بر الوالدين الحمد هلل الذي أمر باإلحسان بالوالدين والقول لهما قوال كريما ، وأشهد أن ال إله إال َ ُّ ُ ْ َ.

Download Report

Transcript بر الوالدين الحمد هلل الذي أمر باإلحسان بالوالدين والقول لهما قوال كريما ، وأشهد أن ال إله إال َ ُّ ُ ْ َ.

‫بر الوالدين‬
‫الحمد هلل الذي أمر باإلحسان بالوالدين والقول لهما قوال كريما‪ ،‬وأشهد أن ال إله إال‬
‫َ ُّ ُ ْ َ ْ َ‬
‫ُُ ُ ْ ْ َُ ُ‬
‫َ َ َّ ُ َ َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫وسكم ِإن تكونوا ص ِال ِحين ف ِإنه كان‬
‫هللا وحده ال شريك له‪{ ،‬ربكم أعلم ِبما ِفي نف ِ‬
‫َ َّ َ َ ُ‬
‫ً‬
‫ِلألو ِابين غفورا} ‪ .‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬أرسله هللا مبشرا ونذيرا‪ ،‬صلى هللا‬
‫عليه وعلى آله وصحبه‪ ،‬الذين شكروا هلل ولوالديهم‪ ،‬فأولئك كان سعيهم مشكورا‪،‬‬
‫وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪ ،‬وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬
‫التعريف ‪:‬‬
‫بر الوالدين لغة ‪:‬‬
‫البر مصدر مأخوذ من مادة "ب ر ر" التي يقول عنها ابن فارس ‪ :‬الباء والراء‬
‫في المضاعف أربعة أصول‬
‫(أي لها أربعة معان أصلية) هي ‪ :‬الصدق ‪ ,‬وحكاية صوت ‪ ,‬وخالف البحر ‪,‬‬
‫ونبت ‪ .‬ويرجع بر الوالدين إلى المعنى األول ‪.‬‬
‫ومن معان البر أيضاً ‪ :‬الصلة والجنة والخير والطاعة والحج واالتساع في‬
‫اإلحسان وحسن الخلق وفي التنزيل العزيز‬
‫لرحِيم ُ } سورة الطور ‪. 28‬‬
‫{ إ ِ َّنا ُك َّنا مِنْ َق ْبل ُ َندْ ُعوهُ إ ِ َّن ُه ه َُو ا ْل َب ُّر ا َّ‬
‫وجاء في الصحاح للجوهري ‪ :‬الب ُّر بخالف العقوق ‪.‬‬
‫اإلحسان إلى الوالدين والتعطف عليهما والرفق بهما والرعاية ألحوالهما وعدم‬
‫اإلساءة إليهما ‪ ,‬وإكرام صديقهما من بعدهما ‪.‬‬
‫بصائر ذوي التميز للفيروز ابادي ‪.2/211‬‬
‫وقد جاء البر في القرآن الكريم بمعني صلة الرحم أيضاً قال تعالى‬
‫ار ُك ْم َأنْ‬
‫ن ا َّلذِينَ َل ْم ُي َقا ِت ُلو ُك ْم فِي الدِّي ِ‬
‫{ ال َي ْن َها ُكمُ ََّّللا ُ َع ِ‬
‫ن َو َل ْم ُي ْخ ِر ُجو ُك ْم مِنْ ِد َي ِ‬
‫ِب ا ْل ُم ْقسِ طِ ينَ } الممتحنة ‪.8‬‬
‫َت َب ُّرو ُه ْم َو ُت ْقسِ ُطوا إ ِ َل ْيهِ ْم إِنَّ ََّّللا َ ُيح ُّ‬
‫من صور بر الوالدين ‪:‬‬
‫أورد القرطبي رحمه َّللا في تفسيره كالما كثيرا مفاده ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن َّللا أمر بعبادته وتوحيده ‪ ,‬وجعل بر الوالدين مقروناً بذلك ‪ ,‬كما قرن شكرهما بشكره‬
‫‪,‬‬
‫سا ًنا } اإلسراء ‪.23‬‬
‫ن إ ِ ْح َ‬
‫فقال { َو َق َ‬
‫ض ٰى َر ُّب َك َأال َت ْع ُبدُوا إِال إ ِ َّياهُ َوبِا ْل َوالِ َد ْي ِ‬
‫وقد أخبر صلى َّللا عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته في الصحيحين أن بر الوالدين‬
‫أفضل األعمال بعد الصالة التي هي أعظم دعائم اإلسالم ‪.‬‬
‫‪ – 2‬من البر بهما واإلحسان إليهما أال يتعرض لسبهما وال يع ُّقهما ‪.‬‬
‫‪ – 3‬وعقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما كما أن برهما موافقتهما على‬
‫أغراضهما ‪.‬‬
‫‪ – 4‬أن بر الوالدين متسا ٍو عند بعض الفقهاء الشافعية والمالكية وبعض الفقهاء يرجح األم‬
‫على األب ‪.‬‬
‫‪ – 5‬ال يختص الر الوالدين بأن يكونا مسلمين بل إن كانا كافرين يبرهما ويحسن إليهما إذا‬
‫كان لهما عهد ‪.‬‬
‫‪ – 6‬من اإلحسان إليهما والبر بهما إذا لم يتعين الجهاد أال يجاهد إال بإذنهما ‪.‬‬
‫‪ – 7‬من تمام البر صلة ود الوالدين ‪.‬‬
‫‪ – 8‬أن يتلطف معهما بقول لين لطيف ‪ ,‬كريم ‪ ,‬وأن يجعل نفسه مع أبويه في خير ذلة ‪ ,‬في‬
