7- الديانة النبطية
Download
Report
Transcript 7- الديانة النبطية
الديانة النبطية
• تعددت اآللهة النبطية التي تم التعرف
عليه سواء من خالل تحليل النقوش
والكتابات أو التي تم الكشف عنها من
خالل الحفريات األثرية ،أو تلك التي
تم ورود اسمائها في كتابات
المؤرخين ،وقد قسمت هذه اآللهة الى
رئيسية وفرعية وذلك تبعا ألهمية
هذه اآللهة.
• اآللهة الرئيسية:
• -1ذو الشرى (دوشرا) :يعتبر هو اإلله الرئيس عند
األنباط واقد اتسم بطبيعة كوكبية تمثلت بالشمس ،لذا
نالحظ أن أنصابه كانت متجهة نحو الشرق.
• ان هناك العديد من االراء للباحثين حول أصل وحقيقة
اسم اإلله ذو الشرى ،فمنهم من يقرنه بجبال الشراة،
ومنهم من يقرنه باإلله العبري يهوه ،ومنهم من
يقرنه باالله أعرا وهو االسم االرامي القديم لهذا
االله ،بينما يرى موسكاتي ذو الشرى هو اسم او لقب
عربي أطلقه عليه االنباط.
• ولكن أجمع معظم الباحثين أن ذو الشرى على
عالقة بمنطقة الشراة (جبال الشراة) المحيطة
بالبتراء ،وأن األنباط كانوا يختارون األماكن
العالية لتشييد معابده نظرا الرتفاع مكانته
كإرتفاع جبال الشراة ،وتذكر نقوش القرنين
األول والثاني الميالدي أن هذا اإلله هو كبير
األلهة النبطية.
• مر هذا االله بالعديد من مراحل التطور فاقتبس
كثيرا من مظاهر تطوره من ديانات األمم
المجاورة كاليونان والرومان وغيرهم.
• وتجمع الدراسات األثرية عن ديانة األنباط أن
اإلله (ذو الشرى) كان في بدايته ُيعبد على
شكل مسلة سوداء أو حجر أسود مربع أو
مستطيل الشكل وله زوايا أربع بارتفاع أربعة
اقدام واتساع قدمين ،مقطوع على شكل
مكعب وبذلك فهو يشبه بناء الكعبة ،وحيثما
توجه المرء في مدينة البتراء وجد رموز (ذو
الشرى) منصوبة أو منحوتة مما يدل على
مدى مكانته في البتراء نفسها.
• وقد وصف هذا اإلله بأنه غير مسرف في
الطعام والشراب وممسك عن الخمر ،وفي
بدايته كانت تقدم له قرابين ممزوجة مع
الحليب والماء والزيت والحبوب
الممزوجة مع أطعمة أخرى أيضا ،ومن
المحتمل أن الشراب والخمر وأحيانا الماء
قد تم إضافته الستخدامه في الطقوس
الدينية.
• وكان يسكب عليه وأمامه دم األضاحي والقرابين
المقدمة له .كما تميز (ذو الشرى) بوجوده بالقرب
من المياه ،أو نحتت بالقرب من نصبه حفر لوضع
الماء بهدف التطهر عند زيارته ،وعادة التطهر هذه
معروفة لدى الساميين عند مرورهم أو دخولهم إلى
األماكن المقدسة ،وتظهر أهمية التطهر في عبادة
هذه اإللة بوجه خاص .ودليل ضرورة التطهر عند
قدماء العرب قصة إسالم الطفيل بن عمرو الدوسي
عندما طلب من زوجته ان تذهب إلى حمى (ذو
الشرى) لتتطهر منه لتسلم كزوجها.
ُعبد (ذو الشرى) في كل المناطق التابعة
•
للمملكة النبطية خصوصا في البتراء حتى
وصلت عبادته إلى بصرى والمدن األخرى في
مراكز المنطقة المزروعة بالعنب في حوران.
وأطلق عليه في بعض النصوص (إله جايا)
وهو االسم القديم لقرية في وادي موسى قرب
مدينة البتراء (دوس ر ا /ا ل هـ /ج ي ا) اي
(دو شرا إله جيا) .وأصبح اإلله الملكي لملوك
األنباط ،وأطلق عليه اسم دو شرا ،إله سيدنا
(الملك)( ،إله رابيل).
أصبح ذو الشرى يناظر كال من (بعل هدد) و (بعل
•
شمين) و(رب السموات) ،كما حمل طبيعة
(ديونيسوس )Dionysos-في دور الحق ،ثم أصبح
مماثال (لزيوس) ،ثم مماثال لالزدواج بين زيوس
وباخوس (ديونيسوس).
• اقترن هذا اإلله برموز مناسبة ألوضاعه الجديدة،
ومن تلك الرموز األسد والثور واألفعى والصقر،
وعندما كان يضاهي (ديونيسوس) أو (باخوس) فإن
تمثاله كان يقترن بأوراق الكرمة وعناقيدها ،إذ عثر
في مدينة بصرى على نقوش تحمل شعاره وهو
عبارة عن معصرة نبيذ.
• وعندما أصبح (ذو الشرى) يضاهي اإلله
(زيوس-هدد) صارت قرينته (الالت)
تناظر (أترعتا) ربة الخصب السورية لدى
األنباط .وإذ كان رفيقها (هدد) صاحب
عرش مجنح بالثيران فإن عرشها مجنح
باألسود.
• أقام األنباط لـ (ذو الشرى) العديد من المعابد
انتشرت في مختلف أنحاء المملكة النبطية ،وكان
المعبد الرئيس له في ( البتراء) حيث دعيت معابده
في النقوش النبطية باسم (مسجدا) أي (المعبد).
ففي البتراء هناك معبد يشبه الكعبة ،ويضم العديد
من التماثيل لآللهة وعلى رأسها (ذو الشرى) .كما
كان معبد( قصر بنت فرعون -قصر البنت) في
البتراء مخصصا لعبادة هذا اإلله والتقرب إليه،
ويعد أكبر معبد اكتشف له في البتراء .وقد عثر في
بصرى على معبد لـ( ذو الشرى).
• كان (هدد -زيوس) إلها رئيسا للمعبد في
خربة التنور ،حيث عثر عليه محفورا على
كتلة حجرية رملية مستوية وهو جالس على
عرش يحيط به من الجانبين ثوران ،جسمه
صغير ،وتظهر على وجهه الوسامة والهدوء
الملكي ،ويبدو من النظرة األولى كشكل اإلله
اليوناني زيوس .وفي دومة الجندل عثر على
معبد له ،وفي أم الجمال على نص يذكر وجود
معبد لـ (دو شرا) هناك .
• ومن الجدير بالذكر أن عبادة (ذو
الشرى -دوشرا) كانت شائعة في مدينة
جرش ودليل ذلك أنه عثر على نصين
ُكتبا باليونانية ذكر فيهما اإلله
(أرابيكوس )Arabichus -الذي قورن
بـ (دوساريس-ديونيسوس).
• يرد (ذو الشرى) في بعض النقوش
اليونانية بصيغة ( ،)Dousaresويرد
ذكره في النقوش اآلرامية واللحيانية
والثمودية والصفوية إضافة إلى النبطية،
ولعل عبادته عند الثموديين والصفويين
انتقلت لهم عن طريق األنباط ،لكنه لم
يذكر في النقوش التدمرية.
