّنَا َِّ‬
‫ين يَكتم ََّ‬
‫لقوله تعالى‪} :‬إِنَّ ال ِذ ََّ‬
‫ك يَل َعنهمَّ هللاَّ َويَل َعنهمَّ‬
‫ب أولَئِ ََّ‬
‫س فِي ال َِّكتَا َِّ‬
‫ِمنَّ بَع َِّد َما بَيناهَّ لِلنا َِّ‬
‫ون {‪ ،‬وقوله الرسول صلي هللا عليه وسلم‪" :‬من سَّئِل‬
‫الال ِعن ََّ‬
‫عن علم فكتمه ألجمه هللا يوم القيامة بلجامَّ من نار "‪.‬‬


Slide 42

‫‪ .2‬إن العلم يعد من القربات والطاعات‪ ،‬وليس من قبيل التجارة أو الصناعة التي‬
‫يقصد من ورائها الربح والكسب المالي‪ ،‬فالتأليف عبارة عن شعور بالواجب‬
‫ورغبة في الثواب واألجر‪ ،‬بل كان المؤلف يحرص على نشره بكافة الطرق‪،‬‬
‫ألن في ذلك مزيداَّ من األجر والثواب دون مقابل مالي‪ ،‬وعلى األمة بعد ذلك أن‬
‫تكفي أمور معيشة المؤلف‪ ،‬كما كان الحال في السلف الصالح‪.‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪ .3‬من باع كتاباَّ إلى آخر‪ ،‬فقد ملك المشتري ذلك الكتاب بجميع أجزائه‪ ،‬ويجوز‬
‫للمشتري أن يتصرف فيه كيف شاء‪ ،‬فيجوز له أن يقوم بطباعته‪ ،‬وليس للبائع‬
‫أن يحجر عليه‪.‬‬
‫‪ .4‬قياس حق التأليف على حق الشفعة‪ ،‬من حيث كونه من الحقوق المجردة‬
‫الذي ال يجوز االعتياض عنهما‪ ،‬ومن ثم فال يجوز للمؤلف أخذ مقابل مالي لهذا‬
‫الحق‪.‬‬
‫‪ .5‬إن الذي يطبع الكتاب المؤلف دون إذن من أصحابه‪ ،‬ال يسبب خسارة للمنتج‬
‫أو المؤلف‪ ،‬وغاية ما في األمر أنه يقلل من ربح المنتج أو المؤلف‪ ،‬وقلة الربح‬
‫شيء والخسارة شيء آخر‪.‬‬

‫‪42‬‬


Slide 43

‫القول الراجح‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪43‬‬

‫والذي أراه راجحاَّ ما ذهب إليه القائلون بأن حق التأليف يعتد بـه‬
‫شرعا‪ ،‬وأنـه مصون فال يجوز االعتداء عليـه‪ ،‬ويجوز االعتياض‬
‫عنه‪ ،‬ويحل المقابل المالي لهذا الحق‪ ،‬ألن الشريعة اإلسالمية تعترف‬
‫بحقوق المؤلف وترفض الضرر بالغير‪ ،‬لقول النبي صلى هللا عليه‬
‫وسلم‪" :‬ال ضرر وال ضرار"‪.‬‬
‫(‪ )1‬أما ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من أن االعتراف بحق‬
‫التأليف لشخص واحد يسبب كتماناَّ للعلم‪ ،‬وحبساَّ للمصنف العلمي‬
‫عن التداول‪ ،‬الذي دل الحديث الشريف على تحريمه لزوماَّ من التهديد‬
‫والوعيد عليه‪ ،‬فال ينقض ما تأصل في التشريع اإلسالمي من حق‬
‫الملك في كل ثمرات الجهد اإلنساني لصاحبه‪ ،‬والمال جهد مجسد وهللا‬
‫اط َِّل {ويقول‪َ } :‬وال تَب َخسوا‬
‫تعالى يقول‪َ } :‬وال تَأكلوا أَم َوالَكمَّ بَينَكمَّ َّبِالبَ ِ‬
‫اس أَشيَا َءهمَّ { والشيء أعم من أن يكون مادةَّ أو معنىَّ‪.‬‬
‫الن ََّ‬


Slide 44

‫هذا وكتمان العلم كاحتكار المنافع والخبرات والسلع‪ ،‬حيث‬
‫يخفيها أربابها تغالياَّ في أثمانها‪ ،‬والناس بحاجة ماسة‬
‫إليها‪ ،‬ولم يقل أحد‪ :‬إن حرمة االحتكار تستلزم شرعاَّ بذل‬
‫المادة المحتكرة مجاناَّ ودون عوض‪ ،‬وبالسلع قوام األبدان‪،‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫وبالفكر قوام األرواح والعقول‪ ،‬بل قوام المدنية والحضارة‬
‫وعمارة الكون‪ .‬بل على العكس من ذلك‪ ،‬فقد أوجب الفقهاء‬

‫إجماعاَّ أن يكون البيع بأثمان معقولة تحفظ الحق للفريقين‬
‫دون وكس وال شطط‪.‬‬
‫‪44‬‬


Slide 45

‫(‪ )2‬أما ما قيل من أن المؤلف الذي ينشر العلم يعد عمله قربة وطاعة وليس‬
‫من قبيل الربح والكسب والتجارة‪ ،‬والقربة ال يجوز أخذ أجرة على أدائها‪ ،‬فغير‬
‫مسلم‪ ،‬ألن المتأخرين من فقهاء المذهب الحنفي أفتوا بجواز أخذ األجرة على‬

‫فعل بعض الطاعات كاإلمامة واألذان وتعليم القرآن‪ ،‬مع أن األصل المقرر في‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫المذهب أنه ال يجوز االستئجار على فعل الطاعة‪ ،‬لكنهم خالفوا المقرر في أصل‬
‫المذهب استناداَّ إلى القاعدة الشرعية (ال ينكر اختالف األحكام بتغير األزمان)‪،‬‬

‫ألن همم الناس في العصر الحاضر انحطت عن همم المسلمين في صدر‬
‫طَ القائمون على هذه الوظائف أجراَّ لما قام أكثرهم بها‪ ،‬مما‬
‫اإلسالم‪ ،‬ولو لم يع َّ‬
‫‪45‬‬

‫يؤدي إلى ضياع القرآن وتعطيل شعائر الدين‪.‬‬


Slide 46

‫(‪ )3‬وأما قولهم بأن من باع كتاباَّ إلى آخر‪ ،‬فيجوز للمشتري أن يتصرف فيه‬
‫كيف شاء من طباعة وغير ذلك‪ ،‬فال يجوز؛ ألن التصرف في الشيء شيء‪،‬‬
‫وإنتاج مثله شيء آخر‪ ،‬وإن الذي يملكه المشتري بشراء الكتاب هو األول‪،‬‬

‫فيجوز له أن يتصرف في الكتاب بما شاء من قراءة وانتفاع وبيع وإعارة وهبة‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫وما إلى ذلك من التصرفات األخرى‪ ،‬وأما طباعة مثل هذا الكتاب‪ ،‬فليس من‬
‫منافع المبيع‪ ،‬وال يستلزم ملكه ملكاَّ لحق الطباعة‪ ،‬وهذا مثل الفلوس ال َمسكوكة‬

‫من قبل الحكومة‪ ،‬إذا اشتراها رجل جاز له أن يتصرف فيها ما شاء من بيع‬
‫وهبة وعارية واستبدال وما إلى ذلك من التصرفات الفردية‪ ،‬ولكن ال يجوز له‬
‫بحكم هذا الشراء أن يسك فلوساَّ على منواله‪ ،‬فظهر بهذا أن ملك الشيء ال‬

‫‪46‬‬

‫يستلزم حق المالك في إنتاج مثله‪.‬‬


Slide 47

‫(‪ )4‬وأما قياس حق المؤلف على حق الشفعة‪ ،‬فقياس مع الفارق‪ ،‬ألن حق‬
‫الشفعة من الحقوق التي أثبتها الشرع ألصحابها ألجل دفع الضرر عنهم‪،‬‬
‫وهذا الحق ال يجوز االعتياض عنه بمال‪ ،‬ألنه ثبت لدفع الضرر‪ ،‬وما ثبت‬
‫لدفع الضرر ال يصح الصلح عنه‪ ،‬فعندما يرضى صاحب الحق أن يتنازل عن‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫حقه يظهر أنه ال يتضرر‪ ،‬فال يستحق شيئا‪ ،‬أما حق التأليف لم يثبت للمؤلف‬
‫دفعاَّ للضرر عنه‪ ،‬إنما ثبت له ابتداء‪ ،‬فلم يوجد الكتاب إال بجهد مؤلفه وتعبه‬

‫ومعاناته‪ ،‬فحقه في الكتاب حق أصيل ثابت يجوز له االعتياض عنه بالمال‪،‬‬
‫خاصة بعد أن أصبح االعتياض عن حق المؤلف بالمال أمراَّ شائعاَّ وعرفاَّ‬
‫عاماَّ في جميع البالد‪.‬‬
‫‪47‬‬


Slide 48

‫(‪ )5‬وأما االدعاء بأن طباعة الكتاب دون إذن من مؤلفه ال يسبب خسارة بل يقلل الربح‬
‫فقط‪ ،‬فيمكن الجواب عنه بأن قلة الربح وإن لم تكن خسارة‪ ،‬ولكنها ضرر‪ ،‬وبين الخسارة‬
‫والضرر فرق واضح‪ ،‬وال شك أن الذي تحمل المتاعب والمشاق الجسيمة والفكرية وبذل‬
‫األموال الجمة واألوقات الغالية في إيجاد شيء أو تأليف كتاب‪ ،‬وسهر من أجل ذلك ليالي‪،‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫وتنازل عن الراحة‪ ،‬أحق باالسترباح بما ابتكره من الرجل الذي اشتراه بمال بسيط في لحظة‬
‫واحدة‪ ،‬ثم جعل يسد السوق أمام المبتكر األول‪ .‬يقال في شأن الكتاب يقال أيضاَّ في شأن‬

‫اللوحة الفنية ( خط‪ ،‬رسم‪ …،‬الخ ) أو الشريط المسموع أو المرئي أو البرامج العلمية التي‬
‫تم إدخالها على رقائق الكمبيوتر‬

‫(‪،)CD‬‬

‫كما يمكن أن يقال أيضاَّ في شأن االبتكار‬

‫الصناعي الذي سنبحثه في الفرع التالي إن شاء هللا تعالى‬
‫‪48‬‬


Slide 49

‫فالذي يشتري لوحة فنية إنما يمتلك هذه (اللوحة) وال يملك (العمل الفني)‬
‫الذي ظهر من خاللها‪ ،‬وما ذكر في شأن الكتابة يمكن أن يطبق على اللوحة‬

‫الفنية بتمامه ‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫والذي يشتري برنامجاَّ علمياَّ في ديسك أو رقائق (‪ )CD‬الحاسوب إنما‬
‫يمتلك هذه الرقائق‪ ،‬ولم يمتلك المادة العلمية المودعة فيها‪ ،‬التي تظهر من‬
‫خالل جهاز الحاسوب‪ ،‬ومـن ثم فإنه ال يملك حـق استثمار هذه المادة العلميـة‬
‫لنفسه وال لغيره‪.‬‬

‫‪49‬‬


Slide 50

‫بهذا يتبين أن حق التأليف معتبر شرعـا‪ ،‬ويجوز االعتيـاض عنـه‪ ،‬ألنه من آكد المصالح‬

‫وأقواها أثراَّ وأعمها نفعاَّ وقد قرر مجلس مجمع الفقه اإلسالمي المنعقـد في دورة‬
‫مؤتمره الخامس بالكويت من ‪ 6-1‬جمادى األولى ‪1409‬هـ‪ 15-10/‬كانون األول‬
‫(ديسمبر) ‪1988‬م ما يلي‪:‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪50‬‬

‫‪ -1‬االسم التجاري‪ ،‬والعنوان التجاري‪ ،‬والعالمة التجارية والتأليف واالختراع‬
‫أو االبتكار هي حقوق خاصة ألصحابها أصبح لها في العرف المعاصر قيمة‬
‫مالية معتبرة لتمول الناس لها‪ .‬وهذه الحقوق يعتد بها شرعاَّ وال يجوز‬
‫االعتداء عليها‪.‬‬
‫‪ -2‬حقوق التأليف واالختراع أو االبتكار مصونة شرعا‪ ،‬وألصحابها حق‬
‫التصرف فيها وال يجوز االعتداء عليها‪.‬‬


Slide 51

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪51‬‬

‫ا‬
‫ثانيا‪ :‬حق براءة االختراع‬


Slide 52

‫‪ .1‬تعريف براءة االختراع‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪52‬‬

‫براءة االختراع مركب إضافي يتكون من براءة و اختراع‪ ،‬فال بد من تعريف كل منهما‪،‬‬
‫ثم بيان معنى المركب اإلضافي باعتباره مصطلحاَّ‪.‬‬
‫أ‪ .‬البراءة لغةَّ‪ :‬الخلق‪ ،‬يقال‪ :‬برأ هللا الخلق‪ ،‬خلقهم فهو بارئ و تأتي بمعنى التباعد من‬
‫الشيء و التخلي عنه‪ ،‬ومن ذلك البرء إذا شفي المريض و تخلص مما به‪.‬‬
‫خ ِِرع الشيء َخرعاَّ واختراعا‪ ،‬شقه وأنشأه وارتجله و أبدعه‪،‬‬
‫ب‪ .‬االختراع لغةَّ‪ :‬من ِ‬
‫فاإلختراع شئ لم يكن موجود‪.‬‬
‫ت‪ .‬براءة االختراع اصطالحاَّ‪:‬‬

‫هي الشهادة أو السند الذي يبين ويحدد االختراع ويرسم أوصافه ويمنح‬
‫جائزة الحماية المرسومة له قانونا‪ ،‬والحق القاصر على المخترع في‬
‫استغالله‪.‬‬
‫أو هي وثيقة تمنح من دائرة رسمية‪ ،‬أو من مكتب عامل باسم مجموعة‬
‫من األقطار بناء على طلب ذلك‪ ،‬ويترتب على هذه الشهادة الرسمية حق‬
‫َمنَّ منحت له في استخدام االختراع‪ ،‬المعين فيها وأعماله والتنازل عنه‬
‫بالبيع واستيراده‪.‬‬


Slide 53

‫أو هي‪":‬سند رسمي عام تمنحه سلطة إدارية مختصة لمن يطلبه بشروط شكلية‬
‫وموضوعية معينة‪ ،‬وتتضمن البراءة وصفاَّ لالختراع‪ ،‬ويترتب على منحها‬
‫لمستحقيها وخلفائه لمدة معينة حق قاصر حاجز تحميه عن التقليد والغش‪ ،‬وهذا‬
‫الحق هو عبارة عن الترخيص باستغالل االختراع الذي تغطيه البراءة ما لم يصدر‬
‫بخالف ذلك حكم قضائي"‪.‬‬
‫هذه البراءة تمنح املخترع عدة حقوق منها‪:‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪ .1‬حقَّاستغاللَّالمخترعَّإلختراعهَّواستغاللَّالورثةَّلهَّبعدَّوفاتهَّبمدةَّمعينهَّتقدرهاَّقوانينَّ‬
‫البراءةَّبحيثَّيسقطَّهذاَّالحقَّبعدها‪َّ،‬ويصبحَّمنَّجملةَّالثروةَّالعامة‪.‬‬
‫‪ .2‬حقَّالمخترعَّفيَّأنَّينسبَّاالختراعَّإليهَّمنَّالبراءةَّالتيَّتصدرَّباسمَّصاحبَّالعمل‪.‬‬

‫‪53‬‬

‫إذن و من خالل التعريف يتضح أن الطبيعة القانونية لبراءة االختراع أنه منحة يمنحها القانون للمخترع و‬
‫ا‬
‫ليست عقدا بين طرفين‪.‬‬


Slide 54

‫‪ .2‬أنواع البراءات ‪:‬‬
‫تنقسم البراءات تقسيمات متنوعة بتنوع مضمونها و مداها إلى ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬البراءة الحقة الكاملة‪.‬‬
‫‪ .2‬نماذج أو شهادات المنفعة‪ ،‬وهي ضرب من البراءات الصغرى‪ ،‬تمنح عند توفر شروط‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫ميسرة‪ ،‬و يترتب عليها حقوق محددة‪ ،‬أدنى من الحقوق التي تمنحها البراءة الكاملة‪.‬‬
‫‪ .3‬براءة اإلضافة أو شهادة اإلضافة أو العالوة وتمنح عادة عن تحسين االختراع الذي‬
‫سبق منح البراءة عنه فيه‪.‬‬
‫‪ .4‬براءة االستيراد‪ ،‬وتمنح لمن يستخدم ألول مرة في بلد ما اكتشافاَّ تحقق في بلد أجنبي‪،‬‬
‫ويالحظ أن هذا الضرب من البراءات ال يحمي اختراعا‪ ،‬ولكنه يعوض مبادرة صناعية‪ ،‬وقد‬

‫‪54‬‬

‫ندر هذا الضرب من البراءات في عصرنا‪.‬‬


Slide 55

‫ننن‬

‫‪ .3‬حق براءة االختراع في نظر الشريعة اإلسالمية‪:‬‬
‫في الشرع اإلسالمي متسع لهذا الحق تخريجاَّ على قاعدة "المصالح‬
‫المرسلة" في ميدان الحقوق الخاصة‪ ،‬ووجه المصلحة من إقرار هذه‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫الحقوق وحمايتها إنما هو تشجيع االختراع‪ ،‬كي يعلم من يبذل جهده‬

‫فيه أنه سيختص باستثماره‪ ،‬وسيكون محمياَّ من الذين يحاولون أن‬
‫يأخذوا ثمرة ابتكاره وتفكيره ويزاحموه في استغاللها‪.‬‬

‫‪55‬‬


Slide 56

‫دليلَّالعرفَّالعام‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪56‬‬

‫• أن هذه الشهادة المكتوبة في دفاتر الحكومة والتي تمنح‬
‫للمخترع أو المكتشف ومن خاللها يتمتع بعدة حقوق‬
‫منها االنتفاع بها ومنها بيع هذا الحق‪ ،‬فهو يمثل منفعة‬
‫مشروعة أصبحت في العرف العام ماالً متقوماً‪،‬‬
‫والعرف يعد مصدراً من مصادر التشريع إذا انتفى كونه‬
‫معطالً لنص أو مناقضا ً ألصل شرعي ولم يوجد في‬
‫مسألة براءة االختراع ما ينبئ عن الحكم فيها من كتاب‬
‫أو سنة أو إجماع‪ ،‬كما أن العرف العام له دخل كبير في‬
‫تمويل األشياء وقد اصطلح على ماليته فيلتحق باألموال‬
‫من ثم يأتي القول بحل االعتياض عنه‬


Slide 57

‫أدلةَّأخرى‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪57‬‬

‫• أن الحصول على هذه الشهادة يتطلب كالً من الجهد أو الوقت‬
‫والمال ويمنح حاملها صفة قانونية تمثلها الشهادة المكتوبة ويتمتع‬
‫من خاللها باالنتفاع بنفسه أو باالستغالل صارت حقا ً ثابتا ً له‬
‫أصالة ومن ثم يحل له االعتياض عنه بالمال‪.‬‬
‫• يمكن تخريجها على مسألة جواز أخذ العوض عن حق األسبقية‬
‫وهو من الحقوق العرقية والمقصود به "حق التملك أو‬
‫االختصاص" الذي يحصل لإلنسان بسبب سبق يده إلى شيء‬
‫مباح كحق التملك باإلحياء بعد التحجير‪ -‬تحديد األرض بعالمات‬
‫ظاهرة‪ ،-‬وقد أجازه بعض الشافعية والحنابلة بناء على جواز بيع‬
‫حق االختصاص‪.‬‬


Slide 58

‫حكمًتحديدًالمدة‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪58‬‬

‫• بالنسبة لتحديد المدة في براءة االختراع‪ ،‬فإن‬
‫الشريعة اإلسالمية ال تشترط التأبيد لتحقيق معنى‬
‫الملك‪ ،‬ألن طبيعة ملك المنفعة مثالً تقتضي أن‬
‫يكون مؤقتا ً كما في ملك منفعة العين المستأجرة‪،‬‬
‫فعدم اشتراط الشريعة التأبيد لتحقيق معنى الملك‬
‫يجعل تحديد المدة في مسألة براءة االختراع جائزاً‬
‫شرعا ً‬


Slide 59

‫قرارَّمجلسَّمجمعَّالفقهَّبشأنَّبراءةَّاالختراع‬
‫• وقد قرر مجلس مجمع الفقه اإلسالمي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس‬
‫بالكويت من ‪ 6-1‬جمادى األولى ‪1409‬هـ‪ 15-10 /‬كانون األول (ديسمبر)‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪ ،1988‬عدة قرارات منها ‪:‬‬

‫• • حقوق التأليف واالختراع أو االبتكار مصونة شرعا‪ ،‬وألصحابها حق‬
‫التصرف فيها‪ ،‬وال يجوز االعتداء عليها‪.‬‬

‫‪59‬‬


Slide 60

‫نموذوج لسند براءة اختراع‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪60‬‬


Slide 61

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫نموذوج لسند براءة اختراع‬
‫‪61‬‬


Slide 62

‫نماذج لسند براءة اختراع‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪62‬‬


Slide 63

‫بعض االختراعات‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪63‬‬


Slide 64

‫بعض االختراعات‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪64‬‬


Slide 65

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪65‬‬

‫ا‬
‫ثالثا‪ :‬حق االسم التجاري‬


Slide 66

‫‪ .1‬تعريف االسم التجاري ‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪66‬‬

‫االسمَّالتجاريَّمركبَّإضافيَّمنَّاسمَّوتجاري‪َّ،‬فالَّبدَّمنَّتعريفَّكلَّمنهماَّثمَّ‬
‫بيانهَّاصطالحاَّ‪:‬‬
‫االسمَّلغة‪ :‬منَّالسموَّوهوَّالعلوَّوالرفعة‪َّ،‬واالسم‪ :‬ماَّيعرفَّبهَّالشيءَّويستدلَّبهَّ‬
‫عليه‪.‬‬
‫تعريفَّالتجاري‪ :‬نسبةَّإلىَّالتجارة‪َّ،‬وهيَّتقليبَّالمالَّلغرضَّالربح‪َّ،‬أوَّالتعاملَّ‬
‫فيَّاألسواقَّبيعاَّوشراءَّللربح‪.‬‬
‫االسمَّالتجاريَّاصطالحاَّ‪:‬‬
‫هو االسم الذي يتخذ لقباَّ على محل تجاري بقطع النظر عما فيه من األصناف‪.‬‬
‫فاالسم التجاري "ما يتخذه التاجر لمحله التجاري لتميزه عن غيره من المحال‬
‫األخرى" وذلك ليسهل التعرف عليها من قبل عمالئها الذي يفضلونها وعدم الخلط‬
‫بينها وبين غيرها ‪.‬‬
‫أما الشعار الذي يتخذ عنواناَّ لبضاعة ما ذات صناعة متميزة وهذا ما يطلق عليه‬
‫"الماركة "‬


Slide 67

‫‪ .2‬مضامين االسم التجاري ‪:‬‬
‫االسم التجاري يمكن أن يستعمل في التعبير عن أحد المضامين الثالثة التالية‪:‬‬

‫املضمون األول ‪ :‬الشعار التجاري أو العالمة التجارية للسلعة وهو "املاركة "‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪67‬‬

‫الشعـار التجاري للسلعـة أو العالمـة التجاريـة‪ ،‬وهو ما قد يسمى اليوم بـ‬
‫"الماركة" المسجلة‪ ،‬وهي كل إشارة توسم بها البضائع والسلع والمنتجات‪ ،‬إذ‬
‫يصبح هذا الشعار تعبيراَّ عن الصنف المتميز عن غيره في كثير من الخصائص‬
‫والسمات أو عما يماثلها من سلع تاجر آخر أو منتجات أرباب الصناعات اآلخرين‪.‬‬
‫وقد عرف نظام المعامالت التجارية السعودية في مادته األولى العالمة التجارية‬
‫بما يلي‪" :‬تعتبر عالمة تجارية في تطبيق أحكام هذا النظام األسماء المتخذة شكالَّ‬
‫مميزا‪ ،‬واإلمضاءات‪ ،‬والكلمات والحروف‪ ،‬واألرقام والرسوم‪ ،‬والرموز واألختام‪،‬‬
‫والنقوش البارزة‪ ،‬وأية إشارة أخرى‪ ،‬أوأي مجموع منها تكون صالحة لتمييز‬
‫منتجات صناعية‪ ،‬أو تجارية‪ ،‬أو حرفية‪ ،‬أو زراعية … "‪.‬‬


Slide 68

‫نماذج للعالمات التجارية“ املاركة“‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪68‬‬

‫ة‬


Slide 69

‫نماذج للعالمات التجارية“ املاركة“‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪69‬‬

‫ة‬


Slide 70

‫‪ .3‬وظائف العالمة التجارية أو الشعارالتجاري‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪70‬‬

‫من وظائف العالمة التجارية "الماركة" ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬تمييز البضاعة والسلعة بالعالمة عما يماثلها من البضائع والسلع األخرى‪.‬‬
‫ب‪ .‬جذب العمالء والمستهلكين إليها‪ ،‬ومعرفتهم بخصائص البضاعة المعلمة‬
‫بها‪.‬‬
‫ت‪ .‬تيسير الرقابة على المنافسة وضمان المشروع منها‪ ،‬إذ تمكن من معرفة‬
‫مصدر البضاعة المعروضة في األسواق وأسعارها‪.‬‬
‫ث‪ .‬تيسير اكتشاف االعتداء على التجار وأرباب الصناعات بجذب زبائنهم‬
‫بطريقة الخديعـة والخالبة واستخدام عالمات ال حق لهم في وسم البضاعة‬
‫المعروضة للبيع بها‪.‬‬
‫‪ .4‬الفرق بين االسم التجاري والعالمة التجارية‪:‬‬
‫مما سبق يتبين لنا أن الفرق بين االسم التجاري والعالمة التجارية‪ :‬أن األخيرة‬
‫تستخدم لتمييز المنتجات‪ ،‬أما االسم التجاري فيستخدم لتمييز المنشأة التجارية عن‬
‫غيرها‪.‬‬


Slide 71

‫املضمون الثاني‪ :‬العنوان التجاري أو الشهرة التجارية ‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪71‬‬

‫هو االسم الذي غدا عنواناَّ على محل تجاري نال شهرةَّ مع الزمن‪،‬‬
‫بحيث تتجسد هذه الشهرة في االسم المعلن عليه‪ ،‬وقد يكون هذا‬
‫االسم هـو اسم التاجر ذاته أو لقبه‪ ،‬وقد يكون اسماَّ أو وصفاَّ‬
‫اصطالحياَّ لقب به المحل‪.‬‬


Slide 72

‫املضمون الثالث‪ :‬الوصف أو املوقع للمحل التجاري ‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪72‬‬

‫الوصف الذي يتمتع به المحل التجاري بحد ذاته‪ ،‬أي من حيث‬
‫الموقع والمكان‪ ،‬ال من حيث جهد التاجر أو شهرة المحل‪ ،‬ويطلق‬
‫على هذا الوصف ما يسمى اليوم " بالخلو"‪.‬‬
‫فأما الحديث عن الوصف أو الموقع للمحل التجاري‪ ،‬فليس داخالَّ‬
‫فيما نحن بصدده‪ ،‬وأما المضمون األول والثاني‪ ،‬فهما اللذان يمكن‬
‫أن يراد باالسم التجاري في هذا البحث‪.‬‬


Slide 73

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪73‬‬


Slide 74

‫‪ .5‬حق االسم التجاري في نظر الشريعة اإلسالمية‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪74‬‬

‫إن بيع االسم التجاري في األعراف السائدة اليوم أمر جائز فقها‪ ،‬ألنه‬
‫أصبح ماال‪ ،‬وذا قيمة مالية‪ ،‬وداللة تجارية معينة‪ ،‬يحقق رواج الشيء‬
‫الذي يحمل االسم التجاري‪ ،‬والذي منح صاحبه ترخيصاَّ بممارسة العمل‪،‬‬
‫وهو مملوك لصاحبه‪ ،‬والملك يفيد االختصاص أو االستبداد أو التمكن من‬
‫االنتفاع بالشيء المملوك‪ ،‬والعالقة بين الشخص واسمه التجاري عالقة‬
‫حق عيني‪ ،‬إذ هي عالقة اختصاصية ومباشرة‪ ،‬ومستند كون االسم‬
‫التجاري متموالَّ هو العرف المستند إلى مصلحة معتبرة شرعية تتضمن‬
‫جلب المنفعة ودفع المضرة‪ ،‬وال يصادم ذلك نصاَّ شرعياَّ‪.‬‬
‫وهذا ينطبق على كل إنتاج فكري أدبي أو فني أو صناعي‪ .‬لما له من قيمة‬
‫مالية بين الناس عرفا‪ ،‬وخصائص الملك شرعاَّ تثبت فيه وهي االختصاص‬
‫الذي هو جوهر حق الملكية‪ ،‬والمنع‪ ،‬أي منع الغير من االعتداء عليه إال‬
‫بإذن صاحبه وجريان التعامل فيه والمعاوضة عنه عرفاَّ‪.‬‬


Slide 75

‫يقول محمد توفيق البوطي ‪:‬‬
‫واالسم التجاري الذي سجله صاحبه ليميز منشآته التجارية ومنتجاتها‪ ،‬حق مالي‬
‫تتحقق بحمايته والمحافظة على صحة نسبته لصاحبه مصلحة شرعية تتمثل فيما‬
‫يلي‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪75‬‬

‫أ‪ .‬أنه منفعة شرعية اجتهد صاحبها في تحصيلها‪ ،‬بما وفر إلنتاج منشأته من إتقان‬
‫صنعة وخبرة فانتفع هو بها إذ أقبل الناس على صنعته وإنتاجه‪ ،‬وانتفع الناس‬
‫أيضا‪ ،‬إذ قدم لهم ما يبتغونه بصورة حسنة‪.‬‬
‫ب‪ .‬أن هذا االسم عندما صار َعلَ َماَّ على هذه المنشأة يميز منتجاتها‪ ،‬فقد غدا‬
‫إطالقه من قبل اآلخرين على منتجاتهم تغريراَّ للناس وتدليساَّ عليهم‪ ،‬ألن هذا‬
‫االسم لدى الناس ولدى الجهات المختصة بعد تسجيل االسم التجاري بصورة‬
‫رسمية‪ ،‬يدل على منتجات لجهة معروفة ومن نوعية متميزة‪ .‬وإطالق هذا االسم‬
‫على غيرها تدليس وغرر‪ ،‬والغرر مطعن في اإلرادة العقدية كما عرفنا‪.‬‬
‫ج‪ .‬أن صاحب هذه المنشأة قد بذل التكاليف المادية لتسجيل هذا االسم‪ ،‬ليكتسب‬
‫االعتبار الرسمي‪ ،‬ولشهر هذا االسم بإعالنه بوسائل الدعاية المختلفة‪ ،‬وهو غدا‬
‫في هذا العصر ذا أهمية ال يستهان بها ألسباب كثيرة وواضحة‪.‬‬


Slide 76

‫ويرى محمد تقي العثماني‪ ..‬أن االسم التجاري أو العالمة التجارية بعد التسجيل الحكومي‬
‫بمثابة إحراز لهذا االسم‪ ،‬له قيمة بالغة في عرف التجار‪ ،‬وال مانع من بيعها وشرائها‪ ،‬ولكن‬
‫بشرطين‪:‬‬

‫(أ) أن يكون االسم أو العالمة مسجلة عند الحكومة بصفة قانونية‪ ،‬ألن ما‬
‫ليس بمسجل ال يعدَّ ماالَّ في عرف التجار‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪76‬‬

‫(ب) أن ال يستلزم هذا البيع االلتباس أو الخديعة في حق المستهلكين‪ ،‬وذلك‬
‫بأن يقع اإلعالن من قبل المشتري أن منتج هذه البضاعة غير المنتج‬
‫السابق‪ ،‬وإنما يستعمل هذا االسم أو العالمة بعد شرائهما بنية أنه سيحاول‬
‫بقدر اإلمكان أن يكون إنتاجه بمستوى اإلنتاج السابق أو أحسن منه‪.‬‬
‫أما بغير هذا اإلعالن فإن انتقال االسم أو العالمة إلى منتج آخر يسبب اللبس‬
‫والخديعة للمستهلكين‪ ،‬وهما حرام شرعاَّ‪.‬‬
‫كما شبه العثماني االسم التجاري بعد إحرازه بالتسجيل مثل القوة الكهربائية‬
‫أو الغاز التي لم تكن في األزمان السابقة تعد من األموال واألعيان‬
‫المتقومة‪.‬‬


Slide 77

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪77‬‬

‫وقد قرر مجلس مجمع الفقه اإلسالمي المنعقد في دورة المؤتمر‬
‫الخامس بالكويت من‪ 6-1‬جمادى األول‪1409‬ه‪ 15-10/‬كانون األول‬
‫(ديسمبر)‪1988‬م ما يلي‪:‬‬
‫أوالَّ‪ :‬االسم التجاري‪ ،‬والعنوان التجاري‪ ،‬والعالمة التجارية‪،‬‬
‫والتأليف واالختراع أو االبتكار‪ ،‬هي حقوق خاصة ألصحابها‪،‬‬
‫أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها‪،‬‬
‫وهذه الحقوق يعتد بها شرعا‪ ،‬فال يجوز االعتداء عليها‪.‬‬
‫ثانياَّ‪ :‬يجوز التصرف في االسم التجاري أو العنوان التجاري أو‬
‫العالمة التجارية‪ ،‬ونقل أيَّ منها بعوض مالي إذا انتفى الغرر‬
‫والتدليس والغش باعتبار أن ذلك أصبح حقاَّ مالياَّ‪.‬‬