‫أقواله وسكناته ونظره وال يحد إليهما بصره ‪ ,‬فإن تلك نظرة الغاضب ‪ ,‬وهذا من‬
‫بر الوالدين ‪.‬‬
‫‪ – 9‬ومن برهما الترحم عليهما والدعاء لهما ‪ ,‬وأن ترحمهما كما رحماك ‪ ,‬وترفق بهما كما‬
‫رفقا بك ‪ ,‬إذ َولِ َيا َك صغير ًا ‪ ,‬جاهال ‪ ,‬محتاجاً ‪ ,‬فآثراك على أنفسهما وأسهرا ليلهما ‪ ,‬وجاع‬
‫ا وأشبعاك ‪ ,‬وتعريا وكسواك ‪ ,‬فال تجزهما إال ببرهما وطاعتهما وحين يبلغان من الكبر الحد‬
‫الذي كنت فيه من الصغر ‪ ,‬فعليك أن تلي ما وليا منك ‪ ,‬ويكون لهما حينئذ فضل التقدم ‪.‬‬
‫"الجامع ألحكام القرآن للقرطبي ‪ 161–155 / 10‬بتصرف" ‪.‬‬
‫فالبر أخي الكريم وأختي الكريمة من كمال اإليمان وحسن اإلسالم ‪.‬‬
‫والبر من أفضل العبادات وأجل الطاعات ‪.‬‬
‫والبر طريق موصل إلى الجنة ‪.‬‬
‫والبر فيه الزيادة في األجل والنماء في املال والنسل ‪.‬‬
‫والبر رفع للذكر في اآلخرة وحسن السيرة في الناس ‪.‬‬
‫ومن بر َ‬
‫آباءه بره أبناؤه والجزاء من جنس العمل ‪.‬‬
‫والبر يفرج الكرب ‪.‬‬
‫ومن حفظ ود أبيه ال يطفئ هللا نوره ‪.‬‬
‫اللهم واجعلنا من البارين آلبائهم وأمهاتهم‬
‫والحافظين لحقوقهم‬
‫والقائمين بهم‬
‫اللهم من كان حيا منهم فاجعله راضيا عنا‬
‫ومن كان ميتا منهم فارحمه واغفر له واجعلنا ممن يحفظ وده يارب العاملين‬
‫عن عبد هللا بن عمرو بن العاص رض ي هللا عنهما عن النبي قال‪ { :‬رضا الرب في رضا‬
‫الوالدين‪ ،‬وسخط الرب في سخط الوالدين } [رواه الترمذي وصححه ابن حبان‬
‫والحاكم]‪.‬‬
‫وبر الوالدين ال يقتصر على فترة حياتهما بل يمتد إلى ما بعد مماتهما ويتسع ليشمل ذوي‬
‫األرحام وأصدقاء الوالدين؛ { جاء رجل من بني سلمه فقال‪ :‬يا رسول هللا‪ .‬هل بقي من بر‬
‫أبواي ش يء أبرهما بعد موتهما؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬الصالة عليهما‪ ،‬واالستغفار لهما‪ ،‬وإنفاذ‬
‫عهدهما بعدهما‪ ،‬وصلة الرحم التي ال توصل إال بهما‪ ،‬وإكرام صديقهما } [رواه أبو داود‬
‫والبيهقي]‪.‬‬
‫ويمكن الحصول على البر بعد املوت بالدعاء لهما‪ .‬قال اإلمام أحمد‪ ( :‬من دعا لهما في‬
‫التحيات في الصلوات الخمس فقد برهما‪ .‬ومن األفضل‪ :‬أن يتصدق الصدقة ويحتسب‬
‫نصف أجرها لوالديه )‪.‬‬
‫أستاذنا الفاضل بارك هللا فيك وجزاك الجنان‬
‫ونفع بك وبعلمك‬
‫سا ًنا﴾ [اإلسراء‪]23:‬‬
‫ضى َر ُّب َك أَالَّ َت ْع ُبدُو ْا إِالَّ إِ َّياهُ َو ِبا ْل َوالِ َد ْي ِن إِ ْح َ‬
‫﴿و َق َ‬
‫قال تعالى‪َ :‬‬
‫برهما وبيان‬
‫للوالدين حق عظيم قرنه َّللا ‪-‬تعالى‪ -‬بحقه‪ ،‬وتضافرت نصوص الكتاب والسنة في الترغيب ب ّ‬
‫حقهما والترهيب من عقوقهما‪..‬‬
‫بر الوالدين ‪:‬‬
‫فضائل ّ‬
‫‪ -1‬أمر َّللا بصحبتهما واإلحسان إليهما ولو كانا كافرين‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫﴿وإِن َجا َهدَا َك َعلى أَن ُت ْ‬
‫س لَ َك ِب ِه ِع ْل ٌم َفال ُتطِ ْع ُه َما﴾ [لقمان‪.]15:‬‬
‫ش ِر َك ِبي َما لَ ْي َ‬
‫َ‬
‫علي أمي وهي مشركة في عهد رسول‬
‫وفي صحيح مسلم عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت‪ :‬قدمت‬
‫ّ‬
‫علي أمي وهي راغبة ‪-‬أي‪ :‬طامعة فيما عندي‪ -‬أفأصل أمي؟‪:‬‬
‫َّللا فاستفتيت رسول َّللا‪ ،‬قلت‪ :‬قدمت‬
‫ّ‬
‫قال‪( :‬نعم صلي أمك) [متفق عليه]‪.‬‬
‫‪ -2‬جعل برهما من الجهاد‪ ،‬عن عبد َّللا بن عمرو ‪-‬رضي َّللا عنهما‪ -‬قال‪:‬‬
‫أحي والداك؟) قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫جاء رجل إلى رسول َّللا ‪-‬صلى َّللا عليه وسلم‪ -‬فاستأذنه في الجهاد‪ ،‬فقال‪ّ ( :‬‬
‫(ففيهما فجاهد) [متفق عليه]‪.‬‬
‫‪ -3‬جعل طاعتهما من موجبات الجنة‪ ،‬عن أبي هريرة ‪-‬رضي َّللا عنه‪ -‬قال‪:‬‬
