بر الوالدين الحمد هلل الذي أمر باإلحسان بالوالدين والقول لهما قوال كريما ، وأشهد أن ال إله إال َ ُّ ُ ْ َ.
Download
Report
Transcript بر الوالدين الحمد هلل الذي أمر باإلحسان بالوالدين والقول لهما قوال كريما ، وأشهد أن ال إله إال َ ُّ ُ ْ َ.
بر الوالدين
الحمد هلل الذي أمر باإلحسان بالوالدين والقول لهما قوال كريما ،وأشهد أن ال إله إال
َ ُّ ُ ْ َ ْ َ
ُُ ُ ْ ْ َُ ُ
َ َ َّ ُ َ َ
َ
َ
ُ
وسكم ِإن تكونوا ص ِال ِحين ف ِإنه كان
هللا وحده ال شريك له{ ،ربكم أعلم ِبما ِفي نف ِ
َ َّ َ َ ُ
ً
ِلألو ِابين غفورا} .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،أرسله هللا مبشرا ونذيرا ،صلى هللا
عليه وعلى آله وصحبه ،الذين شكروا هلل ولوالديهم ،فأولئك كان سعيهم مشكورا،
وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،وسلم تسليما كثيرا.
التعريف :
بر الوالدين لغة :
البر مصدر مأخوذ من مادة "ب ر ر" التي يقول عنها ابن فارس :الباء والراء
في المضاعف أربعة أصول
(أي لها أربعة معان أصلية) هي :الصدق ,وحكاية صوت ,وخالف البحر ,
ونبت .ويرجع بر الوالدين إلى المعنى األول .
ومن معان البر أيضاً :الصلة والجنة والخير والطاعة والحج واالتساع في
اإلحسان وحسن الخلق وفي التنزيل العزيز
لرحِيم ُ } سورة الطور . 28
{ إ ِ َّنا ُك َّنا مِنْ َق ْبل ُ َندْ ُعوهُ إ ِ َّن ُه ه َُو ا ْل َب ُّر ا َّ
وجاء في الصحاح للجوهري :الب ُّر بخالف العقوق .
اإلحسان إلى الوالدين والتعطف عليهما والرفق بهما والرعاية ألحوالهما وعدم
اإلساءة إليهما ,وإكرام صديقهما من بعدهما .
بصائر ذوي التميز للفيروز ابادي .2/211
وقد جاء البر في القرآن الكريم بمعني صلة الرحم أيضاً قال تعالى
ار ُك ْم َأنْ
ن ا َّلذِينَ َل ْم ُي َقا ِت ُلو ُك ْم فِي الدِّي ِ
{ ال َي ْن َها ُكمُ ََّّللا ُ َع ِ
ن َو َل ْم ُي ْخ ِر ُجو ُك ْم مِنْ ِد َي ِ
ِب ا ْل ُم ْقسِ طِ ينَ } الممتحنة .8
َت َب ُّرو ُه ْم َو ُت ْقسِ ُطوا إ ِ َل ْيهِ ْم إِنَّ ََّّللا َ ُيح ُّ
من صور بر الوالدين :
أورد القرطبي رحمه َّللا في تفسيره كالما كثيرا مفاده :
– 1أن َّللا أمر بعبادته وتوحيده ,وجعل بر الوالدين مقروناً بذلك ,كما قرن شكرهما بشكره
,
سا ًنا } اإلسراء .23
ن إ ِ ْح َ
فقال { َو َق َ
ض ٰى َر ُّب َك َأال َت ْع ُبدُوا إِال إ ِ َّياهُ َوبِا ْل َوالِ َد ْي ِ
وقد أخبر صلى َّللا عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته في الصحيحين أن بر الوالدين
أفضل األعمال بعد الصالة التي هي أعظم دعائم اإلسالم .
– 2من البر بهما واإلحسان إليهما أال يتعرض لسبهما وال يع ُّقهما .
– 3وعقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما كما أن برهما موافقتهما على
أغراضهما .
– 4أن بر الوالدين متسا ٍو عند بعض الفقهاء الشافعية والمالكية وبعض الفقهاء يرجح األم
على األب .
– 5ال يختص الر الوالدين بأن يكونا مسلمين بل إن كانا كافرين يبرهما ويحسن إليهما إذا
كان لهما عهد .
– 6من اإلحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد أال يجاهد إال بإذنهما .
– 7من تمام البر صلة ود الوالدين .
