عمر بن عبدالعزيز نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي إعداد : متعب بن راشد الغنام إشراف الدكتور : مشعل بن سليمان العنزي تمهيد هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي.
Download ReportTranscript عمر بن عبدالعزيز نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي إعداد : متعب بن راشد الغنام إشراف الدكتور : مشعل بن سليمان العنزي تمهيد هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي.
Slide 1
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 2
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 3
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 4
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 5
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 6
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 7
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 8
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 9
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 10
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 11
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 12
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 2
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 3
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 4
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 5
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 6
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 7
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 8
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 9
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 10
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 11
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.
Slide 12
عمر بن عبدالعزيز
نموذج قيادي من التاريخ اإلسالمي
إعداد:
متعب بن راشد الغنام
إشراف الدكتور:
مشعل بن سليمان العنزي
تمهيد
هو عمر بن عبد العزيز األموي القرشي ,يكنى بأبي حفص .ثامن
الخلفاء األمويين ،خامس الخلفاء الراشدين ،ويرجع نسبه من أمه إلى
عمر بن الخطاب حيث كانت أمه هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن
عمر بن الخطاب وبذلك يصبح الخليفة عمر بن الخطاب جد الخليفة
عمر بن عبد العزيز .ولد عام 61هـ بالمدينة وهو قول أكثر
المؤرخين .وقد تلقى علومه وأصول الدين على يد صالح بن كيسان
في المدينة المنورة ثم استدعاه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان إلى
دمشق عاصمة الدولة األموية وزوجه ابنته فاطمة بنت عبد الملك بن
مروان (بنت عمه) وعينه أميراً على إمارة صغيرة بالقرب من حلب
تسمى دير سمعان وظل واليا ً عليها حتى سنة 86هـ.
اسمه ونسبه :
هو :عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن
أمية.
صفته :
ذكر سعيد بن عفير أنه كان أسمر رقيق الوجه حسنه نحيف الجسم
حسن اللحية غائر العينين بجبهته أثر نفحة دابة قد خطه الشيب
وقال إسماعيل الخطبي أنه رأى نحو ذلك في بعض الكتب وقال
أبيض جميل بجبهته أثر حافر دابة فلذلك سمي أشج بني أمية.
مكانته العلمية وواليته للمدينة :
لقب بخامس الخلفاء الراشدين لسيره في خالفته سيرة الخلفاء
الراشدين .تولى الخالفة بعد سليمان بن عبد الملك في دمشق سنة
99هـ وقد سمي الخليفة العادل لمكانته وعدله في الحكم .في ربيع
األول من عام 87هـ والّه الخليفة الوليد بن عبد الملك إمارة المدينة
المنورة ،ثم ضم إليه والية الطائف سنة 91هـ .وبذلك صار واليآ
على الحجاز كلها .
واليته على المدينة المنورة وأعماله فيها :
بنى في مدة واليته المسجد النبوي ووسعه عن أمر الوليد بن عبد الملك
له بذلك .اتسعت واليته فصار واليا ً على الحجاز كلها ،وراح ينشر
بين الناس العدل واألمن ،وراح يذيقهم حالوة الرحمة ،وسكينة
النفس ،نائيا ً بنفسه عن مظالم العهد وآثامه ،متحديا ً جباريه وطغاته،
وعلى رأسهم الحجاج بن يوسف الثقفي ،وكان عمر يمقته أشد المقت
بسبب طغيانه و َعسْفه .
في عهد سليمان بن عبد الملك :
قيل إن سليمان بن عبد الملك حج فرأى الخالئق بالموقف فقال لعمر:
أما ترى هذا الخلق ال يحصي عددهم إال هللا ؟ قال :هؤالء اليوم
رعيتك ،وهم غداً خصماؤك .فبكى بكا ًء شديداً .اصطحبه الخليفة
سليمان بن عبد الملك يوما ً لزيارة بعض معسكرات الجيش وأمام
معسكر يعج بالعتاد والرجال ،سأله سليمان في زهوه" :ما تقول في
هذا الذي ترى يا عمر؟" فقال" :أرى دنيا ،يأكل بعضها بعضا ً
وأنت المسؤول عنها والمأخوذ بها" فقال له بعد أن بُهت" :ما
أعجبك!!" فقال عمر" :بل ما أعجب من عرف هللا فعصاه،
وعرف الشيطان فاتبعه ،وعرف الدنيا فركن إليها".