‫سمعت رسول َّللا ‪-‬صلى َّللا عليه وسلم‪ -‬يقول‪( :‬رغم أنفه‪ ،‬رغم أنفه‪ ،‬رغم أنفه)‪ ،‬قيل‪ :‬من يا رسول َّللا؟‬
‫قال‪( :‬من أدرك والديه عند الكبر‪ ،‬أحدهما أو كالهما ث َّم لم يدخل الجنة) [رواه مسلم]‪،‬‬
‫وعن أبي الدرداء ‪-‬رضي َّللا عنه‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول َّللا ‪-‬صلى َّللا عليه وسلك‪ -‬يقول‪( :‬الوالد أوسط‬
‫أبواب الجنة‪ ،‬فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه) [رواه الترمذي‪ ،‬وقال‪ :‬حديث صحيح‪ ،‬وصححه ابن‬
‫حبان واأللباني]‪ ،‬قال القشيري‪( :‬أوسط أبواب الجنة)‪ ،‬أي‪ :‬خير أبوابها‪.‬‬
‫‪ -5‬رضى َّللا في رضى الوالدين‪ ،‬عن عبدَّللا بن عمرو ‪-‬رضي َّللا عنهما‪ -‬أنَّ رسول َّللا ‪-‬صلى َّللا عليه‬
‫وسلم‪ -‬قال‪( :‬رضا َّللا في رضا الوالدين‪ ،‬وسخط َّللا في سخط الوالدين) [رواه الترمذي وصححه ابن حبان‬
‫والحاكم واأللباني‬
‫ال أظن أنه تخفى علينا النصوص الواردة من الكتاب والسنة في فضل بر الوالدين‪،‬‬
‫وحرمة عقوقهما وأن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب‪.‬‬
‫ً‬
‫ولكن ينقصنا العمل بما نعلم‪ ،‬ونغفل أحيانا كثيرة عن مواضع البر مع زحمة األعمال‬
‫الدنيوية‪ ،‬كزيارة الوالدين وتفقد أخبارهما والسؤال عن أحوالهما وسؤالهما عن‬
‫حاجتهما‪.‬‬
‫اليكم بعض القصص الجميلة عن بر الوالدين‬
‫ً‬
‫قال املأمون‪ :‬لم أر أحدا أبر من الفضل بن يحيى بأبيه‪ ،‬بلغ من بره له أنه كان ال يتوضأ (‬
‫األب) إال بماء سخن‪ ،‬فمنعهم السجان من الوقود في ليلة باردة‪ ،‬فلما أخذ يحيى ( األب)‬
‫مضجعه قام الفضل ( االبن) إلى القمقم من نحاس فمأله ماء و أدناه من املصباح‪ ،‬فلم‬
‫ً‬
‫يزل قائما و هو في يده إلى الصباح‪ ،‬حتى استيقظ يحيى ( األب) من منامه‪.‬‬
‫ً‬
‫و قال رجل لعمر بن الخطاب رض ي هللا عنه‪ :‬إن لي أما بلغ منها الكبر‪ ،‬أنها ال تقض ي‬
‫حاجاتها إال و ظهري لها مطية‪ ،‬فهل أديت حقها‪ ،‬قال ال ألنها كانت تصنع بك ذلك و هي‬
‫تتمنى بقاءك‪ ،‬و أنت تصنعه و تتمنى فراقها‪.‬‬
‫وهذا محمد بن سيرين إذا كلم أمه كأنه يتضرع‪ .‬وقال ابن عوف‪ :‬دخل رجل على محمد‬
‫ً‬
‫بن سيرين وهو عند أمه‪ ،‬فقال‪ :‬ما شأن محمد أيشتكي شيئا؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬ولكن هكذا‬
‫يكون إذا كان عند أمه‪.‬‬
‫وهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رض ي هللا عنهم كان من سادات‬
‫التابعين‪ ،‬وكان كثير البر بأمه حتى قيل له‪ :‬إنك من أبر الناس بأمك‪ ،‬ولسنا نراك تأكل‬
‫معها في صحفة‪ ،‬فقال‪ :‬أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها‪ ،‬فأكون قد‬
‫عققتها‪.‬‬
‫وهذا حيوة بن شريح‪ ،‬وهو أحد أئمة املسلمين والعلماء املشهورين‪ ،‬يقعد في حلقته يعلم‬
‫الناس ويأتيه الطالب من كل مكان ليسمعوا عنه‪ ،‬فتقول له أمه وهو بين طالبه‪ :‬قم يا‬
‫حيوة فاعلف الدجاج‪ ،‬فيقوم ويترك التعليم‪.‬‬
‫هذه بعض نماذج بر السلف آلبائهم وأمهاتهم‪ ،‬فما بال شبابنا اليوم يقصرون في بر آبائهم‬
‫وأمهاتهم‪ ،‬وربما عق أحدهم والديه من أجل إرضاء صديق له‪ ،‬أو أبكى والديه وأغضبهما‬
‫(وهذا من أشد العقوق) من أجل سفر هنا أو هناك أو متعة هنا أو هناك‪.‬‬
‫أيها األحبه‬
‫ً‬
‫من كان برا بوالديها فليحافظ على ذلك‪..‬وإذا كانا ميتين فليتصدق لهما ويبرهما بدعوة‬
‫صالحة أو عمل صالح يهدي ثوابه لهما‪.‬‬
‫وأما أنت أيها العاق فاعلم أنك مجزي بعملك في الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫يقول العلماء‪ :‬كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة هللا إلى يوم القيامة إال العقوق‪ ،‬فإنه‬
‫يعجل له في الدنيا‪ ،‬وكما تدين تدان‪.‬‬