Slide 78

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪78‬‬


Slide 79

‫بدل الخلو عند العلماء املعاصرين‬
‫إنَّموضوعَّ"بدلَّالخلو" منَّالموضوعاتَّالمهمةَّجداَّفيَّ‬
‫الحياةَّالمعاصرة‪َّ،‬وهوَّيتطلبَّإبداءَّالحكمَّالشرعيَّفيه‪،‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫بسببَّإباحتهَّفيَّأعرافَّالناس‪َّ،‬ومنعهَّفيَّبعضَّالقوانينَّ‬
‫الوضعية‪.‬‬
‫وهذاَّيقتضيناَّبيانَّحقيقةَّبدلَّالخلو‪َّ،‬ومدىَّحلهَّأوَّحرمته‪َّ،‬‬

‫‪79‬‬

‫وشروطَّالحل‪َّ،‬وحاالتَّالحرمة‪َّ،‬وتعيينَّآخذَّالبدل‪.‬‬


Slide 80

‫‪.1‬حقيقة بدل الخلو‬
‫‪ .1‬تعريف الخلو‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪80‬‬

‫ الخلو لغةَّ ‪ :‬مصدر خال‪ ،‬وهي كلمة مأخوذة من قول العرب‪ :‬أخليت‬‫المكان‪ ،‬جعلته خاليا‪ ،‬ويقال أيضاَّ‪ :‬خال اإلناء مما فيه خلوا‪ ،‬أي فرغ‪.‬‬
‫ويجمع على خلوات بفتحات‪.‬‬
‫ أما الخلو في اصطالح الفقهاء المعاصرين فيعرف بعدة تعريفات‪ ،‬منها‪:‬‬‫أ‪ .‬عرفه وهبة الزحيلي بأنه‪ " :‬مبلغ من المال يدفعه الشخص نظير تنازل‬
‫المنتفع بعقار أرض أو دار أو محل أو حانوت عن حقه في االنتفاع به"‪.‬‬
‫ب‪ .‬وعرفه مشهور سلمان بأنه " تنازل مالك المنفعة عن ملكيته لها مقابل‬
‫مال زائد عن األجرة"‪.‬‬
‫ت‪ .‬وعرفه محمد قلعجي بأنه‪ " :‬تنازل المرء عن الحق بعوض "‪.‬‬


Slide 81

‫‪ .2‬أسباب الخلو ‪:‬‬
‫أسباب وجود بدل الخلو ترجع إلى ما يلي‪:‬‬
‫أ ‪ .‬شهرة المحل التجاري‪ ،‬وما يكسبه من سمعة طيبة وإقبال الزبائن عليه‪.‬‬
‫ب‪ .‬قيمة الموقع الذي يوجد فيه العقار‪ ،‬وما يحققه من ارتفاع في األسعار‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫ت‪ .‬تعارف الناس عليه‪ ،‬بسبب حاجة المالك إلى المال ليبني به العقار الذي يملكه‪،‬‬
‫فيأخذ من الراغب في اإليجار بدل خلو مقدماَّ ليتمكن من البناء‪.‬‬
‫ث‪ .‬وجود قوانين تعطي المستأجر حق البقاء في العين المؤجرة مع تجميد األجرة‪.‬‬

‫‪81‬‬


Slide 82

‫‪ .3‬صور الخلو‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪82‬‬

‫توجدَّللخلوَّفيَّالعصرَّالحاضرَّعدةَّحاالت‪:‬‬

‫الحالة األولى‪ :‬أخذ المالك بدل الخلو من المستأجر‪ :‬أي أن يأخذ المالك من‬
‫المستأجر مبلغا من المال باإلضافة إلى األجرة السنوية أو الشهرية‪ ،‬فهذه‬
‫الصورة هي المعتادة ‪...‬فالمالك يشرع في بناء عقار مملوك له مكون من محالت‬
‫تجارية ومكاتب أو شقق سكنية‪ ،‬وعند اتمام البناية بالكامل يقوم بتأجيرها‬
‫ويتقاضى بدل الخلو من المستأجر للمحل التجاري زيادة عن األجرة المتفق عليها‬
‫في عقد اإليجار‬
‫الحالة الثانية‪ :‬أخذ المستأجر بدل الخلو من المالك‪:‬أي أن يأخذ المستأجر من‬
‫المالك مبلغا من المال لفسخ عقد اإليجار ضمن مدة العقد وتسليم المأجور إلى‬
‫صاحبه‪ ...‬وهذه الصورة كثيرا ما تحدث في اجارات المنازل والمحالت التجارية‬
‫فالمالك يريد منزله لتزويج ولد من أوالده أو يريد المحل التجاري فيطلب من‬
‫المستأجر تفريغ العين المأجرة فيأبى التاجر من تفريغ هذه العين إال إذا دفع له‬
‫مبلغا من المال‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬أخذ المستأجر بدل الخلو من مستأجر آخر‪ :‬أن يأخذ المستأجر من‬
‫مستأجر آخر مبلغا من المال مقابل اخالئه العين المأجرة‪.‬‬
‫وفي هذه الصورة يقوم المستأجر األصلي بدور المؤجر بالنسبة للعين المؤجرة‬
‫ويتنازل عن اجارتها للشخص اآلخر مقابل مبلغ من المال بحسب اإلتفاق‪.‬‬


Slide 83

‫‪ .4‬موقف الشريعة اإلسالمية من بدل الخلو ‪:‬‬
‫إن َ‬
‫للخلَ َوات حاالتَّ وصوراَّ وأسباباَّ مختلفة تجعل الحكم يختلف‬
‫باختالفها‪ ،‬وفيما يلي موقف الشريعة اإلسالمية من هذه الحاالت‪:‬‬

‫ا‬
‫أوال‪ -‬حكم الحالة األولى من بدل الخلو ‪:‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪83‬‬

‫الحالة األولى من بدل الخلو في العصر الحاضر هي‪ :‬أخذ المالك من‬
‫المستأجر مقداراَّ من المال إضافة لألجرة الشهرية أو السنوية‪.‬‬
‫ويختلف سبب ذلك باختالف البالد والظروف واألحوال ويمكن تحديد أسباب‬
‫بدل الخلو في ثالثة أسباب‪:‬‬

‫السبب األول‪ :‬قيمة الموقع الذي يوجد فيه العقار‪ ،‬أو شهرة المحل‬
‫التجاري‪ ،‬وما يكسبه من سمعة طيبة بسبب المالك نفسه الذي‬
‫اجتهد وعمل على إيجاد تلك الشهرة‪ ،‬فطلب مقابل ذلك‪ ،‬فهذا يدخل‬
‫في حقوق االبتكار‪ ،‬وقد تحدثنا فيه سابقا‪ ،‬وبينا جواز أخذ العوض‬
‫عنه‪.‬‬


Slide 84

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪84‬‬

‫السبب الثاني‪ :‬أن يكون المالك محتاجاَّ إلى مال يبني به أرضه‪ ،‬أو مال يستعجل‬
‫الحصول عليه‪ ،‬فيأخذ المالك من الراغبين في االستئجار‪ ،‬باإلضافة إلى األجرة‬
‫السنوية أو الشهرية‪ ،‬إذا تراضيا على ذلك‪ ،‬وقام المالك بعدها بتسليم العقار‬
‫للمستأجر‪ ،‬مؤثراَّ إياه على غيره من المستأجرين‪ ،‬ويعد المأخوذ من المستأجر‬
‫جزءاَّ معجالَّ من األجرة المشروطة في العقد‪ ،‬وتكون األجور التي تدفع في‬
‫المستقبل سنوياَّ أو شهرياَّ جزءاَّ آخر من األجرة مؤجل الوفاء‪ ،‬مضافاَّ إلى ما تم‬
‫تعجيله‪ ،‬مثل اتفاق الزوجين في العصر الحاضر على قسمة المهر إلى معجل‬
‫ومؤجل‪ ،‬عمالَّ بالعرف العام السائد في البالد اإلسالمية‪.‬‬
‫وهذا النوع أفتى به متأخرو المالكية‪ ،‬وبعض الحنفية وأجازوه بشروط معينة‪،‬‬
‫وكيفوه على أنه بيع جزء من المنفعة مجردا‪ ،‬وصورة ذلك في الوقت الحاضر أنه‬
‫شخصاَّ بنى عمارة ولم يكملها‪ ،‬فعرض المصرف اإلسالمي على المالك أن يكملها‬
‫ويستأجرها لمدة معينة بنصف قيمة األجرة الحالية‪ ،‬كأن تكون أجرتها ألف دينار‬
‫في السنة‪ ،‬فيدفع خمسمائة دينار‪ ،‬فهذا جائز‪ ،‬ويعتبر هذا الخلو من ملك المنفعة‪،‬‬
‫حيث ينتفع بنفسه ويؤجر ويهب ويعير ويورث عنه أيضا‪.‬‬


Slide 85

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪85‬‬

‫السبب الثالث‪ :‬وجود قوانين وضعية أو أنظمة معينة تَحدَّ من حق المالك‬
‫في إيجار عقاره بأجرة المثل‪ ،‬بل تلزمه بتسعيرةَّ إجبارية‪ ،‬أو تحدَّ من حقه‬
‫في إخالء الساكن عند نهاية المدة التي جرى عليها التعاقد في عقد‬
‫اإليجار‪ ،‬ليتعاقد مع ساكن جديد‪ ،‬أو مع الساكن األول نفسه بكامل حري َِّة‬
‫كلَّ من الطرفين‪ ،‬أي على أساس المساومة الحرة‪ ،‬وهي األصل في عقود‬
‫المعاوضات‪.‬‬
‫فإذا وجدت مثل هذه األنظمة أو القوانين‪ ،‬فربما تغير سعر أجرة المثل‬
‫للعقار‪ ،‬ويكون غالباَّ بارتفاع السعر بسبب ارتفاع نسبة التضخم النقدي‬
‫للعمالت الورقية‪ ،‬فبدأ أصحاب األمالك يحسبون هذا الحساب عند ابتداء‬
‫اإلجارة‪ ،‬وطلبوا بدل الخلوات من المستأجرين‪ ،‬ليحصلوا على قسم ذي‬
‫أهمية من النفقات التي تكبدوها عند إنشاء العقارات‪.‬‬
‫وفي حالة التسعيرات اإلجبارية ألجور العقار‪ ،‬إن كان التسعير بأقل من‬
‫أجرة المثل‪ ،‬يحتال أصحاب العقارات بأخذ بدل الخلو لتغطية قسم من‬
‫التكلفة‪ ،‬وقد يكون ذلك خفية عن أنظار السلطات‪.‬‬


Slide 86

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪86‬‬

‫أماَّعنَّحكمَّهذاَّالنوعَّفالَّيجوزَّالتسعيرَّبأقلَّمنَّأجرةَّالمثلَّبالنسبةَّللتسعيرةَّ‬
‫اإلجبارية‪َّ،‬تحقيقاَّللعدالةَّبينَّالطرفين‪َّ،‬فإنَّزادتَّينبغيَّزيادةَّأجرةَّالعقارَّتبعاَّ‬
‫لذلك‪َّ،‬وفيَّجميعَّاألحوالَّالَّينبغيَّالحدَّمنَّحريةَّالمالكَّفيَّإخالءَّالعقارَّمنَّ‬
‫المستأجرَّعندَّنهايةَّالمدةَّالتعاقدية‪َّ،‬وحيثَّاقتضتَّالظروفَّفيَّبعضَّاألحوالَّ‬
‫مدَّاإلجارةَّبقوةَّالقانونَّالَّينبغيَّأنَّيكونَّاالمتدادَّبأقلَّمنَّأجرةَّالمثل‪َّ،‬ويجبَّ‬
‫تعديلَّاألجرةَّباستمرار‪َّ،‬لتلحقَّبمقدارَّأجرةَّالمثلَّفيَّوقتها‪َّ،‬ألنَّفيَّذلكَّظلماَّ‬
‫للمالكَّمنَّجهتينَّ‪:‬‬
‫األولـى‪ :‬نقصَّاألجرةَّالمستحقة‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬أنَّقيمةَّالعقارَّتتأثرَّبمقدارَّاألجرة‪َّ،‬فلوَّكانتَّأجرةَّالمثلَّمائةَّدينارَّمثالَّ‬
‫لعقارَّقيمتهَّعشرةَّآالف‪َّ،‬فإنهَّإنَّأل ِزمَّالمالكَّبأجرةَّمقدارهاَّخمسونَّديناراَّ‬
‫فقط‪َّ،‬فإنَّالمالكَّلوَّأرادَّالبيعَّالَّيستطيعَّبيعَّعقارهَّبأكثرَّمنَّخمسةَّآالفَّأوَّ‬
‫ستة‪َّ،‬وفيَّذلكَّظلمَّله‪.‬‬
‫فلوَّالت ِز َمَّبتعديلَّاألجرةَّدائماَّفيَّاألحوالَّاإللزاميةَّلتصلَّإلىَّأجرةَّالمثلَّتنعدمَّ‬
‫الحاجةَّإلىَّهذاَّالنوعَّمنَّبدلَّالخلو‪.‬‬


Slide 87

‫ومع ذلك ففي ظل األوضاع الحالية في بعض البالد اإلسالمية التي تحد من حرية المالك‬
‫على الوجه المشروع‪ ،‬فما حكم أخذه بدل الخلو لتمكين املستأجر من السكن؟ وما‬

‫حكم بذل املستأجر لذلك البدل؟ وماذا يستتبع ذلك من‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪87‬‬

‫التصرفات؟‪.‬‬

‫الجواب‪ :‬يظهر أن المالك ال حرج عليه شرعاَّ في األخذ‪ ،‬ألن العقار خا ِلصَّ ماله‪ ،‬وله أن‬
‫يتصرف فيه كما يشاء‪ ،‬ومن ذلك أن ال يأذن ألحد بدخوله إال بعوض‪ ،‬والعوض هنا يجوز‬
‫أن ال يحتسب من األجرة‪ ،‬بل يكون جعالَّ ال غير‪.‬‬
‫ب من األجرة‪ ،‬فتكون أجرة السنة األولى مثالَّ خمسة‬
‫س ََّ‬
‫يحلَّ إال إذا احت ِ‬
‫وقال البعض‪ :‬إنه ال ِ‬
‫آالف دينار‪ ،‬وأجرة كل سنة من السنوات الالحقة ألف دينار ال غير‪ ،‬وتكون أربعة اآلالف‬
‫الزائدة في أجرة السنة األولى هي بدل الخلو‪.‬‬
‫وقد صدرت عن لجنة الفتوى الشرعية بالكويت‪ ،‬بتاريخ ‪1982 /25/10‬م فتيا نصها‪" :‬‬
‫اتفقت اللجنة على أن االستعاضة عن الخلو برفع القيمة اإليجارية أمر جائز‪ ،‬ويجري على‬
‫البدل كل أحكام األجرة‪ ،‬بحيث لو فسخ العقد يسترد المبلغ المقدم الذي يخص الفترة‪.‬‬
‫ويرى محمد سليمان األشقر أن هذا غير الزم‪ ،‬بل لو اعت ِبر جعالَّ لمجرد التمكين من‬
‫االستئجار‪ ،‬لجاز‪ ،‬وكذلك دافع بدل الخلو إلى المالك يَ ِحلَّ له الدفع وال حرج عليه‪.‬‬


Slide 88

‫ا‬
‫ثانيا‪ :‬حكم الحالة الثانية من الخلو‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪88‬‬

‫الحالة الثانية من الخلو في العصر الحاضر هي‪ :‬أخذ المستأجر بدل الخلو‬
‫من المالك المؤجر مقابل إخالء العين المؤجرة‪،‬‬
‫وترجع أسباب ذلك إلى األمور التالية ‪:‬‬
‫أ‪ .‬أن يكون الخلو قد استحقه المستأجر بطريقة شرعية‪ ،‬كأن يكون قد أنشأه‬
‫باالتفاق بينه وبين مالك العين‪ ،‬بأن اشترى جزءاَّ من المنفعة كما بينا في‬
‫السبب (ب) من الحالة األولى‪ ،‬أو دفع مبلغاَّ من المال للمالك أو لمستأجر‬
‫آخر قبله للحصول على حق القرار ‪.‬‬
‫فإن كان األمر كذلك‪ ،‬فرغب المالك في استعادة العقار‪ ،‬وإخراج المستأجر‬
‫منه‪ ،‬ودفع مقابل ذلك لصاحب الخلو بدالَّ ماليا‪ ،‬فرضي صاحب الخلو‪ ،‬جاز‬
‫للمالك الدفع وجاز لصاحب الخلو األخذ ألنه بيع صحيح‪ ،‬وسواء أكان ذلك‬
‫بمثل الخلو الذي كان المستأجر األول قد ملك به الخلو‪ ،‬أو كان أقل أو أكثر‪،‬‬
‫ما دام قد بقي من المدة المتفق عليها لدوام الخلو جزء له قيمة‪ ،‬وال إشكال‬
‫في ذلك ‪.‬‬


Slide 89

‫ب‪ .‬أن يكون المستأجر ال يزال في مدة التعاقد األصلية‪ ،‬فللمستأجر أن‬
‫يتمسك بالعقد‪ ،‬ويرفض إخالء المكان إال ببدل يرضاه‪ ،‬يأخذه من المالك‪ ،‬ألن‬
‫بيع باقي المدة المتفق عليها‪ ،‬وال حرج‬
‫ذلك البدل هو في الحقيقة ثمن َِّ‬
‫عليهما في ذلك‪ ،‬كما لو اشترى رجل من آخر خمسة رؤوس من الغنم‪،‬‬
‫فاستهلك منها أربعة‪ ،‬وأراد البائع أن يستعيد الرأس الخامس بالشراء‪،‬‬
‫فلصاحبـه أن ال يبيعه إال بأضعاف ثمنه الذي كان قد اشترى به ‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪89‬‬

‫ت‪ .‬أن يكون المستأجر قد استفاد حق القرار في العقـار بوضع قانوني‬
‫صرف‪ ،‬لم تأت به الشريعة اإلسالمية‪ ،‬بأن يكون استمرار بقائه في العقار‬
‫ِ‬
‫رغماَّ عن المالك وبغير رضاه‪ ،‬مع انتهاء المدة األصلية للتعاقد‪ ،‬وهو ما‬
‫يسمى (االمتداد القانوني)‪ ،‬ولم يكن المالك قد أخذ منه بدل خلو عند إنشاء‬
‫عقد اإليجار‪ ،‬ويرغب المالك في استعادة العقار‪ ،‬ويتراضى هو والمستأجر‬
‫على مبلغ مالي‪ ،‬قد يسميه بعض العامـة ( خلواَّ )‪ .‬وقد ينضم إلى هذا السبب‬
‫أيضاَّ التسعير اإلجباري من الجهة المسؤولة‪ ،‬ويكون السعر أقل من أجر‬
‫المثل‪.‬‬


Slide 90

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪90‬‬

‫وهذا النوع من الخلوات فيه احتماالن ‪:‬‬
‫االحتمال األول‪ :‬أن يقال إنه غير مشروع فيه أخذ بدل الخلو‪ ،‬ألن‬
‫القانون الذي يلزم باالمتداد بغير اختيار المالك‪ ،‬أو بالتسعير‬
‫اإلجباري قانون غير مقبول شرعاَّ في حاالت السعة‪ ،‬وأما في حاالت‬
‫االضطرار فيجوز بأجر المثل‪ ،‬وال يجوز بأقلَّ منه‪.‬‬
‫ووجه عدم مشروعية بدل الخلو في هذه الصورة بالنسبة آلخذه أنه‬
‫لو كان للمالك‪ ،‬بعد انتهاء المدة التعاقدية‪ ،‬أن يخلي المكان من‬
‫المستأجر‪ ،‬ويؤجره لغيره بكامل حريته‪ - ،‬وهو الوضع الذي كفله له‬
‫الشرع – ما كان على المالك أن يدفع شيئاَّ أصالَّ‪.‬‬

‫االحتمال الثاني‪ :‬أن يقال إنه كان مبنياَّ على قانون صدر بأمر‬
‫السلطان‪ ،‬وكان للسلطان أن يقيد بعض التصرفات في ضمن اجتهاده‬
‫في تحصيل المصلحة‪ ،‬ولو أخطأ كان ما ينبني عليه جائزا‪ ،‬ويحل‬
‫لآلخذ ما أخذه‪.‬‬


Slide 91

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪91‬‬

‫ورجح محمد سليمان األشقر االحتمال األول‪ ،‬فقال‪" :‬واالحتمال‬
‫األول عندي أرجح‪ ،‬والعمل عليه أوثق‪ ،‬وأما االحتمال الثاني فإنه‬
‫مبني على اجتهاد فاسد االعتبار " وذلك بسبب مخالفة هذا االحتمال‬
‫للنصوص الشرعية الصحيحة‪ ،‬من مثل قوله تعالى‪َ } :‬وال تَأكلوا‬
‫اط َِّل {وقول النبي صلى هللا عليه وسلم " ال يحل‬
‫أَم َوالَكمَّ بَينَكمَّ بِالبَ ِ‬
‫مال امرئ مسلم إال بطيبة من نفسه" ومخالفته للقواعد الشرعية‬
‫المتفق عليها‪ ،‬من مثل " المالك أحق بالتصرف في ملكه"‪ ،‬وهذا‬
‫يحد من الحركة العمرانية‪ ،‬إذ يتقاعس أصحاب االقتدار عن إنشاء‬
‫العمران الجديد‪ ،‬فتقل المساكن‪ ،‬ويعود األمر بالضرر على المالكين‬
‫وعلى المحتاجين إلى االستئجار أيضاَّ‪.‬‬


Slide 92

‫ا‬
‫ثالثا‪ :‬حكم الحالة الثالثة من الخلو ‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪92‬‬

‫الحالة الثالثة من الخلو في العصر الحاضر هي ‪ :‬أخذ المستأجر بدل الخلو من‬
‫مستأجر آخر مقابل إخالئه العين المؤجرة‪ ،‬وهذه هي الحالة الغالبة المثيرة للنزاع‪،‬‬
‫وترجع أسباب ذلك إلى األمور التالية‪:‬‬
‫السبب األول‪ :‬أن يكون المستأجر األول قد حقق للمحل سمعة طيبة‪ ،‬بسبب المجتهد‬
‫نفسه الذي اجتهد وعمل على إيجاد تلك الشهرة‪ ،‬فطلب مقابل ذلك‪ ،‬فيجوز ذلك‬
‫الخلو‪ ،‬كما تحدثنا سابقاَّ في حقوق االبتكار‪ ،‬وبينا جواز أخذ العوض عنه‪.‬‬
‫السبب الثاني‪ :‬أن يكون المستأجر األول قد ملك منفعة الخلو بطريقة شرعية‪ ،‬بأن‬
‫يكون قد تعاقد عليه مع المالك تعاقداَّ صحيحا‪ ،‬أو اشتراه من المالك شراءَّ صحيحاَّ‬
‫على ما تقدم في الحالة األولى‪ ،‬فله أن يبيعه لغيره بما شاء من المال قلَّ أو كثر‪ ،‬ما‬
‫دام شيء من مدة الخلو باقيا‪ ،‬ويحل آلخذ البدل ما أخذ‪ ،‬ألنه ملك منفعة الخلو‬
‫بالتعاقد الشرعي‪ ،‬فله أن يبيعها لمن شاء‪ ،‬وتجوز له فيها سائر التصرفات‬
‫الشرعية‪.‬‬
‫السبب الثالث‪ :‬أن ال يكون للمستأجر في المكان خلو صحيح‪ ،‬ولكن ال يزال له في‬
‫عقد اإلجارة بينه وبين المالك جزء من مدة التعاقد األصلية التي أجراها المالك‬
‫بكامل حريته دون تسعيرة إجبارية‪ ،‬وال ضمن امتداد قانوني‪.‬‬


Slide 93

‫فإن أخذ من مستأجر آخر ماالَّ مقابل إخالئه المحل له ليحل مكانه‪،‬‬
‫فهذا البدل المالي الذي يسمى لدى العامة ( خلواَّ ) هو مشروع لآلخذ‬
‫والمعطي على السواء‪ ،‬ألنه في حقيقته بيع للمدة الباقية من المنفعة‬
‫المستحقة بعقد اإلجارة‪.‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪93‬‬

‫السبب الرابع‪ :‬أن يكون المستأجر األول ليس له في المحل خلو‬
‫صحيح في العين المؤجرة على ما تبين في المسألة السابقة (ت)‪ ،‬وقد‬
‫انتهت مدته التعاقدية‪ ،‬ولكنه استأجر المحل من مستأجر قبله مقابل‬
‫مبلغ من المال دفعه إليه‪ ،‬فال يحل لهذا المستأجر أخذ بدل الخلو‪ ،‬ألنه‬
‫ليس له من حقه في منفعة الخلو بعد أن انتهت المدة‪ ،‬وقد انتفع بما‬
‫دفعه في المدة السابقة‪ .‬فال يأخذ بدالَّ عن المدة التي تلي انتهاء مدة‬
‫العقد‪ ،‬ويرجع العقار إلى المالك ليتصرف فيه بما شاء‪.‬‬


Slide 94

‫وأخيراَّقررَّمجمعَّالفقهَّاإلسالميَّالمنعقدَّفيَّدورةَّمؤتمرهَّالرابعَّبجدةَّفيَّالمملكـةَّالعربيـةَّالسعوديـةَّمـنَّ‬
‫‪ 23-18‬جمادىَّاآلخرةَّ‪1408‬هـ‪َّ،‬الموافقَّ‪ 11-6‬فبرايرَّ‪1988‬م‪ََّّ،‬وبعدَّاطالعهَّعلىَّاألبحاثَّالفقهيةَّالواردةَّ‬
‫إلىَّالمجمعَّبخصوصَّ( بدلَّالخلو) ماَّيليَّ‪:‬‬

‫أوالَّ‪ :‬تنقسمَّصورَّاالتفاقَّعلىَّبدلَّالخلوَّإلىَّأربعَّصور‪َّ،‬هي‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪94‬‬

‫أ‪ .‬أن يكون االتفاق بين مالك العقار وبين المستأجر عند بدء العقد‪.‬‬
‫ب‪ .‬أن يكون االتفاق بين المستأجر وبين المالك‪ ،‬وذلك في أثناء مدة عقد اإلجارة أو بعد انتهائها‪.‬‬
‫ت‪ .‬أن يكون االتفاق بين المستأجر وبين مستأجر جديد‪ ،‬في أثناء مدة عقد اإلجارة أو بعد انتهائها‪.‬‬
‫ث‪ .‬أن يكون االتفاق بين المستأجر الجديد وبين كل من المالك والمستأجر األول قبل انتهاء المدة‪ ،‬أو‬
‫بعد انتهائها‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬إذا اتفق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغا ً مقطوعا ً زائداً‬
‫عن األجرة الدورية (وهو ما يسمى في بعض البالد خلواً)‪ ،‬فال مانع شرعا ً من دفع‬
‫هذا المبلغ المقطوع على أن يعد جزءاً من أجرة المدة المتفق عليها‪ ،‬وفي حالة‬
‫الفسخ تطبق على هذا المبلغ أحكام األجرة‪.‬‬


Slide 95

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪95‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬إذا تم االتفاق بين المالك وبين المستأجر أثناء مدة اإلجارة على أن يدفع‬
‫المالك للمستأجر مبلغا ً مقابل تخليه عن حقه الثابت بالعقد في ملك منفعة بقية‬
‫المدة‪ ،‬فإن بدل الخلو هذا جائز شرعاً‪ ،‬ألنه تعويض عن تنازل المستأجـر برضاه‬
‫عن حقه في المنفعة التي باعها للمالك‪.‬‬
‫أما إذا انقضت مدة اإلجارة‪ ،‬ولم يتجدد العقد صراحة أو ضمنا ً عن طريق التجديد‬
‫التلقائي حسب الصيغة المفيدة له‪ ،‬فال يحل بدل الخلو‪ ،‬ألن المالك أحق بملكه بعد‬
‫انقضاء حق المستأجر‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :‬إذا تم االتفاق بين المستأجر األول والمستأجر الجديد أثناء مدة اإلجارة على‬
‫التنازل عن بقية مدة العقد لقاء مبلغ زائد عن األجرة الدورية‪ ،‬فإن بدل الخلو هذا‬
‫جائز شرعاً‪ ،‬مع مراعاة مقتضى عقد اإلجارة المبرم بين المالك والمستأجر األول‪،‬‬
‫ومراعاة ما تقضي به القوانين النافذة الموافقة لألحكام الشرعية‪.‬‬
‫على أنه في اإلجارات الطويلة المدة خالفا ً لنص عقد اإلجارة طبقا ً لما تسوغه‬
‫بعض القوانين ال يجوز للمستأجر إيجار العين لمستأجر آخر‪ ،‬وال أخذ بدل الخلو‬
‫فيها إال بموافقة المالك‪.‬‬
‫أما إذا تم االتفاق بين المستأجر األول وبين المستأجر الجديد بعد انقضاء المدة فال‬
‫يحل بدل الخلو‪ ،‬النقضاء حق المستأجر األول في منفعة العين‪.‬‬


Slide 96

96


Slide 97

‫نظامَّالتأمين‬
‫وفيه ثالثة مباحث‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬حقيقة نظام التأمين ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حقيقة التأمين التجاري ‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬عقد التأمين التجاري في‬
‫نظر الفقهاء المعاصرين ‪.‬‬
‫‪97‬‬


Slide 98

‫املبحث األول‪ :‬حقيقة نظام التأمين‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪98‬‬

‫(‪ )1‬تعريف التأمين ‪:‬‬
‫التأمين لغة‪ :‬من األمن‪ ،‬وهو ضد الخوف‪ ،‬وأصله طمأنينة النفس‬
‫وزوال الخوف‪ ،‬يقال‪ :‬أمَّنه تأميناً‪ ،‬وائتمنه‪ ،‬واستأمنه‪ ،‬وكلها بمعنى‬
‫اجعلْ هذا ا ْلبلد آ ِم ًنا {وقوله ج َّل شأنه‪:‬‬
‫واحد‪ .‬ومنه قوله تعالى‪} :‬ر ِّب ْ‬
‫سف{‪.‬‬
‫}ما لك ال تأْم َّنا على ُيو ُ‬
‫التأمين عند فقهاء القانون‪:‬‬
‫يميز علماء القانون بين نظام التأمين باعتباره فكرة وطريقة ذات أثر اقتصادي‬
‫واجتماعي تركز على نظرية عامة ذات قواعد فنية‪ ،‬وبين عقد التأمين باعتباره‬
‫تصرفا ً قانونيا ً ينشئ حقوقا ً بين طرفين متعاقدين‪ ،‬وتطبيقا ً عمليا ً لذلك النظام‪.‬‬
‫فنظام التأمين يمكن تعريفه‪ ،‬وفقا ً لنظريته العامة في نظر علماء القانون‪ ،‬بأنه‪:‬‬


Slide 99

‫"نظام تعاقدي يقوم على أساس المعاوضة‪ ،‬غايته التعاون على ترميم‬
‫أضرار المخاطر الطارئة بواسطة هيئات منظمة تزاول عقوده بصورة‬
‫فنية قائمة على أسس وقواعد إحصائية ”‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪99‬‬

‫وبهذا نرى أن هناك فرقا ً بين نظام التأمين أو نظريته‪ ،‬وبين عقد‬
‫التأمين الذي يبرم على أرض الواقع‪ ،‬ولذا عرفت التأمين باعتباره‬
‫فكرة ونظاما ً في المبحث األول‪ ،‬وسأعرف عقد التأمين باعتباره‬
‫الصيغة القانونية لتحقيق التعاون الذي يهدف إليه نظام التأمين في‬
‫المبحث الثاني إن شاء هللا تعالى‪.‬‬


Slide 100

‫(‪ )2‬أقسام التأمين‪:‬‬
‫ينقسم التأمين من حيث المؤسسات أو الهيئات التي تقوم به إلى ثالثة أقسام‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬التأمين االجتماعي أو التعاوني‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪100‬‬

‫وهو تأمين تقوم به الدولة‪ ،‬لمصلحة العمال والموظفين‪ ،‬ويقصد به تأمين هؤالء من‬
‫إصابات العمل‪ ،‬ومن المرض والعجز والشيخوخة‪ ،‬ويساهم في حصيلته الموظفون‬
‫وأصحاب األعمال والدولة‪ ،‬وقد تستعين الدولة في تنظيم هذا التأمين وإدارته‬
‫ببعض مؤسساتها أو هيئاتها العامة‪ ،‬كمؤسسات التأمينات والمعاشات ويشمل ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪.1‬نظام التأمينات والمعاشات والمكافآت التي ُتع َطي للعاملين عند انتهاء الخدمة أو‬
‫تركها‪ ،‬ويقوم بتنظيم ذلك وتوضيح شروطه قانون التأمينات والمعاشات للدولة‬
‫‪ .2‬نظام الضمان االجتماعي‪ ،‬ويتناول ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ .‬تأمين إصابات العمل‪ :‬والغرض منه رعاية العامل في حال إصابته بأحد األمراض‬
‫المهنية‪ ،‬أو بحادث أثناء قيامه بعمله أو بسببه‪ ،‬وتتولى المؤسسة أو الهيئة المختصة‬
‫عالج المصاب‪ ،‬واإلنفاق عليه في هذا السبيل‪ ،‬وإعطائه معونة مالية مدة تخلفه عن‬
‫العمل ‪.‬‬


Slide 101

‫ب‪ .‬التأمين الصحي‪ :‬ويستوجب عالج الموظف أو العامل والقيام بنفقات هذا‬
‫العالج‪ ،‬وذلك عندما يمرض‪ ،‬سوا ًء في العمل أو خارجه‪.‬‬
‫ت‪ .‬التأمين ضد البطالة‪ :‬ويستوجب أن يصرف للعامل تعويض مدة بطالته يوازي‬
‫جانبا ً من مرتبه الذي دفع االشتراك على أساسه‪ ،‬ويصرف له ذلك القدر دوريا ً‪.‬‬
‫ث‪ .‬التأمين ضد الشيخوخة والعجز والوفاة‪ :‬وبه يستحق المستأمن معاشا ً عند‬
‫بلوغه سن التقاعد أو عند إصابته بعجز كلي‪ ،‬كما يستحق ورثته معاشا ً عند‬
‫الوفاة ‪.‬‬
‫وتكفل الدولة كل هذه األنواع من التأمين للموظفين والعاملين نظير استقطاع مبالغ‬
‫من مرتب كل موظف أو عامل لكل نوع من هذه األنواع طبقا ً للشروط التي‬
‫يحددها القانون‪ ،‬لكي تتمكن الدولة من تحقيق هذا النوع من التأمين‪.‬‬