• -2الالت :عبدت (الالت) من عامة الشعب بوصفها
واحدة من أهم اإللهة عند األنباط ،وهذا ما تدل عليه
اسماؤهم المركبة .وورد ذكرها في المصادر اليونانية
بـ (إل-اهت) (ال-االت) و(الالت) ،ويذكر رينيه ديسو
أنها مرادفة ومماثلة للفظ الجاللة (اال اله) الذي
أصبحت صيغته هللا .وهناك رأي آخر يرى أن لفظ
(الالت) جاء بتأثير من كلمة سريانية األصل
)Allahtaاإللهة) أي ان اسم (الالت) هو إدغام اللفظ
(الت) مع أل التعريف ،ولم تظهر أل التعريف سوى
في النقوش النبطية المتأخرة.
• جاءت أقدم اإلشارات إلى هذه اإللهة (الالت) في
األدب البابلي .وذكرت الالت في النقوش اآلرامية
على عدد من األواني النحاسية التي تعود إلى القرن
الخامس قبل الميالد ،والتي عثر عليها في (تل
المسخوطة) بالقرب من اإلسماعيلية في مصر.
وأشارت اليها النقوش الثمودية إشارات عابرة،
فيما كانت النقوش الصفوية أكثر النقوش ذكرا لها
ويرى بعض الدارسين أنها وردت ستين مرة ،بينما
يرى آخرون أنها وردت حوالي 400مرة.
• تمتد مجموعة النقوش التي تذكر (الالت)
من منطقة الحجر وصوال إلى حوران،
وتتضمن أسماء آلهة استمرت حتى العهد
اإلسالمي .وذكرت الالت في النقوش
النبطية كثيرا ،وبدا أن (الالت) كانت أكثر
اإللهة النبطية شيوعا وثبوتا في زمنها.
• ُمثلت (الالت) عند األنباط على هيئة صخرة
مربعة الشكل ذات زخارف هندسية ،حيث
عثر ( )De Vogueفي مدينة صلخد على
صخرة مربعة الشكل عرفت باسم (الالت).
وقد أكد وينت أن (الالت) كانت الهة القمر.
• إضافة إلى صلخد ،ارتبطت الالت بالعديد من
األماكن ،مثل رم و بصرى.
•أما في المصادر العربية فيرى الكلبي أن الالت كانت
صخرة وكان يهودي (يلت) عندها (السويق) أي كان
هناك رجل يهودي يعجن عندها خبز الشعير بالقرب
من صنم (الالت) فسميت بذلك صخرة (الالت) .أما
فيما يتعلق في ماهية (الالت) فهي مؤنثة فقد أشارت
اليها النقوش النبطية بسيدة اإللهة المؤنثة ،وعثر
عليها في معبد نبطي على شكل امراة مجعدة الشعر
جالسة بين أسدين يحيطان بعرشها من الجانبين،
ولكن يبقى التساؤل بين الباحثين هنا حول أن كانت
(الالت) تمثل الشمس ،أم القمر ،أم الزهرة.
•وفي ذلك ذكر العديد من الباحثين أن (الالت) تمثل
الشمس ،مرتكزين على ما قاله سترابو إذ قال إن
(الالت) هي (أم األرباب) .بينما يرى آخرون أنها تمثل
ُّ
الزهرة ،اعتمادا منهم على هيرودت الذي ذكر أن العرب
يعبدون الزهرة السماوية ويدعونها (آليتا) .وأميل هنا
إلى مخالفة هذين الرأيين فأرى أن (الالت) تمثل القمر،
فقد ذكر (ابيفانوس) أن (الالت) كانت أم اإلله (ذو
الشرى) .وفي االعتقادات الدينية عند العرب قبل اإلسالم
نرى أنها تمثل القمر؛ وذلك ألن القمر عند عرب الشمال
زوجة اإلله (شمش) واإللهة الشمس خالفا ألهل
الجنوب فهو عندهم إله مذكر.
• شيد األنباط لإللهة (الالت) معبدا في بصرى،
ويعد الملك النبطي رابيل الثاني من أدخل عبادة
(الالت) المعبودة في بصرى ،إلى وادي رم حيث
بنى معبدا مهما هناك سمى معبد (الالت) وذلك
حينما اتخذ من مدينة بصرى في حوران عاصمة
له ،وعثر على نقش من (ديدان) ذكر (الالت)
المعبودة في بصرى ،ووجدت هذه الكتابة إلى
جانب منحوتة لإللهة (الالت )على شكل صنم
مستطيل عليه مالمح وجه إنساني،
• و يذكر النقش أنها عبدت بوصفها أما
لآللهة في البتراء ،وعلى الرغم من
وجود أسماء أعالم مركبة مع اسم
(الالت) مثل (زيد الالت -تيم الالت-
وهب الالت -عبد الالت -سلم الالت-
كامر الالت) في مدينة البتراء ،إال إنه
يالحظ غياب اسم (الالت) على أنها إلهة
في النقوش التي عثر عليها هناك.
• وعثر في صلخد على معبد (الالت) الذي
يعود تاريخه إلى القرن األول قبل الميالد،
وورد اسم (الالت) في أحد النقوش
النبطية التي عثر عليها فوق إحدى
المداخل النبطية في مدائن صالح
(الحجر) ،يعود تاريخه إلى القرن األول
قبل الميالد .وفي معبد خربة التنور أيضا
قد ذكر.
• تقابل (الالت) اإللهة (ارتيمس) عند أهل
Uraniaو(أفروديت-أورانيا
قرطاجه،
)Aphroditeعند هيرودت في منتصف القرن
الخامس قبل الميالد وذكرها باللفظ االالت
Alilatالهة الحب والخصب ،و(أثينة) عند
األغريق ،و(منيرفا) عند الرومان .وكانت
باستمرار قرينة ( اإلله ذو الشرى) واألكثر
انتشارا معه في سوريا الجنوبية .وعندما أصبح
(ذو الشرى) يضاهي (زيوس -هدد) أصبحت
(الالت) تسمى (اترعتا ،اتر -اتا) ربة الخصب
• وتعد الالت من أكبر اإللهة عند العرب قبل اإلسالم
وال سيما عند ثقيف في الطائف .وكانت قريش والعرب
تعظمها وتسمى باسمها.
• ومن الجدير بالذكر أن اإللهة (الالت) و (اإلله ذو
الشرى) كالهما كانا معبودين في أنحاء أراضي المملكة
النبطية ،فعبادة ذو الشرى كانت في البتراء وحوران،
والحجر ،وعين الشاللة والنقب ،ودومة .كذلك كانت
عبادة الالت في البتراء ،وحوران ،والحجر ،وعين
الشاللة .إضافة إلى أن هناك تشابها بنيويا بين ذكــر
(وجره الالت و موتاب ذو الشرى ).
• -3العزىُ :عبدت (العزى) في سورية
بوصفها واحدة من اإللهة العربية ،ويذكر
(اسحق األنطاكي الشاعر السرياني والذي
عاش في القرن الرابع الميالدي أن العرب
كانوا يعبدون إلهة (العزى) آنذاك ،وأنها كانت
تمثل عبادة الزهرة عندهم ودعاها بـ
) )kaukabtaأي النجمة وهي (نجمة
الصباح -الزهرة).
• وسبق لعدد من الكتاب اليونان مثل (ديودورس
الصقلي) و (سترابو) أن أشاروا في كتاباتهم إلى
تعبد القبائل العربية لهذه اإللهة منذ القرن األول
قبل الميالد ،ويبدو أن اسمها مشتق من الجذر
العربي (ع زز) الذي يعني القوة والصالبة
والمنعة ،أو من (عزيز) أي (محبوب) فتكون بذلك
اإللهة العزيزة القوية الباهرة الجمال ،وكل هذه
الصفات تتناسب مع خاصيتها النجمية ،وذلك ألن
كوكب الزهرة من النجوم الالمعة البعيدة المنال
التي بهرت العرب وسحرتهم بلمعانها.