‫اللهم أعنا على بر والدينا‪ ،‬اللهم وفق األحياء منهما‪ ،‬واعمر قلوبهما بطاعتك‪ ،‬ولسانهما‬
‫بذكرك‪ ،‬واجعلهم راضين عنا‪ ،‬اللهم من أفض ى منهم إلى ما قدم‪ ،‬فنور قبره‪ ،‬واغفر‬
‫ً‬
‫ً‬
‫خطأه ومعصيته‪ ،‬اللهم اجزهما عنا خيرا‪ ،‬اللهم اجزهما عنا خيرا‪ ،‬اللهم اجمعنا وإياهم‬
‫في جنتك ودار كرامتك‪ ،‬اللهم اجعلنا وإياهم على سرر متقابلين يسقون فيها من رحيق‬
‫مختوم ختامه مسك‪.‬‬
‫سمعت مرة في احدى املحاضرات أن من أعظم البر إعانتهما على الطاعة ‪ ..‬كأخذهم للعمرة ‪ ...‬والحج‬
‫‪...‬وتيسر ُسبل العبادة لهما وتقريبهما من هللا تبارك وتعالى ورضاه‪...‬وتذكيرهما الدائم باهلل ّ‬
‫عز ّ‬
‫وجل ‪...‬‬
‫وما أجمل تلك األخت التي حفظت كتاب هللا عز ّ‬
‫وجل متأملة أن تلبس والديها حلتين ال يقوم لهما أهل‬
‫الدنيا كما في الحديث ‪..‬‬
‫ّبر الوالدين أمر عظيم ‪..‬ويكفي من أننا ُنهينا عن قول كلمة أف لهما كما قال تعالى في كتابه العزيز ‪:‬‬
‫َ َ َ َ ُّ َ َ َّ َ ْ ُ ُ ْ َّ َّ ُ َ ْ َ َ ْ ْ َ ً َّ َ ْ ُ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ ُ ُ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ ُ‬
‫{وقض ى ربك أال تعبدوا ِإال ِإياه و ِبالو ِالدي ِن ِإحسان ُا ِإما يبلغن ِعندك ال ِكبر أحدهما أو ِكالهما فال تقل‬
‫َّ‬
‫ّ َ‬
‫ل ُه َمآ أ ٍّف َوال‬
‫َ ْ َ ْ ُ َ َ ُ َّ ُ َ َ ْ ً َ‬
‫ً‬
‫تنهرهما وقل لهما قوال ك ِريما} (‪ )23‬سورة اإلسراء‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ومن جميل ما قرأت‪ -‬منذ مدة ‪ -‬عن سبب ذكر حق الوالدة تحديدا بعد التوصية بالوالدين معا ألنه ‪-‬‬
‫ً‬
‫وهللا أعلم ‪ -‬أن تعبها و أملها وصبرها ومعاناتها في الوالدة و السهر على راحة األبناء ال ُيرى غالبا وهو‬
‫مجهول بالنسبة لألبناء بعكس األب الذي يرون بأعينهم أن والدهم يوفر لهم امللبس ‪،‬املسكن ‪،‬حاجاتهم‬
‫وطلباتهم املادية‪ ..‬فلذا كان تخصيص األم لبيان عظيم فضلها وجهدها ومشقتها مع األبناء وليحثهم على‬
‫ّبرها و القيام بحقها على أكمل وجه ‪ ..‬و ليعلموا أنها قدمت وتعبت و صبرت و عانت في أمور كثيرة ‪..‬‬
‫وهللا وحده أعلى وأعلم ‪..‬‬
‫ولكم هو مؤسف أن تجد من تقلب زوجها على والديه و ال ترعى لهما حق و بالتالي ال تعينه على ّ‬
‫البر و‬
‫فنذكرهن‬
‫بتقوى هللا وهل هذا جزاء اإلحسان؟ و ّ‬
‫لكن اإليام دول و هللا املستعان ‪..‬‬
‫نسأل هللا تبارك وتعالى أن يعيننا على ّبر والدينا وأن يجعلنا ووالدينا ممن قال فيهم ‪:‬‬
‫َ َّ ُ َ ْ َ ْ ُ ُ َ‬
‫ون َها َو َم ْن َ‬
‫ص َل َح م ْن َآب ِائه ْم َو َأ ْز َواجه ْم َو ُذ ّرَّي ِاته ْم َواملَ َال ِئ َك ُة َي ْد ُخ ُلو َن َع َل ْيهم ّمن ُكلّ‬
‫{جنات عد ٍّن يدخل‬
‫ِ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫اب(‪)23‬‬
‫ب‬
‫ٍّ‬
‫َ َ ٌ ََ ْ ُ َ َ َُْ ْ َ ْ َ ُ ْ‬
‫َّ‬
‫َ‬
‫سالم عليكم ِبما صبرتم ف ِنعم عقبى الد ِار (‪ } })24‬سورة الرعد‪،‬‬
‫فهو املستعان تبارك وتعالى وعليه التكالن ‪..‬وهو ّ‬
‫ولي ذلك والقادر عليه ‪..‬‬
‫معاملة الوالدين‬
‫ليس هناك أحق بالبر واإلحسان في المعاملة من الوالدين‪ ،‬فهما أساس الوجود بعد هللا‪.‬‬
‫ولهما الفضل الكبير على اإلنسان وقد رفع اإلسالم من قدر الوالدين إلى درجة لم تعرفها‬
‫اإلنسانية في غير اإلسالم‪ .‬وجعل هذه المنزلة تلي منزلة اإليمان باهلل قال هللا تعالى ‪:‬‬
‫شر ُكوا ِب ِه َ‬
‫حسانا ً )‬
‫ِدَين إِ َ‬
‫شيئا ً َو َ‬
‫( واَع ُبدُوا ه َ‬
‫بالوال ِ‬
‫هللا َوالَ ُت ِ‬
‫حسانا ً )‬
‫دَين إِ َ‬
‫ضى َر ُب َك أَاله َتع ُبدُوا إِآل إِ هياهُ َو ِب َ‬
‫وقال تعالى ‪َ ( :‬و َق َ‬
‫الوالِ ِ‬