‫ثانيا ً ‪ :‬التأمين التبادلي ‪:‬‬

‫‪101‬‬

‫تقوم به جمعيات تعاونية خيرية‪ ،‬تتكون من أعضاء يجمع بينهم تماثل األخطار‬
‫التي يتعرضون لها‪ ،‬ويتفقون جميعا ً على تعويض من يتحقق الخطر بالنسبة‬
‫إليه منهم‪ ،‬في سنة معينة‪ ،‬من االشتراك الذي يؤديه كل عضو‪ ،‬ومن ثم يكون‬
‫االشتراك متغيراً يزيد وينقص بحسب قيمة التعويضات التي تدفعها الجمعية‬
‫خالل السنة‪ ،‬ويدفع العضو االشتراك في البداية مقداراً معيناً‪ ،‬وفي نهاية‬
‫السنة تحسب قيمة التعويضات التي دفعت لمن تضرر بوقوع الخطر من‬
‫األعضاء‪ ،‬فإذا كان المقدار الذي دفعه العضو أقل من الواجب لزمه إكماله‪،‬‬
‫وإن كان أكثر ُر َّد إليه ما زاد‪.‬‬


Slide 102

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪102‬‬

‫والذي يميز جمعيات التأمين التبادلية‪ ،‬سوا ًء كانت جمعيات تبادلية أو جمعيات ذات شكل‬
‫تبادلي‪ ،‬عن الشركات المساهمة أن األولى ال تعمل للربح‪ ،‬فليس لها رأس مال‪ ،‬وليس فيها‬
‫مساهمون يتقاضون أرباحا ً على أسهمهم‪ ،‬ويكونون هم المؤمنين‪ ،‬ويكون الزبائن هم‬
‫المؤمن لهم‪ ،‬بل إن أعضاء جمعيات التأمين التبادلية يتبادلون التأمين فيما بينهم‪ ،‬إذ يؤمن‬
‫بعضهم بعضا ً فهم في وقت واحد مؤمنون ومؤمن لهم‪ ،‬ومن هنا وصفت هذه الجمعيات‬
‫بأنها تبادلية‪.‬‬
‫وقد ظهر هذا التأمين في عدة صور منها‪:‬‬
‫أ ‪ .‬الجمعيات التي تنشأ بين أفراد المحلة السكنية الواحدة‪.‬‬
‫ب‪ .‬الجمعيات التي تنشأ بين أفراد المهنة أو الحرفة أو الصناعة الواحدة‪.‬‬
‫فهؤالء أفراد الجمعيات التي تنشأ بين أفراد المهنة الواحدة أو المحلة السكنية يتفقون فيما‬
‫بينهم على إنشاء نظام يقال له صندوق أو نحو ذلك‪ ،‬ويشترك في هذا النظام من أراد –‬
‫واإلقبال جماعي عادة – ويسهم كل مشترك بمبلغ يتفق عليه‪ ،‬فمن وقع له مكروه على‬
‫شخصه أو أسرته أو ماله فإن حصيلة هذا الصندوق كاملة تدفع إلى المتضرر‪ ،‬إذ نصت‬
‫المشارطة على ذلك‪.‬‬
‫وواضح أن هذا النظام التعاوني يصدر عن نزعة إنسانية‪ ،‬وفكرة االستغالل مستبعدة‬
‫منه‪ ،‬فإن المستأمنين من األخطار هم أنفسهم المؤمنون الذين يدفعون التعويض عن‬
‫الخطر أو الضرر عند حدوثه ‪.‬‬


Slide 103

‫حكم التأمين التعاوني والتبادلي‪:‬‬
‫إن هذا النوع من التأمين بصوره السابقة جائز شرعا ً بال خالف أو أية شبهة‪ ،‬مهما‬
‫كان نوع الخطر المؤمن منه‪ ،‬ألنه يقوم على أساس إنشاء صندوق تعاوني مشترك‬
‫بين جماعة يكتتبون فيه لجبر أضرار من تصيبه منهم مصيبة معينة‪ ،‬فهي بال ريب‬
‫جمعية تعاونية ال تهدف إلى ربح ما‪ ،‬وإنما هدفها ترميم آثار المصائب التي تنزل‬
‫ببعضهم‪ ،‬وهي بال شك من أجمل صور التطبيق العملي لمبدأ‬
‫التعاون على البر الذي أشاد به القرآن العظيم‪ ،‬لقوله تعالى‪} :‬وتعاو ُنوا على ا ْل ِب ِّر‬
‫ان {وقوله صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬ترى‬
‫وال َّت ْقوى وال تعاو ُنوا على اإل ْث ِم وا ْل ُعدْ و ِ‬
‫عضو تداعى له‬
‫المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم‪ ،‬كمثل الجسد إذا اشتكى‬
‫ٌ‬
‫سائر جسده بالسهر وال ُح َّمى "‪.‬ولخلوه من شبهتي الغرر والربا‪.‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬التأمين التجاري (ذو القسط الثابت) ‪:‬‬
‫‪103‬‬

‫وتقوم به شركات التأمين التجارية المساهمة‪ ،‬وهو ما سنتتحدث عنه في مبحثين‪:‬‬
‫في بيان حقيقته‪ ،‬وفي حكمه الشرعي‪.‬‬


Slide 104

‫املبحث الثاني‪ :‬حقيقة التأمين التجاري‬
‫‪ .1‬نشأة التأمين التجاري‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪104‬‬

‫لم يكن التأمين وليد العصر الحاضر‪ ،‬وال هو من المستحدثات التي لم يكن لها تاريخ في‬
‫الماضي‪ ،‬بل هو موجود من زمن بعيد‪ ،‬وإن لم يكن معروفا ً بنظمه الحاضرة‪ ،‬فكل شيء‬
‫في هذه الحياة معرض للخطر‪ ،‬واإلنسان مدفوع بدافع خفي من غريزته إلى تفادي‬
‫الخطر‪ ،‬وبذل أقصى ما يمكن في سبيل إبعاد الخطر عنه وعن ممتلكاته‪ ،‬فقديما ً اتخذ‬
‫الكهوف والجبال ملجأ يلوذ به من عوارض الحياة المؤذية‪ ،‬وتسلح بالحجارة وأغصان‬
‫األشجار وغير ذلك مما يدفع به عادية الحيوانات المفترسة‪ ،‬وبمرور الزمن وكثرة‬
‫الحوادث والواقعات‪ ،‬وتبادل الناس في الخبرات والمعارف‪ ،‬كل ذلك أوجد في النفوس‬
‫قلقا ً واضطراباً‪ ،‬ولذا فقد التف اإلنسان حول أسرته ليقوى بها على اآلخرين‪ ،‬ثم ما لبث‬
‫أن شعر بأن األسرة أصبحت عاجزة عن أن تحقق له األمان الذي ينشده‪ ،‬ومن هنا‬
‫تكونت القبيلة‪ ،‬ومنها حقق اإلنسان بعض األمان‪ ،‬ونتيجة لتعدد األخطار وتنوعها‪،‬‬
‫وانسالخ كثير من القبائل عن أصولها‪ ،‬ووقوع الخالف واالنشقاق فيها‪ ،‬ضعفت عن‬
‫أداء مهمتها‪ ،‬مما دفع اإلنسان إلى اللجوء إلى الدولة لتدفع عنه اعتداءات اآلخرين‪،‬‬
‫وتحقق له األمان الذي تطمئن له النفس‪.‬‬


Slide 105

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪105‬‬

‫وذكر رجال التأمين أن اإلغريق كان عندهم مثل هذه المعاملة‪ ،‬فقد قامت‬
‫جماعة من مالك العبيد برفع أقساط معينة عن عبيدهم إلى الجمعيات التي كانت‬
‫قد أنشئت لهذا الغرض في مقابل أن تدفع الجمعية لهم ثمن العبد لو هرب من‬
‫سيده‪.‬‬
‫كما أسس الرومان جمعيات تعاونية لنقل الموتى‪ ،‬والغرض من تأسيس هذه‬
‫الجمعيات هو أن تقوم بدفع مصاريف الجنازة كلها في مقابل أن يدفع كل عضو‬
‫مبلغا ً من المال كل أسبوع‪ ،‬وهذه الجمعيات لم تزل موجودة إلى اآلن في‬
‫إنجلترا‪.‬‬
‫كما يذكر رجال التأمين أن التأمين البحري هو من أقدم أنواع التامين‪،‬‬
‫والشعوب القديمة كالبابليين والفينيقيين والهنود والرومان واإلغريق عرفوا‬
‫ذلك‪ ،‬فقانون حمورابي ‪2250‬ق‪.‬م‪ .‬كان يشير إلى القرض الذي اعتبره‬
‫الباحثون فكرة تأمينية‪ ،‬ويقولون إنه ورد في تلمود بابل في القرن السادس بعد‬
‫الميالد ما يشير إلى فكرة التأمين‪ ،‬ونص عبارتهم‪( :‬ال يستطيع البحارة أن‬
‫يتفقوا فيما بينهم على أنه إذا فقد أحدهم سفينته فتشيد له سفينة أخرى‪ ،‬فإذا‬
‫فقد أحدهم سفينته نتيجة خطئه فال يحق له المطالبة بغيرها‪ ،‬وإذا فقد البحار‬
‫سفينته نتيجة ذهابه بها إلى مسافة ال تذهب إليها السفن عادة فال يحق له‬
‫المطالبة بأن تشيد له سفينة أخرى‬


Slide 106

‫‪106‬‬

‫وقد كان بعض رجال األموال يقرضون أصحاب السفن أمواالً تعادل قيمة السفينة‬
‫ض مبلغ‬
‫وحمولتها في مقابل فوائد باهظة‪ ،‬فلو غرقت السفينة ضاع على ال ُم ْق ِر ِ‬
‫القرض وفوائده‪ ،‬واحتفظ صاحب السفينة بمبلغ القرض وفوائده‪ ،‬ولو وصلت‬
‫السفينة سليمة ر َّد صاحبها القرض مع الفوائد للمقترض نظراً لتحمله جميع‬
‫مخاطر الرحلة‪.‬‬
‫ويرى أكثر رجال التأمين أن أقدم عقد في التأمين البحري ظهر في إيطاليا عام‬
‫‪1347‬م ولم يكن يختلف عن طريقة القرض البحري‪ ،‬وقد ساعد على انتشاره‬
‫اإليطاليون الذين هاجروا من بالدهم‪ ،‬واستقروا في بعض بلدان أوروبا كفرنسا‬
‫وإسبانيا وبلجيكا‪ ،‬ثم عرفت إنجلترا وهولندا وألمانيا تقاليد التأمين البحري من تلك‬
‫الدول وبخاصة بلجيكا‪ ،‬وقد ظل التأمين البحري خاضعا ً للتقاليد العرفية‪ ،‬فلم توضع‬
‫له التشريعات إال في القرن الخامس عشر‪ ،‬وكان األسبان والبرتغاليون أول من‬
‫أصدروا تشريعات خاصة لهذا النوع من التأمين‪ ،‬ومن أشهر هذه التشريعات أوامر‬
‫برشلونة األربعة التي صدرت في السنوات ‪ 1484-1461-1458-1436‬ميالدية‪،‬‬
‫وفي عام ‪1601‬م صدر أول قانون إنجليزي خاص بالتأمين البحري‪.‬‬
‫وإذا كان التأمين على السفينة وحمولتها عرف في تلك الحقبة من الزمن‪ ،‬فهذا‬
‫يعني أن التأمين على الحياة صار جنبا ً إلى جنب مع التأمين البحري‪ ،‬فمالحو‬
‫السفينة وركابها ُي ْعتبرون أيضا ً ضمن حمولتها‪.‬‬


Slide 107

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪107‬‬

‫أما التأمين البري بمختلف أنواعه فيقولون‪ :‬إنه قد تأخر ظهوره عن التأمين‬
‫البحري‪ ،‬فلم يظهر إال في القرن السابع عشر عندما تعرضت مدينة لندن لحريق‬
‫استمر أربعة أيام‪ ،‬وذلك في عام ‪1666‬م‪ ،‬غير أنه في بعض البلدان األخرى لم‬
‫يظهر إال في القرن الثامن عشر‪.‬‬
‫ونتيجة الختالف ظروف الحياة بظهور كثير من الصناعات‪ ،‬واكتشاف كثير من‬
‫االختراعات‪ ،‬فقد ظهرت أنواع جديدة من التأمين‪ ،‬وهي كثيرة ومتنوعة تربو‬
‫على المائة‪.‬‬
‫أما في البالد العربية فيقولون إن التأمين ظهر في أواخر القرن التاسع عشر عن‬
‫طريق الشركات اإليطالية والشركات البريطانية‪ ،‬وأخذت كثير من الشركات تحذو‬
‫حذو هاتين الشركتين‪ ،‬وتكاثرت المؤسسات التأمينية تبعا ً لذلك‪ ،‬بل إن بعضا ً من‬
‫الدول العربية قامت بتبني هذه المعاملة التأمينية واإلشراف عليها مباشرة وسن‬
‫قوانين وأنظمة لها‪ ،‬ولم تقف عند هذا الحد‪ ،‬بل جعلته إجباراً في بعض أنواعه‪.‬‬


Slide 108

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫مفهوم عقد التأمين التجاري‬


Slide 109

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪109‬‬

‫عرف علماء القانون الوضعي عقد التأمين بتعاريف مختلفة تبعا ً الختالف وجهات‬
‫نظرهم‪.‬‬
‫من هذه التعاريف ما قاله بعضهم‪ " :‬هو عقد يتعهد بمقتضاه شخص ُيس َّمى‬
‫يعوض شخصا ً آخر ُيس َّمى المؤ َّمن له عن خسارة احتمالية‬
‫المؤ ِّمن بأن ِّ‬
‫يت َّعرض لها هذا األخير مقابل مبلغ من النقود هو القسط الذي يقوم المؤ َّمن‬
‫له بدفعه إلى المؤ ِّمن ”‬
‫و منها تعريف الفرنسي هيمار بكتابه في شرح التأمين‪ " :‬التأمين عملية‬
‫بمقتضاها يحصل أحد الطرفين‪ ،‬و هو المؤ َّمن له‪ ،‬نظير دفع قسط على تعهد‬
‫لصالحه أو لصالح الغير من الطرف اآلخر و هو المؤ ِّمن‪ ،‬تعهد بمقتضاه أن‬
‫يدفع هذا األخير أداء معينا ً عند تحقق خطر معين‪ ،‬و ذلك عن طريق تجميع‬
‫المقاصة بينهما وفقا ً لقوانين اإلحصاء“ ‪.‬‬
‫المخاطر و إجراء‬
‫َّ‬
‫وهذا التعريف يتميز عن سابقه باشتماله على أهم دعامة يقوم عليها هذا العقد‪ ،‬وهي‬
‫توزيع الخسائر بين المؤمَّن لهم بجانب بيانه للعالقة بين المؤ َّمن له والمؤمِّن‪،‬‬
‫فضالً عن أنه ينطبق على جميع أنواع التأمين‪ ،‬فهو يشمل التأمين من‬
‫األضرار‪ ،‬والتأمين على األشخاص‪.‬‬


Slide 110

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪110‬‬

‫صت المادة (‪ )713‬من القانون المدني السوري‪ ،‬و المادة (‪ )747‬من‬
‫ون َّ‬
‫القانون المدني المصري بأنه‪ ":‬عقد بين طرفين أحدهما يسمى المؤ ِّمن و‬
‫الثاني المؤ َّمن له ( أو المستأمن ) يلتزم فيه المؤ ِّمن بأن يؤدي إلى المؤ َّمن‬
‫لمصلحته مبلغا ً من المال‪ ،‬أو إيراداً مرتباً‪ ،‬أو أي عوض مالي آخر‪ ،‬في حالة‬
‫وقوع حادث أو تحقق خطر مبين في العقد‪ ،‬و ذلك في مقابل قسط أو أية‬
‫دفعة مالية أخرى يؤديها المؤ َّمن له إلى المؤ ِّمن"‬
‫وفي العصر الحاضر ال يقوم بالتأمين فرد نحو فرد‪ ،‬بل تقوم به شركات أو‬
‫مؤسسات مساهمة كبيرة يتعامل معها عدد ضخم من المستأمنين‪ ،‬فيجتمع‬
‫لها مبالغ كبيرة من أقساط التأمين‪ ،‬وتؤدي هذه األقساط المتجمعة ما يستحق‬
‫عليها من تعويضات عند وقوع الحوادث المؤمن منها‪ ،‬ويبقى رأس مالها‬
‫سنداً احتياطياً‪ ،‬ويتكون ربحها من الفرق بين ما تجمعه من أقساط وما تدفعه‬
‫من تعويضات‬


Slide 111

‫عناصر عقد التأمين‪:‬‬
‫يؤخذ من خالل التعريفات السابقة لعقد التأمين أن له عناصر أساسية يتكون منها‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫األول‪ :‬المؤ ِّمن‪ :‬وهو الطرف الذي يمثل التأمين كشركة أو مؤسسة يؤخذ على‬
‫عاتقه التعويض عند تعرض الطرف اآلخر للحادث أو لكارثة المؤ َّمن ضده‪.‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫الثاني‪ :‬المؤ َّمن له‪ :‬وهو الطرف الذي تعاقد مع المؤ ِّمن‪ ،‬والتزم بمقتضى عقد‬
‫التأمين‪ ،‬أن يدفع للمؤمن بدالً ماليا ً معيناً‪ ،‬يدفع وفق االتفاق جملة واحدة‪ ،‬أو‬
‫أقساطا ً‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬اإليجاب والقبول‪ :‬ويأتي اإليجاب من جانب طالب التأمين‪ ،‬ويجب أن يبلغ‬
‫هذا اإليجاب إلى المؤمن‪ ،‬ثم القبول‪ ،‬وال بد أن يكون مطابقا ً لإليجاب‪ ،‬أي اتحاد‬
‫إرادتي المتعاقدين‪ ،‬والقبول في عقد التأمين مجرد إذعان لما يمليه الموجب‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬المستفيد‪ :‬وهو الذي يعينه المؤمن له ليستفيد من عقد التأمين عند وقوع‬
‫الحادث المؤمن ضده‪ ،‬كالولد والزوجة‪.‬‬

‫‪111‬‬


Slide 112

‫الخامس‪ :‬مبلغ التأمين‪ :‬وهو محل التزام شركة التأمين‪ ،‬فشركـة التأمين تتعهد‬
‫بمقتضى عقـد التأمين بأن تدفع للمؤ َّمن له‪ ،‬أو للمستفيد عند وقوع الخطر أو‬
‫الحادث للمؤمن منه‪ ،‬في مقابل األقساط الذي يدفعه المؤمن له لهذه الشركة أو‬
‫المؤسسة‪.‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪112‬‬

‫السادس‪ :‬قسط التأمين‪ :‬وهو محل التزام المؤ َّمن له‪ ،‬حيث يدفع المؤمن له‬
‫مبلغا ً من المال للمؤ ِّمن بشكل دوري ومحدد‪ ،‬مقابل تعهد اآلخر بدفع مبلغ تأمين‪،‬‬
‫عند وقوع الخطر المؤ َّمن منه‬
‫السابع‪ :‬الخطر‪ :‬وهو الحادث االحتمالي الذي قد يقع وقد ال يقع‪ ،‬دون أن يكون‬
‫وقوعه أو عدم وقوعه متوقفا ً على إرادة أحد العاقدين‪ ،‬بل إن ذلك موكول إلى هللا‬
‫تعالى وحده‪ ،‬وذلك كموت المؤ َّمن على حياته أو بقائه حيا ً إلى وقت معين‪ ،‬أو‬
‫غرق البضاعة‪ ،‬أو حريق المنزل المؤ َّمن عليه‪ ،‬فإن وقوع الحريق أو عدم‬
‫وقوعه‪ ،‬وبقاء إنسان حيا ً في وقت معين أو عدم بقائه‪ ،‬أمر احتمالي‪ ،‬قد يكون‬
‫وقد ال يكون‪ ،‬وموت إنسان وإن كان أمراً محقق الوقوع إال أن زمن وقوعه غير‬
‫محقق‪ ،‬فإذا ما تحقق هذا الخطر ووقع الحادث‪ ،‬وعلى إثرها يثبت للمؤ َّمن له مبلغ‬
‫التأمين من قبل المؤ ِّمن‪.‬‬


Slide 113

‫خصائص عقد التأمين ‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪113‬‬

‫يختص عقد التأمين التجاري بالخصائص التالية‪:‬‬
‫األول‪ :‬عقد التأمين عقد معاوضة‪ :‬إن عقد التأمين من عقود المعاوضات المالية‪،‬‬
‫وليس من عقود التبرعات‪ ،‬ألنه يقوم على أساس المبادلة‪ ،‬فكل من طرفي العقد‬
‫يأخذ مقابالً لما أعطي‪ ،‬فالمؤ ِّمن يأخذ األقساط لقاء تحمله أضرار الحادث عند‬
‫وقوعه‪ ،‬وهو التعويض‪ ،‬والمؤ َّمن له يدفع األقساط ليأخذ مبلغ التأمين إذا وقعت‬
‫الحادثة‪ ،‬وهو يقابل عقد التبرع الذي يعطي فيه أحد العاقدين لآلخر ماالً دون‬
‫مقابل‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬عقد التأمين عقد جديد‪ :‬إن عقد التأمين عقد جديد‪ ،‬لم يرد ضمن زمرة‬
‫العقود المسماة في الفقه اإلسالمي‪ ،‬ولهذا يقوم على االجتهاد في استنباط‬
‫األحكام الناظمة له‪ ،‬وقد نظمت أحكامه في القانون المدني‪ ،‬والقوانين الخاصة‬
‫به‪ ،‬فأصبح من العقود المسماة في القانون‪ ،‬وله أحكام خاصة به‪ ،‬يلتزم بها عند‬
‫التعاقد‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬عقد التأمين عقد احتمالي أو غرر‪:‬‬
‫إن عقد التأمين من عقود الغرر أو العقود االحتمالية التي ال يستطيع فيه كل من‬
‫المتعاقدين أو أحدهما في وقت العقد معرفة قدر ما يعطى او يؤخذ من المال‪،‬‬
‫فال يتحدد قدر تضحيته إال في المستقبل تبعا ً ألمر غير محقق الحصول أو غير‬
‫معروف وقت حصوله‪.‬‬


Slide 114

‫الرابع‪ :‬عقد التأمين عقد ملزم‪:‬‬
‫إن عقد التأمين من العقود الملزمة للمتعاقدين وقت إبرامه‪ ،‬وهذا االلتزام إنما هو بالنسبة‬
‫للمؤ َّمن له‪ ،‬فهو يلتزم دفع األقساط في مقابل التزام المؤ ِّمن بدفع مبلغ التأمين إذا تحقق‬
‫الخطر المؤ َّمن منه‪ ،‬وال يملك أحد المتعاقدين فسخ العقد‪ ،‬أو إنهاءه بإرادته المنفردة‪ ،‬إال‬
‫برضى العاقد اآلخر‪ ،‬أو إذا وجد سببا ً قانونيا ً يجيز ذلك‪.‬‬

‫الخامس‪ :‬عقد التأمين عقد إذعان‪:‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪114‬‬

‫إن عقد التأمين من عقود اإلذعان‪ ،‬بمعنى أن يكون فيه أحد المتعاقدين مضطراً أن يقبل‬
‫الشروط التي وضعها الطرف اآلخر دون مناقشة وال تعديل‪ .‬واعتبار أن اإلذعان إنما هو‬
‫بالنظر إلى المؤ ِّمن‪ ،‬ألنه الجانب األقوى‪ ،‬فشركات التأمين تتمتع بمركز مالي قوي‪ ،‬وفي‬
‫إمكانها أن تقرر على جمهورها من الشروط ما تراه محققا ً لمصالحها‪.‬‬

‫السادس‪ :‬عقد التأمين عقد رضائي‪ :‬إن عقد التأمين عقد رضائي‪ ،‬ينعقد‬
‫بمجرد اقتران اإليجاب بالقبول دون حاجة إلى إجراء شكلي‪ ،‬ألن الفقه والقانون‬
‫لم يشترطا أن يتم التأمين بشكل خاص‪ ،‬كالتسجيل في دائرة معينة‪ ،‬أو تصديقه‬
‫لدى جهة رسمية‪ ،‬كما هو في الحال في عقد الزواج ونحوه ‪.‬‬


Slide 115

‫السابع‪ :‬عقد التأمين عقد زمني‪:‬‬
‫إن عقد التأمين عقد زمني أو ممتد‪ ،‬ألن الزمن عنصر جوهري فيه‪ ،‬ذلك ألن التأمين‬
‫يكون ضد حادث يحتمل الوقوع في المستقبل‪ ،‬والتأمين يمتد إلى فترة زمنية متفق عليها‪،‬‬
‫غالبا ً ما تكون سنة‪ ،‬فإذا ما وقع الحادث المؤ َّمن ضده‪ ،‬خالل هذه السنة والتي يشملها‬
‫التأمين‪ ،‬تقوم الشركة المؤمنة بالتعويض عن الضرر‪ ،‬وإن وقع الحادث بعد انتهاء المدة‪،‬‬
‫فال تلتزم الشركة بشيء‪ ،‬ألن التأمين ينتهي بانتهاء مدته‪.‬‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪115‬‬

‫الثامن‪ :‬عقد التأمين عقد تجاري‪:‬‬
‫إن عقد التأمين من العقود التجارية‪ ،‬ومعروف أن الشركات المساهمة إنما تقوم بقصد‬
‫الربح المادي‪ ،‬وشركات التأمين شأنها في ذلك شأن باقي الشركات المساهمة‪ ،‬وهي في‬
‫سبيل تحقيق هذا الهدف تح ِّمل القسط أعباء مختلفة‪ ،‬كمصاريف اإلدارة والسماسرة‪ ،‬وكل‬
‫ما يتعلَّق بسير أمور الشركة‪ ،‬ويضمن لها تحقيق أكبر قسط من الربح الحاصل إليها عن‬
‫طريق جمهورها باستثمار أموالهم المتجمعة لديها بمختلف الطرق‪ ،‬ثم الحاصل عن طريق‬
‫الفروقات بين األقساط المحصلة والتعويضات المدفوعة عند وقوع الحادث‪.‬‬


Slide 116

‫أنواع التأمين التجاري‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪116‬‬

‫يتنوع التأمين التجاري باعتبار موضوعه إلى عدة أنواع‪ :‬نعرضها‬
‫بإيجاز فيما يلي‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬التأمين البحري‪:‬‬
‫وهو الذي يتعلق بالتأمين من أخطار النقل بطريق البحر‪ ،‬سواء كان‬
‫تأمينا ً على البضائع‪ ،‬أو على السفن‪ ،‬ويلحق بالتأمين البحري التأمين‬
‫من أخطار النقل عن طريق األنهار والترع والقنوات‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬التأمين البري‪:‬‬
‫ويقصد به التأمين من األخطار التي ال تتصل بالنقل البحري وما‬
‫ألحق به‪ ،‬ويتفق التأمين الجوي مع التأمين البري في كثير من‬
‫أحكامه‪ ،‬والتأمين البري ينقسم بدوره إلى قسمين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬التأمين على األشخاص‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬التأمين من األضرار‪.‬‬


Slide 117

‫القسم األول‪ :‬التأمين على األشخاص‪:‬‬
‫ويقصد به التأمين من األخطار التي تهدد الشخص في حياته أو في سالمة جسمه‬
‫أو صحته أو قدرته على العمل‪ ،‬والتأمين على األشخاص نوعان‪:‬‬
‫الفرع األول‪ :‬التأمين على الحياة‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪117‬‬

‫وهو عقد يتعهد بمقتضاه المؤ ِّمن بأن يدفع للمؤ َّمن له أو لورثته أو للمستفيد‬
‫المبين بالعقد مبلغا ً معينا ً أو مرتباً‪ ،‬وذلك عند حدوث الوفاة‪ ،‬أو أي حدث آخر‬
‫متفق عليه‪ ،‬وذلك لقاء قيام المؤ َّمن له بدفع مبلغ من المال ‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬التأمين من اإلصابات (الحوادث)‪:‬‬
‫وهو عقد بمقتضاه يدفع المؤ ِّمن مبلغا ً من المال عند وقوع اإلصابة المؤ َّمن منها‪،‬‬
‫كأن يموت في حادث مفاجئ أو يصاب في جسمه إصابة تعجزه عن العمل عجزاً‬
‫دائما ً أو مؤقتاً‪ ،‬ويلحق بالتأمين من اإلصابات التأمين من المرض‪ ،‬وفيه يؤمن‬
‫الشخص نفسه من العجز عن العمل الذي يترتب على المرض‪ ،‬وتدخل في ذلك‬
‫نفقات العالج مقابل أن يدفع المؤ َّمن له قسطا ً شهريا ً من المال ‪.‬‬


Slide 118

‫القسم الثاني‪ :‬التأمين من األضرار‪:‬‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫وهو تأمين ال يتعلق بشخص المؤ َّمن له‪ ،‬بل بما له‪ ،‬فيؤمن نفسه من‬
‫األضرار التي تصيبه في ماله‪ ،‬ويتقاضى من شركة التأمين تعويضا ً‬
‫عن هذا الضرر‪ ،‬في حدود المبلغ المتفق عليه في عقد التأمين‪ ،‬فهذا‬
‫التأمين له صفة تعويضية‪ ،‬وليس للمؤ َّمن له أن يحصل على تعويض‬
‫من المؤ ِّمن إال إذا لحقه ضرر في ماله‪ ،‬ويكون ما يحصل عليه دائما ً‬
‫في حدود قيمة الضرر الذي أصابه‪ ،‬ولهذا النوع فرعان ‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬التأمين على األشياء‪:‬‬
‫ويقصد به التأمين من األضرار التي تلحق بشيء معين‪ ،‬كتأمين‬
‫المنزل من الحريق‪ ،‬والمزروعات من التلف‪ ،‬والمواشي من الموت‪،‬‬
‫والتأمين من السرقة والتبديد‪ ،‬وتأمين الدين‪.‬‬

‫‪118‬‬


Slide 119

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪119‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬التأمين من المسئولية‪:‬‬
‫وفيه يؤمن الشخص نفسه من الضرر الذي يصيبه في ماله في حالة‬
‫تحقق مسئوليته قبل المضرور‪ ،‬ورجوع هذا المضرور عليه‪،‬‬
‫فشركة التأمين ال تعوض المضرور نفسه‪ ،‬بل يعوضه المؤمَّن له‪،‬‬
‫ثم يرجع على شركة التأمين بمقدار هذا التعويض‪.‬‬
‫والمسئوليات التي يؤمن اإلنسان منها نفسه كثيرة منها‪:‬‬
‫فقد يؤمن نفسه من مسئوليته عن حوادث سيارته أو من مسئوليته‬
‫عن الحريق أو من مسئوليته المهنية‪ ،‬أو من مسئوليته عن حوادث‬
‫النقل‪ ،‬ومن بين هذه المسئوليات ما يكون التأمين منه إجباريا ً‬
‫كالتأمين من حوادث العمل والتأمين من حوادث السيارات‪ ،‬ومنها ما‬
‫يكون اختيارياً‪ ،‬وهو الغالب‪.‬‬


Slide 120

‫املبحث الثالث‪:‬‬
‫عقد التأمين التجاري في نظر الفقهاء املعاصرين‬
‫إن عقد التأمين من العقود الحادثة التي لم تكن موجودة في عصر الرسول‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وال في عصر الخلفاء الراشدين‪ ،‬وال في عصور‬
‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫المذاهب الفقهية‪ ،‬وربما يعود سبب ذلك إلى أن اإلسالم يضمن كل ما يحقق‬
‫التكافل االجتماعي من خالل نظام الزكاة‪ ،‬ونظام النفقات‪ ،‬وبيت المال‪ ،‬إضافة‬
‫إلى رعاية حقوق األخوة اإلسالمية‪ ،‬ومن هنا لم يكن الفرد المسلم بحاجة‬
‫إلى نظام التأمين‪ ،‬حتى التأمين على الحياة‪ ،‬وذلك ألن الرسول الكريم‬
‫عليه وسلم يقول‪ " :‬من ترك ماالً فلورثته أو ترك كالً فإلينا "‪.‬‬

‫‪120‬‬

‫صلى هللا‬


Slide 121

‫وإنما نشأت عقود التأمين خالل القرون األخيرة‪ ،‬لذلك كان أول فقيه‬
‫تحدث عنها هو الفقيه الحنفي العالمة محمد أمين الشهير بابن عابدين‬
‫(المتوفى ‪1252‬هـ‪1836-‬م) في حاشيته‪ :‬رد المحتار على الدر‬
‫المختار‪ ،‬حيث قال‪" :‬وبما قررناه من عدم جواز أخذ مال الكافر الحربي بعقد‬

‫د‪ .‬بسام حسن العف‬

‫‪121‬‬

‫فاسد‪ ،‬وجوازه في دار الحرب برضاه ولو بربا‪ ،‬يظهر جواب ما كثر السؤال عنه‬
‫في زماننا‪ ،‬وهو أنه جرت العادة أن التجار إذا استأجروا مركبا ً من حربي يدفعون‬
‫له أجرته‪ ،‬ويدفعون أيضا ً ماالً معلوما ً لرجل حربي مقيم في بالده‪ ،‬ويسمى ذلك‬
‫المال سوكرة‪ ،‬على أنه مهما هلك من المال الذي في المركب بحرق أو غرق أو‬
‫نهب أو غيره‪ ،‬فذلك الرجل ضامن له بمقابلة ما يأخذه منهم‪ ،‬وله وكيل عنه‬
‫مستأمن في دارنا يقيم في بالد السواحل اإلسالمية بإذن السلطان يقبض مال‬
‫السوكرة‪ ،‬وإذا هلك من مالهم في البحر شيء يؤدي ذلك المستأمن للتجار بدله‬
‫تماما ً ‪”..‬‬
‫ثم قال‪ " :‬والذي يظهر لي أنه ال يحل للتاجر أخذ بدل الهالك من ماله‪ ،‬ألن هذا‬
‫التزام ما لم يلزم … "‪.‬‬