• وعرفت (العزى) بأنها الهة نبطية مؤنثة رئيسية
وترتبط عبادتها باألماكن العالية ،ومن رموزها األسد.
ويرى بعض الباحثين أن (العزى) هي إلهة ارتبطت
بالبتراء ،بينما يرى أخرون أنها إلهة عامة عبدها
العرب جميعا .وربط بعض آخر بين (العزى) العربية و
) )Izzu-Sarriالبابلية وربطوا أيضا بين ( ّ
العزى) و
(إيزيس) اإللهة المصرية وذلك للتقارب اللفظي بينهما،
وألن المصريين عبدوا كوكب الزهرة باسم (ايزس) في
حين أطلق اليونان عليها (فسفوروس) و(لوسيفر) أي
النيرة ،وهي تمثل إلهة الحب والجمال فينوس عند
الرومان بشكل عام.
• ويرى عبد هللا الحلو أن (العزى) أم األرباب في
البتراء وحامية الشعب وربة الينابيع ،وورد أسمها
في النقوش النبطية بحوران ،إضافة إلى دخول
أسمها في تركيبة أسماء األعالم النبطية مثل( :عبد
العزى -أمرؤ العزى وعزى) ،وذكر ستاركي أن
(العزى) وردت في نقوش تدمر بصيغة (عزيزو)
وأنها ترمز لنجم الصباح -كوكب الزهرة ،وهذا
ينطبق على (العزى) ،واتفق ديسو مع ستاركي
على أنها ترمز لنجمة الصباح.
• عبد األنباط ( العزى) وبنوا لها العديد من
المعابد ،مثل :معبد (عين الشاللة) في وادي رم
الذي عثر فيه على حجر رملي ذي شكل مستطيل
محاط بإطار وفي وسطه ما يشبه الوجه بشكل
بارز ،ويعتقد أن هذا الوجه يمثل اإللهة (العزى)
وبخاصة وأن النقش الذي وجد على قاعدة التمثال
يصف (العزى) بأنها ربة البيت (أي المعبد).
ويوجد معبد آخر في البتراء .واتخذ األنباط لهذه
اإللهة ( العزى) معبدا في بصرى سموه ( ب ي ت
أ ي ل – بيت أيل) أي بيت هللا.
• ويقال أنها ُعبدت في مدينة (العز) الخلصة
حاليا وهي مدينة نبطية في النقب ،وأقيمت فيها
األعياد ،وتمثل عندهم إلهة الحرب.
• ولم تكن عبادة اإللهة (العزى) تلقى رواجا
كبيرا في سوريا الجنوبية مثل (ذو الشرى)
و(الالت) ولم تبرز بشكل قوى ضمن اإللهة
النبطية ،إضافة إلى أنها لم تجد االهتمام الكبير في
طريق توافق اإللهة من حيث الصفات أو المظاهر.
-4بعل شمين :يتألف اسم هذا اإلله من
كلمتين :األولى (بعل) وتعني (رب) أو
(زوج) أو (المالك) ،والثانية (شمين-
سمين) وتعني (السماء) وبذلك يكون معنى
اإلسم (رب السماء) أو (سيد السماء).
• ُعرف (بعل شمين) إلها كنعانيا قديما يمثل
إله الخصوبة ،عبده األوغاريتيون بوصفه إله
الشمس ،وفي العبرية التوراتية كان يعرف
بإله العواصف أو من هو فوق الغيوم ،وعبده
اآلراميون باسم (بعل شمين) إله السماء،
وكان اإلله الرئيس ألهل حوران ،ويدعى إله
متنو.
• عبد في المرحلة الهللنيستية (بعل شمين) في فينيقيا
وسوريا بوصفه اإلله األعلى ،تماثل بعد ذلك مع (زيوس
أوليمبوس) ومع (هدد) في المرحلة الرومانية .وهناك
تكريس (لبعل شمين) عثر عليه في مدينة سيع (جنوب
سورية) ،إذ تعد سيع أهم موقع لعبادة (بعل شمين)
حيث المعبد الكبير ،ومن الجدير بالذكر أن أوراق
الكرمة وعناقيد العنب كانت العنصر الزخرفي الرئيس
واألساس في هذا المعبد .ويدرج أحد النقوش أعضاء
العائلة المالكة الذي يلمح به إلى بداية عبادة (بعل
شمين) (إله مالك).
• كان (بعل شمين) عند األنباط في البداية إلها
يرعى المحاصيل ،وأصبح بذلك منافسا لإلله
(ذو الشرى) ،وصور بوصفه إلها كونيا على
شكل نسر باسط جناحيه ،وأحيانا يرافقه
خادمان أو مساعدان هما إله الشمس والقمر.
كذلك جسد على شكل إنسان ملتح بشعر طويل
ويحمل في يده اليسرى قرنا مزينا بعنقود
عنب ،وفي يده اليمنى يحمل قرصا.
• -5مناة :ورد عند ياقوت الحموي أن
اشتقاق (مناة) من ( ال َم َنا) وهو (القدر) ،ومن
الممكن أن تكون من (المنا) التي تعني (الموت)
أو (مناه هللا) أي ابتاله ،أو (مني) التي تعني
(القدر) فيقال (منى هللا لك ما يسرك) أي (قدر
هللا لك ما يسرك) ويقال منيت بكذا أي
(ابتليت).
• ُعرفت هذه اإللهة على نطاق واسع
عند العرب وغيرهم ،فهي عند البابليين
تمثل القدر والموت ،وهي كذلك عندهم إلهة
الحظ .وتعد أيضا عندهم وعند العرب بأنها
بنت اإللهة؛ وذلك ألن الدهر والقدر في
تصور العرب والشعراء الجاهليين رجل ال
أمرأة.
• لم تبرز هذه اإللهة في أي دور رئيس عند
األنباط ،وذلك اعتمادا على ظهورها النسبي في
النقوش النبطية ،وانحصر دورها الرئيس
وظهورها حول الحجر (مدائن صالح).
• ويعتقد (دلمان) أن (مناتو) تمثل الشفاعة عند
األنباط.
• وعبد العرب مناة على نطاق واسع وكان سكان
يثرب أكثر العرب تقديسا لها ،واعتاد العرب تقديم
القرابين والنذر لها ،ومن هنا فسر بعض الرواة
اسمها على أنه مشتق من سيالن دماء النسائل
(القرابين) التي كانت (تمنى) أي تسفك عندها.
ولكن من الواضح والجلي أن (مناة) ليست هي
المعبود الوحيد الذي كانت تراق عنده الدماء،
ويبدو أن اسمها يطلق على (المنية) أي (القضاء)
و( الموت).
• يقع أهم معابد اإللهة (مناة) ويسمى
(المشلل) في (قديد) عند ساحل البحر األحمر
على الطريق بين يثرب ومكة ،ويعتقد أن لها
معبدا كبيرا عند (فدك) على الساحل أيضا.
• ودخل اسمها في تركيب األسماء لألعالم
عند األنباط مثل( :عبد مناة -زيد مناة-تيم
مناة) وهي مرتبطة مع دوشرا في نصوص
أضرحة الحجر باسم (منوتو).
• اختلف أهل األخبار في حقيقة المعبودة (مناة) ،هل
هي صخرة أم صنم؟ اذ يرى الكلبي أنها صخرة ،أما
الحموي فيرى أنها صنم منصوب على ساحل البحر
على هيئة تمثال منحوت من الحجارة .ويذكر الطبري
أنها كانت بيتا بالمشلل ،ويؤيده بذلك جواد علي فيقول:
"من غير المعقول أن يكون هذا الصنم مجرد صخرة أو
صنم قائم في العراء تعبث به الرياح والشمس ،ثم ان له
سدنة وال يعقل أن تكون له سدنة وال يكون له بيت".
