التدبر وأثره في حياة السلف بهجت بن يحيى العمودي لماذا التدبر ؟ ما هو التدبر ؟ من هو المتدبر ؟
Download
Report
Transcript التدبر وأثره في حياة السلف بهجت بن يحيى العمودي لماذا التدبر ؟ ما هو التدبر ؟ من هو المتدبر ؟
التدبر وأثره في حياة
السلف
بهجت بن يحيى العمودي
لماذا التدبر ؟ ما هو التدبر ؟
من هو المتدبر ؟
ألن ترك التدبر حال أقوام عن االنتفاع به
على الرغم من خصائصه التي أودعها هللا
فيه" .كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته
وليتذكر أولوا األلباب”
فيخشى أن تكون حال من يقرأ ويحفظ دون تدبر
ُ
كحال من سبقنا من األمم التي عاب هللا عليها
مثل ذلك اليهود والنصارى
فيخشى على من قرأ القرآن ولم يتدبره ويتأثر به
ويعمل به أن يلحقه شيء من ذلك.
وهنا يعرض السؤال
ما هو التدبر ؟
هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دالالت
الكلم ومراميه البعيدة .وهذا يدفع للعمل بما تم
تدبره الستحضار العاقبة،
قال ابن القيم رحمه هللا تعالى:
" تحديق ناظر القلب إلى معانيه ،وجمع
الفكر على تدبره وتعقله"
فهو إذن يشتمل على ثالثة أمور:
-1رؤية معانيه ومراميه بجالء ومعرفتها
بوضوح.
-2جمع الفكر على تدبره.
-3جمع الفكر على تعقله.
فابن القيم جعل مطالعة المعاني أمر،
والتفكر أمر ثان ،والتعقل شيء ثالث ،وهي
معان متقاربة إذا اجتمعت حصل التأمل.
من هو المتدبر ؟
أثر عن الحسن قوله" :إن هذا القران قرأه عبيد
وصبيان لم يأخذوه من أوله ،وال علم لهم بتأويله،
إن أحق الناس بهذا القران من رئي في عمله قال
هللا _تبارك وتعالى_" :كتاب أنزلناه إليك مبارك
ليدبروا آياته وليتذكر أولوا األلباب" وإنما تدبر آياته
إتباعه بعمله ،يقول أحدهم لصاحبه :تعال أقارئك
وهللا ما كانت القراء تفعل هذا وهللا ما هم بالقراء
وال الورعة ال كثر هللا في الناس أمثالهم ال كثر هللا
في الناس أمثالهم" .فجعل تدبره إتباعه بعمل
ألنه األمر الذي تدعو إليه عاقبته عند من تأمله
قالوا عن التدبر .......
قال ابن القيم رحمه هللا " :ليس شيء أنفع للعبد
في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته :من تدبر القرآن
وإطالة التأمل فيه ،وجمع الفكر على معاني آياته”
فإن التدبر في كتاب هللا مفتاح كل خير ،ومغالق كل
شر
قال السعدي رحمه هللا" :تدبر كتاب هللا مفتاح للعلوم والمعارف،
وبه يستنتج كل خير ،وتستخرج منه جميع العلوم ،وبه يزداد
يعرف بالرب المعبود ،وما
اإليمان في القلب وترسخ شجرته .فإنه ِّ
ويعرف
له من صفات الكمال; وما ينزه عنه من سمات النقص،
ِّ
الطريق الموصلة إليه وصفة أهلها ،وما لهم عند القدوم عليه،
ويعرف العدو الذي هو العدو على الحقيقة ،والطريق الموصلة إلى
ِّ
العذاب ،وصفة أهلها ،وما لهم عند وجود أسباب العقاب .وكلما
ازداد العبد تأمال ً فيه ازداد علماً وعمال ً وبصيرة"
أثر التدبر في حياة السلف رحمهم هللا تعالى
قال عبدهللا بن عروة بن الزبير :قلت لجدتي
أسماء بنت أبي بكر كيف كان أصحاب رسول
هللا صلى هللا عليه وسلم إذا سمعوا القرآن
؟
قالت ( :تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم كما
نعتهم هللا ) ...