Slide 122

‫وخالصة ما يدل عليه كالم ابن عابدين أن عقد التأمين بصورته الحالية باطل‪ ،‬لكنه‬
‫إذا وقع في ديار غير اإلسالم فإنه يجوز للمسلم أن يأخذ بدل الهالك من الكافر‬
‫الحربي إذا رضي بنا ًء على رضاه‪ ،‬وليس على كون العقد صحيحاً‪ ،‬وهذا رأي أبي‬
‫حنيفة ومحمد في أموال الحربي في دار الحرب‬
‫وبعد فتوى العالمة ابن عابدين تناول الفقهاء المعاصرون هذه المسألة‪ ،‬واختلفوا‬
‫فيها بين محرم ومجيز ومتوسط على ثالثة آراء‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬ذهب فريق من الفقهاء المعاصرين ‪ -‬وهم األكثر عدداً ‪ -‬إلى عدم‬
‫جواز عقد التأمين التجاري‬
‫الرأي الثاني‪ :‬وذهب فريق آخر من الفقهاء المعاصرين إلى جواز عقد التأمين‬
‫التجاري ‪.‬‬
‫الرأي الثالث‪ :‬وذهب فريق ثالث من الفقهاء المعاصرين إلى التوسط بين الرأيين‬
‫السابقين‪ ،‬حيث يحرم بعض أنواع عقود التأمين‪ ،‬ويجيز بعضها ‪.‬‬
‫‪122‬‬


Slide 123

‫منشأ الخالف بين الفقهاء المعاصرين في التأمين التجاري‪:‬‬
‫يرجع الخالف بين الفقهاء المعاصرين في هذه المسألة إلى األمور‬
‫التالية‪:‬‬
‫أ ‪ .‬التأمين عقد جديد‪ ،‬لم يرد به دليل خاص‪ ،‬ولهذا يقوم على‬
‫االجتهاد بالرأي‪ ،‬واالجتهاد بالرأي من أهم أسباب اختالف الفقهاء ‪.‬‬
‫ب‪ .‬اختالف الفقهاء المعاصرين في وصف التأمين وتكييفه‪ ،‬فمن‬
‫وصف التأمين بأنه ضرب من ضروب التعاون على الخير‪ ،‬أفتى‬
‫بجوازه‪ ،‬ومن وصفه بأنه ضرب من ضروب القمار والربا والغرر‪،‬‬
‫أفتى بحرمته‪.‬‬
‫‪123‬‬


Slide 124

‫األدلــة‪:‬‬
‫استدل الفريق األول على عدم جواز التأمين التجاري بما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬عقد التأمين يشتمل على غرر مفسد للعقد‪:‬‬
‫إن عقود التأمين الحالية نوع من بيع الغرر الفاحش الذي يفسد عقود المعاوضات‪،‬‬
‫حيث أن كالً من المؤ َّمن له‪ ،‬وشركة التأمين يتعاقدان على أمور قد يمر العمر كله‬
‫وال يقع هذا األمر الذي تعاقدا عليه‪ ،‬علما ً أن المؤ َّمن له قد دفع إلى شركة التأمين‬
‫أمواالً كثيرة مقسطة‪ ،‬ولم يستفد أية فائدة‪ ،‬فهل يوجد غرر أفظع من هذا الغرر‬
‫الذي ال ُتدرى عاقبته‪ ،‬وال تعرف نهايته؟‪.‬‬
‫وقد جاء تحريم عقد الغرر في أحاديث كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬ما روي عن أبي هريرة رضي‬
‫هللا عنه قال‪ " :‬نهى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع‬
‫الغرر" وفي رواية عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم " نهى عن بيع الغرر"‪.‬‬
‫‪124‬‬


Slide 125

‫‪ .2‬عقد التأمين يشتمل على الربا بنوعيه‪:‬‬
‫إن عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل‪ ،‬وربا النسيئة‪ ،‬فإن‬
‫شركة التأمين إذا دفعت للمؤ َّمن له أو الورثة أو للمستفيد أكثر مما‬
‫دفعه من النقود‬
‫لها‪ ،‬فهو ربا فضل‪ ،‬وإن كان مساويا ً لما دفعه بعد مدة‪ ،‬فيكون ربا‬
‫نسيئة‪ ،‬وهذا الربا محرم بالنص واإلجماع ومفسد للعقد باتفاق‬
‫الفقهاء ‪.‬‬
‫باإلضافة إلى أن شركات التأمين تقوم باستثمار أموالها في البنوك‬
‫الربوية‪ ،‬وهذا قطعا ً حرام بنصوص الشريعة الغراء ‪.‬‬
‫‪125‬‬


Slide 126

‫‪ .3‬عقد التأمين يشتمل على الميسر‪:‬‬
‫إن اإلسالم حرم الميسر والمقامرة والمراهنة في قوله تعالى‪} :‬إِ َّنما ا ْلخ ْم ُر‬
‫س مِنْ عم ِل ال َّ‬
‫اب و ْ‬
‫اجتنِ ُبوهُ لعلَّ ُك ْم ُت ْفلِ ُحون{‪،‬‬
‫ان ف ْ‬
‫األزال ُم ِر ْج ٌ‬
‫وا ْلم ْيسِ ُر واألنص ُ‬
‫ش ْيط ِ‬
‫والميسر مفسد لعقود المعاوضات وعلة فساد عقود المعاوضات بالميسر هي‬
‫االحتمال والغرر والجهالة‪ ،‬حيث أن كل من المتقامرين والمتراهنين ال يستطيع‬
‫أن يحدد هل سيحصل له العوض أو ال يحصل ألن تحصيل العوض يتوقف على‬
‫كسب اللعب وهو احتمالي‪.‬‬
‫وهذه العلة متحققة في عقد التأمين التجاري فالمستأمن ال يعرف إن كان‬
‫سيحصل على العوض أم ال ألن حصوله عليه متوقف على حدوث الخطر كما في‬
‫القمار متوقف على كسب اللعب‪.‬‬

‫‪126‬‬


Slide 127

‫‪ .4‬عقد التأمين يشتمل على تح ٍد للقدر اإللهي ‪:‬‬
‫إن عقد التأمين على الحياة فيه تحد كبير للقدر اإللهي‪ ،‬ال سيما‬
‫في التأمين على الحياة‪ ،‬فمن عقيدة المسلم أن األعمار بيد هللا‪،‬‬
‫فمن يتعهد لغيره أن يعيش كذا من العمر‪ ،‬وإال كان ضامنا ً لورثته‬
‫مبلغا ً من المال‪ ،‬وكذا الذي يعتمد على هذا القول ويتعاقد على‬
‫أساسه‪ ،‬طمعا ً في التعويض‪ ،‬كالهما خارج عن مقتضى هذه‬
‫العقيدة‪.‬‬

‫‪127‬‬


Slide 128

‫واستدل الفريق الثاني على جواز التأمين التجاري بما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬قياس عقد التأمين على عقد المواالة‪:‬‬
‫عقد المواالة‪ :‬هو أن يتفق شخص ممن أسلم من غير العرب مجهول‬
‫النسب مع عربي معروف النسب على أن يلتزم العربي بالدية إذا جنى‪،‬‬
‫ويلتزم غير العربي بأن يكون العربي وارثه إذا لم يكن له وارث سواه‪،‬‬
‫وهذه الرابطة سميت عند الحنفية "والء المواالة "‪.‬‬
‫وعقد التأمين يشبه عقد المواالة من حيث طرفا العقد وعوضاه‪ ،‬فالمؤ ِّمن‬
‫(الشركة) تشبه مولى المواالة‪ ،‬و المؤ َّمن له يشبه المعقول عنه‪ ،‬و‬
‫العوض الذي يلتزم به المؤ ِّمن‪ ،‬وهو مبلغ التأمين الذي يدفعه عند تحقق‬
‫الخطر يشبه الدية التي يدفعها مولى المواالة‪ ،‬في مقابل العوض الذي‬
‫يلتزم به المعقول عنه‪ ،‬وهو التركة‪ ،‬يشبه أقساط التأمين التي يدفعها‬
‫المؤ َّمن له‪.‬‬
‫‪ 128‬وبهذا يشبه عقد التأمين عقد المواالة و هو صورة حية من صور عقد‬
‫التأمين من المسئولية‪.‬‬


Slide 129

‫عقد التأمين‬

‫عقد الموالة‬

‫تعويض‬

‫أقساط‬

‫المؤمن‬

‫المؤمن له‬

‫مولى الموالة‬

‫يدفع دية‬
‫‪129‬‬

‫المعقول عنه‬

‫تورث تركته‬


Slide 130

‫‪ .2‬قياس عقد التأمين على نظام العواقل‪:‬‬
‫نظام العواقل‪ :‬هو إذا جنى شخص جناية قتل غير عمد‪ ،‬بحيث يكون موجبها‬
‫األصلي الدية ال القصاص‪ ،‬فإن هذه الدية توزع على أفراد عاقلته الذي يحصل بينه‬
‫وبينهم التناصر عادة‪ ،‬وهم الرجال البالغون من أهله وعشيرته‪ ،‬وكل‬
‫من كان يتناصر بهم‪ ،‬ويعتبر واحداً منهم‪ ،‬فتقسط الدية عليهم في ثالث سنين‪،‬‬
‫بحيث يتحمل أفراد العاقلة الدية‪ ،‬وتهدف الحكمة فيه إلى غايتين‪:‬‬
‫األولى‪ :‬تخفيف أثر المصيبة عن الجاني المخطئ‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬صيانة دماء ضحايا القتل الخطأ عن أن تذهب هدراً‪ ،‬ألن الجاني المخطئ قد‬
‫يكون فقيراً ال يستطيع التأدية‪ ،‬فتضيع الدية‪.‬‬
‫ووجه الشبه بين عقد التأمين ونظام العاقلة تخفيف أثر المصيبة عن المصاب عن‬
‫طريق توزيع العبء المالي على جميع المشاكل‪ ،‬مما يحول دون ذهاب دم المقتول‬
‫هدراً‪ ،‬والتأمين كذلك‪ ،‬ألن التعويض المالي المقرر عند وقوع الحادث المؤ َّمن ضده‬
‫يوزع على مجموع المؤمنين لهم‪ ،‬وهذا هو التعاون على ترميم أثر المصيبـة بعد‬
‫وقوعها‪ ،‬بدل أن تقع على رأس فرد واحد‪ ،‬وقد ال يستطيع أن يتحملها وحده‪.‬‬

‫‪130‬‬


Slide 131

‫‪ .3‬قياس عقد التأمين على ضمان خطر الطريق‪:‬‬
‫خطر الطريق‪ :‬هو أن يقول شخص آلخر‪ :‬اسلك هذا الطريق فإنه آمن‪ ،‬وإن أصابك‬
‫فيه شيء فأنا ضامن‪ ،‬فسلكه فأخذ ماله‪ ،‬حيث يضمن القائل‪.‬‬
‫وعقد التأمين على األموال من األخطار يشبه هذه المسألة من حيث التزام الضمان‪،‬‬
‫فالشركة التزمت الضمان كما أن القائل التزمه‪ ،‬فيأخذ التأمين حكم ضمان خطر‬
‫الطريق‪ ،‬وهو الجواز‪.‬‬
‫‪ .4‬قياس عقد التأمين على قاعدة االلتزامات والوعد الملزم عند المالكية‪:‬‬
‫الوعد الملزم‪ :‬هو أن الشخص إذا وعد غيره وعداً بقرض‪ ،‬أو بتحمل خسارة‪ ،‬أو‬
‫إعارة‪ ،‬أو نحو ذلك‪ ،‬مما ليس بواجب عليه في األصل‪ ،‬فهل يصبح بالوعد ملزماً‪،‬‬
‫ويقضي عليه بموجبه إن لم يف له‪ ،‬أو ال يكون ملزما ً ؟‬
‫اختلف فقهاء المالكية في ذلك على أربعة آراء‪ :‬من جملتها‪ُ :‬يقضى بالوعد مطلقاً‪،‬‬
‫أي أنها ملزمة له‪ ،‬وكذلك التأمين‪ ،‬ألن المؤ ِّمن وعد والتزم بتحمل الخسارة‬
‫‪ 131‬والتعويض عنها‪ ،‬عند وقوع الحادث المؤ َّمن ضده‪.‬‬


Slide 132

‫‪ .5‬قياس عقد التأمين على نظام التقاعد والمعاش لموظفي الدولة‪:‬‬
‫نظام التعاقد والمعاش لموظفي الدولة‪ :‬هو نظام مالي عام في عصرنا يقوم على‬
‫أساس أن يقتطع من المرتب الشهري للموظف في أعمال الدولة جزء نسبي ضئيل‬
‫محدود‪ ،‬حتى إذا بلغ الشيخوخة القانونية‪ ،‬وأُحيل إلى التقاعد‪ ،‬أخذ راتبا ً شهريا ً يبلغ‬
‫أضعافا ً مضاعفة من المبلغ الضئيل الذي كان يقتطع من راتبه شهرياً‪ ،‬وذلك بحسب‬
‫مدة عمله في الوظيفة‪ ،‬ويستمر المرتب التقاعدي الجديد ما دام حيا ً مهما طالت‬
‫حياته‪ ،‬وينتقل إلى أسرته التي يعولها من زوجة وأوالد وغيرهم بشرائط معينة بعد‬
‫وفاته‪ ،‬فما الفرق بين هذا النظام وبين عقد التأمين على الحياة ؟‬
‫ففي كليهما يدفع الشخص قسطا ً ضئيالً دوريا ً ال يدري كم يستمر به دفعه‪ ،‬وكم يبلغ‬
‫مجموعه عند التقاعد‪ ،‬وفي كليهما يأخذ الشخص أو أسرته في مقابل هذا القسط‬
‫الدوري الضئيل مبلغا ً كبيراً دوريا ً أيضا ً في التقاعد‪ ،‬وفوريا ً في التأمين على الحياة‪،‬‬
‫وقد يتجاوز كثيراً مجموع أقساط التأمين‪ ،‬وال يدري كم يبلغ في التقاعد إلى أن‬
‫ينطفئ االستحقاق وانتقاالته‪ ،‬بينما هو محدد معلوم المقدار في التأمين على الحياة‪.‬‬
‫‪132‬فالغرر والجهالة في نظام التقاعد الذي اتفق الفقهاء المعاصرون على جوازه أعظم‬
‫منها في التأمين على الحياة‪.‬‬


Slide 133

‫واستدل الفريق الثالث من العلماء المعاصرين القائل بالتفريق بين التأمين على األموال‪،‬‬
‫كالسيارات وغيرها‪ ،‬والتأمين على الحياة‪ ،‬فأجازوا التأمين على األموال دون التأمين على‬
‫الحياة‪ ،‬وقد استدلوا لجواز التأمين على األموال باألدلة التي استدل بها أصحاب الفريق‬
‫الثاني‪ ،‬واستدلوا لتحريم التأمين على الحياة بأدلة القائلين بعدم الجواز‪ ،‬وأنه ال حاجة‬
‫للتأمين على الحياة‪.‬‬

‫‪133‬‬


Slide 134

‫* المناقشة والترجيح‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬مناقشة أدلة القائلين بعدم جواز التأمين التجاري‪:‬‬
‫‪ .1‬إنَّ القول بأن عقد التأمين يشتمل على غرر مفسد للعقد غير صحيح‪ .‬ألن‬
‫المعاوضة الحقيقية في عقد التأمين تكون بين األقساط التي يدفعها المؤ َّمن له‬
‫للمؤ ِّمن‪ ،‬مقابل األمان الذي يحصل عليه من التزام المؤ ِّمن بالتعويض عن الضرر عند‬
‫وقوع الحادث وعدمه بالنسبة للمؤ َّمن له‪ ،‬سواء بعد إبرام العقد‪ ،‬ويكون عقد التأمين‪،‬‬
‫عقد معاوضة محقق النتائج فور انعقاده مقابل ذلك عقد الحراسة‪ ،‬فاألجرة تدفع في‬
‫مقابل الحصول على األمان‪ ،‬وهذا األمان ال غرر فيه‪ ،‬وكذلك القسط الشهري الذي‬
‫يدفعه المؤ َّمن له للحصول على هذا األمان‪.‬‬
‫‪ .2‬القول بأن عقد التأمين يشتمل على الربا بنوعيه شبهة واضحة‪ .‬ألن مفهوم‬
‫الربا في اإلسالم أبعد ما يكون عن موضوع التأمين الذي ال هدف له سوى الوقاية‬
‫من خطر الكوارث واألضرار‪ ،‬مما يجعله غير ذي صلة بمفهوم الربا أصالً‪.‬‬
‫‪134‬‬


Slide 135

‫‪ .3‬القول بأن عقد التأمين يشتمل على الميسر غير صحيح‪ .‬ألن الميسر يعقد على‬
‫المصادفات والحظوظ‪ ،‬وقد يضيع المتلهي به أوقاته‪ ،‬ويقتل فعاليته ونشاطه‪ ،‬وأبرز‬
‫المفارقات بين التأمين والميسر أن األخير ليس فيه أية صلة بترميم أضرار واألخطار‬
‫الطارئة على النشاط االقتصادي المنتج في ميدان الحياة اإلنسانية‪ ،‬ال بطريق التعاون‬
‫على تفتيت تلك األضرار وتشتيتها‪ ،‬وال بطريق تحمل فردي غير تعاوني‪ ،‬وال يعطي‬
‫أحداً من المتراهنين أي أمان أو طمأنينة‪ ،‬كما هو األثر المباشر في عقد التأمين‪.‬‬
‫‪ .4‬القول بأن التأمين يشتمل على تح ٍد للقدر اإللهي‪ ،‬وخاصة في التأمين على الحياة‬
‫غير صحيح‪ .‬ألن التأمين ليس ضمانا ً لعدم وقوع الحادث الخطر المؤ َّمن منه كي يتوهم‬
‫أنه تحد لألقدار‪ ،‬ألن هذا فوق قدرة اإلنسان‪ ،‬وال يرى لنفسه هذه القدرة‪ ،‬وال يعتقدها‬
‫في غيره من البشر إال مجنون‪ ،‬وإنما التأمين ضمان لترميم آثار األخطار إذا تحققت‬
‫ووقعت‪ ،‬وهو تحويل لهذه األضرار عن ساحة الفرد المؤ َّمن له الذي قد يكون عاجزاً‬
‫تخف فيها وطأتها على الجماعة‪ ،‬حتى تنتهي إلى‬
‫عن احتمالها إلى ساحة جماعية‬
‫ُّ‬
‫درجة ضئيلة جداً بحيث ال يحس بها أحد منهم‪.‬‬
‫‪135‬‬


Slide 136

‫مناقشة أدلة القائلين بجواز التأمين التجاري‪:‬‬
‫‪ .1‬قياس عقد التأمين على عقد المواالة غير صحيح‪ .‬وقياس مع الفارق‪ ،‬ومن‬
‫الفروق بينهما أن عقد التأمين هدفه الربح المادي المشوب بالغرر والميسر‪ ،‬بخالف‬
‫عقد المواالة الذي يجعل غير العربي في أسرة عربية ينتمي إليها‪ ،‬ويكون كأحد‬
‫أفرادها‪ ،‬ويحمل اسمها ولقبها وينادي بها‪ ،‬وتناصره ويناصرها‪ ،‬وجميع هذه‬
‫المعاني غير موجودة في عقد التأمين التجاري‪ ،‬هذا باإلضافة إلى أن عقد المواالة‬
‫محل خالف بين الفقهاء‪.‬‬
‫‪ .2‬قياس عقد التأمين على نظام العاقلة ال يصح‪ .‬ألن نظام العاقلة يقوم على‬
‫التعاون والتكافل االجتماعي التي تدعو إلى النصرة والتواصل‪ ،‬والتعاون دون‬
‫مقابل‪ ،‬ال على أساس التجارة والربح‪ ،‬والعاقلة أسرة يربطها الدم والرحم التي أمر‬
‫هللا بوصلها‪ ،‬وهذه المعاني غير موجودة في شركة التأمين‪.‬‬

‫‪136‬‬


Slide 137

‫‪ .3‬قياس عقد التأمين على خطر الطريق غير صحيح‪ .‬ألنه قياس مع الفارق‪،‬‬
‫والفارق‪ ،‬الضمان نوع من التبرع يقصد به اإلحسان المحض‪ ،‬بخالف التأمين‪ ،‬فإنه‬
‫عقد معاوضة تجارية يقصد منها الكسب المادي‪.‬‬
‫‪ .4‬قياس عقد التأمين على الوعد الملزم غير صحيح‪ .‬وقياس مع الفارق‪ ،‬ألن‬
‫الوعد بقرض أو إعارة‪ ،‬أو تحمل خسارة تبرع محض يدخل في مكارم األخالق‪،‬‬
‫والتأمين معاوضة تجارية باعثها الربح المادي‪ ،‬فال يغتفر فيه ما يغتفر في التبرعات‬
‫من الجهالة والغرر‪.‬‬
‫‪ .5‬قياس عقد التأمين على نظام التقاعد والمعاش لموظفي الدولة الذي يندرج‬
‫تحت التأمين التعاوني ال يصح‪ .‬ألن نظام التقاعد ال يقوم على أساس التجارة‬
‫وتحصيل األرباح عكس التأمين التجاري‪.‬‬

‫‪137‬‬


Slide 138

‫القـول الراجـح‪:‬‬
‫بعد عرض آراء الفقهاء املعاصرين وأدلتهم‬
‫ومناقشتهم يظهر لي رجحان ما ذهب إليه القائلون بعدم‬
‫جواز عقد التأمين التجاري بجميع صوره الشتماله على‬
‫الغرر والربا وامليسر‪.‬‬

‫‪138‬‬


Slide 139

‫قرارات مجمع الفقه اإلسالمي بشأن التأمين التجاري‪:‬‬

‫ نظر المجمع الفقهي في مسألة التأمين التجاري في دورته المنعقدة في مكة‬‫المكرمة في الفترة ‪4/4/1399-25/3‬هـ وأفتى ما يلي‪:‬‬
‫قرر المجلس باألكثرية تحريم التأمين بجميع أنواعه‪ ،‬سواء أكان على النفس‪،‬‬
‫أم البضائع التجارية‪ ،‬أم غير ذلك من األموال‪ ،‬كما قرر باإلجماع الموافقة على قرار‬
‫مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني بدالً من التأمين التجاري‬
‫المحرم والمنوه عنه آنفاً‪ ،‬وعهد بصياغة القرار إلى لجنة خاصة‪.‬‬
‫وقد اتخذت اللجنة المكلفة بصياغة القرار والمشكلة من أصحاب الفضيلة‬
‫الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد محمود الصواف والشيخ محمد بن عبد هللا‬
‫السبيل القرار التالي‪:‬‬
‫" بعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك قرر مجلس المجمع الفقهي باإلجماع‪،‬‬
‫عدا فضيلة الشيخ مصطفى الزرقاء تحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه‪ ،‬سواء‬
‫كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك … "‬
‫‪139‬‬


Slide 140

‫ كما نظر مجمع الفقه اإلسالمي المنبثق عن منظمة المؤتمر اإلسالمي في دورة‬‫انعقاده الثاني بجدة في الفترة‪ 16-10‬ربيع الثاني الهجري الموافق‪-22‬‬
‫‪28/12/1985‬م‪ ،‬بشأن التأمين وإعادة التأمين وقرر ما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ .‬إن عقد التأمين التجاري ذا القسط الثابت الذي تتعامل به شركات التأمين‬
‫التجاري عقد فيه غرر كبير مفسد للعقد‪ ،‬ولهذا فهو حرام شرعا ً‪.‬‬
‫ب‪ .‬إن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل اإلسالمي هو عقد التأمين التعاوني‬
‫القائم على أساس التبرع والتعاون‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة إلعادة التأمين القائم‬
‫على أساس التأمين التعاوني ‪.‬‬
‫ت‪ .‬دعوة الدول اإلسالمية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني‪ ،‬وكذلك‬
‫مؤسسات تعاونية إلعادة التأمين‪ ،‬حتى يتحرر االقتصاد اإلسالمي من االستغالل‪،‬‬
‫ومن مخالفة النظام الذي يرضاه هللا لهذه األمة‪.‬‬
‫‪140‬‬


Slide 141

‫البديل اإلسالمي لشركات التأمين التجارية‬
‫لو طهرنا عقود التأمين مما يخالف أحكام الشريعة ألصبح تأمينا ً‬
‫إسالمياً‪ ،‬ولن يتأتى ذلك إال عن طريق التعاون‪.‬‬
‫والمدخل للتأمين التعاوني هو تصورنا لجماعة يتعرضون لنوع من‬
‫كونوا فيما بينهم نظاما ً تعاونيا ً ما‪ ،‬كجمعية أو صندوق‪،‬‬
‫المخاطر‪َّ ،‬‬
‫ودفعوا مبالغ نقدية يؤدى من مجموعها تعويض ألي فرد منهم يقع‬
‫عليه الخطر‪ ،‬فإن لم تف المبالغ التي دفعوها سددوا الفرق المطلوب‪،‬‬
‫وإن زاد منها شيء بعد التعويضات أعيد إليهم أو جعل رصيداً‬
‫للمستقبل‪ ،‬وهذه الجماعة لم تهدف إلى تحقيق ربح‪ ،‬بل هو تعاون‬
‫على البر الذي أشار به الكتاب الكريم‪.‬‬
‫‪141‬‬


Slide 142

‫سعنا هذا التصور المبسط‪ ،‬وأضفنا إليه تعديالً طفيفاً‪ ،‬لوصلنا إلى‬
‫ولو و َّ‬
‫صورة التأمين التعاوني اإلسالمي‪ ،‬فبدالً من جماعة – يتعرضون لنوع‬
‫من المخاطر‪ -‬يقوم جماعات كتجار أو أهل حرف أو أفراد يتفقون جميعا ً‬
‫على دفع مقادير من المال متساوية أو متفاوتة أقساطا ً أو دفعة واحدة‬
‫واتفقوا على أن ما يدفعون من المال هو تبرع أو هبة‪ ،‬ومن مجموع ما‬
‫تحصل يعان من يقع له حادث‪ ،‬أو يعان ورثته عند وفاته دفعة واحدة‪،‬‬
‫أو على هيئة مرتب متكرر‪ ،‬وما يفيض بعد التعويضات ُير َّحل كاحتياطي‬
‫لفترة تالية‪ ،‬وحتى يتسنى تحصيل المال وحفظه والتعاقد مع األعضاء‪،‬‬
‫وصرف التعويضات يشكلون فيما بينهم " مجلس إدارة "‪ ،‬ويستخدمون‬
‫بعض العاملين لوصلنا في النهاية إلى هيئة تأمين تعاوني تؤدي نشاطاً‬
‫خالياً من أي مفسد من مفسدات العقود ‪.‬‬
‫‪142‬‬


Slide 143

‫وقد يسمى هذا النوع " بالتأمين التبادلي"؛ ألن كل عضو يتبادل مع‬
‫اآلخر معونته‪ ،‬فكل منهم مؤمن ومؤمن له‪ ،‬سواء اشتركوا في اإلدارة‬
‫أم ال‪.‬‬
‫ويجوز لهيئة التأمين التعاوني هذه أن تستثمر فائض أموالها في‬
‫مشروعات تتمشى مع أحكام الشريعة فتدر عليها عائداً إضافيا ً‪.‬‬
‫وهل يمكن قيام شركة مساهمة أو محدودة المسئولية يكون نشاطها‬
‫التأمين وفق أحكام الشريعة اإلسالمية ؟‬
‫المحور الذي تدور حوله شركة التأمين التعاوني اإلسالمي هو وجود‬
‫الكيان الذي يجمع راغبي التأمين لتحقيق متطلباتهم‪.‬‬
‫وعليه يمكن تأسيس شركة مساهمة أو محدودة المسئولية‪ ،‬ويفضل أن‬
‫يكون البنك اإلسالمي من مؤسسيها‪ ،‬يكون غرضها مزاولة أعمال‬
‫‪ 143‬التأمين التعاوني وإعادة التأمين‪.‬‬


Slide 144

‫‪144‬‬

‫وللشركة أن تستثمر فائض رأس مالها وأموالها في المشروعات‬
‫التجارية أو الصناعية أو الزراعية بأي طريق مشروع كالمضاربة‬
‫مثالً‪.‬‬
‫ويسير نشاط الشركة في خطين متوازيين هما‪:‬‬
‫‪ .1‬القيام بأعمال التأمين اعتماداً على أقساط التأمين المحصلة‪،‬‬
‫ومنها تدفع التعويضات‪.‬‬
‫‪ .2‬استثمار فائض األموال في أوجه االستثمار الجائزة شرعا ً‪.‬‬
‫ولما كان فائض األموال قد ينسحب إلى زيادة األقساط المحصلة عن‬
‫التعويضات المدفوعة واحتياطي العمليات السارية فإن األرباح الناشئة‬
‫عن االستثمار يجب أن تعود إلى المساهمين وإلى المؤ ِّمنين كل بقدر‬
‫مساهمة أمواله في االستثمار‪.‬‬


Slide 145

‫‪145‬‬

‫ونظراً ألن مصروفات اإلدارة تكون مشتركة – أي غير مقررة ‪ -‬بين ما يتعلق‬
‫بالمساهمين وما يتعلق بالمؤمنين‪ ،‬سواء في النشاط االستثماري أو خدمات‬
‫التأمين فيتعين النص في القانون النظامي للشركة على ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬األساس الذي يتبع في توزيع االستثمار بين فريقي المساهمين والمؤمنين‪.‬‬
‫‪ .2‬قواعد تقسيم المصروفات المشتركة أو تركها لمجلس اإلدارة في ختام السنة‬
‫المالية‪.‬‬
‫‪ .3‬كيفية التصرف في صافي الفائض الذي يخص المؤمنين إما بتوزيع جزء‬
‫عليهم‪ ،‬وعمل احتياطي خاص بهم بالباقي‪ ،‬أو تحويله كله إلى ذلك االحتياطي‪،‬‬
‫وذلك على هدى ما تقرره الجمعية العمومية ووفق نسب أقساط التأمين التي‬
‫دفعوها ‪.‬‬
‫‪ .4‬كيفية التصرف في صافي الفائض الذي يخص المساهمين على أن التوزيع‬
‫بينهم على حسب عدد األسهم التي يتملكها كل مساهم من رأس المال وقد طرح‬
‫مجلس هيئة كبار العلماء في الرياض في جلسته المنعقدة في ‪4/4/1397‬هـ‬
‫البديل الشرعي‪ ،‬والذي وافق عليه المجمع الفقهي حيث جاء في قراره ما يلي ‪:‬‬
‫قرر مجلس المجمع الفقهي باإلجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء‬
‫في المملكة العربية السعودية رقم (‪ )51‬وتاريخ ‪4/4/1397‬هـ من جواز التأمين‬
‫التعاوني بدالً من التأمين التجاري المحرم؛ لألدلة التالية‪:‬‬


Slide 146

‫ً‬
‫أصالة التعاونُ على تفتيت‬
‫‪ .1‬إن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها‬
‫األخطار‪ ،‬واالشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر‪ ،‬فجماعة‬
‫التأمين التعاوني ال يستهدفون تجارة وال ربحا ً من أموال غيرهم‪ ،‬وإنما يقصدون‬
‫توزيع األخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر‪.‬‬
‫‪ .2‬خلو التأمين من الربا بنوعيه‪ :‬ربا الفضل وربا النسيئة‪ ،‬فليست عقود‬
‫المساهمين ربوية‪ ،‬وال يستغلون ما جمع من األقساط في معامالت ربوية‪.‬‬
‫‪ .3‬إنه ال يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني لتحديد ما يعود عليهم من‬
‫النفع؛ ألنهم متبرعون‪ ،‬فال مخاطرة وال غرر وال مقامرة بخالف التأمين‬
‫التجاري‪ ،‬فإنه عقد معاوضة مالية تجارية‪.‬‬
‫‪ .4‬قيام جماعة من المساهمين أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من األقساط لتحقيق‬
‫الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون‪ ،‬سواء كان القيام بذلك تبرعا ً أو مقابل‬
‫أجر معين‪.‬‬
‫‪146‬‬


Slide 147

‫فصلًالتأمين‬

‫أ‪.‬منال محمد رمضان العشي‬

‫‪147‬‬


Slide 148

‫املبحث األول‬
‫بيع املرابحة لآلمر بالشراء‬
‫إن من أنواع البيوع في الفقه اإلسالمي ما يعرف باسم بيع األمانة‪ ،‬وهو البيع الذي يحدد فيه البائع الثمن‬
‫بمثل رأس المال أو أزيد منه أو أنقص‪.‬‬
‫وبيع األمانة ينقسم إلى أربعة أقسام‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ .1‬املرابحة‪ :‬وهي بيع السلعة بمثل الثمن األول وزيادة ربح معين‪ ،‬فإذا اشترى البائع السلعة بألف دينار‬
‫مثال‪ ،‬واتفق معه المشتري أن يربحه فيها مائة‪ ،‬فهذا بيع مرابحة‪.‬‬
‫‪ .2‬التولية‪ :‬وهي بيع السلعة برأس المال بال زيادة وال نقصان‪ ،‬وإن قبل البائع بيع السلعة بال ربح وال‬
‫خسارة‪ ،‬فهي تولية‪.‬‬

‫‪148‬‬


Slide 149

‫‪ .3‬اإلشراك‪ :‬هو كبيع التولية‪ ،‬إال أنه بيع بعض المبيع ببعض‬
‫الثمن‪.‬‬
‫‪ .4‬الوضيعة‪ :‬وهي بيع السلعة بخسارة معلومة‪ ،‬فإن قبل البائع‬
‫بيعها بأقل من الثمن الذي اشتريت به‪ ،‬فإن هذا هو بيع‬
‫الوضيعة أو الحطيطة‪.‬‬
‫‪ .5‬االسترسال‪ :‬وهذا القسم يلحق بيع األمانة عند المالكية‬
‫والحنابلة‪ ،‬وهو ما يسمى بيع المسترسل أو المستأمن‪،‬‬
‫وفيه يكشف العاقد أنه ال دراية له فيما هو مقدم عليه من‬
‫التعاون‪ ،‬ويركن إلى ذمة المتعاقد اآلخر‪ ،‬يطلب منه أن‬
‫‪149‬‬
‫يعامله كما يعامل سواه من الناس‪.‬‬