ودليل الرواة أنها على صخرة الذبائح والقرابين التي
كانت تقدم عندها ،وبذلك فهي مذبح .
• ويذكر (البيضاوي) أن العرب كانوا يستمطرون
السماء عندها تبركا بها ،ويذكر أيضا أن لهذا
سحب وإرسال
الصنم عالقة بالبحر والماء ونشر ال ُ
الرياح الممطرة إلغاثة الناس.
• والجدير بالذكر أن هذا الرأي قريب من الصحة
خاصة أن (مناة) تقع إلى جانب البحر وأن الشتاء
يتعلق بالبحر ،إضافة إلى ذلك أن اسمها قد يعني
(المعطية) و (المقدرة) فاسمها وموقعها يدالن
على أنها تتعلق بالبحر ،وللبحر عالقة بالشتاء.
• -6شيع القوم :يتألف اسمه من كلمتين،
ومن االسم يستدل على أنه إله مختص
بالجماعات من الناس والقوافل ،وكلمة شيع
تعني القوم .ويعني (اإلله الذي يصاحب
القوافل أو يرافقهم) ،وربما قصد بذلك رجل
القوافل فيكون حاميا لهم في الصحراء،
ولقوافلهم التجارية وللحياة الرعوية وشبه
الرعوية.
• ويرى ديسو أن هذا اإلله قد يكون إله
العسكر ويكتب في النقوش الصفوية منفصال
(شيع -هقوم) ،وهو من اإللهة النبطية عبد
بوصفه إله القوافل والمحاربين الذي يدافع
عن القوافل ورجالها ممن يتعرض لهم
وألموالهم ،ولذلك كان التجار يتقربون إليه
بالنذور والدعاء لينزل العقاب والعذاب األليم
لمن يتحرض بهم وبأموالهم.
• وصف هذا اإلله في النقوش التدمرية بأنه ال
يشرب الخمر ،وذلك من خالل نص دونه جندي
نبطي فضل أن يخدم في الجيش الروماني ،ويرجح
تأريخ هذا النص إلى (132م) ،أي بعد ضم
المملكة النبطية عام (106م) إلى المقاطعة العربية
( Provincia Arabia).ويؤكد هذا النص ما جاء
به ديودورس الصقلي عندما ذكر أن األنباط
يمتنعون عن شرب الخمر وذلك انصياعا إللههم
شيع القوم.
• -7قوس :هو أحد اإللهة التي عبدها األنباط،
ويعود في أصوله إلى إله أدومي عبد في حوران.
• ويرمز إلى هذا اإلله حسب نقوش بصرى
بالنسر ،الذي صنع له خصيصا ،وهو كذلك (اي
النسر) رمز الشمس وذلك لسيادته وهيمنته.
• وصف اإلله (قوس) في المراحل األولى في
خربة التنور على هيئة نصب ،والحقا تم تجسيده
بهيئة بشرية ،ويقارن تمثال (قوس -هدد) في هذه
المنطقة بأحد التماثيل المكتشفة في معبد قصر
البنت ،والذي يمثل إلها ذا شعر ولحية مجدولة
وكثيفة ،ومتوج باألكليل ) )Wreathويرتدي بزة
عسكرية وكالميس ) )Chlamysوهو عبارة عن
معطف صغير يوضع على الكتف وعصا مزخرفة
بأفعى ملتفة تظهر خلف كتفه األيسر.
• ُعبد (قوس) في شمال الجزيرة العربية،
وجنوب فلسطين،ومصر ،وحوران ،ويمكن
إرجاع نقوشه إلى القرن الثالث و الثاني
قبل الميالد .وهناك نقوش نبطية ذكرت هذا
اإلله ليس فقط في منطقة أيدوم ،بل شماال
حتى بصرى العاصمة النبطية الثانية.
• وقد عرفه العرب قبل اإلسالم ،وكان يدعى في
السابق إله العواصف ،و يمكن استنتاج ذلك من أن
العرب كانوا يسمونه ( قوس قزح) .و(قزح) مكان
في مكة اعتاد الحجاج على إشعال النار فيه ،ومن
المحتمل أن هذا اإلله لم يظهر عند العرب في الم ّدة
األخيرة .وقد قرن اسم هذا اإلله مثل غيره من
اإللهة مع األسماء المركبة مثل (عبد قوس) و
(عبد قيس) و (عبد القيس) وهذه األسماء
المعروفة عند العرب ،فـ (قوس) و (قيس) من
اإللهة المعروفة عند العرب.
-8الكتبى :أول من أشار إلى وجود هذا
اإلله هو ستروجنيل وذلك خالل المسح
األثري الذي قام به في معبد عين الشاللة
عند بداية جبل رم عام 1959م ،فكشف عن
اآللهة العربية (اكتب -كتبى).
• تعددت آراء الباحثين في جنس هذا اإلله إذ
يرى فوزي زيادين الذي يتفق الباحث معه على
أنه إله ذكر ،واستند زيادين في رأيه بالرجوع
إلى أسماء عربية مذكرة مثل (موسى،
ويحيى) ،فجميعها تحتوى على حرف األلف
المقصورة في آخر االسم ،بينما يرى
ستروجنيل أن الكتبى هو إلهة مؤنثة ومرتبطة
بالعزى ،وأن لها معبدا في شرق سيناء في
منطقة الشقيفية.
• ويعد اإلله (الكتبى) أحد اآللهة النبطية ،وهو إله
الكتابة لديهم ،ويعرف بـ (هن-كتب) (هن -كاتب)
وتعني (خادم الكاتب) .ويقابل هذا اإلله إلهة الكتابة
السامية المصرية (تحوت )Thot -وذلك لوجود
معبدين (للكتبى) في مصر ،ويقابل عند اليونان و
الرومان اإلله (هيرمس -ميركوري Hermes-
( ) )Mercuryواإلله (أبولو).
• جاء ذكره هذا اإلله في نقوش ومخربشات نبطية في
مدينة (ديدان) ،ومن هنا نرى أنه استقر في البتراء
والحجر ومنطقة عين الشاللة في وادي رم ،وورد كذلك
ذكره في نقوش عديدة في المدرس ،حيث وردت له
أسماء مركبة مثل (تيم الكتبى) ،فضال عن ذلك ورد
ذكره في أربع مرات في نقوش العال ،وقد وجدت تماثيل
هذا اإلله في معبد خربة الذريح وخربة التنور والبتراء،
وذكر في (جيـا) أو (الجي) وهي بلدة (وادي موسى)
قرب إحدى المضافات ويذكر النقش عبارة (كتبى هذا
اإلله).
-9هبل :لم نعثر في كتب اللغة واألخبار على تفسير
مقبول لمعنى كلمة (هبل) ،فقد ذكر بعضهم أن االسم
مشتق من (الهبلة) ومعناها (القبلة) ،أو أنها من
(الهبيلي) بمعنى (الراهب) ،وذكر أيضا بأن (هبل) على
وزن (زفر) ومعناها كثرة اللحم والشحم ،أو من (هبل)
بمعنى (غنم) .ومن خالل هذه التحليالت نجد أن كلمة
(هبل) ال تمت بصلة السم إله كان يعبد ،فليس له داللة
واضحة مثل معظم اإللهة األخرى ،وربما يعود سبب
ذلك إلى أن هذا اإلله مستورد من حضارة أخرى،
وحافظ على تسميته األصلية ،مع عدم معرفة العرب
لمعنى االسم أو أنهم قد نسوه مع تقدم الزمن.
