عقبات في طريق المرأة الداعية عقبات في طريق المرأة الداعية إن من حكمة هللا تعالى أن يبتلي عباده بالسراء والضراء ، والشر والخير
Download
Report
Transcript عقبات في طريق المرأة الداعية عقبات في طريق المرأة الداعية إن من حكمة هللا تعالى أن يبتلي عباده بالسراء والضراء ، والشر والخير
عقبات في طريق المرأة الداعية
عقبات في طريق المرأة الداعية
إن من حكمة هللا تعالى أن يبتلي عباده بالسراء والضراء ،والشر والخير ،فتنة،ليعلم الذين صدقوا،
ويعلم الكاذبين ,وليمحص هللا الذين آمنوا ,ويمحق الكافرين.
هذا االبتالء في حق املؤمنين على قدر إيمانهم ،لحكم بالغة ،وآثار حميدة,وقال صلى هللا عليه وسلم" :أشد
ً
الناس بالء األنبياء ،ثم األمثل ،فاألمثل .يبتلى الرجل على حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلبا اشتد
بالؤه ،و إن كان في دينه رقة ،ابتلي على قدر دينه ،فما يبرح البالء بالعبد حتى يتركه يمش ي على األرض
و ما عليه خطيئة”(.رواه أحمد)
ومن االبتالء ما يعرض لطالب العلم ويشتد ،واآلمر باملعروف ،والناهي عن املنكر ،والداعي إلى هللا ،من
صنوف العوائق والعقبات ،التي يستخرج هللا بها خبيئة نفسه،ويزكيه بها إن هو لزم كلمة التقوى،
واستبصر ،واستعان بمعبودة ،للوصول إلى مقصوده ،ولم يستسلم لضعفه ،أو هواه؛ بل توكل على
مواله ,وفيما يلي جملة من العقبات التي قد تواجه األخوات الداعيات في طريق الدعوة.
وبيان طرائق تخطيها• -:
ً
أوال :عقبات ذاتية-:
* الخوف من الرياء:
وهو عائق نفس ي ينشأ عن املبالغة في التحسس من الرياء ،والخوف من الوقوع في النفاق ,نتيجة لعدم فهم النصوص
الشرعية ،مع الورع الناش ئ من عدم التمييز بين ما تتناوله النصوص ،وما ال يدخل فيها؛فيفض ي ذلك ,لدى كثير من
النفس يمنعها من العطاء واملشاركة؛ بل ربما منعهم
الصالحين والصالحات ،إلى ازورار ،وانسحاب ،وإزر ٍاء بالغ على
ً
ذلك من فعل بعض العبادات الخاصة,والبد أن يتيقن املؤمن أن كثيرا من شرائع الدين ال تتم إال عالنية ،كالوالية
العظمى ،واإلمامة ،والخطابة ،والقضاء ،والفتيا ،والتعليم,وال بد لهذه الواليات الشرعية ،واملناصب الدينية أن
ينتدب لها من يقوم بها قدر الطاقة ،وإال تعطلت مقاصد الشريعة ،وفروض الكفايات ،وأثم الجميع ,والواجب على
املؤمن واملؤمنة تصحيح نيته األولى ,وعدم االلتفات إلى املزعجات الشيطانية التي تتلبس بلبوس الورع الكاذب،
فتفوت على العبد مصالحه ،وعلى األمة رسالتها.
ذر رض ي هللا عنه ،قال :قيل لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم ( :أرأيت الرجل يعمل العمل الخير ،ويحمده الناس
عن أبي ٍ
عليه ؟ قال" :تلك عاجل بشرى املؤمن" ( رواه مسلم ) ,وقال" :من سرته حسناته ،وساءته سيئاته فذلك املؤمن" ) (.رواه
أحمد والترمذي ،وقال :حسن صحيح غريب)
وقال الفضيل بن عياض ،رحمه هللا" :ترك العمل من أجل الناس رياء .والعمل من أجل الناس شرك ,واإلخالص أن
يعافيك هللا منهما”.