Slide 150

‫ا‬
‫أوال ‪ :‬تعريف املرابحة غير املصرفية‪:‬‬
‫املرابحة لغة‪ :‬مصدر من الربح‪ ،‬وهو الزيادة أو النماء في‬
‫التجارة‪.‬‬
‫أما املرابحة شرعا‪ :‬فإن للفقهاء عدة تعريفات لها تؤدي في‬
‫النهاية إلى معنى واحد‪ ،‬نختار منها على سبيل المثال‬
‫التعريف التالي‪:‬‬
‫"بيع بمثل الثمن األول مع زيادة ربح"‪.‬‬
‫‪150‬‬


Slide 151

‫ا‬
‫ثانيا ‪ :‬دليل مشروعيتها‪:‬‬
‫المرابحة بيع من البيوع المشروعة‪ ،‬ولكنها تتميز بخاصية األمانة؛‬
‫وهي مشروعة بالكتاب والسنة واإلجماع‪.‬‬
‫(أ) الكتاب ‪:‬‬

‫جاءت النصوص في كتاب هللا بأحكام عامة تدل على مشروعية‬
‫البيع‪ ،‬والمرابحة بيع من البيوع‪ ،‬ومن هذه النصوص‪:‬‬
‫‪ -1‬قال هللا تعالى‪َ } :‬وأَ َحلَّ هللاَّ البَي ََّع {‪.‬‬
‫س َعلَيكمَّ جنَاحَّ أَنَّ تَبَّتَغوا فَضالَّ ِمنَّ َرَّبِّكم{‪.‬‬
‫‪ -2‬قال هللا تعالى‪} :‬لَي ََّ‬
‫ون تِ َجا َرةَّ َعنَّ َّتَ َراضَّ ِمنكمَّ{‪.‬‬
‫‪ -3‬قال هللا تعالى‪} :‬إِالَّ أَنَّ تَك ََّ‬
‫وكما أسلفنا أن بيع المرابحة بيع بالتراضي بين العاقدين‪.‬‬

‫‪151‬‬


Slide 152

‫(ب) السنة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم لما أراد الهجرة‪ ،‬ابتاع أبو بكر رضي هللا عنه‬
‫بعيرين‪ ،‬فقال له النبي صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬ولِّني أحدهما‪ ،‬فقال‪ :‬هو لك بغير‬
‫شيء‪ ،‬فقال عليه الصالة والسالم‪ :‬أما بغير ثمن فال "‪.‬‬
‫‪ -2‬روي عن عبادة بن الصامت قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬الذهب‬
‫بالذهب‪ ،‬والفضة بالفضة‪ ،‬والبر بالبر والشعير بالشعير‪ ،‬والتمر بالتمر‪ ،‬والملح‬
‫بالملح‪ ،‬مثالَّ بمثل‪ ،‬سواء بسواء‪ ،‬يداَّ بيد‪ ،‬فإذا اختلفت األصناف فبيعوا كيف شئتم‬
‫إذا كان يداَّ بيد "‪.‬‬
‫‪ -3‬وقال صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬إنما البيع عن تراضَّ "‪.‬‬
‫‪ -4‬وما روي عن رفاعة بن رافع رضي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم سَّئل‬
‫أي الكسب أطيب؟ قال‪ " :‬عمل الرجل بيده‪ ،‬وكل بيع مبرور"‪.‬‬
‫من خالل عموم األحاديث النبوية الدالة على مشروعية البيع نستدل على مشروعية‬
‫المرابحة؛ باعتبارها نوعاَّ من البيوع‪.‬‬
‫‪152‬‬


Slide 153

‫(ت) اإلجماع ‪:‬‬
‫تعامل المسلمون بالمرابحة في سائر العصور دون نكير‪ ،‬فكان ذلك إجماعاَّ على جوازها ‪.‬‬

‫يقول ابن رشد‪ :‬أجمع جمهور الفقهاء على أن البيع صنفان‪ :‬مساومة ومرابحة‪ ،‬وأن‬
‫المرابحة هي أن يذكر البائع للمشتري الثمن الذي اشترى به السلعة ويشترط عليه ربحاَّ ما‬
‫للدينار أو الدرهم‪.‬‬

‫‪153‬‬


Slide 154

‫(ث) املعقول ‪:‬‬
‫توافرت في هذا العقد شرائط الجواز الشرعية‪ ،‬والحاجة ماسة إلى‬
‫هذا النوع من التصرف‪ ،‬ألنه يستفيد منه الخبير بالحوائج واألشياء‪،‬‬
‫بالبيع مع الربح‪ ،‬وغير الخبير الذي ال يحسن التجارة‪.‬‬
‫يقول المرغيناني ‪" :‬المرابحة جائزة لتوافر شروط الجواز‪ ،‬ولتعامل‬
‫الناس من غير إنكار‪ ،‬ولمساس الحاجة‪ ،‬ألن الغبي الذي ال يهتدي‬
‫في التجارة يحتاج إلى أن يعتمد على فعل الذكي المهتدي‪ ،‬وتطيب‬
‫نفسه بمثل ما اشترى وبزيادة ربح‪." ...‬‬

‫‪154‬‬


Slide 155

‫ا‬
‫ثالثا ‪ :‬أركان املرابحة‪:‬‬
‫إن املرابحة عقد بيع‪ ،‬فتكون أركانها ثالثة‪:‬‬
‫‪ .1‬الصيغة‪ ،‬وهي اإليجاب والقبول‪ :‬ويشترط فيهما أن يتصال في‬
‫مجلس العقد‪ ،‬وأن يتوافقا لفظاَّ ومعنى مع عدم التعليق وعدم‬
‫التأقيت‪.‬‬
‫‪ .2‬العاقدان‪ ،‬وهما البائع والمشتري‪ :‬ويشترط فيهما إطالق التصرف‬
‫وعدم اإلكراه بغير حق‪.‬‬
‫‪ .3‬املعقود عليه‪ ،‬هو الثمن والمثمن‪ :‬ويشترط فيه أن يكون طاهراَّ منتفعاَّ‬
‫به شرعاَّ مملوكاَّ للعاقد‪ ،‬أي له والية وعليه‪ ،‬ومقدوراَّ على‬
‫تسليمه‪ ،‬ومعلوماَّ للعاقدين ‪.‬‬
‫‪155‬‬


Slide 156

‫رابعا‪ :‬شروط املرابحة‪:‬‬
‫يشترط في بيع املرابحة شروط‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ .1‬العلم بالثمن األول‪ :‬يشترط أن يكون الثمن األول معلوماَّ للمشتري الثاني‪ ،‬وهذا‬
‫الشرط يشمل جميع أخوات المرابحة من التولية واإلشراك والوضيعة‪ ،‬ألنها تعتمد‬
‫كلها على أساس الثمن األول‪ ،‬أي رأس المال‪ ،‬فإذا لم يعلم الثمن األول فالبيع‬
‫فاسد إلى أن يعلم في المجلس‪ ،‬فلو لم يعلم حتى افترق العاقدان عن المجلس‪ ،‬بطل‬
‫العقد لتقرر الفساد‪.‬‬
‫‪ .2‬العلم بالربح‪ :‬يشترط أن يكون الربح معلوما‪ ،‬ألنه جزءَّ من ثمن البيع‪ ،‬سواء كان‬
‫هذا الربح قدراَّ معيناَّ أو نسبة من الثمن‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون رأس املال من املثليات‪ :‬كاألوراق النقدية بأنواعها من دينار أو دوالر أو‬
‫لاير‪ ،‬والمكيالت‪ ،‬والموزونات والعدديات المتقاربة‪.‬‬
‫‪156‬‬


Slide 157

‫ا‬
‫‪ .4‬أال يكون الثمن في العقد األول‬
‫مقابال بجنسه من أموال الربا‪ :‬فإن كان كذلك‪ ،‬كأن‬
‫اشترى مكيالَّ أو موزوناَّ بجنسه لم يجز له بيعه مرابحة‪ ،‬ألن الزيادة هنا‬
‫تكون رباَّ ال ربحا‪ ،‬وكذلك ال يجوز بيعه وضيعة‪ ،‬ولكن يجوز بيعه تولية‬
‫أو إشراكا‪ ،‬إذ إنهما بمثل الثمن في كل المبيع أو بعضه‪ ،‬فال يتحقق الربا‪.‬‬
‫أما عند اختالف الجنس فتجوز الزيادة‪ ،‬وال بأس بالمرابحة‪ ،‬كأن اشترى‬
‫ديناراَّ بعشرة دراهم‪ ،‬فباعه بربح درهم أو ثوب بعينه‪ ،‬جاز‪.‬‬
‫ا‬
‫‪ .5‬أن يكون العقد األول صحيحا‪ :‬فإن كان فاسداَّ لم يجز بيع المرابحة‪ ،‬ألن ما‬
‫بني على فاسد فهو فاسد‪.‬‬

‫‪157‬‬


Slide 158

‫ا‬
‫خامسا ‪ :‬حكم الخيانة إذا ظهرت‪:‬‬
‫ونشير هنا إلى نقطة ذكرها الفقهاء‪ ،‬وهي أن بيع المرابحة من بيوع األمانة‪ ،‬ألن‬
‫البائع مستأمن في اإلخبار عن الثمن األول للسلعة‪ ،‬وعن المصروفات المعتبرة التي‬
‫تضاف إلى ذلك الثمن‪ ،‬فإن ظهر بعد ذلك بإقرار البائع أو ببينة عليه أو بنكوله عن‬
‫اليمين‪ ،‬فإما أن تظهر الخيانة في صفة الثمن‪ ،‬أو في قدره‪،‬‬
‫فإن ظهرت في صفة الثمن‪ ،‬كما لو اشترى سلعة نسيئة‪ ،‬ولم يخبر المشتري بذلك‬
‫فله الخيار‪ ،‬إن شاء أخذ المبيع‪ ،‬وإن شاء رده لثبوت خيانته‪ ،‬وكذلك إذا لم يخبر أن‬
‫الشيء المبيع كان بدل صلح‪ ،‬فللمشتري الثاني الخيار ‪.‬‬
‫أما إذا ظهرت الخيانة في قدر الثمن‪ ،‬كأن للمشتري أيضا ً الخيار إن شاء أخذه بجميع‬
‫الثمن‪ ،‬وإن شاء رده لفوات الرضا ‪ .‬وهذا عند الحنفية ‪.‬‬
‫وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يحط من الثمن مقدار الخيانة‪ ،‬وما يقابله‬
‫من الربح‪ ،‬وليس للبائع خيار مطلقاً‪ ،‬وهل للمشتري الخيار‪ ،‬قوالن عند المالكية‬
‫والحنابلة‪ ،‬وال خيار له عند الشافعية‪.‬‬
‫‪158‬‬


Slide 159

‫خالصة القول‬
‫هذه المرابحة غير المصرفية هي التي كانت سائدة في‬
‫عصور الفقهاء القدامى وهي جائزة باتفاقهم‪ ،‬كما أنهم‬
‫صنفوها ضمن بيوع األمانات‪ ،‬أما المرابحة المصرفية أو‬
‫المرابحة لآلمر بالشراء فهي صورة استجدت وعملت بها‬
‫المصارف اإلسالمية‪.‬‬

‫‪159‬‬


Slide 160

‫الفرق بين املرابحة القديمة واملرابحة لآلمر بالشراء‪:‬‬
‫‪ .1‬السلعة في المرابحة القديمة تكون موجودة حاضرة لدى البائع مرابحة‪ ،‬وغير‬
‫موجودة وال حاضرة لديه في المرابحة لآلمر بالشراء‪.‬‬
‫‪ .2‬المرابحة القديمة تنعقد مرة واحدة في مجلس العقد‪ ،‬أما المرابحة لآلمر بالشراء‬
‫ففيها مرحلتان‪ :‬مرحلة المواعدة‪ ،‬ومرحلة المعاقدة ‪.‬‬
‫‪ .3‬الثمن في المرابحة القديمة معلوم في المجلس‪ ،‬أما في المرابحة لآلمر بالشراء‬
‫فيكون الثمن مجهوال؛ إذ لم يشتر المصرف السلعة بعد‪ ،‬ولم يعرف كلفتها أي‪ :‬ثمنها‬
‫األول‪ ،‬مع العلم أن الوعد في المرابحة لآلمر بالشراء قد أصبح ملزماَّ ‪.‬‬
‫‪ .4‬في المرابحة القديمة يكون البائع مرابحة قد اشترى السلعة لنفسه بال ريب‪ ،‬سواء‬
‫لالنتفاع بها‪ ،‬أو لالتجار بها‪ ،‬وقد يمضي وقت بين شرائها وإعادة بيعها‪ ،‬أما في‬
‫المرابحة لآلمر بالشراء فال يشتري المصرف السلعة إال بناء على طلب العميل‪،‬‬
‫ووعده بشراء السلعة‪ ،‬فهو يشتريها ال لكي ينتفع بها‪ ،‬بل ليعيد بيعها بمجرد حصوله‬
‫عليها ‪.‬‬
‫‪ .5160‬المرابحة القديمة قد تكون مرابحة حالة أو مؤجلة‪ ،‬أما المرابحة لآلمر بالشراء‬
‫فالغالب أنها مؤجلة‪ ،‬فالمصرف يشتري السلعة بثمن نقدي ليعيد بيعها بثمن مؤجل‪.‬‬


Slide 161

‫البائع فيها كله ربح نقدي لقاء جهده‬
‫َِّ‬
‫‪ .6‬المرابحة القديمة إذا كانت حالة فَ ِربحَّ‬
‫المصرف فيها كله ربح‬
‫َِّ‬
‫ووقته ومخاطرته‪ ،‬أما المرابحة المصرفية المؤجلة فَ ِربحَّ‬
‫ناشئ عن التأجيل‪ ،‬أي ربح في مقابل األجل‪ ،‬ولو أراد المصرف الحصول أيضاَّ‬
‫على ربح نقدي الرتفعت كلفة التمويل‪ ،‬وهذا يؤدي إلى إحجام الزبون عن التعامل‬
‫معه‪.‬‬
‫‪ .7‬المرابحة القديمة فيها خالف بين الفقهاء حول ما يجب أن يدخل في الثمن‬
‫األول أو ال يدخل‪ ،‬من مصاريف وأجور وسواها‪ ،‬أما المرابحة لآلمر بالشراء‬
‫فاألمر فيها ههنا سهل؛ إذ كل التكاليف تدخل في الثمن األول‪ ،‬وما يقال بعدم‬
‫إدخاله في الثمن؛ كمصاريف التأمين مثال‪ ،‬يمكن إدخاله في الربح‪.‬‬
‫‪ .8‬في المرابحة القديمة قد يكون البائع مرابحة أدخل على السلعة قيمة مضافة من‬
‫إصالح أو تصنيع أو مداواة أو خياطة أو صباغة‪ ،‬أما في المرابحة لآلمر بالشراء‬
‫فالمصرف ال يدخل على السلعة أي إضافة‪ ،‬فهو تاجر يشتري السلعة ليعيد بيعها‬
‫فوراَّ كما هي‪.‬‬
‫‪ .9‬في المرابحة القديمة قد تكون السلعة قابلة للزيادة والنماء‪ ،‬كأن تكون حيواناَّ‬
‫يسمن ويكبر ويلد‪ ،‬أو شجراَّ يثمر‪ ،‬أما المرابحة لآلمر بالشراء فال يتحمل‬
‫المصرف مثل هذه المسؤوليات في التكاثر والعلف والنماء ‪.‬‬
‫‪161‬‬


Slide 162

‫مرابحة قديمة‬

‫‪162‬‬

‫مرابحة لآلمر بالشراء‬

‫‪ ‬السلعة حاضرة وموجودة لدى البائع‬

‫‪ ‬السلعة غير موجودة لدي البائع‬

‫‪ ‬تنعقد مرة واحدة في مجلس العقد‬

‫‪ ‬فيها مرحلتين ‪ :‬مواعدة و معاقدة‬

‫‪ ‬الثمن معلوم في المجلس‬

‫‪ ‬الثمن مجهول اذ لم يشتري المصرف السلعة‬
‫بعد ولم يعرف كلفتها أي لم يعرف ثمنها األول‪.‬‬

‫‪ ‬الشراء لنفسه لالنتفاع أو االتجار وقد يمضي‬
‫وقت بين شرائها واعادة بيعها‪.‬‬

‫‪ ‬الشراء بناء على طلب العميل ووعده بشراء السلعة‬
‫فهو يشتريها ال لينتفع بها بل ليعيد بيعها بمجرد‬
‫حصوله عليها‪.‬‬

‫‪ ‬حالة أو مؤجلة ‪.‬‬

‫‪ ‬الغالب أنها مؤجلة فالمصرف يشتري السلعة‬
‫بثمن نقدي ليعيد بيعها بثمن مؤجل‪.‬‬

‫‪ ‬الربح في الحالة ربح نقدي مقابل الوقت‬
‫والجهد‪.‬‬

‫‪ ‬ربح ناشئ عن التأجيل أي ربح مقابل األجل‬

‫‪ ‬يوجد اختالف بين الفقهاء في المصاريف هل‬
‫تدخل في الثمن األول أم ال ‪.‬‬

‫‪ ‬كل التكاليف تدخل في الثمن األول أو الربح‪.‬‬

‫‪ ‬من حيث التغيرات علي السلعة تدخل فيها‬
‫قيمة مضافة مثال إصالح أو خياطة ‪.‬‬

‫‪ ‬ال يوجد تغيرات علي السلعة فهو يشتريها‬
‫ليعيد بيعها كما هي‪.‬‬

‫‪ ‬قد تكون السلعة قابلة للزيادة والنماء مثل‬
‫حيوان يسمن ويكبر ويلد أو شجر يثمر ‪.‬‬

‫‪ ‬ال يتحمل المصرف مثل هذه المسؤوليات‬
‫التكاثر والعلف والنماء‪.‬‬


Slide 163

‫المرابحةًالمصرفية‬

‫‪163‬‬


Slide 164

‫ا‬
‫سادسا ‪ :‬املرابحة املصرفية أو املرابحة لآلمربالشراء‪:‬‬
‫إن هذا النوع من المرابحة هو المهم في هذه الدراسة‪ ،‬كأسلوب من‬
‫أساليب التمويل في المصارف اإلسالمية‪ ،‬فضالَّ عن أنه أكثر العقود التي‬
‫تتعامل بها هذه المصارف‪ ،‬باعتبارها بديالَّ شرعياَّ عما تقوم به البنوك‬
‫الربوية‪.‬‬
‫تعريف املرابحة لآلمر بالشراء ‪:‬‬

‫أن يتقدم شخص إلى المصرف اإلسالمي طالباَّ منه شراء السلعة المطلوبة‬
‫بالوصف الذي يحدده الراغب‪ ،‬وعلى أساس الوعد منه بشراء السلعة‬
‫الالزمة له فعالَّ مرابحة بالنسبة التي يتفقان عليها‪ ،‬ويدفع الثمن مقسطاَّ‬
‫حسب إمكانياته التي يساعده عليها دخله‪.‬‬
‫‪164‬‬


Slide 165

‫ا‬
‫سابعا ‪ :‬الخطوات التنفيذية لعقد املرابحة لآلمربالشراء‪:‬‬

‫يمكن تقسيم الخطوات التنفيذية لعقد املرابحة لآلمر بالشراء على النحو التالي‪:‬‬

‫عملية المرابحة لآلمر بالشراء النقدية أو المحلية ألجل‪:‬‬
‫وهي عملية المرابحة التي يقوم اآلمر فيها بسداد كامل قيمة السلعة للمصرف بمجرد استالمها منه‪ ،‬وتتم‬
‫هذه العملية وفق الخطوات الخمسة التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬طلب الشراء‪ :‬يتقدم اآلمر بطلب كتابي إلى المصرف اإلسالمي يبين فيه نوع السلعة أو البضاعة أو األثاث أو‬
‫األراضي أو العقار وغيرها التي يرغب في شرائها مبيناَّ جميع أوصافها تفصيالَّ ‪.‬‬
‫‪ .2‬دراسة طلب الشراء‪ :‬يقوم المصرف بدراسة الطلب دراسة دقيقة لكافة جوانب العملية‪ ،‬وتشمل التحقق من صحة‬
‫البيانات المقدمة من اآلمر‪ ،‬وعدم مخالفة العملية ألحكام الشريعة اإلسالمية‪ ،‬وحساب التكاليف التقديرية للعملية‪،‬‬
‫والضمانات التي يمكن للمصرف الحصول عليها من كفالة وغيرها‪.‬‬
‫‪ .3‬إبرام عقد الوعد بالشراء‪ :‬في حالة توصية دراسة العملية بالتنفيذ يوقع اآلمر على عقد وعد بالشراء‪ ،‬وفيه يتحدد‬
‫مكان التسليم وزمانه‪ ،‬وبيان احتساب تكلفة العملية‪ ،‬والضمانات المطلوبة منه …‪ ،.‬ويلتزم الطرفان بموجب هذا العقد‬
‫الوفاء بوعده وتحمل تبعة النكوث‪.‬‬
‫‪ .4‬شراء السلعة‪ :‬يشرع المصرف في إجراءات شراء السلعة من المورد‪ ،‬ويتسلم المصرف أو مندوبه السلعة مقابل‬
‫الحصول منه على فاتورة بيع نهائية لصالح المصرف‬
‫‪ .5‬إبرام عقد البيع مع اآلمر مرابحة‪ :‬بعد تسلم المصرف للسلعة يتم عقد البيع بين المصرف واآلمر على أن يفي األخير‬
‫بوعده‪ ،‬ويقوم بشراء السلعة ودفع ثمنها مرابحة من المصرف ‪.‬‬
‫‪165‬‬


Slide 166

‫ا‬
‫ثامنا ‪ :‬الحكم الشرعي في بيع املرابحة لآلمربالشراء ‪:‬‬
‫اختلف العلماء المعاصرون في الحكم على هذه المعاملة‪ ،‬فمنهم من‬
‫يقول بجوازها‪ ،‬ومنهم من يقول بتحريمها‪ ،‬وكل من الفريقين دعم قوله‬
‫بأدلة حسب وجهة نظره‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أوالَّ‪ :‬القائلون بجواز بيع المرابحة لآلمر بالشراء مع كون الوعد م َّ‬
‫لزما‬
‫للمتعاقدين‪ ،‬قال به جمهور العلماء المعاصرين‪ ،‬منهم‪ :‬يوسف‬
‫القرضاوي‪ ،‬وسامي حمود‪ ،‬والصديق محمد األمين الضرير‪ ،‬وعلي‬
‫السالوس‪ ،‬وعبد الستار أبو غدة‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫‪166‬‬


Slide 167

‫وقد استدل هذا الفريق من أهل العلم على رأيه بأدلة كثيرة‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫األول‪ :‬األصل في املعامالت اإلباحة‪:‬‬

‫أن األصل في المعامالت والعقود اإلذن واإلباحة؛ إال إذا جاء نص صحيح الداللة يمنعه‬
‫ويحرمه‪ ،‬فيوقف عنده‪.‬‬
‫حيث يجب أن يكون الدليل المحرم نصاَّ ال شبهة فيه كما هو اتجاه السلف الذين نقل‬
‫عنهم ابن تيمية أنهم كانوا ال يطلقون الحرام إال على ما علم جزماَّ‪.‬‬
‫ومن ثم كان كثير من أئمة السلف يقولون‪ :‬أكره هذا األمر‪ ،‬أو ال أراه‪ ،‬أو ال يعجبني‪،‬‬
‫ونحوه‪ ،‬وال يصرحون بالتحريم إال فيما ال احتمال فيه‪.‬‬
‫ب َه َذا َحاللَّ َو ََّه َذا‬
‫سنَتَّكمَّ ال َك ِذ ََّ‬
‫َصفَّ أَل ِ‬
‫وكيف ال وهم يقرأون قوله تعالى‪َ } :‬وال تَقولوا لِ َما ت ِ‬
‫ون{‪.‬‬
‫ب َ َّال يفَّلِح ََّ‬
‫هللاِ ال َك ِذ ََّ‬
‫ون َعلَى َّ‬
‫ين َّيَفتَر ََّ‬
‫هللاِ ال َك ِذ َب‪ ،‬إِنَّ ال ِذ ََّ‬
‫َح َرامَّ لِتَفتَروا َعلَى َّ‬
‫حالالَّ قلَّ آهللاَّ‬
‫وقوله سبحانه‪} :‬قلَّ أَ َرأَيتمَّ َما أَن َز ََّل هللاَّ لَكمَّ ِمنَّ ِرزَّقَّ فَ َج َعلتمَّ ِمنهَّ َح َراما َو ََّ‬
‫ون {‪.‬‬
‫هللاِ تَفتَر ََّ‬
‫ن لَكمَّ أَمَّ َعلَى َّ‬
‫أَ ِذ ََّ‬
‫إن كلمة "حرام" كلمة كبيرة وخطيرة‪ ،‬ألن معناها أن هللا يعاقب على هذا الفعل بالنار‪،‬‬
‫‪167‬وهذا ال يجرؤ عليه مسلم يخشى هللا تعالى‪ ،‬إال أن يكون معه مستند ال يقبل الشك‪ ،‬وإال‬
‫كان قوالَّ على هللا بغير علم‪.‬‬


Slide 168

‫الثاني‪ :‬عموم النصوص الدالة على حل البيع‪:‬‬

‫الربَا {فاآلية الكريمة تدل داللة واضحة على حل جميع أنواع‬
‫قال تعالى‪َ } :‬وأَ َحلَّ هللاَّ البَي ََّع َو َحر ََّم ِّ‬
‫البيع‪ ،‬سواء كان عيناَّ بعين (المقايضة)‪ ،‬أم ثمناَّ بثمن (الصرف)‪ ،‬أو ثمناَّ بعين (السلم)‪ ،‬أو عيناَّ بثمن‬
‫(البيع المطلق)‪ ،‬وسواء كان حاالَّ أم مؤجال‪ ،‬نافذاَّ أو موقوفا‪ ،‬وسواء كان بيعاَّ بطريق المساومة‪ ،‬أو‬
‫المزايدة أم األمانة‪.‬‬
‫وبيع األمانة يشمل ثالثة أنواع‪:‬‬
‫(‪ )1‬المرابحة (هي البيع بزيادة على الثمن األول) ‪.‬‬
‫(‪ )2‬التوليـة (هي البيع بالثمن األول) ‪.‬‬
‫(‪ )3‬الوضيعة(هي البيع بأنقص من الثمن األول) ‪.‬‬
‫فهذه كلها وغيرها حالل؛ ألنها من البيع الذي أحله هللا‪ ،‬وال يحرم من البيوع إال ما حرمه هللا ورسوله‬
‫بنص صريح محكم ال شبهة فيه‬
‫وقـال اإلمـام الشافعي تفريعاَّ على قول هللا تعالى‪َ } :‬وأَ َحلَّ هللاَّ البَي ََّع {‪":‬فأصل البيوع كلها مباح إذا‬
‫كانت برضا المتبايعين الجائزي األمر (أي التصرف) فيما تبايعا‪ ،‬إال ما نهى رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم عنها‪ .‬وما كان في معنى ما نهى عنه رسول هللا صلى هللا عليه وسلم محرم بإذنه‪ ،‬يدخل في‬
‫المعنى المنهي عنه‪ ،‬وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب هللا تعالى"‪.‬‬

‫‪168‬‬


Slide 169

‫الثالث‪ :‬املعامالت مبنية على مراعاة العلل واملصالح‪:‬‬
‫إن الشرع الحنيف لم يمنع من البيوع والمعامالت إال ما اشتمل على ظلم‪ ،‬وهو أساس تحريم الربا‬
‫واالحتكار والغش ونحوها‪ ،‬أو خيف منه أن يؤدي إلى نزاع وعداوة بين الناس‪ ،‬وهو أساس تحريم‬
‫الميسر والغرر‪.‬‬
‫فالمنع معلل ومفهوم‪ ،‬وإذا فهمت العلة فإن الحكم يدور معها وجوداَّ وعدماَّ‪.‬‬
‫وهذا ما قرره الشاطبي في أن األصل في المعامالت هو االلتفات إلى العلل والمصالح والمقاصد‪.‬‬
‫ومن ثَمَّ رأينا من الفقهاء – في عصر التابعين – من يجيز التسعير مع ما ورد فيه من الترهيب‪،‬‬
‫التفاتاَّ إلى العلة والمقصد‪.‬‬
‫ورأيناهم يجيزون من البيوع والمعامالت ما فيه غرر يسير ال يفضي عادة إلى نزاع‪ ،‬مراعاة لعلة‬
‫النص الناهي عن بيع الغرر‪ ،‬والتفاتاَّ إلى حكمته وقصده‪.‬‬
‫ومثل ذلك إجازتهم عقد االستصناع – مع أنه بيع معدوم – لحاجة الناس إليه‪ ،‬وجريان العمل به‪ ،‬وقلة‬
‫النزاع فيه‪.‬‬

‫‪169‬‬


Slide 170

‫الرابع‪ :‬الحاجة إلى التيسيرورفع الحرج‪:‬‬
‫إن من مقاصد التشريع اإلسالمي التيسير ورفع الحرج عن الناس‪ ،‬وقد تضافرت النصوص‬
‫الشرعية على ذلك‪ ،‬فمنها قوله تعالى‪} :‬ي ِريدَّ هللاَّ بِكمَّ اليس َر‪َ ،‬وال ي ِريدَّ بِكمَّ العس ََّر {‪ ,‬وقوله تعالى‪} :‬‬
‫ض ِعيفا {‬
‫ف َعنكم‪َ ،‬وخلِ ََّ‬
‫ي ِريدَّ هللاَّ أَنَّ ي َخفِّ ََّ‬
‫سانَّ َ‬
‫ق اإلن َ‬
‫ِّين ِمنَّ َح َرجَّ {‪،‬‬
‫وقوله تعالى‪َ } :‬و َما َج َع ََّل َعلَيكمَّ فِي الد َِّ‬
‫وقول النبي صلى هللا عليه وسلم لمعاذ وأبي موسى األشعري رضي هللا عنهما حين بعثهما إلى‬
‫اليمن‪ " :‬يسرا وال تعسرا‪ ،‬وبشرا وال تنفرا"‪ ،‬وقوله صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬إنما بعثتم ميسرين‬
‫ولم تبعثوا معسرين "‪.‬‬
‫يقول الدكتور يوسف القرضاوي‪ " :‬إن جمهور الناس في عصرنا أحوج ما يكونون إلى التيسير‬
‫والرفق‪ ،‬رعاية لظروفهم‪ ،‬وما غلب على أكثرهم من رقة الدين‪ ،‬وضعف اليقين‪ ،‬وما ابتلوا به من‬
‫كثرة المغريات باإلثم‪ ،‬والمعوقات عن الخير‪ ..‬لهذا كان أهل الفقه والدعوة ييسرون عليهم في‬
‫مسائل الفروع‪ ،‬على حين ال يتساهلون في قضايا األصول‪ ،‬ومن كان يعمل باألحوط فهذا حسن؛ إذا‬
‫كان ذلك لنفسه وألولي العزم من المؤمنين‪ ،‬أما من كان يفتي الناس عامة‪ ،‬أو يكتب للجماهير كافة‪،‬‬
‫فينبغي أن يكون شعاره التيسير ال التعسير‪ ،‬والتبشير ال التنفير‪.‬‬
‫‪170‬‬


Slide 171

‫ثانيا‪ :‬القائلون بتحريم بيع املرابحة لآلمربالشراء‪ ،‬وبأنهَّعقدَّباطلَّ‬
‫إذاَّكانَّالوعدَّملزماَّللمتعاقدين‪َّ،‬وقدَّقالَّبهذاَّالرأيَّبعضَّالعلماءَّالمعاصرينَّمنهم‪ :‬محمد‬
‫سليمانَّاألشقر‪َّ،‬وبكرَّأبوَّزيد‪َّ،‬ورفيقَّالمصريَّوغيرهم‪.‬‬

‫وقدًاستدلًهذاًالفريقًمنًأهلًالعلمًعلىًرأيهًبأدلة؛ًأهمها‪:‬‬
‫األول‪ :‬هذه املعاملة حيلة ألخذ الربا‪:‬‬
‫إن هذه المعاملة ليست بيعاَّ وال شراء‪ ،‬وإنما هي من باب الحيلة على اإلقراض‬
‫بفائدة‪ ،‬وقد أشار إلى هذه العلة المالكية‪ ،‬كقول ابـن عبـد البرَّ في الكافي‪ " :‬معناه أنه‬
‫تحيل في بيع دراهم بدراهم أكثر منها‪ ،‬إلى أجل‪ ،‬بينهما سلعة محللة ‪.‬‬
‫مثال ذلك ‪ :‬أن يطلب رجل من آخر سلعة يبيعها منه بنسيئة‪ ،‬وهو يعلم أنها ليست‬
‫شر إلى أجل كذا‪.‬‬
‫عنده‪ ،‬ويقول له‪ :‬اشترها من مالكها هذا بعشرة‪ ،‬وهي عليَّ باثني َع َ‬
‫فهذا ال يجوز…"‪.‬‬
‫‪171‬‬


Slide 172

‫الثاني‪ :‬هذه املعاملة لم يقل بحلها أحد من الفقهاء‪:‬‬
‫إن الفقهاء الذين تحدثوا عن هذه المعاملة لم يقولوا بحلها‪ ،‬بل العكس‬
‫فقد أفتوا بحرمتها‪ ،‬مع العلم أن بعض المعاصرين زعم أن المرابحة‬
‫المصرفية عملية مستحدثة‪ ،‬إما لعدم اطالعه على أقوال الفقهاء في‬
‫هذا الباب‪ ،‬وإما ألنه أراد الذهاب فيها إلى مذهب آخر ال يوافق فيه‬
‫مذاهبهم‪ ،‬فقد نص عليها فقهاء من مذاهب مختلفة كالحنفية والمالكية‬
‫والشافعية والحنابلة ‪ ..‬وكل من نص عليها حرمها‪.‬‬

