فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب

Download Report

Transcript فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب

Slide 1

‫الذين يدخلون الجنة‬
‫بغير حساب‬

‫‪1‬‬


Slide 2

‫الذين يدخلون الجنة بغير حساب‬
‫فى الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه قال‪ ((:‬يدخل الجنة من أمتى‬
‫زمرة هم سبعون ألفا تضئ وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر))‬
‫وفى الحديث الذى رواه أحمد والبيهقى بسند صحيح بشواهده كما فى‬
‫السلسلة الصحيحة من حديث أبى هريرة أن النبى قال ‪:‬‬
‫((قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬وعدني ربي سبحانه أن يدخل‬
‫الجنة من أمتي سبعين ألفا ال حساب عليهم وال عذاب مع كل ألف‬
‫سبعون ألفا وثالث حثيات من حثيات ربي عز وجل )) ‪.‬‬
‫معنى حثيات مأخوذ من الحثي‪ ،‬وهو جمع الشيء بالكفين‪ ،‬ومنه حثي‬
‫التراب‪ ،‬أي جمعه بالكفين وإرساله ‪.‬‬
‫‪2‬‬


Slide 3

‫قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ (( :‬وإن السبعين ألفا األول‬
‫يشفعهم هللا فى آبائهم وأمهاتهم وعشائرهم‪ ،‬وإنى ألرجو أن تكون أمتى‬
‫أدنى الحثوات األواخر ))‪.‬‬
‫عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول هللا صلي هللا عليه‬
‫وسلم‪ (( :‬عرضت علي األمم‪ - ،‬فى رواية فى سنن الترمذى بسند حسن‬
‫أن هذا العرض كان ليلة اإلسراء والمعراج‪ -‬فرأيت النبي ومعه‬
‫الرهيط ‪ ،‬والنبي ومعه الرجل والرجالن‪ ،‬والنبي وليس معه أحد وبينما‬
‫أنا كذلك إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي‪ ،‬فقيل لي‪:‬هذا موسى‬
‫وقومه‪ ،‬ولكن انظر إلى األفق‪ ،‬فنظرت فإذا سواد عظيم‪ ،‬فقيل لي‪ :‬انظر‬
‫إلى األفق اآلخر‪ ،‬فإذا سواد عظيم‪ ،‬فقيل لي هذه أمتك‪ ،‬ومعهم سبعون‬
‫ألف يدخلون الجنة بغير حساب وال عذاب)) ثم نهض فدخل منزله‪،‬‬
‫‪3‬‬


Slide 4

‫فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب وال عذاب‪،‬‬
‫فقال بعضهم‪ :‬فلعلهم الذين صحبوا رسول هللا صلي هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬فلعلهم الذين ولدوا في اإلسالم‪ ،‬فلم يشركوا باهلل شيئا –‬
‫وذكروا أشياء ‪ -‬فخرج عليهم رسول هللا صلي هللا عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫(( ما الذي تخوضون فيه؟ )) فأخبروه فقال‪ (( :‬هم الذين ال يسترقون‬
‫وال يكتوون وال يتطيرون ‪ ،‬وعلى ربهم يتوكلون )) متفق عليه ‪.‬‬
‫فقام عكاشة بن محصن فقال‪ ،‬أدع هللا أن يجعلني منهم‪ ،‬فقال‪((:‬أنت‬
‫منهم )) ثم قام رجل آخر فقال‪ :‬أدع هللا أن يجعلني منهم فقال‪ (( :‬سبقك‬
‫بها عكاشة)) متفق عليه‪.‬‬
‫شرح الحديث‪ (( :‬الرهيط)) بضم الراء‪ :‬تصغير رهط‪ ،‬وهم دون عشرة‬
‫أنفس‪ (( .‬واألفق))‪ :‬الناحية والجانب‪ (( .‬وعكاشة)) بضم العين وتشديد‬
‫الكاف وبتخفيفها والتشديد افصح‪.‬‬
‫‪4‬‬


