بسم هللا الرحمن الرحيم يـقــدم [ حرمة أهل العلم و اإلسالم ] يعج امليدان الدعوي اليوم بحالة من الخلل الناش ئ عن التضخم.

Download Report

Transcript بسم هللا الرحمن الرحيم يـقــدم [ حرمة أهل العلم و اإلسالم ] يعج امليدان الدعوي اليوم بحالة من الخلل الناش ئ عن التضخم.

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‬
‫يـقــدم‬
‫[ حرمة أهل العلم و اإلسالم ]‬
‫يعج امليدان الدعوي اليوم بحالة من الخلل الناش ئ عن التضخم الكمي الذي‬
‫فرض نفسه على حساب التربية النوعية‪ ،‬األمر الذي أفرز ً‬
‫كثيرا من الظواهر‬
‫املرضية من أخطرها ‪ :‬تطاول الصغار على الكبار‪ ،‬والجهال على العلماء‪ ،‬وطلبة‬
‫العلم بعضهم على بعض‪ ،‬حتى إن الواحد منهم ينس ى قاموس التآخي‪ ،‬وما أسرع‬
‫ما يخرج إلى العدوان على إخوانه‪ ،‬ويجردهم من كل فضل؛ فل يحلم ول يعفو‬
‫َ‬
‫الجاهلين؛ بل إن من طلب آخر الزمان من‬
‫ول يصبر‪ ،‬ولكن يجهل فوق جهل‬
‫غاص في أوحال السب والشتم والتجريح‪ ،‬وانتدب نفسه للوقيعة في أئمة كرام‬
‫اتفقت األمة على إمامتهم‪ ،‬وهو ل يدري أنما ذلكم الشيطان يستدرجه إلى‬
‫وحل العدوان‪ ،‬وهو يحسب أنه يحسن ً‬
‫صنعا‪ ،‬ويتوهم أنه يؤدي ما قد وجب‬
‫عليه ً‬
‫شرعا‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫َّ‬
‫وكلنا ُ‬
‫العالم في اإلسلم ‪ ،‬وما أوله هللا إياه من َس ِم ِي‬
‫يعلم مقام ِ‬
‫ٌ‬
‫ٌ‬
‫املناقب ‪ ،‬وما حباه من رفيع املناصب ‪،‬وما ذاك إل دللة واضحة ِبينة‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫على ِعظ ِم حرم ِته ‪،‬وتمام صيانته ‪.‬‬
‫ُ‬
‫أنفس الفضلء‬
‫العلماء سائرا َم ِس َيره عبر األزمان تتناقله‬
‫ول زال احتر ُام‬
‫ِ‬
‫الشرفاء ‪،‬وتعافه أنفس ُ‬
‫الدنآة ُ‬
‫الوضعاء‪ .‬وإن من أعظم آفات اللسان‬
‫َ‬
‫َ َ‬
‫ً‬
‫ين‬
‫اللذ‬
‫والنميمة‬
‫الغيبة‬
‫صاحبها‬
‫على‬
‫ا‬
‫خطر‬
‫َ َ ْ َ َّ ْ ُ ُ ْ َ ْ ً َ ُ ُّ َ َ ُ ُ ْ َ‬
‫حرمهما هللا تعالى ‪ ،‬فقال ‪ { :‬ول يغتب بعضكم بعضا أي ِحب أحدكم أن‬
‫َْ ُ َ َ ْ َ َ‬
‫ًَْ َ َ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫يه ميتا فك ِرهتموه }‪( .‬الحجرات‪)12 :‬‬
‫يأكل لحم أ ِخ ِ‬
‫وهذا في حق من يغتاب آحاد الناس ‪ ،‬أما من يغتاب العلماء‬
‫وطلبة العلم والدعاة ‪-‬رغم ما يسدونه لألمة من نصح ‪،‬‬
‫ومع كثرة ما معهم من الخير‪ -‬فقد ورد تشبيهه في الحديث بمن طلب‬
‫ً‬
‫الغنم خذ بأذن أيت َها شئتَ‬
‫ُ‬
‫من صاحب غنم شاة فقال له ‪ :‬عندك‬
‫ِ‬
‫فأخذ بأذن كلب الغنم ‪ ..‬هذا إن كان ما يفعله من باب الغيبة‪ ،‬وأما‬
‫إن كان من باب البهتان والكذب فهو أشد ً‬
‫ً‬
‫وخطرا‪.‬‬
‫إثما‬
‫‪1431‬هـ‬
‫وأما ما يحتج به هؤلء من أن هذا من األمر باملعروف والنهي عن‬
‫املنكر؛ فينبغي أن يضبط هذا بضوابط‪،‬‬
‫ويراجع نفسه من جهة النية‪ ،‬ويراجع القول املنسوب إلى العالم أو‬
‫طالب العلم من جهة ثبوته عنه‪،‬ومن جهة حكم الشرع فيه؛ فإن وجد‬
‫حق صاحبها‪ ،‬وأما‬
‫ما يستدعي النصيحة وجب عليه إسداؤها مع حفظ ِ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫الداعون إليها‪ ،‬املنافحون عنها فينبغي تحذير األمة منهم‬
