Rami Hosni – الله والشر والمصير

Download Report

Transcript Rami Hosni – الله والشر والمصير

‫هللا والشر والمصير‬
‫كوستي بندلي‬
‫ومن شأن المحبة أن تقيم المحبوب بإزائها‬
‫وأن ترفض تذويبه فيها وإلغاء فرادته…‬
‫مسابقة “رحلة في كتاب”‬
‫رامي حصني‪ -‬تموز ‪٢٠١٣‬‬
‫هل هللا إرهابي؟‬
‫د الرأى الشائع‬
‫على ح ّ‬
‫موقف هللا من الخطيئة‬
‫أشبه ما يكون بموقف‬
‫أحدنا إذا ما لحقته‬
‫إهانة فهو متربص‬
‫لمرتكبي الخطيئة‬
‫يضرك‬
‫هللا ال‬
‫َّ‬
‫ب عليهم جام‬
‫ويص ّ‬
‫غضبه وينزل بهم أشد‬
‫الويالت‪ ،‬ويميتهم‬
‫“تأديبًا“‬
‫هللا جازاه‬
‫وإذا ما أصروا على‬
‫عصيانه‪...‬‬
‫شو عامل لربِّ ّي؟!!!‬
‫" يرسلهم" بعد موتهم‬
‫إلى جهنم ويعذبهم‬
‫بالنار بال رحمة إلى‬
‫األبد‬
‫حبَّة‬
‫هللا َم َ‬
‫َ‬
‫وقد عرفنا بيسوع المسيح أن »هللا محبة«‬
‫وأن المحبة اسمه الفريد وصفته المميزة‪ .‬من هنا أن‬
‫هذا اإلله ال يرسل الشرور الطبيعية‬
‫بل ال يجوز أن يقال أنه " يسمح بها”‪ ،‬ما يسمح به‬
‫بالحقيقة هو أن توجد الخليقة فعال ً ال شكالً‪ ،‬أي أن ال‬
‫تكون مجرد ظل له‪ ،‬مما يفترض ‪:‬‬
‫دها‬
‫أن يم ّ‬
‫بالوجود ( وإال‬
‫لما كانت)‬
‫وأن ينسحب‬
‫منها بآن ( وإال‬
‫لما كانت‬
‫متمايزة عنه‪،‬‬
‫أي لما كانت‬
‫فعال ً )‬
‫هل يسمح هللا بالشرّ؟‬
‫ّا‬
‫كل‬
‫هللا لكونه الخير المطلق والمحبة المطلقة‪ ،‬ال يمكنه أن‬
‫يكون حياديًا حيال الشر الناتج عن محدودية مخلوقاته‪ ،‬كما‬
‫توحي العبارة القائلة بأنه "يسمح" بهذا الشرّ ‪...‬‬
‫فالشر نقيض هللا وال يمكن أن يقف منه هللا موقف‬
‫الحياد‪ ،‬إنه طعنة له في الصميم ‪...‬‬
‫وهللا يعاني من هذه الطعنة ( وإن كانت كيفية هذه‬
‫المعاناة تفوق مداركنا وتتجاوز تصوراتنا)كما انكشف لنا‬
‫فى صليب يسوع المسيح ‪..‬‬
‫لكن ارتضاء هللا بأن توجد‬
‫المخلوقات‪ ،‬يعنى السماح لها بأن‬
‫توجد بما لديها من خصوصية‬
‫أي بما تتسم به من محدودية‬
‫ناتجة عن طبيعتها كمخلوقات‬
‫صادرة من العدم‬
‫وبالتالىي بعيدة عن كمال الوجود‬
‫الخطيئة ليست قصة عصيان وعقاب‪ ،‬إنها قصة حب‬
‫ب معًا‬
‫مرفوض يع ّ‬
‫ذب المحبوب والمح ّ‬
‫فالموت‪ ،‬بمعناه ال البيولوجي بل‬