– 8أن يتلطف معهما بقول لين لطيف ,كريم ,وأن يجعل نفسه مع أبويه في خير ذلة ,في
أقواله وسكناته ونظره وال يحد إليهما بصره ,فإن تلك نظرة الغاضب ,وهذا من
بر الوالدين .
– 9ومن برهما الترحم عليهما والدعاء لهما ,وأن ترحمهما كما رحماك ,وترفق بهما كما
رفقا بك ,إذ َولِ َيا َك صغير ًا ,جاهال ,محتاجاً ,فآثراك على أنفسهما وأسهرا ليلهما ,وجاع
ا وأشبعاك ,وتعريا وكسواك ,فال تجزهما إال ببرهما وطاعتهما وحين يبلغان من الكبر الحد
الذي كنت فيه من الصغر ,فعليك أن تلي ما وليا منك ,ويكون لهما حينئذ فضل التقدم .
"الجامع ألحكام القرآن للقرطبي 161–155 / 10بتصرف" .
فالبر أخي الكريم وأختي الكريمة من كمال اإليمان وحسن اإلسالم .
والبر من أفضل العبادات وأجل الطاعات .
والبر طريق موصل إلى الجنة .
والبر فيه الزيادة في األجل والنماء في املال والنسل .
والبر رفع للذكر في اآلخرة وحسن السيرة في الناس .
ومن بر َ
آباءه بره أبناؤه والجزاء من جنس العمل .
والبر يفرج الكرب .
ومن حفظ ود أبيه ال يطفئ هللا نوره .
اللهم واجعلنا من البارين آلبائهم وأمهاتهم
والحافظين لحقوقهم
والقائمين بهم
اللهم من كان حيا منهم فاجعله راضيا عنا
ومن كان ميتا منهم فارحمه واغفر له واجعلنا ممن يحفظ وده يارب العاملين
عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رض ي هللا عنهما عن النبي قال { :رضا الرب في رضا
الوالدين ،وسخط الرب في سخط الوالدين } [رواه الترمذي وصححه ابن حبان
والحاكم].
وبر الوالدين ال يقتصر على فترة حياتهما بل يمتد إلى ما بعد مماتهما ويتسع ليشمل ذوي
األرحام وأصدقاء الوالدين؛ { جاء رجل من بني سلمه فقال :يا رسول هللا .هل بقي من بر
أبواي ش يء أبرهما بعد موتهما؟ قال :نعم ،الصالة عليهما ،واالستغفار لهما ،وإنفاذ
عهدهما بعدهما ،وصلة الرحم التي ال توصل إال بهما ،وإكرام صديقهما } [رواه أبو داود
والبيهقي].
ويمكن الحصول على البر بعد املوت بالدعاء لهما .قال اإلمام أحمد ( :من دعا لهما في
التحيات في الصلوات الخمس فقد برهما .ومن األفضل :أن يتصدق الصدقة ويحتسب
نصف أجرها لوالديه ).
أستاذنا الفاضل بارك هللا فيك وجزاك الجنان
ونفع بك وبعلمك
سا ًنا﴾ [اإلسراء]23:
ضى َر ُّب َك أَالَّ َت ْع ُبدُو ْا إِالَّ إِ َّياهُ َو ِبا ْل َوالِ َد ْي ِن إِ ْح َ
﴿و َق َ
قال تعالىَ :
برهما وبيان
للوالدين حق عظيم قرنه َّللا -تعالى -بحقه ،وتضافرت نصوص الكتاب والسنة في الترغيب ب ّ
حقهما والترهيب من عقوقهما..
بر الوالدين :
فضائل ّ
-1أمر َّللا بصحبتهما واإلحسان إليهما ولو كانا كافرين ،قال تعالى:
﴿وإِن َجا َهدَا َك َعلى أَن ُت ْ
س لَ َك ِب ِه ِع ْل ٌم َفال ُتطِ ْع ُه َما﴾ [لقمان.]15:
ش ِر َك ِبي َما لَ ْي َ
َ
علي أمي وهي مشركة في عهد رسول
وفي صحيح مسلم عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت :قدمت
ّ
علي أمي وهي راغبة -أي :طامعة فيما عندي -أفأصل أمي؟:
َّللا فاستفتيت رسول َّللا ،قلت :قدمت
ّ
قال( :نعم صلي أمك) [متفق عليه].
-2جعل برهما من الجهاد ،عن عبد َّللا بن عمرو -رضي َّللا عنهما -قال:
أحي والداك؟) قال :نعم ،قال:
جاء رجل إلى رسول َّللا -صلى َّللا عليه وسلم -فاستأذنه في الجهاد ،فقالّ ( :
(ففيهما فجاهد) [متفق عليه].