:-الخوف االجتماعي *
Social Phopia
وهو نوع من أنواع الخوف املَ َرض ي ( ُّ
الرهاب) ,وهو" :الشعور بخوف شديد من ش يء معين،
ً
عادة ال تتناسب شدة هذا الخوف مع خطورة الش يء الذي يخاف منه ”
وينتشر هذا الرهاب في املجتمعات العربية ،ويعتبر األكثر بين أنواع الرهاب ،ونسبته تزيد عن الرهاب البسيط،
ورهاب األماكن املفتوحة ,وظهرت عدة دراسات تقول :إن الرهاب االجتماعي منتشر في املجتمع السعودي,
والشخص املصاب بهذا النوع من الرهاب ال يستطيع التحدث أمام مجموعة من الناس ،وال يستطيع
مخاطبة مسؤول ،وبشكل عام؛ فإنه يخاف بشدة أن يكون في موقع يكون فيه موضع تقييم ،أو محط األنظار
.من ِق َبل اآلخرين
ً
وعالج الرهاب :يعتمد أساسا على العالج السلوكي ،وكذلك العالج املعرفي ،وبعض األدوية
.خاصة األدوية املضادة لالكتئاب
والعالج السلوكي :في مجمله يعتمد على ما يعرف بالتعريض,والتعريض يعني أن يقوم الشخص
.الذي يعاني من الرهاب بمواجهة خوفه
وأما العالج املعرفي:يتلخص في أن يتم تحديد األفكار الخاطئة التي تمنع الشخص من أن
يتصرف بصورة طبيعية ،ومن ثم يتعلم كيف يتحدى هذه األفكار الخاطئة ،ويغيرها؟ أو كيف
يتعامل مع هذه األفكار بصورة إيجابية؟
”.وأما العالج الدوائي :فيتمثل في استخدام األدوية الخاصة بعالج االكتئاب,واألدوية املهدئة
* الخجل-:
وهو نوع من أنواع الحياء ُ
غير محمود ,وأصل الحياء،وكما قال الجرجاني" :انقباض النفس من
ش يء ،وتركه حذرا من اللوم فيه“ .
وهو نوعان:
نفساني :وهو الذي خلقه هللا تعالى في النفوس كلها؛ كالحياء من كشف العورة ،والجماع بين الناس.
ً
وإيماني :وهو أن يمنع املؤمن من فعل املعاص ي خوفا من هللا تعالى.
ً
فالخجل ،إذا ،نوع من الحياء يمنع املؤمن من فعل بعض الطاعات ،أو من تحصيل بعض املصالح،
ً
َ
خوفا من الخلق ,وقد روى اإلمام البخاري ،تعليقا ،عن عائشة ،رض ي هللا عنها" :نعم النساء نساء األنصار لم يمنعهن الحياء أن
يتفقهن في الدين" .
ثم ساق بسنده عن أم سلمة،رض ي هللا عنها ،قالت" :جاءت أم سليم إلى رسول هللا صلى هللا عليه وسلم,فقالت :يا رسول هللا,
إن هللا ال يستحيي من الحق ,فهل على املرأة من غسل ،إذا احتلمت ؟ قال النبي صلى هللا عليه وسلم :إذا رأت املاء:ومن
شواهد الخجل املذموم ,عند بعض األخوات ،تخاذلها عن إنكار املنكر في املناسبات العامة؛كحفالت األعراس ،ونحوها،
وعدم االحتساب على
بنات جنسها في األسواق واملتنزهات ،مما يؤول بها إلى أحد حالين :إما االنسحاب من الحياة
العامة ،أو استمراء املنكر ،وغض الطرف عنه؛فينبغي لألخت املوفقة أن تتخطى حواجز الخجل ,وأن
تكتسب الجرأة األدبية ،والشجاعة املعنوية ,والدربة على اإللقاء ،واملحاضرة ،والحوار ،واملجادلة بالتي
هي أحسن,وال بأس في هذا الصدد أن تنمي قدراتها عن طريق االلتحاق بدورات املهارات
والحلم بالتحلم.
الشخصية ,فإن العلم بالتعلمِ ,
الكسل-:
عن عائشة ,قالت :كان النبي صلى هللا عليه وسلم يقول ” :اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم ,واملغرم
واملأثم" متفق عليه ,وكان يستعيذ منه في أذكار طرفي النهار؛ فعن عبد هللا ,قال :كان رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
إذا أمس ى قال" :أمسينا وأمس ى امللك هلل ,والحمد هلل ,وال إله إال هللا وحده ال شريك له له امللك ,وله الحمد وهو
على كل ش يء قدير ,اللهم إني أسألك من خير هذه الليلة وخير ما فيها ,وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها ,اللهم
إني أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر ،وفتنة الدنيا وعذاب القبر”,وإذا أصبح قال أيضا":أصبحنا
وأصبح امللك هلل ”.رواه مسلم
بضحيته يستصعب السهل ،ويستطيل الطريق ،وويكثر
فالكسل :آفة توهن النفس ،وترخي البدن ؛ فإذا
ً
االحتماالت ،ويقع في دوامة التسويف ،فيصبح أمره فرطا.