‫أصحاب البدع‪،‬‬
‫ومن بدعهم‪.‬‬
‫َ‬
‫ين أ ْج َر ُموا َك ُانوا م َن َّالذ َ‬
‫قال هللا سبحانه وتعالى ‪ { :‬إ َّن َّالذ َ‬
‫ين َ َآم ُنوا‬
‫ِ َ ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ َ‬
‫َ ْ َُ َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫انقل ُبوا إلى أ ْه ِلهمُ‬
‫ْ‬
‫ُّ‬
‫ن‬
‫و‬
‫و‬
‫يضحكو (‪ )29‬وِإذا مر ا ِب ِهم يتغامز ن (‪ )30‬وِإذا‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ََ َ‬
‫انقل ُبوا ف ِك ِه َين }‪(.‬املطففين ‪)31 :‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫إن املسلمين يجب أن يكونوا جماعة واحدة ‪ ،‬وأن يكون مصدرهم ً‬
‫واحدا ‪ ،‬وأن تكون قيادتهم واحدة ‪،‬‬
‫وكما أنهم يجتمعون على عقيدة واحدة ‪ ،‬وهي عبادة هللا ‪-‬عز وجل‪ -‬وحده ل شريك له ‪ ،‬وهذه هي جماعة‬
‫وهجر‪ ،‬أو ُوج َد فيهم منافقون؛ فإن األمر خطير ًّ‬
‫تباغض ْ‬
‫ٌ‬
‫جدا‬
‫املسلمين ‪ ،‬وإذا دب فيهم خلل أو دب فيهم‬
‫ِ‬
‫‪,‬وللعلماء مكانة عظيمة ‪ ،‬وخطورة الكلم في أعراضهم أو انتقاصهم خطب جلل ‪ ،‬ول سيما وأننا نسمع في‬
‫زماننا هذا من يتكلم في أعراض العلماء ‪ ،‬ويتهمهم بالغباوة والجهل ‪ ،‬وعدم إدراك األمور ‪ ،‬وعدم فقه‬
‫الواقع كما يقولون‪ ،‬وهذا أمر خطير‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫وإن من علمات تقوى القلب تعظيم شعائر الرب ‪،‬وقال تعالى‪{ :‬‬
‫َْ َ ُُْ‬
‫َ َ َ َ ُ َ ْ َ َ َ َّ‬
‫الله َفإ َّ‬
‫َ‬
‫ى‬
‫وب } (الحج‪)32 :‬‬
‫ل‬
‫ن‬
‫ق‬
‫ال‬
‫و‬
‫ق‬
‫ت‬
‫ن‬
‫م‬
‫ا‬
‫ه‬
‫ذ ِلك ومن يع ِظم شعا ِئر ِ ِ ِ‬
‫ِ‬
‫أجل َمن أمر هللا بتوقير‪,‬وإكرام‪ ,‬وتعظيم أهل العلم ؛ فهم‬
‫ِ‬
‫ومن ِ‬
‫كما قال اإلمام أحمد ‪-‬رحمه هللا‪ :‬خلفاء الرسول في أمته ‪ ،‬وورثة‬
‫النبي في حكمته ‪ ،‬واملحيون ملا مات من سنته؛ فبهم قام الكتاب‬
‫وبه قاموا ‪ ،‬وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا‪ ،‬قيضهم هللا لحفظ‬
‫الدين ‪ ،‬ولول ذلك لبطلت الشريعة‪ ،‬وتعطلت أحكامها ‪ ،‬فإنه إذا‬
‫فقدت الثقة في علماء املسلمين؛ فمن يقود األمة اإلسلمية ؟! ومن‬
‫ُي ْر َج ُع إليه في الفتاوى واألحكام ؟ وهذا َد ٌّ‬
‫س من أعدائنا‪ ،‬انطلى‬
‫على كثير من الذين ل يدركون األمور‪ ،‬أو الذين فيهم غيرة شديدة‬
‫وحماس لكنه على جهل ؛ فأخذوه مأخذ الغيرة ومأخذ الحرص‬
‫على املسلمين ‪ ،‬لكن األمر ل يكون هكذا ‪.‬وأعز ش يء في األمة هم‬
‫العلماء؛ فل يجوز أن َن َت َن َّق َ‬
‫صهم أو نتهمهم بالجهل والغباوة‬
‫وباملداهنة‪ ،‬أو نسميهم علماء السلطين أو غير ذلك‪ ..‬هذا خطر‬
‫عظيم‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫فلنتق هللا من هذا األمر ولنحذر من ذلك ؛ فإنه كما يقول الشاعر‪:‬‬
‫ْ‬
‫ُ َ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫يا ر َج َ‬
‫الدين يا ِملح البلد *** من يص ِلح امللح إذا امللح فسد ؟!‬
‫ال‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫وما أبلغ قول بعض العلماء ‪ :‬أعراض العلماء على حفرة من حفر جهنم ‪.‬‬