-3جعل طاعتهما من موجبات الجنة ،عن أبي هريرة -رضي َّللا عنه -قال:
سمعت رسول َّللا -صلى َّللا عليه وسلم -يقول( :رغم أنفه ،رغم أنفه ،رغم أنفه) ،قيل :من يا رسول َّللا؟
قال( :من أدرك والديه عند الكبر ،أحدهما أو كالهما ث َّم لم يدخل الجنة) [رواه مسلم]،
وعن أبي الدرداء -رضي َّللا عنه -قال :سمعت رسول َّللا -صلى َّللا عليه وسلك -يقول( :الوالد أوسط
أبواب الجنة ،فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه) [رواه الترمذي ،وقال :حديث صحيح ،وصححه ابن
حبان واأللباني] ،قال القشيري( :أوسط أبواب الجنة) ،أي :خير أبوابها.
-5رضى َّللا في رضى الوالدين ،عن عبدَّللا بن عمرو -رضي َّللا عنهما -أنَّ رسول َّللا -صلى َّللا عليه
وسلم -قال( :رضا َّللا في رضا الوالدين ،وسخط َّللا في سخط الوالدين) [رواه الترمذي وصححه ابن حبان
والحاكم واأللباني
ال أظن أنه تخفى علينا النصوص الواردة من الكتاب والسنة في فضل بر الوالدين،
وحرمة عقوقهما وأن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب.
ً
ولكن ينقصنا العمل بما نعلم ،ونغفل أحيانا كثيرة عن مواضع البر مع زحمة األعمال
الدنيوية ،كزيارة الوالدين وتفقد أخبارهما والسؤال عن أحوالهما وسؤالهما عن
حاجتهما.
اليكم بعض القصص الجميلة عن بر الوالدين
ً
قال املأمون :لم أر أحدا أبر من الفضل بن يحيى بأبيه ،بلغ من بره له أنه كان ال يتوضأ (
األب) إال بماء سخن ،فمنعهم السجان من الوقود في ليلة باردة ،فلما أخذ يحيى ( األب)
مضجعه قام الفضل ( االبن) إلى القمقم من نحاس فمأله ماء و أدناه من املصباح ،فلم
ً
يزل قائما و هو في يده إلى الصباح ،حتى استيقظ يحيى ( األب) من منامه.
ً
و قال رجل لعمر بن الخطاب رض ي هللا عنه :إن لي أما بلغ منها الكبر ،أنها ال تقض ي
حاجاتها إال و ظهري لها مطية ،فهل أديت حقها ،قال ال ألنها كانت تصنع بك ذلك و هي
تتمنى بقاءك ،و أنت تصنعه و تتمنى فراقها.
وهذا محمد بن سيرين إذا كلم أمه كأنه يتضرع .وقال ابن عوف :دخل رجل على محمد
ً
بن سيرين وهو عند أمه ،فقال :ما شأن محمد أيشتكي شيئا؟ قالوا :ال ،ولكن هكذا
يكون إذا كان عند أمه.
وهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رض ي هللا عنهم كان من سادات
التابعين ،وكان كثير البر بأمه حتى قيل له :إنك من أبر الناس بأمك ،ولسنا نراك تأكل
معها في صحفة ،فقال :أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها ،فأكون قد
عققتها.
وهذا حيوة بن شريح ،وهو أحد أئمة املسلمين والعلماء املشهورين ،يقعد في حلقته يعلم
الناس ويأتيه الطالب من كل مكان ليسمعوا عنه ،فتقول له أمه وهو بين طالبه :قم يا
حيوة فاعلف الدجاج ،فيقوم ويترك التعليم.
هذه بعض نماذج بر السلف آلبائهم وأمهاتهم ،فما بال شبابنا اليوم يقصرون في بر آبائهم
وأمهاتهم ،وربما عق أحدهم والديه من أجل إرضاء صديق له ،أو أبكى والديه وأغضبهما
(وهذا من أشد العقوق) من أجل سفر هنا أو هناك أو متعة هنا أو هناك.
أيها األحبه
ً
من كان برا بوالديها فليحافظ على ذلك..وإذا كانا ميتين فليتصدق لهما ويبرهما بدعوة
صالحة أو عمل صالح يهدي ثوابه لهما.
وأما أنت أيها العاق فاعلم أنك مجزي بعملك في الدنيا واآلخرة.
يقول العلماء :كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة هللا إلى يوم القيامة إال العقوق ،فإنه
يعجل له في الدنيا ،وكما تدين تدان.