• ورد مع أسماء األعالم المركبة مثل (بن هبل،
ابترهبل) .ويبدو أنه لم يعبد عند األنباط بشكل كبير
إذ لم يرد في نقوشهم كثيرا ،ففي أحد نقوش
الحجر (مدائن صالح) ذكر مع (ذو الشرى ومناة
والالت) .وذكر كذلك في كتابة نذرية في وادي
السيغ باسم (برهبل) أي (ابن هبل) ،وأيضا في
أحد نقوش األنباط على قبر في مدينة (بيتولي
اإليطالية) ويعود إلى السنة الحادية عشرة
الميالد ّية.
• يذكر في كتب األخباريين أن اول من نصب
صنم (هبل) هو خزيمة بن مدركة بن الياس بن
مضر ،وكان يقال له (هبل خزيمة) بينما يرى
آخرون أن (هبل) كان من بين األصنام التي
جلبها عمرو بن لحي من جنوب بالد الشام إلى
الجزيرة العربية.
• كان هبل من بين اآللهة المكية التي ُعبدت
قبل اإلسالم ،ومن أعظم األصنام التي نصبت
حول الكعبة ،وهو اإلله الوحيد المذكر بين آلهة
الحجاز الكبار (الالت ،والعزى ،ومناة ،وهبل)،
وكان صنمه من العقيق األحمر على هيئة
إنسان بيد يمنى مكسورة ،فجعلت له قريش يدا
من ذهب.
• اآللهة الثانوية (الوافدة)
• .1صعبو :قرن بإلهة الحظ النبطية
• .2قيس :يعتقد أنه إله مدينة حوران
النبطية وأن هذه المدينة اختصت بعبادته،
كما أنه من الممكن أن يكون إله حامي
الحدود.
• .3هللا،هـ -إله ،إله :تعنى كلمة (إله)
(سما) ويقال أن الشمس سميت (باإللهة)
الرتفاعها في السماء ،ومن معانيها أيضا
(الشجاع) ،وعبد األنباط (هللا -إله) ويعد
عندهم من اإللهة الثانوية ألنه لم يرد إال
مع أسماء األعالم المركبة مثل ( :رب أيل-
عبد هللا -تيم هللا) و (وهب هللا) ،و(سعد
هللا).
• .4تا :إن التكريس (حريشو ابن عميو
كاهن تا اإللهة) يمكن أن يكون (تا) هنا
(عتارعتا-اترجاتيس-
لـ
اختصارا
اشتريتا) .وظهر اسم هذا اإلله في نص
من تيماء وآخر من الحجر وظهر أيضا
اسما مركبا مع اسم اإلله في اسم علم
نبطي هو (الوتا) في اليونانية.
• .5أعرا :وصف هذا اإلله (كدوشرا-أعرا)
سيدنا الذي هو في بصرى ،وهذا النص
هو لتكريم إله محلي لبصرى (أعرا)
والذي شبه بـ (دوشرا) ،وارتبط هذا
التطابق بنقل عاصمة األنباط إلى بصرى،
ووجد هذا التطابق أيضا في الحجر،
وبصرى ،وأم الجمال.
.6رضا :عرفت عبادة هذا اإلله عند األنباط.
ومن خاللهم انتشرت عبادته بين قبائل الحجاز
ونجد .وهو من الفعل (رضى ،يرضى)
ومصدره (رضوان) .وارتبط مع اإلله (عزيزو)
وهما يمثالن نجمة الصباح والمساء .ومن
الواضح أن لفظة (رضو -رضا) تعني (العون
والسعد) عند الثموديين ،وورد اسمه في نقوش
الصفويين في رسم المرأة تشد شعرها بكلتا
يديها وعدّ تصويرا لإلله (رضا).
.7أيل :جاء اسم اإلله (أيل) في النقوش
النبطية من جميع أنحاء المملكة النبطية في
البتراء وسيناء وحوران والحجر ،من خالل
دخوله في أسماء األعالم المركبة مثل (رب
إيل) الذي تسمى به العديد من ملوك األنباط
مثل( -:حن إيل) ،و (حورإيل) ،و (عبد إيل) ،و
(روم إيل -رم إيل) ،و (شيع إيل) .وورد في
القرآن الكريم (جبرإيل -جبريل) و( ميكا إيل-
ميكال) ( البقرة ،آية .)98
.8بعل :اقتصر ذكره وعبادته عند األنباط في
وروده مع أسماء األعالم المركبة مثل ( :عبد
البعلي) و (جرم البعلي) .ويقول الثعالبي إنه
مخلوق نصفه العلوي جسد إلنسان ونصفه
السفلي لسمكه.
.9تره – تهره :لم تعرف خصائص هذا اإلله
وال شكله ،وورد اسمه في نقوش تيماء
والحجر ،ويبدو أنه خاص بأهل تيماء.
.10نسرا :عبد األنباط وورد في نقش واحد
في اسم علم مركب هو (عبد نسرا).
.11مناف :ال نعلم شيئا عن هذا اإلله أو عن
مكانته أو أمره أو من قام بنصبه سوى أنه من
آلهة الشمال.
.12سعير :هو من اآللهة التي عرفت عند
األنباط ،ويقال إن هذا اإلله صور على شكل
صنم (لعنزة).
.13سعد :ال نعرف عنه سوى أنه من اإللهة
التي عرفها األنباط ،وأنه كان لمالك وملكان
ابني كنانه ،وأنه عبارة عن صخرة طويلة
بساحل مدينة جدة.
• وأرى أنه ربما كان إلها للمطر والخير ،ومن ذلك
وجوده في الموروث الشعبية الذي يردد الى اآلن حول
ما يدعى بـ(خمسينية الشتاء) ،حيث قسمت إلى أربعة
أقسام كل قسم عبارة عن 12.5يوم ،وهي بالترتيب
(سعد إذبح) وهي من أشد األيام برودة ،ثم (سعد إبلع)
إذ تكون األرض في قمة العطش ،فتبتلع كل ما ينزل من
ماء المطر ،ثم (سعد السعود) ويتبعها مقولة ( تدور
الماوية بالعود) أي أن الماء ينعش ويحيي كل شيء
حتى العود اليابس ،ثم (سعد الخبايا) وبه تبدأ درجة
حرارة األرض باإلرتفاع فيخرج كل ما هو مختبئ بها
من زواحف وحشرات وغيره.
• وال يوجد دالئل علمية أكيدة على ان
اإلله (سعد) هو إله المطر والخير لكن
وروده في أكثر من ثقافة شعبية في البالد
العربية يبقي اإلحتمال مفتوحا على مثل
هذا الرأي إذا ما اعتمدنا منهج
األنثربولوجيا الثقافية كأداة تحليل.
.14هدد :هو إله كنعاني لحياني نبطي،
وهناك من يعتقد أن هذا اإلله الذي عبده
األنباط هو من أصل سوري.
.15أشر :ذكر هذا اإلله في نقش واحد من
نقوش سيناء بصيغة (شدد) وهو نقش
تذكاري .ويذكر هاموند ) )Hammondأن
اسمه (أشر) أو (أشد).
.16أتارجتيس -اترعتا :إحدى اإللهة التي
ُعبدت عند األنباط وهي إلهة الدالفين ،وهي
من أصل نبطي ،وعثر على تمثال ضخم لها
في معبد خربة التنور ،وقد ظهرت في هذا
المعبد في العديد من األدوار ،فهي ربة
الحياة النباتية ،وربة القمح ،وربة الدالفين،
وربة الحظ (تايكي) ،وربة البروج وغيرها.