‫ومما يدل على خطورة إيذاء مصابيح األمة ‪-‬وهم العلماء‪ -‬ما رواه البخاري‬
‫في صحيحه عن أبي هريرة ‪-‬رض ي هللا عنه‪ -‬أنه قال ‪َ :‬‬
‫قال رسول هللا ‪-‬صلى‬
‫هللا عليه وسلم ‪ [ :‬قال هللا عز وجل ‪َ :‬من عادى لي ًّ‬
‫وليا فقد آذنته بالحرب‬
‫]‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫الطريقة الصحيحة للتعامل مع العلماء عند ظن خطئهم‪-:‬‬
‫ً‬
‫إذا رأى املرء على العالم شيئا يدفع ما قاله ؛ فاألفضل أن ِبينه له ‪.‬‬
‫ف ــاملؤمن مس ــتعد للمناقش ــة ب ــالحق‪ ،‬واملــؤمن مس ــتعد للرجــوع إل ــى الحــق س ــواء كــان علي ــه أم ل ــه ؛ ألن‬
‫الحق ضالة املؤمن ‪ ،‬أينما وجده أخذ به ‪ ،‬هذا هو حقيقة األمر ‪.‬‬
‫وس ــماحة الش ــي ص ــالح ب ــن ف ــوزان الف ــوزان ف ــي كلم ــه مل ــن يخوض ــون ف ــي الن ــاس ويش ــغلون أنفس ــهم‬
‫بــذلك‪ ،‬يقــول ‪{ :‬اتركــوا الكــلم فــي النــاس ‪ ،‬وابــذلوا النصــيحة وادعــوهم إلــى اجتمــاع الكلمــة ‪ ،‬وإلـى تلقــي‬
‫العلــم عــن أهلــه ‪ ،‬وإلــى الدراســة الصــحيحة ‪ ،‬إمــا دراســة دينيــة وهــذه أحســن أو دراســة دنيويــة تنفــع‬
‫نفســك وتنفــع مجتمعــك ‪ ،‬أمــا الشــتغال بالقيــل والقــال ‪ ،‬فــلن مخط ـ ‪ ،‬وفــلن مصــيب ‪ ،‬وفــلن كــذا‬
‫وكذا ‪ ..‬هذا هو الذي ينشر الشـر ‪ ،‬ويفـرق الكلمـة‪ ،‬ويسـلب الفتنـة ‪ .‬إذا رأي َـت علـى أح طـد خطـأ فانصـحه‬
‫بينك وبينه‪ ،‬أما كلمك في املجلس عن فلن فهذه ليست نصيحة‪ ،‬هذه فضيحة }‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫أسباب التطاول على العلم والعلماء ‪-:‬‬
‫‪ -1‬تشيي الصحف ‪ ،‬وافتقاد القدوة ‪-:‬‬
‫حيث أن بعض الدعاة وبعض عامة الناس ‪ ،‬يأخذون العلم مما يكتب‬
‫دون الرجوع لشي يصحح ما تم نشرهـ ‪ ،‬فيضيع العلم ‪.‬‬
‫‪-2‬استعجال التصدر قبل تحصيل الحد األدنى من العلم الشرعي بحجة الدعوة ‪-:‬‬
‫يقول ‪ :‬الدكتور ناصر العقل ‪( :‬ومن األخطاء التي ينبغي التنليه عليها في مسألة الفقه ‪ ،‬فصل‬
‫الدعوة عن العلم ‪ ،‬هذه توجد في الشباب أكثر من غيرهم ‪ ،‬يقولون ‪ :‬الدعوة ش يء ‪ ،‬والفقه في‬
‫الدين ش يء آخر ؛فلذلك نجد أن بعض الشباب يهتم بالدعوة ًّ‬
‫عمليا ‪ ،‬ويبذل فيها جهده ووقته‪،‬لكن‬
‫تحصيله للفقه والعلم الشرعي قليل ًّ‬
‫جدا ‪ ،‬مع أن العكس هو الصحيح‪،‬ينبغي أن يتعلم‪،‬وأن يتفقه‬
‫وأن يأخذ العلوم الشرعية ثم يدعو ‪ ،‬ول مانع أن يؤجل الدعوة سنة أو سنتين أو ً‬
‫خمسا حتى يشتد‬
‫َّ‬
‫عوده ‪،‬ويكون عنده من العلم الشرعي ما يدعو به ‪ ،‬أما أن يبدأ بعض الشباب بالدعوة لله‬
‫سبحانه وتعالى ‪-‬بمجرد العاطفة وعلم قليل‪،‬ثم ينقطع عن العلم وعن املشاي ؛فهذه على املدى‬‫البعيد سيكون لها أثرها الخطير في األمة ‪ ،‬سيخرج دعاة بل علماء ‪ ،‬كما حصل في البلد‬
‫اإلسلمية األخرى )‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫‪- 3‬التعالم وتصدر األحداث ‪-:‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫مرجعا للفتيا ‪،‬‬
‫متشبعا بما لم يعط ‪ ،‬ينصب نفسه‬
‫فترى صريع الجهل ‪،‬‬
