األب في وضع يصوّ ر يسوع لنا في المثل َ شوق وانتظار البنه الذي رحل ّ . يحق لهذا األب أن يرجو عودة ابنه ، ولربّما بثقة ، أل.

Download Report

Transcript األب في وضع يصوّ ر يسوع لنا في المثل َ شوق وانتظار البنه الذي رحل ّ . يحق لهذا األب أن يرجو عودة ابنه ، ولربّما بثقة ، أل.

‫األب في وضع‬
‫يصوّ ر يسوع لنا في المثل‬
‫َ‬
‫شوق وانتظار البنه الذي رحل‪ّ .‬‬
‫يحق لهذا‬
‫األب أن يرجو عودة ابنه‪ ،‬ولربّما بثقة‪،‬‬
‫أل ّنه يعرف أنّ االبن لن يجد في أ ّية كورة‬
‫دفء البيت األبويّ ‪ .‬ترسم بعض األيقونات‬
‫هذا المثل وتصوّ ر األب متر ّقبا ً من على‬
‫السطح عودة ابنه من بعيد‪ .‬نعم هللا في‬
‫انتظار‪ ،‬فليت انتظاره لك ّل م ّنا ال يطول!‬
‫هذا هو صليب الربّ ‪ :‬انتظارُه! ال يطلب‬
‫هللا تكفيرات وال يتملّكه غضب الكرامة‬
‫المنتقمة حين نخطئ‪ ،‬إ ّنما يصلبه الرجاء‬
‫بأنّ نعود‪ .‬هذا هو قدر "الحبّ " في عالم‬
‫تلوّ ن بالضعف كما بالنعمة‪.‬‬
‫العجيب هو‪ ،‬أ ّنه عندما عاد االبن بادر‬
‫األب إلى إعطائه الحقوق والنعم‬
‫المفقودة بدل أن يسأله أين ب ّدد ماله‪ ،‬أو‬
‫لماذا أهان الحبّ األبويّ ورحل‪ .‬هذا‬
‫طبيعي لمن ينتظر‪ .‬ألم تكن هذه هي‬
‫أسئلة االبن األكبر‪ ،‬وهذا ما أدهشه في‬
‫أبيه؟ أليست هذه المحاسبة الغريبة هي‬
‫التي ستجعل االبن العائد ال يعود يفكر‬
‫بالرحيل ثانية ويبقى مدينا ً بالحبّ‬
‫والتوبة مدى الحياة؟ نعم‪ ،‬ال يحاسب‬
‫هللا على الماضي‪ ،‬أل ّنه األب الحنون‬
‫وليس األب المهان أو المجروح‪.‬‬
‫”يا بني أعطني قلبك“! وهذا‬
‫كلّنا نت ّمنى المصالحة مع بعضنا البعض‪،‬‬
‫هو ح ّ‬
‫ق هللا األثمن من ك ّل‬
‫ولكن غالبا ً ما نسلك طرقا ً مخالفة لطريقة‬
‫خاطئ يعود!‬
‫هذا األب الحنون‪ .‬ألنّنا نطالب وال نسامح‬
‫عند اللقاء! نعاتب ونحاسب ونشترط‬
‫إعادة الحقوق قبل الغفران‪ .‬لكن بالنسبة هلل‬
‫المسألة هي "لقاء" وليس تصفية‬
‫حسابات!‬
‫ال ب ّد ّ‬
‫أن هذا األب كان فرحا ً في بيته مع‬
‫ابنه األكبر الذي لم يغادر‪ .‬ولكن‬
‫الغريب هو ما يش ّدد عليه هذا المثل‪،‬‬
‫وع ّدة أمثلة حوله في الكتاب‪ ،‬أن تشير‬
‫إلى "فرح أكبر" بعودة االبن الذي‬
‫ضلّ‪ ،‬وبإيجاد الدرهم الضائع‪ ،‬والعثور‬
‫على الخروف الذي تاه في الجبال‪.‬‬
‫فهناك فرح خاص بهؤالء! ويريد يسوع‬
‫في هذه األمثلة أن يؤ ّكد ّ‬
‫أن علينا "أن‬
‫نفرح أكثر" بعودة الضال! هذا األمر‬
‫ليس صورة شعريّة! إنّها حقيقة يؤ ّكد‬
‫الكتاب عليها! نعم ال ينتظر هللا منا الب ّر‬
‫دون خبرة الضعف! الق ّديس ليس من‬
‫ُولد ومات دون خطيئة! فهذا مفهوم‬
‫عكس حقيقة الس ّر ذاته‬
‫أيقونة الراعي الصالح‬
‫يتفهّم الكتاب إذن مرورنا بلحظات الضعف وترجيحنا حينا ً ح ّبا ً ما على‬
‫حبّ اآلب‪ ،‬لكن يدعونا إلى التوبة والعودة‪ .‬ليس دينونة أن نخطئ أحياناً‪،‬‬
‫ولكن الدينونة أن نبقى في الخطيئة‪ .‬ليس دينونة أن نرحل للحظات‪ ،‬ولكن‬
‫دينونة أن نبقى في الكورة البعيدة‪ .‬مفهوم البرّ في الكتاب ال يقوم على‬
‫قداسة فطرية عفوية لم تختبر خطيئة ولم تمرّ بلحظة ضعف‪.‬‬
‫يقوم مفهوم البرّ على تفضيل العجل المثمن على ك ّل‬
‫خرنوب الدنيا‪ .‬ينمو اإلنسان في الحبّ اإللهيّ ‪ ،‬ويبدأ‬
‫بحبّ الخبز السماويّ أكثر من ّ‬
‫ملذات الدنيا كلّها‪.‬‬
‫لدرجة زهد فيها بعض البشر ح ّتى عن الخبز اليومي‬
‫الضروريّ حيناً‪ ،‬ولصق لحم داؤود بعظمه وسها‬
‫عن أكل خبزه عندما هام في طلب البيت األبويّ ‪.‬‬
‫لهذا هناك فرح خاصّ "بتائب واحد يعود" أكثر من‬
‫الـ"تسعة والتسعين"!‬
‫شخصا األيقونة‪:‬‬
‫المشهد الذي تصوره األيقونة من المثل هو عودة‬
‫االبن إلى أبيه ولقاؤه معه وهكذا تبرز هدف المثل‬
‫األساسي‪ :‬التوبة‪.‬‬
‫هما األب الذي يرمز هلل األب المحب‪ ،‬واالبن الذي‬
‫ترك البيت األبوي وغادره إلى شقاء الغربة‪ ،‬حيث‬
‫بدد ميراثه وأضاعه ثم وقع في الجوع‪ .‬وهو يرمز‬
‫لإلنسان الجانح إلى الشر الذي حول محبته هلل‬
‫الصالح وحده نحو الشهوات المختلفة‪ .‬إنه صورة‬
‫اإلنسان الذي يعيش في الشقاء والجوع لكنه رجع‬
‫إلى رشده فبكى نفسه‪ .‬تيقظ فتواضع وتاب وعاد إلى‬
‫أبيه‪ ،‬الذي تحنن عليه وركض لمالقاته‪ .‬هذه‬
‫األيقونة إذاً تصور لقاء االبن الضال الجائع‬
‫والمحتاج مع اآلب العطوف المتسامح الرحوم‬
‫وعناق اإلنسان المتعب والتائب مع هللا المتحنن‬
‫المنتظر الرؤوف‪.‬‬