.17أسس -إزيسي :ورد اسم هذه اإللهة عند األنباط
مركبا مع اسم العلم (عبد) وتعد من المعبودات الدخيلة
على الديانة النبطية ،فيبدو أنها انتقلت عبادتها من
مصر إلى األنباط فهي زوجة (أوزيريس) عند
المصريين وتمثل اإللهة األم الكبرى.
ورمز لها بقرص الشمس وذلك فوق المثلث المنحوت
على واجهة الخزنة الرئيسية ،وعثر على تمثال لها
منحوت في وادي السيغ وكتب بجانبها اسمها بالنبطية،
ووجد شبيه لهذا التمثال قرب منطقة جبل هارون في
البتراء.
.18الجي – الجيا :ارتبط هذا اإلله النبطي
باإلله (ذو الشرى) ،وجاء في أسماء األعالم
المركبة النبطية ،مثل( :عبد الجي ،عبد الجيا،
عبد الجا) في منطقة البتراء وما حولها،
و(أمت الجا) من حوران فقط ،ويمكن أن يكون
صفة أو لقبا لـ (ذو الشرى) ،كما أن هناك
محاولة لربط هذا االسم بوادي موسى الذي كان
مكانا لعبادته.
ومن الجدير بالذكر أن أحد القاب اإلله (ذو
الشرى) كانت (إله جيا) وهذا دليل آخر على أن
(جيا) اسم مكان وليس اسم (إله).
.19بصرى :لم يعثر على العديد من الشواهد التي
توضح ماهية هذا اإلله ،ومن خالل ما جاء في أحد
النقوش التي تم العثور عليها في منطقة (قطار
الدير) القريبة من البتراء والذي يقول (دنة نصبا
دي بصرى) أي هذا النصب لإلله بصرى أو اآللهة
التي في بصرى.
تأليه الملوك
• يرى فراعنة مصر أنفسهم جديرين بالعبادة ألنهم آلهة
من نسل الشمس ،ولذا انتشرت هذه العبادة عندهم.
وأغوت فكرة التأليه هذه األغريق الهيلينستيين ،وبدأت
فكرة تألية الملوك من الجنود ،وذلك وسيلة للتعبير عن
والئهم للملك والعائلة المالكة ،فقام البطالمة بتتويج
أنفسهم دينيا على أنهم آلهة وأقيمت لهم معابد وتوجب
على الشعبين المصري واألغريقي عبادتهم .وقام أنصار
عبادة األباطرة والملوك في الممالك اليونانية بتنظيم
رابطات ونواد لهم ،وكان القائد العسكري لإلقليم يعمل
أحيانا كاهنا ملكيا للعبادة الملكية في كل من المملكة
البطلمية والسلوقية.
• ويبدو أن البطالمة هم الذين أصابوا الرومان
فنصب األباطرة الرومان أنفسهم
بهذه العدوى
ّ
آلهة ،وبدأت عندهم مع يوليوس قيصر الذي
أقيمت له المراسيم اإللهية ) )Apotheosisعند
وفاته ثم تبعه أوكتافيوس الذي حصل على لقب
أغسطس أي (المقدس -الجدير باالحترام) وص ّنف
بعد وفاته في عداد اآللهة .ثم تطورت فكرة تأليه
األمبراطور الروماني حيث يتم تأليهه في حياته
وليس بعد مماته ،وظهر األمبراطور سليال لآللهة
الرومانية الكبرى.
• وتشير األدلة الكتابية إلى وجود ظاهرة تأليه
الملوك عند األنباط ،وكانت عبادة الملك ُعبادة هي
الدليل الرئيس على ممارسة هذه العبادة عندهم،
واستمرت حتى العهد البيزنطي ،و ُعبد الملك عبادة
في منطقة عبدة بصحراء النقب بفلسطين ،ويدل
على ذلك نقش عثر عليه في تلك المنطقة ويعود
إلى زمن الملك عبادة ،ووجد أيضا اسمه مركبا
مثل ( عبد عبادة -تيم عبادة) على غرار أسماء
اآللهة ،وهي دليل على عبادة الملوك.
• يرى نقب أنه ربما قدّم هذا الملك شيئا مميزا
لشعبه حتى حظي بكل هذا التقديس والتكريم ،أو
ألن المملكة واألنباط عاشوا في عهده حياة
مزدهرة ورغيدة .ويقول أيضا إن هذا الملك ذكر
في نقوش تذكارية أخرى محفوظة في المعبد الذي
اكتشف في مدينة عبدة ،وهي منقوشة على عتبة
المدخل الرئيس للمعبد .ويوجد نقش في الجزء
األسفل من عتبة المعبد ويذكر فيه كافة أصدقاء
المتعبدين لعبادة هذا الملك والطائفة (زيوس
عبادة) التي استمرت حتى عام 193م.
• ويرى باورسوك أن تقديس (عبادة) انتشر كذلك
عند الرومان عن طريق رحالتهم واختالطهم
بالشرق ،حيث القى مكانة واحتراما عدة قرون
حيث دعي (زيوس عبادة).
• يرى فهد سليم أنه لم يحظ أي ملك نبطي آخر
بمثل هذه العناية والتقديس والتكريم ،حتى أولئك
العظماء من ملوكهم الذين عرفت أهميتهم زمن
قوة المملكة النبطية وعظمتها كالحارثة الرابع
(9ق.م40-م) على سبيل المثال.
•ومنهم من أضيف إلى اسمه كلمة (عبد)
مثل الملك عبادة الملك الحارث والملك
رابيل تيمنا وتبركا بهم كالتبرك باإلله.
•
•
•
•
•
•
• نقش الحارث:
س لم/عبد/حرتت
هـ ف ر ك ا /و /ج ر م
عليمت
( سالم عبد حارثة القائد وجرم عمليت )
والذي نرجح أنه الملك الحارث الرابع لطول مدة
حكمه وانتعاش المملكة فيها.
• كذلك الملك رابيل ( رب أيل) أيضا:
• د ن هـ /م س ج د ا /د ي /ع ب د /و
/تيمو/بر/شيو/و/تي
م و /..... /ع ب د /ر ب ا ل ...../
• ( هذا هو المسجد الذي صنعه تيم بن
شيو وتيم ....عبد رب أيل )
• ويدل هذا على احترام األنباط لملوكهم ،وذلك
بأن ألهوا بعضهم مثل الملك عبادة كما في
النقش التالي:
• ( د ك ي ر /ب ط ب /ق ر ا /ق د م /ع ب
د ت /ا ل هـ ا )
• ( ذكرى طيبة لمن يقرأ أمام عبادة اإلله).
• كذلك تشير عبادة الملك مالك
( ا ل هـ /م ل ك و) في عهد الملك الحارث
الرابع ،إلى أن عبادة الملوك األنباط الراحلين
بدأت مع الملوك السالفين في العهد الهللينستي
الذي تم ضمه إلى اإللهة الملكية عن طريق
أحفادهم المالكين .واستمرت هذه الممارسة
حتى نهاية ملوك األنباط حيث أطلق عليهم:
( م ر ن ا) (سيدنا).
• وكانت األسماء المركبة مع أسماء الملوك
تستخدم لموظفين عسكريين وإداريين ،ويشير
ذلك إلى الشعبية بين الموظفين لالستفادة منهم
بتوجيه العبادة الملكية ،ووسيلة للتعبير عن
والئهم للعائلة المالكة.
• ويذكر احسان عباس أن تأليه الملوك عند األنباط
كان يتم بعد وفاة الملك ،وأن قداسته يسبغها
األبناء واألحفاد وال عالقة لها بسلوك الملك في
حياته.