‫ويتملكه العجب ؛ فيلمز أكابر العلماء ‪ ،‬ويفري أعراضهم ‪ ،‬ويسفه أقوالهم ‪،‬‬
‫فيصد الناس عن سليل ربهم ‪ ،‬ويصدهم عن اإلدلء عليه ‪ ،‬عن عبد هللا بن‬
‫َّ‬
‫مسعود رض ي الله عنه قال ‪ [ :‬إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في كباركم ‪،‬‬
‫فإذا كان العلم في صغاركم َّ‬
‫سفه الصغير الكبير] ‪.‬‬
‫‪ -4‬الغترار بكلم العلماء بعضهم في بعض ‪-:‬‬
‫ً‬
‫فيحاول بعضهم اعتبار ذلك موضع أسوة وقدوة ‪ ،‬وغافل عن القاعدة الجليلة‬
‫التي أصلها العلماء في ذلك ‪ ،‬وهي أن «كلم األقران في بعضهم البعض يطوى‪،‬‬
‫ول يحكى» إما ؛ ألنه ناش ئ عن اجتهاد أو تأويل ‪ ،‬وإما؛ ألنه ناش ئ عن تنافس‬
‫ومعاصرة ومنافرة مذهبية ‪ ،‬مما ل يكاد يسلم منه بشر ‪ ،‬وما ينقل من ذلك إما‬
‫ل يصح عنهم ‪ ،‬وإما يصح فيجب أن نغض الطرف عنه ‪ ،‬ونحمله ما أمكن على‬
‫أحسن الوجوه‪ ،‬وإل فيجب طيه وكتمانه‪ ،‬والشتغال بالستغفار لهم؛ كما‬
‫رغبنا القرآن الكريم في ذلك‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫‪ -5‬التأثر بفوضوية الغربيين ونعراتهم‪-:‬‬
‫ويتضــح هــذا فــي ســلوك بعــض الشــباب الــذين يلتلــون باإلقامــة فــي ديــار الغــرب؛ فيتش ـربون مــنهم‬
‫بعــض القــيم‪ ،‬وبخاصــة ســلوكهم إزاء أكــابرهم وعظمــايهم‪ ،‬بحجــة حريــة الـرأي والتعبيــر ‪ ،‬واعتـزا ًزا‬
‫بما يـدينون بـه مـن «الفوضـوية» التـي يسـمونها «ديمقراطيـة»‪ ،‬دون أن يـتفطن هـؤلء الشـباب إلـى‬
‫الفروق بين القيم اإلسلمية ‪,‬وبين القيم الغربية‪.‬‬
‫‪ -6‬التعصب الحزبي‪ ،‬والبغي‪ ،‬وعقد الولء على غير الكتاب والسنة‪-:‬‬
‫فـ ــبعض النـ ــاس يربـ ــون أتبـ ــاعهم علـ ــى الـ ــولء ألتخاصـ ــهم ‪ ،‬والنتمـ ــاء لـ ــذواتهم ‪ ،‬أو جماعـ ــاتهم ‪،‬‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫ويوالون في ذلك ويعادون ‪ ،‬دون اعتبار ملبدأ الحب في الله ‪ ،‬والبغض في الله ‪،‬‬
‫َّ‬
‫وفــي هــؤلء يقــول شــي اإلســلم ابــن تيميــة رحمــه اللــه تعــالى ‪{ :‬ولــيس ألحــد أن ينتس ـب إلــى شــي‬
‫يــوالي علــى متابعتــه ‪ ،‬ويعــادي علــى ذلــك ‪ ،‬بــل عليــه أن يــوالي كــل مــن كــان مــن أهــل اإليمــان ‪ ،‬ومــن‬
‫ع ــرف من ــه التق ــوى م ــن جمي ــع الش ــيوب وغي ــرهم ‪ ،‬ول يخ ــه أح ـ ًـدا بمزي ــد م ــوالة إل إذا ه ــر ل ــه‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫مزيد إيمانه وتقواه ‪ ،‬ويقدم من قدم الله ورسوله عليه ‪ ،‬ويفضل من فضله الله ورسوله}‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫‪ -7‬التحاسد والتنافس على الغلو والرياسة ‪-:‬‬
‫ق ــال س ــفيان الث ــوري ‪{:‬م ــا أح ــب أح ــد الرياس ــة إل أح ــب ذك ــر الن ــاس بالنق ــائه والعي ــوب‪ ،‬ليتمي ــز ه ـو‬
‫بالكمال‪ ،‬ويكره أن يذكر الناس ً‬
‫أحدا عنده بخير}‪.‬‬
‫وما عبر اإلنسان عن فضل نفسه * بمثل اعتقاد الفضل في كل فاضل‬
‫وليس من اإلنصاف أن يدفع الفتى * يد النقه عنه بانتقاص األفاضل‬
‫َّ‬
‫وقال األوزاعي رحمه الله لبقية بن الوليد ‪{ :‬يا بقية ل تذكر أح ًـدا مـن أصـحاب محمـد نليـك صـلى هللا‬