‫وتتجلى معاملة الوالدين في األمور التالية ‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا احتاجا إلى طعام أطعمهما وإذا احتاجا إلى كسوة كساهما إن قدر عليه‪.‬‬
‫‪ -2‬وإذا احتاج أحدهما إلى الخدمة خدمه‪ ،‬وإذا دعواه أجابهما‪.‬‬
‫‪ -3‬وإذا أمراه بأمر أطاعهما ما لم يأمراه بالمعصية والغيبة‪ ،‬وإذا دعواه أجابهما‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يتكلم معهما باللين وال يتكلم معهما بالكالم الغليظ‪ .‬قال هللا تعالى ‪َ ( :‬وقُل له ُه َما َقوالً‬
‫َك ِريما ً )‪.‬‬
‫‪ -5‬أن ال يدعهما باسمهما وإنما يقول أمي وأبي‪ ،‬ويوقرهما ويخفض لهما جناح الذل‪ .‬قال‬
‫الرح َم ِة )‪ -6.‬أن يدعو لهما بالمغفرة كلما يدعو‬
‫اح ال ُّذل ِّ مِنَ ه‬
‫هللا تعالى ‪َ ( :‬واخفِض لَ ُه َما َج َن َ‬
‫لنفسه ( َوقُل هر ِ‬
‫صغِيراً )‪.‬‬
‫ارحم ُه َما َك َما َر هب َيانِي َ‬
‫ب َ‬
‫‪ -6‬أن يبر أهل ودهما‪ ،‬لقول الرسول صلى هللا عليه وسلم فيما رواه مسلم (( أبر البر أن‬
‫يصل الرجل ود والديه ))‪.‬‬
‫‪ - 8‬وبر األم مقدم على بر األب‪ ،‬إذا تعارضا‪ ،‬وذلك ألسباب ثالثة تتميز بها األم‬
‫‪ :‬صعوبة الحمل‪ ،‬وصعوبة الوضع‪ ،‬وصعوبة الرضاع‪.‬‬
‫وفي الحديث المتفق عليه أن رجالً جاء إلى الرسول صلى َّللا عليه وسلم فسأله‬
‫يا رسول َّللا! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فأجابه الرسول صلى َّللا عليه‬
‫وسلم (( أمك )) قال ثم من؟ قال ‪ (( :‬أمك )) قال ‪ :‬ثم من؟ قال ‪ (( :‬أمك )) قال‬
‫ثم من؟ قال ‪ (( :‬أبوك ))‪.‬‬
‫ وتقدم طاعة الوالدين على غيرهما من الطاعات في بعض األمور منها ‪:‬‬‫‪ -1‬ترك المسنونات والتطوع في حالة حاجتهما إلى ابنهما‪ ،‬كترك الصالة النافلة‬
‫والحج النافلة‪ ،‬والجهاد غير الواجب‪ ،‬والصوم نفالً‪ ،‬والسفر للتجارة‪ ،‬واالنتقال‬
‫من بيت إلى بيت أو من بلد إلى بلد‪.‬‬
‫‪ -2‬وتجب مخالفة الوالدين إذا أمرا في غير المعروف من ذلك ‪:‬‬
‫إذا دعواك لتناول طعام محرم‪ .‬وكذلك ليس للوالدين أن يلزما ابنهما بزوجة‬
‫معينة‪ ،‬فمن خالفهما في ذلك ال يعد عاقا ً‪ .‬وأيضا ً إذا أمره والده بطالق زوجته‬
‫فإنه ال يجب ومخالفته ليست من العقوق‪.‬‬
‫أما عقوق الوالدين فكثيرة منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬إبكاؤهما وتحزينهما بقولك أو فعلك‪.‬‬
‫‪ -2‬إدخال المنكرات وفعلها أمامهما‪.‬‬
‫‪ -3‬البراءة منهما والتخلي عنهما‪.‬‬
‫‪ -4‬عدم زيارتهما والسؤال عنهما أو التأخير في ذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬تقديم الزوجة على األم أو األب فيما للوالدين فيه دخل‪.‬‬
‫‪ -6‬لعنهما أو التسبب في ذلك‪.‬‬
‫السلف وبر الوالدين ‪.‬‬
‫لقد طبق السلف رض ي هللا عنهم أعظم صور البر واإلحسان ‪.‬‬
‫أبو هريرة رض ي هللا تعالى عنه كان إذا دخلت البيت قال ألمه ‪ :‬رحمك هللا‬
‫كما ربيتني صغيرا‪ ,‬فتقول أمه ‪ :‬وأنت رحمك هللا كما برتني كبيرا ‪.‬‬
‫ابن مسعود رض ي هللا تعالى عنه أحضر ماء لوالدته فجاء وقد نامت فبقي‬
‫واقف بجانبها حتى استيقظت ثم أعطاها املاء ‪ .‬خاف أن يذهب وتستيقظ‬
‫وال تجد املاء ‪ ,‬وخاف أن ينام فتستيقظ وال تجد املاء فبقي قائما حتى‬
‫استيقظت‪.‬‬
‫وهذا ابن عون أحد التابعين نادته أمه فرفع صوته فندم على هذا الفعل‬
‫وأعتق رقبتين ‪.‬‬
‫كان ابن سيرين إذا كلم أمه كأنه يتضرع وإذا دخلت أمه يتغير وجهه ‪.‬‬
‫كان الحسن البصري ال يأكل من الصحن الواحد مع أمه يخاف أن تسبق يده‬
‫إلى ش يء وأمه تتمنى هذا الش يء ‪.‬‬
‫حيوة ابن شريح أحد التابعين كان يدرس في املسجد وكانت تأتيه أمه فتقول‬
‫ً‬
‫له ‪ :‬قم فاعلف الدجاج فيقوم ويترك التعليم برا بوالدته ولم يعاتبها ولم يقل‬