إن وقفة مع بعض ما حفظته السنة من تعامل الصحابة وتلقيهم الحي
للقرآن العظيم يعجب منها اإلنسان ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة
ه ما فِي
رضي هللا عنه قال :نزل على رسول هللا قول هللا جل وعال﴿ :لِلَّ ِ
ت وما فِي أ
ه
س أب ُ
س ُ
م بِ ِ
م أو ُتخأ ُفو ُه ُيحا ِ
ض وإِنأ ُت أب ُدوا ما فِي أ أن ُف ِ
السماوا ِ
ك أ
ك أ
َّ
األ أر ِ
ن يشا ُء﴾هذه اآلية يحفظها كثير منا ويقرؤها
ن يشا ُء و ُيع ِ
اللَّ ُ
بم أ
ه في أغ ِف ُر لِم أ
ذ ُ
كثير منا لكنها ال تستوقف أكثرنا وذلك ألننا نقرأ القرآن ال على وجه التلقي
لما فيه من المعاني نقرأ القرآن طلباً لألجر بقراءة لفظه دون نظر إلى ما
تضمنه من المعنى ،صحابة رسول هللا صلى هللا عليه وعلى آله وسلم لما
أنزل هللا جل وعال على رسول هللا eهذه اآلية التي فيها إثبات الملك هلل
عز وجل إثبات ما في السماوات وما في األرض له سبحانه وتعالى وأنه
جل وعال يحاسب الناس على ما دار في صدورهم وما جال في نفوسهم
ولو لم يتكلموا به و لو لم يعملوا صحابة رسول هللا لما سمعوا هذا اشتد
عليهم األمر فأتوا إلى رسول هللا eكما في الصحيحين ثم بركوا على
الركب أي جلسوا على الركب من شدة ما جاءهم في هذه اآلية فقالوا :يا
رسول هللا كلفنا من العمل ما نطيق :الصالة ،الصيام ،الجهاد ،الصدقة –أي
كل هذا نطيقه -وقد نزلت علينا آية ال نطيقها فقال رسول هللا eمؤدباً
هؤالء معلماً لهم كيف يتلقون القرآن ،كيف يتلقون كالم رب العالمين ،قال
لهم " e:أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم سمعنا
وعصينا؟ قولوا :سمعنا وأطعنا
فما كان منهم رضي هللا عنهم إال أن انقادوا إلى توجيه
النبي وقالوا :سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير،
فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم وتكلموا بها
وقرؤوها وقبلوها قبوال ً تاماً جاء التخفيف من رب
ل
العالمين جاء الفرج من هللا جل وعال الذي قال﴿ :ما يفأع ُ
م﴾ ما يفعل هللا بعذابكم أي
ه بِعذابِ ُ
م وآم أن ُت أ
م إِنأ شك أر ُت أ
ك أ
الل َّ ُ
بإلحاق المشقة بكم إن شكرتم وآمنتم جاء الفرج من
هللا جل وعال لهذه األمة ونزل في كتاب هللا جل وعال
تزكيتها وبيان فضل صحابة رسول هللا eفقال هللا جل
ك ٌّ
ل
م ُنون ُ
م أؤ ِ
ن ربِ ِ
ه ِ
زل إِل أي ِ
م أ
ه وا أل ُ
س ُ
وعال﴿ :آمن ال َّر ُ
ول بِما ُأ أن ِ
ن
د ِ
ر ُ
سلِ ِ
ك ُت ِب ِ
هو ُ
ه ومالئِكتِ ِ
آمن بِاللَّ ِ
ق ب أين أح ٍ
م أ
ه و ُر ُ
ه ال ُنف ِ
صي ُر *
معأنا وأطعأنا غُ فأرانك ربَّنا وإِل أيك ا ألم ِ
ه وقالُوا س ِ
سلِ ِ
ُر ُ
سعها﴾فجاء التخفيف من رب
ه نفأساً إِ َّال ُو أ
ف الل َّ ُ
ال ُيك ِل ُ
العالمين بعد إثبات إيمانهم وقبولهم لما جاء عن هللا
وعن رسوله.
في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي هللا عنه أن هللا جل وعال لما
م
أنزل قوله سبحانه وتعالى على رسوله﴿ :الَّ ِ
سوا إِيمان ُه أ
ذين آم ُنوا ول أ
م ي أل ِب ُ
م أ
م أهت ُدون) هذه اآلية فيها البشارة من هللا جل
ن وهُ أ
األ أ
بِظُ أل ٍ
م ُ
م ُ
م ُأول ِئك ل ُه ُ
سوا
وعال لمن آمن وسلم من أن يخلط إيمانه بظلم فقوله تعالى ﴿ول أ
م ي ألبِ ُ
م﴾ أي لم يخلطوه بظلمُ ،
م أ
م أهت ُدون﴾ لهم
ن وهُ أ
األ أ
إِيمان ُه أ
م بِظُ أل ٍ
م ُ
م ُ
﴿أولئِك ل ُه ُ
األمن في الدنيا واآلخرة ،وهم مهتدون أيضاً في الدنيا واآلخرة ألن الهداية
المسؤولة والمثبتة ألهل اإليمان ليست فقط في الدنيا بل الهداية في
الدنيا واآلخرة وهداية اآلخرة أعظم من هداية الدنيا لكنها ال تكون إال لمن
اهتدى في الدنيا ألن هداية اآلخرة بها النجاة من أهوال ذلك الموقف
سكارى
سكارى وما هُ أ
م بِ ُ
العظيم الذي تشيب فيه الولدان ﴿وترى ال َّناس ُ
د﴾ذلك اليوم يحتاج به اإلنسان إلى هداية يخرج بها
هش ِ
ن عذاب اللَّ ِ
دي ٌ
ولكِ َّ
من تلك األهوال ينجو بها من تلك المزالق يجوز بها الصراط فإنه لو لم
يهده هللا جل وعال إلى اجتياز الصراط لما اجتاز ولما تمكن من السالمة
من صراط ورد في وصفه أنه أدق من الشعر وأحد من السيف.