‫أحدا من أمتك‪ ،‬وإذا سمعت ً‬
‫عليه وسلم إل بخير ‪ ،‬ول ً‬
‫أحدا يقـع فـي غيـره ؛ فـاعلم أنـه إنمـا يقـول ‪ :‬أنـا‬
‫خير منه}‪.‬‬
‫‪ -8‬عدم التثلت في النقل‪-:‬‬
‫يق ــول اب ــن خل ــدون ‪{:‬ف ــإن ال ــنفس إذا كان ــت عل ــى ح ــال العت ــدال ف ــي قب ــول الخب ــر أعطت ــه حق ــه م ــن‬
‫التمحيه والنظر حتى تتبين صدقه من كذبه‪ ،‬وإذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من‬
‫األخبــار ألول وهلــة‪ ،‬وكــان ذلــك امليــل والتشــيع غطــاء علــى عــين بصــيرتها عــن النتقــاد والتمحـيه‪ ،‬فتقــع‬
‫في قبول الكذب ونقله}‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫‪ -9‬الفراغ ‪-:‬‬
‫فــإن الشــتغال بلغــو القــول وتجــريح اتخــرين وســائر آفــات اللســان إنمــا هــو ثمــرة‬
‫الفـراغ الــذي لــم يبــادر صــاحبه إلــى ملئــه بالعمــل الصــالح ‪ ،‬قــال صــلى هللا عليــه و‬
‫سلم‪ [ :‬نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس‪ :‬الصحة والفراغ ]‪( .‬رواه البخاري)‬
‫وقال الحسن البصري ‪{ :‬نفسك إن لم تشغلها بالحق‪ ،‬شغلتك بالباطل }‪.‬‬
‫فالط ــاعن ف ــي أه ــل الح ــق ف ــارغ ‪ ،‬وأه ــل الح ــق مش ــغولون بحقه ــم ‪ ،‬ويق ــول املث ــل‬
‫العربي‪ :‬ويل للشجي من الخلي‪ ،‬وويل للعالم مـن الجاهـل ‪ ،‬والشـجي‪ :‬هـو املشـغول‬
‫‪ ،‬والخلي‪ :‬هو الفارغ ‪.‬‬
‫‪ - 10‬الجحود وعدم اإلنصاف ‪-:‬‬
‫ومــن مظــاهره‪ :‬تنكــر الطالــب لشــيخه الــذي طاملــا أفــاده ‪ ،‬وعلمــه ‪ ،‬وأحســن إليــه‬
‫ألج ــل زل ــة زله ــا ‪ ،‬أو غض ــبة غض ــبها ‪ ،‬فيسح ــد ك ــل م ــا م ـ ى م ــن إحس ــانه إلي ــه ‪،‬‬
‫ويقول كما تقول كافرات العشير ‪ :‬ما رأيت منك ً‬
‫خيرا قط ‪ ،‬ويطلق لسـانه فـي ذم‬
‫شيخه ‪ ،‬والتشنيع عليه ‪.‬‬
‫‪1431‬هــ‬
‫‪ -11‬استثمار املغرضين لزلت العلماء‪-:‬‬
‫الحكم علـى زلـة العـالم هـو مـن و ـائف املجتهـدين‪ ،‬فهـم العـارفون بمـا وافـق أو خـالف‪ ،‬أمـا غيـرهم؛‬
‫فل تمييز لهم في هذا املقام‪.‬‬
‫من يقض ي بين العلماء ؟!‬
‫ســئل ً‬
‫يومــا العلمــة أبــو العبــاس عبــد هللا بــن أحمــد بــن إب ـراهيم األبيــاني عــن فقيهــين مــن أصــحابه‬
‫وتلميــذه‪ ،‬وهمــا ‪ :‬أبــو القاســم بــن زيــد‪ ،‬وســعيد بــن ميمــون ‪ ،‬فقيــل لــه‪« :‬أيهمــا أفقــه»‪ ،‬فقــال‪« :‬إنمــا‬
‫يفصل بين عاملين من هو أعلم منهما»‪( .‬ترتيب املدارك)‬
‫‪1431‬هـ‬
‫فتوى ‪-:‬‬
‫وفــي فتــوى بعنــوان ‪ :‬جــرا العــالم رد لعلمــه ‪ ،‬ســئل الشــي ابــن عثيمــين ‪-‬رحمــه هللا‪ -‬عــن هــؤلء الــذين‬
‫يقعــون ف ــي أه ــل العل ــم ويتط ــاولون عل ــيهم‪ ،‬فق ــال‪ :‬الــذي أراه أن ه ــذا عم ــل مح ــرم‪ ،‬ف ــإذا ك ــان ل يج ــوز‬
‫ً‬
‫إلنســان أن يغتــاب أخــاه املــؤمن وإن لــم يكــن عاملــا؛ فكيــف يســوغ لــه أن يغتــاب إخوانــه العلم ـاء مــن‬
‫املــؤمنين؟! َوالواجــب علــى اإلنســان املــؤمن أن يكــف لســانه عــن الغيبــة فــي إخوانــه املــؤمنين ‪ .‬قــال هللا‬
‫َ ُّ َ َّ‬