‫لها أنا في درس ‪ ,‬أنا في محاضره ‪ ,‬أنا في مجلس ذكر ‪.‬‬
‫أما سمعتم بخبر أويس القرني !! هذا الرجل هو الرجل الوحيد الذي زكاه‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم وهو من التابعين وحديثه في صحيح مسلم ‪ ,‬قال‬
‫النبى صلى هللا عليه وسلم للصحابة ‪( :‬يأتيكم أويس ابن عامر من اليمن كان‬
‫به برص فدعى هللا فأذهبه أذهب هللا عنه هذا املرض كان له أم كان له أم هو‬
‫بها بر ‪ .‬يا عمر إذا رأيته فليستغفر لك فمره يستغفر لك )‪.‬‬
‫وفي لفظ أخر قال عنه النبي صلى هللا عليه وسلم عن أويس القرني ( لو‬
‫أقسم على هللا ألبره ) ملاذا أويس حصل على هذه املنزلة؟‬
‫ً‬
‫قال العلماء ألنه كان بارا بوالدته ‪ ,‬املهم جاء يوم من األيام ودخل الحج فكان‬
‫عمر رض ي هللا عنه حريص على أن يقابل هذا الرجل أويس ‪.‬‬
‫فجاء وفد من اليمن فقال عمر رضي هللا عنه ‪ :‬أفيكم أويس ابن عامر فجاء‬
‫أويس رجل متواضع من عامة الناس قال أنت أويس ابن عامر قال ‪ :‬نعم ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬كان بك برص فدعوت هللا فأذهبه ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬إستغفر لي !‬
‫قال ‪ :‬يا عمر أنت خليفة المسلمين !! قال ‪ :‬إن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‬
‫وذكر قصته ‪ ..‬فأويس استغفر له فلما انتشر الخبر أمام الناس اختفى عنهم‬
‫وذهب حتى ال يصيبه العجب أو الثناء فيحبط عمله عند هللا عزوجل ‪.‬‬
‫ما نال هذه المنزله أويس ابن عامر أنه لو أقسم على هللا ألبره إال ببره‬
‫بوالدته رحمه هللا ‪.‬‬
‫قال البخاري رحمه هللا في كتابه األدب باب من بر والديه أجاب هللا دعاءه‬
‫‪,‬وذكر البخاري رحمه هللا وروى حديث الثالثة أصحاب الغار الذين دخلوا في‬
‫الغار من بني إسرائيل فانطبقت عليهم الصخرة فكل واحد منهم دعا هللا بعمل‬
‫فواحد منهم قال اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران ‪.‬‬
‫كان هذا الرجل له والدين كبيرين وكان يذهب يأتي بلبن لهم فيوم من األيام ‪,‬‬
‫جاء بلبن وقد نام والداه فلما وصل إليهما فإذا بهم نائمين انتظر قائما ً حتى‬
‫استيقظا وشربا من اللبن وكره أن يشرب أبناءه من اللبن قبل والديه ‪.‬‬
‫فدعا هللا وقال ‪ :‬اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذالك يعني هذا العمل هذا البر‬
‫بوالدتي ووالدي ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة‬
‫وخرجوا يمشون ‪.‬‬
‫ومن أخبار السلف مع بر الوالدين ‪:‬‬
‫أن ابن معر ريض هللا عهنام لقي رجل أعرايب يف الطريق اىل مكة حفمهل وأعطاه عاممته فقالوا هل‬
‫اي ابن معر هذا رجل أعرايب لو أعطيته يشء عادي لقبهل ‪ ,‬فقال ابن معر ‪ :‬انه اكن صديق‬
‫لعمر يعين اكن صديق لوادلي معر بن اخلطاب ريض هللا عهنام‪.‬‬
‫واكن ابن املنكدر من التابعني يضع خده عىل الرض ويقول لمه قويم ضعي قدمك عىل خدي‬
‫!!‬
‫أين هذا من الذي يرفع الصوت ؟ أين هذا من الذي يضرب‬
‫والديه ؟‬
‫وهذا المام اذلهىب رمحه هللا وأحد العلامء يقال هل قندار مل يرحال يف طلب العمل بر ًا بأهماهتم‬
‫يعين ما خرج من مدينته اليت هو فهيا لن وادلته قالت ‪ :‬ل خترج فبقي يطلب العمل يف هذه‬
‫املدينة حىت ماتت مث سافر قال ‪ :‬أردت اخلروج للعمل فرفضت أيم فأطعهتا فبورك يل يف ذاكل‬
‫وكان بعض التابعين ال يسكن في بيت أمه وهي تحته إجالال لها يعني ما يكون في الدور‬
‫الثاني وهي في الدور األرض ي يعني أدب عالي أن يكون هو فوق وهي تحت‪..‬‬
‫وهذا قمة البر‪ ...‬أيها األخوة قد نستغرب مثل هذه األمور ولكن هكذا يصنع أولياء هللا‬
‫عز وجل ‪.‬‬
‫ بر الوالدين في حديث النبي صلى هللا عليه وسلم ‪:‬‬‫عن عبد هللا ابن مسعود رض ي هللا عنه قال ‪ :‬سألت النبي صلى هللا عليه وسلم أي‬