‫صا ينزله هللا‬
‫ي‪ ،‬ليس قصا ً‬
‫الكيان ّ‬
‫باإلنسان‪ ،‬بل نتيجة محتومة الغتراب‬
‫من هو‬
‫اإلنسان‪ ،‬باالنغالق والرفض‪ ،‬ع ّ‬
‫ينبوع حياته‬
‫وضياعه من جرّاء ذلك‬
‫في صحراء العزلة‬
‫والعقم والجفاف‬
‫والعطش‬
‫هللا معاد ًيا للشرّ‬
‫لكن هللا ليس معاديًا للشر فحسب‪ ،‬إنه مقاوم له أي ً‬
‫ضا‪ ،‬هذا ما يشير‬
‫ي‪ :‬صليب وقيامة‬
‫إليه وجهـا السرّ الفصح ّ‬
‫إن احتجاب هللا‬
‫الظاهرى عن الخليقة‬
‫ي‬
‫مقرون بحضور خف ّ‬
‫في قلبها‪ ،‬حضور لواله‬
‫ولما لما كانت أصال ً‬
‫استمرت في الوجود‬
‫(كي يدعها تكون كي‬
‫ال يذيبها في ذاته)‬
‫هذا الحضور ( هذه "‬
‫الطاقات اإللهية" المنبثّة‬
‫جه‬
‫في الموجودات ) يو ّ‬
‫الخليقة بخفر بدل أن‬
‫يغتصبها اغتصابًا‪،‬‬
‫ويسمو بها تدريجيًا فوق‬
‫نواقصها وحدودها‬
‫وأن يعيدنا‬
‫إلى أصالتنا اإلنسانية‪...‬‬
‫نهج محرّر من انحرافاتنا المميتة وقادر‪ ،‬إذا ما‬
‫تمثلناه‪ ،‬أن يعتقنا منها‪...‬‬
‫لم يكن موت يسوع المسيح‪ ،‬فى هذا المنظار‪ ،‬وسيلة إلخماد‬
‫جا لنهج حياة كشفه هللا لنا في إنسانية‬
‫الغضب اإللهي بل كان تتوي ً‬
‫يسوع‬
‫هكذا يعانى هللا ( على طريقته اإللهية التى تفوق إدراكنا ) ما نعانيه‬
‫من شرور‪ ،‬ويكافحها معنا بآن‪.‬‬
‫وألنه يكافحها‪ ،‬فالكلمة األخيرة لن تكون للشرّ بل له‪ .‬ألنه وحده حقيقة‬
‫الوجود‪ ،‬وألن الشر ال حقيقة كيانية له‪ ،‬بل هو مجرد تزييف للوجود‪ ،‬يحيا‬
‫منه ويشوهه بآن‪ ،‬كما تستمد الطفيليات حياتها من الكائنات الحية التي‬
‫تعيش على استغاللها وتدميرها‬
‫ي على الشرّ‪ ،‬الذى هو أي ً‬
‫ضا انتصار اإلنسان‪ ،‬هو ما سوف‬
‫انتصار هللا النهائ ّ‬
‫يتجلى فى " اليوم األخير"‪ ،‬الذي به سيتوّج هللا عملية تجديد الكون التي‬
‫شن اكتمالها بقيامة المسيح‬
‫بدأها منذ القديم والتى ُد ّ ِّ‬
‫هللا والشر والمصير‬
‫دعى‬
‫هذا السرّ الذى ال يمكن ألحد أن ي ّ‬
‫ل همنا أن نتصدى‬
‫جالءه بالكلية إنما ج ّ‬
‫للتعابير المشوهة عنه هذا السرّ إنما هو‬
‫كامن فى ذلك االحترام‪ ،‬المحيّر لمداركنا‪،‬‬
‫الذى يبديه هللا لواقع مخلوقاته المحدود‪،‬‬
‫وفى إحجامه عن أن يغتصبها اغتصابًا‪.‬‬
‫كوستي بندلي‬