‫ْ َ ُ َ ً َ َّ َّ َ ْ َ َّ ْ ٌ َ‬
‫َْ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫َّ‬
‫اجت ِنب ــوا ك ِثي ــرا ِم ـَـن الظ ـ ِـن ِإن بع ــض الظ ـ ِـن ِإث ــم ول تجسس ــوا ول يغت ــب‬
‫تع ــالى ‪ { :‬ي ــا أيه ــا َال ـ ِـذين َآمن ــوا‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫ُ‬
‫َّب ْع ُ‬
‫ضـ ُـك ْم َب ْع ً‬
‫ضــا أ ُيحـ ُّـب أ َحـ ُـد ُك ْم أن َيأكـ َـل ل ْحـ َـم أخيــه َم ْي ًتــا فكر ْه ُت ُمـ ُ‬
‫اب َّر ِحــيمٌ‬
‫ـوه َو َّات ُقــوا اللـ َـه إ َّن اللـ َـه َت ـ َّو ٌ‬
‫ِ ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫}(الحجـرا ‪,)12 :‬وليعلم هذا الذي ابتلي بهذه البلـوى أنـه إذا جـرا العـالم فسـيكون س ًـلبا فـي رد مـا يقولـه‬
‫هــذا العــالم مــن الحــق‪ ،‬فيكــون وبــال رد الحــق وإثمــه علــى هــذا الــذي جــرا العــالم؛ ألن جــرا العــالم فـي‬
‫الواق ــع ل ــيس ً‬
‫جرح ــا تخص ـ ًّـيا؛ ب ــل ه ــو ج ــرا إلرث محم ــد ‪-‬ص ــلى هللا علي ــه وس ــلم؛ ف ــإن العلم ــاء ورث ــة‬
‫األنلياء‪ ،‬فإذا جـرا العلمـاء وقـدا فـيهم لـم يثـق النـاس بـالعلم الـذي عنـدهم‪ ،‬وهـو مـوروث عـن رسـول‬
‫هللا ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وحينئذ ل يثقون بش يء من الشريعة التي يأتي بها هذا العالم الذي ُجرا‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫كيفية التعامل مع من ّ‬
‫يجرح العلماء ‪-:‬‬
‫ً‬
‫عمومـ ــا ‪ ،‬ثـ ــم ذرهـ ــم فـ ــي خوضـ ــهم ‪ ،‬وأعـ ــرض عـ ــن‬
‫حـ ـ ِـذ ْرهم مـ ــن غيبـ ــة أهـ ــل العلـ ــم والـ ــدعاة واملسـ ــلمين‬
‫الجــاهلين ؛ فــإن الوقــوع فــي أع ـراض العلمــاء وســبهم وتجــريحهم ‪ ،‬مخــالف ملــا أمــر هللا بــه ورســوله مــن‬
‫جهات عديدة ؛ منها‪-:‬‬
‫ا‬
‫ق‬
‫أول‪ :‬أنــه تعــد علــى حقــو املســلمين ؛ بــل علــى خاصــة املســلمين مــن طلبــة العلــم ‪,‬والــدعاة الــذين بــذلوا‬
‫وسـ ــعهم لتوعيـ ــة النـ ــاس وإرشـ ــادهم‪ ،‬وتصـ ــحيح عقائـ ــدهم ومنـ ــاهجهم‪ ،‬واجتهـ ــدوا فـ ــي تنظـ ــيم الـ ــدروس‬
‫واملحاضرات وتأليف الكتب النافعة‪.‬‬
‫ا‬
‫ثاني ــا‪ :‬أن ــه تفري ــق لوح ــدة املس ــلمين وتمزي ــق لص ــفهم‪ ،‬وه ــم أح ــوج م ــا يكون ــون إل ــى الوح ــدة والبع ــد ع ــن‬
‫الشــتات والفرقــة ‪ ،‬وكثــرة القيــل والقــال فيمــا بيــنهم ‪ ،‬خاصــة وأن الــدعاة الــذين نيــل مــنهم هــم مـن أهــل‬
‫الس ــنة والجماع ــة املع ــروفين بمحارب ــة الب ــدع والخراف ــات ‪ ،‬والوق ــوف ف ــي وج ــه الداعي ــة إليه ــا‪ ،‬وكشـ ـف‬
‫خططه ــم وألعيـ ــبهم ‪ ،‬ول ن ــرى مص ــلحة ف ــي مث ــل ه ــذا العم ــل إل لألع ــداء واملتربصـ ــين مـ ــن أهـ ــل الكف ــر‬
‫والنفاق ‪ ،‬أو من أهل البدع والضلل ‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ :‬أن هذا العمل فيه مظاهرة ومعاونة للمغرضين من العلمانيين واملستغربين‪ ،‬وغيرهم من‬
‫امللحدة الذين اشتهر عنهم الوقيعة في الدعاة‪ ،‬والكذب عليهم‪ ،‬والتحريض ضدهم فيما كتبوه‬