اللهم أعنا على بر والدينا ،اللهم وفق األحياء منهما ،واعمر قلوبهما بطاعتك ،ولسانهما
بذكرك ،واجعلهم راضين عنا ،اللهم من أفض ى منهم إلى ما قدم ،فنور قبره ،واغفر
ً
ً
خطأه ومعصيته ،اللهم اجزهما عنا خيرا ،اللهم اجزهما عنا خيرا ،اللهم اجمعنا وإياهم
في جنتك ودار كرامتك ،اللهم اجعلنا وإياهم على سرر متقابلين يسقون فيها من رحيق
مختوم ختامه مسك.
سمعت مرة في احدى املحاضرات أن من أعظم البر إعانتهما على الطاعة ..كأخذهم للعمرة ...والحج
...وتيسر ُسبل العبادة لهما وتقريبهما من هللا تبارك وتعالى ورضاه...وتذكيرهما الدائم باهلل ّ
عز ّ
وجل ...
وما أجمل تلك األخت التي حفظت كتاب هللا عز ّ
وجل متأملة أن تلبس والديها حلتين ال يقوم لهما أهل
الدنيا كما في الحديث ..
ّبر الوالدين أمر عظيم ..ويكفي من أننا ُنهينا عن قول كلمة أف لهما كما قال تعالى في كتابه العزيز :
َ َ َ َ ُّ َ َ َّ َ ْ ُ ُ ْ َّ َّ ُ َ ْ َ َ ْ ْ َ ً َّ َ ْ ُ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ ُ
{وقض ى ربك أال تعبدوا ِإال ِإياه و ِبالو ِالدي ِن ِإحسان ُا ِإما يبلغن ِعندك ال ِكبر أحدهما أو ِكالهما فال تقل
َّ
ّ َ
ل ُه َمآ أ ٍّف َوال
َ ْ َ ْ ُ َ َ ُ َّ ُ َ َ ْ ً َ
ً
تنهرهما وقل لهما قوال ك ِريما} ( )23سورة اإلسراء
ً
ً
ومن جميل ما قرأت -منذ مدة -عن سبب ذكر حق الوالدة تحديدا بعد التوصية بالوالدين معا ألنه -
ً
وهللا أعلم -أن تعبها و أملها وصبرها ومعاناتها في الوالدة و السهر على راحة األبناء ال ُيرى غالبا وهو
مجهول بالنسبة لألبناء بعكس األب الذي يرون بأعينهم أن والدهم يوفر لهم امللبس ،املسكن ،حاجاتهم
وطلباتهم املادية ..فلذا كان تخصيص األم لبيان عظيم فضلها وجهدها ومشقتها مع األبناء وليحثهم على
ّبرها و القيام بحقها على أكمل وجه ..و ليعلموا أنها قدمت وتعبت و صبرت و عانت في أمور كثيرة ..
وهللا وحده أعلى وأعلم ..
ولكم هو مؤسف أن تجد من تقلب زوجها على والديه و ال ترعى لهما حق و بالتالي ال تعينه على ّ
البر و
فنذكرهن
بتقوى هللا وهل هذا جزاء اإلحسان؟ و ّ
لكن اإليام دول و هللا املستعان ..
نسأل هللا تبارك وتعالى أن يعيننا على ّبر والدينا وأن يجعلنا ووالدينا ممن قال فيهم :
َ َّ ُ َ ْ َ ْ ُ ُ َ
ون َها َو َم ْن َ
ص َل َح م ْن َآب ِائه ْم َو َأ ْز َواجه ْم َو ُذ ّرَّي ِاته ْم َواملَ َال ِئ َك ُة َي ْد ُخ ُلو َن َع َل ْيهم ّمن ُكلّ
{جنات عد ٍّن يدخل
ِ
ِ ِ ِ
ِ ِ
ِ ِ
ِ
َ
اب()23
ب
ٍّ
َ َ ٌ ََ ْ ُ َ َ َُْ ْ َ ْ َ ُ ْ
َّ
َ
سالم عليكم ِبما صبرتم ف ِنعم عقبى الد ِار ( } })24سورة الرعد،
فهو املستعان تبارك وتعالى وعليه التكالن ..وهو ّ
ولي ذلك والقادر عليه ..
معاملة الوالدين
ليس هناك أحق بالبر واإلحسان في المعاملة من الوالدين ،فهما أساس الوجود بعد هللا.