‫‪172‬‬


Slide 173

‫الثالث‪ :‬هذه املعاملة من بيوع العينة املنهي عنها‪:‬‬
‫إن هذه المعاملة تدخل ضمن بيوع العينة المنهي عنها‪ ،‬والتي يقصد منها التحيل للوصول إلى الربا‪.‬‬
‫وقد نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عـن ذلك فقال‪":‬إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر‪ ،‬ورضيتم‬
‫بالزرع‪ ،‬وتركتم الجهاد‪ ،‬سلط هللا عليكم ذالَّ ال ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"‪.‬‬
‫ووجه الداللة أن بيع العينة أحد أسباب الذلة والهزيمة فهي حرام إذن‪ ،‬وتركها أحد أسباب العزة‬
‫والكرامة‪.‬‬

‫‪173‬‬


Slide 174

‫الرابع‪ :‬هذه البيعة تتضمن بيعتين في بيعة‪:‬‬
‫ذهب بعض العلماء إلى القول بأن هذه المعاملة تدخل تحت النهي عن‬
‫بيعتين في بيعة‪ ،‬أو صفقتين في صفقة‪ ،‬في حالة اإللزام بالوعد في‬
‫المرابحة المصرفية‪ ،‬أما في حالة عدم اإللزام بالوعد فإنها ال تدخل‬
‫تحت هذا النهي‪.‬‬
‫وقد ورد عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪ " :‬من باع بيعتين في بيعة‬
‫فله أوكسهما أو الربا "‪ ،‬وروي عنه صلى هللا عليه وسلم بلفظ "‬
‫نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن بيعتين في بيعة " ‪ ،‬وروى ابن‬
‫مسعود رضي هللا عنه‪ " :‬نهى النبي صلى هللا عليه وسلم عن‬
‫صفقتين في صفقة "‪.‬‬
‫‪174‬‬


Slide 175

‫الخامس‪ :‬هذه املعاملة من بيع ما ال يملك‪:‬‬

‫إن هذه المعاملة تدخل في بيع ما ال يملك‪ ،‬أو بيع ما ليس عند البائع و‬
‫هو ما يسمى أيضاَّ بيع المعدوم‪ ،‬و هو بيع منهي عنه في أحاديث‬
‫صحيحة للنبي‪ ،‬و المصرف اإلسالمي يبيع لآلمر ما ال يملكه من السلع‬
‫التي يطلب منه شراءها من الداخل‪ ،‬أو استيرادها من الخارج‪.‬‬
‫السادس‪ :‬هذه املعاملة مبنية على القول بوجوب الوفاء بالوعد‪:‬‬
‫إن هذه المعاملة مبنية على القول بوجوب الوفاء بالوعد قضاء و ديانة‪،‬‬
‫أو أنـه ملزم ديانـة‪ ،‬و يجوز اإللزام به قضاء‪ ،‬و نحن لم نجد أحداَّ من‬
‫العلماء السابقين أفتى بهذا القول‪ ،‬بعد التمحيص و بعد النقب في البحث‪،‬‬
‫و نسب بعض المعاصرين هـذا االدعاء إلى المالكية و إلى ابن شبرمة‬
‫القاضي منهم‪ ،‬و ال تصح هذه النسبـة‪.‬‬
‫‪175‬‬


Slide 176

‫القول الراجح ‪:‬‬
‫الذي أراه راجحاَّ ما ذهب إليه القائلون بجواز بيع المرابحة لآلمر‬
‫بالشراء التي تسير المصارف اإلسالمية المعاصرة عليها؛ باعتبارها‬
‫بديالَّ شرعياَّ عما تقوم به البنوك التجارية الربوية‪.‬‬
‫و هذه المعاملة جائزة شرعا؛ لقوة أدلة هذا الفريق من أن حاجة الناس‬
‫إلى التيسير و رفع الحرج‪ ،‬و أن المعامالت مبنية على مراعاة العلل و‬
‫المصالح‪ ،‬وعموم النصوص الدالة على حل البيع‪ ،‬وألن األصل في‬
‫المعامالت اإلباحة‪.‬‬
‫• أما ما استدل به القائلون بتحريم بيع المرابحة لآلمر بالشراء من أن‬
‫هذه المعاملة حيلة ألكل الربا فغير صحيح؛ ألن المصرف اإلسالمي‬
‫يشتري حقيقة‪ ،‬ويبيع لغيره‪ ،‬كما يفعل أي تاجر‪.‬‬
‫‪176‬‬


Slide 177

‫• وما قيل من أنها معاملة لم يقل بحلها أحد من فقهاء األمة األقدمين‪ ،‬فليس من‬
‫الضروري في المعامالت العصرية أن نجد من فقهائنا السابقين من قال بحلها‬
‫صراحة‪ ،‬ولكن هناك من قال بحل هذه المعاملة في الجملة‪ ،‬وإن خالف في بعض‬
‫النتائـج أو التفاصيل‪ ،‬وذلك هو اإلمام الشافعي في كتابه األم حيث قال‪" :‬وإذا‬
‫أرى الرجلَّ الرج ََّل السلعة‪ ،‬فقال‪ :‬اشت َِّر هذه وأربحك فيها كذا‪ ،‬فاشتراها الرجل‪،‬‬
‫فالشراء جائز‪ ،‬والذي قال أربحك فيها بالخيار‪ ،‬إن شاء أحدث فيها بيعاَّ‪ ،‬وإن‬
‫شاء تركه …"‪.‬‬
‫• وما قيل من أنها من بيوع العينة المحرمة ال يعتبر تخصيصاَّ لعموم قوله تعالى‬
‫( َوأَ َحلَّ هللاَّ البَي ََّع َو َحر ََّم ال ِّربَا)؛ ألن جعل المرابحة من بيوع العينة اجتهاد من‬
‫قائله‪ ،‬اعتمد على سد ذريعة الفساد‪ ،‬وهذا االجتهاد ظني‪ ،‬واآلية القرآنية قطعية‪،‬‬
‫والظني ال يخصص القطعي كما أن االجتهاد ال يعد من مخصصات العام‪.‬‬
‫• وما قيل حول اإللزام بالوعد‪ ،‬فالمسألة خالفية‪ ،‬وتعددت فيها وجهات النظر‪ ،‬وقد‬
‫أخذ المجيزون بالقول بوجوب الوفاء بالوعد‪ ،‬وله أدلته المعتمدة‪.‬‬
‫‪177‬‬


Slide 178

‫• وما قيل من أنها بيعتان في بيعة فغير مسلم؛ ألن األحاديث التي‬
‫تنهى عن بيعتين في بيعة ال تدل على المنع‪ ،‬والمصارف‬
‫اإلسالمية التي تتعامل بهذه المعاملة غير داخلة في المعنى‬
‫المقصود من األحاديث؛ ألن المراد بها النهي عن انعقاد عقد على‬
‫ثمنين مختلفين ألجلين دون أن يحدد واحداَّ منهما‪ ،‬وهذا يؤدي إلى‬
‫المنازعة والجهالة‪ ،‬أما إذا انعقد العقد على أحد السعرين فيجوز‬
‫البيع‪ ،‬كأن يقول‪ :‬بعتك نقداَّ بكذا‪ ،‬ونسيئة بكذا‪ ،‬فيقول‪ :‬اشتريت‪،‬‬
‫ولم يحدد‪.‬‬
‫• وما قيل من أنها من بيع ما ال يملك فيه نظر؛ ألن المصارف‬
‫اإلسالمية التي تتعامل بهذه المعاملة ال تقع في النهي الوارد عن‬
‫بيع ما ليس عند اإلنسان؛ ألنها غالباَّ تعتمد على نموذجين‪:‬‬
‫أحدهما للمواعدة‪ ،‬واآلخر للمرابحة‪.‬‬
‫‪178‬‬


Slide 179

‫ا‬
‫بهذا يتبين أن بيع املرابحة لآلمر بالشراء جائز شرعا ‪.‬‬

‫وقد ناقش العلماء املعاصرون هذه املعاملة مناقشة مستفيضة في عدد من املؤتمرات‬
‫والندوات العلمية‪ ،‬وخرجوا بتوصيات‪ ،‬وأصدروا فتاوى‪ ،‬منها‪:‬‬
‫جاءَّفيَّمؤتمرَّالمصرفَّاإلسالميَّالثانيَّالمنعقدَّبالكويتَّجمادىَّاآلخرةَّسنة‪1403‬هـَّ– مارسَّ‬
‫‪1983‬م‪:‬‬
‫يقررَّالمؤتمرَّأنَّالمواعدةَّعلىَّبيعَّالمرابحةَّلآلمرَّبالشراء‪َّ،‬بعدَّتملكَّالسلعةَّالمشتراة‪َّ،‬‬
‫وحيازتها‪َّ،‬ثمَّبيعهاَّلمنَّأمرَّبشرائهاَّبالربحَّالمذكورَّفيَّالموعدَّالسابق‪َّ،‬هوَّأمرَّجائزَّشرعا‪َّ،‬‬
‫طالماَّكانتَّتقعَّعلىَّالمصرفَّاإلسالميَّمسئوليةَّالهالكَّقبلَّالتسليم‪َّ،‬وتبعةَّالردَّفيماَّيستوجبَّ‬
‫الردَّبعيبَّخفي‪.‬‬
‫وأماَّبالنسبةَّللوعدَّوكونهَّملزماَّلآلمرَّأوَّالمصرفَّأوَّكليهما؛َّفإنَّاألخذَّباإللزامَّهوَّاألحفظ‬
‫لمصلحةَّالتعاملَّواسقرارَّالمعامالت‪َّ،‬وفيهَّمراعاةَّلمصلحةَّالمصرفَّوالعميل‪َّ،‬وإنَّاألخذَّ‬
‫باإللزامَّأمرَّمقبولَّشرعا‪َّ،‬وكلَّمصرفَّمخيرَّفيَّاألخذَّبماَّيراهَّفيَّمسألةَّالقولَّباإللزام‪َّ،‬حسبَّ‬
‫ماَّتراهَّهيئةَّالرقابةَّالشرعيةَّلديه‪.‬‬
‫وليسَّهذاَّالتعاملَّمنَّالبيعتينَّفيَّبيعةَّالمنهيَّعنه؛َّألنَّالنهيَّواردَّعلىَّحالةََّّكونَّالقبولَّ‬
‫إلحدىَّالبيعتينَّمبهماَّأوَّمعلقاَّأوَّمجهوال؛َّفإنَّعينَّالمشتريَّإحدىَّالبيعتينَّجاز‪َّ،‬أوَّالنهيَّواردَّ‬
‫علىَّحالةَّاشتراطَّبيعةَّأخرى؛َّكأنَّيقول‪ :‬بعتكَّمنزليَّعلىَّأنَّتبيعنيَّفرسك‪.‬‬
‫‪179‬‬


Slide 180

‫** ضوابط املرابحة لآلمر بالشراء‪:‬‬
‫مما سبق يتبين انه ال بد من توفر ثالثة ضوابط في هذه املعاملة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن ال يبيع البنك البضاعة إالَّ إذا قبضها‪ ،‬ودخلت في ضمانه‪ ،‬قبل أن‬
‫يبيعها للزبون‪.‬‬
‫‪ .2‬أن ال يكون الثمن في بيع المرابحة قابالَّ للزيادة في حالة العجز عن‬
‫السداد‪.‬‬
‫‪ .3‬أن ال يكون بيع المرابحة ذريعة للربا؛ بأن يقصد المشتري الحصول على‬
‫المال‪ ،‬ويتخذ السلعة وسيلة لذلك‪ ،‬حيث يقوم ببيعها فوال تسلمها‬
‫للحصول على السيولة ‪.‬‬
‫‪180‬‬


Slide 181

‫ا‬
‫تاسعا‪ :‬املخالفات الشرعية في التطبيق من موظفي املصارف اإلسالمية‪:‬‬
‫تؤكد الفتاوى والتوصيات الصادرة عن هيئات الرقابة الشرعية للمصارف اإلسالمية وغيرها من‬
‫فتاوى العلماء المعاصرين على أن بعض الموظفين في المصارف اإلسالمية ال يطبقون الخطوات‬
‫العملية الصحيحة لبيع المرابحة لآلمر بالشراء‪ ،‬وال يراعون الضوابط والشروط واألحكام‬
‫الشرعية كما ينبغي‪ ،‬وهؤالء يتحملون المسئولية أمام هللا تعالى أوال‪ ،‬ثم أمام كل من له والية‬
‫الرقابة والتفتيش والتأديب في المصارف اإلسالمية‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى بعض المخالفات الشرعية التي يمكن أن تحدث في الممارسة الفعلية من‬
‫التنفيذيين في بعض المصارف اإلسالمية‪:‬‬
‫‪ .1‬دفع ثمن البضاعة للمتعامل اآلمر بالشراء‪ ،‬سواء نقداَّ أو إضافتها لحسابه‪ ،‬واالكتفاء بتقديم‬
‫المتعامل فاتورة صادرة عن المورد باسم المصرف بقيمة السلعة‪ ،‬دون أي إبرام عقد بيع بين‬
‫المصرف والمورد‪ ،‬ودون أن يقوم مندوب من المصرف باستالم السلعة باسم المصرف ثم‬
‫تسليمها بعد ذلك للمتعامل اآلمر بالشراء‪.‬‬
‫‪ .2‬توقيع عقد بيع المرابحة مع اآلمر بالشراء في نفس لحظة توقيعه للوعد بالشراء‪ ،‬وذلك قبل‬
‫ورود السلعة وتملك المصرف لها‪.‬‬
‫‪181‬‬


Slide 182

‫‪ .3‬تحلل المصرف تماماَّ من كافة مخاطر عملية المرابحة‪ ،‬فالسلعة مؤمن عليها وهي مشحونة‪،‬‬
‫واآلمر بالشراء يتسلمها لحظة الوصول‪ ،‬وقبل إبراء ذمة المصرف مـن جميع العيوب التي‬
‫قد تكون بالسلعة‪ ،‬بناءَّ على أن اآلمـر بالشراء هو صاحب عالقة مع المورد‪ ،‬وهو الذي‬
‫حدده‪ ،‬والمصرف ال يتحمل تبعة عدم تنفيذ الوعد بورود البضاعة في الزمن المحدد مسبقا؛‬
‫بَل َّهَ امتناع المورد عن إرسالها أصال‪ ،‬وال يلتزم المصرف بتعويض اآلمر بالشراء عن أية‬
‫أضرار قد تلحق به نتيجة لذلك‪ ،‬وأخيراَّ فإن اآلمر بالشراء ملتزم بالوفاء بوعده بالشراء‪،‬‬
‫والمصرف يعود عليـه بما قد يلحقـه من ضرر نتيجة نكوثه في وعده هذا‪ ،‬وهكذا انحصر‬
‫دور المصرف في التمويل فقط‪ ،‬ولم يعد بائعاَّ حقيقيـاَّ يتحمل تبعـة البضاعة وتملكه لها بما‬
‫يدر حصوله على الربح‪ ،‬طبقاَّ للقاعدة الشرعية ‪ " :‬الخراج بالضمان‪ ،‬والغنم بالغرم "‬
‫‪ .4‬حساب التعويض عن التأخير في سداد األقساط بطريقة " النمر " أي على أساس نصيب‬
‫العائد المستحق عن المبلغ في المدة المتأخر فيها عن السداد‪ ،‬وليس على أساس تقدير‬
‫الضرر الذي لحق بالمصرف مقابل هذا التأخير‪ ،‬والقطع بأن هذا التأخير كان بسبب المطل‬
‫من المدين الموسر‪ ،‬دون البحث عن السبب الحقيقي لهذا المطل الذي قد يكون راجعاَّ‬
‫لظروف خارجة عن إرادة المدين أو بسبب إعساره‪.‬‬
‫‪ .5‬تمويل بعض الخدمات بالمرابحة‪ ،‬مثل دفع قيمة الجمارك‪ ،‬وخاصة في الحاالت التي تكون فيها‬
‫تلك القيمة مرتفعة قد تقارب أو تزيد عن ثمن السلعة ذاتها‪ ،‬أو مرابحة لآلمر بالشراء على‬
‫مصاريف التركيب للمعدات …‪ .‬وكل هذا ال يصح شرعا‪ ،‬ألن المرابحة بيع للسلعة‪ ،‬وليس‬
‫‪182‬‬
‫بحال من األحوال تمويالَّ للخدمات‪.‬‬


Slide 183

‫‪ .6‬المرابحة على مديونية ناشئة عن مرابحة سابقة‪ ،‬وصورتها أن يقوم البنك بالسداد الفوري للدائن‬
‫بالمستحق له كثمن لسلعة‪ ،‬ثم بيعها بالمرابحة‪ ،‬مع دخول المصرف كدائن بدالَّ من الدائن األول‬
‫لذات المدة أو أطول مقابل هامش ربح للمصرف يضاف على تلك المديونية‪ ،‬وواضح هنا أنه ال‬
‫مجال لبيع حقيقي للسلعة‪ ،‬وإنما هي عملية شراء دين بهامش ربح‪ ،‬وهي عملية محرمة‪.‬‬
‫‪ .7‬عدم التدقيق في بعض المعامالت التي يقصد اآلمر بالشراء من ورائها الحصول على المال‪،‬‬
‫ويتخذ السلعة وسيلة لذلك؛ ليبيعها إلى آ خر بثمن أقل‪.‬‬
‫وأخيراَّ نقترح العمل على إعداد الكوادر المصرفية اإلسالمية وتعليمها المعارف األساسية عن‬
‫الجوانب الشرعية والقانونية للعقود المتعامل بها بجانب تدريبها على اكتساب المهارات‬
‫المصرفية‪ ،‬مع تحديث تلك البرامج وتطويرها باستمرار لتواكب الجديد في الفن المصرفي‪،‬‬
‫فضالَّ عن حسن اختيار العناصر البشرية التي يتوفر فيها الوعي برسالة المصارف اإلسالمية‪،‬‬
‫وانتقاء القيادات المصرفية اإلسالمية التي على مستوى الدور المأمول من المصارف‬
‫اإلسالمية‪.‬‬

‫‪183‬‬


Slide 184

21

184


Slide 185

‫اإلجارة املنتهية بالتمليك‬
‫‪ .1‬تعريف اإلجارة‪:‬‬
‫اإلجارة لغة‪ :‬اسم لألجرة‪ ،‬وهي كراء األجير‪ ،‬فيقال األجر جزاء العمل‪ ،‬واألجر‬
‫واألجرة ما يعود من ثواب العمل دنيويا ً أو أخرويا ً‪.‬‬

‫ا‬
‫واصطالحا‪" :‬عقد على المنافع بعوض" أو"عقد على منفعة مقصودة معلومة‬
‫مباحة قابلة للبذل واإلباحة بعوض معلوم"‬
‫محترزات قيـود التعريف‪ :‬خرج بقولهم " منفعـة " العيـن‪ ،‬فالعقد عليها بيع أو‬
‫هبـة‪ ،‬وبقولهم‪" :‬مقصودة" المنفعة التافهـة‪ ،‬وبقولهم " معلومـة " المضاربـة‬
‫ضع‪،‬‬
‫والجعالة على عمل مجهول‪ ،‬أما قيد "قابلة للبذل واإلباحة" إلخراج منفعة ال ُب ْ‬
‫والقيد األخيـر "بعوض" إلخراج هبة المنافع والوصية بها والشركة واإلعارة‪.‬‬
‫‪185‬‬


Slide 186

‫‪ .2‬مشروعية اإلجارة‪:‬‬
‫ثبتت مشروعية اإلجارة باألدلة الشرعية التالية‪:‬‬

‫‪186‬‬

‫ففي القرآن الكريم آيات عديدة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫(‪ )1‬قال تعالى ‪} :‬فإِنْ أ ْرض ْعن ل ُك ْم فآ ُتوهُنَّ أ ُ ُجور ُهنَّ {‪.‬‬
‫(‪ )2‬وقوله تعالى حاكيا ً قول إحدى ابنتي صالح مدين عليه السالم ‪ } :‬قال ْت‬
‫إِ ْحداهُما ياأب ِ‬
‫ي األمِينُ * قال إِ ِّني أ ُ ِري ُد أنْ‬
‫استأْج ْرت ا ْلق ِو ُّ‬
‫استأْ ِج ْرهُ‪ ،‬إِنَّ خ ْير منْ ْ‬
‫ت ْ‬
‫أُنكِحك إِ ْحدى ا ْبنت َّي هات ْي ِن على أنْ تأْ ُجرنِي ثمانِي حِج ٍج‪ ،‬فإِنْ أ ْتم ْمت ع ْ‬
‫ش ًرا فمِنْ‬
‫ش َّق عل ْيك‪ ،‬ست ِج ُدنِي إِنْ شاء َّ‬
‫ِع ْندِك‪ ،‬وما أ ُ ِري ُد أنْ أ ُ‬
‫الصالِحِين {‪.‬‬
‫هللا ُ مِنْ‬
‫َّ‬
‫است ْطعما أهْ لها‪ ،‬فأب ْوا أنْ‬
‫(‪ )3‬وقوله تعالى‪} :‬فانطلقا ح َّتى إِذا أتيا أهْ ل ق ْري ٍة ْ‬
‫ض فأقام ُه‪ ،‬قال ل ْو شِ ْئت ال َّتخ ْذت عل ْي ِه‬
‫ارا ُي ِري ُد أنْ ينق َّ‬
‫ُيض ِّيفُوهُما‪ ،‬فوجدا فِيها ِجد ً‬
‫أ ْج ًرا {‪.‬‬
‫ووجه االستدالل من هذه اآليات القرآنية هو جواز اإلجارة ومشروعيتها ‪ ،‬وهي‬
‫سنة عند األنبياء ‪.‬‬


Slide 187

‫أما السنة النبوية‪ ،‬فاألحاديث الدالة على مشروعيتها كثيرة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪ " :‬قال هللا تعالى ‪ :‬ثالثة أنا‬
‫خصمهم يوم القيامة ‪ :‬رجل أعطى بي ثم غدر‪ ،‬ورجل باع حراً فأكل ثمنه‪،‬‬
‫ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعط أجره "‪.‬‬
‫‪ -2‬وما رواه ابن عباس رضي هللا عنهما ‪ " :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫احتجم وأعطى الحجام أجره "‪.‬‬
‫ومع هذا فليس المقصود هنا الحديث عن عقد اإلجارة عند الفقهاء القدامى‬
‫التي يطلق عليها لقب " اإلجارة التشغيلية " ‪ ،‬وإنما المقصود هو الكالم عن‬
‫اإلجارة الحديثة‪ ،‬ويطلق عليها " اإلجارة المنتهية بالتمليك " ‪ ،‬والتي تؤدي‬
‫دوراً تمويليا ً هاماً‪ ،‬كما أنها آخذة في التوسع واالنتشار‪ ،‬سواء في المصارف‬
‫االسالمية‪ ،‬أو على المستوى الفردي ‪.‬‬
‫‪187‬‬


Slide 188

‫‪ .3‬حقيقة اإلجارة املنتهية بالتمليك‪:‬‬
‫المقصود باإلجارة المنتهية بالتمليك‪:‬‬

‫قيام المصرف اإلسالمي بتأجير عين إلى شخص مدة معينة‪ ،‬وقد‬
‫تزيد األقساط عن أجرة المثل‪ ،‬على أن يملكه إياها بعد انتهاء المدة‪،‬‬
‫ودفعه لألقساط المحددة اآلجال بعقد جديد‪ .‬فإذا أدى المستأجر األجر‪،‬‬
‫انتقل األصل المالي إلى ملك المستأجر في بيع بالمجان "هبة"‪ ،‬أو‬
‫بثمن رمزي أو عند دفعه القسط األخير‪.‬‬

‫‪188‬‬


Slide 189

‫‪ -4‬أوجه االتفاق واالختالف بين اإلجارة املنتهية بالتمليك وبيع التقسيط ‪:‬‬
‫* إن اإلجارة المنتهية بالتمليك تشبه بيع التقسيط من حيث المقصد الذاتي‬
‫للمتعاقدين والنتيجة ‪ ،‬فالعاقدان يتفقان على إخفاء بيع التقسيط وإعالن اإلجارة ‪،‬‬
‫وتكون األجرة بمثابة القسط الذي يدفعه الشخص في بيع التقسيط‪ ،‬كما يتفقان على‬
‫أنه إذا وفى المشتري بالثمن كامالَّ أصبحت اإلجارة بيعاَّ ‪،‬وصارت العين المؤجرة‬
‫ملكاَّ للمستأجر ‪.‬‬
‫* وتختلف عن بيع التقسيط من حيث تكوينها‪ ،‬فهي تتكون من َعقدين مستقلين‪،‬‬
‫وهما‪:‬‬
‫األول‪ :‬عقد إجارة يتم ابتداء‪ ،‬وتأخذ كل أحكام اإلجارة في تلك الفترة ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬عقد تمليك العين عند انتهاء المدة ‪ ،‬إما عن طريق الهبة‪ ،‬أو البيع بسعر‬
‫رمزي‪ ،‬حسب الوعد المقترن باإلجارة ‪.‬‬
‫‪189‬‬


Slide 190

‫* أوجه االختالف بين اإلجارة املنتهية بالتمليك واإلجارة العادية " التشغيلية " ‪:‬‬
‫تختلف اإلجارة المنتهية بالتمليك عن اإلجارة التشغيلية من حيث‬
‫اقتناء المصرف للعين المؤجرة؛ فإنه يقتنيها بعد أن يتقدم أحد الزبائن‬
‫بطلب استئجار عين ما بقصد تملكها في النهاية‪ ،‬فيشتريها المصرف‪،‬‬
‫ويقدمها للزبون‪ ،‬وتحسب األجرة اإلجمالية على أساس تكلفة السلعة‬
‫باإلضافة إلى الربح‪ ،‬ثم تقسط تلك األجرة اإلجمالية على فترات يتفق‬
‫عليها الطرفان‪ ،‬في حين أن العين في اإلجارة التشغيلية قد تكون في‬
‫ملك المصرف‪ ،‬وتحت يده قبل طلب الزبون إبرام عقد اإلجارة‪.‬‬
‫‪190‬‬


Slide 191

‫‪ .5‬الخطوات العملية لإلجارة املنتهية بالتمليك‪:‬‬
‫أن يبدي الزبون رغبة في إجارة منتهية بالتمليك لعين غير موجودة لدى‬
‫المصرف اإلسالمي؛ كسيارة أجرة مثالَّ ‪.‬‬
‫يقوم المصرف بدراسة المعاملة‪ ،‬فإذا وافق قام بشراء السيارة من البائع‪.‬‬
‫المصرف يوكل الزبون باستالم السيارة‪ ،‬ويطلب منه إشعاره بأنه قد استلمها حسب‬
‫المواصفات المحددة في العقد ‪.‬‬
‫المصرف يؤجر السيارة للزبون بأجرة محددة لمدة معينة‪ ،‬ويعده بتمليك السيارة له‬
‫إذا تم سداد جميع أقساط األجرة عن طريق الهبة‪ ،‬أو عن طريق البيع بسعر‬
‫رمزي ‪.‬‬
‫عند انتهاء مدة اإلجارة والوفاء بسداد األقساط المحددة يتنازل المصرف للزبون‬
‫عن السيارة بعقد هبة أو بيع بسعر رمزي‪.‬‬
‫‪191‬‬


Slide 192

‫‪ .6‬التكييف الفقهي لإلجارة املنتهية بالتمليك‪:‬‬
‫الناظر في حقيقة هذه املعاملة يجد أنها تجمع عدة عناصر‪ ،‬وهي ‪:‬‬
‫أ ‪ .‬بيع بالتقسيط ال تنتقل فيه الملكية إال بعد الوفاء باألقساط ‪.‬‬
‫ب‪ .‬اإلجارة مع وعد ملزم بالتمليك للعين المؤجرة للمستأجر بهبة أو بيع‪.‬‬
‫ت‪ .‬اجتماع عدة عقود في هذه المعاملة كاإلجارة والبيع والوعد‬
‫ث‪ .‬عقد إجارة في المدة المحددة‪.‬‬

‫‪192‬‬


Slide 193

‫‪ .7‬الحكم الشرعي في اإلجارة املنتهية بالتمليك‪:‬‬
‫إن هذه المعاملة تجمع بين عدة عناصر‪ ،‬ولبيان الحكم الشرعي البد من الخوض‬
‫في كل عنصر من العناصر السابقة‪ ،‬ولكن سنكتفي ببيان العنصر األول‪ ،‬وأحيل‬
‫اإلخوة القراء إلى الكتب التي تتحدث عن اإلجارة المنتهية بالتمليك ‪.‬‬
‫وحكم العنصر األول‪ ،‬وهو اشتراط عدم نقل ملكية المبيع إال بعد الوفاء بسداد‬
‫جميع األقساط اإليجارية‪ ،‬قد اختلف الفقهاء فيه لوجود شرط غير مالئم للعقد؛ ألن‬
‫األصل في البيع أن يكون باتا‪ ،‬فتعليق البيع على هذا الشرط ال يوافق عليه أكثر‬
‫العلماء؛ ألنه منافَّ لتمام الملكية التي يبني عليها البيع‪ ،‬وفيه جهالة بالمال‪ ،‬وهو‬
‫يتخرج على الخالف في الشروط‪ ،‬فتكون فيه أقوال ‪:‬‬

‫‪193‬‬


Slide 194

‫القول األول‪:‬‬

‫ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز اشتراط عدم نقل الملكية في المبيع إال بعد‬
‫الوفاء بجميع الثمن؛ ألنه ينافي مقتضى العقد‪ ،‬فالبيع يقتضي نقل ملكية المبيع إلى‬
‫المشتري ‪.‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬

‫وذهب بعض العلماء‪ ،‬ومنهم الحنابلة وابن أبي ليلى وابن شبرمة‪ ،‬إلى جواز هذا‬
‫الشرط؛ ألن األصل في العقود والشروط اإلباحة؛ عمالَّ بقول الرسول صلى هللا عليه‬
‫وسلم ‪ " :‬المسلمون على شروطهم " ‪.‬‬
‫والراجح ما ذهب إلية أصحاب القول الثاني من جواز اشتراط هذا الشرط‬
‫في العقد؛ ألن المبيع بمنزلة الرهن هنا‪ ،‬فتنقص ملكية المبيع للبائع حتى يستوفي‬
‫جميع الثمن‪ ،‬وهو شرط يحقق غرضاَّ مشروعاَّ للبيع‪ ،‬فال مانع منه شرعاَّ‪.‬‬
‫‪194‬‬


Slide 195

‫وبهذا يتبين أن هذه المعاملة جائزة شرعا‪ ،‬وقد أجازها الفقهاء في الندوة‬
‫الفقهية األولى لبيت التمويل الكويتي المنعقدة في الكويت ‪3/1987/ 11-7‬م‪،‬‬

‫حيث اعتبرتها إجارة وهبة مع مراعاة الضوابط التالية‪:‬‬
‫• ضبط مدة اإلجارة وتطبيق أحكامها عليها طيلة تلك المدة ‪.‬‬
‫• تحديد مقدار كل قسط من أقساط األجرة ‪.‬‬
‫• نقل الملكية إلى المستأجر في نهاية المدة بواسطة هبتها له تنفيذاَّ لوعد سابق‬
‫بذلك بين البنك ( المالك) والمستأجر‪.‬‬

‫‪195‬‬


Slide 196

196


Slide 197

‫تعريف الشركة‪:‬‬
‫الشركة لغة‪ :‬االختالط؛ أيَّ خلط أحد المالين باآلخر بحيث ال يمتازان عن‬
‫بعضهما‪.‬‬
‫ا‬
‫الشركة شرعا‪ :‬ثبوت الحق في شئ الثنين فأكثر على جهة الشيوع‪.‬‬
‫أو "عقد بين المتشاركين في رأس المال والربح " ‪.‬‬
‫ن الخَّلَطَا َِّء لَيَب ِغي‬
‫والشركة مشروعة في اإلسالم بدليل قوله تعالى‪َ } :‬وإِنَّ َكثِيراَّ ِم ََّ‬
‫ت َوقَلِيلَّ َما همَّ{‪.‬‬
‫ين آ َمنوا َو َع ِملَّوا الصالِ َحا َِّ‬
‫بَعضهمَّ َعلَى بَعضَّ إِالَّ ال ِذ ََّ‬
‫وجاء في الحديث القدسي فيما يروى عن أبي هريرة رفعه إلى النبي صلى هللا‬
‫عليه وسلم قال‪ " :‬إن هللا عز وجل يقول‪ " :‬أنا ثالث الشريكين ما لم يخن‬
‫أحدهما صاحبه‪ ،‬فإذا خانه خرجت من بينهما "‪.‬‬
‫‪197‬‬


Slide 198

‫حقيقة املشاركة املنتهية بالتمليك "املتناقصة"‪:‬‬
‫حقيقة المشاركة المنتهية بالتمليك هي ‪:‬‬
‫"شركة يعطي المصرف فيها الحق للشريك في الحلول محله في الملكية دفعة‬

‫واحدة‪ ،‬أو على دفعات حسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها"‪.‬‬

‫‪198‬‬


Slide 199

‫أوجه االتفاق واالختالف بين املشاركة املنتهية بالتمليك وبين الشركة الدائمة‪:‬‬
‫تتفق الشركة المتناقصة مع الشركة الدائمة من حيث إن المصرف‬
‫الذي يأخذ صفة الشريك يتمتع بكامل حقوق الشريك في الشركة الدائمة‪،‬‬
‫وعليه جميع التزامات الشريك ‪.‬‬
‫وتختلف عن الشركة الدائمة في عنصر الدوام واالستمرار‪،‬‬
‫فالمصرف في المشاركة المنتهية بالتمليك ال يقصد االستمرار في‬
‫الشركة‪ ،‬بل يعطي الحق للشريك اآلخر في الحلول محله في ملكية‬
‫المشروع‪ ،‬في حين أن المصرف في الشركة الدائمة يقصد االستمرار‬
‫في الشركة حتى نهايتها وتصفيتها‪.‬‬
‫‪199‬‬