• ويرى جواد علي أن عبادة األسالف من أهم
فروع الدين في نظر بعض االعلماء ،بل هي
األساس الذي قام عليه الدين في نظر
اآلخريين ،ومن األسباب التي دعت الشعوب
الى ممارسة مثل هذه العبادة هي الحب
والتقدير لألبطال والرؤساء واألمل في استمرار
دفاعهم عنهم ،ورد أذى األعداء األموات منهم
واألحياء .فتمجيد األبطال والخوف منهم هو
الذي حمل البشر على عبادة األسالف.
الطقوس
والشعائر
والمناسك الدينية
-1األضاحي والقرابين:
كان مبدأ ذبح األضاحي من الحيوان
والطيور وسفك دمائها على المذابح وتقديمها
قرابين لآللهة ألرضائها تعبيرا صادقا نحو
آلهتهم .ويعد تقديم القرابين واألضاحي لآللهة
من أهم الشعائر الدينية عند األنباط واألمم
والشعوب كافة.
• كان اإلله (ذو الشرى) عند األنباط في بداياته
إلها ال يشرب الخمر ،قدمت له القرابين واألضاحي
ممزوجة بالزيت أو الحليب أو الحنطة وبعض
أنواع األطعمة األخرى ،وحين تطور وأصبح
يضاهي (ديونيسوس) إله الخمر عند األغريق،
أصبحت األضاحي والقرابين تقدم له ممزوجة
بالخمر (عصير العنب -دم العنقود) .وال يوجد دليل
قاطع حتى اآلن يبين صحة الرأي القائل أن األنباط
قدموا قرابين بشرية أم ال.
• وجاء في أحد النقوش التي عثر عليها
في بصرى أن شخصا يدعى (نطرال بن
قرب إلى اإلله) ومن خالل النقش
نطرال ّ
فإننا ال ُنعرف ماهية ما قدمه هذا
الشخص ،وقد كتب على حجر من البازلت
األسود وهو عبارة عن مذبح قد زينت
جوانبه برؤوس الثيران.
• وعثر في (بوزولي )Pozzuoli -بالقرب من
نابولي بإيطاليا على نقش كتب بالخط النبطي
على حجر رخامي ،جاء فيه تقدمة جملين
أضحية وقربانا لإلله (ذو الشرى) .وعثر على
نحت باهت على الصخر بالقرب من الدير في
البتراء يظهر فيه جمالن يقودهما متعبدون
يسيرون نحو أحد المحاريب النذرية ،في
طريقهما للذبح.
• لقد تعددت أنواع القرابين التي كانت تقدم
فشملت الجمال والماعز
تقربا لآللهة،
والضأن والطيور والثمار والحبوب .ومن
الجدير بالذكر أن وجود السلم على جوانب
المعبد تأكيد لهذه الممارسة حيث كان المضحي
أو مقدم القربان يصعد إلى المذبح ليثبت رأس
األضحية على جرن المذبح وينحره ،ومن ثم
يقوم بأخذ بعض الدم ويتجه للموتاب ويرشه
عليه أو يطليه به.
•وتضمنت قرابين األنباط جماال فخارية صغيرة،
وقدم لإلله (ذو الشرى) قرابين على شكل تماثيل
كالذي عثر عليها في البتراء ويعود تاريخها إلى
سنة 70م ،ووجد هذا النوع من القرابين مستعمال
عند عرب الجنوب إذ قدمت القرابين تماثيل
مصنوعة من الذهب والفضة والبرونز .كذلك نجد
من يقدم المذابح تقربا لآللهة مثل الذي قدمه
الجندي النبطي (عبيدو) لإلله (شيع القوم) في
مدينة تدمر .ويفترض أحد الباحثين أن األضحية
الحيوانية كانت تحرق بالقرب من المعبد.
• ونستدل من خالل نقوش جنوب الجزيرة
العربية أن مقدمي القرابين واألضاحي كانوا
من جميع طبقات المجتمع من ملوك وكهنة
وسادة قبائل وأسر عامة .وأرى أن األمر كان
كذلك عند عرب األنباط؛ ألن الغرض من تقديم
األضاحي والقرابين هو شفاء المرض ،ومنح
السعادة ،وحبس السيول ،وجلب المطر،
وزيادة المحاصيل ،وإخماد الحروب ،ومعاقبة
الجناة.
• أما المذابح الفردية أو المسماة بالبيتية
والتي أشار إليها (سترابو) ورأى أن القرابين
كانت تسفك عليها كل يوم ويستعمل فيها
البخور ،فلم يكشف حتى اآلن عن شيء منها،
وقد يكون األقرب إلى التصور أن هذه المذابح
التي دعاها (سترابو) هي مجرد مجامر
للبخور ،وبتطور هذه العبادة تطورت أشكال
المذابح وكثرت الزخارف على جوانبها.
• -الوجبة التعبدية (الوالئم المقدسة):
• تعد الوجبة التعبدية جزءا مهما في
الشعائر والطقوس التي كان يمارسها األنباط
أثناء تعبدهم آللهتهم ،وهي أيضا جزء من
الشعائر المطلوبة لألضحية نفسها ،فلحم
األضحية المقدمة قربانا لآللهة كان يقدم
لموظفي المعبد من كهنة وغيرهم وللمتعبدين
والحجاج وذلك في غرفة خاصة لها.
• وقدمت الوالئم المقدسة في المعابد وبخاصة عند
الموت وفي مواسم وأعياد دينية معينة ،حيث
يجتمع الكهنة والمتعبدون في المعبد الذي يحتوي
على غرفة بها ثالث مصاطب كل واحدة تحاذي
جانبا من جوانب الغرفة التي تدعى (المصطبة
الثالثية )Triclinium -فيجلس المتعبدون على
هذه المصاطب للمشاركة في الوجبة التعبدية والتي
تعد عند األنباط غاية في األهمية؛ ألنها تعني
المشاركة بين اإلله ومتعبديه .ومورس هذا الطقس
الديني عند القبور ولكن بشكل أقل.
• وعثر في العديد من المعابد النبطية في
مدينة البتراء ومدينة الحجر (مدائن
صالح) على دالئل تشير إلى وجود مكان
إلقامة هذه المآدب التعبدية الدينية ،إال أن
هذه الدالئل ليست واضحة المعالم
تماما،حيث تشير إلى أمور تتعلق بطبيعة
تعبدية دينية متعلقة باألضحية.
• ويذكر نلسون جلوك أن الغرف الخاصة
بالوالئم التعبدية ( )Tricliniumالتي عثر
عليها في مقابر مدينة البتراء وبخاصة في
األماكن العالية كانت جميعها منحوتة في
الصخر الرملي ،إال أن غرفة الوالئم التعبدية
التي عثر عليها في معبد خربة التنور كانت قد
بنيت من كتل حجرية جيرية مصفوفة ومشذبة
بإتقان.
• -الحج:
• الحج لغة :القصد وكثرة االختالف
والتردد .أما اصطالحا فإنه زيارة بيوت
اآللهة التي تقيم فيها ،وتكون مواعيد هذه
الزيارات وأشكالها بطريقة منظمة ومراسيم
وطقوس وأوقات محددة.
• عرف الحج في الجزيرة العربية منذ القدم،
ومارسته بالطبع أقوام شمال الجزيرة العربية
ومن ضمنهم األنباط الذين كانوا يحجون إلى
اإلله (ذو الشرى) في يوم ( 25كانون أول)
وهو يوم االنقالب الشتوي.
• وتعد المعابد المنتشرة على سفوح الجبال ومنها
معبد خربة الذريح محجات للمتعبدين والزوار،
فيطوفون حول منطقة قدس األقداس داخل المعبد
كما في معبد األسود المجنحة في مدينة البتراء،
ومعبد خربة الذريح الذي يقع في وادي اللعبان
شمال شرق مدينة الطفيلة في األردن ،ومعبد خربة
التنور الذي يقع أيضا شمال شرق مدينة الطفيلة،
ومعبد الالت في وادي رم الذي يقع إلى الشمال
الشرقي من خليج العقبة .والحج هنا أو الطواف
في موسح الحج يؤكد التقليد والنقل عن عبادة
العرب تبعا لملة إبراهيم عليه السالم.