َ َ
َ َ َ َّ َ َّ
َّ َ
وعالجه :العزيمة ،والتوكل ،واالستعانة باهلل ،وإصالح التفكير,قال تعالى{ :ف ِإذا َع َز ْمت فت َوك ْل َعلى الل ِه ِإ َّن الله
ُ ُّ ْ ُ َ َ َ
ي ِحب املتو ِك ِلين}( .آل عمران)159/
وقال صلى هللا عليه وسلم" :اللهم إني أسألك الثبات في األمر ،والعزيمة على الرشد”( .رواه أحمد وأهل السنن)
وقال" :املؤمن القوي خير وأحب إلى هللا من املؤمن الضعيف ،وفي كل خير .احرص
على ما ينفعك ،واستعن باهلل ،وال تعجز ,وإن أصابك ش يء فال تقل :لو أني فعلت كان كذا
وكذا ,ولكن قل قدر هللا وما شاء فعل ,فإن لو تفتح عمل الشيطان" (.رواه مسلم)
وفيه إصالح التفكير ،أسلوب املواجهة لألمور املاضية واملستقبلة.
ً
ثانيا :عقبات أسرية:
-
األزواج في تقديرهم ,وتحملهم للدور الدعوي الذي يمكن أن تؤديه أزواجهم,وحين يكون الزوج غير مكترث بقضية
الــزوج :يتفاوت
ٌ
الدعوة ,أو ًأنه مدرك لذلك ،لكن غير مستعد للتضحية،والتنازل عن بعض حقوق العشرة الزوجية التامة ،فإنه حينئذ،
يصبح عقبة في طريق مشروع زوجته الداعية.
فينبغي عليها ما يلي:
· تبصير الزوج بأهمية الدعوة النسائية ،وعظيم أثرها على الفرد واملجتمع.
· تذكيره باالحتساب على هللا,وأنه بتحمله وتضحيته شريك في الثواب.
ً
ً
وخدميا ،عن بعض ما يفوته ،وعدم إهماله.
،
عاطفيا
· االجتهاد في تعويضه
ِ
األوالد :لألوالد من بنين وبنات حق التربية والرعاية ,وال يستقيم أن تشغلً املرأة الداعية نفسها بإصالح بيوت األبعدين ،وبيته ًا
خراب؛ فينبغي أن تبدأ بنفسها ومن تعول ،وأن تحسب ذلك ً
جزء أساسيا من مشروعها الدعوي؛ ألنه يعطي اآلخرين انطباعا
ً
قويا عن مصداقيتها ,وحين تهمل الداعية أوالدها ،ينقلبون إلى عوائق في مشروعها ،و يرتد ذلك بأثر سلبي عليها وعلى دعوتها،
من جهتين:
ما قد يسببونه لها من إزعاج ،وإثقال ،وعدم تقدير ملقاصدها.
· اهتزاز ثقة املدعوين بخطابها ,مستدلين بواقعها املنزلي.
األعراف االجتماعية :قد تبدو بعض املبادرات الدعوية النسائية مستنكرة في بعض األوساط لخروجها عن اإللف والعادات
بنوع من الرفض من قبل األهل ،والقرابة؛ فال بد من التدرج
املتبعة ,وقد تواجه ٍ
املطمئن ،مع اإلقناع بالجدوى ,حتى تستأنس الفكرة ،وتتوطن ,وقد أشار سماحة الشيخ ابن باز ،رحمه هللا
إلى هذا العائق في جوابه عن مسألة ( املرأة والدعوة إلى هللا )
فقال" :وعليها مع ذلك أال يثنيها عن الدعوة إلى هللا الجزع ،وقلة الصبر ،الحتقار بعض الناس لها ،وسبهم لها،
ً
أو سخريتهم بها؛ بل عليها أن تتحمل وتصبر ،ولو رأت من الناس ما يعتبر نوعا من السخرية واالستهزاء”.
*عقبات خارجية-:
· الفسح الرسمي :من واجب الجهات املسؤولة أن تعنى بأهلية املتصدين للدعوة والتوجيه في مختلف املرافق,
وينبغي أال يضيق الدعاة بمثل هذه اإلجراءات االحترازية؛ بل عليهم السعي في استصدار الفسوحات النظامية؛
ليعملوا بطمأنينة وثقة ,وفي حال حصول تأخير أو التباس فعليهم أن يسعوا الستجالء األمر ،ورفع االلتباس،
وتبديد األوهام ،أو قالة السوء التي قد تصدر عن بعض الوشاة ,وفي حال عدم اكتمال بعض الشروط
النظامية ،ومع وجود الكفاءة واألهلية ،فيستدرك ذلك بالتزكيات املعتبرة .وال يسوغ تفويت الفرص بدعوى
عدم توفر الفسح.
ثم في حال عدم حصول املراد ،فإن آفاق الدعوة ومجاالتها أوسع وأرحب من أن تنحصر في قنوات معينة ,كما
ً
أن األمر باملعروف والنهي عن املنكر ،ال يختص بهيئة؛ بل يجب على كل من رأى منكرا.