Slide 200

‫الخطوات العملية للمشاركة املنتهية بالتمليك‪:‬‬

‫‪200‬‬

‫‪ .1‬أن يتقدم الزبون بطلب للمصرف اإلسالمي المشاركة في مشروع استثماري‬
‫مشاركة منتهية بالتمليك‪ ،‬ويرفق معه دراسة جدوى اقتصادية للمشروع‪،‬‬
‫والوثائق الالزمة؛ كسند ملكية أرض مثالَّ وغيرها ‪.‬‬
‫‪ .2‬يقوم المصرف بدراسة المعاملة‪ ،‬والتحقق من المرفقات السابقة ‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا وافق المصرف على المشاركة تحدد األمور التالية‪:‬‬
‫أ‪ .‬قيمة التمويل الذي يقدمه المصرف ‪ ،‬وكيفية الدفع وشروطه ‪.‬‬
‫ب‪ .‬تحديد الضمانات المطلوبة من رهن عقار مثالَّ لصالح المصرف‪ ،‬وغيره ‪.‬‬
‫ت‪ .‬كتابة العقد والتوقيع عليه‪.‬‬
‫ث‪ .‬فتح حساب خاص بالشركة ‪.‬‬
‫ج‪ .‬توزيع األرباح يكون بحسب االتفاق‪ ،‬والخسارة بقدر رأس المال ‪.‬‬


Slide 201

‫ا‬
‫ا‬
‫‪ .4‬املصرف يقبل التنازل عن حصته في املشروع للشريك جزئيا أو كليا‪ ،‬ويوجد لذلك‬
‫عدة صور‪:‬‬

‫‪201‬‬

‫‪ .1‬أن يتفق المصرف مع الشريك على أن يكون حلول هذا الشريك محله بعقد‬
‫مستقل بعد نهاية الشركة‪ ،‬وبحيث يكون لهما حرية كاملة في التصرف ببيع‬
‫حصصه لشريكه أو لغيره‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يتفق المصرف مع الشريك على أن يقسم الربح ثالثة أقسام بنسبة متفق‬
‫عليها‪ ،‬حصة للمصرف كعائد تمويل‪ ،‬وحصة للشريك اآلخر كعائد لما دفعه‪،‬‬
‫وما يقوم به من عمل‪ ،‬وحصة ثالثة لسداد تمويل المصرف ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يتفق المصرف مع الشريك على تقسيم رأس المال إلى حصص أو أسهم‪،‬‬
‫لكل منها قيمة معينة‪ ،‬ويحصل كل منهم على نصيبه من األرباح‪ ،‬وللشريك‬
‫شراء ما يستطيع من أسهم المصرف كل سنة؛ بحيث تتناقص أسهم المصرف‬
‫وحصته في حين أن أسهم الشريك تزيد إلى أن يمتلك جميع أسهم المصرف‬
‫ملكية كاملة‪.‬‬


Slide 202

‫وقد طبقت هذه المشاركة المنتهية بالتمليك ألول مرة في مصر عندما‬
‫شارك أحد فروع المعامالت اإلسالمية في بنك تجاري شركة‬
‫سياحية كبرى في شراء أسطول نقل بري سياحي لنقل أفواج‬
‫السياحة بين القاهرة وأسوان‪ ،‬وكان ثمن السيارات وقتئذ ثالثة‬
‫ماليين وثالثة أرباع المليون جنيه تسدد على خمس سنوات بواقع‬
‫ثالثة أرباع مليون جنيه كل سنة ‪.‬‬
‫وملا كانت شركة السياحة تملك ورش الصيانة والجهاز الفني إلدارة هذا األسطول‪،‬‬
‫فكان توزيع الربح كالتالي ‪- :‬‬

‫‪ %15 .1‬من صافي الربح مقابل العمل واإلدارة ‪.‬‬
‫‪ %85 .2‬من صافي الربح‪ ،‬توزع في السنة األولى بنسبة أربعة‬
‫للمصرف‪ ،‬وواحد لشركة السياحة‪ ،‬وكلما دفع قسطاً نقص نصيب‬
‫المصرف بنفس نسبة نقص نصيبه في التمويل‪ ،‬وزاد نصيب شركة‬
‫السياحة ‪.‬‬
‫‪202‬‬


Slide 203

‫وقد انتهت هذه العملية بأن أصبحت السيارات ملك شركة السياحة‬
‫بعد تمام السداد‪ ،‬مع العلم أن دراسة الجدوى لهذه العملية كانت تشير‬
‫إلى احتمال تحقيق ربح صافَّ سنوياَّ ال يقل عن ‪ % 40‬من رأس‬
‫المال‪.‬‬
‫وقد ابتكرت المصارف اإلسالمية هذا الشكل من أشكال التمويل‬
‫بالمشاركة انطالقاَّ من سعيها لمساعدة الحرفيين والمهنيين‬
‫والمزارعين في امتالك أدوات وماكينات وورش حدادة ونجارة‪،‬‬
‫وإعانة السائقين في امتالك سيارات األجرة وغيرهم‪.‬‬

‫‪203‬‬


Slide 204

‫تطبيقات حسابية على الشركة املتناقصة‪:‬‬
‫لو فرضنا أن املصرف اشترى سيارة أجرة وحازها إلى مخازنه بتسعة آالف دينار (‪،) 9000‬‬
‫فدفع الشريك ‪ %25‬من رأس مالها ثم قدمت للعامل ليعمل عليها حسب الشروط التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون للعامل ‪ % 50‬من األرباح ‪.‬‬
‫‪ -2‬يكون للمصرف ‪ % 20‬من صافي األرباح التي تحققت نتيجة العمل ‪.‬‬
‫‪ -3‬يجنب ‪ % 30‬في حساب خاص إلطفاء رأس المال‪ ،‬حتى يبلغ (‪ 9000‬دينار)‪ ،‬وعندها يتنازل‬
‫المصرف عن ملكيته للسيارة لصالح المشارك‪.‬‬
‫ولو فرضنا أن األرباح المتحققة شهرياَّ تساوي ستمائة دينار فإن ‪:‬‬
‫‪ ( 2250 - 9000‬قيمة مشاركة العامل ) = ‪ 6750‬دينار‬
‫نصيب المصرف من عوائد العمل = ‪ 120‬ديناراَّ شهرياَّ ‪.‬‬
‫والعامل له ( ‪ )300‬دينار‬
‫ويجنب (‪ )180‬دينار في حساب إطفاء رأس مال المصرف‬
‫وعليه فإنه بالحساب نجد أن العامل يتملك السيارة بعد سبعَّ وثالثين شهراَّ ونصف‪.‬‬
‫‪204‬‬


Slide 205

‫التكييف الفقهي للمشاركة املنتهية بالتمليك‪:‬‬
‫مما سبق يتبين أن املشاركة املنتهية بالتمليك تتضمن العناصر التالية ‪:‬‬
‫أ ‪ .‬شركة عنان‪.‬‬
‫ب‪ .‬وعد من المصرف ببيع حصته للشريك ‪.‬‬
‫ت‪ .‬بيع المصرف حصته للشريك كلياَّ أو جزئياَّ ‪.‬‬

‫‪205‬‬


Slide 206

‫الحكم الشرعي في املشاركة املنتهية بالتمليك‪:‬‬

‫‪206‬‬

‫هذه المعاملة تجمع بين عناصر جائزة شرعا‪ ،‬وذلك لقيام نظامها على أساس‬
‫قواعد الشريعة اإلسالمية في توزيع الربح والخسارة‪ ،‬وليس فيها ما يخالف‬
‫نصاَّ شرعيا‪ ،‬وال يناقض قاعدة كلية عامة ‪.‬‬
‫وقد أجاز الفقهاء املعاصرون في مؤتمر املصرف اإلسالمي املشاركة املنتهية بالتمليك‪،‬‬
‫واشترطوا لها الشروط التالية ‪-:‬‬
‫أ‪ -‬أال تكون المشاركة المتناقصة مجرد عملية تمويل بقرض‪ ،‬بل ال بد من إيجاد‬
‫اإلدارة الفعلية للمشاركة‪ ،‬وأن يتحمل جميع األطراف الربح والخسارة‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يمتلك البنك حصته في المشاركة ملكاَّ تاما‪ ،‬وأن يتمتع بحقه الكامل في‬
‫اإلدارة والتصرف‪ ،‬وفي حالة توكيل الشريك بالعمل يحق للبنك مراقبة األداء‬
‫ومتابعته ‪.‬‬
‫ت‪ -‬أن ال يتضمن عقد المشاركة المتناقصة شرطاَّ يقضي برد الشريك إلى البنك‬
‫كامل حصته في رأس المال‪ ،‬باإلضافة إلى ما يخصه من أرباح لما في ذلك‬
‫من شبهة الربا‪.‬‬


Slide 207

207


Slide 208

‫أوال‪ :‬املضاربة املشتركة‪:‬‬
‫‪ .1‬تعريف املضاربة‪:‬‬

‫ض َربَّت َّم‬
‫المضاربـة لغـة‪ :‬من الضرب‪ ،‬وهو السير في األرض‪ ،‬كقوله تعالى‪َ } :‬وإِ َذا َ‬
‫س َعلَيكمَّ جنَاحَّ أَنَّ تَقصرَّوا ِمنَّ الص َال َِّة إِنَّ ِخفتمَّ أَنَّ َّيَفتِنَكمَّ ال ِذ ََّ‬
‫ين‬
‫ض فَلَي ََّ‬
‫فِي األَر َِّ‬
‫ين َكانوا لَكمَّ َعدوا مبِيناَّ{‪ .‬أو للسفر بغرض التجارة وابتغاء‬
‫َكفَروا ‪ ،‬إِنَّ ال َكافِ ِر ََّ‬
‫الرزق‪ ،‬كقوله تعالى‪َ } :‬و َ‬
‫هللاِ‪،‬‬
‫ون ِمنَّ فَض َِّل َّ‬
‫ض يَبَّتَغ ََّ‬
‫ون ِفي األَر َِّ‬
‫ون يَض ِرب ََّ‬
‫آخر ََّ‬
‫َو َ‬
‫يل هللاَّ{‪.‬‬
‫سبِ َِّ‬
‫ون يقَاتِل ََّ‬
‫آخر ََّ‬
‫ون فِي َ‬
‫وشرعاَّ‪ :‬هي "أن يدفع المالك إلى العامل ماالَّ ليتجر فيه‪ ،‬ويكون الربح مشتركاَّ‬
‫بينهما بحسب ما شرطا "‪.‬‬
‫وأما الخسارة فهي على رب المال وحده‪ ،‬وال يتحمل العامل المضارب من‬
‫الخسران شيئا‪ ،‬وإنما هو يخسر عمله وجهده‪.‬‬
‫‪208‬‬


Slide 209

‫واتفق أئمة املذاهب على جواز املضاربة بأدلة شرعية كثيرة؛ منها ‪:‬‬
‫هللا{‬
‫ض ِل َّ ِ‬
‫األر ِ‬
‫ض ي ْبت ُغون مِنْ ف ْ‬
‫ض ِر ُبون فِي ْ‬
‫قال تعالى‪ :‬وآخ ُرون ي ْ‬
‫ض وا ْبت ُغـوا‬
‫األر ِ‬
‫صالةُ فانتشِ ُروا فِي ْ‬
‫وقولـه تعالـى‪} :‬فإِذا قُضِ ي ْت ال َّ‬
‫هللا{‪.‬‬
‫ـل َّ ِ‬
‫مِنْ ف ْ‬
‫ض ِ‬
‫فهذه اآليات بعمومها تتناول إطالق العمل في المال بالمضاربة‪.‬‬

‫‪209‬‬


Slide 210

‫حقيقة املضاربة املشتركة‪:‬‬
‫املضاربة املشتركة‪:‬‬
‫هي أن يعرض المصرف اإلسالمي باعتباره مضااربا ً علاى أصاحاب األماوال‬
‫اسااتثمار ماادخراتهم لهاام كمااا يعاارض المصاارف علااى أصااحاب المشااروعات‬

‫االستثمارية استثمار تلك األماوال‪ ،‬علاى أن تاوزع األربااح حساب االتفااق باين‬
‫األطراف الثالثة‪.‬‬

‫‪210‬‬


Slide 211

‫أوجه االختالف بين املضاربة املشتركة واملضاربة الفردية " الثنائية "‪.‬‬

‫‪211‬‬

‫تختلف المضاربـة المشتركـة عـن المضاربـة الفرديـة "الثنائيـة" من عدة وجوه‬
‫وهي‪:‬‬
‫• المضاربة المشتركة لها ثالثة أطراف‪ ،‬وهم‪ :‬صاحب المال‪ ،‬والمضارب‬
‫المستثمر‪ ،‬والمصرف اإلسالمي‪ ،‬وجميعهم يستحقون األرباح إن حصلت‪ ،‬في‬
‫حين أن المضاربة الفردية لها طرفان‪ ،‬هما‪ :‬صاحب المال‪ ،‬والمضارب‬
‫المستثمر‪.‬‬
‫• المضاربة المشتركة تتصف بالجماعية‪ ،‬وتتمثل في الخلط المتالحق لألموال‬
‫المستثمرة في المضاربة‪ ،‬أما الفردية فليس فيها خلط‪.‬‬
‫• المضاربة المشتركة تقوم على استمرارية الشركة؛ ألن من صفاتها ما تنتهي‬
‫بسنة‪ ،‬ومنها ما يحتاج إلى أكثر من سنة‪ .‬أما الفردية تنتهي بانتهاء الصفقة ‪.‬‬
‫• المضاربة المشتركة يضمن فيها رأس المال‪ ،‬في حين أن ضمان رأس المال في‬
‫المضاربة الفردية يفسدها‪.‬‬


Slide 212

‫الخطوات العملية ملراحل تنفيذ املضاربة املشتركة‪:‬‬
‫•‬
‫•‬
‫•‬

‫•‬
‫•‬
‫‪212‬‬

‫يتقدم أصحاب رؤوس األموال بمدخراتهم بصورة فردية إلى المصرف‬
‫اإلسالمي؛ وذلك الستثمارها في المجاالت المناسبة‪.‬‬
‫يقوم المصرف بدراسة فرص االستثمار المتاحة والمرشحة للتمويل‪.‬‬
‫يخلط المصرف أموال أصحاب رؤوس األموال‪ ،‬ويدفع بها إلى المستثمرين‬
‫كلَّ على حدة‪ ،‬وبالتالي تنعقد مجموعة من شركات المضاربة الثنائية بين‬
‫المصرف والمستثمر‪.‬‬
‫تحتسب األرباح في كل سنة بناءَّ على ما يسمى بالتنضيض التقديري أو‬
‫التقويم لموجودات الشركة بعد حسم النفقات‪.‬‬
‫توزع األرباح بين األطراف الثالثة‪ ،‬صاحب رأس المال‪ ،‬والمصرف‪،‬‬
‫والمضارب‪.‬‬


Slide 213

‫التكييف الفقهي للمضاربة املشتركة‪:‬‬
‫إن المضاربة المشتركة تتضمن جميع السمات األساسية التي تتسم بها‬
‫المضاربة في الفقه اإلسالمي؛ من اعتبار رأس المال أحد أركانها‪ ،‬يدفعه شخص‬
‫أو أشخاص إلى المضارب ليعمل فيه برأيه وخبرته‪ ،‬ويشترط في رأس المال‬
‫معلوميـة مقداره ‪.‬‬
‫ومن خالل عرضنا السابق ألوجه االختالف بين املضاربة املشتركة واملضاربة الفردية‬
‫وجدنا عدة فوارق‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫‪213‬‬

‫أ ‪ .‬خلط أموال المضاربة المشتركة‪.‬‬
‫ب‪ .‬احتساب الربح بناءَّ على التنضيض التقديري‪.‬‬
‫ت‪ .‬حكم دخول المصرف اإلسالمي كعنصر جديد ‪.‬‬
‫ث‪ .‬جواز انسحاب أحد الشركاء من المضاربة المشتركة‪.‬‬
‫ج‪ .‬ضمان رأس مال المضاربة المشتركة‪.‬‬


Slide 214

‫الحكم الشرعي في املضاربة املشتركة‪:‬‬
‫إنًالحكمًالشرعيًفيًالمضاربةًالمشتركةًيتوقفًعلىًبيانًاألحكامً‬
‫ُ‬
‫الشرعيةًفيًالفوارق‪ً،‬وفيماًيليًبيانًتلكًاألحكام‪:‬‬
‫ا‬
‫أوال‪ :‬حكم خلط أموال املضاربة املشتركة‪:‬‬

‫‪214‬‬

‫تقوم المضاربة المشتركة على أساس الخلط المتالحق ألموال‬
‫المودعين مع بقاء األمور على حالها دون تنضيض أو تصفية حساب‪،‬‬
‫فيؤدي ذلك إلى مشاركة المال الالحق للمال السابق في الربح أو‬
‫الخسارة‪.‬ومثال ذلك‪ :‬أن يضارب المصرف بألف دينار لزيد‪ ،‬فيخسر‬
‫مائة دينار‪ ،‬ويضارب بألف أخرى لعمرو بعد شهر فيربح مائتي دينار‪،‬‬
‫فيشترك زيد وعمرو في الربح بعد جبران الخسارة‪ .‬ففي ذلك إشكال‬
‫فقهي‪ ،‬فما الحل ؟‬


Slide 215

‫الجواب‪:‬‬
‫يجوز خلط أموال المضاربة بشرط اإلذن الصريح أو التفويض العام‪ ،‬ألن‬

‫اإلنسان يملك التصرف في ماله بجبر خسارة شريكه‪ ،‬وال إشكال في ذلك‪،‬‬
‫ولكن ينبغي أن يراعى في توزيع األرباح المدة الزمنية للوديعة‪ ،‬فربح ألف‬
‫دينار – مثالَّ‪ -‬أودعها صاحبها أول السنة المالية للمصرف يختلف عن ربح‬

‫ألف دينار أخرى أو دعها صاحبها في منتصف السنة‪ ،‬وبذلك نتجنب الحرام‬
‫أو أكل أموال الناس بالباطل‪.‬‬
‫‪215‬‬


Slide 216

‫ا‬
‫ثانيا‪ :‬حكم التنضيض التقديري ‪:‬‬
‫بالتنضيض يظهر الربح في المضاربة‪ ،‬ولكن المضاربة المشتركة‬
‫التي تقوم على أساس الخلط المتالحق ألموال المضاربة يصعب فيها‬
‫التنضيض الحقيقي‪ ،‬فهل يمكن أن يصار إلى التنضيض التقديري في‬
‫نهاية كل مدة مع االستمرار في المضاربة المشتركة دون فسخ لها‪،‬‬
‫فتوزع األرباح في نهاية كل سنة‪ ،‬ولو لم تنته المشاريع التي أسهم‬
‫فيها المصرف اإلسالمي؟‬
‫الجواب‪ :‬إن التنضيض التقديري أمر جائز‪ ،‬فتقدر نسبة األرباح في كل‬
‫سنة بالنسبة إلى رأس المال‪ ،‬وتوزع على أصحاب األموال بحسب‬
‫كل مال وفترة استثماره عمالَّ بقاعدة‪" :‬إذا ضاق األمر اتسع" ‪.‬‬
‫‪216‬‬


Slide 217

‫ا‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ :‬حكم انسحاب أحد الشركاء من املضاربة املشتركة جزئيا‪:‬‬
‫ذلكَّبأنَّيسحبَّأحدَّالشركاءَّمنَّالمضاربةَّالمشتركةَّجزءاَّمنَّمالَّوديعته‪َّ،‬‬
‫أوَّيحولهَّإلىَّحسابَّآخرَّقبلَّموعدَّاستحقاقَّالربحَّالمتفقَّعليه‪َّ،‬فيفقدهَّنصيبهَّ‬
‫منَّاألرباحَّعنَّكاملَّوديعتهَّمنَّتاريخَّالسحبَّأوَّالقيدَّلحسابَّآخر‪َّ،‬وإذاَّرغب‬
‫المستثمرَّفيَّاستثمارَّباقيَّالمبلغَّاعتبرَّهذاَّالباقيَّبمثابةَّوديعةَّجديدةَّيحقَّلهاَّ‬
‫المشاركةَّفيَّاألرباحَّاعتباراَّمنَّالتاريخَّالجديدَّلإليداع‪َّ،‬وليسَّمنَّتاريخَّ‬
‫الوديعةَّالسابقة‪.‬‬
‫إذاَّجازَّأنَّيفقدَّالمودعَّالمستثمرَّحقهَّعندَّالسحبَّالكليَّللوديعةَّقبلَّموعدَّ‬
‫استحقاقَّالربح‪َّ،‬فإنهَّالَّيجوزَّأنَّنسلمَّبإسقاطَّحقهَّفيَّالربحَّعنَّالجزء المتبقيَّ‬
‫فيَّالمضاربةَّإذاَّكانَّالسحبَّجزئيا‪َّ،‬ألنَّسحبَّالبعضَّيفسخَّالعقدَّفي هذاَّالجزءَّ‬
‫المسحوبَّفقطَّأماَّالجزءَّالمتبقيَّفالَّيفسخَّالعقد‪َّ،‬وَّيبقىَّحقهَّفيَّالربحَّثابتاَّمنَّ‬
‫تاريخَّإيداعه‪.‬‬
‫‪217‬‬


Slide 218

‫ا‬
‫رابعا‪ :‬حكم دخول املصرف اإلسالمي كعنصرجديد في املضاربة املشتركة واستحقاق‬

‫الربح‪:‬‬
‫اتفق العلماء المعاصرون على جواز دخول المصرف اإلسالمي كعنصر جديد في‬
‫المضاربة‪ ،‬واختلفوا في تحديد عالقته بكل من أصحاب األموال والمستثمرين‪،‬‬
‫فمنهم من اعتبر المصرف مضارباَّ مضاربة مطلقة‪ ،‬وأصحاب األموال هم أرباب‬
‫المال‪ ،‬فيصرف المصرف في أموالهم كمضارب يعطي تلك األموال إلى غيره‬
‫مضاربة بمقتضى المضاربة المطلقة أو التفويض العام‪ ،‬فيجوز للمصرف اإلسالمي‬
‫أن يعطي المال لغيره مضاربة‪ ،‬و يستحق على عمله الربح‪.‬‬
‫‪218‬‬


Slide 219

‫و منهم من اعتبر أن المصرف اإلسالمي وكيل عن أصحاب األموال‪ ،‬وهو ليس‬

‫عنصراَّ أساسياَّ في عقد المضاربة؛ ألنه ليس هو صاحب رأس المال و ال‬
‫المستثمر‪ ،‬وإنما يتركز دوره في الوساطة بين الطرفين‪ ،‬وهذه الوساطة التي‬
‫يمارسها المصرف تعتبر خدمة محترمة يقدمها المصرف لرجال األعمال‪ ،‬ومن‬
‫حقه أن يطلب مكافأة عليها على أساس الجعالة‪.‬‬
‫و ذهب بعضهم إلى أن المصرف له صفة مزدوجة تتمثل في كونه مضارباَّ مرة‪،‬‬
‫وربَّ مال مرة أخرى‪ ،‬فبالنظر إلى عالقة المصرف بأصحاب رؤوس األموال‬
‫يكون مضاربا‪ ،‬وبالنظر إلى عالقته مع المستثمرين يكون رب مال‪.‬‬
‫‪219‬‬


Slide 220

‫ا‬
‫خامسا‪ :‬حكم ضمان رأس مال املضاربة املشتركة‪:‬‬
‫ال يجوز شرعاَّ ضمان رأس مال المضاربة المشتركة‪ ،‬وإنما نستطيع تخريج‬
‫ضمان رأس المال على أساس التكافل االجتماعي بين المستثمرين‪ ،‬فينشأ‬
‫صندوق تأمين تعاوني إسالمي يقوم على أساس اقتطاع جزء من أرباح‬
‫المضاربة لمواجهة مخاطر االستثمار‪ ،‬وهذا جائز شرعا؛ اعتماداَّ على قول‬
‫بعض فقهاء المالكية بجواز اشتراط جزء من ربح المضاربة لغير رب المال‪،‬‬
‫والمضارب فيه؛ ألنه من باب التبرع ‪.‬‬
‫وبناءَّ عليه فإن المضاربة المشتركة جائزة شرعاَّ مع مراعاة الفروق سابقة‬
‫الذكر التي بينا جوازها شرعاَّ ‪.‬‬

‫‪220‬‬


Slide 221

‫ا‬
‫ثانيا‪ :‬املضاربة املنتهية بالتمليك‬
‫‪ .1‬حقيقة املضاربة املنتهية بالتمليك ‪:‬‬

‫‪221‬‬

‫و هي المضاربة التي تنشأ بين المصرف اإلسالمي و المضارب‪ ،‬بحيث يدفع‬
‫المصرف المال و يقوم المضارب بالعمل‪ ،‬و يعطي المصرف فيها الحق‬
‫للمضارب في الحلول محله دفعة واحدة‪ ،‬أو على دفعات‪ ،‬حسبما تقتضيه‬
‫الشروط المتفق عليهـا‪ ،‬أو يقدم المصرف أداة اإلنتاج لمن يعمل عليها بجزء‬
‫شائع من الناتج على أن يجنب نصيب العامل‪ ،‬أو جزء منه حسب االتفاق إلى‬
‫أن يبلغ قيمته تلك األداة‪.‬‬
‫فهي تشبه في خطواتها المشاركة المنتهية بالتمليك‪ ،‬إال أن الشريك في‬
‫المضاربة المشتركة ال يشارك بشيء في رأس المال‪ ،‬و إنما يشارك في عمله‪،‬‬
‫ويحاول شراء حصة المصرف شيئاَّ فشيئاَّ (باإلطفاء التدريجي)‪ ،‬فال يختلف‬
‫حكمها عن حكم المشاركة المنتهية بالتمليك‪ ،‬و هو الجواز شرعاَّ‪.‬‬


Slide 222

‫تطبيقات حسابية على املضاربة املنتهية بالتمليك‪:‬‬
‫لو فرضنا أن املصرف اشترى سيارة أجرة بمبلغ (‪ )9000‬دينار‪ ،‬ثم قدمها ملن يعمل عليها‬
‫حسب الشروط التالية‪:‬‬
‫• أن يكون للمصرف ‪ % 20‬من صافي األرباح التي تتحقق نتيجة العمل على‬
‫السيارة‪.‬‬
‫• يكون للعامل ‪ % 50‬من األرباح‪.‬‬
‫• يجنب ‪ % 30‬من العوائد في حساب خاص حتى يبلغ (‪ )9000‬دينار وعندهـا‬
‫يتنازل المصرف عن ملكيته للسيارة لصالح العامل المضارب‪.‬‬
‫فلو فرضنا أن األرباح المتحققة شهرياَّ تساوي (‪ )600‬دينار‪ ،‬فيكون نصيب‬
‫المصرف (‪ )120‬دينار شهريا‪ ،‬و نصيب العامل (‪ )300‬دينار‪ ،‬و المجنب في‬
‫الحساب ( ‪ )180‬دينار‪ ،‬و بالحساب نجد أنه يحتاج إلى خمسين شهراَّ لتملك‬
‫السيارة‪ 9000 = 50 × 180 ،‬دينار‪.‬‬
‫‪222‬‬


Slide 223

223


Slide 224


Slide 225

‫تعريف عقد االستصناع‬
‫تعريف االستصناع لغة‪:‬‬

‫االستصناع لغة طلب صنع الشيء‪ ،‬يقال اصطنع فالن خاتما ً‬
‫إذا سأل رجالً أن يصنع له خاتما ً‪.‬‬
‫والصِ ناعة بالكسر‪ :‬حرفة الصانع وعمله والصنعة‪ ،‬وأيضا ً‬
‫هي ما تستصنع من أمر‪.‬‬
‫تعريف االستصناع شرعا ً‪:‬‬
‫جعل الحنفية ـ عدا زفر ـ االستصناع عقداً مستقالً يختلف‬
‫عن السلم‪ ،‬وقد عرفوه بالحد ومنهم من عرفه بالرسم‪.‬‬
‫أما تعريفهم لالستصناع بالحد فقد اختلفت عبارتهم في هذا‬
‫النوع من البيع‪ ،‬فعرفوه بعدة تعريفات منها‪:‬‬


Slide 226

‫أ‪ .‬قال في بدائع الصنائع‪ :‬هو عقد على مبيع في الذمة‪.‬‬
‫ب‪ .‬أما ابن عابدين فقال‪ :‬هو طلب العمل من الصانع في شيء‬
‫خاص على وجه مخصوص‪.‬‬
‫ج‪ .‬ونقل عن آخرين‪ :‬هو عقد على مبيع في الذمة شرط فيه‬
‫العمل‪.‬‬

‫مالحظة‪:‬‬
‫التعريف األول يقتضي أن الصانع لو أحضر عينا ً كان صنعها قبل‬
‫العقد ورضي به المستصنع جاز‪ ،‬ولو كان شرط العمل في نفس‬
‫العقد لما جاز؛ ألن الشرط يقع على عمل في المستقبل ال في‬
‫الماضي‪.‬‬
‫أما التعريفان األخيران فهما أصح من التعريف األول؛ ألن‬


Slide 227

‫االستصناع طلب الصنع‪ ،‬فما لم يشترط فيه العمل ال يكون‬
‫استصناعا‪ ،‬فكان مأخذ االسم دليالً عليه‪ ،‬وألن العقد على مبيع في‬
‫الذمة يسمى سلفاً‪ ،‬وهذا العقد يسمى استصناعاً‪ ،‬واختالف‬
‫األسامي دليل اختالف المعاني في األصل‪ ،‬وأما إذا أتى الصانع‬
‫بعين صنعها قبل العقد ورضي به المستصنع جاز بالعقد عقد آخر‬
‫وهو التعاطي بتراضيهما ال بالعقد األول‪.‬‬
‫وأما تعريف االستصناع بالرسم فقد ذكر فقهاء الحنفية له أيضا ً عدة‬
‫تعريفات منها‪:‬‬
‫أ‪ .‬أن يقول لصاحب خف أو مكعب أو صفاراً صنع لي خفا ً طوله كذا‬
‫وسعته كذا أو دستا ً أي برمة تسع كذا ووزنها كذا على هيئة كذا‬
‫بكذا ويعطي الثمن المسمى أو ال يعطي شيئا ً فيقبل اآلخر منه‪.‬‬


Slide 228

‫ب‪ .‬أن يقول إنسان لصانع من خفاف أو صفار أو غيرهما‪ :‬اعمل لي‬
‫خفا ً أو آنية من أديم أو نحاس من عندك بثمن كذا ويبين نوع ما‬
‫يعمل وقدره وصفته فيقول له الصانع ‪ :‬نعم‪.‬‬
‫مالحظة‪:‬‬
‫ما ذكر هنا من صور للصناعات كصناعة الخف أو الدست و نحو‬

‫ذلك على سبيل المثال ال الحصر في زمن الفقهاء القدامى‪ ،‬أما في‬
‫وقتنا الحاضر فتقدمت الصناعات وأصبح الناس يستصنعون‬
‫الطائرات والبواخر والسيارات وغيرها من الصناعات الحديثة‪.‬‬


Slide 229

‫صورة االستصناع‪:‬‬
‫من خالل تعريف االستصناع بالرسم تتضح صورة االستصناع‬
‫وهي‪ :‬أن يقول إنسان ويسمى (المستصنع) لشخص آخر ويسمى‬
‫(الصانع)‪ :‬اصنع لي أثاث منزل مع بيان جميع المواصفات‬
‫ال‬
‫والمقاييس التي يريدها المستصنع بثمن كذا في مدة شهر مث ً‬
‫فيقبل الصانع بذلك وكان الخشب من النجار‪ ،‬أما إذا كان الخشب‬
‫من المستصنع فهو إجارة‪.‬‬


Slide 230

‫حكمة مشروعية االستصناع‪:‬‬

‫االستصناع يحقق رغبات الناس ومتطلباتهم من صانع‬
‫ومستصنع نظ ارً لتطور الصناعات تطو ارً كبي ارً فالصانع‬
‫يحتاج إليه إلنجاز العمل واإلنتاج واالكتساب‪ ،‬والمستصنع‬
‫يحتاج إليه للحصول على مصنوعات خاصة من جنس‬
‫محدد وصفات معينة وقلما يجد ذلك مصنوعاً وجاه ازً في‬
‫األسواق فيذهب إلى من لديه الخبرة واالبتكار الستصناعه‪.‬‬


Slide 231

‫تكييف عقد االستصناع ومذاهب الفقهاء في مشروعيته وحكمته‬
‫أوالً‪ :‬مذاهب الفقهاء في مشروعيته وتكييفه‪:‬‬
‫اتفق الفقهاء على أن عقد السلم جائز شرعاً واختلفوا في عقد‬
‫االستصناع إلى رأيين هما‪:‬‬
‫الرأي األول‪ :‬ذهب جمهور الفقهاء وهم المالكية والشافعية‬
‫والحنابلة وزفر من الحنفية إلى أن االستصناع بشروط السلم صح‬
‫وكان سلماً‪.‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬ذهب الحنفية ـ عدا زفر ـ إلى صحة االستصناع‬
‫وأنه ليس سلماً وال يجب فيه مراعاة أحكام السلم‪.‬‬
‫لكنهم اختلفوا فيما بينهم في تكييف االستصناع‪ ،‬أهو بيع أم وعد‬
‫بالبيع أم إجارة‪،‬‬


Slide 232

‫واذا كان بيعاً هل المبيع هو العين المصنوعة أو العمل‬
‫الذي قام به الصانع ؟‬
‫والراجح عند الحنفية أن االستصناع هو عقد بيع للعين‬
‫المصنوعة ال لعمل الصانع‪ ،‬وهو ليس وعداً ببيع وال إجارة‬
‫على العمل‪.‬‬
‫ولكن الصحيح أن االستصناع عقد جديد مستقل ليس بيعاً‬
‫وال وعداً وال إجارة وال سلماً وان كان له شبه بالبيع‬
‫ال‪،‬‬
‫وباإلجارة وبالسلم‪ ،‬فال يعد بيعاً؛ ألن البيع ال يتضمن عم ً‬
‫وال إجارة؛ ألن اإلجارة ال تتضمن تقديم أعيان‪.‬‬


Slide 233

‫سبب خالف الفقهاء في عقد االستصناع‪:‬‬

‫يرجع سبب الخالف بين الفقهاء في جواز عقد االستصناع وعدمه‬
‫إلى خالفهم في وصفه‪ ،‬فمنهم من رأى أنه يشبه السلم بشروطه‪،‬‬
‫ومنهم من رأى أنه عقد جديد مستقل‪.‬‬