مبايعته للخالفة :
بويع بالخالفة بعد وفاة سليمان بن عبد الملك وهو لها كاره فأمر فنودي
في الناس بالصالة ،فاجتمع الناس إلى المسجد ،فلما اكتملت جموعهم،
قام فيهم خطيبًا ،فحمد هللا ثم أثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال :أيها
الناس إني قد ابتليت بهذا األمر على غير رأي مني فيه وال طلب له وال
مشورة من المسلمين ،وإني خلعت ما في أعناقكم من بيعتي ،فاختاروا
ألنفسكم خليفة ترضونه .فصاح الناس صيحة واحدة :قد اخترناك يا
أمير المؤمنين ورضينا بك ،فَ َّو ِل أمرنا باليمن والبركة .فأخذ يحض
الناس على التقوى ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في اآلخرة ،ثم قال لهم:
" أيها الناس من أطاع هللا وجبت طاعته ،ومن عصى هللا فال طاعة له
على أحد ،أيها الناس أطيعوني ما أطعت هللا فيكم ،فإن عصيت هللا فال
طاعة لي عليكم" ثم نزل عن المنبر.
نماذج من عدله :
اشتهرت خالفة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم العدل والرخاء
في أرجاء البالد اإلسالمية حتى أن الرجل كان ليخرج الزكاة من أمواله
فيبحث عن الفقراء فال يجد من في حاجة إليها.
تواضعه وزهده :
اشتهى عمر تفاحاً ،فقال لو كان لنا شيء من التفاح ،فإنه طيب الريح
طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحاً ،فلما جاء به قال
عمر :ما أطيب ريحه وأحسنه ،أرفعه يا غالم فاقرئ فالنا ً منا السالم
وقل لهُ :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب .فقال الرجل :يا أمير
المؤمنين ،ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلى
هللا عليه وسلم كان يأكل الهدية ،وال يأكل الصدقة ،فقال :ويحك ،إن
الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة.
سياسته الداخلية :
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخالفة تمرّس باإلدارة واليًا
وحاك ًما ،واقترب من صانعي القرار ،ورأى عن كثب كيف تُدار
الدولة ،وخبر األعوان والمساعدين؛ فلما تولى الخالفة كان لديه
من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه على تحمل المسؤولية
ومباشرة مهام الدولة ،وأضاف إلى ذلك أن ترفَّع عن أبهة الحكم
ومباهج السلطة ،وحرص على المال العام ،وحافظ على الجهد
والوقت ،ودقَّق في اختيار الوالة ،وكانت لديه رغبة صادقة في
تطبيق العدل.
وخالصة القول :أن عمر بن عبد العزيز رجل زهد ووالية
ووجد نفسهُ فجأة خليفة؛ بل كان رجل دولة أستشعر األمانة،
وراقب هللا فيما أُوكل إليه ،وتحمل مسؤولية دولته الكبيرة بج ٍّد
واجتهاد؛ فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير.
أهم أعماله :
بدأ بنفسه فجردها من كل نعيم زائل ،وأعاد األراضي واألموال التي
وهبت له ولزوجته وأوالده إلى بيت مال المسلمين.
عزل الوالة الظالمين ،وعين بدال منهم والة عرفوا بالتقوى والصالح
وحسن السيرة.
أسقط الجزية عمن أسلم من أهل البلدان المفتوحة .
اهتم بالنواحي االقتصادية كإصالح كثير من األراضي الزراعية،
إقراض المزارعين ،حفر اآلبار ،شق الطرق ،وتوحيد المكاييل
والموازين في جميع أنحاء الدولة األموية.
فتح باب الحوار مع الخوارج واستمالهم بالحجة ,فغلبهم بأخالقه
وعلمه ،وانصاع كثير منهم للحق.
اهتم بالناحية العلمية ،فشجع الناس على حفظ القرآن الكريم ،وأمر
بتدوين الحديث النبوي وجمعه.
أمر بعودة الجيش المحاصر للقسطنطينية ،رأفة بالجند الذين تعرضوا
للجوع ،والبرد ،والطاعون.
نتائج سياساته :
اعتناق كثير من الناس اإلسالم ،لما عرفوا عدله بين الناس ،وإيقافه
لحروب كثيرة ،ومكاتبته الملوك والدعوة إلى اإلسالم بالحكمة
والموعظة الحسنة .
قل نفوذ المعارضين للحكم األموي.
تحسنت أحوال المسلمين وارتفع مستواهم المعيشي ،وانعدمت طبقة
الفقراء .
وفاته:
توفي الخليفة األموي عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ ودفن في
منطقة دير سمعان من أعمال معرة النعمان بالقرب من حلب بالشام
(سوريا) .وقد قال بعض المؤرخين أن عمر عبد العزيز قد قتل
مسموما على أيدى بعض أمراء بني أمية بعد أن أوقف عطاياهم
وصادر ممتلكاتهم وأعادها إلى بيت مال المسلمين وهذا الرأي
األرجح .استمرت خالفته فترة قصيرة جداً ،فلم تطل مدة خالفته
سوى عامين وخمسه أشهر ،ثم حضره أجله والقى ربه عادالً في
الرعية قائما ً فيها بأمر هللا .وعندما توفي لم يكن في سجنه سجين
واحد.