• لم تظهر النقوش النبطية المكتشفة لآلن
كلمة (حج) ،إال أن كلمة (حج) أو (ذي
حجت) جاءت في النقوش العربية
الجنوبية ،مما يجعلنا نرجح أنها كانت عند
األنباط.
• -الصالة:
ُعرفت الصالة عند كثير من الشعوب
•
السابقين مثل اآلراميين ،حيث كانت طقسا
أساسيا وتؤدى بطرق مختلفة ،وكانت تسمى
باآلرامية (صالة) و فعل (صلي) يعنى
(ص ّلى) .وتؤدى الصالة في المعبد تبركا،
وتؤدى أيضا على أرواح الموتى لتستريح.
• وتعد الصالة عند المصريين طقسا دينيا يقوم به
اإلنسان العادي والكاهن والملك .وتؤدى وفق أوضاع
معينة مثل الركوع والسجود والوقوف بخشوع أمام
تماثيل اإللهة التي هي نسخ عن تمثال اإلله األصلي
والذي يحتفظ به داخل منطقة قدس األقداس في المعبد،
وال يسمح بالدخول إليه ومشاهدته والصالة بين يديه االّ
للملك وبعض الكهنة ذوي الرتب العالية .وكان الملك
يصلي ويداه إلى جانبيه ممتدتان على طول جسمه ،أو
في وضعية السجود أو الركوع ،ويكرر الصالة أربع
مرات لتبلغ جهات العالم األربع كما يعتقدون.
• أما عند األغريق فكانت الصالة من الطقوس الروتينية
المعروفة ،وكانت تؤدى بحرص نسبي من المتعبدين
دون إيقاع منتظم .وكانت طقسا يوميا يقوم به المتعبد
الروماني لآللهة ،ويكون عادة مرافقا لتقديم األضحية
لإلله .وكانت المطالب التي يوجهها المصلي إلى اإللهة
أثناء صالته مصاغة بدقة وباختصار شديد ،وقد عززت
كلماتها بإيماءات وإشارات معينة مثل لمس األرض
باليد عند ذكرها ،ورفع اليد إلى السماء إذا ذكر جوبتير،
والضرب باليد على الصدر عند الحديث عن المصلي
نفسه ،ومن المهم كذلك التفلظ باسم اإلله بشكل صحيح،
وتفقد الصالة قيمتها عند أي خطأ.
• أما عند العرب األنباط فكانت الصالة تعد من الطقوس
السائدة والمعروفة ،إذ عثر في منطقة الحجر (مدائن
صالح) على رسوم على إحدى الصخور تمثل صورا
ألشخاص في أوضاع تعبدية رافعين أيديهم إلى األعلى
للدعاء .ووجد أيضا كثير من النقوش والمخربشات في
مناطق مختلفة من المملكة النبطية تحمل صلوات
وأدعية مثل (بربك -بركت – بركته) .وكانت الغاية من
هذه األدعية التبرك والحفظ ،ومن خاللها يتقرب العبد
إلى معبوده ،وحتى يستجاب للمتعبد يجب عليه تقديم
النذور والقرابين والهدايا لإلله والقيام بالواجبات
الدينية.
• ومن أشكال الصالة عند العرب األنباط
السجود إذ يعد عمال خالصا بالصالة التي
كان الغرض منها استجداء حماية اإللهة
وخصوبة األرض والرواج للتجارة
والخالص من الفقر والمرض.
• الطقوس المصاحبة ألداء الطقوس الدينية
الرئيسة
والرقي:
-1التراتيل والتمائم ّ
ولألنباط تراتيل خاصة يرددونها
ويؤدونها أثناء زيارتهم لمعابدهم وقيامهم
بطقوسهم الدينية الواجبة عليهم .وقد ذكر
المؤرخ اليوناني (أبيفانوس) أن األنباط كانوا
يقومون بأداء تراتيل باللغة العربية.
وعثر في منطقة بئر السبع في صحراء النقب
بفلسطين على بردية نبطية يعود تأريخها إلى
القرن األول قبل الميالد تتناول موضوع التمائم
وتتضمن طلب رجل من المالئكة واألرواح
مساعدته في التخلص من سيطرة امرأة عليه.
وكان أيضا من ضمن طقوس األنباط التنبؤ ،وذلك
حين تنبؤوا بموت األمبراطور الروماني
(تيبريوس ،)Tibirius -وأن الجيش الروماني لن
يدخل مدينة البتراء.
• -الطهارة واالغتسال:
• أما عند األنباط فقد كان التطهر واالغتسال
من أهم واجبات المتعبدين ،إذ عثر بالقرب من
معبد اإلله (ذو الشرى) في مدينة البتراء على
العديد من األحواض المائية والتي خصصت
للتطهر واالغتسال .وعثر على مثيل لهذه
األحواض في المناطق واألماكن المقدسة لإلله
(ذو الشرى) في كل من وادي فرسا وسد
المعاجيل (المعاجن) ومناطق المذبح.
• إن وجود مثل هذه األحواض أو
الخزانات المائية بالقرب من األماكن
المقدسة عند األنباط دليل يؤكد مبدأ
الطهارة في عبادتهم ،فهي تعد من األركان
المهمة في الطقوس الدينية التي ال يجوز
انتهاكها.
• وكانت عادة التطهر واالغتسال سائدة
عند عرب الجنوب حيث يمنع المتعبد من
الدخول إلى المعبد بثوب نجس ،وأن فعل
ذلك ينتهك مبدأ الطهارة ويخرج على
القانون .لذلك ينبغي عليه االعتراف علنا
بالخطأ الذي اقترفه ،كما يوجب عليه دفع
كفارة ،وطلب الصفح من اآللهة.
• -حرق البخور والتبخير:
• يعد حرق البخور عند الديانات السامية
القديمة جزءا مهما من الطقوس الدينية ،وقد حل
في مرحلة متقدمة مكان تقديم القرابين لآللهة.
ففكرة الحرق عند الشعوب السامية تقوم أساسا
وحسب اعتقادهم على مبدأين ،األول :نشر أو
إرسال رائحة زكية وطيبة إلى اإللهة لتسر بها،
أما الثاني فهو حرق الخطايا التي ارتكبها
الشخص المقدم لها؛ وذلك بغرض نيل رضا
اإللهة وقبولها وغفرانها لخطاياه.
• ويعد حرق البخور عند العرب األنباط من
العادات والطقوس الدينية الشائعة ،فيذكر الجغرافي
(سترابو) أن األنباط كانوا كل يوم يقومون بحرق
الكثير من البخور في معابدهم تقربا لآللهة .والبد
هنا من اإلشارة إلى أنه من الطبيعي أن يكون
استخدام البخور عند العرب األنباط في المعتقدات
والطقوس الدينية يوميا سواء في المعابد أو في
المنازل ،وذلك الشتغالهم في تجارة البخور
وعملهم فيه .وكانت طريقة حرق البخور تتم في ما
يسمى (المباخر -المجامر).
• وقد عثر على عدد كبير من مجامر
البخور وبأحجام مختلفة في المواقع
النبطية ،وال زال بعضها يحتفظ على سطحه
بآثار حرق البخور ،وتشير النقوش النبطية
إلى أن األنباط صنعوا هذه المباخر إرضاء
آللهتهم وذلك لحرق البخور فيها.