‫األدلة‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أدلة الجمهور‪:‬‬

‫‪ .1‬عن ابن عمر رضي اهلل عنهما أن النبي صلى اهلل عليه وسلم‪ “:‬نهى‬
‫عن بيع الكالئ بالكالئ“‪.‬‬
‫وجه الداللة‪ :‬نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن بيع الكالئ‬

‫بالكالئ‪ ،‬وهو بيع الدين بالدين‪ ،‬واالستصناع بيع مؤجل‬
‫بمؤجل‪ ،‬فالبيع مؤجل في الذمة وكذا الثمن‪ ،‬وال يصح بيعه إال‬
‫بقبض الثمن في المجلس‪.‬‬


Slide 234

‫‪ .2‬عن حكيم بن حزام قال‪ :‬أتيت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فقلت‪:‬‬
‫يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي‪ ،‬ابتاع له من السوق ثم أبيعه؟‬
‫قال‪” :‬ال تبع ما ليس عندك“‬

‫وجه الداللة‪:‬‬

‫نهى رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم عن بيع المعدوم؛ ألنه ما ال يملكه‬
‫اإلنسان ال يقدر على تسليمه‪ ،‬واالستصناع بيع معدوم فحرام شرعاً‪.‬‬

‫أدلة الحنفية‪:‬‬

‫استدل الحنفية على جواز عقد االستصناع بعدة أدلة أهمها‪:‬‬
‫‪ .1‬عن ابن عمر رضي اهلل عنهما أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬
‫اصطنع خاتماً من ذهب وكان يلبسه فيجعل فصه في باطن كفه‪ ،‬فصنع الناس‬
‫خواتيم ثم إنه جلس على المنبر فنزعه فقال‪ :‬إني كنت ألبس هذا الخاتم واجعل‬
‫فصه من داخل فرمى به ثم قال‪” :‬ال واهلل ال ألبسه أبدا‪ ،‬فنبذ الناس‬
‫خواتيمهم“‪.‬‬


Slide 235

‫‪ .2‬عن أنس بن مالك رضي اهلل عنه‪ :‬أنه رأى في يد رسول اهلل صلى اهلل‬
‫عليه وسلم خاتماً من ورق يوماً واحداً ثم أن الناس اصطنعوا الخواتيم من‬

‫ورق ولبسوها فطرح رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم خاتمه فطرح الناس‬
‫خواتيمهم“‪.‬‬

‫وجه الداللة‪:‬‬
‫الحديثان يدالن داللة صريحة على أن النبي صلى اهلل عليه وسلم استصنع‬
‫خاتماً من ذهب ثم رماه ولبس خاتماً من فضة‪ ،‬وكذا الصحابة رضوان اهلل‬
‫عليهم فعلوا ذلك‪.‬‬


Slide 236

‫‪ .3‬يجوز االستصناع استحساناً؛ إلجماع الناس على ذلك؛ ألنهم يتعاملون‬
‫بذلك في سائر األعصار من غير نكير‪.‬‬
‫يقول الزرقا‪ ” :‬ثبت عن النبي صلى اهلل عليه وسلم أنه نهى عن بيع ما ليس‬
‫عند اإلنسان ورخص في السلم‪ ،‬هذا النص عام في منع كل أنواع البيع التي‬
‫ال يكون المبيع فيها موجوداً في ملك البائع سوى السلم الذي استثناه لما فيه‬
‫من مصلحة باستالف الثمن لالستعانة على اإلنتاج‪ ،‬فعقد االستصناع يشمله‬
‫بالمنع عموم النص المانع وان لم يكن وارداً فيه خصيصاً‪ ،‬ولكن االستصناع‬
‫عقد تعارفه جميع الناس في كل البالد الحتياجهم إلى طريقته وال سيما في‬
‫األحذية ونحوها مما فيه مقاييس وأوصاف يختلف فيها الشخص عن غيره‪.‬‬
‫فلذلك أقر االجتهاد جواز عقد االستصناع للعرف الجاري فيه‪ ،‬واعتبر هذا‬
‫العرف مخصصاً لعموم النص العام المانع‪ ،‬فكأنما ورد النص باستثناء‬
‫االستصناع ضمناً‪ ،‬كما استثنى السلم صراحة‪ ،‬وبقي العمل بالنص في غير‬
‫ذلك من أنواع بيع المعدوم‪.‬‬


Slide 237

‫الرأي الراجح‪:‬‬
‫بعد عرض آراء الفقهاء في عقد االستصناع وذكر أدلتهم يتضح رجحان رأي الحنفية القائل بجواز‬
‫عقد االستصناع لما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬ضعف أدلة الجمهور التي استدل بها‪:‬‬

‫حديث النهي عن بيع الكالئ بالكالئ حديث ضعفه األلباني‪.‬‬
‫•‬
‫حديث ”ال تبع ما ليس عندك“ وان كان األلباني قد صححه ولكن ورد من جهة اإلسناد عبد اهلل‬
‫بن عمرو وهو مجهول‪.‬‬
‫‪ .2‬قوة أدلة الحنفية الذين استدلوا بها‪:‬‬
‫• حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما‪ ،‬وكذلك حديث أنس بن مالك رضي اهلل عنه وردا في صحيح‬
‫البخاري ويدالن صراحة على جواز عقد االستصناع لفعله صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫• تعامل الناس باالستصناع في سائر العصور من غير نكير دليل على انه جائز باإلجماع‬
‫العملي‪.‬‬
‫‪ .3‬حاجة الناس تدعو إلى عقد االستصناع فقد يحتاج الناس إلى أشياء غير مصنوعة‬
‫فيجد من يصنعها له فلو لم يجز ذلك لوقع الناس في حرج شديد جداً ومن خصائص الشريعة‬
‫اإلسالمية رفع الحرج عن الناس‬


Slide 238

‫وقد جاء في قرار رقم (‪ )7/3/66‬من مجلس مجمع الفقه اإلسالمي بشأن عقد االستصناع ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫إن مجلس مجمع الفقه اإلسالمي المنعقد في دورة مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربية‬
‫السعودية من ‪ 12‬إلى ‪ 17‬ذي القعدة ‪1412‬هـ الموافق ‪ 9‬ـ ‪ 14‬مايو ‪1992‬م‪.‬‬
‫بعد اطالعه على البحوث الواردة إلى المجمع المنصوص موضوع عقد االستصناع‪ ،‬واستماعه‬
‫للمناقشات التي دارت حوله ومراعاة لمقاصد الشريعة في مصالح العباد والقواعد الفقهية‬
‫في العقود والتصرفات‪ ،‬ونظ ارً ألن عقد االستصناع له دور كبير في تنشيط الصناعة وفي‬
‫فتح مجاالت واسعة للتمويل والنهوض باالقتصاد اإلسالمي قرر‪:‬‬
‫‪ .1‬أن عقد االستصناع وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة ملزم للطرفين إذا توافرت فيه‬
‫األركان والشروط‪.‬‬
‫يشترط في عقد االستصناع ما يلي‪:‬‬
‫‪.2‬‬
‫بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة‪.‬‬
‫•‬
‫أن يحدد فيه األجل‪.‬‬
‫•‬
‫‪ .3‬يجوز في عقد االستصناع تأجيل الثمن كله أو تقسيطه إلى أقساط معلومة آلجال محددة‪.‬‬
‫‪ .4‬يجوز أن يتضمن عقد االستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن‬
‫هناك ظروف قاهرة‪.‬‬


Slide 239

‫وجاء في توصيات وفتاوى مؤتمر المستجدات الفقهية في‬
‫معامالت المصارف اإلسالمية المنعقد بالمركز الثقافي اإلسالمي –‬
‫الجامعة األردنية من ‪ 23-21‬ذو القعدة ‪1414‬ه‪ ,‬ما يلي‪:‬‬
‫عقد السلم وعقد االستصناع‪:‬‬
‫أ‪ -‬السلم واالستصناع من العقود المشروعة النافعة ‪ ,‬ويوصي‬
‫المؤتمر المصارف اإلسالمية بإحياء هذين العقدين في التمويل ‪,‬‬
‫لما يترتب عليهما من مصالح كبيرة في تنشيط التجارة والصناعة‬
‫والزراعة‪.‬‬
‫ب‪ -‬يجب أن يراعي في عقد السلم واالستصناع الشروط التي‬
‫اعتمدها الفقهاء المجامع الفقهية؛ لتكون ضمانا في تطبيق هذ بما يحقق األهداف المرجوة منها‬
‫‪ ,‬ويمنع الضرر‪.‬‬
‫ج‪-‬يحذر المؤتمر من استعمال هذين العقدين بما يؤدي إلى‬
‫استغالل حاالت العوز والحاجة لدى المزارعين وغيرهم من‬
‫المنتجين ‪ ,‬بأن تكون عمليات السلم واالستصناع بأسعار عادلة‪,‬‬
‫ويدعو إلى وضع قواعد ونظم مستمدة من الشريعة اإلسالمية‬
‫للحيلولة دون إساءة استعمال هاتين الصيغتين وغيرهما من صيغ‬
‫االستثمار اإلسالمي‪.‬‬
‫ويمكن للدولة التدخل عند ظهور هذا االستغالل لحماية المنتجين‬
‫بالقيام بشراء منتجاتهم بأسعار معقولة‪,‬مع مراعاة الدولة بواجب‬
‫المشجع لإلنتاج‪.‬‬


Slide 240

‫د‪ -‬يرى المؤتمر جواز استعمال السلم الموازي واالستصناع‬
‫الموازي مع مراعاة الرابط التعاقدي بين العقدين المتوازيين في‬
‫السلم واالستصناع ‪ ,‬وعدم إساءة استعمال هاتين الصيغتين‬
‫باتخاذهما ذريعة للمحظور‪.‬‬
‫ه‪ -‬يوصي المؤتمر هيئات الرقابة الشرعية في المصارف‬
‫اإلسالمية بوضع النماذج والضوابط لعقد السلم واالستصناع‪,‬‬
‫وخاصة السلم الموازي واالستصناع الموازي ‪ ,‬بما يتفق مع‬
‫األحكام الشرعية؛ لئال يتحول مع التطبيق العلمي غير المنضبط‬
‫إلى الوقوع في المحظورات الشرعية‪.‬‬
‫و‪ -‬يوصي المؤتمر بطرح مسألة استصناع الذهب والفضة في‬
‫إحدى الندوات القادمة لحل ما فيها من إشكاالت‪ ,‬كما يوصي‬
‫بطرح صيغ تطبيق جديدة لعقدي السلم واالستصناع‪.‬‬


Slide 241

‫أركان عقد االستصناع ‪ ,‬وشروطه‪ ,‬وصفته والشرط الجزائي‬
‫أوال‪ :‬أركان عقد االستصناع‪:‬‬

‫إذا كان االستصناع نوعا من البيع ‪ ,‬فانه ينعقد بما ينعقد به البيع‬
‫من أركان وشروط تشكل مقومات عقد االستصناع ‪ ,‬وأركان عقد‬
‫االستصناع هي‪:‬‬

‫‪-1‬الصيغة‪:‬‬

‫ويعبر عنها باإليجاب والقبول‪ ,‬فهي تدل على رضا المتعاقدين‬
‫الصانع والمستصنع ‪,‬ومثال ذلك‪ :‬أن يقول المستصنع للصانع ‪:‬‬
‫اصنع لي كرسي مكتب من خشب كذا‪ ,‬وبمواصفات معينة‪ ,‬فيقول‬
‫الصانع ‪ :‬قبلت‪ ,‬ونحو هذا المثال لفظا أو كتابة ويشترط في‬
‫الصيغة ما يشترط في صيغة عقد البيع‪.‬‬


Slide 242

‫‪ -2‬العاقدان‪:‬‬
‫وهما طرفا عقد االستصناع‪ ,‬الصانع والمستصنع‪ ,‬اللذان يصدر‬
‫عنهما اإليجاب والقبول‪ ,‬ويشترط فيهما ما يشترط في طرفي عقد‬
‫البيع‪.‬‬
‫‪ -3‬المعقود عليه‪:‬‬

‫وهو محل االستصناع‪ ,‬وقد اختلف فقهاء الحنفية فيه‪,‬هل المحل‬
‫هو العين أو العمل؟‬
‫فجمهور فقهاء الحنفية يرون أن المحل هو“العين“؛ وذلك ألنه لو‬
‫استصنع رجل في عين‪ ,‬يسلمها له الصانع بعد استكمال ما يطلبه‬
‫المستصنع‪ ,‬سواء أكانت الصنعة قد تمت بفعل الصانع أم بفعل غيره بعد العقد‪,‬‬
‫فان العقد يلزم‪ ,‬وال ترد العين لصانعها إال بخيار‬
‫الرؤية‪ ,‬فلو كان العقد واردا على“العمل“ لما صح العقد إذا تمت‬
‫الصنعة بصنع غيره‪ ,‬وهذا دليل على أن العقد يتوجه على”العين“‬
‫ال على الصنعة‪ ,‬ويرون أيضا أن المتفق عليه أن االستصناع ثبت‬
‫فيه للمستصنع خيار الرؤية‪.‬‬


Slide 243

‫ومن الحنفية من يرى أن المحل في االستصناع هو العمل؛ وذلك‬
‫ألن عقد االستصناع ينبئ عن أنه عقد على عمل‪ ,‬فاالستصناع‬
‫لغة طلب العمل‪ ,‬واألشياء التي تستصنع بمنزلة اآللة للعمل ‪,‬‬
‫ولو لم يكن عقد االستصناع عقد عمل لما جاز أن يفرد بالتسمية‪.‬‬
‫وقد أخذت مجلة األحكام العدلية برأي جمهور فقهاء الحنفية‬
‫القائل بأن المبيع في االستصناع هو العين ال عمل الصانع وهو‬
‫الراجح واهلل أعلم‪.‬‬


Slide 244

‫ثانياً‪ :‬الشروط الخاصة لالستصناع‪:‬‬
‫معلوم عند جمهور الفقهاء أن عقد االستصناع يعد سلماً‬
‫وشروط السلم تعتبر شروط لالستصناع‪ ،‬أما الحنفية‬
‫فإنهم يفرقون بينهما‪ ،‬ويرون أن لالستصناع شروطاً‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون المستصنع فيه معلوماً‪ ،‬وذلك ببيان جنس‬
‫المصنوع ونوعه وقدره وصفته ألنه ال يصير معلوماً‬
‫بدونه؛ وذلك لرفع الجهالة المفضية للمنازعة‪.‬‬


Slide 245

‫‪ .2‬أن يكون المستصنع فيه مما يجري فيه التعامل بين الناس‬
‫كالطائرات والسيارات والسالح واألواني ونحو ذلك وهذا يختلف‬
‫باختالف الزمان والمكان؛ ألن ما ال تعامل فيه يرجع للقياس‬
‫فيحمل على السلم ويأخذ أحكامه‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم ضرب األجل‪ :‬فقد ذهب جمهور الحنفية إلى عدم ضرب‬
‫األجل في عقد االستصناع‪ ،‬فإذا ذكر األجل صار سلماً ويعتبر‬
‫فيه شروط السلم‪ ،‬واستدلوا على ذلك‪:‬‬
‫أ‪ .‬بأن السلم عقد على مبيع في الذمة مؤجل‪ ،‬فإذا ما ضرب في‬
‫االستصناع أجل صار بمعنى السلم ولو كانت الصيغة‬
‫استصناعاً‪.‬‬


Slide 246

‫ب‪ .‬وأيضاً التأجيل يختص بالديون؛ ألنه وضع لتأخير‬
‫المطالبة‪ ،‬وتأخير المطالبة إنما يكون في عقد فيه مطالبة‬
‫وليس ذلك إال في السلم‪ ،‬إذن ال دين في االستصناع‪.‬‬
‫وخالف في ذلك أبو يوسف ومحمد فالعرف عندهما جرى‬
‫بضرب األجل في االستصناع‪ ،‬واالستصناع إنما جاز‬
‫للتعامل ومن مراعاة التعامل بين الناس أن االستصناع قد‬
‫ُعرف فيه ضرب األجل فال يتحول إلى السلم بوجود األجل‪.‬‬


Slide 247

‫ثالثاً‪ :‬مدى لزوم عقد االستصناع‪:‬‬

‫ذهب جمهور الحنفية إلى أن االستصناع عقد غير الزم سواء تم أو لم يتم وسواء‬
‫أكان موافقاً للصفات المتفق عليها أم غير موافق‪ ،‬وذهب أبو يوسف إلى أنه إن‬
‫تم صنعه وكان مطابقاً‬
‫لألوصاف المتفق عليها يكون االستصناع عقداً الزماً‪ ،‬وهو الراجح ألنه يدفع‬
‫ضر ارً كبي ارً عن الصانع ويمنع من المنازعات بين الناس‪ ،‬وهذا ما أخذت به مجلة‬
‫األحكام العدلية‪.‬‬
‫وأما إن كان الذي تم صنعه غير مطابق لها فهو غير الزم عند الجميع لثبوت‬
‫خيار فوات الوصف‪.‬‬
‫وقد اتفق فقهاء الحنفية على أن االستصناع عقد غير الزم قبل العمل من‬
‫المتعاقدين جميعاً حتى لو كان لكل واحد منهما خيار االمتناع قبل العمل كالبيع‬
‫المشروط فيه الخيار لمتبايعين أن لكال واحد منهما الفسخ؛ ألن القياس يقتضي‬
‫أال يجوز وانما أجزناه استحساناً لتعامل الناس به فبقي اللزوم على أصل القياس‪.‬‬


Slide 248

‫رابعاً‪ :‬الشرط الجزائي في عقد االستصناع‪:‬‬
‫إذا اشترط أحد المتعاقدين غرامة تأخير على اآلخر في عقد‬
‫االستصناع إذا لم ينفذ األول التزاماته أو تأخر في تنفيذها ليس‬
‫بسبب قوة قاهرة وترتب على عدم التنفيذ أو التأخير ضرر فإن‬
‫للمتضرر الحق في تعويضه بقدر الضرر الذي وقع عليه حقيقة ما لم‬
‫تكن هناك ظروف قاهرة‪.‬‬
‫وأجاز كثير من العلماء المعاصرين والهيئات ولجان الفتوى الشرط‬
‫الجزائي‪.‬‬
‫وقد ازدادت قيمة الزمن في الحركة االقتصادية وأصبح تأخر أحد‬
‫المتعاقدين أو امتناعه عن تنفيذ التزاماته في مواعيدها المشروطة‬
‫مض ارً بالطرف اآلخر في وقته وماله أكثر مما قبل‪.‬‬


Slide 249

‫وال يعوض هذا الضرر القضاء على الملتزم بتنفيذ التزامه األصلي‬
‫ألن هذا القضاء إنما يضمن أصل الحق لصاحبه وليس فيه جبر‬
‫لضرر التعطل أو الخسارة ّذلك الضرر الذي يلحقه جراء تأخر الطرف‬
‫اآلخر عن الوفاء بالتزاماته في حينها تهاوناً منه أو امتناعاً‪.‬‬
‫ولذلك يشترط الناس في عقودهم ضمانات مالية تعرف بالشرط‬
‫الجزائي أو غرامة مالية على الطرف الذي يتأخر في الوفاء‬
‫بالتزاماته‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق يتضح جواز فرض غرامة تأخير في عقد‬
‫االستصناع للطرف المتضرر بقدر ما وقع عليه من ضرر حقيقي‬
‫ولكن بشرط ما لم تكن هناك ظروف قاهرة خارجة عن إرادته‪ ,‬والذي‬
‫يقدر ذلك أهل االختصاص والخبرة والتجربة‪.‬‬


Slide 250

‫أوجهَّاالتفاقَّواالختالفَّبينَّعقديَّاالستصناع والسلمَّوماَّينتهيَّبه‬
‫قبل أن نتحدث عن أوجه االتفاق واالختالف بين عقدي االستصناع والسلم عند‬
‫الحنفية البد من الحديث عن أهم ما جاء من أحكام تتعلق بعقد السلم حتى‬
‫نجري مقارنة بينهما‪:‬‬

‫‪ .1‬تعريف السلم‪:‬‬
‫السلم لغة‪ :‬السلف واالستعجال‪.‬‬
‫السلم شرعاً‪ :‬اختلف الفقهاء في تعريفه تبعاً الختالفهم في الشروط‬
‫المعتبرة فيه كالحنفية والحنابلة الذين اشترطوا في صحته قبض‬
‫رأس المال في مجلس العقد وتأجيل المسلم فيه‪ :‬عرفوه بما‬
‫يتضمن ذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫عرفه الحنفية بأنه‪ :‬أخذ عاجل بآجل‪.‬‬


Slide 251

‫وعرفه الحنابلة بأنه‪ :‬أن يسلم عوضاً حاض ارً بعوض موصوف في‬
‫الذمة إلى أجل‪.‬‬
‫وعرفه المالكية الذين منعوا السلم الحال ولم يشترطوا تسليم رأس‬
‫المال في مجلس العقد وأجازوا تأجيله إلى يومين وثالثة فقد‬

‫عرفوه‪ :‬أن يسلم عيناً حاضرة في عوض موصوف في الذمة إلى‬
‫أجل‪.‬‬
‫أما الشافعية الذين اشترطوا لصحة السلم قبض رأس المال في‬
‫المجلس وأجازوا كون السلم حاالً أو مؤجالً فقد عرفوه‪ :‬بأنه بيع‬
‫موصوف في الذمة‪.‬‬


Slide 252

‫أركان السلم وشروط صحته‪:‬‬
‫أركان السلم‪ :‬أركان السلم هي أركان البيع‪ ،‬وجمهور الفقهاء‬
‫متفقون على أن أركان السلم هي‪:‬‬
‫‪ .1‬الصيغة‪ :‬وهي اإليجاب والقبول‪.‬‬
‫‪ .2‬العاقدان‪ :‬وهما المسلم والمسلم إليه‪.‬‬
‫‪ .3‬المحل‪ :‬وهو رأس المال والمسلم فيه‪.‬‬
‫وكما هو معلوم فالحنفية خالفوا الجمهور واعتبروا ركن‬
‫السلم هو الصيغة الدالة على اتفاق اإلرادتين وتوافقهما‬
‫على إنشاء العقد‪.‬‬


Slide 253

‫شروط صحة السلم‪ :‬شروط صحة السلم متعددة وهي كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬شروط رأس المال‪:‬‬
‫يشترط في رأس مال السلم أن يكون مقداره معلوماً‪ ،‬وأن يسلم رأس‬
‫المال في مجلس العقد‪ ،‬وأجاز المالكية تأخير رأس المال إلى أيام‬
‫قليلة ما لم يكن مشترطاً‪.‬‬
‫‪ .2‬شروط المسلم فيه‪:‬‬
‫يشترط في المسلم فيه أن يكون ديناً موصوفاً في ذمة المسلم إليه‬
‫وأن يكون المسلم فيه معلوماً مبيناً بما يرفع الجهالة‪ ،‬وأن يكون‬
‫المسلم فيه مؤجالً‪ ،‬وأجاز الشافعية صحة السلم الحال كما هو‬
‫جائز مؤجالً‪ .‬وأن يكون األجل معلوماً وأن يكون المسلم فيه‬
‫مقدو ارً على تسليمه عند حلول األجل‪ ،‬وأما تعيين مكان اإليفاء‬
‫فقد اختلف الفقهاء إلى عدة اتجاهات‪.‬‬


Slide 254

‫أوالً‪ :‬أوجه االتفاق بين عقدي االستصناع والسلم‪:‬‬

‫‪ .1‬يتفق االستصناع والسلم في أن كالً منهما بيع لشيء معدوم‬
‫أجازه الشرع لحاجة الناس إليه وتعاملهم به‪ ،‬فالباعث على عقد‬
‫االستصناع تلبية حاجة المستصنع‪ ،‬وتحقيق الربح للبائع‬

‫الصانع‪ ،‬أما السلم فالباعث هو شدة حاجة البائع للمال لينفقها‬
‫على نفسه أو على إنتاجه الزراعي ونحو ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬يتفق االستصناع والسلم في أن كالً منهما البد فيه من بيان‬
‫المستصنع والمسلم فيه بياناً يمنع من المنازعة وذلك بالعلم‬
‫بالمصنوع والمسلم فيه بذكر وبيان الجنس والنوع والقدر والصفة‬

‫وما يؤثر في الثمن والرغبات بياناً واضحاً‪.‬‬


Slide 255

‫‪ .3‬يتفق االستصناع والسلم في أن كالً من المستصنع أو المسلم‬
‫فيه يتم تسليمه في محل العقد أو ما شرط بذكر مكان اإليفاء‬
‫وكذلك إن كان لعمله مؤونة فالبد من تحديد موضع التسليم منعاً‬
‫للخصومة والنزاع‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أوجه االختالف بين عقدي االستصناع والسلم‪:‬‬

‫من خالل االطالع على عقدي االستصناع والسلم نقف على نقاط االختالف بين‬
‫العقدين فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪.‬المبيع في االستصناع عين ال دين ‪ ,‬كاستصناع أثاث أو خف أو إناء‪ ,‬ونحو‬
‫ذلك‪ ,‬أما المبيع في السلم فهو دين يثبت في الذمة‪,‬فهو كالمكيل‪ ,‬أو‬
‫الموزون ‪ ,‬أو المذروع ‪ ,‬أو العدديالمتقارب‪ ,‬كالبطيخ والبيض‪ ,‬لذا‬
‫فاالستصناع ال يدخل في جميع السلع ‪ ,‬بل في السلع التي يحتاج إلى‬
‫تصنيعها‪ ,‬فال يجري في اإلنتاج الزراعي أو المواد الخام مثالً‪ ,‬أما السلم‬
‫فيدخل في جميع السلع التي يمكن أن تستوعب أوصافها‪.‬‬


Slide 256

‫ب‪ .‬األجل في االستصناع مختلف فيه عند الحنفية‪ ,‬فجمهورهم ذهب إلى عدم‬
‫ضرب األجل‪ ,‬فإذا ذكر األجل صار االستصناع سلماً‪ ,‬وقال الصاحبان‪ :‬يصح‬
‫االستصناع ألجل أو لغير أجل‪.,‬الن عرف الناس تحديد األجل فيه‪.‬‬

‫على عكس السلم فانه يشترط فيه وجود األجل ‪ ,‬فهو ال يصح عند جمهور‬
‫الفقهاء عدا الشافعية إال ألجل كشهر فما فوق‪ .‬ج‪.‬االستصناع عقد غير‬
‫الزم عند جمهور الحنفية غير أبي يوسف‪ ,‬فيجوز لكل من العاقدين فسخه‪.‬‬

‫أما السلم فانه عقد الزم ال يجوز فسخه إال بتراضي المتعاقدين واتفاقهما معا‬
‫على الفسخ‪.‬‬
‫د‪ .‬ال يشترط في االستصناع قبض رأس المال في مجلس العقد‪ ,‬فقد يدفعه كله أو‬

‫جزء منه‪ ,‬وقد ال يدفع منه شئ‪ ,‬ويكون ديناً حتى يسلم المصنوع‪.‬‬
‫أما في السلم فيشترط قبض رأس مال السلم في مجلس العقد‪.‬‬


Slide 257

‫ثالثاً ما ينتهي به عقد االستصناع‪:‬‬
‫ينتهي عقد االستصناع بتمام الصنع‪ ,‬وتسليمه وقبوله‪,‬‬
‫وقبض الثمن‪ ,‬كذلك ينتهي بموت أحد العاقدين‪ ,‬لشبهه‬
‫باإلجارة‪.‬‬


Slide 258

‫تطبيقات عقد االستصناع في أعمال التمويل واالستثمار التي‬
‫تقوم بها املصارف اإلسالمية‪ ,‬والخطوات العملية لتنفيذه‬

‫أوالً ‪ :‬تطبيقات عقد االستصناع في أعمال التمويل التي تقوم بها‬
‫المصارف اإلسالمية‪:‬‬

‫تحدثنا سابقاً إن االستصناع في الماضي حقق رغبات الناس ومتطلباتهم فأفاد الصانع‬
‫والمستصنع‪ ,‬فالصانع قدم خبرته ومهاراته‪ ,‬واستطاع أن يبدأ من خال ل تطوير‬
‫وتحسين صنعته‪ ,‬فاكتسب المال‪ ,‬والمستصنع حصل على ما يرغب ويرضي ذوقه‬
‫ويحقق مصلحته‪.‬‬
‫ثم انتشر االستصناع انتشا ارً واسعاً في وقتنا الحاضر‪ ,‬فلم يعدمقصو ارً على صناعة‬
‫األحذية وأثاث المنازل وغير ذلك‪ ,‬بل شمل صناعات متطورة ومهمة جداً في‬
‫الحياة المعاصرة كالطائرات والسفن والقطارات والسيارات وغيرها مما أدى إلى‬
‫تنشيط الحركة الصناعية وتطويرها‪ ,‬وهذا أسهم في تلبية رغبات الناس وتحقيق‬
‫مصالحهم بتوفير حاجاتهم‪.‬‬
‫ولم ينتهي األمر على الصناعات المختلفة السابقة وانما شمل إقامة المباني وتوفير‬
‫المساكن المرغوبة وقد ساعد كل ذلك على التغلب على أزمة السكان‪.‬‬


Slide 259

‫ومن أبرز األمثلة والتطبيقات لالستصناع بيع الدور والمنازل‬
‫والشقق السكنية على الخارطة ضمن أوصاف وضوابط محدودة‪,‬‬
‫ويعد العقد صحيحاً إذا صدرت رخصة البناء‪ ,‬ووضعت الخريطة‬
‫وذكرت في شروط العقد مواصفات البناء‪ ,‬بحيث ال تبقى جهالة‬
‫مفضية إلى النزاع والخالف وقد أصبح من السهل ضبط األوصاف‬
‫ومعرفة المقادير وبيان نوع البناء سواء بيع البناء على هيكل أم‬
‫مكسياً كامل الكسوة مع االتفاق على شروط الكسوة وأوصافها من‬
‫النوع الجيد أو الوسط أو العادي‬


Slide 260

‫إذا من خالل ما مر نستطيع إن نقول أنه يمكن تطبيق عقد‬
‫االستصناع في أعمال التمويل واالستثمار التي تقوم بها المصارف‬
‫اإلسالمية أو غيرها على كل ما دخلت فيه الصناعة من سيارات‬
‫وطائرات وبواخر وكذلك بناء العقارات واألبنية الجاهزة وغيرها إلى‬
‫صنع األواني والثياب واألحذية ونحو ذلك وفي هذا مجال واسع‬
‫للمصارف اإلسالمية وخاصة في فلسطين التي ال تتعامل إال بعقد‬
‫المرابحة لألمر بالشراء بنسبة كبيرة جداً ُُ تصل إلى فوق ‪.%90‬‬


Slide 261

‫وعقد االستصناع ينشط الحركة االقتصادية ويكسر طوق الحصار المضروب‬
‫على الدول اإلسالمية وخاصة فلسطين ويحصل المصرف والمستصنع على‬
‫المال والحاجة حسب االتفاق المبرم بينهما ‪ ,‬وبذلك يزول الحرج فيضمن عدم‬
‫ركود السلع وتحل األزمات وخاصة السكن فيطلب المستصنع عيناً بمواصفات‬
‫وشروط محددة حسب رغبته ويدفع الثمن أو جزء منه أو ال يدفعه إال بعد‬
‫االستالم على أقساط حسب االتفاق الذي يتم بينهما وهذا كله يؤدى إلى‬
‫تنشيط االقتصاد والتجارة ويقضي على البطالة بتمويل المصرف اإلسالمي هذه‬
‫األعمال على أساس عقد االستصناع الموازي‪.‬‬


Slide 262

‫ثانياً الخطوات العملية التنفيذية لعقد االستصناع الموازي في المصارف اإلسالمية‪:‬‬
‫إذا أردنا أن نستغل موارد العالم اإلسالمي من ذهب وفضة ونحاس وخشب‬
‫ومواد بترولية التي تدخل في التصنيع فسنحقق مصالح الناس بالنفع العام‬
‫الذي سيعود عليهم ويسد احتياجاتهم وهذا يحصل بالربط والعمل التكاملي‬
‫بين أصحاب الخبرة وأصحاب األموال ويقضي على البطالة المنتشرة وخاصة‬
‫في العالم اإلسالمي وخير من يقوم بهذا العمل هو المصارف اإلسالمية عن‬
‫طريق االستصناع الموازي بالخطوات العملية التالية‪:‬‬

‫‪.1‬يبدأ المستصنع رغبة في شراء سلعة ويتقدم للمصرف اإلسالمي بطلب الستصناعه بمواصفات‬
‫وشروط يرغب فيها‪.‬‬
‫‪.2‬إذا وافق المصرف اإلسالمي على طلب المستصنع يوقع األخير عقد وعد ملزم بالشراء ثم يلتزم‬
‫المصرف اإلسالمي بتصنيع السلعة وتسليمها له في المدة المتفق عليها‪.‬‬
‫‪.3‬يطلب المصرف اإلسالمي من صانع استصناع هذه السلعة الذي التزم بها للمستصنع في عقد‬
‫االستصناع األول بنفس الصفات والشروط ويتفق مع الصانع على الثمن واألجل‪.‬‬


Slide 263

‫‪.4‬يسلم الصانع السلعة إلى المصرف اإلسالمي مباشرة أو إلى جهة أو مكان‬
‫حدده المصرف في العقد حسب االتفاق‪.‬‬
‫‪.5‬يقوم المصرف اإلسالمي بتسليم السلعة المستصنعة إلى المستصنع مباشرة أو‬
‫عن طريق جهة أو في مكان تم االتفاق عليه في العقد‪ ,‬ومن حق‬
‫المستصنع التأكد من مطابقة السلعة للمواصفات التي تم االتفاق عليها في‬
‫عقد االستصناع األول‪.‬‬
‫‪.6‬يتم إبرام عقد االستصناع األول ثم إبرام عقد االستصناع الموازي بنفس‬
‫الشروط والمواصفات مع إضافة شرط قبول المستصنع األول بالسلعة‬
‫المستصنعة طالما أنها مطابقة للمواصفات والشروط وتعتبر موافقته للصانع‬
‫موافقة نهائية منهية للخيار‪.‬‬