روى ابن أبي الدنيا من حديث عبدالرحمن بن
الحارث بن هشام ،قال :سمعت عبدهللا بن
حنظلة يوما وهو على فراشه وعدته من علته ،
فتال رجل عنده هذه اآلية { لهم من جهنم مهاد
ومن فوقهم غواش } فبكى حتى ظننت أن
نفسه ستخرج ،وقال :صاروا بين أطباق النار
ثم قام على رجليه ،فقال قائل :
يا أبا عبدالرحمن اقعد ،قال منعني القعود ذكر
جهنم ولعلي أحدهم .
فهم للقرآن واتهام للنفس
قال ابن أبي مليكة :صحبت ابن عباس -يعني
في السفر -فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل
القرآن حرفا حرفا ويكثر في ذلك من النشيج
والنحيب .
فكيف هو حالنا إذا قام أحدنا ...من من
وإعجاب بالنفس ..
أم انكسار وذل بين يدي هللا
ومن حديث أبي بكر بن عياش قال :صليت
خلف الفضيل بن عياض صالة المغرب وإلى
جانبي علي بن الفضيل فقرأ الفضيل { الهاكم
التكاثر } فلما بلغ { لترون الجحيم } سقط علي
مغشيا عليه ،وبقي الفضيل ال يقدر يجاوز اآليه
،ثم صلى بنا صالة خائف ،
كم تقرأ علينا هذه السورة الكريمة في
المغرب فهل تفكرنا فيها ناهيك عن
التأثر بها
سمع عمر بن الخطاب رضي هللا عنه رجال
يتهجد في الليل ويقرأ سورة الطور فلما بلغ إلى
قوله تعالى { إن عذاب ربك لواقع ،ما له من
دافع }
قال عمر :قسم ورب الكعبة حق ،ثم رجع إلى
منزله فمرض شهرا يعوده الناس ال يدرون ما
مرضه .
تأمل ذلك ...وتذكر من هو عمر :الخليفة الثاني ..المبشر
بالجنة ..ملهم هذه األمة ..الشديد في الحق ..من يفرق
منه الشيطان وهذا حاله مع كتاب رب العالمين
فما لنا نحن
سئلت زوجة الحسن البصري عن حاله مع
القرآن -فقالت :رأيته فتح المصحف ،فرأيت
عينيه تسيالن وشفتيه ال تتحركان
تأمل وتعقل وتفكر .....تحركت معه
كوامن القلب فترجمتها العينان
بالدموع حين يعجز اللسان عن الكالم
.إجالال ً لعظمة الرحمن
أما إخواننا من الجن فلم ينتهوا إذ سمعوه حتى
ش ِّد َفآَ َم َّنا
س ِّ
م ْع َنا ُق ْرآَنًا َع َ
قالوا{ :إِّنَّا َ
ج ًبا يَ ْه ِّدي إِّلَى ال ُّر ْ
ه)
بِّ ِّ
ما
ح َ
ض ُرو ُه َقالُوا أَ ْن ِّ
ما َ
ص ُتوا َفلَ َّ
ومنهم من سمع القرآن { َفلَ َّ
ين)
ُق ِّ
م ُم ْن ِّذ ِّر َ
ض َ
ي َول َّ ْوا إِّلَى َق ْو ِّم ِّه ْ
بل كانوا أحسن ردا من البشر عندما تلى النبي صلى
هللا عليه وسلم عليهم سورة الرحمن فقالوا
وال بشيء من آالئك ربنا نكذب
وما هذا إال لشدة تأثرهم النابع من التدبر
والتفكر.
تطبيقات عملية من الحياة اليومية :
سورة الفاتحة
نزول البالء ووقوع المصائب
الحب والبغض لبعض األمور في الحياة العامة
التقصير في الصالة
االستغفار
االستشفاء بالتدبر
لماذا لم ننتفع بالمواعظ
فما كان من صواب من هللا
وماكان من خطأ فمن نفسي
والشيطان
وآخر دعوانا ان الحمد هلل رب العالمين