‫العمل أحب إلى هللا فقال صلى هللا عليه وسلم ( الصالة على وقتها ‪ .‬قلت ثم أي قال بر‬
‫الوالدين ‪ .‬قلت ثم أي ‪ .‬قال الجهاد في سبيل هللا ) ‪.‬‬
‫وعن عبد هللا بن عمر رض ي هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪,‬قال لرجل‬
‫استأذنه في الجهاد أحي والداك ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ففيهما فجاهد ‪ .‬رواه البخاري‪.‬‬
‫بعض الشباب يسمعون مثل هذه األحاديث وال يستجيبون لها ( ففيهما فجاهد ) ماذا‬
‫تفهم أخي الشاب أختي املرأة املؤمنة عندما نسمع مثل هذا الحديث ففيهما فجاهد ؟‬
‫يعني توقع منهما بعض التصرفات التي تحتاج منك أن تجاهد نفسك على قبول هذه‬
‫األخالق من والديك وأنت في جهاد في الحقيقة ‪.‬‬
‫وعنه رض ي هللا عنه أن النبي صلى هللا عليه وسلم قال ‪ ( :‬رض ى الرب في رض ى الوالد‬
‫إن بر الوالدين طريق مختصر إلى رض ى هللا عز وجل ‪..‬‬
‫إذا أرضيت والديك سيرض ى هللا عنك وإذا سخط والديك فلو تقدم أعمال‬
‫صالحه كبيره ‪ ,‬فأبشر بسخط هللا عز وجل عليك ‪.‬‬
‫وفي الحديث اآلخر ‪ (:‬رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه ‪ ,‬يعني يلصق بتراب أنفه ‪,‬‬
‫قيل من يا رسول هللا ‪ :‬قال من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كالهما ثم‬
‫لم يدخل الجنة ) يعني وجود والديك طريق إلى الجنة ‪.‬‬
‫معنى كالمه صلى هللا عليه وسلم إذا أدركت والديك أو أحدهما ولم تدخل‬
‫الجنة بسبب برك بوالديك فيرغم أنفك يعني تستحق أن يلصق بالتراب ألنك‬
‫لم تستغل هذا العمل الصالح الذي يوصلك إلى الجنة‪.‬‬
‫هذه أفكار سريعة توصلك إلى البر ‪:‬‬
‫‪ - 1‬تعود أن تذكر والديك عند المخاطبة بألفاظ االحترام ‪.‬‬
‫أيها األخوة عندما نجلس مع الوالدين ما هي األلفاظ التي نستخدمها ؟؟‬
‫‪ -2‬التحد النظر لوالديك خاصة عند الغضب ‪.‬‬
‫وما أجمل النضرة الحنونة الطيبة ‪ ..‬إن بعض األخوة قد ال يتلفظ على والديه قد‬
‫ال يضرب والديه ولكنه ينظر إلى والديه بنظرات حادة ‪ ,‬وكأنه ينظر إلى رجل‬
‫مجرم ‪.‬‬
‫‪ - 3‬ال تمشي أمام احد والديك بل بجواره أو خلفه وهذا أدب وحبا لهما‪.‬‬
‫‪ - 4‬كلمة ( أف ) معصية للرب وللوالدين فحذرهما وال تنطق بها أبدا أبدا ‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا رأيت أحد والديك يحمل شيء فسارع بالحمل عنه إن كان في مقدورك‬
‫ذلك وقدم لهم العون دائما ً ‪.‬‬
‫‪ -6‬إذا خاطبت أحد والديك فاخفض صوتك وال تقاطع واستمع جيداً حتى ينتهي‬
‫الكالم وإذا احتجت إلى نداء أحد والديك فال ترفع صوتك أكثر مما يسمع بل ناده‬
‫بنداء تعتقد أنه يصل إليه‪..‬‬
‫فضل وثواب بر الوالدين في الدنيا واآلخرة ‪:‬‬
‫لقد وعد َّللا البارين بإبائهم وأمهاتهم بالخير الكثير والفضل العميم‬
‫في الدنيا‪ ،‬والثواب الجزيل واألجر الكبير في اآلخرة‪..‬‬
‫* ما يناله البار بوالديه في الدنيا ‪:‬‬
‫‪ُ .1‬ينسأ له في أجله ‪..‬‬
‫وسع له في رزقه ‪..‬‬
‫‪ُ .2‬ي َّ‬
‫‪ُ .3‬تجاب دعوته‪..‬‬
‫‪ .4‬يبره أبناؤه وأحفادُه ويكافئونه‪.‬‬
‫‪ .5‬يحبه أهله وجيرانه‪.‬‬
‫‪ .6‬تدفع عنه ميتة السوء‪.‬‬
‫‪ .7‬يحمده الناس ويشكرونه‪.‬‬
‫‪ .8‬يرضى عنه ربه لرضا والديه عنه‪.‬‬
‫ُ‬
‫ل‬
‫عن أبي الدرداء رض ي هللا عنه قال‪ :‬سمعت النبي صلى هللا عليه وسلم يقو ‪" :‬الوالد‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫أوضيع"‪.‬‬
‫أوسط باب الجنة‪ ،‬فإن شئت فأحفظ الباب‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ل‬
‫وروى أبوبكر بن حفص أن رجال قال‪ :‬يا رسو هللا‪ ،‬إني أصبت ذنبا عظيما‪ ،‬فهل لي من‬