Slide 5

‫هذا الحديث العظيم أخبر فيه النبي صلي هللا عليه وسلم أن األمم‬
‫عرضت عليه‪ ،‬أي‪ :‬أرى األمم عليه الصالة والسالم وأنبياءهم‪ :‬فرأى‬
‫النبي ومعه الرهيط أي‪ :‬معه الرهط القليل‪ ،‬وهو العدد ما بين الثالثة إلى‬
‫العشرة‪ .‬والنبي ومعه الرجل والرجالن‪ ،‬والنبي وليس معه أحد ‪.‬‬
‫أي‪ :‬إن األنبياء ‪ -‬عليهم الصالة والسالم ‪ -‬ليسوا كلهم قد أطاعهم‬
‫قومهم‪ ،‬بل بعضهم لم يطعه أحد من قومهم‪ ،‬وبعضهم أطاعه الرهط ‪،‬‬
‫وبعضهم أطاعه الرجل والرجالن‪ ،‬وانظر إن نوحا عليه الصالة والسالم‬
‫مكث في قومه ألف سنة إال خمسين عاما‪ ،‬يذكرهم باهلل‪ ،‬ويدعوهم إلى‬
‫هللا‪ ،‬قال هللا تعالى‪َ { :‬و َما آ َمنَ َم َعه إالا َقليل} (هود‪ :‬من اآلية ‪ )40‬كل‬
‫هذه المدة ولم يلق منهم قبوال‪ ،‬بل وال سلم من شرهم‪ ،‬قال نوح‪:‬‬
‫اس َت ْغ َ‬
‫ش ْوا‬
‫صاب َعه ْم في آ َذانه ْم َو ْ‬
‫{ َوإ ِّني كلَّ َما َد َع ْوته ْم ل َت ْغف َر لَه ْم َج َعلوا أَ َ‬
‫است ْك َبارا} (نوح‪ ،)7:‬وكانوا يمرون به‬
‫اس َت ْك َبروا ْ‬
‫ص ُّروا َو ْ‬
‫ث َيا َبه ْم َوأَ َ‬
‫ويسخرون منه‪.‬‬
‫‪5‬‬


Slide 6

‫يقول رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ (( :‬رفع لي سواد)) أي‪ :‬بشر‬
‫كثير فيهم جهمة من كثرتهم ((فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى‬
‫وقومه)) ألن موسى من أكثر األنبياء أتباعا‪ ،‬بعث في بني إسرائيل‪،‬‬
‫وأنزل هللا عليه التوراة التي هي أم الكتب اإلسرائيلية‪.‬‬
‫قال‪ (( :‬ثم قيل لي أنظر! فنظرت إلى األفق فإذا سواد عظيم ‪ -‬وفي لفظ‪:‬‬
‫قد سد األفق ‪ -‬فقيل‪ :‬انظر األفق الثاني ! فنظرت إليه فإذا سواد عظيم‪،‬‬
‫فقيل لي هذه أمتك)) فالرسول صلي هللا عليه وسلم أكثر األنبياء تابعا‪،‬‬
‫ألنه منذ بعث إلى يوم القيامة والناس يتبعونه‪ ،‬صلوات هللا وسالمه‬
‫عليه‪ ،‬فكان أكثر األنبياء تابعا‪ ،‬قد مأل أتباعه ما بين األفقين‪ (( .‬ومعهم‬
‫سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب وال عذاب))أي‪ :‬مع هذه األمة‬
‫سبعون ألفا يدخلون الجنة‪ ،‬ال يحاسبون‪ ،‬وال يعذبون‪ ،‬من الموقف إلى‬
‫الجنة بدون حساب وال عذاب! اللهم اجعلنا منهم ‪ -‬وقد ورد إن مع كل‬
‫واحد من السبعين ألف سبعين ألفا أيضا ‪.‬ثم نهض فدخل منزله‬
‫‪6‬‬


Slide 7

‫فخاض الناس في أولئك‪ ...‬وكل أتى بما يظن‪ ،‬فخرج عليهم النبي صلي‬
‫هللا عليه وسلم فسألهم عما يخوضون فيه فأخبروه فقال صلي هللا عليه‬
‫وسلم‪ (( :‬هم الذين ال يرقون وال يسترقون وال يكتوون وال يتطيرون‬
‫وعلي ربهم يتوكلون)) هذا لفظ مسلم وفيه‪ (( :‬ال يرقون))‪.‬‬
‫والمؤلف رحمه هللا قال‪ :‬إنه متفق عليه‪ ،‬وكان ينبغي أن يبين أن هذا‬
‫اللفظ لفظ مسلم فقط دون رواية البخاري‪ - ،‬الكالم لفضيلة الشيخ‬
‫العثيمين فى شرحه ‪ -‬وذلك إن قوله‪ (( :‬ال يرقون)) كلمة غير صحيحة‬
‫‪ ،‬وال تصح عن النبي علبه الصالة والسالم‪ ،‬ألن معني (( ال يرقون))‬
‫أي ال يقرؤون علي المرضي‪ ،‬وهذا باطل‪ ،‬فإن الرسول عليه الصالة‬
‫والسالم كان يرقي المرضي‪ .‬وأيضا القراءة علي المرضي إحسان‪،‬‬
‫فكيف يكون انتفاؤها سببا لدخول الجنة بغير حساب وال عذاب‪.‬‬
‫فالمهم إن هذه اللفظة لفظة شاذة وخطأ ال يجوز اعتمادها‪،‬‬
‫‪7‬‬