ولهما الفضل الكبير على اإلنسان وقد رفع اإلسالم من قدر الوالدين إلى درجة لم تعرفها
اإلنسانية في غير اإلسالم .وجعل هذه المنزلة تلي منزلة اإليمان باهلل قال هللا تعالى :
شر ُكوا ِب ِه َ
حسانا ً )
ِدَين إِ َ
شيئا ً َو َ
( واَع ُبدُوا ه َ
بالوال ِ
هللا َوالَ ُت ِ
حسانا ً )
دَين إِ َ
ضى َر ُب َك أَاله َتع ُبدُوا إِآل إِ هياهُ َو ِب َ
وقال تعالى َ ( :و َق َ
الوالِ ِ
وتتجلى معاملة الوالدين في األمور التالية :
-1إذا احتاجا إلى طعام أطعمهما وإذا احتاجا إلى كسوة كساهما إن قدر عليه.
-2وإذا احتاج أحدهما إلى الخدمة خدمه ،وإذا دعواه أجابهما.
-3وإذا أمراه بأمر أطاعهما ما لم يأمراه بالمعصية والغيبة ،وإذا دعواه أجابهما.
-4أن يتكلم معهما باللين وال يتكلم معهما بالكالم الغليظ .قال هللا تعالى َ ( :وقُل له ُه َما َقوالً
َك ِريما ً ).
-5أن ال يدعهما باسمهما وإنما يقول أمي وأبي ،ويوقرهما ويخفض لهما جناح الذل .قال
الرح َم ِة ) -6.أن يدعو لهما بالمغفرة كلما يدعو
اح ال ُّذل ِّ مِنَ ه
هللا تعالى َ ( :واخفِض لَ ُه َما َج َن َ
لنفسه ( َوقُل هر ِ
صغِيراً ).
ارحم ُه َما َك َما َر هب َيانِي َ
ب َ
-6أن يبر أهل ودهما ،لقول الرسول صلى هللا عليه وسلم فيما رواه مسلم (( أبر البر أن
يصل الرجل ود والديه )).
- 8وبر األم مقدم على بر األب ،إذا تعارضا ،وذلك ألسباب ثالثة تتميز بها األم
:صعوبة الحمل ،وصعوبة الوضع ،وصعوبة الرضاع.
وفي الحديث المتفق عليه أن رجالً جاء إلى الرسول صلى َّللا عليه وسلم فسأله
يا رسول َّللا! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فأجابه الرسول صلى َّللا عليه
وسلم (( أمك )) قال ثم من؟ قال (( :أمك )) قال :ثم من؟ قال (( :أمك )) قال
ثم من؟ قال (( :أبوك )).
وتقدم طاعة الوالدين على غيرهما من الطاعات في بعض األمور منها : -1ترك المسنونات والتطوع في حالة حاجتهما إلى ابنهما ،كترك الصالة النافلة
والحج النافلة ،والجهاد غير الواجب ،والصوم نفالً ،والسفر للتجارة ،واالنتقال
من بيت إلى بيت أو من بلد إلى بلد.
-2وتجب مخالفة الوالدين إذا أمرا في غير المعروف من ذلك :
إذا دعواك لتناول طعام محرم .وكذلك ليس للوالدين أن يلزما ابنهما بزوجة
معينة ،فمن خالفهما في ذلك ال يعد عاقا ً .وأيضا ً إذا أمره والده بطالق زوجته
فإنه ال يجب ومخالفته ليست من العقوق.
أما عقوق الوالدين فكثيرة منها :
-1إبكاؤهما وتحزينهما بقولك أو فعلك.
-2إدخال المنكرات وفعلها أمامهما.
-3البراءة منهما والتخلي عنهما.
-4عدم زيارتهما والسؤال عنهما أو التأخير في ذلك.
-5تقديم الزوجة على األم أو األب فيما للوالدين فيه دخل.
-6لعنهما أو التسبب في ذلك.
السلف وبر الوالدين .
لقد طبق السلف رض ي هللا عنهم أعظم صور البر واإلحسان .
أبو هريرة رض ي هللا تعالى عنه كان إذا دخلت البيت قال ألمه :رحمك هللا
كما ربيتني صغيرا ,فتقول أمه :وأنت رحمك هللا كما برتني كبيرا .
ابن مسعود رض ي هللا تعالى عنه أحضر ماء لوالدته فجاء وقد نامت فبقي
واقف بجانبها حتى استيقظت ثم أعطاها املاء .خاف أن يذهب وتستيقظ
وال تجد املاء ,وخاف أن ينام فتستيقظ وال تجد املاء فبقي قائما حتى
استيقظت.