‫َ‬
‫وسجلوه‪ ،‬وليس من حق األخوة اإلسلمية أن يعين هؤلء املتعجلون‬
‫أعداءهم على إخوانهم من‬
‫طلبة العلم والدعاة وغيرهم‪.‬‬
‫ً‬
‫ر ا‬
‫ونشرا وترو ً‬
‫ً‬
‫يجا لألكاذيب واإلشاعات‬
‫إفسادا لقلوب العامة والخاصة ‪،‬‬
‫ابعا‪ :‬أن في ذلك‬
‫ً‬
‫وفتح أبواب الشر على مصاريعها لضعاف النفوس‬
‫والنميمة‬
‫الغيبة‬
‫كثرة‬
‫في‬
‫ا‬
‫وسلب‬
‫الباطلة‪،‬‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫الذين يدأبون على بث الشبه وإثارة الفتن ‪ ،‬ويحرصون على إيذاء املؤمنين بغير ما اكتسبوا‪.‬‬
‫ا‬
‫خامسا‪ :‬أن ً‬
‫كثيرا من الكلم الذي قيل ل حقيقة له‪َ ،‬وإنما هو من التوهمات التي زينها‬
‫َ‬
‫الشيطان ألصحابها وأغراهم بها‪ ،‬وقد قال هللا تعالى‪َ { :‬يا أ ُّي َها َّالذ َ‬
‫ين َآم ُنوا ْ‬
‫اج َت ِن ُبوا ك ِث ًيرا ِم َن‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫َّ َّ َ ْ َ َّ ْ َ َ‬
‫ول َي ْغ َتب َّب ْع ُ‬
‫ض ُك ْم َب ْع ً‬
‫ضا }‪( .‬الحجرا ‪ . )12:‬واملؤمن ينبغي‬
‫ض الظ ِن ِإث ٌم ول ت َج َّس ُسوا‬
‫الظ ِن ِإن بع‬
‫أن يحمل كلم أخيه على أحسن املحامل‪ ،‬وقد قال بعض السلف‪ :‬ل تظن بكلمة خرجت من‬
‫ً‬
‫أخيك السوء‪ ،‬وأنت تجد لها في الخير محمل‪.‬‬
‫‪1431‬هـ‬
‫ا‬
‫سادسا‪ :‬وما وجد من اجتهاد لبعض العلماء وطلبة العلم فيما يسوغ فيه الجتهاد‪ ،‬فإن صاحبه ل‬
‫ً‬
‫يؤاخذ به ول يثرب عليه إذا كان أهل للجتهاد‪ ،‬فإذا خالفه غيره في ذلك كان األجدر أن يجادله بالتي‬
‫ً‬
‫حرصا على الوصول إلى الحق من أقرب طريق ودفعا لوساوس الشيطان وتحريشه بين‬
‫هي أحسن‪،‬‬
‫املؤمنين‪ ،‬فإن لم يتيسر ذلك‪ ،‬ورأى أحد أنه ل بدمن بيان املخالفة فيكون ذلك بأحسن عبارة‬
‫وألطف إشارة‪،‬ودون تهجم أو تجريح أو شطط في القول قد يدعو إلى رد الحق أو اإلعراض عنه‪،‬‬
‫ودون تعرض لألتخاص أو اتهام للنيات أو زيادة في الكلم ل مسوغ لها‪ ،‬وقد كان الرسول ‪-‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ -‬يقول في مثل هذه األمور‪( :‬ما بال أقوام قالوا كذا وكذا) ؛ فليتب اإلنسان إلى هللا‪ ،‬قبل‬
‫أن يفاجأه املوت‪ ،‬وليصحح ما أخطأ فيه‪ ،‬وليحرص على جمع كلمة املسلمين‪ ،‬وليحاول ‪-‬ما‬
‫استطاع‪ -‬أن يذب عن عرض إخوانه‪ ،‬وليحاول ‪-‬ما استطاع‪ -‬أن ُيصلح ما أفسد الناس‪ ،‬وليحاول ‪-‬‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ً‬
‫ما استطاع‪ -‬إذا سمع خطأ عن تخه أن يتصل به اتصال مباشرا عن طريق املباشرة واللقاءات‪،‬‬
‫أو عن طريق الهاتف‪ ،‬أو عن طريق الكتابة‪ ،‬وليقل‪" :‬بلغني كذا وكذا‪ ،‬فهل هذا صحيح؟‬
‫‪1431‬هـ‬
‫ً‬
‫ل‬
‫فبين ذلك حتى‬
‫صحيح‬
‫غير‬
‫كان‬
‫وإذا‬
‫)‬
‫نظره‬
‫وجهة‬
‫له‬
‫ويبين‬
‫(‬
‫‪،‬‬
‫تقو‬
‫ما‬
‫خلف‬
‫فاألمر‬
‫ا‬
‫صحيح‬
‫إن كان‬
‫ِ‬
‫ً‬
‫أنشر للعالم أنه غير صحيح"‪ .‬إذا فعل اإلنسان هذا فإنه سيكون‬
‫محمودا عند هللا وعند الناس ‪..‬‬
‫ملاذا؟ ألنه مصلح ‪ .‬فإن خلو الساحة حقيقة أو ً‬
‫حكما من املتأهلين للصدارة املستحقين لها يورث‬
‫هور طائفة من أنصاف املتعلمين أو املتعاملين غير املتأهلين ؛‬
‫َّ َّ‬