Slide 8

‫والصواب‪ (( :‬هم الذين ال يسترقون)) أي‪ :‬ال يطلبون من أحد أن يقرا‬
‫عليهم إذا أصابهم شئ ‪،‬ألنهم معتمدون علي هللا‪ ،‬وألن الطلب فيه شئ‬
‫من الذل‪ ،‬ألنه سؤال الغير‪ ،‬فربما تحرجه وال يريد أن يقرأ‪ ،‬وربما إذا‬
‫قرأ عليك ال يبرأ المرض فتتهمه‪ ،‬وما أشبه ذلك‪ ،‬لهذا قال ال يسترقون‪.‬‬
‫وقوله‪ (( :‬وال يكتوون)) يعني‪ :‬ال يطلبون من أحد أن يكويهم إذا‬
‫مرضوا‪ ،‬ألن الكي عذاب بالنار‪ ،‬ال يلجا إليه إال عند الحاجة‪.‬‬
‫وقوله‪ (( :‬وال يتطيرون)) يعني‪ :‬ال يتشاءمون ال بمرئي‪ ،‬وال بمسموع‬
‫‪ ،‬وال بمشموم‪ ،‬وال بمذوق‪ ،‬يعني‪ :‬ال يتطيرون أبدا‪ .‬وقد كان العرب في‬
‫الجاهلية يتطيرون ‪ ،‬والطيرة محرمة‪ ،‬ال يجوز ألحد أن يتطير ال بطيور‬
‫‪ ،‬وال بأيام ‪ ،‬وال بشهور‪ ،‬وال بغيرها‪ ،‬والتشاؤم ‪ ،‬كما أنه شرك أصغر‪،‬‬
‫فهو حسرة علي اإلنسان‪ ،‬فيتألم من كل شئ يراه‪ ،‬لكن لو اعتمد علي‬
‫هللا وترك هذه الخرافات‪ ،‬لسلم‪ ،‬ولصار عيشه صافيا سعيدا‪.‬‬
‫‪8‬‬


Slide 9

‫أما قوله‪َ (( :‬و َعلَى َر ِّبه ْم َي َت َو َّكلونَ )) فمعناه‪ :‬انهم يعتمدون علي هللا‬
‫وحده في كل شئ‪ ،‬ال يعتقدون علي غيره‪ ،‬ألنه جل وعال قال في كتابه‪:‬‬
‫{ َو َمنْ َي َت َو َّكلْ َعلَى َّ‬
‫هللا َفه َو َح ْسبه} (الطالق‪ :‬من اآلية‪ ،)3‬ومن كان هللا‬
‫حسبه فقد كفي كل شئ‪.‬‬
‫هذا الحديث العظيم فيه صفات من يدخل الجنة بال حساب وال عذاب‪.‬‬
‫فهذه أربع صفات‪ :‬ال يسترقون‪ ،‬وال يكتوون‪ ،‬وال يتطيرون‪ ،‬وعلي ربهم‬
‫يتوكلون‪ .‬والشاهد للباب قوله (( َو َعلَى َر ِّبه ْم َي َت َو َّكلونَ ))‪.‬‬
‫فقام عكاشة بن محصن رضي هللا عنه‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول هللا ‪ :‬ادع هللا‬
‫أن يجعلني منهم ‪ ،‬بادر إلى الخير وسبق إليه‪ ،‬فقال النبي صلي هللا‬
‫عليه وسلم‪ (( :‬أنت منهم)) ولهذا نحن نشهد اآلن بأن عكاشة بن‬
‫محصن‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬يدخل الجنة بال حساب وال عذاب‪ ،‬ألن‬
‫الرسول عليه الصالة والسالم قال له ‪:‬أنت منهم‪.‬‬
‫‪9‬‬