وهذا ابن عون أحد التابعين نادته أمه فرفع صوته فندم على هذا الفعل
وأعتق رقبتين .
كان ابن سيرين إذا كلم أمه كأنه يتضرع وإذا دخلت أمه يتغير وجهه .
كان الحسن البصري ال يأكل من الصحن الواحد مع أمه يخاف أن تسبق يده
إلى ش يء وأمه تتمنى هذا الش يء .
حيوة ابن شريح أحد التابعين كان يدرس في املسجد وكانت تأتيه أمه فتقول
ً
له :قم فاعلف الدجاج فيقوم ويترك التعليم برا بوالدته ولم يعاتبها ولم يقل
لها أنا في درس ,أنا في محاضره ,أنا في مجلس ذكر .
أما سمعتم بخبر أويس القرني !! هذا الرجل هو الرجل الوحيد الذي زكاه
النبي صلى هللا عليه وسلم وهو من التابعين وحديثه في صحيح مسلم ,قال
النبى صلى هللا عليه وسلم للصحابة ( :يأتيكم أويس ابن عامر من اليمن كان
به برص فدعى هللا فأذهبه أذهب هللا عنه هذا املرض كان له أم كان له أم هو
بها بر .يا عمر إذا رأيته فليستغفر لك فمره يستغفر لك ).
وفي لفظ أخر قال عنه النبي صلى هللا عليه وسلم عن أويس القرني ( لو
أقسم على هللا ألبره ) ملاذا أويس حصل على هذه املنزلة؟
ً
قال العلماء ألنه كان بارا بوالدته ,املهم جاء يوم من األيام ودخل الحج فكان
عمر رض ي هللا عنه حريص على أن يقابل هذا الرجل أويس .
فجاء وفد من اليمن فقال عمر رضي هللا عنه :أفيكم أويس ابن عامر فجاء
أويس رجل متواضع من عامة الناس قال أنت أويس ابن عامر قال :نعم .
قال :كان بك برص فدعوت هللا فأذهبه ؟ قال :نعم .قال :إستغفر لي !
قال :يا عمر أنت خليفة المسلمين !! قال :إن النبي صلى هللا عليه وسلم قال
وذكر قصته ..فأويس استغفر له فلما انتشر الخبر أمام الناس اختفى عنهم
وذهب حتى ال يصيبه العجب أو الثناء فيحبط عمله عند هللا عزوجل .
ما نال هذه المنزله أويس ابن عامر أنه لو أقسم على هللا ألبره إال ببره
بوالدته رحمه هللا .
قال البخاري رحمه هللا في كتابه األدب باب من بر والديه أجاب هللا دعاءه
,وذكر البخاري رحمه هللا وروى حديث الثالثة أصحاب الغار الذين دخلوا في
الغار من بني إسرائيل فانطبقت عليهم الصخرة فكل واحد منهم دعا هللا بعمل
فواحد منهم قال اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران .
كان هذا الرجل له والدين كبيرين وكان يذهب يأتي بلبن لهم فيوم من األيام ,
جاء بلبن وقد نام والداه فلما وصل إليهما فإذا بهم نائمين انتظر قائما ً حتى
استيقظا وشربا من اللبن وكره أن يشرب أبناءه من اللبن قبل والديه .
فدعا هللا وقال :اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذالك يعني هذا العمل هذا البر
بوالدتي ووالدي ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة
وخرجوا يمشون .
ومن أخبار السلف مع بر الوالدين :
أن ابن معر ريض هللا عهنام لقي رجل أعرايب يف الطريق اىل مكة حفمهل وأعطاه عاممته فقالوا هل
اي ابن معر هذا رجل أعرايب لو أعطيته يشء عادي لقبهل ,فقال ابن معر :انه اكن صديق
لعمر يعين اكن صديق لوادلي معر بن اخلطاب ريض هللا عهنام.
واكن ابن املنكدر من التابعني يضع خده عىل الرض ويقول لمه قويم ضعي قدمك عىل خدي
!!
أين هذا من الذي يرفع الصوت ؟ أين هذا من الذي يضرب
والديه ؟
وهذا المام اذلهىب رمحه هللا وأحد العلامء يقال هل قندار مل يرحال يف طلب العمل بر ًا بأهماهتم
يعين ما خرج من مدينته اليت هو فهيا لن وادلته قالت :ل خترج فبقي يطلب العمل يف هذه
املدينة حىت ماتت مث سافر قال :أردت اخلروج للعمل فرفضت أيم فأطعهتا فبورك يل يف ذاكل
وكان بعض التابعين ال يسكن في بيت أمه وهي تحته إجالال لها يعني ما يكون في الدور
الثاني وهي في الدور األرض ي يعني أدب عالي أن يكون هو فوق وهي تحت..