‫ً‬
‫ليحتلوا ً‬
‫اللهَ‬
‫ليسوا َأهل له‪ ،‬وهذا يكفي في بيان خطره حديث النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ِ { :‬إن‬
‫ا‬
‫مكان‬
‫ل َي ْنز ُع ْالع ْل َم َب ْع َد َأ ْن أ ْع َط ُاك ُم ُ‬
‫وه ْانت َز ً‬
‫اعا ‪َ ،‬و َل ِك ْن َي ْن َتز ُع ُه ِم ْن ُه ْم َم َع َق ْبض ْال ُع َل َم ِاء ب ِع ْل ِمه ْم َف َي ْب َقى َناسٌ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ُّ َ ِ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ْ‬
‫ال ُي ْس َت ْف َت ْو َن َف ُي ْف ُتو َن ب َرأيه ْم َف ُيض ُّلو َن َو َ‬
‫ُج َّه ٌ‬
‫ضلون}‪( .‬رواه البخاري)‬
‫ي‬
‫ِ ِِ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫‪1431‬هـ‬
‫ما عاقبة التطاول على العلماء ؟!‬
‫بما أن الجزاء من جنس العمل؛ فليلشر الطاعن في العلماء املستهزئ بهم؛ بعاقبة من جنس فعله؛‬
‫َّ‬
‫فعــن إب ـراهيم ‪-‬رحمــه اللــه‪ -‬قــال‪« :‬إنــي أجــد نفس ـ ي تحــدثني بالش ـ يء‪ ،‬فمــا يمنعنــي أن أتكلــم بــه إل مخافــة أن‬
‫ً َّ‬
‫أبتلـى بــه»‪.‬ولــيعلم أنــه يخشـ ى علــى مــن تلــذذ بغيبـة العلمــاء والقــدا فــيهم أن يلتلـى بســوء الخاتمــة ‪-‬عيــاذا باللــه‬
‫منهــا‪-‬؛ فهــذا القاضـ ي الفقيــه الشــافبي محمــد بــن عبــد هللا الزبيــدي‪ ،‬قــال الجمــال املصــري‪« :‬إنــه شــاهده عنــد‬
‫وفاتــه وقــد انــدلع لســانه واسـ َّ‬
‫ـود‪ ،‬فكــانوا يــرون أن ذلــك بســلب كثــرة وقيعتــه فــي الشــي مح ــي الــدين النــووي ‪-‬‬
‫َّ‬
‫ً‬
‫ي‬
‫ر‬
‫رحمهم الله جميعا‪.»-‬و و عن اإلمام أحمد أنه قال‪« :‬لحوم العلمـاء مسـمومة‪ ،‬مـن شـمها مـرض‪ ،‬ومـن أكلهـا‬
‫مــات»‪.‬وفــي الختــام أقــول إن إعــادة مكانــة العلمــاء إلــى ســابق عهــدها إنمــا يكــون بإصــلا العلمــاء وطلبــة العلــم‬
‫ألنفســهم وتوجيــه اللــوم لهــا قبــل غيرهــا‪ ،‬فانتصــار األمــة وعلــو شــأنها منــو بعــد هللا بقيــام خيــار األمــة بــواجبهم‬
‫الــذي كلفــوا بــه وصــيانة العلــم الــذي حفظــوا إيــاه‪ ،‬فــإذا كــان خيــار األمــة وأفاضــلها مــن أهــل العلــم قــد غي ـروا‬
‫وب ــدلوا إل م ــن رح ــم هللا فإن ــه يخش ـ ى عل ــيهم وق ــوع الس ــتبدال ال ــذي توع ــد هللا ب ــه ال ــذين قع ــدوا وتول ـوا ع ــن‬
‫َْ ُ ُ َ ُْ ْ َ َ ً‬
‫ابا َأليمـ ًـا َو َي ْسـ َـت ْبد ْل َق ْومـ ًـا َغ ْيـ َـر ُك ْم َول َت ُ‬
‫ضـ ُّـروهُ‬
‫صـراطه املســتقيم حيــث قــال هللا تعــالى ‪ِ { :‬إل تن ِفــروا يعـ ِـذبكم عــذ‬
‫ِ‬
‫ِ‬
‫َ ْ ً َ َّ ُ َ َ ُ َ ْ َ‬
‫َ ْ َ َ َ َّ ْ َ ْ َ ْ ْ َ ْ ً َ ْ َ ُ ْ ُ َّ َ ُ ُ‬
‫ٌ‬
‫َش ــيئا والل ــه عل ــى ك ـ ِـل ش ـ ي طء ق ـ ِـدير } (التوب ــة‪ ، )39:‬وق ــال تع ــالى‪ { :‬وِإن تتول ــوا يس ــتب ِدل قوم ـا غي ــركم ث ــم ل يكون ــوا‬
‫َْ َُ‬
‫ْ‬
‫أمثالكم }‪( .‬محمد‪)38:‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫‪1431‬هـ‬
‫نسأل هللا أن يحفظ علماؤنا ودعوتنا الربانيين من كيد الحاقدين‬
‫مع تحيا‬
‫موقع‬
‫‪ 1431‬ه ـ‬