Slide 10

‫(( فقام رجل آخر فقال‪ :‬ادع هللا إن يجعلني منهم! قال‪ :‬سبق بها‬
‫عكاشة)) فرده النبي عليه الصالة والسالم‪ ،‬لكنه رد لطيف‪ ،‬لم يقل‬
‫لست منهم‪ ،‬بل قال‪ (( :‬سبقك بها عكاشة)) ‪ .‬فقيل‪ :‬ألنه كان يعلم بأن‬
‫هذا الذي قال أدع هللا أن يجعلني منهم منافق‪ ،‬والمنافق ال يدخل الجنة‪،‬‬
‫فضال عن كونه يدخلها بغير حساب وال عذاب‪ .‬وقال بعض العلماء‪ :‬بل‬
‫قال ذلك من أجل أن ال ينفتح الباب‪ ،‬فيقوم من ال يستحق أن يدخل‬
‫الجنة بغير حساب وال عذاب‪ ،‬ويقول ادع هللا أن يجعلني منهم ‪.‬‬
‫وعلى كل حال‪ ،‬فنحن ال نعلم علما يقينا بأن الرسول صلي هللا عليه‬
‫وسلم لم يدع هللا له إال لسبب معين‪ ،‬فاهلل أعلم‪ ،‬لكننا نستفيد من هذا‬
‫فائدة‪ ،‬وهو الرد الجميل من رسول هللا صلي هللا عليه وسلم‪ ،‬ألن قوله‪:‬‬
‫(( سبقك بها عكاشة)) ال يجرحه وال يحزنه‪ ،‬وسبحان هللا‪ ،‬صارت هذه‬
‫مثال إلى يومنا هذا‪ ،‬كلما طلب اإلنسان شيئا قد سبق به قيل‪ :‬سبقك بها‬
‫عكاشة‪.‬‬
‫‪10‬‬


Slide 11

‫أورد بعض العلماء إشكاال علي هذا الحديث‪ ،‬وقال‪ :‬إذا اضطر اإلنسان‬
‫إلى القراءة‪ ،‬أي إلى أن يطلب من أحد أن يقرأ عليه ( الرقية ) ‪ ،‬مثل‬
‫أن يصاب بعين‪ ،‬أو بسحر‪ ،‬أو أصيب بجن واضطر‪ ،‬هل إذا ذهب يطلب‬
‫من يقرأ عليه‪ ،‬يخرج من استحقاق دخول الجنة بغير حساب وال عذاب؟‬
‫فقال بعض العلماء‪ :‬نعم هذا ظاهر الحديث‪ ،‬وليعتمد علي هللا وليتصبر‬
‫ويسأل هللا العافية‪ .‬وقال بعض العلماء‪ :‬بل إن هذا فيمن استرقي قبل‬
‫علي لكى ال تصيبني العين‪ ،‬أو لكى ال‬
‫أن يصاب‪ ،‬أي‪ :‬بأن قال‪ :‬إقرا‬
‫ا‬
‫يصيبني السحر أو الجن أو الحمي‪ ،‬فيكون هذا من باب طلب الرقية‬
‫ألمر متوقع ال واقع‪ ،‬وكذلك الكي‪ .‬فإذا قال إنسان‪ :‬الذين يكوون غيرهم‬
‫هل يحرمون من هذا؟ الجواب‪ :‬ال! ألن الرسول صلي هللا عليه وسلم‬
‫يقول‪ (( :‬وال يكتوون)) أي‪ :‬ال يطلبون من يكويهم‪ ،‬ولم يقل وال‬
‫يكوون‪ ،‬وهوعليه الصالة والسالم قد كوي أكحل سعد بن معاذ رضي هللا‬
‫عنه‪،‬‬
‫‪11‬‬


Slide 12

‫فسعد بن معاذ األوسي األنصاري ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬أصيب يوم الخندق‬
‫في أكحله فانفجر الدم‪ ،‬واألكحل إذا انفجر دمه قضي علي اإلنسان‪،‬‬

‫فكواه النبي صلي هللا عليه وسلم في العرق حتى وقف الدم‪ ،‬والنبي‬
‫صلي هللا عليه وسلم هو أول من يدخل الجنة بغير حساب وال عذاب‪.‬‬
‫فالذين يكوون محسنون‪ ،‬والذين يقرؤون علي الناس محسنون‪ ،‬ولكن‬

‫الكالم علي الذين يسترقون‪ ،‬أي يطلبون من يقرأ عليهم‪ ،‬اويكتوون‪،‬‬
‫أي‪ :‬من يطلبون من يكويهم‪ ،‬وهللا الموفق‪.‬‬
‫‪ - 1‬من كتاب شرح رياض الصالحين لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين‬
‫‪ - 2‬كتب تخريج الحديث النبوي الشريف للشيخ ناصر الدين األلباني ‪.‬‬
‫‪ – 3‬من مقاالت الشيخ محمد حسان‬

‫‪Massaged Iraq‬‬
‫‪12‬‬