وهذا قمة البر ...أيها األخوة قد نستغرب مثل هذه األمور ولكن هكذا يصنع أولياء هللا
عز وجل .
بر الوالدين في حديث النبي صلى هللا عليه وسلم :عن عبد هللا ابن مسعود رض ي هللا عنه قال :سألت النبي صلى هللا عليه وسلم أي
العمل أحب إلى هللا فقال صلى هللا عليه وسلم ( الصالة على وقتها .قلت ثم أي قال بر
الوالدين .قلت ثم أي .قال الجهاد في سبيل هللا ) .
وعن عبد هللا بن عمر رض ي هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ,قال لرجل
استأذنه في الجهاد أحي والداك ؟ قال :نعم .قال ففيهما فجاهد .رواه البخاري.
بعض الشباب يسمعون مثل هذه األحاديث وال يستجيبون لها ( ففيهما فجاهد ) ماذا
تفهم أخي الشاب أختي املرأة املؤمنة عندما نسمع مثل هذا الحديث ففيهما فجاهد ؟
يعني توقع منهما بعض التصرفات التي تحتاج منك أن تجاهد نفسك على قبول هذه
األخالق من والديك وأنت في جهاد في الحقيقة .
وعنه رض ي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ( :رض ى الرب في رض ى الوالد
إن بر الوالدين طريق مختصر إلى رض ى هللا عز وجل ..
إذا أرضيت والديك سيرض ى هللا عنك وإذا سخط والديك فلو تقدم أعمال
صالحه كبيره ,فأبشر بسخط هللا عز وجل عليك .
وفي الحديث اآلخر (:رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه ,يعني يلصق بتراب أنفه ,
قيل من يا رسول هللا :قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كالهما ثم
لم يدخل الجنة ) يعني وجود والديك طريق إلى الجنة .
معنى كالمه صلى هللا عليه وسلم إذا أدركت والديك أو أحدهما ولم تدخل
الجنة بسبب برك بوالديك فيرغم أنفك يعني تستحق أن يلصق بالتراب ألنك
لم تستغل هذا العمل الصالح الذي يوصلك إلى الجنة.
هذه أفكار سريعة توصلك إلى البر :
- 1تعود أن تذكر والديك عند المخاطبة بألفاظ االحترام .
أيها األخوة عندما نجلس مع الوالدين ما هي األلفاظ التي نستخدمها ؟؟
-2التحد النظر لوالديك خاصة عند الغضب .
وما أجمل النضرة الحنونة الطيبة ..إن بعض األخوة قد ال يتلفظ على والديه قد
ال يضرب والديه ولكنه ينظر إلى والديه بنظرات حادة ,وكأنه ينظر إلى رجل
مجرم .
- 3ال تمشي أمام احد والديك بل بجواره أو خلفه وهذا أدب وحبا لهما.
- 4كلمة ( أف ) معصية للرب وللوالدين فحذرهما وال تنطق بها أبدا أبدا .
-5إذا رأيت أحد والديك يحمل شيء فسارع بالحمل عنه إن كان في مقدورك
ذلك وقدم لهم العون دائما ً .
-6إذا خاطبت أحد والديك فاخفض صوتك وال تقاطع واستمع جيداً حتى ينتهي
الكالم وإذا احتجت إلى نداء أحد والديك فال ترفع صوتك أكثر مما يسمع بل ناده
بنداء تعتقد أنه يصل إليه..
فضل وثواب بر الوالدين في الدنيا واآلخرة :
لقد وعد َّللا البارين بإبائهم وأمهاتهم بالخير الكثير والفضل العميم
في الدنيا ،والثواب الجزيل واألجر الكبير في اآلخرة..
* ما يناله البار بوالديه في الدنيا :
ُ .1ينسأ له في أجله ..
وسع له في رزقه ..
ُ .2ي َّ
ُ .3تجاب دعوته..
.4يبره أبناؤه وأحفادُه ويكافئونه.
.5يحبه أهله وجيرانه.
.6تدفع عنه ميتة السوء.
.7يحمده الناس ويشكرونه.
.8يرضى عنه ربه لرضا والديه عنه.
ُ
ل
عن أبي الدرداء رض ي هللا عنه قال :سمعت النبي صلى هللا عليه وسلم يقو " :الوالد
َ
ّ
أوضيع".