‫توبة؟ قال‪ :‬هل لك من أم؟ قال‪ :‬ال؛ قال‪ :‬هل لك من خالة؟ قال‪ :‬نعم؛ قال‪ :‬فبرها"‪،‬‬
‫وروي نحوه عن ابن عمر‪.‬‬
‫ً‬
‫وقال مكحول‪" :‬بر الوالدين كفارة للكبائر‪ ،‬وال يزال الرجل قادرا على البر ما دام في‬
‫فصيلته من هو أكبر منه"‪.‬‬
‫جزاء الوالدين‬
‫‪:‬‬
‫ً‬
‫ال يستطيع أحد أن يجزي والديه أو أحدهما إال أن يجده مملوكا فيعتقه‪ ،‬ولكن األبناء‬
‫مطالبون باإلحسان والبر‪،‬‬
‫ً‬
‫وليس باألجزاء‪ ،‬وهللا يبارك في القليل‪ ،‬ويجزي باليسير كثيرا‪.‬‬
‫عن أبي هريرة رض ي هللا عنه عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪" :‬ال يجزي ولد والده إال‬
‫ً‬
‫أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه"‪..‬‬
‫وفقنا هللا وإياكم للبر بوالدينا األحياء منهم واألموات ‪..‬‬
‫األدلة على ذلك ‪/‬‬
‫عن ثوبان رض ي هللا عنه قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬ال يرد القدر إال‬
‫الدعاء‪ ،‬وال يزيد في العمر إال البر"‪.‬‬
‫ً‬
‫* حديث الثالثة الذين دخلوا غارا في جبل فانحطت على فم الغار صخرة فسدته‪ ،‬فقال‬
‫ً‬
‫بعضهم لبعض‪ :‬انظروا أعماال عملتموها صالحة فادعوا هللا بها لعله يفرجها؛ فقال‬
‫أحدهم‪ :‬اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران‪ ،‬ولي صبية صغار‪ ،‬كنت أرعى عليهم‪،‬‬
‫ّ‬
‫بوالدي أسقيهما قبل ولدي‪ ،‬وإنه قد نأى بي طلب‬
‫فإذا رجعت عليهم فحلبت بدأت‬
‫ُ‬
‫الشجر‪ ،‬فما أتيت حتى أمسيت‪ ،‬فوجدتهما قد ناما‪ ،‬فحلبت كما كنت أحلب فجئت‬
‫بالحالب‪ ،‬فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما‪،‬‬
‫والصبية يتضاغون عند قدمي‪ ،‬فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر‪ ،‬فإن كنت‬
‫تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج لنا فرجة نرى منها السماء؛ ففرج هللا لهم حتى‬
‫يرون السماء‪ "..‬الحديث‪.‬‬
‫** فضل وثواب البا ّرين بوالديهم في اآلخرة ‪:‬‬
‫‪ .1‬البر من أقوى أسباب دخول الجنة‪.‬‬
‫‪ .2‬يدخل الجنة مع أول الداخلين‪.‬‬
‫جعل هللا الوالدين موئل السعادة ‪ ،‬وروضة العطف والحنان ‪،‬‬
‫حقهما عظيم ومعروفهما ال يجازى ‪..‬‬
‫وجميلهما يربو على كل جميل من الخلق ‪ ،‬وليس في الناس أعظم‬
‫إحسانا وال أكثر فضال من الوالدين ‪..‬‬
‫بر الوالدين خلق األنبياء ودأب الصالحين ‪ ،‬وسبب تفريج الكربات‬
‫وتنزل البركات ‪ ،‬وإجابة الدعوات ‪..‬‬
‫به ينشرح الصدر وتطيب الحياة ومن كان بارا بوالديه كان سعيدا‬
‫متواضعا ‪..‬‬
‫ذكر الدكتور ‪ :‬ميسرة طاهر‬
‫كان في زيارة لقريب له في مدينة أخرى غير مدينته‬
‫موقف مؤلم‬
‫سمعته ممن رأه‬
‫وفجأة سمع جلبة وضجيج في الحي فخرج من البيت وإال بشاب في عمر الشباب ممسكا برجل كبير‬
‫طاعن في السن‬
‫ويطأ بقدمه على صفحة عنقه بجوار مجرى ملياه املجاري "أكرمكم هللا" وبعدها يضربه على وجهه‬
‫فقام الناس يريدون أن يبطشوا بالشاب‬
‫فنهرهم العجوز قائال‬
‫اتركوه هذا ابني وال ضير فلقد فعلت بأبي هكذا يوم أن كنت في سنه ‪ ...‬أ هـ ‪.‬‬
‫فال حول والقوة إال باهلل العلي العظيم‬
‫الجزاء من جنس العمل‬
‫وقد عجلت العقوبة في الدنيا وهللا أعلم ما ينتظره في اآلخرة‬
‫نسأل هللا السالمة واملعافاة ‪..‬‬
‫((ووصينا االنسان بوالديه إحسانا))‪...‬االيه‬
‫‪1‬ـ شان الوالدين عظيم ولذالك امر هللا االنسان باإلحسان لوالديه بصيغة‬
‫التوصية ؛ وهي االمر‬
‫الجازم املؤكد‬
‫‪2‬ـ مهمت قام االنسان لخدمة والديه فإنه ال يمكن ان يرد جميلهما ؛ لقول‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫ً‬
‫(ال يجززي ولد والده إال أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه)‬
‫رواه مسلم ‪ ،‬كتاب العتق‬