الخالفات الحزبية :إن مما يدمي القلبُ ،ويذهب ريح الدعوة ،ما يقع في بعض الجهات من منافسات ،ومناكفات،
بين أصحاب املشروع الواحد بدوافع حزبية ،استئثارية ،في غيبة من داعي اإلخالص ،ورغبة في التسيد
والتصدر ،تفض ي إلى خسارة الفريقين ،واستهجان املجتمع ،وزهاده املدعوين في االنخراط في ركب الدعوة.
ويجب على الدعاة إلى هللا على اختالف مشاربهم ،وانتماءاتهم ،أن يتضلعوا من ثقافة الوحدة واالئتالف،
ً
ويتحرروا من أسر التفرق واالختالف ،وأن يعلموا أن مهمتهم أكبر وأسمى من أن تكون تجميعا لجماعة ،أو
ً
تعصبا لفرد ،وأنه ال يجوز أن يعقد الوالء والبراء إال على األصول الشرعية ،وال يحل امتحان الناس
باألشخاص ،وال تصنيفهم وفق مسميات حادثة.
إن مهمة الدعاة والداعيات :
"إقامة الدين" و "نبذ التفرق"
ُ ً َّ َ َ َ
َ َُ
الد َ ِين َمَا َو َّص ى ِب ِه نوحا َوال ِذي أ ْو َح ْينا ِإل ْي َك َو َما
كما قال تعالى{ :ش َر َع لك ْم ِم ْن
ِ
َََ ُ
يموا الد َ
يم َو ُم َ
وس ى َوع َ
َو َّ
ص ْي َنا به إ ْب َراه َ
يس ى أ ْن أق ُ
ين َوملا تتف َّرقوا ِف ِيه}.
ِ
ِ
ِ
ِِ ِ ِ
(الشورى)13 :
عن خالف جرى الرد إلى هللا ورسوله ،كما أمرَ { :يا َأ ُّي َها َّالذ َ
وإذا َّ
ين َآم ُنوا َأط ُ
يعوا
ِ
ِ
ُ
َ ْ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ُّ ُ َ
َّ
الل َه َو َأط ُ
يعوا َّ
وه ِإ ْلى
الر ُسو َل َوأ ْو ِلي األم ِر ِمنكم ف ِإن تنازعتم ِفي ش ي ٍء َ فرد
ِ
َ
َّ
َ
َ ً
ْ ُ ُ ْ ُ ْ ُ َ َّ َ ْ َ ْ
الله َو َّ ُ
اآلخ ِر ذ ِل َك خ ْي ٌر َوأ ْح َس ُن تأ ِويال}
الرسو ِل ِإن كنتم تؤ ِمنون ِبالل ِه واليو ِم ِ
ِ
(.النساء)59/
وال ريب أن توتر األجواء بين الداعيات ألغراض حزبية ،يؤدي
إلى توتر النفوس ،وفساد القلوب ،وذهاب بهجة العمل ،وحصول الفشل.
َّ
قال تعالىَ {:وال َت َنا َز ُعوا َف َت ْف َش ُلوا َو َت ْذ َه َب ر ُ
يح ُك ْم َو ْ
اص ِب ُروا ِإ َّن الل َه
ِ
الص َ
َم َع َّ
اب ِرين} (.األنفال) 46 /
ِ
ولعمر هللا إنه ملن أكبر العوائق ،وأكاد العقبات.
وعالج هذه املعضلة في أمور:
· تنمية روح اإلخالص ،والتسامي عن األثرة والحزبية.
· الترقي في العلم النافع ،والعمل الصالح ،وتحقيق مقاصد الشريعة.
· التحلي باألخالق الكريمة ،والترفع عن الترهات ،والقيل والقال.
· املحبة اإليمانية الخالصة ،وصرف النظر عن التصنيفات الحزبية،
واملناطقية ،والبلدانية ،والقبلية.
· النقد الهادف الرفيق ،الذي ال يكرس العداء ،وال يحمل على العزة
باإلثم.
· التعاون على البر والتقوى.
· التعاذر ،والتغافر بين الداعيات ،وإحسان الظن فيما يسع فيه االجتهاد.
ً
ً
· إفشاء ثقافة االئتالف ،قوال وتطبيقا.
هذا ،وهللا املسؤول وحده ،أن يسدد الخطى ،ويبارك في الجهود
وصلى هللا على نبينا محمد ،وعلى آله وصحبه وسلم.
______________________
وموقع دعوتها يتمنى التوفيق لكل من
كان همه إعالء كلمة الحق
Wdawah.com