أوسط باب الجنة ،فإن شئت فأحفظ الباب
ِ
ً
ً
ً
ل
وروى أبوبكر بن حفص أن رجال قال :يا رسو هللا ،إني أصبت ذنبا عظيما ،فهل لي من
توبة؟ قال :هل لك من أم؟ قال :ال؛ قال :هل لك من خالة؟ قال :نعم؛ قال :فبرها"،
وروي نحوه عن ابن عمر.
ً
وقال مكحول" :بر الوالدين كفارة للكبائر ،وال يزال الرجل قادرا على البر ما دام في
فصيلته من هو أكبر منه".
جزاء الوالدين
:
ً
ال يستطيع أحد أن يجزي والديه أو أحدهما إال أن يجده مملوكا فيعتقه ،ولكن األبناء
مطالبون باإلحسان والبر،
ً
وليس باألجزاء ،وهللا يبارك في القليل ،ويجزي باليسير كثيرا.
عن أبي هريرة رض ي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال" :ال يجزي ولد والده إال
ً
أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه"..
وفقنا هللا وإياكم للبر بوالدينا األحياء منهم واألموات ..
األدلة على ذلك /
عن ثوبان رض ي هللا عنه قال :قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم" :ال يرد القدر إال
الدعاء ،وال يزيد في العمر إال البر".
ً
* حديث الثالثة الذين دخلوا غارا في جبل فانحطت على فم الغار صخرة فسدته ،فقال
ً
بعضهم لبعض :انظروا أعماال عملتموها صالحة فادعوا هللا بها لعله يفرجها؛ فقال
أحدهم :اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران ،ولي صبية صغار ،كنت أرعى عليهم،
ّ
بوالدي أسقيهما قبل ولدي ،وإنه قد نأى بي طلب
فإذا رجعت عليهم فحلبت بدأت
ُ
الشجر ،فما أتيت حتى أمسيت ،فوجدتهما قد ناما ،فحلبت كما كنت أحلب فجئت
بالحالب ،فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما،
والصبية يتضاغون عند قدمي ،فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر ،فإن كنت
تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج لنا فرجة نرى منها السماء؛ ففرج هللا لهم حتى
يرون السماء "..الحديث.
** فضل وثواب البا ّرين بوالديهم في اآلخرة :
.1البر من أقوى أسباب دخول الجنة.
.2يدخل الجنة مع أول الداخلين.
جعل هللا الوالدين موئل السعادة ،وروضة العطف والحنان ،
حقهما عظيم ومعروفهما ال يجازى ..
وجميلهما يربو على كل جميل من الخلق ،وليس في الناس أعظم
إحسانا وال أكثر فضال من الوالدين ..
بر الوالدين خلق األنبياء ودأب الصالحين ،وسبب تفريج الكربات
وتنزل البركات ،وإجابة الدعوات ..
به ينشرح الصدر وتطيب الحياة ومن كان بارا بوالديه كان سعيدا
متواضعا ..
ذكر الدكتور :ميسرة طاهر
كان في زيارة لقريب له في مدينة أخرى غير مدينته
موقف مؤلم
سمعته ممن رأه
وفجأة سمع جلبة وضجيج في الحي فخرج من البيت وإال بشاب في عمر الشباب ممسكا برجل كبير
طاعن في السن
ويطأ بقدمه على صفحة عنقه بجوار مجرى ملياه املجاري "أكرمكم هللا" وبعدها يضربه على وجهه
فقام الناس يريدون أن يبطشوا بالشاب
فنهرهم العجوز قائال
اتركوه هذا ابني وال ضير فلقد فعلت بأبي هكذا يوم أن كنت في سنه ...أ هـ .
فال حول والقوة إال باهلل العلي العظيم
الجزاء من جنس العمل
وقد عجلت العقوبة في الدنيا وهللا أعلم ما ينتظره في اآلخرة
نسأل هللا السالمة واملعافاة ..
((ووصينا االنسان بوالديه إحسانا))...االيه
1ـ شان الوالدين عظيم ولذالك امر هللا االنسان باإلحسان لوالديه بصيغة
التوصية ؛ وهي االمر
الجازم املؤكد
2ـ مهمت قام االنسان لخدمة والديه فإنه ال يمكن ان يرد جميلهما ؛ لقول
النبي صلى هللا عليه وسلم
ً
(ال يجززي ولد والده إال أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه)
رواه مسلم ،كتاب العتق